الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
3-
عدد ركعات صلاة التراويح:
ففيه ثلاثة أقوال للعلماء:
القول الأول: ركعات التراويح ثمانية - وهو قول المحدثين والمحققين.
القول الثاني: ركعات التراويح عشرون ركعة - وبه قال الأئمة الثلاثة: الشافعي وأبو حنيفة وأحمد.
القول الثالث: ركعات التراويح ست وثلاثون - وبه قال الإمام مالك.
وإليكم بعض الأدلة للقول الأول:
1-
حديث عائشة رضي الله عنها قالت: " ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يزيد في رمضان ولا غيره على إحدى عشرة ركعة، يصلي أربعاً لا تسأل عن طولهن وحسنهن، ثم يصلي أربعاً فلا تسأل عن طولهن وحسنهن. ثم يصلي ثلاثاً "1.
وقد بوب ابن خزيمة في صحيحه2 باب ذكر عدد صلاة النبي صلى الله عليه وسلم بالليل في رمضان فذكر هذا الحديث، كما ذكره إلبيهقي في سننه3 في باب ما روي في عدد ركعات القيام في شهر رمضان.
ويبدو أن الجميع استمسكوا به لمعرفة عدد ركعات النبي صلى الله عليه وسلم في رمضان وغيره، كما ذكره الإمام البخاري في صحيحه عقب صلاة التراويح وسوف يأتي ذلك قريبا إن شاء الله.
2-
حديث جابر بن عبد الله قال: " صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في شهر رمضان ثماني ركعات وأوتر
…
" رواه أبو يعلى، والطبراني في الصغير، كما قال الهيثمي وفيه: عيسى بن جارية وثقه ابن حبان وغيره، وضعفه ابن معين4.
وقال الحافظ في الفتح:5 رواه ابن خزيمة وابن حبان، وعزاه في التلخيص6 لابن حبان فقط ولم يتكلم على إسناد الحديث مع وجود عيسى بن جارية في إسناد ابن حبان كما في موارد الظمآن.
1 متفق عليه: ففي البخاري مع الفتح (3/33) ، وفي مسلم (1/5.9) من طبعة فؤاد عبد الباقي.
2 صحيح ابن خزيمة: (3/ 341)
3 السنن الكبرى للبيهقي: (3/495)
4 انظر: مجمع الزوائد: 3/172.
5 فتح الباري: 3/12.
6 التلخيص: 3/21.
وقد ذكر الشيخ الألباني هذا الحديث ونسبه لابن نصر والطبراني وقال:" سنده حسن "1. ولم يتكلم على عيسى بن جارية.
والطبراني ذكر هذا الحديث في المعجم الصغير2 بإسناده عن يعقوب بن عبد الله القمي عن عيسى بن جارية،عن جابر بن عبد الله قال:" صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في شهر رمضان ثمان ركعات وأوتر، فلما كانت القابلة اجتمعنا في المسجد ورجونا أن يخرج، فلم نزل حتى أصبحنا ثم دخلنا، فقلنا: يا رسول الله اجتمعنا البارحة في المسجد ورجونا أن تصلي بنا؟ فقال: إني خشيت أن يكتب عليكم ".
قال الطبراني:" لا يروى عن جابر بن عبد الله إلا بهذا الإسناد، تفرد به يعقوب وهو ثقة، ولم يتكلم عن عيسى بن جارية ".
وذكر الذهبي هذا الحديث وقال: إسناده وسط3.
أقول: عيسى بن جارية: هو الأنصاري المدني، قال الحافظ:" فيه لين ". وقال الذهبي:" روى عن جرير وجابر، وعنه أبو صخر حميد بن زياد، ويعقوب القمي مختلف فيه " قال ابن معين:" عنده مناكير "4. وفي الميزان: قال النسائي:" منكر الحديث " وجاء عنه:" متروك "، وقال أبو زرعة:" لا بأس به "، وأما يعقوب بن عبد الله القمي فهو – بضم القاف – أبو الحسن الأشعري، سبق أن وثقه الطبراني وقال النسائي:" ليس به بأس "، وقال الدارقطني:" ليس بالقوي "5. وحكم عليه الذهبي بأنه صدوق6.
ويبدو من هذا أن الحديث لا يقل عن درجة الحسن، ولذا سكت عليه الحافظ، وحسنه الألباني، وقال الذهبي:" إسناده وسط ". والمعروف أن الذهبي من أهل الإستقراء.
ثم أخرج الإمامان الجليلان وهما ابن جبان وابن خزيمة في صحيحيهما إضافة إلى ذلك أنه موافق لحديث عائشة.
وبهذين الحديثين أخذ المحققون من علماء أهل الحديث والفقه. فإن أحداً منهم لم يقل بأن النبي صلى الله عليه وسلم صلى أكثر من ثماني ركعات في رمضان أو في غير رمضان، وإنما الخلاف في الطول، والقراءة، والوقت، والجماعة، وغير ذلك.
1 انظر: صلاة التراويح ص 21.
2 المعجم الصغير: 1/19. .
3 انظر: ميزان الاعتدال: 3/311.
4 انظر: الكاشف: 2/366.
5 انظر الخلاصة للخزرجي: 3/182.
6 انظر الكاشف 3/292.
