الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بُكَاءُ أَهْلِ النَّارِ
208 -
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ يَزِيدَ الرَّقَاشِيِّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «يُرْسَلُ عَلَى أَهْلِ النَّارِ الْبُكَاءُ، فَيَبْكُونَ حَتَّى يَنْقَطِعَ الدُّمُوعُ، ثُمَّ يَبْكُونَ الدَّمَ حَتَّى يُرَى فِي وُجُوهِهِمْ كَهَيْئَةِ الْأُخْدُودِ، لَوْ أُرْسِلَتْ فِيهِ السُّفُنُ لَجَرَتْ»
⦗ص: 132⦘
209 -
حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ يَحْيَى الْقُرَشِيُّ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَاهُ يُحَدِّثُ عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ يَزِيدَ الرَّقَاشِيِّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِثْلَهُ
210 -
حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو يَحْيَى الْحِمَّانِيُّ، عَنْ عِمْرَانَ أَبِي يَحْيَى الثَّعْلَبِيِّ، عَنْ يَزِيدَ الرَّقَاشِيِّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «أَيُّهَا النَّاسُ ابْكُوا، فَإِنْ لَمْ تَبْكُوا فَتَبَاكُوا، فَإِنَّ أَهْلَ النَّارِ يَبْكُونَ حَتَّى يَصِيرُ فِي وُجُوهِهِمْ كَالْجَدَاوِلِ، فَتَنْفَدُ الدُّمُوعُ، فَتَقْرَحُ الْعُيُونُ، حَتَّى لَوْ أَنَّ السُّفُنَ أُرْخِيَتْ فِيهَا لَجَرَتْ»
211 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ
⦗ص: 133⦘
الْجَزَرِيُّ، عَنْ زَيْدِ بنِ رُفَيْعٍ - رَفَعَهُ - قَالَ:«إِنَّ أَهْلَ النَّارِ إِذَا دَخَلُوا النَّارَ بَكَوُا الدُّمُوعَ زَمَانًا، ثُمَّ بَكَوُا الْقَيْحَ زَمَانًا» قَالَ: " فَيَقُولُ لَهُمُ الْخَزَنَةُ: يَا مَعْشَرَ الْأَشْقِيَاءِ، تَرَكْتُمُ الْبُكَاءَ فِي الدَّارِ الْمَرْحُومِ فِيهَا أَهْلُهَا فِي الدُّنْيَا، هَلْ تَجِدُونَ الْيَوْمَ مَنْ تَسْتَغِيثُونَ بِهِ؟ " قَالَ: " فَيَرْفَعُونَ أَصْوَاتَهُمْ: يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ، يَا مَعَاشِرَ الْآبَاءِ وَالْأُمَّهَاتِ وَالْأَوْلَادِ، خَرَجْنَا مِنَ الدُّنْيَا عِطَاشًا، وَخَرَجْنَا مِنَ الْقُبُورِ عِطَاشًا، وَكُنَّا طُولَ الْمَوْقِفِ عِطَاشًا، وَنَحْنُ الْيَوْمَ عِطَاشٌ، فَأَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنَ الْمَاءِ أَوْ مِمَّا رِزْقَكُمُ اللَّهُ. فَيَدْعُونَ أَرْبَعِينَ سَنَةً لَا يُجِيبُهُمْ، ثُمَّ يُجِيبُهُمْ: {إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ} [الزخرف: 77] فَيَيْأَسُونَ مِنْ كُلِّ خَيْرٍ "
212 -
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عِمْرَانَ الْوَرَكَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْمُعَافَى بْنُ
⦗ص: 134⦘
عِمْرَانَ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ خُوَارٍ، قَالَ: بَلَغَنَا " أَنَّ أَهْلَ النَّارِ يَبْكُونَ الدُّمُوعَ حَتَّى تَفْنَى، ثُمَّ يَبْكُونَ الدِّمَاءَ حَتَّى تَكُونَ فِي خُدُودِهِمْ أَمْثَالُ الْجَدَاوِلِ، فَيَقُولُ لَهُمُ الْخَزَنَةُ: يَا مَعْشَرَ الْأَشْقِيَاءِ، لَوْ كَانَ هَذَا فِي الدَّارِ الْمَقْبُولِ فِيهَا الْعَمَلُ، كَانَ نِعْمَ الذُّخْرَ لَكُمْ "
213 -
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو هِلَالٍ الرَّاسِبِيُّ، عَنْ قَتَادَةَ:{فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلًا} [التوبة: 82] قَالَ: «فِي دَارِ الدُّنْيَا» {وَلْيَبْكُوا كَثِيرًا} [التوبة: 82] قَالَ: «فِي نَارِ جَهَنَّمَ»
214 -
حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ عَمْرٍو الضَّبِّيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ سُمَيْعٍ، عَنْ أَبِي رَزِينٍ: فِي قَوْلِهِ: {فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلًا وَلْيَبْكُوا كَثِيرًا جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} [التوبة: 82] قَالَ: «الدُّنْيَا قَلِيلٌ فَلْيَضْحَكُوا فِيهَا مَا شَاؤُوا، فَإِذَا انْقَطَعَتِ الدُّنْيَا وَصَارُوا إِلَى اللَّهِ اسْتَأْنَفُوا بُكَاءً لَا يَنْقَطِعُ عَنْهُمْ أَبَدًا»
215 -
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي
⦗ص: 135⦘
سِنَانَ، عَنْ بَعْضِ الْمَشْيَخَةِ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِجِبْرِيلَ عليه السلام: «مَا لِي لَا أَرَى مِيكَائِيلَ يَضْحَكُ؟» فَقَالَ: مَا ضَحِكَ مُنْذُ خُلِقَتِ النَّارُ
216 -
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمُ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِي عِمْرَانَ الْجَوْنِيِّ، أَنَّ جِبْرِيلَ عليه السلام أَتَى إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يَبْكِي، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«مَا يُبْكِيكَ يَا جِبْرِيلُ؟» قَالَ: أَمَا تَبْكِي يَا مُحَمَّدُ؟ مَاجَفَّتْ لِي عَيْنٌ مُنْذُ خَلَقَ اللَّهُ جَهَنَّمَ، مَخَافَةَ أَنْ أَعْصِيَ اللَّهَ فَيَجْعَلَنِي فِي جَهَنَّمَ
217 -
