الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الطَّبَقَة الْخَامِسَة وَالْعشْرُونَ وهم الَّذين كَانُوا فِي الْعشْرين الثَّالِثَة من الْمِائَة الثَّامِنَة
575 -
إِبْرَاهِيم بن إِسْحَاق بن ابراهيم القَاضِي شرف الدَّين الْمَنَاوِيّ الْمصْرِيّ أَخذ عَن عَمه الشَّيْخ ضِيَاء الدَّين وَغَيره من عُلَمَاء الْعَصْر وَسمع الحَدِيث من جمَاعَة وَأفْتى وأشغل بِالْعلمِ وَحدث وناب فِي الحكم ودرس بِجَامِع الْأَزْهَر وبدار الحَدِيث الفارقانية قَالَ الْإِسْنَوِيّ كَانَ عَالما فَاضلا دينا ثبتا وافر الْعقل كثير الْمُرُوءَة محافظا على أوقاته مُنْقَطِعًا عَن أَبنَاء الدُّنْيَا وَشرح فَرَائض الْوَسِيط شرحا جيدا وناب فِي الْقَضَاء وتحدث فِي أَعمال الديار المصرية كلهَا عَن القَاضِي عز الدَّين ابْن جمَاعَة فِي غيبته وحضوره وَلم يزل كَذَلِك إِلَى أَن توفّي وَقَالَ الْحَافِظ زين الدَّين الْعِرَاقِيّ أحد فضلاء الشَّافِعِيَّة
وَكَانَ فِيهِ إِحْسَان للطلبة وتودد لأهل الْخَيْر وَقَالَ الشَّيْخ سراج الدَّين بن الملقن شرح المعالمين فِي الْأُصُول قَرَأت عَلَيْهِ قِطْعَة مِنْهُ توفّي فِي رَجَب وَقيل فِي رَمَضَان سنة سبع بِتَقْدِيم السِّين وَخمسين وَسَبْعمائة وَدفن بتربتهم بِقرب الإِمَام الشَّافِعِي رضي الله عنه وَهُوَ أَخُو القَاضِي تَاج الدَّين الْمَنَاوِيّ ووالد قَاضِي الْقُضَاة صدر الدَّين
576 -
إِبْرَاهِيم بن لاجين بن عبد الله الرَّشِيدِيّ الْعَلامَة برهَان الدَّين الْمصْرِيّ مولده سنة ثَلَاث وَسبعين بِتَقْدِيم السِّين وسِتمِائَة تفقه على الشَّيْخ علم الدَّين الْعِرَاقِيّ وَقَرَأَ الْقرَاءَات على الشَّيْخ تَقِيّ الدَّين ابْن الصَّائِغ وَأخذ النَّحْو عَن الشَّيْخَيْنِ بهاء الدَّين ابْن النّحاس وَأبي حَيَّان وَالْأُصُول عَن الشَّيْخ
تَاج الدَّين البارنباري والمنطق عَن الشَّيْخ سيف الدَّين الْبَغْدَادِيّ وَسمع وَحدث ودرس وَأفْتى وشغل بِالْعلمِ وَمِمَّنْ أَخذ عَنهُ القَاضِي محب الدَّين نَاظر الْجَيْش والشيخان زين الدَّين الْعِرَاقِيّ وسراج الدَّين ابْن الملقن وَولي تدريس التَّفْسِير بالقبة المنصورية بعد موت الشَّيْخ أبي حَيَّان ومشيخة الخانقاه النجمية ظَاهر الْقَاهِرَة وخطب بِجَامِع الْأَمِير حُسَيْن بن حيدر وتصدر بِهِ مُدَّة وَعين لقَضَاء الْمَدِينَة فَلم يقبل قَالَ الْإِسْنَوِيّ كَانَ فَقِيها عَالما بالنحو وَالتَّفْسِير والقراءات طَبِيبا خيرا متوددا كَرِيمًا مَعَ فاقة متواضعا مَاشِيا على طَريقَة السّلف فِي طرح التَّكَلُّف وَقَالَ الصّلاح الصَّفَدِي أَقرَأ النَّاس فِي أصُول ابْن الْحَاجِب وتصريفه وَفِي التسهيل وَكَانَ يعرف الطِّبّ والحساب وَغير ذَلِك توفّي بِالْقَاهِرَةِ شَهِيدا بالطاعون فِي شَوَّال أَو فِي ذِي الْقعدَة سنة تسع وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة
577 -
إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن يُوسُف الإربلي الأَصْل الْغَزِّي ثمَّ الدِّمَشْقِي القَاضِي جمال الدَّين أَبُو إِسْحَاق الْمَعْرُوف بالحسباني وَولي قَضَاء حسبان وناب فِي الحكم بِدِمَشْق عَن ابْن جملَة وَاسْتمرّ فِي نِيَابَة الحكم أَكثر من عشْرين سنة وَأعَاد بِبَعْض الْمدَارِس قَالَ ابْن رَافع وَكَانَ مَشْهُورا بِالْخَيرِ والديانة والصرامة فِي أَحْكَامه وَحسن الْمُلْتَقى وَقَالَ ابْن كثير كَانَ مشكورا السِّيرَة فِي الْأَحْكَام وَقَالَ بَعضهم كَانَ من قُضَاة الْعدْل توفّي فِي ذِي الْقعدَة سنة خَمِيس وَخمسين وَسَبْعمائة جَاوز الثَّمَانِينَ بِثَلَاث سِنِين وَقيل أَكثر وَدفن بمقابر بَاب الصَّغِير
578 -
أَبُو بكر بن عبد الله الإِمَام الْعَالم البارع سيف الدَّين الحريري البعلبكي الدِّمَشْقِي ولد سنة نَيف وَتِسْعين بِتَقْدِيم التَّاء واشتغل فِي الْفِقْه والْحَدِيث ولازم الْحَافِظ الْمزي مُدَّة وَقَرَأَ الْعَرَبيَّة وَفضل فِيهَا وَقَرَأَ الْقرَاءَات
على الكفري وَسمع من جمَاعَة ودرس بالظاهرية البرانية عوضا عَن الشَّيْخ نور الدَّين الإردبيلي لما انْتقل إِلَى تدريس الناصرية واعاد بغَيْرهَا وَولي مشيخة فِي النَّحْو بالناصرية والإقراء بدار الحَدِيث الأشرفية ذكره الذَّهَبِيّ فِي المعجم الْمُخْتَص وَقَالَ فِيهِ الإِمَام المحصل ذُو الْفَضَائِل سمع وَكتب وتعب وأشغل وَأفَاد سمع مني وتالا بالسبع وَأعْرض عَليّ اشياء من فضلات الْعلم توفّي فِي ربيع الأول سنة سبع بِتَقْدِيم السِّين وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة وَدفن بالصوفية
579
- أَبُو بكر بن مُحَمَّد بن عمر بن الشَّيْخ الْكَبِير أبي بكر بن قوام بن عَليّ بن قوام بن مَنْصُور الشَّيْخ الْعَالم الصَّالح الْقدْوَة نجم الدَّين البالسي الأَصْل
الدِّمَشْقِي الْمَعْرُوف بِابْن قوام ولد فِي ذِي الْقعدَة سنة تسعين وَسمع وتفقه وَكَانَ شيخ زَاوِيَة وَالِده ودرس فِي آخر عمره بالرباط الناصري وَحدث وَسمع مِنْهُ الْحُسَيْنِي وَآخَرُونَ قَالَ ابْن كثير كَانَ رجلا حسنا جميل المعاشرة فِيهِ أَخْلَاق وأداب حَسَنَة وَعِنْده فقه ومذاكرة ومحبة للْعلم وَقَالَ ابْن رَافع كَانَ حسن الْخلق كريم النَّفس جميل الْهَيْئَة مَشْهُورا بِالْخَيرِ والديانة كثير التودد مَاتَ فِي رَجَب سنة سِتّ وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة وَدفن بزاويتهم إِلَى جَانب وَالِده
580 -
أَحْمد بن الْحسن بن يُوسُف الإِمَام الْعَلامَة فَخر الدَّين الجاربردي نزيل تبريز أحد شُيُوخ الْعلم الْمَشْهُورين بِتِلْكَ الْبِلَاد والمتصدي لشغل الطّلبَة وَشرح الْمِنْهَاج للبيضاوي وَالْحَاوِي الصَّغِير وَلم يكمله وَشرح تصريف ابْن الْحَاجِب وَله على الْكَشَّاف حواش مفيدة قَالَ السُّبْكِيّ فِي الطَّبَقَات كَانَ إِمَامًا فَاضلا دينا خيرا وقورا مواظبا على الشّغل بِالْعلمِ وإفادة الطّلبَة اجْتمع بِالْقَاضِي نَاصِر الدَّين الْبَيْضَاوِيّ وَأخذ عَنهُ على مَا بَلغنِي وَقَالَ
الْإِسْنَوِيّ كَانَ عَالما دينا وقورا مواظبا على الإشغال والاشتغال والتصنيف توفّي بتبريز فِي شهر رَمَضَان سنة سِتّ وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة وجده يُوسُف أحد شُيُوخ الْعلم الْمَشْهُورين بِتِلْكَ الْبِلَاد والمتصدي لشغل الطّلبَة وَله تصانيف مَعْرُوفَة وَعنهُ أَخذ الشَّيْخ نور الدَّين الأردبيلي وَغَيره كَذَا نقلته من خطّ بعض الْحفاظ
581 -
أَحْمد بن عبد الرَّحْمَن بن عبد الله الدِّمَشْقِي الشَّيْخ الْعَالم القَاضِي شهَاب الدَّين الْمَعْرُوف بالظاهري مولده فِي شَوَّال سنة ثَمَان وَسبعين وسِتمِائَة وَقيل سنة خمس وَسبعين وَسمع من جمَاعَة تفقه على الشَّيْخ برهَان الدَّين الْفَزارِيّ وَحدث سمع مِنْهُ البرزالي والذهبي وَولده القَاضِي تَقِيّ الدَّين ودرس بالأمجدية والمجنونية وَأعَاد بعدة مدارس وَأفْتى وَولي
