الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مقدمة الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده، لا شريك له، وأشهد أن سيدنا محمد عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم.
{يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون} .
أما بعد
فإن أصدق الحديث كتاب الله، وأحسن الهدي هدي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، ولا يصلح أمر هذا الأمة إلا باتباعهما، ولا يتم اتباعهما إلا بحفظهما أولا، فأما كتاب الله، (فإن الله تعالى تولى حفظه بنفسه ولم يكل ذلك إلى أحد من خلقه فقال تعالى:{إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون} ، فظهر مصداق ذلك مع طول المدة، وامتداد الأيام، وتوالي الشهور، وتعاقب السنين، وانتشار أهل الإسلام، واتساع رُقعته.
وأما السنة، فإن الله تعالى وفق لها حفاظها عارفين، وجهابذة عالمين، وصيارفة ناقدين، ينفون عنها تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين؛ فتنوعوا في تصنيفها، وتفننوا في تذويبها على أنحاء كثيرة وضروب عديدة، حرصًا على حفظها، وخوفها من إضاعتها؛ وكان من أحسنها تصنيفًا، وأجودها تأليفًا، وأكثرها صوابًا، وأقلها خطأ، وأعمها نفعًا، وأعودها فائدة، وأعظمها بركة، وأيسرها مؤنة، وأحسنها قولاً عند الموافق والمخالف وأجلها موقعًا عند الخاصة والعامة ـ: صحيح أبي عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري، ثم صحيح أبي الحسين مسلم بن الحجاج النيسابوري، ثم بعدهما كتاب السنن لأبي داود سليمان بن الأشعث السجستاني، ثم كتاب الجامع لأبي عيسى محمد بن عيسى الترمذي، ثم كتاب السنن لأبي عبد الرحمن أحمد بن شعيب النسائي، ثم كتاب السنن لأبي عبد الله محمد بن يزيد المعروف بابن ماجة القزويني وإن لم يبلغ درجتهم.
ولكل واحد من هذه الكتب الستة مزيّة يعرفها أهل هذا الشأن، فاشتهرت هذه الكتب بين الأنام، وانتشرت في بلاد الإسلام، وعظم الانتفاع بها، وحرص طلاب العلم على تحصيلها، وصنفت فيها تصانيف، وعلقت عليها تعاليق؛ بعضها في معرفة ما اشتملت عليه من المتون، وبعضها في معرفة ما احتوت عليه من الأسانيد، وبعضها في مجموع ذلك) (1) .
وكان من جملة ذلك كتاب تهذيب الكمال لحافظ الآفاق ومسند الدنيا العمدة في هذا الشأن جمال الدين المزي رحمة الله عليه.
وقد حملت مؤسسة الرسالة على كاهلها طبع هذا الكتاب النفيس والمرجع الثمين، فأخرجته في طبعة أنيقة ـ هو لها أهل ـ، امتلأ هامشها بتعليقات ونقولات من مطبوعات ومخطوطات ليس من اليسير اجتماعها لفرد واحد، وقد وَكَلَت أمر تحقيقه وضبط نصه والتعليق عليه إلى الدكتور بشار عواد (2) ، (وكنا نظن إلى عهد قريب أن تحقيقه هذا في الغاية من الدقة والضبط والنفاسة، فلما درسنا عمله دراسة دقيقة)(3) تبين لنا غير ذلك.
فقد نوَّه الدكتور في مقدمة كتابه إلى أمور كثيرة تدل على مدى العناية التي أولاها لإخراج هذا الكتاب في أفضل صورة، لكن عند التحقيق تبين أن ذلك مجرد دعاوَى لا حقيقة لها، وكذَّب الخَبَر الخُبْر.
(1) ـ مقدمة تهذيب الكمال للحافظ المزي (1/146-147) .
(2)
ـ انظر ترجمته مفصلة في آخر تهذيب الكمال المطبوع! (35/441 ـ 449) .
(3)
ـ مقدمة د/ بشار على تحفة الأشراف المطبوعة بتحقيقة! (ص: 7) .