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْعَابِدُ، قَالَ: قُلْتُ: لِجَلِيسٍ لِابْنِ أَبِي لَيْلَى يُكْنَى: أَبَا الْحَسَنِ: أَتَضْحَكُ الْمَلَائِكَةُ؟ قَالَ: «مَا ضَحِكَ مَنْ دُونَ الْعَرْشِ مُنْذُ خُلِقَتْ جَهَنَّمُ»
218 -
حَدَّثَنَا هَاشِمُ بْنُ الْحَارِثِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدِ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَبِي أُنَيْسَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، قَالَ:«لَمَّا خُلِقَتِ النَّارُ فَزِعَتْ لِذَلِكَ الْمَلَائِكَةُ فَزَعًا شَدِيدًا طَارَتْ لَهُ أَفْئِدَتُهُمْ، فَلَمْ يَزَالُوا كَذَلِكَ حَتَّى خُلِقَ آدَمُ، فَرَجَعَتْ إِلَيْهِمْ أَفْئِدَتُهُمْ، وَسَكَنَ عَنْهُمُ الَّذِي كَانُوا يَجِدُونَ»
219 -
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عُتْبَةَ عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ مُسْلِمٍ السَّكُونِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ
⦗ص: 137⦘
عُمَارَةَ بْنِ غَزِيَّةَ الْأَنْصَارِيِّ، أَنَّهُ سَمِعَ حُمَيْدَ بْنَ عُبَيْدٍ، مَوْلَى بَنِي الْمُعَلَّى يَقُولُ: سَمِعْتُ ثَابِتًا الْبُنَانِيَّ يُحَدِّثُ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ لِجِبْرِيلَ:«مَا لِي لَا أَرَى مِيكَائِيلَ ضَاحِكًا؟» فَقَالَ جِبْرِيلُ: مَا ضَحِكَ مُنْذُ خَلَقَ اللَّهُ النَّارَ
220 -
حَدَّثَنِي أَبِي، وَأَبُو خَيْثَمَةَ، قَالَا: حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ الدَّوْسِيِّ ثَابِتِ بْنِ سَرْحٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ
⦗ص: 138⦘
: كَانَ دُعَاءُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «اللَّهُمُ ارْزُقْنِي عَيْنَيْنِ هَطَّالَتَيْنِ تَبْكِيَانِ بِذُرُوفِ الدُّمُوعِ، وَتَشْفِيَانِنِي مِنْ خَشْيَتِكَ، قَبْلَ أَنْ يَكُونَ الدَّمْعُ دَمًا، وَالْأَضْرَاسُ جَمْرًا»
221 -
حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، قَالَ:" كَانَ دَاوُدُ عليه السلام يُعَاتَبُ فِي كَثِرِة الْبُكَاءِ، فَيَقُولُ: ذَرُونِي أَبْكِ قَبْلَ يَوْمِ الْبُكَاءِ، قَبْلَ تَحْرِيقِ الْعِظَامِ وَاشْتِعَالِ اللِّحَى، قَبْلَ أَنْ يُؤْمَرَ بِي {مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ} [التحريم: 6] شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ "
222 -
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ أَبِي هِلَالٍ، عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ مُحْرِزٍ، قَالَ
⦗ص: 139⦘
: " كَانَ لِدَاوُدَ يَوْمٌ يَتَأَوَّهُ فِيهِ، يَقُولُ: أُوَّهْ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ، أُوَّهْ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ، أُوَّهْ قَبْلَ أَنْ لَا أُوَّهْ " قَالَ: فَذَكَرَهَا صَفْوَانُ ذَاتَ يَوْمٍ فِي مَجْلِسِهِ، فَغَلَبَهُ الْبُكَاءُ، فَقَامَ
223 -
حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ خِدَاشٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ خَالِدٍ الصَّنْعَانِيُّ، عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ، قَالَ:" كَانَ دَاوُدُ عليه السلام يَقُولُ: إِلَهِي، لَا صَبْرَ لِي عَلَى حَرِّ شَمْسِكَ، فَكَيْفَ صَبْرِي عَلَى حَرِّ نَارِكَ؟ إِلَهِي، لَا صَبْرَ لِي عَلَى صَوْتِ رَحْمَتِكَ - يَعْنِي الرَّعْدَ - فَكَيْفَ صَبْرِي عَلَى صَوْتِ عَذَابِكَ؟ "
224 -
حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَهْضَمِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا نُوحُ بْنُ قَيْسٍ، عَنْ عَوْنِ بْنِ أَبِي شَدَّادٍ، قَالَ:" كَانَ دَاوُدُ نَبِيُّ اللَّهِ عليه السلام يَقُولُ: أُوَّهْ مِنْ جَاعِلَةِ الْأَضْرَاسِ نَارًا، وَالدُّمُوعِ بَعْدَ الدُّمُوعِ دَمًا، أُوَّهْ "
225 -
حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ الْجُشْمِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عِمْرَانَ الْجَوْنِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَبَاحٍ الْأَنْصَارِيِّ، عَنْ كَعْبٍ:{إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَواهٌ} [هود: 75] قَالَ: " كَانَ إِبْرَاهِيمُ إِذَا ذُكرَتِ النَّارُ قَالَ: أُوَّهْ مِنَ
⦗ص: 140⦘
النَّارِ " ومَدَّ بِهَا جَعْفَرٌ صَوْتَهُ
226 -
حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شَيْخٌ، مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، عَنْ بَكِيرِ بْنِ مِسْمَارٍ، مَوْلَى سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، قَالَ: سَمِعَ رَجُلٌ وَهُوَ يَقُولُ: يَا غَوْثَاهُ مِنَ النَّارِ، يَا غَوْثَاهُ مِنَ النَّارِ فَلَمَّا أَصْبَحَ غَدَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ:" أَنْتَ الْقَائِلُ الْبَارِحَةَ: وَاغَوْثَاهُ مِنَ النَّارِ؟ لَقَدْ أَبْكَيْتَ الْبَارِحَةَ أَعْيَنَ مَلَإٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ كَثِيرٍ "
