المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌حديث أنس بن مالك (إن الإسلام بدأ غريبا) - شرح كتاب الإبانة من أصول الديانة - جـ ٢

[حسن أبو الأشبال الزهيري]

فهرس الكتاب

- ‌ الآثار الواردة في افتراق الأمة وظهور البدع

- ‌مقدمة المصنف رحمه الله تعالى

- ‌الآثار الواردة في افتراق الأمة وظهور البدع

- ‌حديث عبد الله بن عمرو (سيأتي على أمتي ما أتى على بني إسرائيل)

- ‌حديث شداد بن أوس (لتركبن ما ركب أهل الكتاب)

- ‌حديث أبي هريرة (لتأخذن أمتي بأخذ الأمم)

- ‌بيان المصنف انطباق أحاديث الافتراق على أهل زمانه

- ‌الأحاديث والآثار الواردة في معنى حديث افتراق الأمة

- ‌حديث أبي أمامة الباهلي (لتنقضن عرى الإسلام) وبيان مظاهر ذلك في زماننا

- ‌حديث أنس بن مالك (إن الإسلام بدأ غريباً)

- ‌أثر عبد الله بن عمرو بن العاص (كان النفاق غريباً)

- ‌أثر حذيفة: (أتركت بنو إسرائيل دينها في يوم)

- ‌أثر حذيفة بن اليمان (أول ما تفقدون من دينكم)

- ‌أثر حذيفة (يأتي على الناس زمان)

- ‌حديث غضيف بن الحارث: (ما ابتدعت بدعة إلا رفعت)

- ‌أثر ابن عباس: (ما يأتي على الناس عام إلا أحدثوا فيه)

- ‌أثر علي بن أبي طالب: (لا يزال الناس ينقصون)

- ‌حديث أسامة بن زيد: (لا تقوم الساعة حتى يلعن آخر هذه الأمة أولها)

- ‌آثار عن السلف في تغير حال المسلمين

- ‌تعقيب المصنف على آثار السلف في تغير حال المسلمين

- ‌الأسئلة

- ‌الحكم على حديث (رفع عن أمتي الخطأ)

- ‌الحكم على حديث (الإسبال في ثلاث)

- ‌حكم رد السلام على المرأة الأجنبية

- ‌حكم أداء النوافل عند إقامة الصلاة المفروضة

الفصل: ‌حديث أنس بن مالك (إن الإسلام بدأ غريبا)

‌حديث أنس بن مالك (إن الإسلام بدأ غريباً)

قال: [وعن أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن الإسلام بدأ غريباً وسيعود كما بدأ، فطوبى للغرباء)].

هذا خبر من النبي عليه الصلاة والسلام يبين لنا فيه أنه لما بُعث بعث وحده في قوم يغطون في عبادة الأصنام والأوثان، ويعبدون آلهة شتى، فإذا به يسفه أحلامهم، أو يسفه أصنامهم، ويدعو لشيء غريب، ولذلك بدأ غريباً، ومن تبعه على ذلك كان أشد غرابة، خاصة الفقراء وهم أتباع الأنبياء، والمهاجرون الذين هاجروا إليه من الروم ومن فارس وغيرها من البلدان المجاورة، والحق الذي علمه من الكتب السابقة.

قال: (إن الإسلام بدأ غريباً)، وبعد غربة الإسلام اشتد وقوي وأسست الدولة وفتحت البلدان، وكذلك عقول الخلق وقلوبهم، وتحملت كتاب الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام، واشتد عود الدولة حتى هابها القاصي والداني، حتى قال هارون الرشيد أحد الخلفاء لما أرسل رسالة إلى نقفور: من أمير المؤمنين هارون الرشيد إلى نقفور كلب الروم، الجواب ما ترى لا ما تسمع، وسأرسل إليك جيشاً أوله عندك وآخره عندي.

وهذا يعني أن الإسلام كان في عزة وقوة وسيادة وريادة، وكان هذا لفترة من الزمان ليست بالقليلة، ثم كان الإسلام يضعف ويقوى حتى انتشر في ربوع الأرض على ضعف وهزال، وهي الفترة التي يمر بها المسلمون الآن، كثرة كاثرة لا قيمة لها ولا وزن لها.

ولذلك حذر النبي عليه الصلاة والسلام من هذا، وإن شئت فقل: أخبر بهذا، وأننا غثاء كغثاء السيل، وسبب ذلك:(ولينزعن الله من قلوب أعدائكم المهابة منكم، وليقذفن في قلوبكم الوهن، قيل: وما الوهن يا رسول الله؟ قال: حب الدنيا وكراهية الموت)، فهذا حال الأمة اليوم، ومن أعلام نبوته عليه الصلاة والسلام أن يتكلم بهذا الكلام.

قال: (إن الإسلام بدأ غريباً وسيعود غريباً كما بدأ)، أي: بعد قوة وذهاب للغربة الأولى سيعود غريباً كما بدأ؛ فلذلك أنتم الآن غرباء في مجتمع يغط غطيطاً في أخلاق الجاهلية وأعمال الجاهلية، وإن شئت فقل: نحن كذلك لم ننج من أعمال الجاهلية، بل كثير منا في وقت الميسرة تجده أحسن أخ، وفي وقت العسرة والغضب والشدة والضيق لو اضطر أن يذهب إلى ساحر يستجلب الرزق لذهب.

إن الواحد منا لو فقد شيئاً عزيزاً عليه وقيل له: ليس من علاج إلا أن تذهب للساحر لذهب وهو يعتقد أن الساحر سيأتي به، وهذا من أعظم الجاهلية، بل هو الكفر البواح، ومع هذا يصدر منا معاشر الصحوة أحياناً! وعلى أية حال فالمسلمون اليوم يمرون بغربة عجيبة، والمتمسك بدينه كالقابض على الجمر، فليصبر، والله تعالى الناصر لعباده.

ولذلك بشر النبي عليه الصلاة والسلام هؤلاء الغرباء أولاً وآخراً بـ (طوبى) فقال: (فطوبى للغرباء)، أي: جزاء الغرباء لو تمسكوا بدينهم، واحتملوا هذه الغربة وما فيها من سب وتهكم وشتائم، واتهام بالإرهاب والتطرف؛ أن لهم في الآخرة:(طوبى) على خلاف في تفسيرها.

فقيل: هي منزلة في الجنة لا يدخلها إلا الغرباء.

وقيل: هي شجرة في الجنة يسير الراكب المسرع في ظلها مائة عام، وقيل غير ذلك.

ص: 10