المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌شرح: باب: إذا التقى المسلمان بسيفيهما: - شرح كتاب الفتن من صحيح البخاري - عبد الكريم الخضير - جـ ٣

[عبد الكريم الخضير]

الفصل: ‌شرح: باب: إذا التقى المسلمان بسيفيهما:

يقول: ((فمن وجد ملجأً أو معاذاً فليعذ به)) ففي هذا كله التحذير من المشاركة في الفتن، وهذا الخطاب يتجه إلى من لا أثر له في هذه الفتن، بل يخشى عليه أن يتأثر، يتأثر بها، ويتضرر في دينه، أو يكون له يدٌ، أو تَسَبُب في قتل مسلم أو هتك عرض أو ما أشبه ذلك، فمثل هذا عليه أن يعتزل، أما أهل الحل والعقد من أهل الرأي والعلم والحلم فمثل هؤلاء ينبغي أن يتدخلوا لتلافي الأضرار والأخطار واستشراء هذه الفتن واستمرارها، والله المستعان، نعم.

‌شرح: بابٌ: إذا التقى المسلمان بسيفيهما:

بابٌ: إذا التقى المسلمان بسيفيهما.

حدثنا عبد الله بن عبد الوهاب قال: حدثنا حماد عن رجل لم يسمه عن الحسن، قال: خرجت بسلاحي ليالي الفتنة، فاستقبلني أبو بكرة فقال: أين تريد؟ قلت: أريد نصرة ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا تواجه المسلمان بسيفيهما فكلاهما من أهل النار)) قيل: فهذا القاتل فما بال المقتول؟ قال: ((إنه أراد قتل صاحبه))، قال حماد بن زيد: فذكرت هذا الحديث لأيوب ويونس بن عبيد، وأنا أريد أن يحدثاني به، فقالا: إنما روى هذا الحديث الحسن عن الأحنف بن قيس عن أبي بكرة.

حدثنا سليمان قال: حدثنا حماد بهذا، وقال مؤملٌ: حدثنا حماد بن زيد قال: حدثنا أيوب ويونس وهشام ومعلى بن زياد عن الحسن عن الأحنف عن أبي بكرة عن النبي صلى الله عليه وسلم.

ورواه معمر عن أيوب، ورواه بكار بن عبد العزيز عن أبيه عن أبي بكرة، وقال غندر: حدثنا شعبة عن منصور عن ربعي بن حراش عن أبي بكرة عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يرفعه سفيان عن منصور.

ص: 24

يقول -رحمه الله تعالى-: "بابٌ: ((إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار)) إذا التقى المسلمان فهما مسلمان مع اتصافهما بالقتل، فالقتل كبيرة وجريمة من كبائر الذنوب، لكنه لا يخرج من الملة؛ لأن كلاً من القاتل والمقتول من المسلمين، ولذا قال:((إذا التقى المسلمان)) {وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا} [(9) سورة الحجرات] فالقتل لا يخرج من الملة ما لم يستحله مرتكبه، ((إذا التقى المسلمان بسيفهما)) الجواب:((فالقاتل المقتول في النار))، وسيأتي.

"حدثنا عبد الله بن عبد الوهاب –البصري- قال: حدثنا حماد -هو ابن زيد- عن رجل لم يسمه"، عن رجل لم يسمه، هذا الرجل الذي لم يسمه حماد هو: عمرو بن عبيد شيخ المعتزلة، شيخ المعتزلة، والمعتزلة رأيهم في مرتكب الكبيرة كالقتل معروف أنه ليس بمسلم، وليس بمؤمن، ارتفع عنه الوصف، لكنه لا يكفر، كما تقول الخوارج، بل هو في منزلة بين المنزلتين، وإن كان مؤدى قولهم في الآخرة كقول الخوارج، أنه خالد مخلد في النار، وهذا في عموم مرتكب الكبيرة.