قَضَاء الركب سِنِين كَثِيرَة وَحج بضعا وَثَلَاثِينَ مرّة وزار الْقُدس أَكثر من سِتِّينَ مرّة قَالَ ابْن رَافع تفقه وَأعَاد ودرس وَأفْتى ونظم الشّعْر وَحج مَرَّات وَصَحب الصَّالِحين وَقَالَ ابْن كثير كَانَت لَهُ يَد جَيِّدَة فِي الشّعْر ويحفظ كثيرا مِنْهُ وَهُوَ حسن المجالسة والمحاضرة توفّي فِي شعْبَان سنة خمس وَخمسين وَسَبْعمائة وَدفن بقاسيون
582 -
احْمَد بن عبد الْمُؤمن الشَّيْخ الإِمَام الرباني عَلَاء الدَّين السُّبْكِيّ ثمَّ النَّوَوِيّ نِسْبَة إِلَى نوى من أَعمال القليوبية وَكَانَ خَطِيبًا بهَا تفقه على الشَّيْخ عز الدَّين النشائي وَغَيره وَكتب شرحا على التَّنْبِيه فِي أَربع مجلدات وصنف كتابا آخر اخْتَار فِيهِ ترجيحات مُخَالفَة لما رَجحه الرَّافِعِيّ وَالنَّوَوِيّ ذكره الْحَافِظ زين الدَّين الْعِرَاقِيّ وَقَالَ كَانَ رجلا صَالحا صَاحب أَحْوَال ومكاشفات شاهدت ذَلِك مِنْهُ غير مرّة وَكَانَ سليم الصَّدْر ناصحا لِلْخلقِ قانعا باليسير باذلا للفضل بل لقوت يَوْمه مَعَ حَاجته إِلَيْهِ توفّي سنة تسع بِتَقْدِيم التَّاء وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة
583 -
أَحْمد بن عمر بن أَحْمد بن أَحْمد بن مهْدي الإِمَام الْعَالم الْمُحَرر كَمَال الدَّين أَبُو الْعَبَّاس بن الإِمَام الْعَالم الْوَرع عز الدَّين أبي حَفْص الْمصْرِيّ النشائي خطيب جَامع الخطيري ولد فِي ذِي الْقعدَة سنة إِحْدَى وَتِسْعين وسِتمِائَة وَسمع من الْحَافِظ الدمياطي وَرَضي الدَّين الط ي وَجَمَاعَة واشتغل على وَالِده وَغَيره من مَشَايِخ الْعَصْر ودرس بِجَامِع الخطيري وخطب بِهِ وَأم أول مَا بنى وَأعَاد بالظاهرية والصالحية وَغَيرهمَا وصنف التصانيف المفيدة الجامعة المحررة مِنْهَا الْمُنْتَقى فِي خمس مجلدات جمع فِيهِ بَين شرحي الرَّافِعِيّ وَالرَّوْضَة وَشرح الْمُهَذّب والكفاية احكاما وتعليلا وجامع المختصرات فِي مُجَلد اعْتمد فِيهِ الْحَاوِي وَزَاد فِيهِ الْخلاف قَالَ ابْن الملقن فِي طبقاته سمعته
يَحْكِي أَنه غَيره ثَلَاث عشرَة مرّة وَلَو مد فِي عمره لزاد فِيهِ وَنقص وَشَرحه فِي ثَلَاث مجلدات ونكت التَّنْبِيه وَهُوَ كتاب مُفِيد والإبريز فِي الْجمع بَين الْحَاوِي وَالْوَجِيز وكشف غطاء الْحَاوِي ومختصر سلَاح الْمُؤمن وكل مصنفاته نفيسة إِلَّا أَن عِبَارَته قَوِيَّة وَكَلَامه مُخْتَصر جدا وَفِي فهمه عسر فَلذَلِك أحجم كثير من النَّاس عَن تصانيفه وَقد حدث سمع مِنْهُ الْحَافِظ زين الدَّين الْعِرَاقِيّ والمقرىء شهَاب الدَّين ابْن رَجَب ذكره رَفِيقه الْإِسْنَوِيّ فِي طبقاته وَقَالَ كَانَ إِمَامًا حَافِظًا للْمَذْهَب كَرِيمًا متصوفا طارحا للتكلف وَفِي أخلاقه حِدة كوالده وَقَالَ الْحَافِظ زين الدَّين الْعِرَاقِيّ انْتفع النَّاس بِهِ وَكَانَ منبسطا حسن المعاشرة توفّي فِي صفر سنة سبع بِتَقْدِيم السِّين وَخمسين وَسَبْعمائة وَدفن بالقرافة الصُّغْرَى وَقع فِي طَبَقَات السُّبْكِيّ الْكُبْرَى وَالصُّغْرَى أَنه توفّي سنة ثَمَان وَوهم فِي ذَلِك وَقَالَ ابْن رَجَب فِي مُعْجَمه توفّي سنة سِتّ وَخمسين وَهُوَ وهم أَيْضا وَمَا ذَكرْنَاهُ هُوَ الصَّوَاب وإياه ذكره الْإِسْنَوِيّ والعراقي والحسيني وَغَيرهم
584
- أَحْمد بن مُحَمَّد بن قيس الإِمَام الْعَلامَة شهَاب الدَّين أَبُو الْعَبَّاس الْمَعْرُوف بِابْن الانصاري وبابن الظهير فَقِيه الديار المصرية وعالمها ولد فِي
حُدُود السِّتين وسِتمِائَة وَأخذ عَن الظهير والسديد التزمنتيين والضياء جَعْفَر وبرع فِي الْمَذْهَب وَسمع من جمَاعَة ودرس وَأفْتى وشغل بِالْعلمِ وشاع اسْمه وَبعد صيته وَحدث بِالْقَاهِرَةِ والإسكندرية ودرس بِالْقَاهِرَةِ بالهكارية وبالخشابية ثمَّ خرج عَنهُ لإيجار وَقفه لبَعض المتجوهين ثمَّ فوض إِلَيْهِ تدريس الشامية البرانية والعذراوية بِدِمَشْق عوضا عَن ابْن الزملكاني لما ولى قَضَاء حلب فَأعْطى المدرستين للشَّيْخ زين الدَّين ابْن المرحل وَأخذ مِنْهُ المشهد الْحُسَيْنِي وباشره إِلَى أَن مَاتَ قَالَ الشَّيْخ تَقِيّ الدَّين السُّبْكِيّ لم يكن بَقِي من الشَّافِعِيَّة أكبر مِنْهُ وَقَالَ الْإِسْنَوِيّ فِي طبقاته كَانَ إِمَامًا فِي الْفِقْه والأصلين وَمَات وَهُوَ شيخ الشَّافِعِيَّة بالديار المصرية وَكَانَ فصيحا إِلَّا أَنه كَانَ لَا يعرف النَّحْو فَكَانَ يلحن كثيرا وَقَالَ الشَّيْخ زين الدَّين الْعِرَاقِيّ فِي ذيله فَقِيه الْقَاهِرَة وَكَانَ مدَار الْفتيا بِالْقَاهِرَةِ عَلَيْهِ وعَلى الشَّيْخ
شمس الدَّين بن عَدْلَانِ توفّي شَهِيدا بالطاعون فِي يَوْم عيد الْأَضْحَى وَقيل يَوْم عَرَفَة سنة تسع وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة
585
- أَحْمد بن مُوسَى بن خفاجا الشَّيْخ شهَاب الدَّين الصَّفَدِي شيخ صفد مَعَ ابْن الرسام وَبعده أَخذ عَن ابْن الزملكاني وَغَيره قَالَ العثماني فِي طبقاته كَانَ ماهرا فِي الْفَرَائِض والوصايا نقالا للفروع الْكَثِيرَة انْقَطع بقرية بِقرب صفد يُفْتى ويصنف ويفيد وَيعْمل بِيَدِهِ فِي الزِّرَاعَة لقُوته وقوت أَهله وَلَا يقبل شَيْئا وَلَا يقبل وَظِيفَة وَله مصنفات كَثِيرَة نافعة مِنْهَا شرح التَّنْبِيه فِي عشر مجلدات ومختصر فِي الْفِقْه سَمَّاهُ الْعُمْدَة جمع فِيهِ خُلَاصَة الرَّوْضَة وَشرح الْأَرْبَعين للنواوي فِي مُجَلد ضخم وَغير ذَلِك لَكِن لم يشْتَهر شَيْء مِنْهَا وَبَلغنِي أَن شَرحه على التَّنْبِيه مَوْجُود بصفد توفّي سنة خمسين بصفد
586 -
أَحْمد بن يحيى بن فضل الله بن مجلى الْقرشِي الْعمريّ القَاضِي الْكَبِير
الإِمَام الأديب البارع شهَاب الدَّين ابو الْعَبَّاس بن القَاضِي الْكَبِير محيي الدَّين بن فضل الله ولد بِدِمَشْق فِي شَوَّال سنه سَبْعمِائة وَسمع بِالْقَاهِرَةِ ودمشق من جمَاعَة وَتخرج فِي الْأَدَب بوالده وبالشهاب مَحْمُود وَأخذ الْأُصُول عَن الْأَصْفَهَانِي والنحو عَن أبي حَيَّان وَالْفِقْه عَن الشَّيْخ برهَان الدَّين الْفَزارِيّ وَالشَّيْخ كَمَال الدَّين ابْن الزملكاني وَغَيرهمَا من عُلَمَاء الْعَصْر وباشر كِتَابَة السِّرّ بِمصْر نِيَابَة عَن وَالِده ثمَّ إِنَّه فاجأ السُّلْطَان بِكَلَام غليظ فَإِنَّهُ كَانَ قوي النَّفس وأخلاقه شرسة فَأَبْعَده السُّلْطَان وصادره وسجنه بالقلعة ثمَّ ولي كِتَابَة السِّرّ بِدِمَشْق فِي أول سنة إِحْدَى وَأَرْبَعين فباشره سنتَيْن وأشهرا إِلَى أَن عزل ورسم عَلَيْهِ أَرْبَعَة أشهر وَطلب إِلَى مصر فشفع فِيهِ أَخُوهُ عَلَاء الدَّين فَعَاد إِلَى دمشق وَاسْتمرّ بطالا إِلَى أَن مَاتَ ورتب لَهُ مرتبات كَثِيرَة وصنف كتاب مسالك الْأَبْصَار فِي ممالك الْأَمْصَار فِي سَبْعَة وَعشْرين مجلدا وَهُوَ كتاب جليل مَا صنف مثله وفواصل السمر فِي فَضَائِل عمر فِي أَربع مجلدات والتعريف بالمصطلح وَله ديوَان فِي المدائح النَّبَوِيَّة وَغير ذَلِك ذكره الذَّهَبِيّ فِي المعجم الْمُخْتَص وَقَالَ صَاحب النّظم والنثر والمآثر سمع الحَدِيث وَقَرَأَ على الشُّيُوخ وَله
