الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
خاصة إذا كان من الأخيار، يعني مثل ابن الزبير رحمه الله، إذا كانوا من أهل الفضل والخير، أبو برزة استدل بشيء وهو أنه وإن كان ظاهره الصلاح وقد نهي عن مثل هذا القتال؛ لأنه لم يرَ الكفر البواح، نهي عن مثل هذا القتال دل على أنه لا يريد الخير، هذا استنباط منه، فكونك منهي عن هذا القتال وتقاتل رغم أنك منهيٌ عنه شرعاً وتريد الخير هذا القرينة تدل على غير ذلك، وإلا ما يمنع أن يوجد أهل الغيرة والخير لا يعجبهم الوضع، ولا يصبرون على الضيم والظلم والأَثرة فيقول: نريد إحقاق الحق، لكن تريد إحقاق الحق من وجهه يا أخي لا من الوجوه التي نهي عنها، كلٌ يريد الخير، وكلٌ يريد الإصلاح لكن مع الوجوه الشرعية، والطرق المتاحة.
شرح قوله: حدثنا آدم بن أبي إياس حدثنا شعبة عن واصل الأحدب عن أبي وائل عن حذيفة بن اليمان قال: إن المنافقين اليوم شر منهم على عهد النبي صلى الله عليه وسلم كانوا يومئذ يسرون واليوم يجهرون
"
ثم قال الإمام -رحمه الله تعالى-: "حدثنا آدم بن أبي إياس"، قال:"حدثنا شعبة" ابن الحجاج "عن واصل" ابن حيان "الأحدب عن أبي وائل" شقيق بن سلمة "عن حذيفة بن اليمان قال: إن المنافقين اليوم شر منهم على عهد النبي عليه الصلاة والسلام كانوا يومئذ يسرون، واليوم يجهرون"، على عهد النبي عليه الصلاة والسلام يسرون الكفر، ويظهرون الإسلام، واليوم يجهرون، يسرون الكفر فلا يتعدى شرهم إلى غيرهم، واليوم يجهرون، وهذه سنة إلهية أنه إذا قوي الحق اختفى الباطل والعكس إذا ضعف الحق ظهر الباطل، فالمنافقون يخشون من سطوة الحق، يسرون، لكن إذا ضعف الحق برزوا ونجم النفاق.
"إن المنافقين اليوم شرٌ منهم على عهد النبي عليه الصلاة والسلام" كانوا يسرون يبطنون الكفر، فلا يتعدى شرهم إلى غيرهم، واليوم يجهرون، إذا جهر المنافق وش صار؟ إيش يصير؟ كافر، أيهما أعظم شراً المنافق وإلا الكافر؟ أيهم أعظم شر؟ المنافق شره على نفسه، نعم ضرره على نفسه أعظم، ولذا استحق أن يكون في الدرك الأسفل من النار، لكن الشر إذا ظهر وأعلن تعدى ضرره إلى الآخرين، فيجهرون بنفاقهم ويطعنون في الدين وأهله علناً، ولا شك أن هذا نتيجة ضعف الحق وأهل الحق، فاليوم يجهرون كانوا يسرون واليوم يجهرون، كانوا يسرون لقوة الحق، وضعف أهل النفاق في مقابل أهل الحق، واليوم لما ضعف الحق صاروا يجهرون به فيطعنون في الدين وأهله علناً، هذا كلامُ من؟ كلام حذيفة رضي الله عنه، وما أشبه الليلة بالبارحة، يطعنون في الدين وأهله علناً، وذلك لضعف الحق وأهله، وهذا قاله حذيفة متى؟ في القرن الأول، يعني فلا نستغرب أن يوجد مثل هؤلاء بين أظهرنا، لا نستغرب بعد هذه القرون، بعد أن طال العهد بالناس واندرس كثيرٌ من العلم، اندرست كثيرٌ من معالم الدين، وصار أمور الناس كلها موالاتهم ومعاداتهم ومؤاخاتهم كلها على أمر الدنيا، وإذا كان هذا ابن عباس يقوله في عصره في القرن الأول، ولقد صارت عامة مؤاخاة الناس على إيش؟ على أمر الدنيا، عامة مؤاخاة الناس على أمر الدنيا في القرن الأول، فكيف بوقتنا؟ والله المستعان.
هؤلاء الذين كانوا يسرون ويبطنون كفرهم صاروا يعلنونه ويظهرونه، ويخرجون على الأئمة، ومطابقة الحديث للترجمة من حيث أن جهرهم بالنفاق، وشهر السلاح على الناس هو القول بخلاف ما بذلوه من الطاعة، بذلوا الطاعة بالبيعة، فخروجهم على الأئمة، وشهرهم السلاح على وجوه الناس هذا خلاف ما بذلوه علناً، حتى حين بايعوا من بايعوا أولاً وخرجوا عليه آخراً، قاله ابن بطال.