وأما التراويح، وقيام رمضان، وصلاة الليل، وصلاة التهجد في رمضان: فهي عبارة عن شيء واحد، قال الشيخ عبيد الله المباركفوري:" اعلم أن التراويح وقيام رمضان وصلاة الليل وصلاة التهجد في رمضان عبارة عن شيء واحد، واسم لصلاة واحدة، وليس التهجد في رمضان غير التراويح لأنه لم يثبت من رواية صحيحة ولا ضعيفة أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في ليالي رمضان صلاتين إحداهما التراويح، والأخرى التهجد، فالتهجد في غير رمضان هو التراويح في رمضان كما يدل عليه حديث أبي ذر وغيره، وإليه ذهب صاحب فيض الباري1. (الشيخ أنور شاه الكشميري) من الحنفية حيث قال: " المختار عندي أن التراويح، وصلاة الليل واحد، وإن اختلفت صفتاهما كعدم المواظبة على التراويح وأدائها بالجماعة، وأدائها في أول الليل تارة، وإيصالها إلى السحر أخرى بخلاف التهجد فإنه كان في آخر الليل، ولم تكن فيه الجماعة. وجعل اختلاف الصفات دليلاً على اختلاف نوعيها ليس بجيد عندي بل كانت تلك صلاة واحدة، إذا تقدمت سميت باسم التراويح، وإذا تأخرت سميت باسم التهجد.
ولا بدع في تسميتها باسمين عند تغاير الوصفين فإنه لا حجر في التغاير الاسمي إذا اجتمعت عليه الأمة، وإنما يثبت تغاير النوعين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه التهجد مع إقامته بالتراويح2. انتهى.
وقد جزم أيضاً الشيخ بدر الدين العيني وهو من كبار العلماء الحنفية أن قول عائشة إن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا دخل في العشر الأواخر في رمضان يجتهد ما لا يجتهد في غيره، المقصود منه التطويل في الركعات والسجود والقيام والقعود بدون الزيادة في العدد 3.
وقد ذكر الشيخ العيني عشرات الروايات عن الصحابة الآخرين لإثبات عدد ركعات النبي صلى الله عليه وسلم وخرج منها بأنه ما كان يزيد عن ثمان ركعات، ويزيد وينقص من ركعات الوتر ما شاء، وذهب الشيخ ابن الهُمام- من محققي الحنفية- إلى أن الثماني ركعات سنة، والبقية مستحبة، وأنكر عليه المشايخ الحنفية القائلون بسنية العشرين 4.
القول الثاني: ركعات التراويح عشرون ركعة:
استند أصحاب هذا القول بالأثر المروى عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه بأنه جمع الناس وراء أبي بن كعب على عشرين ركعة كما استندوا أيضاً بحديث مرفوع إلا أنه ضعيف
1 انظر: 2/42. من فيض الباري.
2 انظر: مرقاة المفاتيح 2/224-225.
3 انظر عمدة القاريء 7/2.4.
4 انظر شرح فتح القدير 1/334.
بالاتفاق، فلذا نرى أن المحققين من أصحاب المذاهب لم يذكروا هذا الحديث المرفوع في الاستدلال لما ذهبوا إليه كالشيخ ابن قدامة وغيره.
ولو كان هذا الحديث صحيحاً لكان حجة قاطعة على أصحاب القول الأول، ولتبادر المحققون إلى ذكره، ومع ذلك فنحن نذكر هذا الحديث ثم نتبعه الآثار المروية عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه بهذا الخصوص.
الحديث المرفوع: قال الإمام الزيلعي:" روى ابن أبي شيبة في مصنفه1، والطبراني في معجمه 2، وعنه البيهقي 3، من حديث إبراهيم بن عثمان أبي شيبة عن الحكم، عن مقسم، عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي في رمضان عشرين ركعة والوتر ".
قال الحافظ الزيلعي:" وهو معلول بأبي شيبة إبراهيم بن عثمان جد الإمام أبي بكر بن أبي شيبة، وهو متفق على ضعفه ولينه ابن عدى في الكامل ثم أنه مخالف للحديث الصحيح عن أبي سلمة بن عبد الرحمن أنه سأل عائشة...... فذكر حديثها "4. انتهىَ كلام الزيلعي.
وقال الهيثمى:" رواه الطبراني5 في الكبير والأوسط وفيه: أبو شيبة وهو ضعيف6.
وقال الحافظ في التقريب:" أبو شيبة إبراهيم بن عثمان متروك "، وقال الشيخ ابن الهمام:" أبو شيبة إبراهيم بن عثمان ضعيف "7.
وقال البيهقي:" تفرد به أبو شيبة إبراهيم بن عثمان العبسي الكوفي وهو ضعيفة "8.
فسند هذا الحديث يدور على أبي شيبة لأن كل من خرجه فطريقه ينتهي إليه فلا يغرنك إذا قال أحد إن لهذا الحديث سنداً آخر، فإن الطبراني والبيهقي صرحا بأن أبا شيبة تفرد بهذا الحديث، وذكر الحافظ الذهبي في الميزان وقال:" إنه من مناكير أبي شيبة "، وكذا الحافظ مع علمه الغزير لم يجد لهذا الحديث سنداً آخر، فقد جزم وقال:" وأما ما رواه أبو شيبة من حديث ابن عباس فإسناده ضعيف، وقد عارضه حديث عائشة هذا الذي في الصحيحين مع كونها أعلم بحال النبي صلى الله عليه وسلم ليلاً من غيرها "9
1 صنف ابن أبي شيبة 2/394.
2 الكبير 11/393.
3 البيهقي 2/496.
4 انظر: نصب الراية 2/153.
5 انظر المعجم الكبير 11/393.
6 انظر مجمع الزوائد: 3/172.
7 انظر شرح فتح القدير: 1/333.
8 انظر سنن البيهقي 2/496.
9 انظر فتح الباري 4/254.