تصانيف كَثِيرَة أدبية وَبَاعَ أطول فِي الصناعتين وبراعة فِي البلاغتين وَقَالَ ابْن كثير كَانَ يشبه بِالْقَاضِي الْفَاضِل فِي زَمَانه وَله مصنفات عديدة بِعِبَارَة جَيِّدَة وَكَانَ حسن المذاكرة سريع الاستحضار جيد الْحِفْظ فصيح اللِّسَان جميل الْأَخْلَاق يحب الْعلمَاء والفقراء توفّي شَهِيدا بالطاعون يَوْم عَرَفَة سنة تسع وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة وَدفن بتربتهم قبالة اليغمورية مَعَ أَبِيه وأخيه رَحِمهم الله تَعَالَى وَفِي ذكره فِي طَبَقَات الشَّافِعِيَّة نوع تسَامح
587
- احْمَد بن يُوسُف بن مُحَمَّد وَقيل عبد الدَّائِم الْعَلامَة شهَاب الدَّين أَبُو الْعَبَّاس الْحلَبِي ثمَّ الْمصْرِيّ النَّحْوِيّ المقرىء الْفَقِيه الْمَعْرُوف بِابْن السمين قَرَأَ النَّحْو على أبي حَيَّان والقراءات على ابْن الصَّائِغ وَسمع وَولي تصدير إقراء النَّحْو بالجامع الطولوني وَأعَاد بالشافعي وناب فِي الحكم بِالْقَاهِرَةِ وَولي نظر الْأَوْقَاف بهَا وصنف تصانيف حَسَنَة مِنْهَا تَفْسِير الْقُرْآن مطول وَقد بَقِي مِنْهُ أوراق قَلَائِل قَالَ الْحُسَيْنِي فِي عشْرين سفرا وإعراب الْقُرْآن سَمَّاهُ الدّرّ المصون فِي أَرْبَعَة أَجزَاء ومادته فِيهِ من تَفْسِير شَيْخه أبي حَيَّان إِلَّا أَنه زَاد عَلَيْهِ وناقشه فِي
مَوَاضِع مناقشة حَسَنَة وَأَحْكَام الْقُرْآن وَشرح التسهيل شرحا مُخْتَصرا من شرح أبي حَيَّان وَشرح الشاطبية قَالَ الاسنوي كَانَ فَقِيها بارعا فِي النَّحْو وَالتَّفْسِير وَعلم الْقِرَاءَة وَيتَكَلَّم فِي الْأُصُول خيرا دينا توفّي فِي جُمَادَى الْآخِرَة وَقيل فِي شعْبَان سنة سِتّ وَخمسين وَسَبْعمائة بِالْقَاهِرَةِ
588
- إِسْمَاعِيل بن يحيى بن إِسْمَاعِيل بن مَمْدُود قَاضِي الْقُضَاة فَخر الدَّين أَبُو إِبْرَاهِيم التَّمِيمِي الشِّيرَازِيّ قَالَ السُّبْكِيّ فِي الطَّبَقَات الْكُبْرَى تفقه على وَالِده وَقَرَأَ التَّفْسِير على قطب الدَّين السعار صَاحب التَّقْرِيب على الْكَشَّاف وَولي قَضَاء الْقُضَاة بِفَارِس وَهُوَ ابْن خمس عشرَة سنة وعزل بعد مُدَّة بِالْقَاضِي نَاصِر الدَّين الْبَيْضَاوِيّ ثمَّ أُعِيد بعد سِتَّة أشهر وَاسْتمرّ على الْقَضَاء خمْسا وَسبعين سنة وَكَانَ مَشْهُورا بِالدّينِ وَالْخَيْر والمكارم وَله شرح مُخْتَصر ابْن الْحَاجِب ومختصر فِي الْكَلَام ونظم كثير توفّي بشيراز فِي رَجَب سنة سِتّ وَخمسين وَسَبْعمائة عَن أَربع وَتِسْعين سنة وامتداد عمره أوجب تَأَخره عَن أهل طبقته
589
- جَعْفَر بن ثَعْلَب بن جَعْفَر بن عَليّ الإِمَام الْعَلامَة الأديب البارع ذُو الْفُنُون كَمَال الدَّين أَبُو الْفضل الأدفوي ولد فِي شعْبَان سنة خمس وَثَمَانِينَ وَقيل خمس وَسبعين وسِتمِائَة وَسمع الحَدِيث بقوص والقاهرة وَأخذ الْمَذْهَب والعلوم عَن عُلَمَاء ذَلِك الْعَصْر مِنْهُم ابْن دَقِيق الْعِيد وَالشَّيْخ عَلَاء الدَّين القونوي وَالْقَاضِي بدر الدَّين ابْن جمَاعَة وَالشَّيْخ شمس الدَّين الْجَزرِي وتأدب بِجَمَاعَة مِنْهُم أَبُو حَيَّان وَحمل عَنهُ أَشْيَاء وَصَحبه من سنة ثَمَان عشرَة إِلَى حِين وَفَاته وَذكر فِي كِتَابه الْبَدْر السافر فِي تَرْجَمَة الشَّيْخ أبي حَيَّان أَن أَبَا حَيَّان امتدحه بقصيدتين رائية ولامية قَالَ وَسمع مني جُزْء حَدِيث خرجته والطالع السعيد تصنيفي حبا للْعلم وحرصا عَلَيْهِ قَالَ الْإِسْنَوِيّ كَانَ مشاركا فِي عُلُوم مُتعَدِّدَة أديبا شَاعِرًا ذكيا كَرِيمًا طارحا للتكلف ذَا مُرُوءَة كَثِيرَة صنف فِي أَحْكَام السماع كتابا نفيسا سَمَّاهُ بالإمتاع أنبأ فِيهِ عَن اطلَاع كثير فَإِنَّهُ كَانَ يمِيل الى ذَلِك ميلًا كثيرا ويحضره سمع
وَحدث ودرس وَأعَاد وَلم يتَزَوَّج وَلم يتسر لفقدان دَاعِيَة ذَلِك عِنْده وَقَالَ أَبُو الْفضل الْعِرَاقِيّ كَانَ من فضلاء أهل الْعلم صنف تَارِيخا للصعيد ومصنفا فِي حل السماع سَمَّاهُ كشف القناع وَغير ذَلِك وَقَالَ الصّلاح الصَّفَدِي صنف الإمتاع فِي أَحْكَام السماع والطالع السعيد فِي تأريخ الصَّعِيد والبدر السافر فِي تحفة الْمُسَافِر فِي التأريخ أنْتَهى وَكتابه الْبَدْر السافر فِي مجلدين فِيهِ تراجم على أسلوب وفيات ابْن خلكان وغالب من ترْجم فِيهِ من كَانَ فِي الْمِائَة السَّابِعَة وَفِيه تراجم كَثِيرَة مِمَّن كَانَ فِي الْمِائَة السَّادِسَة وَبَعض فِيمَن كَانَ فِي الْخَامِسَة وَفِيه فَوَائِد وغرائب وَقد كتب على مُقَدّمَة شرح الْمُهَذّب أَشْيَاء حَسَنَة وَزَاد أَشْيَاء مهمة ووقفت لَهُ على مَجْمُوع فِيهِ فَوَائِد فقهية اعتنى فِيهَا بِالنَّقْلِ وَله فِيهَا مبَاحث حَسَنَة وَجمع لنَفسِهِ جُزْءا سَمَّاهُ الْغرَر المأثورة والدرر الْمَنْظُومَة والمنثورة قيل إِنَّه توفّي فِي صفر سنة ثَمَان وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة وَقيل فِي السّنة الْآتِيَة وَقَالَ الْإِسْنَوِيّ قبيل الطَّاعُون الْوَاقِع فِي سنة تسع وَأَرْبَعين وعمره مَا بَين السِّتين وَالسبْعين وَدفن بمقابر الصُّوفِيَّة وأدفو بدال مُهْملَة وَقيل بِمُعْجَمَة سَاكِنة وَفَاء مَضْمُومَة وواو سَاكِنة قَالَ الْإِسْنَوِيّ وَهِي بَلْدَة فِي أَوَاخِر الْأَعْمَال القوصية قريبَة من أسوان وَقَالَ غَيره قَرْيَة بالجانب الغربي من نيل مصر وَفِي كَلَام الصَّفَدِي مَا يُؤَيّدهُ وَلَعَلَّ هَذَا الِاسْم مُشْتَرك بَين الْبَلَد والقرية وَالْمَذْكُور مَنْسُوب إِلَى الْقرْيَة ثمَّ رَأَيْت ياقوت قد قَالَ إِنَّهَا قَرْيَة بصعيد مصر الْأَعْلَى وأدفو أَيْضا قَرْيَة بِمصْر من كورة الْبحيرَة وَيُقَال أتفو بِالتَّاءِ الْمُثَنَّاة فيهمَا
590
- الْحُسَيْن بن عَليّ بن عبد الْكَافِي بن عَليّ بن تَمام بن يُوسُف بن مُوسَى بن تَمام الْأنْصَارِيّ الخزرجي السُّبْكِيّ الْمصْرِيّ ثمَّ الدِّمَشْقِي القَاضِي الإِمَام الْعَالم جمال الدَّين أَبُو الطّيب ابْن الشَّيْخ الإِمَام شيخ الْإِسْلَام تَقِيّ الدَّين أبي الْحسن السُّبْكِيّ ولد فِي رَجَب سنة اثْنَتَيْنِ وَعشْرين وَسَبْعمائة بِمصْر وأحضره أَبوهُ على جمَاعَة من الْمَشَايِخ وَسمع البُخَارِيّ على الحجار لما ورد مصر وتفقه على وَالِده وعَلى السنكلومي وَغَيره وَأخذ النَّحْو عَن أبي حَيَّان وَالْأُصُول عَن الْأَصْفَهَانِي وَقدم دمشق مَعَ وَالِده سنة تسع وَثَلَاثِينَ ثمَّ طلب الحَدِيث بِنَفسِهِ وَقَرَأَ على الْمزي والذهبي وَأخذ الْفِقْه عَن الشَّيْخ شمس الدَّين ابْن النَّقِيب ثمَّ رَجَعَ إِلَى مصر ودرس بالهكارية ثمَّ عَاد إِلَى الشَّام
