المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌حديث أبي هريرة في أنه لا قول إلا بعمل - شرح كتاب الإبانة من أصول الديانة - جـ ٢٦

[حسن أبو الأشبال الزهيري]

فهرس الكتاب

- ‌ الإيمان قول وعمل يزيد وينقص [2]

- ‌مراتب الإيمان بالمقارنة إلى العمل

- ‌الفرق بين مطلق الإيمان والإيمان المطلق

- ‌ما ورد في السنة مما يدل على أن الإيمان قول وعمل

- ‌حديث علي في أن الإيمان قول وعمل

- ‌حديث وفد عبد القيس في السؤال عن الإيمان

- ‌أحاديث أبي ذر وجرير بن عبد الله في تفسير الإيمان بالعمل

- ‌حديث معاذ في أن رأس الأمر الأعمال

- ‌حديث أبي هريرة في أنه لا قول إلا بعمل

- ‌ما جاء عن الصحابة والتابعين في أن الإيمان قول وعمل

- ‌أقوال علي وابن مسعود والسفيانين في أن الإيمان قول وعمل

- ‌أقوال نافع الجمحي وعبيد بن عمير ووكيع والحسن ومجاهد والزهري في أن الإيمان قول وعمل

- ‌كلام الأوزاعي والثوري في أن الإيمان قول وعمل

- ‌حديث البراء بن عازب في تفسير الإيمان بالصلاة

- ‌حديث معقل بن عبيد الله عن قدوم سالم الأفطس بالإرجاء ونفور السلف منه

- ‌ذكر فقهاء التابعين ومن بعدهم ممن يقول الإيمان قول وعمل

- ‌ذكر بعض فقهاء الأمصار الذين روى عنهم القاسم بن سلام أن الإيمان قول وعمل

- ‌الأسئلة

- ‌التصرف في مال الربا

- ‌حكم العمل في الضرائب

الفصل: ‌حديث أبي هريرة في أنه لا قول إلا بعمل

‌حديث أبي هريرة في أنه لا قول إلا بعمل

وجاء [عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا قول إلا بعمل، ولا عمل إلا بنية، ولا قول وعمل ونية إلا باتباع السنة)].

هذا الحديث حديث ضعيف جداً، لكن هو عقيدة أهل السنة والجماعة التي اتفقت كلمتهم عليها: لا قول إلا بعمل، ولا عمل إلا بنية، ولا قول ولا عمل ولا نية إلا باتباع النبي صلى الله عليه وسلم.

أما قوله: (لا قول إلا بعمل) فاحتراز من مذهب المرجئة الذين يقولون: لا علاقة للعمل بالإيمان، وقد اضطروا أن يقولوا: إيمان أفسق الناس كإيمان جبريل وميكائيل، لأنه لا علاقة للأعمال بالإيمان عندهم، فيستوي عندهم من عمل جميع المحرمات وترك جميع المأمورات مع جبريل عليه السلام.

وأنتم تعلمون أن ترك الأمر وارتكاب النهي فسق وليس كفراً، ولو قلنا إن الوقوع في هذه الكبائر والمهلكات كفر، لوافقنا الخوارج في معتقدهم في تكفير مرتكب الكبيرة.

ولذلك فإن أهل السنة والجماعة متفقون على أنه لا قول إلا بعمل، أي: لا ينفع القول إلا ومعه العمل، ولا ينفع القول والعمل إلا بنية، وهي الإخلاص لله عز وجل.

ولا يمكن لرجل أن يقول قولاً وأن يعمل معه عملاً وأن يخلص نيته، إلا إذا كان ذلك كله على منهاج النبوة، وعلى الصراط المستقيم، وذلك احترازاً من البدع؛ لأن المرء ربما يقول قولاً ويعمل عملاً صالحاً وينوي بذلك إخلاصاً، لكنه يقع في البدع، فيقع في الشرك، أي: أن هؤلاء الذين يطوفون حول المقابر وغيرها بلا شك أننا نقول: هؤلاء أناس جاهلون مخلصون، فالواحد منهم يتصور أن عمله هو ذروة الإيمان، وأنه عمل صالح يتقرب به إلى الله، ويأتي بالعجول من الأماكن البعيدة إلى تلك القبور ثم يذبحها، لا شك أن هذا عمل كفري شركي، لكن لا يكفر به! وهناك فارق كبير جداً بين الحكم على العمل بأنه كفر وبين الحكم على العامل، أما العمل فباتفاق، لأن هذا ذبح أو نذر، والذبح والنذر عبادة يجب صرفها لله عز وجل، فإن صرفت لغير الله كانت كفراً وشركاً.

لكن المعطل لقيام هذا الحكم على العامل موانع أخرى، كقيام الجهل، فإذا كان عالماً بأن ما يعمله شرك كان مشركاً، أما إذا كان جاهلاً بذلك وهو يتصور أن هذه عبادة وهذا إخلاص لله وعمل صالح؛ فلا شك أن أحداً لا يجرؤ على إلحاق الكفر به.

فالعمل شرك، وهذا أمر مفروغ منه، أما العامل فيتوقف عن إلحاق الحكم به حتى تتحقق فيه الشروط وتنتفي عنه الموانع.

هب أنه رجل مجنون عمل هذا، وأنت أطلقت عليه لفظ الكفر، والجنون مانع من إلحاق الحكم؛ لأن المجنون ليس مكلفاً، وكذلك الصغير لا يعرف شيئاً ولا يعقل شيئاً، والإكراه مانع كذلك.

فهذا الحديث المرفوع من حديث أبي هريرة رضي الله عنه: (لا قول إلا بعمل، ولا عمل إلا بنية، ولا قول وعمل ونية إلا بإخلاص لله عز وجل هذا وإن كان حديثاً ضعيفاً إلا أن هذا صمام الأمان فيما يتعلق في الكلام عن الإيمان عند أهل السنة والجماعة.

ص: 9