الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وإذا اجتمع كسوف وجمعة، أو كسوف وصلاة فريضة، أو كسوف ووتر، بدأ بأخوفهما فوتًا، فإن خيف فوتهما بدأ بالواجبة (1).
تاسعًا: تدرك الركعة من صلاة الكسوف بإدراك الركوع الأول
، فمن أدرك الركوع الأول فقد أدرك الركعة، ومن لم يدرك إلا الركوع الثاني فلا يعتد بهذه الركعة وعليه أن يقضي كل ركعة فاتته بركوعين؛ لأن العبادات توقيفية؛ ولأن الركوع الأول هو الركن، وهذا هو الصواب من أقوال أهل العلم (2).
عاشرًا: الصلاة للآيات: كالزلزلة
، والرجفة الشديدة، والريح الشديدة، وبياض الليل، وسواد النهار، والصواعق
(1) اختلف فيما إذا اجتمع كسوف وجنازة، فقيل تقدم صلاة الجنازة، وقيل: صلاة الكسوف، وإذا اجتمع كسوف وتراويح فالصواب أنه يبدأ بالكسوف إن شاء الله تعالى. انظر: المغني لابن قدامة، 3/ 331، والشرح الكبير لابن قدامة، 5/ 400، والروض المربع مع حاشية ابن قاسم، 2/ 536، والكافي لابن قدامة، 1/ 531.
(2)
انظر: المغني لابن قدامة، 3/ 332،والإنصاف مع المقنع والشرح الكبير،5/ 404، والروض المربع مع حاشية ابن قاسم، 2/ 536، والشرح الممتع لابن عثيمين،
5/ 259، وفتاوى اللجنة الدائمة برئاسة ابن باز، 8/ 324، ومجلة البحوث الإسلامية، العدد رقم 13، عام 1405، ص99.
المخيفة الشديدة، وكثرة المطر، وغير ذلك من الآيات المخيفة، اختلف العلماء رحمهم الله تعالى على ثلاثة أقوال:
القول الأول: لا يصلّى لأي آية إلا للزلزلة الدائمة وهو مذهب الحنابلة، قال الإمام ابن قدامة رحمه الله:((قال أصحابنا: يُصلَّى للزلزلة كصلاة الكسوف، نص عليه، وهو مذهب إسحاق، وأبي ثور، قال القاضي: ولا يصلي للرجفة، والريح الشديدة، والظلمة ونحوها، وقال الآمدي: يصلي لذلك، ورمي الكواكب، والصواعق، وكثرة المطر، وحكاه عن ابن أبي موسى (1).
وقال المرداوي رحمه الله: قوله: لا يصلي لشيء من الآيات إلا الزلزلة الدائمة: ((هذا المذهب إلا ما استثني، وعليه أكثر الأصحاب بل جماهيرهم، لِمَا روي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه صلى للزلزلة (2)،وعلي بن أبي طالب رضي الله عنه (3)، وعنه يصلي لكل
(1) المغني، لابن قدامة، 3/ 332 – 333.
(2)
عبد الرزاق، برقم 4929، وابن أبي شيبة، 2/ 472، والبيهقي، 3/ 343.
(3)
البيهقي، 3/ 343.
آية، وذكر الشيخ تقي الدين أن هذا قول محققي أصحابنا وغيرهم، كما دلت عليه السنن والآثار، ولولا أن ذلك قد يكون سببًا لشر وعذاب لم يصح التخويف به
…
)) (1).
القول الثاني: لا يُصلِّي لشيء من الآيات إلا الكسوف؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يصلِّ لغيره، ولا خلفاؤه، وقد كان في عصره بعض هذه الآيات، ولم يصلِّ لها إلا للكسوف، وهذا قول الإمام مالك والشافعي (2).
القول الثالث: يصلِّي لكل آية تخويف؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم علل الكسوف بأنه آية من آيات الله يخوِّف بها عباده؛ ولأن ابن عباس صلى للزلزلة بالبصرة (3)؛ ولِمَا روي عن علي رضي الله عنه (4)؛ ولِمَا ورد عن حذيفة رضي الله عنه أنه صلى بأصحابه بالمدائن مثل صلاة ابن عباس في الآيات (5)، وهو مذهب
(1) الإنصاف مع المقنع والشرح الكبير، 5/ 405.
(2)
المغني لابن قدامة، 3/ 333، والإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف مع المقنع والشرح الكبير، 5/ 405 – 406.
(3)
عبد الرزاق، برقم 4929، وتقدم تخريجه.
(4)
البيهقي، 3/ 343، وتقدم تخريجه.
(5)
عبد الرزاق، برقم 4930.
الإمام أبي حنيفة، وابن حزم، ورواية عن أحمد (1)، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية (2)، وقال العلامة ابن عثيمين رحمه الله:((وهو كما ترون له قوة عظيمة)) (3)، واختار شيخنا الإمام ابن باز رحمه الله أنه لا يصلي لأي آية إلا الكسوف، لا الزلزلة ولا غيرها؛ لأنه قد عُلِم من السنة أن العبادات توقيفية لا يشرع منها إلا ما دلّ عليه الكتاب والسنة الصحيحة (4)، والله تعالى أعلم، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
(1) انظر: المغني لابن قدامة، 3/ 333، والشرح الكبير، 5/ 406، والشرح الممتع لابن عثيمين، 5/ 256، وحاشية ابن قاسم على الروض المربع، 2/ 523.
(2)
الاختيارات الفقهية لابن تيمية، ص126.
(3)
الشرح الممتع لابن عثيمين، 5/ 258.
(4)
مجموع فتاوى الإمام ابن باز، 13/ 45.