وَأفْتى وناظر وناب عَن وَالِده فِي أَوَائِل سنة خمس وَأَرْبَعين ودرس بالشامية البرانية والعذراوية والدماغية وَجمع كتابا فِيمَن اسْمه الْحُسَيْن بن عَليّ قَالَ ابْن رَافع سمع بِدِمَشْق والقاهرة من جمَاعَة كَثِيرَة وَحدث بِقِطْعَة من كتاب من اسْمه الْحُسَيْن بن عَليّ وَكَانَ ذكي الْفطْرَة وَقَالَ ابْن كثير وَكَانَ يحكم جيدا نظيف الْعرض فِي ذَلِك ودرس بعدة مدارس وَأفْتى وتصدر وَكَانَ لَدَيْهِ فَضِيلَة جَيِّدَة فِي النَّحْو وَالْفِقْه والفرائض وَغير ذَلِك وَقَالَ أَخُوهُ فِي الطَّبَقَات الْكُبْرَى وَكَانَ من أذكياء الْعَالم وَكَانَ عجبا فِي استحضار التسهيل ودرس بِالْآخرِ عَليّ الْحَاوِي الصَّغِير وَكَانَ عجبا فِي استحضاره وَقَالَ الْحُسَيْنِي كَانَ من قُضَاة الْعدْل توفّي فِي شهر رَمَضَان سنة خمس وَخمسين وَسَبْعمائة قبل وَالِده بِتِسْعَة أشهر وَدفن بتربتهم بقاسيون
591 -
سُلَيْمَان بن جَعْفَر محيي الدَّين أَبُو الرّبيع الْإِسْنَوِيّ الْمصْرِيّ ولد فِي أَوَائِل سنة سَبْعمِائة وأشغل وَأفْتى ودرس بمشهد السِّت نفيسة والفخرية ذكره ابْن أَخِيه
الشَّيْخ جمال الدَّين الْإِسْنَوِيّ فِي طبقاته وَقَالَ كَانَ فَاضلا مشاركا فِي عُلُوم ماهرا فِي الْجَبْر والمقابلة صنف طَبَقَات فُقَهَاء الشَّافِعِيَّة وَمَات عَنْهَا وَهِي مسودة لَا ينْتَفع بهَا توفّي فِي جُمَادَى الْآخِرَة سنة سِتّ وَخمسين وَسَبْعمائة وَدفن بتربة الصُّوفِيَّة خَارج بَاب النَّصْر
592 -
سنجر بن عبد الله الْأَمِير الْكَبِير علم الدَّين الجاولي ولد سنة ثَلَاث وَخمسين وسِتمِائَة بآمد ثمَّ صَار لأمير من الظَّاهِرِيَّة يُسمى جاولي وانتقل بعد مَوته إِلَى بَيت الْمَنْصُور وتنقلت بِهِ الْأَحْوَال إِلَى أَن صَار مقدما بِالشَّام وَكَانَت دَاره بِدِمَشْق غربي جَامع تنكز وَبَعضهَا شمالية فَسَأَلَهُ تنكز عِنْد بِنَاء الْجَامِع إِضَافَة مَا بَين جَامعه وَبَين الميدان وَكَانَ هُنَاكَ أصطبل وَغَيره فَأبى ذَلِك كل الإباء ووقفها وَكَانَ ذَلِك سَببا لنقله من دمشق ثمَّ ولي نِيَابَة غَزَّة ثمَّ قبض عَلَيْهِ فِي شعْبَان
سنة عشْرين اتهمَ بِأَنَّهُ يُرِيد الدُّخُول إِلَى الْيمن وسجن بالإسكندرية واختبط على أَمْوَاله ثمَّ أفرج عَنهُ آخر سنة ثَمَان وَعشْرين ثمَّ اسْتَقر أَمِيرا مقدما بِمصْر وَاسْتقر من أُمَرَاء المشورة ثمَّ ولي حماة بعد موت النَّاصِر مُدَّة يسيرَة ثمَّ نقل إِلَى نِيَابَة غَزَّة فَأَقَامَ بهَا أَرْبَعَة أشهر ثمَّ عَاد إِلَى مصر وَقد روى مُسْند الشَّافِعِي عَن قَاضِي الشوبك دانيال بن منكلي وَحدث بِهِ غير مرّة ورتب مُسْند الشَّافِعِي ترتيبا حسنا وَشَرحه فِي مجلدات بمعاونة غَيره جمع بَين شرحيه لِابْنِ الْأَثِير والرافعي وَزَاد عَلَيْهِمَا من شرح مُسلم للنووي وَبنى جَامعا بالخليل فِي غَايَة الْحسن جَامعا بغزة ومدرسة بهَا وخانقاه بِظَاهِر الْقَاهِرَة قَالَ ابْن كثير وقف أوقافا كَثِيرَة بغزة والخليل والقدس وَغَيرهَا وَكَانَ لَهُ معرفَة بِمذهب الشَّافِعِي ورتب الْمسند ترتيبا حسنا فِيمَا رَأَيْته وَشَرحه فِي مجلدات فِيمَا بَلغنِي وَقَالَ السُّبْكِيّ فِي الطَّبَقَات الْكُبْرَى كَانَ رجلا فَاضلا يستحضر كثيرا من نُصُوص الشَّافِعِي وَقَالَ الْحَافِظ زين الدَّين الْعِرَاقِيّ إِنَّه رتب الْأُم للشَّافِعِيّ توفّي فِي رَمَضَان سنة خمس وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة وَدفن بالخانقاه الَّتِي أَنْشَأَهَا
593 -
عبد الْبَاقِي بن عبد الْمجِيد بن عبد الله الإِمَام الأديب البارع تَاج الدَّين أَبُو المحاسن المَخْزُومِي الْيَمَانِيّ الأَصْل الْمَكِّيّ ولد فِي رَجَب سنة ثَمَانِينَ وسِتمِائَة بِمَكَّة وَقدم دمشق ومصر وحلب وَأقَام بِالْيمن مُدَّة وَولي الوزارة ثمَّ عزل وصودر ثمَّ اسْتَقر بالقدس ودرس بِهِ وأشغل وَله تواليف مِنْهَا مطرب السّمع فِي شرح حَدِيث أم زرع وَمِنْهَا لقطَة العجلان الْمُخْتَصر من وفيات الْأَعْيَان وَذكر أَن عدَّة من فِي الأَصْل سَبْعمِائة وَسِتِّينَ مِنْهُم عشر نسْوَة وَألْحق فِي آخِره من عِنْده ذيلا تراجم اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ نفسا مِمَّن عاصره على طَريقَة الْإِنْشَاء سمع مِنْهُ البرزالي والذهبي وذكراه فِي معجميهما وَابْن رَافع وخلائق وَقد سمع من شعره وَكتب عَنهُ مِنْهُ الشَّيْخ أَبُو حَيَّان وَأثْنى عَلَيْهِ ثَنَاء كثيرا قَالَ البرزالي فِي مُعْجَمه هُوَ من أَعْيَان الأدباء نظما ونثرا وَله فَضَائِل كَثِيرَة بليغة وفوائد وَمن المشتغلين بِالْعلمِ فقها وأصولا وصنوف الْأَدَب ومدح الأكابر وَأخذ جوائزهم وَقَالَ بعض الْمُتَأَخِّرين كَانَت لَهُ قدرَة على النّظم والنثر إِلَّا أَنه لَيْسَ لَهُ غوص على الْمعَانِي وَكَانَ يحط على القَاضِي الْفَاضِل ويرجح الضياء ابْن الْأَثِير عَلَيْهِ وَعمل تأريخا للنحاة وَحكى عَن غَيره أَن لَهُ اخْتِصَار
الصِّحَاح توفّي بِالْقَاهِرَةِ فِي شهر رَمَضَان سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة وَدفن بمقبرة الصُّوفِيَّة
594
- عبد الرَّحْمَن بن أَحْمد بن عبد الْغفار قَاضِي قُضَاة الشرق وَشَيخ الْعلمَاء بِتِلْكَ الْبِلَاد الْعَلامَة عضد الدَّين الإيجي بِكَسْر الْهمزَة وَإِسْكَان الْمُثَنَّاة من تَحت ثمَّ جِيم مَكْسُورَة الشِّيرَازِيّ شَارِح مُخْتَصر ابْن الْحَاجِب الشَّرْح الْمَشْهُور وَغير ذَلِك من المؤلفات الْمَشْهُورَة فِي الْعُلُوم الكلامية والعقلية ذكره الْإِسْنَوِيّ فِي طبقاته وَقَالَ كَانَ إِمَامًا فِي عُلُوم مُتعَدِّدَة محققا مدققا ذَا تصانيف مَشْهُورَة مِنْهَا شرح الْمُخْتَصر لِأَبْنِ الْحَاجِب والمواقف والجواهر غَيرهَا فِي علم الْكَلَام والفوائد الغياثية فِي الْمعَانِي وَالْبَيَان وَكَانَ صَاحب ثروة وجود وإكرام للوافدين عَلَيْهِ تولى قَضَاء الْقُضَاة بمملكة أبي سعيد فحمدت سيرته وَقَالَ السُّبْكِيّ فِي الطَّبَقَات الْكُبْرَى كَانَ إِمَامًا فِي المعقولات عَارِفًا بالأصلين والمعاني وَالْبَيَان والنحو مشاركا فِي الْفِقْه لَهُ فِي علم الْكَلَام كتاب
المواقف وَغَيرهَا فِي أصُول الْفِقْه شرح الْمُخْتَصر وَفِي الْمعَانِي وَالْبَيَان الْفَوَائِد الغياثية وَكَانَت لَهُ سَعَادَة مفرطة وَمَال جزيل وإنعام على طلبة الْعلم وَكلمَة نَافِذَة مولده بإيج بعد سنة ثَمَان وَسَبْعمائة واشتغل على الشَّيْخ زين الدَّين الهنكي تلميذ القَاضِي نَاصِر الدَّين الْبَيْضَاوِيّ وَغَيره وَكَانَت أَكثر إِقَامَته أَولا بِمَدِينَة السُّلْطَانِيَّة وَولي فِي أَيَّام أبي سعيد قَضَاء الممالك ثمَّ انْتقل إِلَى إيج وَتُوفِّي مسجونا بقلعة بِقرب إيج غضب عَلَيْهِ صَاحب كرمان فحبسه بهَا وَاسْتمرّ مَحْبُوسًا إِلَى أَن مَاتَ سنة سِتّ وَخمسين وَسَبْعمائة كَذَا قَالَه السُّبْكِيّ وَقَالَ الْإِسْنَوِيّ إِنَّه توفّي سنة ثَلَاث وَخمسين وأنجب تلاميذه اشتهروا فِي الْآفَاق مثل شمس الدَّين الْكرْمَانِي وضياء الدَّين العفيفي وَسعد الدَّين التَّفْتَازَانِيّ وَغَيرهم قلت وَالشَّيْخ سعد الدَّين التَّفْتَازَانِيّ فِي حَاشِيَة الْعَضُد كثير الثَّنَاء عَلَيْهِ ويصفه بالمحقق قَالَ فِي بعض الْمَوَاضِع وَبِالْجُمْلَةِ لما كَانَ النَّاظر فِي الشُّرُوح لَا يحصل فِي الْمقَام على طائل حاول الشَّارِح الْمُحَقق شكر الله سَعْيه على مَا هُوَ دأبه فِي تَحْقِيق الْمقَام وَتَفْسِير الْكَلَام على وَجه لَيْسَ للنَّاظِر فِيهِ سوى أَن يَسْتَفِيد وحاشاه أَن ينقص أَو يزِيد وَقَالَ فِي أول الاعتراضات وَاعْلَم أَن