227 -
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: " وَكَانَ بَعْضُ الْوَاعِظِينَ مِنَ الْحُكَمَاءِ إِذَا ذُكِرَ هَذَا قَالَ: فَابْكِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ، وَقُلْ: وَاغَوْثَاهُ بِاللَّهِ، بَالِاسْتِغَاثَةُ هَاهُنَا تَنْفَعُكَ وَتجُدِي عَلَيْكَ، وَلَا سِيَّمَا إِذَا أَتْبَعْتَهَا بِتَوْبَةٍ وَإِقْلَاعٍ عَنْ مَعَاصِيكَ. وَالِاسْتِغَاثَةُ فِي النَّارِ لَا تَنْفَعُكَ، وَلَا تَسُوقُ خَيْرًا إِليْكَ، أَيُّهَا الْمُسْتَغِيثُ بِاللَّهِ مِنْ سُوءِ مَا عَمِلَتْ يَدُهُ. أَعَلِمْتَ أَنَّ شَارِبَ الْخَمْرِ سُقِيَ مِنْ حَمِيمِهَا حَتَّى تَغَلَّتْ كَبِدُهُ؟
⦗ص: 141⦘
وَالْأَشِرُ الْغَضِبُ أُلْبِسَ قَمِيصَ قَطِرَانِ النَّامِ بِجِلْدِهِ؟ وَالْمُغْتَابُ سَالَ بِالَّصِديِدِ وَالدَّمِ الْعَبِيطِ فِيهَا. . . وَشَاهِدُ الزُّورِ كَآلٍ فِي بُعْدِ إِدْرَاكِهَا بِكَمَهٍ. وَالْمَاشِي فِيهَا إِلَى الْمَعَاصِي لَمْ يَمْشِ فِيهَا عَلَى قَدَمِهِ. وَالْمُتَسَمِّعِ إِلَى مَا حَرَّمَ اللَّهُ صُبَّ خَالِصُ الرَّصَاصَ فِي أُذُنِهِ. وَمُخَادِنُ أَهْلِ الْمَعَاصِي قُرِنَ بِشَيْطَانٍ لَا يُفَارِقُهُ، يُجْمَعُ بِسِلْسِلَةٍ فِيهَا عُنُقِهِ، وَيَتَجَمَّعُ طَوْقُ غُلِّهِ بِطَوْقِهِ، وَيُؤْخَذُ بِالْعَذَابِ مِنْ تَحْتِهُ وَمِنْ فَوْقِهِ. وَأَمَّا الْمُطَفِّفُ فِي كَيْلِهِ فَهُوَ يَدْعُو طُولَ دَهْرِهِ فِيهَا بِوَيْلِهِ. وَأَمَّا قَاتَلُ نَفْسِهِ الَّتِي حُرِّمَتْ عَلَيْهِ، فَلَا تَسْأَلْ عَنْ عَظِيمِ مَا صَارَ فِيهَا إِلَيْهِ. وَأَمَّا آكِلُ مَالِ الْيَتِيمِ فَآكُلٌ نَارًا وَصُلِيَ بِالْعَذَابِ الْأَلِيمِ. وَأَمَّا عَاقُّ وَالِدَيْهِ فَفِي مَنْزِلَةٍ مِنَ النَّارِ لَا يَنْظُرُ اللَّهُ فِيهَا إِلَيْهِ. وَأَمَّا مَانِعُ زَكَاةِ مَالِهِ فَلَا تَسْأَلْ عَمَّا صَارَ إِلَيْهِ فِيهَا مِنْ سُوءِ حَالِهِ، وَلَقَدْ
⦗ص: 142⦘
نَادَى فِيهَا الَّذِينَ مَنَعُوا زَكَاةَ أَمْوَالِهِمْ ثُبُورَهُمْ، حَيْثُ كُوِيتْ بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ. أَمَا فِي قَلِيلٍ مَا يَعِظُيكَ، وَيَمْنَعُكَ مِنَ الِاقْتِحَامِ إِلَى مَعْصِيَةِ رَبِّكَ؟ "
228 -
حَدَّثَنَا. . . بْنُ. . .، قَالَ: قَالَ ابْنُ السَّمَّاكِ: «لَوْ كَانَ عَذَابُ الْآخِرَةِ مِثْلَ عَذَابِ الدُّنْيَا كَانَ الْمُعَذَّبُ فِي. . . بِالْمَقْمَعَةِ رَأْسَ الْمُعَذَّبِ فَلَا يَسْكُنُ أَبَدًا، وَيَضْرِبُهُ الثَّانِيَةَ فَلَا يَسْكُنُ وَجَعُ الْأُولَى وَلَا الثَّانِيَةِ، وَيَضْرِبَهُ الثَّالِثَةَ فَلَا وَجَعَ الْأُوليَيْنِ يَسْكُنُ وَلَا الثَّالِثَةِ، فَأَوَّلُ الْعَذَابِ لَا يَنْقَطِعُ، وَآخِرُهُ لَا يَنْفَدُ»
229 -
حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ عَمْرٍو الضَّبِّيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ
⦗ص: 143⦘
، قَالَ: حَدَّثَنِي ثَعْلَبَةُ بْنُ مُسْلِمٍ الْخَثْعَمِيُّ، عَنْ أَيُّوبَ بْنِ بَشِيرٍ الْعَجْلِيِّ، عَنْ شُفَيِّ بْنِ مَاتِعٍ الْأَصْبَحِيِّ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:" أَرْبَعَةٌ يُؤْذُونَ أَهْلَ النَّارِ عَلَى مَا بِهِمْ مِنَ الْأَذَى، يَسْعَوْنَ بَيْنَ الْحَمِيمِ وَالْجَحِيمِ، يَدْعُونَ بِالْوَيْلِ وَالثُّبُورِ، يَقُولُ أَهْلُ النَّارِ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: مَا بَالُ هَؤُلَاءِ قَدْ آذَوْنَا عَلَى مَا بِنَا مِنَ الْأَذَى؟ " قَالَ: «فَرَجُلٌ مُغْلَقٌ عَلَيْهِ تَابُوتُ مِنْ جَمْرٍ، وَرَجُلٌ يَجُرُّ أَمْعَاءَهُ، وَرَجُلٌ يَسِيلُ فُوهُ قَيْحًا وَدَمًا، وَرَجُلٌ يَأْكُلُ لَحْمَهُ» . قَالَ: " يُقَالُ لِصَاحِبِ التَّابُوتِ: مَا بَالُ الْأَبْعَدِ قَدْ آذَانَا عَلَى مَا بِنَا مِنَ الْأَذَى؟ " قَالَ: " فَيَقُولُ: إِنَّ الْأَبْعَدَ مَاتَ وَفِي عُنُقِهُ أَمْوَالُ النَّاسِ، لَمْ يَجِدْ لَهَا قَضَاءً ". قَالَ: " وَيُقَالُ لِلَّذِي يَجُرُّ أَمْعَاءَهُ: مَا بَالُ الْأَبْعَدِ قَدْ آذَانَا عَلَى مَا بِنَا مِنَ الْأَذَى؟ " قَالَ: " فَيَقُولُ: إِنَّ الْأَبْعَدَ كَانَ لَا يُبَالِي أَيْنَ أَصَابَ الْبَوْلُ مِنْهُ، ثُمَّ لَا يَغْسِلُهُ. ثُمَّ يُقَالُ لِلَّذِي يَسِيلُ فُوهُ قَيْحًا وَدَمًا: مَا بَالُ الْأَبْعَدِ قَدْ آذَانَا عَلَى مَا بِنَا مِنَ الْأَذَى؟ "
⦗ص: 144⦘
قَالَ: " فَيَقُولُ: إِنَّ الْأَبْعَدَ كَانَ يَنْظُرُ إِلَى كُلِّ كَلِمةٍ قَذِعَةٍ خَبِيثَةٍ، يَسْتَلِذَّهَا كَمَا يَسْتَلِذُّ الرَّفَثَ. ثُمَّ يُقَالُ لِلَّذِي يَأْكُلُ لَحْمَهُ: مَا بَالُ الْأَبْعَدِ قَدْ آذَانَا عَلَى مَا بِنَا مِنَ الْأَذَى؟ فَيَقُولُ: إِنَّ الْأَبْعَدَ كَانَ يَأْكُلُ لُحُومَ النَّاسِ بِالْغَيْبِ، وَيَمْشِي بِالنَّمِيمَةِ "
230 -
حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، قَالَ: قِيلَ لِأُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ: أَلَا تَرْكَبُ إِلَى هَذَا الرَّجُلِ فَتَأْمُرَهُ وَتَنْهَاهُ؟ - يَعْنُونَ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ رضي الله عنه: فَقَالَ: لَا أَفْتَحُ بَابًا أَكُونُ أَوَّلَ مَنْ فَتَحَهُ. ثُمَّ قَالَ: أَمَا إِنِّي لَا أَزْعُمُ أَنَّ أُمَرَاءَكُمْ خِيَارُكُمْ بَعْدَ شَيْءٍ سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. سَمِعْتُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ
⦗ص: 145⦘
: " يُجَاءُ بِالَّذِي يُطَاعُ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ، فَيُخَاصِمَهُ رَعِيَّتُهُ، فَتَفْلُجُ عَلَيْهِ، فَيُدْفَعُ فِي النَّارِ، فَتَنْدَلِقُ بِهِ أَقْتَابُهُ، فَيَسْتَدِيرُ فِي النَّارِ كَمَا يَسْتَدِيرُ الْحِمَارُ فِي الرَّحَا، فَيَأْتِي الَّذِينَ كَانُوا يُطِيعُونَهُ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ فَيَقُولُونَ: أَيْ فُلُ، مَا بَلَغَ بِكَ مَا تَرَى؟ فَيَقُولُ: إِنِّي كُنْتُ آمُرُكُمْ بِمَا لَا أَفْعَلُ، وَأَنْهَاكُمْ عَمَّا أَخْالُفُ إِلَيْهِ "
231 -
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ مِسْعَرٍ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَيْسَرَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ:{وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ} [التحريم: 6] قَالَ: «حِجَارَةٌ مِنْ كِبْرِيتَ، خَلَقَهَا اللَّهُ عِنْدَهُ كَيْفَ شَاءَ»
232 -
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، قَالَ: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ مِسْعَرٍ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَيْسَرَةَ، عَنِ ابْنِ سَابِطٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، نَحْوَهُ
233 -
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَاصِمِ بْنِ عَنْبَسَةَ الْعَبَادَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي الْفَضْلُ بْنُ الْعَبَّاسِ الْكِنْدِيُّ - وَكَانَ مِنَ الْأَبْدَالِ، وَكَانَتِ الدُّمُوعُ قَدْ أَثَّرَتْ فِي وَجْهِهِ، وَكَانَ يَصُومُ الدَّهْرَ، وَيُفْطِرُ كُلَّ لَيْلَةٍ عَلَى رَغِيفٍ - قَالَ:" مَرَّ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ عليه السلام بِجَبَلٍ بَيْنَ نَهْرَيْنِ: نَهْرٌ عَنْ يَمِينِهِ وَنَهْرٌ عَنْ يَسَارِهِ، لَا يَدْرِي مِنْ أَيْنَ يَجِئُ وَأَيْنَ يَذْهَبُ؟ فَقَالَ عِيسَى: أَيُّهَا الْجَبَلُ. . . . . . يَجِيئُ وَأَيْنَ يَذْهَبُ. . . . .؟ قَالَ: أَمَّا الَّذِي يَجِيئُ عَنْ يَمِينِي فَمِنْ دُمُوعِ عَيْنِيَ الْيُمْنَى، وَأَمَّا الَّذِي يَجِيئُ عَنْ يَسَارِي فَمِنْ دُمُوعِ عَيْنِيَ الْيُسْرَى. قَالَ بِمَ ذَاكَ؟ قَالَ: خَوْفًا مِنْ رَبِّي أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْ وَقُودِ النَّارِ فَقَالَ عِيسَى: فَأَنَا أَدْعُو اللَّهَ أَنْ يَهَبَكَ لِي. فَدَعَا اللَّهَ، فَوُهِبَ لَهُ. فَقَالَ عِيسَى: قَدْ وُهِبْتَ لِي. قَالَ: فَجَاءَ مِنْهُ مِنَ الْمَاءِ حَتَّى احْتَمَلَ عِيسَى، فَذَهَبَ بِهِ. فَقَالَ عِيسَى: اسْكُنْ بِعِزَّةِ اللَّهِ فَسَكَنَ، فَقَالَ: قَدِ اسْتَوْهَبْتُكَ مِنْ رَبِّي فَوَهَبَكَ لِي، فَمَا هَذَا؟ قَالَ: أَمَّا الْبُكَاءُ الْأَوَّلُ فَبُكَاءُ الْخَوْفِ، وَأَمَّا الْبُكَاءُ الثَّانِي فَبُكَاءُ الشُّكْرِ "
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ الْمُغِيرَةِ - مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ - عَنْ أَبِي مُوسَى الصَّفَّارِ، قَالَ: سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ - أَوْ سُئِلَ -: أَيُّ الصَّدَقَةِ أَفْضَلُ؟ فَقَالَ: سَأَلْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَمَا سَأَلْتَنِي فَقَالَ: " سَقْيُ الْمَاءِ، أَلَمْ تَرَ إِلَى أَهْلِ النَّارِ إِذَا اسْتَغَاثُوا قَالُوا: {أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنَ الْمَاءِ أَوْ مِمَّا رِزْقَكُمُ اللَّهُ} [الأعراف: 50] ؟ "
235 -
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ الْمُغِيرَةِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ:{وَنَادَى أَصْحَابُ النَّارِ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنَ الْمَاءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ} [الأعراف: 50] قَالَ: " يُنَادِي الرَّجُلُ أَخَاهُ: يَا أَخِي، قَدِ احْتَرَقْتُ فَأَغِثْنِي " قَالَ
⦗ص: 148⦘
: " فَيَقُولُ: {إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَهَمَا عَلَى الْكَافِرِينَ} [الأعراف: 50] "
236 -
حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ الْمُغِيرَةِ الثَّقَفِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، مِثْلَهُ
237 -
حَدَّثَنَا فُضَيْلُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ، قَالَ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ جُوَيْبِرٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ:{وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلَى جَهَنَّمَ وِرْدًا} [مريم: 86] قَالَ: «عِطَاشًا»
