المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

الفصل: ‌الفرج قريب فكيف نبلغه

‌الفرج قريب فكيف نبلغه

؟!

من هنا يتأكد لدينا بأن تفريج الكرب الذي ألم بنا، وفك الحصار عن الدعوة بيد الله وحده، وأن الفرج قريب قريب، فما من عسر ينزل بنا إلا وينزل معه يسران، وما من بلاء إلا والفرج المضاعف يلاحقه كما قال صلى الله عليه وسلم:«وأن الفرج مع الكرب، وأن مع العسر يسرًا» (1).

وتذكر- أخي الحبيب- قوله صلى الله عليه وسلم: «إن الله يُنزل المعونة على قدر المؤنة، وينزل الصبر على قدر البلاء» . (2)

وكان صلى الله عليه وسلم جالسًا وحياله جحر فقال لأصحابه: «لو جاء العسر فدخل هذا الجحر لجاء اليسر حتى يدخل عليه فيخرجه» فأنزل الله تعالى:

{فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا - إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا} [الشرح]. (3)

فكل الحادثات وإن تناهت

فموصول بها الفرج القريب

ليبقى السؤال عن كيفية بلوغ هذا الفرج؟

فمع يقيننا بأن اليسر يلاحق العسر، والفرج موصول بالكرب إلا أننا قد لا نستطيع بلوغه إن لم نحسن قراءة حدث الابتلاء ولم نقم بتحليله تحليلاً صحيحًا

إن بلوغ الفرج يستلزم تضرعًا إلى الله وتَبَؤُّسًا وتمسكنًا بين يديه، واستغاثة دائمة حارّة به .. استغاثة من فقد الخشبة وأشرف على الغرق.

ويستلزم منا الاستيقاظ قبل الفجر كل ليلة لنهرع إلى المحراب نصلي لله، ونتأوه بين يديه ونذرف الدمع، ونظهر له سبحانه عظيم افتقارنا إليه، واحتياجنا المطلق والذاتي له، وأنه لا ناصر لنا سواه، ولا كافي سواه، ولا حافظ سواه، ولا كاشف للضر سواه، وأنه لو تركنا لهلكنا.

(1) أخرجه الإمام أحمد في مسنده.

(2)

صحيح الجامع الصغير (1919).

(3)

أخرجه البزار والحاكم.

ص: 9

ويستلزم كذلك أن نعود إلى القرآن ونمكث معه طويلاً ونقرأه بفهم وتدبر لنتعرف على الله من خلاله، ونزداد يقينًا به، ومن ثم تتحول هذه الحقائق النظرية إلى إيمان راسخ يصدقه العمل.

إن الأحداث التي تمر بالدعوة تتشابه إلى حد كبير بالأحداث التي مرت بأصحاب الدعوات في الماضي والتي أفاض القرآن في ذكرها وكيفية التعامل معها، ومن الخطأ بمكان أن نترك هذا الرصيد الضخم من التجارب والحلول المجربة بهجرنا للقرآن، أو الاقتصار على قراءته بألسنتنا وحناجرنا فقط، بل لابد من إعمال العقل فيما نقرأ- ولو فهمًا إجماليًا للمعنى المراد من الآيات التي نقرؤها-، ولابد أيضًا أن يصاحب هذا الفهم قراءة مرتلة بصوت مسموع حزين ليتحول الفهم إلى إيمان.

القرآن وعودة الروح:

تأمل معي- أخي الحبيب- قول الإمام حسن البنا: ولكنكم روح جديد يسري في قلب هذه الأمة فيحييه بالقرآن. (1)

فالقرآن هو روح هذه الأمة، ويوم أن نهجره ولا نتعرض لمعجزته وقدرتها التأثيرية الفذة، فقد حرمنا أنفسنا من أعظم عامل ينشئ الإيمان واليقين، وحرمناها كذلك من أهم مولِّد للوقود والطاقة الروحية الدافعة للعمل.

اقرأ -إن شئت- ما قاله حسن البنا منذ عشرات السنين حول هذا المعنى:

(عرف سلفنا الصالح رضوان الله عليهم فضل القرآن وتلاوته، فجعلوه مصدر تشريعهم، ودستور أحكامهم، وربيع قلوبهم، وورد عبادتهم، وفتحوا له قلوبهم، وتدبروه بأفئدتهم، وتشربت معانيه السامية أرواحهم، فأثابهم الله في الدنيا سيادة العالم، ولهم في الآخرة عظيم الدرجات، وأهملنا القرآن فوصلنا إلى ما وصلنا إليه من ضعف في الدنيا ورقة في الدين). (2)

* * *

(1) رسالة بين الأمس واليوم.

(2)

نظرات في كتاب الله- ص37، دار التوزيع والنشر الإسلامية.

ص: 10