الشَّارِح الْمُحَقق قد بلغ فِي تَحْقِيق مبَاحث الْقيَاس سِيمَا الاعتراضات كل مبلغ نسخا مِنْهُ شَرِيعَة الشَّارِحين فِي تَطْوِيل الواضحات والإغضاء عَن المعضلات والاقتصار على إِعَادَة الْمَتْن حَيْثُ لَا سَبِيل إِلَى نقل مَا فِي المطولات فَلم يبْق لنا سوى اقتفاء آثاره والكشف عَن خبيئات اسراره بل الاجتناء من بحار ثماره والاستضاءة بأنواره
595 -
عبد الرَّحْمَن بن يُوسُف بن إِبْرَاهِيم بن عَليّ الْعَلامَة نجم الدَّين أَبُو الْقَاسِم وَيُقَال أَبُو مُحَمَّد الأصفوني ولد بأصفوان بَلْدَة من الْأَعْمَال القوصية فِي سنة سبع وَسبعين بِتَقْدِيم السِّين فيهمَا وسِتمِائَة تفقه بإسنا على الْبَهَاء القفطي وَقَرَأَ الْقرَاءَات وَسكن قوص وانتفع بِهِ كَثِيرُونَ وَحج مَرَّات من بَحر عيذاب آخرهَا سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ وَأقَام بِمَكَّة إِلَى أَن توفّي قَالَ الْإِسْنَوِيّ برع فِي الققه وَغَيره وَكَانَ صَالحا سليم الصَّدْر يتبرك بِهِ من يرَاهُ من
أهل السّنة والبدعة اختصر الرَّوْضَة وصنف فِي الْجَبْر والمقابلة توفّي بمنى فِي ثَانِي عيد الْأَضْحَى سنة خمسين وَسَبْعمائة وَدفن بِبَاب الْمُعَلَّى
596 -
عبد اللَّطِيف بن عبد الْعَزِيز بن يُوسُف بن أبي الْعِزّ بن نعْمَة الإِمَام البارع الْمُحَقق النَّحْوِيّ شهَاب الدَّين أَبُو لفرج الْحَرَّانِي الْمصْرِيّ الْمَعْرُوف بِابْن المرحل سمع من جمَاعَة واشتغل فِي الْعلم وَمهر فِي النَّحْو وَقد أنتهت إِلَيْهِ وَإِلَى الشَّيْخ أبي حَيَّان مشيخة النَّحْو بالديار المصرية وَلَا أعرف عَمَّن أَخذ النَّحْو وَأَظنهُ أَخذ عَن بهاء الدَّين ابْن النّحاس أَخذ عَنهُ جمال الدَّين بن هِشَام وَهُوَ الَّذِي نوه باسمه وَعرف بِقَدرِهِ وَقَالَ إِن الِاسْم فِي زَمَانه كَانَ لأبي حَيَّان وَالِانْتِفَاع بِابْن المرحل قَالَ ابْن رَافع وَخرجت لَهُ جُزْءا من حَدِيثه عَن بعض شُيُوخه وتصدر بالجامع الحاكمي وشغل النَّاس بِالْعلمِ مُدَّة وانتفع بِهِ جمَاعَة وَقَالَ الْإِسْنَوِيّ فِي الطَّبَقَات كَانَ فَاضلا فقهيا إِمَامًا فِي النَّحْو
مدققا فِيهِ محققا عَارِفًا باللغة وَعلم الْبَيَان والقراءات وتصدر بالجامع الحاكمي مُدَّة طَوِيلَة وانتفع بِهِ وتخرجت بِهِ الطّلبَة وصاروا ائمة فضلاء توفّي فِي الْمحرم سنة أَربع وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة بِالْقَاهِرَةِ وَقد جَاوز السِّتين وَمِمَّنْ أَخذ عَنهُ الشَّيْخ شمس الدَّين ابْن الصَّائِغ الْحَنَفِيّ ورثاه بقصيدة
597 -
عبيد الله بن مُحَمَّد بن الشريف برهَان الدَّين الْحُسَيْنِي الفرغاني الْمَعْرُوف بالعبري قَاضِي تبريز كَانَ جَامعا لعلوم شَتَّى من الْأَصْلَيْنِ والمعقولات وَله تصانيف مَشْهُورَة وَسكن السُّلْطَانِيَّة مُدَّة ثمَّ انْتقل إِلَى تبريز وَشرح كتب الْبَيْضَاوِيّ الْمِنْهَاج والغاية القصوى والمصباح والطوالع ذكره الْإِسْنَوِيّ فِي طبقاته لَكِن قَالَ الْحَافِظ زين الدَّين الْعِرَاقِيّ فِي ذيل العبر كَانَ حنفيا يقرىء مَذْهَب أبي حنفية وَالشَّافِعِيّ وصنف فيهمَا وَقَالَ الذَّهَبِيّ فِي المشتبه السَّيِّد العبري عَالم كَبِير فِي وقتنا وتصانيفه سائرة وَقَالَ بعض فضلاء
الْعَجم هُوَ الشريف المرتضى قَاضِي الْقُضَاة كَانَ مُطَاعًا عِنْد السلاطين مَشْهُورا فِي الْآفَاق مشارا إِلَيْهِ فِي جَمِيع الْفُنُون ملاذا للضعفاء كثير التَّوَاضُع والإنصاف وَمَال فِي آخر عمره إِلَى الِاشْتِغَال فِي الْعُلُوم الدِّينِيَّة وَشرح كتاب المصابيح فِي الْمَسْجِد الْجَامِع بِحَضْرَة الْخَاص وَالْعَام بعبارات عذبة فصيحة قريبَة من الأفهام توفّي بتبريز فِي رَجَب وَقيل فِي ذِي الْحجَّة سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة والعبري بِكَسْر الْعين الْمُهْملَة وَسُكُون الْبَاء الْمُوَحدَة لَا أَدْرِي نِسْبَة إِلَى مَاذَا وَفِي شَرحه مَوَاضِع تدل على ميله إِلَى مَذْهَب الشِّيعَة
598 -
عَليّ بن أَيُّوب بن مَنْصُور بن وَزِير الإِمَام الْفَقِيه عَلَاء الدَّين أَبُو الْحسن الْمَقْدِسِي ولد سنة سِتّ وَسِتِّينَ وسِتمِائَة تَقْرِيبًا وَقَرَأَ على الشَّيْخ تَاج الدَّين الْفَزارِيّ وَولده برهَان الدَّين وبرع فِي الْفِقْه واللغة والعربية وَسمع الحَدِيث الْكثير بِدِمَشْق والقدس ودرس بالأسدية وبحلقة صَاحب حمص سمع مِنْهُ الذَّهَبِيّ وَذكره فِي المعجم الْمُخْتَص وَقَالَ الإِمَام الْفَقِيه البارع المتقن الْمُحدث بَقِيَّة السّلف قَرَأَ بِنَفسِهِ وَنسخ أَجزَاء وَكتب الْكثير من الْفِقْه وَالْعلم
بِخَطِّهِ المتقن وَأعَاد بالبادرائية ثمَّ تحول إِلَى الْقُدس ودرس بالصلاحية تغير وخف دماغه فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين وَكَانَ إِذا سمع عَلَيْهِ فِي حَال تغيره يحضر ذهنه وَكَانَ يستحضر الْعلم جيدا توفّي بالقدس فِي شهر رَمَضَان سنة ثَمَان وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة
599 -
عَليّ بن الْحُسَيْن بن عَليّ بن الْحُسَيْن بن مُحَمَّد السَّيِّد الْعَالم الْفَاضِل شرف الدَّين أَبُو الْحسن الْحُسَيْنِي الأرموي الْمصْرِيّ الْمَعْرُوف بِابْن قَاضِي الْعَسْكَر مولده سنة إِحْدَى وَتِسْعين وسِتمِائَة وَسمع مِنْهُ جمَاعَة واشتغل بالفقه وَالْأُصُول والعربية وَأفْتى ودرس بمشهد الْحُسَيْنِي والفخرية والطيبرسية وَولي نقابة الْأَشْرَاف والحسبة وَولي وكَالَة بَيت المَال وَحدث سمع مِنْهُ جمَاعَة قَالَ ابْن رَافع وَعين فِي وَقت لقَضَاء الْقُضَاة بِمصْر وَكَانَ من أذكياء الْعَالم كثير الْمُرُوءَة أديبا بارعا وَقَالَ السُّبْكِيّ فِي الطَّبَقَات الْكُبْرَى كَانَ رجلا فَاضلا ممدحا أديبا هُوَ وَالشَّيْخ جمال الدَّين ابْن نباتة وَالْقَاضِي شهَاب الدَّين
ابْن فضل الله أدباء الْعَصْر إِلَّا أَن ابْن نباتة وَابْن فضل الله يزيدان عَلَيْهِ بالشعر فَإِنَّهُ لم يكن لَهُ فِي النّظم يَد وَأما فِي النثر فَكَانَ فِيهِ أستاذا ماهرا مَعَ مَعْرفَته بالفقه وَالْأُصُول والنحو وَقَالَ بعض الْمُتَأَخِّرين كَانَ مليح الْهَيْئَة طلق الْعبارَة فصيح الْإِشَارَة كثير الْمُشَاركَة فِي الْعُلُوم ينشىء الْإِنْشَاء الْحسن وَشرح المعالم فِي أصُول الْفِقْه توفّي بِالْقَاهِرَةِ فِي جمادي الأخرة سنة سبع بِتَقْدِيم السِّين وَخمسين وَسَبْعمائة
