المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌1 - الخوف من الله تعالى عند كسوف الشمس أو القمر - صلاة الكسوف

[سعيد بن وهف القحطاني]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة

- ‌أولاً: مفهوم الكسوف، والخسوف:

- ‌الكسوف لغة:

- ‌الخسوف لغة:

- ‌الكسوف أو الخسوف في الاصطلاح:

- ‌ثانيًا: الكسوف أو الخسوف: آيتان من آيات الله

- ‌ثالثًا: أسباب الكسوف الحسّيَّة والشرعية:

- ‌السبب الحسي

- ‌ سبب كسوف الشمس:

- ‌ سبب خسوف القمر:

- ‌العلم بوقت الكسوف ليس من علم الغيب

- ‌لا يُكذَّب المخبر بالكسوف ولا يُصدَّق

- ‌السبب الشرعي: هو تخويف الله تعالى لعباده

- ‌العلم بوقت الكسوف لا ينافي الخوف

- ‌لا تنافي بين اجتماع السبب الحسي والشرعي

- ‌رابعًا: فوائد الكسوف وحِكَمَهُ:

- ‌خامسًا: حُكم صلاة الكسوف:

- ‌سادسًا: آداب صلاة الكسوف

- ‌1 - الخوف من الله تعالى عند كسوف الشمس أو القمر

- ‌2 - استحضار ما رآه النبي من الأمور العظيمة في صلاة الكسوف

- ‌3 - النداء بالصلاة جامعة

- ‌4 - لا أذان لصلاة الكسوف ولا إقامة

- ‌5 - الجهر بالقراءة في صلاة الكسوف سنة

- ‌6 - صلاة الكسوف جماعة في المسجد

- ‌7 - صلاة النساء خلف الرجال في صلاة الكسوف

- ‌8 - تُصلَّى صلاة الكسوف في السفر

- ‌9 - الإطالة في صلاة الكسوف على حسب تَحَمُّلِ المصلين

- ‌10 - الخطبة في صلاة الكسوف سُنَّة

- ‌11 - الفزع إلى ذكر الله، والدعاء، والاستغفار

- ‌سابعًا: صفة صلاة الكسوف

- ‌ثامنًا: وقت صلاة الكسوف

- ‌ صلاة كسوف الشمس تفوت بأمرين:

- ‌ وأما صلاة خسوف القمر فتفوت بأمرين أيضًا:

- ‌تاسعًا: تدرك الركعة من صلاة الكسوف بإدراك الركوع الأول

- ‌عاشرًا: الصلاة للآيات: كالزلزلة

الفصل: ‌1 - الخوف من الله تعالى عند كسوف الشمس أو القمر

بالاستحباب)) (1).

وسمعت شيخنا الإمام عبد العزيز بن عبد الله ابن باز رحمه الله يقول: ((وهي سنة مؤكدة، وقيل بالوجوب وهو قول قوي)) (2).

‌سادسًا: آداب صلاة الكسوف

، لصلاة الكسوف آداب عظيمة ينبغي العناية بها، ومنها:

‌1 - الخوف من الله تعالى عند كسوف الشمس أو القمر

؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله، لا ينكسفان لموت أحد، ولكن الله يخوِّف بهما عباده)) (3)؛ ولحديث أبي بردة عن أبي موسى قال: خسفت الشمس فقام النبي صلى الله عليه وسلم فَزِعًا يخشى أن تكون الساعة، فأتى المسجد فصلى بأطول قيام، وركوع، وسجود رأيته قط

(1) الشرح الممتع لابن عثيمين، 5/ 237 - 240.

(2)

سمعته أثناء تقريره على المنتقى من أخبار المصطفى صلى الله عليه وسلم، الحديثان رقم 1720،

و1721.

(3)

البخاري، برقم 1048، وتقدم تخريجه.

ص: 25

يفعله، وقال:((هذه الآيات التي يرسل الله لا تكون لموت أحد ولا لحياته، ولكن يخوِّف الله بها عباده، فإذا رأيتم شيئًا من ذلك فافزعوا إلى ذكر الله ودعائه، واستغفاره)) (1).

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: ((فلعله [صلى الله عليه وسلم] خشي أن يكون الكسوف مقدمة لبعض الأشراط: كطلوع الشمس من مغربها، ولا يستحيل أن يتخلل بين الطلوع والطلوع المذكور أشياء مما ذكر، وتقع متتالية بعضها إثر بعض، مع استحضار قوله تعالى: {وَمَا أَمْرُ السَّاعَةِ إِلَاّ كَلَمْحِ الْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ (2)} (3).

فينبغي للمؤمن أن يخاف من نزول عقوبة عند كسوف الشمس أو القمر، وقد خاف النبي صلى الله عليه وسلم عند كسوف الشمس، فخرج فزعًا يجرُّ رداءه، وقد كان من هديه صلى الله عليه وسلم أنه يعتني بما يحدث من الظواهر الكونية التي يجريها الله تعالى ويحثّ

(1) متفق عليه: البخاري، كتاب الكسوف، باب الذكر في الكسوف، برقم 1059، ومسلم، كتاب الكسوف، باب ذكر النداء بصلاة الكسوف برقم 911.

(2)

سورة النحل، الآية:77.

(3)

فتح الباري لابن حجر، 2/ 546.

ص: 26

الناس على الدعاء والحذر من نزول العقوبات، فعن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كان يوم الريح والغيم عُرِفَ ذلك في وجهه، وأقبل وأدبر، فإذا مطرت سُرّ بِهِ وذهب عنه ذلك، فسألته فقال:((إني خشيت أن يكون عذابًا سُلِّط على أمتي)) ويقول إذا رأى المطر: ((رحمة)) (1).