238 -
حَدَّثَنِي حَمْزَةُ بْنُ الْعَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ، أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، أَخْبَرَنَا شِبْلٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ:{وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلَى جَهَنَّمَ وِرْدًا} [مريم: 86] قَالَ: «مُنْقَطِعَةٌ أَعْنَاقُهُمْ مِنَ الْعَطَشِ»
239 -
حَدَّثَنِي حَمْزَةُ بْنُ الْعَبَّاسِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَنْبَسَةَ بْنَ سَعِيدٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ كَعْبٍ، قَالَ: " إِنَّ اللَّهَ يَنْظُرُ إِلَى عَبْدِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَهُوَ غَضْبَانُ فَيَقُولُ: {خُذُوهُ} [الحاقة: 30] فَيَأْخُذُهُ مِائَةُ أَلْفِ مَلَكٍ أَوْ يَزِيدُونَ، فَيَجْمَعُونَ بَيْنَ نَاصِيَتِهِ وَقَدَمِهِ غَضَبًا لِغَضَبِ
⦗ص: 149⦘
اللَّهِ، فَيَسْحَبُونَهُ عَلَى وَجْهِهِ إِلَى النَّارِ، فَالنَّارُ عَلَيْهِ أَشَدُّ غَضَبًا مِنْ غَضَبِهِمْ بِسَبْعِينَ ضِعْفًا. فَيَسْتَغِيثُ بِشَرْبَةٍ، فَيُسْقَى شَرْبَةً يَسْقُطُ مِنْهَا لَحْمُهُ وَعَصَبُهُ، وَيُكَدَّسُ فِي النَّارِ، فَوَيْلٌ لَهُ مِنَ النَّارِ " قَالَ عَبْدُ اللَّهِ:" فَحُدِّثْتُ، عَنْ بَعْضِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ أَنَّهُ قَالَ: يَتَفَتَّتُ فِي أَيْدِيهِمْ إِذَا قَالَ: {خُذُوهُ} [الحاقة: 30] ، فَيَقُولُ: أَلَا تَرْحَمُونِي؟ فَيَقُولُونَ: كَيْفَ نَرْحَمُكَ وَلَمْ يَرْحَمْكَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ؟ "
240 -
حَدَّثَنَا فُضَيْلُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ، قَالَ: حَدَّثَنَا النَّضْرُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ:" إِذَا قَالَ: {خُذُوهُ} [الحاقة: 30] يَبْتَدِرُهُ أَكْثَرُ مِنْ رَبِيعَةَ وَمُضَرَ "
241 -
حَدَّثَنَا فُضَيْلٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِيهِ: فِي قَوْلِهِ: {خُذُوهُ} [الحاقة: 30]، قَالَ:" لَا يَضَعُ يَدُهُ عَلَى شَيْءٍ إِلَّا دِقَّهُ، فَيَقُولُ: أَمَا تَرْحَمُنِي؟ فَيَقُولُ: كَيْفَ أَرْحَمُكَ وَأَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ لَمْ يَرْحَمْكَ؟ "
242 -
حَدَّثَنَا فُضَيْلُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ، عَنْ جُوَيْبِرٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ
⦗ص: 150⦘
، {نَزَّاعَةً لِلشَّوَى} [المعارج: 16] ، قَالَ:«تُنْزِعُ الْجِلْدَ وَاللَّحْمَ عَنِ الْعَظْمِ»
243 -
حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، عَنِ الصَّلْتِ بْنِ حَكِيمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا دُرُسْتُ الْقَزَّازُ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ الرَّقَاشِيُّ، قَالَ: إِذَا كان يَوْمَ الْقِيَامَةِ نادى مُنَادٍ أَيَّتُهَا النَّارُ الْمُطِيعَةُ سَمِّي أَهْلَكِ، قَالَ:" فَيَخْرُجُ عُنُقٌ مِنَ النَّارِ، فَتَنْكُتُ فِي وُجُوهِ أَهْلِ النَّارِ نُكَتًا سُودًا، ثُمَّ يُنَادِي مُنَادٍ: {وَامْتَازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ} [يس: 59] " قَالَ: " فَيُنْكَرُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ، فَيَقُولُ: هَذَا مَا كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ، ثُمَّ يُنَادِي مُنَادٍ: {ادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ} [غافر: 76] " قَالَ: «فَيُنَكَّسُونَ فِي النَّارِ عَلَى رُءُوسِهِمْ، وَيُصْهَرُ الْحَمِيمُ فِي أَجْوَافِهِمْ» قَالَ: ثُمَّ سَقَطَ يَزِيدُ مَغْشِيًّا عَلَيْهِ
244 -
حَدَّثَنَا فُضَيْلٌ، قَالَ: سَمِعْتُ شَرِيكًا، فِي قَوْلِهِ:{يُصْهَرُ} [الحج: 20] قَالَ: «يُنْضَجُ»
245 -
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَنْبَسَةُ بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ فُضَيْلِ بْنِ عِيَاضٍ، عَنْ هِشَامٍ، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ:" كُلَّمَا أَكَلَتْهُمُ النَّارُ، قِيلَ: عُودُوا، حَتَّى تَأْكُلَهُمْ فِي كل يَوْمٍ سَبْعِينَ أَلْفَ مَرَّةٍ "
246 -
حَدَّثَنَا فُضَيْلُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُحَيَّاةَ التَّيْمِيُّ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: فِي قَوْلِهِ: {شُوَاظٌ} [الرحمن: 35] قَالَ: «قِطْعَةٌ مِنَ النَّارِ» {وَنُحَاسٌ} [الرحمن: 35] قَالَ: «صُفْرٌ يُذَابُ ثُمَّ يُصَبُّ عَلَى رُءُوسِهِمْ»
247 -
حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، عَنْ مُوسَى بْنِ بِلَالٍ، عَنْ بَكْرِ بْنِ خُنَيْسٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الشَّامِيِّ، عَنْ مَكْحُولٍ، قَالَ:" لِلنَّاسِ فِي الْقِيَامَةِ جَوْلَةٌ، فَيَلْقَى الرَّجُلُ أَخَاهُ، فَيَقُولُ: عَلَامَ أَنْتَ يَا فُلَانُ؟ فَيَقُولُ: عَلَى خَيْرٍ، عَلَى الرَّجَاءِ مِنَ اللَّهِ. وَيَلْقَى الرَّجُلُ أَخَاهُ، فَيَقُولُ: عَلَامَ أَنْتَ يَا فُلَانُ؟ فَيَقُولُ: عَلَى شَرٍّ، أَسْلَمَنِي أَهْلِي، وَأَوْبَقَتْنِي ذُنُوبِي "