600 -
عَليّ بن الْحُسَيْن بن الْقَاسِم بن مَنْصُور بن عَليّ الإِمَام زين الدَّين أَبُو الْحسن الْموصِلِي الْمَعْرُوف بِابْن شيخ العوينة كَانَ جده الْأَعْلَى عَليّ من الصَّالِحين واحتفر عينا فِي مَكَان لم يعْهَد بِالْمَاءِ فَقيل لَهُ شيخ العوينة ولد زين الدَّين فِي رَجَب سنة إِحْدَى وَثَمَانِينَ وسِتمِائَة وَقَرَأَ الْقرَاءَات على الشَّيْخ عبد الله الوَاسِطِيّ الضَّرِير وَأخذ الشاطبية عَن الشَّيْخ شمس الدَّين ابْن الْوراق وَشرح
الْحَاوِي والمختصر عَليّ السَّيِّد ركن الدَّين ورحل إِلَى بَغْدَاد وَقَرَأَ على جمَاعَة من شيوخها وَسمع الحَدِيث وَقدم دمشق وَسمع بهَا من جمَاعَة ثمَّ رَجَعَ إِلَى الْموصل وَصَارَ من علمائها وَله تصانيف مِنْهَا شرح الْمِفْتَاح للسكاكي وَشرح مُخْتَصر ابْن الْحَاجِب والبديع لِابْنِ الساعاتي وَشرع فِي شرح التسهيل ونظم الْحَاوِي الصَّغِير قَالَ ابْن حبيب إِمَام بَحر علمه مُحِيط وظل دوحه بسيط وَالسّنة معارفه ناطقة وافنان فنونه باسقة كَانَ بارعا فِي الْفِقْه وأصوله خَبِيرا بِأَبْوَاب كَلَام الْعَرَب وفصوله نظم كتاب الْحَاوِي وشنف سمع النَّاقِل والراوي وَشرح الْمُخْتَصر والمفتاح وحلى أجياد مؤلفاته بأنواع من الْغرَر والأوضاح وَبَينه وَبَين الشَّيْخ صَلَاح الدَّين الصَّفَدِي مكاتبات قَالَ حَافظ الْعَصْر وأديبه قَاضِي الْقُضَاة شهَاب الدَّين ابْن حجر أمتع الله بِبَقَائِهِ وشعره أَكثر انسجاما وَأَقل تكلفا من شعر الصَّفَدِي توفّي بالموصل فِي شهر رَمَضَان سنة خمس وَخمسين وَسَبْعمائة
601 -
عَليّ بن عبد الله بن الْحسن بن أبي بكر الشَّيْخ تَاج الدَّين التبريزي نزيل
الْقَاهِرَة المتظلع بغالب الْفُنُون من المعقولات وَالْفِقْه والنحو والحساب والفرائض ولد سنة سبع وَسِتِّينَ وَأخذ عَن قطب الدَّين الشِّيرَازِيّ وعلاء الدَّين النُّعْمَان الْخَوَارِزْمِيّ وَالسَّيِّد ركن الدَّين وسراج الدَّين الأردبيلي وَغَيرهم وَدخل بَغْدَاد بعد سنة سِتّ عشرَة وَحج ثمَّ دخل مصر سنة اثْنَتَيْنِ وَعشْرين قَالَ الذَّهَبِيّ هُوَ عَالم كَبِير شهير كثير التلامذة حسن الصيانة من مَشَايِخ الصُّوفِيَّة وَقَالَ السُّبْكِيّ كَانَ ماهرا فِي عُلُوم شَتَّى وعنى بِالْحَدِيثِ بِآخِرهِ وصنف فِي التَّفْسِير والْحَدِيث وَالْأُصُول والحساب ولازم شغل الطّلبَة بأصناف الْعُلُوم وَقَالَ الْإِسْنَوِيّ واظب الْعلم فُرَادَى وَجَمَاعَة وجانب الْملَل فَلم يسترح قبل قيام قِيَامَته سَاعَة كَانَ عَالما فِي عُلُوم كَثِيرَة من أعرف النَّاس بالحاوي الصَّغِير وَقَالَ ابْن الملقن شرح الْمِصْبَاح وَعمل أحكاما فِي علم الحَدِيث سَمَّاهَا القسطاس تَعب عَلَيْهَا كثيرا وأفرد الْأَحَادِيث الضعيفة فِي جزأين وَقَالَ غَيره جرد الْأَحَادِيث الَّتِي فِي الْمِيزَان للذهبي ورتبها على الْأَبْوَاب وَله على الْحَاوِي حواش مفيدة وَاخْتصرَ عُلُوم الحَدِيث لِابْنِ الصّلاح اختصارا مُفِيدا وأقرأ الْحَاوِي كُله سبع مَرَّات فِي شهر وَاحِد وَكَانَ يرويهِ عَن عَليّ بن عُثْمَان العفيفي عَن مُصَنفه وَتخرج بِهِ جمَاعَة مِنْهُم برهَان الدَّين ابْن الرَّشِيدِيّ ومحب الدَّين نَاظر
الْجَيْش وشهاب الدَّين ابْن النَّقِيب توفّي بِالْقَاهِرَةِ فِي شهر رَمَضَان سنة سِتّ وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة وَدفن بتربته الَّتِي أَنْشَأَهَا قَرِيبا من الخانقاه الدويدارية
602 -
عَليّ بن عبد الرَّحْمَن بن الْحُسَيْن الْخَطِيب عَلَاء الدَّين بن الْخَطِيب شرف الدَّين العثماني الصَّفَدِي نَاب فِي الحكم بصفد وخطب بهَا ودرس وَقَامَ بالفتوى بعد ابْن الرسام وَله مُخْتَصر فِي الْفِقْه سَمَّاهُ النافع مَاتَ سنة تسع بِتَقْدِيم التَّاء وَخمسين وَسَبْعمائة عقب وُصُوله من الْحَج وَهُوَ أَخُو القَاضِي شمس الدَّين العثماني قَاضِي صفد وَصَاحب طَبَقَات الْفُقَهَاء المحشوة بالأوهام وتأريخ صفد وَغَيرهمَا
603 -
عَليّ بن عبد الْكَافِي بن عَليّ بن تَمام بن يُوسُف بن مُوسَى بن تَمام
الْأنْصَارِيّ الخزرجي الشَّيْخ الإِمَام الْفَقِيه الْمُحدث الْحَافِظ الْمُفَسّر المقرىء الأصولي الْمُتَكَلّم النَّحْوِيّ اللّغَوِيّ الأديب الْحَكِيم المنطقي الجدلي الخلافي النظار شيخ الْإِسْلَام قَاضِي الْقُضَاة تَقِيّ الدَّين أَبُو الْحسن بن القَاضِي زين الدَّين أبي مُحَمَّد السُّبْكِيّ ولد بسبك من أَعمال الشرقية فِي مستهل صفر سنة ثَلَاث وَثَمَانِينَ وسِتمِائَة وَحفظ التَّنْبِيه وَقدم الْقَاهِرَة فعرضه على القَاضِي تَقِيّ الدَّين ابْن بنت الْأَعَز وتفقه فِي صغره على وَالِده ثمَّ على جمَاعَة آخِرهم ابْن الرّفْعَة وَأخذ التَّفْسِير عَن علم الدَّين الْعِرَاقِيّ وَقَرَأَ الْقرَاءَات على الشَّيْخ تَقِيّ الدَّين ابْن الصَّائِغ والْحَدِيث عَن الْحَافِظ الدمياطي وَقَرَأَ الْأَصْلَيْنِ وَسَائِر المعقولات على عَلَاء الدَّين الْبَاجِيّ والمنطق وَالْخلاف على سيف الدَّين الْبَغْدَادِيّ والنحو على الشَّيْخ أبي حَيَّان وَصَحب فِي التصوف الشَّيْخ تَاج الدَّين بن عَطاء وَسمع الحَدِيث من الجم
الْغَفِير ورحل الْكثير وَجمع مُعْجَمه الْعدَد الْكثير وأشغل وَأفْتى وصنف ودرس بالمنصورية والهكارية والسيفية وتفقه بِهِ جمَاعَة من الْأَئِمَّة كالإسنوي وَأبي الْبَقَاء وَابْن النَّقِيب وقريبه تَقِيّ الدَّين أبي الْفَتْح وَأَوْلَاده وَغَيرهم من الْأَئِمَّة الْأَعْلَام وَولي قَضَاء دمشق فِي جُمَادَى الأخرة سنة تسع وَثَلَاثِينَ وباشر الْقَضَاء على الْوَجْه الَّذِي يَلِيق بِهِ سِتّ عشرَة سنة وشهرا وَقد درس بِدِمَشْق بالغزالية والعادلية الْكُبْرَى والأتابكية والمسرورية والشامية البرانية وَليهَا بعد موت ابْن النَّقِيب قَالَ وَلَده فَمَا حل مفرقها واقتعد بمشرقها أعلم مِنْهُ كلمة لَا اسْتثِْنَاء فِيهَا وَولي بعد وَفَاة الْحَافِظ الْمزي مشيخة دَار الحَدِيث الأشرفية قَالَ وَلَده فَالَّذِي نرَاهُ أَنه مَا دَخلهَا أعلم مِنْهُ وَلَا أحفظ من الْمزي وَلَا أورع من النَّوَوِيّ وَابْن الصّلاح وَقد خطب بِجَامِع دمشق مُدَّة لَطِيفَة قَالَ وَلَده وأنشدني شَيخنَا
الذَّهَبِيّ لنَفسِهِ إِذْ ذَاك
…
لِيهن الْمِنْبَر الْأمَوِي لما
…
علاهُ الْحَاكِم الْبَحْر التقي
…
... شُيُوخ الْعَصْر أحفظهم جَمِيعًا
…
وأخطبهم وأقضاهم عَليّ
…