ص: 25

عمرو بن عبيد يرويه عنه حماد بن زيد ولم يسمه، وهذه طريقةٌ نبيلة ينبغي أن ينتبه لها طالب العلم، لو سماه نعم، لأحسن الناس الظن به، يروي عنه هذا الحبر -حماد بن زيد-، ويخرج له البخاري، وهو رأس من رؤوس المعتزلة، وعلى هذا ينبغي لمن أفاد فائدة من كتابٍ يخشى منه الضرر على طلاب العلم أن لا يسمي الكتاب، ولا يسمي صاحبه، يقول: قال بعضهم؛ لأنه إذا سمى هذا الكتاب أو سمى صاحبه مع وجود مثل هذه الفائدة فتن الناس به، يعني بإمكانك أن تستفيد وأنت متأهل لا يمكن أن تتأثر بما يقوله المبتدعة في كتبهم إذا كانت لديك أهلية التمييز بين الحق والباطل، وتعرف كيف تتخلص من هذا الباطل بحيث لا يؤثر عليك من هذه الشبه، فلك أن تستفيد، واستفاد أهل العلم من كتب المبتدعة، استفادوا من تفسير الزمخشري، استفادوا من تفسير الرازي، استفادوا من الشروح، شروح كتب السنة، وفيها ما فيها من المخالفات العقدية لكن بحذر، الكتاب الذي ضرره أكثر من نفعه على متوسطي المتعلمين كالكشاف والرازي وغيرهما من المنظرين للبدع الذابين عنها، المثيرين للشبه، مثل هذا يستفيد منه المتمكن الذي لا يخشى عليه، أما متوسط طلاب العلم لا ينبغي أن يقرؤوا في هذه الكتب، هذا المتمكن إذا استفاد ووجد فائدة من هذه الكتب التي لا ينصح صغار المتعلمين بقراءتها يقول: قال بعضهم، أو قال بعض المفسرين، أو قال بعض الشراح، أو ما أشبه ذلك؛ لئلا يفتن بها من لا يعرف حقيقة أمرها، فالإبهام فيه فوائد، الإبهام فيه فوائد، فإما أن يخشى من افتتان الناس به وهو مبتدع، أو يخشى أن لا يروج الكتاب بسبب ذكر اسمه في بعض المجتمعات، يعني لو قلت: قال الإمام المجدد الشيخ محمد بن عبد الوهاب في مؤلف وراح لبعض الأقطار الذين يعادون دعوة الشيخ نعم يمكن يكسد الكتاب ولا يستفاد منه، بل يحرق ويتلف، وهذا حاصل، ولذا بعض كتب الشيخ رحمه الله كتب عليها غير منسوب لأبيه، نسب إلى جده محمد بن سليمان التميمي، في شرح الطحاوية لابن أبي العز النقول بالصفحات من كتب شيخ الإسلام وابن القيم من غير تسمية، لماذا؟ لئلا يكسد الكتاب؛ لأن كثير من المجتمعات الإسلامية في وقت ابن أبي العز يحاربون شيخ الإسلام، وكتب شيخ

ص: 26

الإسلام، هذه طريقة لإيصال الفائدة من غير أثرٍ سلبي، فأنت عليك أن توصل الفائدة بأي طريقة.

أحياناً يذكر بعض الأمور التي ليس الخلل فيها كبيراً نعم من أجل أن يروج هذا العلم، قد يقول قائل: نيل الأوطار مع أهميته، وسبل السلام رغم ما فيهما من فوائد ذكرت فيها مذاهب لا يرتضيها أهل السنة، ولا يعتدون بأقوال قائلها، لماذا؟ لأنها صنفت في مواضع وبلدان هم غالب سكانها هذه المذاهب، فلو لم تذكر هذه المذاهب ما راج الكتاب ولا انتفع به، لكن لا يعني هذا أن هذا مبرر لأن يذكر الإنسان البدع الكبرى المغلظة من أجل الترويج، لا

ص: 27