المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌استدلال الخوارج والمعتزلة على خلود مرتكب الكبيرة في النار بآية (إنما يتقبل الله من المتقين) والرد عليهم - شرح كتاب الإيمان الأوسط لابن تيمية - الراجحي - جـ ١٦

[عبد العزيز بن عبد الله الراجحي]

فهرس الكتاب

- ‌[16]

- ‌استدلال الخوارج والمعتزلة على خلود مرتكب الكبيرة في النار بآية (إنما يتقبل الله من المتقين) والرد عليهم

- ‌اتحاد استدلال الخوارج والمعتزلة بقوله تعالى: (إنما يتقبل من المتقين)

- ‌الرد على استدلال الخوارج والمعتزلة

- ‌الرد على المعتزلة والخوارج بقبول إسلام الكافر والذمي الذي عليه مظالم للناس

- ‌الأسئلة

- ‌حكم النية للعمل الصالح مع عدم التمكن من فعله

- ‌حكم التوسل بجاه النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌الجواب عن استشكال تكفير الكبائر بالنوافل مع كونه لا يحصل بالفرائض

- ‌رأي الخوارج والمعتزلة في التوبة

- ‌حكم إهداء ثواب قراءة القرآن للميت

- ‌الترتيب الصحيح لأحداث الآخرة

- ‌كيفية إثبات الصفات

- ‌بيان ما يعمله من موطنه وبلاده يكثر فيها الفتن

- ‌الجمع بين حديث (ذهاب حسنات قوم كجبال تهامة) وبين (الحسنات لا يحبطها إلا الموت على الكفر)

- ‌حكم الصلاة في مسجد بني بمال حرام

- ‌التوكل حكمه وأقسامه

- ‌حكم تخليص الأسير المسلم

- ‌حكم الشركيات التي تقع عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌حكم عمل المرتد إذا عاد إلى الإسلام

الفصل: ‌استدلال الخوارج والمعتزلة على خلود مرتكب الكبيرة في النار بآية (إنما يتقبل الله من المتقين) والرد عليهم

‌استدلال الخوارج والمعتزلة على خلود مرتكب الكبيرة في النار بآية (إنما يتقبل الله من المتقين) والرد عليهم

قال المصنف رحمه الله تعالى: [وقد احتجت الخوارج والمعتزلة بقول الله تعالى: {إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ} [المائدة:27]، قالوا: فصاحب الكبيرة ليس من المتقين فلا يتقبل الله منه عملاً، فلا تكون له حسنة، وأعظم الحسنات الإيمان فلا يكون معه إيمان، فيستحق الخلود في النار.

وقد أجابتهم المرجئة: بأن المراد بالمتقين من يتقي الكفر، فقالوا: اسم المتقين في القرآن يتناول المستحقين للثواب، كقوله تعالى:{إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ * فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ} [القمر:54 - 55]، وأيضاً فابنا آدم حين قربا قرباناً لم يكن المقرب المردود قربانه حينئذ كافراً، وإنما كفر بعد ذلك إذ لو كان كافراً لم يتقرب.

وأيضاً: فما زال السلف يخافون من هذه الآية، ولو أريد بها من يتقي الكفر لم يخافوا.

وأيضاً: فإطلاق لفظ المتقين والمراد به من ليس بكافر، لا أصل له في خطاب الشارع فلا يجوز حمله عليه.

والجواب الصحيح: أن المراد من اتقى الله في ذلك العمل، كما قال الفضيل بن عياض في قوله تعالى:{لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا} [هود:7] قال: أخلصه وأصوبه، قيل: يا أبا علي! ما أخلصه وأصوبه؟ قال: إن العمل إذا كان خالصاً ولم يكن صواباً لم يقبل، وإذا كان صواباً ولم يكن خالصاً لم يقبل حتى يكون خالصاً صواباً.

والخالص: أن يكون لله، والصواب: أن يكون على السنة، فمن عمل لغير الله كأهل الرياء لم يقبل منه ذلك، كما في الحديث الصحيح، يقول الله عز وجل:(أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملاً أشرك معي فيه غيري فأنا بريء منه، وهو كله للذي أشركه).

وقال صلى الله عليه وعلى آله وسلم في الحديث الصحيح: (لا يقبل الله صلاة بغير طهور، ولا صدقة من غلول).

وقال: (لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار).

وقال في الحديث الصحيح: (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد) أي: فهو مردود غير مقبول، فمن اتقى الكفر وعمل عملاً ليس عليه أمر النبي صلى الله عليه وسلم لم يقبل منه، وإذا صلى بغير وضوء لم يقبل منه؛ لأنه ليس متقياً في ذلك العمل، وإن كان متقياً للشرك.

وقد قال تعالى: {وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ} [المؤمنون:60]، وفي حديث عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنها قالت:(يا رسول الله! أهو الرجل يزني ويسرق ويشرب الخمر ويخاف أن يعذب؟ فقال: لا يا ابنة الصديق ولكنه الرجل يصلى ويصوم ويتصدق ويخاف أن لا يقبل منه).

وخوف من خاف من السلف أن لا يتقبل منه لخوفه أن لا يكون أتى بالعمل على وجهه المأمور، وهذا أظهر الوجوه في استثناء من استثنى منهم في الإيمان وفي أعمال الإيمان، كقول أحدهم: أنا مؤمن إن شاء الله، وصليت إن شاء الله، لخوف ألا يكون أتى بالواجب على الوجه المأمور به لا على جهة الشك فيما لقلبه من التصديق.

ولا يجوز أن يراد بالآية: أن الله لا يقبل العمل إلا ممن اتقى الذنوب كلها؛ لأن الكافر والفاسق حين يريد أن يتوب ليس متقياً، فإن كان قبول العمل مشروطاً بكون الفاعل حين فعله لا ذنب له امتنع قبول التوبة، بخلاف ما إذا اشترط التقوى في العمل فإن التائب حين يتوب يأتي بالتوبة الواجبة، وهو حين شروعه في التوبة منتقل من الشر إلى الخير لم يخلص من الذنب، بل هو متق في حال تخلصه منه].

ص: 2