وَجلسَ للتحديث بالكلاسة فَقَرَأَ عَلَيْهِ الْحَافِظ تَقِيّ الدَّين أَبُو الْفَتْح السُّبْكِيّ جَمِيع مُعْجَمه الَّذِي خرجه لَهُ الْحَافِظ شهَاب الدَّين بن أيبك الدمياطي وَسمع عَلَيْهِ خلائق مِنْهُم الحافظان أَبُو الْحجَّاج الْمزي وَأَبُو عبد الله الذَّهَبِيّ ذكره الذَّهَبِيّ فِي المعجم الْمُخْتَص وَقَالَ القَاضِي الإِمَام الْعَلامَة الْفَقِيه الْمُحدث الْحَافِظ فَخر الْعلمَاء إِلَى أَن قَالَ وَكَانَ صَادِقا متثبتا خيرا دينا متواضعا حسن السمت من أوعية الْعلم يدْرِي الْفِقْه ويقرره وَعلم الحَدِيث ويحرره وَالْأُصُول ويقرئها والعربية ويحققها وصنف التصانيف المتقنة وَقد بَقِي فِي زَمَانه الملحوظ إِلَيْهِ بالتحقيق وَالْفضل سَمِعت مِنْهُ وَسمع مني وَحكم بِالشَّام وحمدت أَحْكَامه فَالله يُؤَيّدهُ ويسدده سمعنَا مُعْجَمه بالكلاسة وَقَالَ الْإِسْنَوِيّ فِي طبقاته كَانَ أنظر من رَأَيْنَاهُ من أهل الْعلم وَمن أجمعهم للعلوم وَأَحْسَنهمْ كلَاما فِي الْأَشْيَاء الدقيقة وأجلدهم على ذَلِك إِن هطل در الْمقَال فَهُوَ سَحَابَة أَو أضطرم نَار الْجِدَال فَهُوَ شهابه وَكَانَ شَاعِرًا أديبا حسن الْحَظ وَفِي غَايَة الْإِنْصَاف وَالرُّجُوع إِلَى الْحق فِي المباحث
وَلَو على لِسَان آحَاد المستفيدين مِنْهُ خيرا مواظبا على وظائف الْعِبَادَات كثير الْمُرُوءَة مراعيا لأرباب الْبيُوت محافظا على تَرْتِيب الْأَيْتَام فِي وظائف آبَائِهِم ولازم الإشغال والاشتغال والتصنيف والإفتاء وَتخرج بِهِ فضلاء عصره انْتهى وَقَالَ بعض الْمُتَأَخِّرين وَقع الطَّاعُون فِي سنة تسع وَأَرْبَعين فَمَا حفظ عَنهُ فِي التركات وَلَا فِي الْوَظَائِف مَا يعاب عَلَيْهِ وَكَانَ متقشفا فِي اموره متقللا من الملابس وَكَانَ لَا يستكثر على أحد شَيْئا وَلما مَاتَ وجدوا عَلَيْهِ اثْنَيْنِ وَثَلَاثِينَ ألف دِرْهَم دينا فالتزم ولداه تَاج الدَّين وبهاء الدَّين بوفائها هـ ومحاسنة ومناقبه أَكثر من أَن تحصر وَأشهر من أَن تذكر ذكر لَهُ وَلَده فِي طبقاته الْكُبْرَى تَرْجَمَة طَوِيلَة فِي اكثر من أَربع كراريس قَالَ وَكَانَ شَيْخه ابْن الرّفْعَة يعامله مُعَاملَة الأقران ويبالغ فِي تَعْظِيمه ويعرض عَلَيْهِ مَا يصنفه فِي الْمطلب وَقَالَ فِيهِ شَيْخه الدمياطي إِمَام الْمُحدثين وَقَالَ ابْن الرّفْعَة إِمَام الْفُقَهَاء فَلَمَّا بلغ ذَلِك الْبَاجِيّ فَقَالَ وَإِمَام الْأُصُولِيِّينَ ومصنفاته تزيد على الْمِائَة وَالْخمسين وَفِي آخر عمره استعفى من الْقَضَاء وَرجع إِلَى مصر متضعفا فَأَقَامَ بهَا دون الْعشْرين يَوْمًا وَتُوفِّي فِي جُمَادَى الأخرة سنة سِتّ وَخمسين وَسَبْعمائة وَدفن بمقابر الصُّوفِيَّة وَمن تصانيفه الدّرّ النظيم فِي تَفْسِير الْقُرْآن الْعَظِيم فِي ثَلَاث مجلدات لم يكمل الابتهاج فِي شرح الْمِنْهَاج وصل فِيهِ إِلَى الطَّلَاق فِي ثَمَانِيَة اجزاء تَكْمِلَة شرح الْمُهَذّب كتب من ذَلِك أبوابا فِي ثَلَاث مجلدات
والرقم الإبريزي فِي شرح مُخْتَصر التبريزي وَنور الرّبيع فِي الْكَلَام على مَا رَوَاهُ الرّبيع وَالسيف المسلول على من سبّ الرَّسُول وشفاء السقام فِي زِيَارَة خير الْأَنَام وَرفع الشقاق فِي مَسْأَلَة الطَّلَاق ورد على الشَّيْخ زين الدَّين ابْن الكتناني فِي اعتراضاته على الرَّوْضَة والفتاوي فِي مجلدين وَفِيه كثير من مصنفاته الصغار
604 -
عَليّ بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم الشَّيْخ الصَّالح الْخَيْر عَلَاء الدَّين أَبُو الْحسن الْبَغْدَادِيّ خَازِن الْكتب بالخانقاه السميساطية مولده سنة ثَمَان وَسبعين بِتَقْدِيم السِّين وسِتمِائَة وَسمع الحَدِيث وَكَانَ من أهل الْعلم جمع وَألف أَشْيَاء فَمن ذَلِك تَفْسِير الْقُرْآن وَشرح عُمْدَة الْأَحْكَام وأضاف إِلَى جَامع الْأُصُول سنَن ابْن ماجة ومسند الإِمَام احْمَد وَسنَن الدَّارَقُطْنِيّ سَمَّاهُ مَقْبُول الْمَنْقُول وَجمع سيرة وَحدث بِبَعْض مصنفاته وَكَانَ صوفيا بالخانقاه الْمَذْكُورَة قَالَ ابْن رَافع وَكَانَ بشوش الْوَجْه ذَا تودد وسمت حسن توفّي فِي شعْبَان سنة إِحْدَى وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة
605 -
عَليّ بن مُحَمَّد بن صَالح الصَّفَدِي الشَّيْخ عَلَاء الدَّين ابْن الرسام شيخ صفد وعالمها ومدرسها أخد عَن الشَّيْخ نجم الدَّين حسن بن كَمَال الدَّين مُحَمَّد خطيب صفد وبمصر وَالشَّام عَن الشَّيْخ صدر الدَّين ابْن الْوَكِيل وَسمع بهما من جمَاعَة وَصَحب الشَّيْخ ياقوت الإسكندري وَحصل لَهُ مِنْهُ حَظّ وافر قَالَ تِلْمِيذه قَاضِي صفد فِي طبقاته حفظ الحاجبيه فِي أُسْبُوع وَولي التدريس بصفد ووكالة بَيت المَال وَكَانَ صَالحا متواضعا كثير الصمت دَائِم الذّكر وَمَا رَأَيْت أحسن من صلَاته وَهُوَ الَّذِي نشر علم الْفِقْه والفرائض بصفد وَجمع شَمل الطّلبَة على الِاشْتِغَال لحسن خلقه وَصَبره على التَّعْلِيم وَعمر طَويلا حَتَّى الْحق الأصاغر بالأكابر توفّي فِي ربيع الْأُخَر سنة تسع بِتَقْدِيم التَّاء وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة
606 -
عمر بن مُحَمَّد بن عبد الْحَاكِم بن عبد الرازق قَاضِي الْقُضَاة زين الدَّين أَبُو حَفْص ابْن البلغيائي الْمصْرِيّ ولد بِمصْر سنة إِحْدَى وَثَمَانِينَ
وسِتمِائَة وَسمع من جمَاعَة وتفقه على الشَّيْخَيْنِ علم الدَّين الْعِرَاقِيّ وعلاء الدَّين الْبَاجِيّ ثمَّ ولي قَضَاء حلب فَسَار فِيهِ سيرا حسنا ثمَّ وَقع بَينه وَبَين النَّائِب فسعى فِي عَزله فعزل بعد سنة وشهور وَقد ذكره ابْن الوردي فِي أثْنَاء قصيدة طَوِيلَة فَقَالَ
…
كَانَ وَالله فَقِيها نزها
…
وَله عرض عريض مَا اتهمَ
…
... وَهُوَ لَا يدْرِي مداراة الورى
…
ومداراة الورى أَمر مُهِمّ
…
فَلَمَّا رَجَعَ من حلب ولاه السُّبْكِيّ تدريس النورية بحمص فَأَقَامَ بهَا مُدَّة ثمَّ سَافر إِلَى الْقَاهِرَة فَأَقَامَ بهَا مُدَّة ثمَّ ولي قَضَاء صفد فَمَكثَ نَحوا من خمسين يَوْمًا وَمَات وَكَانَ الشَّيْخ تَقِيّ الدَّين السُّبْكِيّ يبجله ويعظمه فِي الْفِقْه وَيَقُول مَا رَأَيْت أفقه نفسا مِنْهُ قَالَ الْإِسْنَوِيّ وَكَانَ إِمَامًا فِي الْفِقْه غواصا على الْمعَانِي الدقيقة منزلا للحوادث على الْقَوَاعِد والنظائر تَنْزِيلا عجيبا لم أر فِي هَذَا الْبَاب مثله وَكَانَ عَارِفًا بالأصول خيرا دينا متواضعا كثير الْمُرُوءَة وَشرح مُخْتَصر التبريزي شرحا جيدا مُشْتَمِلًا على فَوَائِد غَرِيبَة وَقَالَ بعض الْمُتَأَخِّرين وَكَانَ المصريون لَا يعدلُونَ بِهِ فِي الْفَتْوَى أحدا من أهل عصره وَكَانُوا يَقُولُونَ لَو حلف إِنْسَان أَن يستفتي أفقه الشَّافِعِيَّة فاستفتاه لم يَحْنَث توفّي
شَهِيدا بالطاعون فِي ربيع الأول سنة تسع وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة بصفد وَكَانَ وَالِده رجلا فَاضلا أخبر وَلَده الْمَذْكُور بِأَنَّهُ شرع فِي شرح الْوَسِيط وبلفيا بباء مُوَحدَة ثمَّ لَام مكسورتين بعدهمَا فَاء سَاكِنة ثمَّ يَاء مثناة من تَحت بَلْدَة من إقليم البهنسا بالديار المصرية
607 -