وفي رواية: ((كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا عصفت الريح قال: ((اللهم إني أسألك خيرها وخير ما فيها وخير ما أرسلت به، وأعوذ بك من شرها وشر ما فيها وشر ما أُرسلت به))، وإذا تخيلت السماء (2) تغير لونه، وخرج ودخل، وأقبل وأدبر، فإذا مطرت سُرِّي عنه (3) فعرفتُ ذلك في وجهه، فسألته فقال: ((لعله يا عائشة كما قال قوم عاد:

{فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُّسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ

(1) ويقول إذا رأى المطر ((رحمة)) أي هذا رحمة، شرح النووي على صحيح مسلم،6/ 449.

(2)

تخيلت: من المخيلة بفتح الميم، وهي سحابة فيها رعد وبرق يخيل إليه أنها ماطرة، ويقال: أخالت: إذا تغيمت. شرح النووي على صحيح مسلم، 6/ 449.

(3)

سُرّي عنه: أي انكشف عنه الهم، يقال: سروت الثوب وسريته: إذا خلعته، والتشديد للمبالغة.

ص: 27

مُّمْطِرُنَا بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُم بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ} (1)).

وفي رواية عن عائشة رضي الله عنها أيضًا أنها قالت: ((ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم مستجمعًا ضاحكًا حتى أرى من لهواته، إنما كان يَتَبَسَّمُ، قالت: وكان إذا رأى غيمًا أو ريحًا عُرِف ذلك في وجهه، فقالت: يا رسول الله أرى الناس إذا رأوا الغيم فرحوا رجاء أن يكون فيه المطر، وأراك إذا رأيتَهُ عرفتُ في وجهك الكراهية؟ قالت: فقال: ((يا عائشة ما يُؤمِّنني أن يكون فيه عذاب، قد عُذِّب قوم بالريح، وقد رأى قوم العذاب فقالوا: {هَذَا عَارِضٌ مُّمْطِرُنَا} (2)) (3).

قال الإمام النووي رحمه الله تعالى في ذكره لفوائد روايات هذا الحديث: ((فيه الاستعداد بالمراقبة لله والالتجاء إليه عند اختلاف الأحوال وحدوث ما يخاف بسببه، وكان خوفه صلى الله عليه وسلم أن يعاقبوا بعصيان العصاة،

(1) سورة الأحقاف، الآية:24.

(2)

سورة الأحقاف، الآية:24.

(3)

مسلم، كتاب الاستسقاء، باب التعوذ عند رؤية الريح والغيم والفرح بالمطر، برقم 14، 15، 16 [899].

ص: 28

وسروره؛ لزوال سبب الخوف)) (1)، وقال صلى الله عليه وسلم:((نُصِرتُ بالصَّبا وأهلكت عاد بالدَّبور (2)) (3).

فهذا من هدي النبي صلى الله عليه وسلم وشدة خوفه من عذاب الله تعالى، وشفقته على أمته، فإذا كانت هذه حاله عليه الصلاة والسلام حينما يحدث الكسوف، أو الغيم والريح؛ لأن هذه من آيات الله التي قد تكون دالة على حدوث بلية أو نازلة، أو عذاب، فكيف بحالنا في هذه الأزمان التي كَثُرت فيها المعاصي، والغفلة، والإعراض، واللهو، وغير ذلك، ولا حول ولا قوة إلا بالله. فيجب علينا أن نلجأ إلى الله عز وجل ونلوذ به ونعتصم بحبله في جميع أحوالنا: في الرخاء والشدة، والسراء والضراء، وقد قال الله تعالى:{فَفِرُّوا إِلَى الله إِنِّي لَكُم مِّنْهُ نَذِيرٌ مُّبِينٌ} (4)، قال العلامة السعدي رحمه

(1) شرح النووي على صحيح مسلم، 6/ 449.

(2)

الصَّبا: بفتح الصاد ومقصورة، وهي الريح الشرقية، وأهلكت عاد بالدبور: وهي بفتح الدال، وهي الريح الغربية. شرح النووي على صحيح مسلم، 6/ 450.

(3)

مسلم، كتاب صلاة الاستسقاء، بابٌ: في ريح الصبا والدبور، برقم 900.

(4)

سورة الذاريات، الآية:50.

ص: 29

الله: ((فلما دعا العباد إلى النظر لآياته الموجبة لخشيته، والإنابة إليه أمر بما هو المقصود من ذلك: وهو الفرار إليه: أي الفرار مما يكرهه الله ظاهرًا وباطنًا، إلى ما يحبه ظاهرًا وباطنًا: فرار من الجهل إلى العلم، ومن الكفر إلى الإيمان، ومن المعصية إلى الطاعة، ومن الغفلة إلى ذكر الله، فمن استكمل هذه الأمور فقد استكمل الدين كله، وقد زال عنه المرهوب، وحصل له نهاية المراد والمطلوب، وسمى الله الرجوع إليه فرارًا؛ لأن في الرجوع لغيره أنواع المخاوف والمكاره، وفي الرجوع إليه أنواع المحاب، والأمن والسرور، والسعادة، والفوز، فيفرُّ العبد من قضائه، وقدره، إلى قضائه وقدره، وكل من خفت منه فررت منه إلا الله تعالى، فإنه بحسب الخوف منه يكون الفرار إليه)) (1).

ولشدة خوف النبي صلى الله عليه وسلم من الله عز وجل بكى في سجود صلاة الكسوف فينبغي الاقتداء به عليه الصلاة والسلام (2).

(1) تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان، ص812.

(2)

النسائي، كتاب الكسوف، باب القول في سجود صلاة الكسوف، برقم 1495، وصححه الألباني في صحيح النسائي، 1/ 480.

ص: 30