المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌كلام ابن حجر في عدم كفر مرتكب الكبيرة - شرح كتاب الإبانة من أصول الديانة - جـ ٣٢

[حسن أبو الأشبال الزهيري]

فهرس الكتاب

- ‌ ذكر الذنوب التي من ارتكبها فارقه الإيمان وإن تاب راجعه الإيمان

- ‌باب ذكر الذنوب التي من ارتكبها فارقه الإيمان وإن تاب راجعه

- ‌روايات حديث (لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن)

- ‌كلام السلف في معنى حديث (لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن)

- ‌دائرة الإيمان ودائرة الإسلام

- ‌حديث أنس (لا إيمان لمن لا أمانة له)

- ‌ما ورد عن السلف في أن الإيمان ينزع كما ينزع القميص

- ‌حديث أبي هريرة (إن العبد إذا أخطأ خطيئة)

- ‌خوف أبي الدرداء على إيمانه أن ينزع منه

- ‌حديث أبي هريرة (إذا زنى الزاني خرج منه الإيمان)

- ‌كلام علماء أهل السنة في عدم تكفير مرتكب الكبيرة

- ‌كلام الإمام النووي في عدم كفر مرتكب الكبيرة

- ‌كلام شيخ الإسلام في عدم كفر مرتكب الكبيرة

- ‌كلام ابن كثير في التفريق بين الإيمان والإسلام والإحسان

- ‌كلام ابن حجر في عدم كفر مرتكب الكبيرة

- ‌كلام ابن أبي العز في عدم كفر مرتكب الكبيرة

- ‌تأويل علماء السنة للأحاديث التي تنفي الإيمان عن مرتكبي بعض المعاصي

- ‌الأسئلة

- ‌حكم الأناشيد

الفصل: ‌كلام ابن حجر في عدم كفر مرتكب الكبيرة

‌كلام ابن حجر في عدم كفر مرتكب الكبيرة

استدل الحافظ ابن حجر رحمه الله في فتح الباري في الجزء الثاني عشر على عدم كفر مرتكبي الكبائر بدليل عقلي، فقال: اختلاف مقادير الحد.

يعني: أن حد الشارب غير حد الزاني وغير حد السارق وغير حد القاتل، فليست الحدود واحدة، بل مختلفة.

يقول: واختلاف مقادير الحد في الزنا مثلاً باختلاف أحوال الزاني ككونه حراً وعبداً، وكونه محصناً أو غير محصن، فلو كان الذين يرتكبون هذه المعصية كفاراً لتساوت في حقهم إقامة الحدود، أي: لو كفر بارتكابه الذنب فيستوي أن يكون حراً أو عبداً، رجلاً أو امرأة، محصناً أو غير محصن، لأن الكفر شيء واحد، فلا يختلف الحد، فاختلاف الحد دليل على أنه ليس بكافر، كما أن اختلاف الشهود في العقوبات يدل على أن الكبائر كلها ليست مخرجة من الإيمان.

قال: فلو كان من يرتكبون هذه المعصية كفاراً لما اختلفت مقادير الحد عليهم؛ حيث يتساوى المكلفون جميعاً في حد الكفر، وهو القتل، كما قال عليه السلام:(من بدل دينه فاقتلوه).

وإذا كان السارق يكفر بسرقته، والقاتل يكفر بردته، والزاني يكفر بزناه، فكيف جعل الإسلام لهؤلاء الكفار جميعاً حدوداً مختلفة؟ والأصل أن من وقع في ردة أو كفر كان عقابه واحداً مهما اختلف العصاة واختلفت أوصافهم وأعدادهم.

وأصحاب البدع أكثرهم يقول بكفرهم، مع أن الله تعالى يقول:{وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} [المائدة:38].

ولو كانوا كفاراً لقال تعالى: اقطعوا رقابهما؛ لأنهما كافران.

والله تعالى يقول: {فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ} [البقرة:178]، فسماه أخاً رغم أنه قاتل.

{فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ} [البقرة:178]، وهذا الكلام لا يمكن أن يكون مع كافر، ولا أدري كيف يرد هؤلاء على هذه الآيات أو الأحاديث الصحيحة.

قال الحافظ: ومن أقوى ما يحمل على ترك ظاهره إيجاب الحد بالزنا على أنحاء مختلفة في حق الحر المحصن والحر البكر وفي حق العبد، أي: فلو كان المراد بنفي الإيمان الكفر لاستووا في العقوبة؛ لأن المكلفين فيما يتعلق بالإيمان والكفر سواء، فلما كانت العقوبة مختلفة دل ذلك على أن مرتكب ذلك ليس بكافر حقيقة.

ص: 15