248 -
حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ خِدَاشٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَهْدِيُّ بْنُ مَيْمُونٍ، عَنْ سَعِيدِ
⦗ص: 152⦘
الْجُرَيْرِيِّ، عَنْ أَبِي السَّلِيلِ، عَنْ غُنَيْمٍ - خَازِنِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ - عَنْ كَعْبٍ، قَالَ:" يُمْسَكُ بِالنَّارِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى تَصِيرَ كَأَنَّهَا مَتْنُ إِهَالَةٍ، حَتَّى تَسْتَعِرَ أَقْدَامُ الْخَلَائِقِ عَلَيْهَا، ثُمَّ يُنَادِي مُنَادٍ: أَنْ خُذِي أَصْحَابَكَ وَدَعِي أَصْحَابِي، فَهِيَ أَعْرَفُ بِهِمْ مِنَ الْوَالِدَةِ بِوَلَدِهَا، فَيُخْسَفُ بِهِمْ، فَيَهْوُونَ فِيهَا، وَيَنْجُو الْمُؤْمِنُونَ نَدِيَّةً ثِيَابُهُمْ "
249 -
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ، عَنْ شُعَيْبِ بْنِ مُحْرِزٍ، عَنْ صَالِحٍ الْمُرِّيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عِمْرَانَ الْجَوْنِيَّ، قَالَ: قَالَ لِي أَبُو الْجَلْدِ: «كَيْفَ أَنْتَ يَوْمَ تُمْطِرُ السَّمَاءُ نَارًا، وَتَلْتَهِبُ الْأَرْضُ مِنْ تَحْتِ أَقْدَامِ الْخَلَائِقِ بِالنَّارِ؟» قَالَ: قُلْتُ: إِنَّ ذَلِكَ لِيَوْمٌ عَظِيمٌ قَالَ: " ذَاكَ يَوْمٌ كُشِفَ فِيهِ لَهُمْ عَنِ الْغِطَاءِ، وَعُرِضَتْ عليهم ذَلِكَ الْيَوْمَ أَعْمَالُهُمْ: فَمَسْرُورٌ بِعَمَلِهِ، وَنَادِمٌ مَحْسُورٌ " قَالَ: ثُمَّ بَكَى أَبُو الْجَلْدِ حَتَّى غَلَبَهُ الْبُكَاءُ
250 -
حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ: حَدَّثَنِي رُسْتُمُ بْنُ أُسَامَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبَاءَةُ بْنُ كُلَيْبٍ، عَنْ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ زَيْدٍ، عَنِ الْحَسَنِ
⦗ص: 153⦘
، فِي قَوْلِهِ:{وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الآزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ} [غافر: 18] قَالَ: " أَزِفَتْ وَاللَّهِ عُقُولُهُمْ، وَطَارَتْ قُلُوبُهُمْ، فَتَرَدَّدَتْ فِي أَجْوَافِهِمْ بِالْغُصَصِ إِلَى حَنَاجِرِهِمْ لَمَّا أُمِرَ بِهِمْ مَلَكٌ يَسُوقَهُمْ إِلَى النَّارِ، فَيَقُولِ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: {فَهَلْ لَنَا مِنْ شُفَعَاءَ فَيَشْفَعُوا لَنَا} [الأعراف: 53] ، فَيُنَادَوْنَ {مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ} [غافر: 18] "
251 -
حَدَّثَنَا حَمْزَةُ بْنُ الْعَبَّاسِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الْحَكَمُ، عَنْ عُمَرَ بْنُ أَبِي لَيْلَى، أَحَدُ بَنِي عَامِرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ كَعْبٍ الْقُرَظِيَّ، يَقُولُ بَلَغَنِي أَوْ ذُكِرَ لِي:" أَنَّ أَهْلَ النَّارِ اسْتَغَاثُوا بِالْخَزَنَةِ، قَالَ اللَّهُ عز وجل: {وَقَالَ الَّذِينَ فِي النَّارِ لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ ادْعُوا رَبَّكُمْ يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْمًا مِنَ الْعَذَابِ} [غافر: 49] سَأَلُوا يَوْمًا وَاحِدًا يُخَفِّفُ عَنْهُمْ فِيهِ الْعَذَابُ، فَرَدَّ عَلَيْهِمُ الْخَزَنَةُ: {أَوَلَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا بَلَى} [غافر: 50] ، فَرَدَّتْ عَلَيْهِمُ الْخَزَنَةُ: {فَادْعُوا وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ} [غافر: 50] وَلَمَّا يَئِسُوا مِمَّا عِنْدَ الْخَزَنَةِ، {وَنَادَوْا يَا مَالِكُ} [الزخرف: 77] وَهُوَ عَلَيْهِمْ وَلَهُ مَجْلِسٌ فِي وَسَطَهَا، وَجُسُورٌ تَمُرُّ عَلَيْهِ مَلَائِكَةُ الْعَذَابِ، فَهُوَ يَرَى أَقْصَاهَا كَمَا يَرَى أَدْنَاهَا، فَقَالُوا: {يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ} [الزخرف: 77] . سَأَلُوا الْمَوْتَ "
⦗ص: 154⦘
قَالَ: " فَمَكَثَ عَنْهُمْ لَا يُجِيبُهُمْ ثَمَانِينَ سَنَةً، وَالسَّنَةُ سِتُّونَ وَثَلَاثِمِائَةِ يَوْمٍ، وَالشَّهْرُ ثَلَاثُونَ يَوْمًا، وَالْيَوْمُ {كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ} [الحج: 47] لِحِظَ إِلَيْهِمْ بَعْدَ الثَّمَانِينَ: {إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ} [الزخرف: 77] فَلَمَّا سَمِعُوا مَا سَمِعُوا مِمَّا قِبَلَهُ، قَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: يَا هَؤُلَاءِ، قَدْ نَزَلَ بِكُمْ مِنَ الْبَلَاءِ وَالْعَذَابِ مَا قَدْ تَرَوْنَ، فَهَلُمُّوا فَلْنَصْبِرْ، فَلَعَلَّ الصَّبْرَ يَنْفَعُنَا، كَمَا صَبَرَ أَهْلُ الدُّنْيَا عَلَى طَاعَةِ اللَّهِ فَنَفَعَهُمُ الصَّبْرُ إِذْ صَبَرُوا. فَأَجْمَعُوا رَأْيَهُمْ عَلَى الصَّبْرِ ". قَالَ: " فَتَصَبَّرُوا، فَطَالَ صَبْرُهُمْ، ثُمَّ جَزَعُوا، فَنَادَوْا:{سَوَاءٌ عَلَيْنَا أجَزِعْنَا أَمْ صَبَرْنَا مَا لَنَا مِنْ مَحِيصٍ} [إبراهيم: 21]- أَيْ: مَلْجَأَ - فَقَامَ إِبْلِيسُ عِنْدَ ذَلِكَ فَخَطَبَهُمْ: {إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ} [إبراهيم: 22]، يَقُولُ: بِمُغْنٍ عَنْكُمْ شَيْئًا. {وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَّرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ} [إبراهيم: 22] فَلَمَّا سَمِعُوا مَقَالَتَهُ مَقَتُوا أَنْفُسَهُمْ فَنُودُوا: {لَمَقْتُ اللَّهِ أَكْبَرُ مِنْ مَقْتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ إِذْ تَدْعَوْنَ إِلَى الْإِيمَانِ فَتَكْفُرُونَ} [غافر: 10]{قَالُوا رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ فَاعْتَرَفْنَا بِذُنُوبِنَا فَهَلْ إِلَى خُرُوجٍ مِنْ سَبِيلٍ} [غافر: 11]
⦗ص: 155⦘
فَرَدَّ عَلَيْهِمْ: {ذَلِكُمْ بِأَنَّهُ إِذَا دُعِيَ اللَّهُ وَحْدَهُ كَفَرْتُمْ وَإِنْ يُشْرَكْ بِهِ تُؤْمِنُوا فَالْحُكْمُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ} [غافر: 12]" قَالَ: «هَذِهِ وَاحِدَةٌ» . قَالَ: " فَنَادَوُا الثَّانِيَةَ: {رَبَّنَا أَبْصَرَنَا وَسَمِعْنَا فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا إِنَّا مُوقِنُونَ} [السجدة: 12] فَرَدَّ عَلَيْهِمْ: {وَلَوْ شِئْنَا لَآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا} [السجدة: 13] يَقُولُ: لَوْ شِئْتَ لَهَدَيْتُ النَّاسَ جَمِيعًا فَلَمْ يَخْتَلِفْ مِنْهُمْ أَحَدٌ {وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ فَذُوقُوا بِمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا} [السجدة: 14] يَقُولُ: بِمَا تَرَكْتُمْ أَنْ تَعْمَلُوا لِيَوْمِكُمْ هَذَا. {إِنَّا نَسِينَاكُمْ} [السجدة: 14] : إِنَّا تَرَكْنَاكُمْ، {وَذُوقُوا عَذَابَ الْخُلْدِ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [السجدة: 14] فَهَذِهِ اثْنَتَانِ ". قَالَ: " فَنَادَوُا الثَّالِثَةَ: {رَبَّنَا أَخِّرْنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ} [إبراهيم: 44] فَرَدَّ عَلَيْهِمْ: {أَوَلَمْ تَكُونُوا أَقْسَمْتُمْ مِنْ قَبْلُ مَا لَكُمْ مِنْ زَوَالٍ وَسَكَنْتُمْ فِي مَسَاكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ وَضَرَبْنَا لَكُمُ الْأَمْثَالَ وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ} [إبراهيم: 44]
⦗ص: 156⦘
". قَالَ: «هَذِهِ الثَّالِثَةُ» . قَالَ: " ثُمَّ نَادَوُا الرَّابِعَةَ: {رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ} [فاطر: 37]". قَالَ: "{أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصَيرٍ} [فاطر: 37] . فَمَكَثَ عَنْهُمْ مَا شَاءَ اللَّهَ، ثُمَّ نَادَاهُمْ:{أَلَمْ تَكُنْ آيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَكُنْتُمْ بِهَا تَكْذِبُونَ} [المؤمنون: 105] . فَلَمَّا سَمِعُوا ذَلِكَ قَالُوا: الْآنَ يَرْحَمَُا رَبُّنَا. وَقَالُوا عِنْدَ ذَلِكَ: {رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا} [المؤمنون: 106] أَيِ الْكِتَابُ الَّذِي كَتَبْتَ عَلَيْنَا. {وَكُنَّا قَوْمًا ضَالِّينَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ} [المؤمنون: 106] فَقَالَ عِنْدَ ذَلِكَ: اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ. فَانْقَطَعَ عِنْدَ ذَلِكَ الدُّعَاءُ وَالرَّجَاءُ مِنْهُمْ، وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ، يَنْبَحُ بَعْضُهُمْ فِي وَجْهِ بَعْضٍ. وَأُطْبِقَتْ عَلَيْهِمْ " فَحَدَّثَنِي الْأَزْهَرُ بْنُ أَبِي الْأَزْهَرِ، أَنَّهُ ذُكِرَ لَهُ أَنَّ ذَلِكَ قَوْلُهُ:{هَذَا يَوْمُ لَا يَنْطِقُونَ وَلَا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ} [المرسلات: 35]
252 -
حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، عَنِ الصَّلْتِ بْنِ حَكِيمٍ، قَالَ: حُدِّثْتُ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي رَوَّادٍ، قَالَ: " بَلَغَنِي أَنَّ اللَّهَ إِذَا قَالَ لِأَهْلِ النَّارِ: {اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ} «عَادَتْ وُجُوهُهُمْ قَطَعَ لَحْمٍ لَيْسَ فِيهَا أَفْوَاهٌ وَلَا مَنَاخِيرُ، يَتَرَدَّدُ النَّفَسُ فِي أَجْوَافِهِمْ، لَا تَجِدُ إِلَى الْخُرُوجِ مَسَاغًا»
253 -
حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عِمْرَانَ الْجَوْنِيَّ، قَالَ:«مَا نَظَرَ اللَّهُ إِلَى شَيْءٍ إِلَّا رَحِمَهُ، وَلَوْ نَظَرَ إِلَى أَهْلِ النَّارِ لَرَحِمَهُمْ، لَكِنَّهُ قَضَى عَلَيْهِمْ أَنْ لَا يَنْظُرَ إِلَيْهِمْ»
254 -
حَدَّثَنِي حَمْزَةُ بْنُ الْعَبَّاسِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الْكَلْبِيُّ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، فِي قَوْلِ اللَّهِ جَلَّ وَعَزَّ:{اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ} [البقرة: 15] قَالَ: " يُقَالُ لِأَهْلِ النَّارِ وَهُمْ فِي النَّارِ: اخْرُجُوا، وَيَفْتَحُ لَهُمْ أَبْوَابُ النَّارِ. فَإِذَا رَأَوْهَا قَدْ فُتِحَتْ أَقْبَلُوا
⦗ص: 158⦘
إِلَيْهَا يُرِيدُونَ الْخُرُوجَ، وَالْمُؤْمنُونَ يَنْظُرُونَ إِلَيْهِمْ عَلَى. . . فَإِذَا انْتَهَوْا إِلَى أَبْوَابِهَا، غُلِّقَتْ دُونَهُمْ، فَذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ عز وجل:{اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ} [البقرة: 15] . . . مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ حِينَ غُلِّقَتْ دُونَهُمْ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ:{فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ عَلَى الْأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ} [المطففين: 35] "
255 -
حَدَّثَنِي حَمْزَةُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، قال: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَسَارٍ، عَنْ قَتَادَةَ في قوله:{فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ} [المطففين: 34] قَالَ: ذُكِرَ لَنَا أَنَّ كَعْبًا، كَانَ يَقُولُ:«إِنَّ بَيْنَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ كُوًى، فَإِذَا أَرَادَ الْمُؤْمِنُ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى عَدُوٍّ كَانَ لَهُ فِي الدُّنْيَا اطَّلَعَ مِنْ بَعْضِ تِلْكَ الْكُوَى» ، قَالَ اللَّهُ عز وجل فِي آيَةٍ أُخْرَى:{فَاطَّلَعَ فَرَآهُ فِي سَوَاءِ الْجَحِيمِ} [الصافات: 55] قَالَ ذُكِرَ لَنَا: «أَنَّهُ إِذْ ذَاكَ اطَّلَعَ فَرَأَى جَمَاجِمَ الْقَوْمِ تَغْلِي»
256 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ مُطَرِّفِ بْنِ قُدَامَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الرُّؤَاسِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ مَوْلًى لَنَا، قَالَ: لَمَّا مَاتَ مَنْصُورُ بْنُ الْمُعْتَمِرِ، صَاحَتْ أُمُّهُ: «وَاقَتِيلَ جُهَنَّمَاهُ مَا قَتَلَ
⦗ص: 159⦘
ابْنِي إِلَّا خَوْفُ جَهَنَّمَ»
257 -
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: " يُجَاءُ بِالْمَوْتِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، كَأَنَّهُ كَبْشٌ أَمْلَحُ، ثُمَّ يُقَالُ: يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ، فَيَشْرَئِبُّونَ وَيَنْظُرُونَ، فَيُقَالُ: هَلْ تَعْرِفُونَ هَذَا؟ فَيَقُولُونَ: نَعَمْ، هَذَا الْمَوْتُ. وَيُقَالُ: يَا أَهْلَ النَّارِ، فَيَشْرَئِبُّونَ وَيَنْظُرُونَ، فَيُقَالُ: هَلْ تَعْرِفُونَ هَذَا؟ فَيَقُولُونَ: نَعَمْ، هَذَا الْمَوْتُ. ثُمَّ يُؤْمَرُ بِهِ فَيُذْبَحَ، ثُمَّ يُقَالُ: يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ، خُلُودٌ فَلَا مَوْتَ. وَيَا أَهْلَ النَّارِ، خُلُودٌ وَلَا مَوْتَ ". ثُمَّ قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: {وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ} [مريم: 39] وَأَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى الدُّنْيَا
258 -
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ
⦗ص: 160⦘
، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: " كُلُّ أَهْلِ الْجَنَّةِ يَرَى مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ، فَيَقُولُ: لَوْلَا أَنَّ اللَّهَ هَدَانِي، فَيَكُونُ لَهُ شُكْرًا، وَكُلُّ أَهْلِ النَّارِ يَرَى مَقْعَدَهُ مِنَ الْجَنَّةِ، فَيَكُونُ عَلَيْهِ حَسْرَةً "
259 -
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، مِثْلَهُ، وَلَمْ يَقُلْ: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ
260 -
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ
⦗ص: 161⦘
: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ أَبِي عَائِشَةَ، {أَفَمَنْ يَتَّقِي بِوَجْهِهِ سُوءَ الْعَذَابِ} [الزمر: 24] قَالَ: «تُشَدُّ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ، فَكُلَّمَا جَاءَهُمْ نَوْعٌ مِنَ الْعَذَابِ، اتَّقُوهُ بِوُجُوهِهِمْ»
261 -
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُصَفَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ حَفْصٍ الشَّعْبِيُّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ زَكَرِيَّا بْنِ أَبِي زَائِدَةَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، {مُقَرَّنِينَ} [ص: 38] ، قَالَ:«مُكَتَّفِينَ»
262 -
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْمِقْدَامِ، قَالَ: حَدَّثَنَا فُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ، عَنْ هِشَامٍ، عَنِ الْحَسَنِ، {كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا} [النساء: 56] قَالَ: " تَأْكُلُهُمُ النَّارُ كُلَّ يَوْمٍ سَبْعِينَ أَلْفَ مَرَّةٍ، كُلَّمَا أَكَلَتْهُمْ قِيلَ لَهُمْ: عُودُوا، فَيَعُودُونَ كَمَا كَانُوا "