عمر بن المظفر بن عمر بن مُحَمَّد بن أبي الفوارس بن عَليّ الإِمَام الْعَلامَة الأديب المؤرخ زين الدَّين أَبُو حَفْص المعري الْحلَبِي الشهير بِابْن الوردي فَقِيه حلب ومؤرخها وأديبها تفقه على الشَّيْخ شرف الدَّين الْبَارِزِيّ لَهُ مصنفات جليلة نظما ونثرا من ذَلِك الْبَهْجَة نظم الْحَاوِي الصَّغِير فِي خَمْسَة آلَاف بَيت ومقدمة فِي النَّحْو اختصر فِيهَا الملحة سَمَّاهَا النفحة وَشَرحهَا وَله تأريخ حسن مُفِيد وأرجوزة فِي تَعْبِير المنامات وديوان شعر لطيف ومقامات مستظرفة وناب فِي الحكم بحلب فِي شبيبته عَن الشَّيْخ شمس الدَّين ابْن النَّقِيب ثمَّ عزل وَحلف لايلي الْقَضَاء لمنام رَآهُ وَكَانَ ملازما للاشغال والتصنيف شاع ذكره واشتهر بِالْفَضْلِ اسْمه ذكر لَهُ الصّلاح
الصَّفَدِي فِي تأريخه تَرْجَمَة طَوِيلَة وَقَالَ أحد فضلاء الْعَصْر وفقهائه وأدبائه وشعرائه تفنن فِي الْعُلُوم وأجاد فِي منثوره ومنظومه شعره أَسحر من عُيُون الغيد وأبهى من الوجنات ذَوَات التوريد وَقَالَ السُّبْكِيّ فِي الطَّبَقَات الْكُبْرَى وشعره أحلى من السكر المكرر وأغلى قيمَة من الْجَوْهَر وعد بعض الْمُتَأَخِّرين فِي مصنفاته شرح ألفية ابْن معطي وَشرح ألفية ابْن مَالك والرسائل المهذبة فِي الْمسَائِل الملقبة ومنطق الطير نظم ونثر توفّي بحلب شَهِيدا فِي آخر سنة تسع وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة
608 -
فرج بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن أبي الْفرج الإِمَام الْعَالم الْعَلامَة الْفَقِيه الأصولي نور الدَّين أَبُو مُحَمَّد الأردبيلي قَرَأَ المعقولات بتبريز وَتخرج بالشيخ فَخر الدَّين الجاربردي ثمَّ قدم دمشق وأشغل فِي الْفِقْه وَأعَاد بالبادرائية مُدَّة ودرس بالظاهرية البرانية والجاروخية ثمَّ بالناصرية الجوانية وأشغل النَّاس بِالْعلمِ وَأفَاد الطّلبَة مُدَّة طَوِيلَة وَشرح الْمِنْهَاج الْبَيْضَاوِيّ شرحا
جيدا نفسيا وَشرح قِطْعَة كَبِيرَة من منهاج النَّوَوِيّ قَالَ الصَّفَدِي علق على مَوَاضِع مِنْهُ مُتَفَرِّقَة فِي نَحْو سِتّ مجلدات وَلم يكن بِدِمَشْق نَظِيره فِي معرفَة الْأَصْلَيْنِ وَكَانَ يدرس دروسا بديعة عَجِيبَة قَالَ السُّبْكِيّ فِي الطَّبَقَات وَكَانَ فَاضلا مجموعا على نَفسه من أَكثر أهل الْعلم اشتمالا بِالْعلمِ وَكَانَ ذَا همة فِي الطّلب عَلَيْهِ قَالَ لي إِنَّه كَانَ يقْرَأ بتبريز الْكَشَّاف على شيخ من فضلائها وَإنَّهُ كَانَ يروح إِلَيْهِ فِي كل يَوْم من تبريز الصُّبْح فيصل قريب الظّهْر لِأَن منزله كَانَ بَعيدا عَن الْبَلَد وَمَا زَالَ حَتَّى أكمله قِرَاءَة عَلَيْهِ وَقَالَ ابْن رَافع كَانَ دينا خيرا ملازما للاشغال وَالْجمع بشوش الْوَجْه حسن الْمُلْتَقى متواضعا توفّي شَهِيدا فِي جُمَادَى الْآخِرَة سنة تسع وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة وَدفن بِبَاب الصَّغِير
609 -
مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن عبد الرَّحْمَن القَاضِي الإِمَام ضِيَاء الدَّين الْمُنَادِي مولده بمنية الْقَائِد سنة خمس وَخمسين وسِتمِائَة وَسمع من جمَاعَة وَأخذ الْفِقْه عَن أبي الرّفْعَة وطبقته وَقَرَأَ النَّحْو على بهاء الدَّين ابْن النّحاس وَالْأُصُول على الاصفهاني والعراقي وَأفْتى وَحدث ودرس
بقبة الشَّافِعِي وَغَيرهَا وَولي وكَالَة بَيت المَال ونيابة الحكم بِالْقَاهِرَةِ قَالَ الْإِسْنَوِيّ وَوضع على التَّنْبِيه شرحا مطولا وَكَانَ دينا مهيبا سليم الصَّدْر كثير الصمت والتصميم لَا يحابي أحدا مُنْقَطِعًا عَن النَّاس توفّي فِي رَمَضَان سنة سِتّ وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة وَدفن بالقرافة
610 -
مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن يُوسُف بن حَامِد الإِمَام الْعَالم تَاج الدَّين أَبُو عبد الله المراكشي الْمصْرِيّ ولد سنة إِحْدَى وَقيل ثَلَاث وَسَبْعمائة واشتغل بِالْقَاهِرَةِ على الشَّيْخ عَلَاء الدَّين القونوي وَغَيره من مَشَايِخ الْعَصْر وَأخذ النَّحْو عَن أبي حَيَّان ولازم ركن الدَّين ابْن القوبع وتفنن فِي الْعُلُوم وَسمع بِالْقَاهِرَةِ ودمشق من جمَاعَة وَأعَاد بقبة الشَّافِعِي وَكَانَ ضيق الْخلق لَا يحابي أحدا وَلَا
يتحاشاه فآذاه لذَلِك القَاضِي جلال الدَّين الْقزْوِينِي أول دُخُوله الْقَاهِرَة فَلم يرجع فَشَاور عَلَيْهِ السُّلْطَان فرسم بِإِخْرَاجِهِ من الْقَاهِرَة إِلَى الشَّام مرسما عَلَيْهِ قَالَ الصَّفَدِي أَظن ذَلِك فِي أَوَاخِر سنة سبع وَثَلَاثِينَ فورد دمشق وَأقَام بهَا ودرس بالمسرورية مُدَّة يسيرَة ثمَّ أعرض عَنْهَا تزهدا قَالَ الْإِسْنَوِيّ حصل علوما عديدة أَكْثَرهَا بِالسَّمَاعِ لِأَنَّهُ كَانَ ضَعِيف النّظر مقاربا للعمى وَكَانَ ذكيا غير أَنه كَانَ عجولا محتقرا للنَّاس كثير الوقيعة فيهم وَلما قدم دمشق أقبل على الِاشْتِغَال والإشغال وَسَمَاع الحَدِيث وَتَوَلَّى تدريس المسرورية ثمَّ انْقَطع قبل مَوته بِنَحْوِ سنة فِي دَار الحَدِيث الأشرفية وَترك التدريس الَّذِي كَانَ لَهُ وَأَقْبل على التِّلَاوَة وَالنَّظَر فِي الْعُلُوم إِلَى أَن توفّي وَقَالَ السُّبْكِيّ كَانَ فَقِيها نحويا مفننا مواظبا على طلب الْعلم جَمِيع نَهَاره وغالب ليله يستفرغ فِيهِ قواه ويدع من أَجله طَعَامه وَشَرَابه وَكَانَ ضريرا فَلَا نرَاهُ يفتر عَن الطّلب إِلَّا إِذا لم يجد من يطالع لَهُ وَحكى لي حَافظ الْعَصْر شهَاب الدَّين ابْن حجى عَن وَالِده تغمده الله برحمته أَن المراكشي كَانَ يتناظر هُوَ وَالْفَخْر الْمصْرِيّ فَكَانَ من حضر لَا يفهم كثيرا مِمَّا يَقُولَانِ لسرعة عبارتهما وَقلة فصاحتهما توفّي فَجْأَة فِي جُمَادَى الْآخِرَة سنة إِحْدَى وَخمسين وَسَبْعمائة
611 -
مُحَمَّد بن أبي بكر بن إِبْرَاهِيم بن عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن حمدَان الشَّيْخ الْعَالم الْمدرس القَاضِي شمس الدَّين ابْن النَّقِيب ولد تَقْرِيبًا سنة اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ وسِتمِائَة وَأخذ أَشْيَاء من الْفِقْه عَن الشَّيْخ محيي الدَّين النَّوَوِيّ وخدمه وَقَرَأَ على الشَّيْخ برهَان الدَّين المراغي وَشرف الدَّين الْمَقْدِسِي وَحضر حَلقَة الشَّيْخ تَاج الدَّين الْفَزارِيّ ودرس بالعصرونية بِدِمَشْق وَسمع الحَدِيث وَحدث وَخرجت لَهُ مشيخة سمع مِنْهُ البرزالي وَغَيره وَأخذ عَنهُ جمال الدَّين ابْن جملَة قَدِيما وَولي قَضَاء حمص ثمَّ طرابلس ثمَّ حلب ثمَّ صرف عَنْهَا وَعَاد إِلَى دمشق وَولي تدريس الشامية البرانية قَالَ السُّبْكِيّ مدرس الشامية البرانية وَصَاحب النَّوَوِيّ وَأعظم بِتِلْكَ رُتْبَة علية وَله الدّيانَة والعفة والورع الَّذِي طرد بِهِ الشَّيْطَان وأرغم أَنفه وَكَانَ من أساطين
الْمَذْهَب وجمرة نَار ذكاء إِلَّا أَنَّهَا لَا تتلهب وسمعته يَقُول قَالَ النَّوَوِيّ يَا قَاضِي شمس الدَّين لَا بُد أَن تلِي تدريس الشامية فولي الْقَضَاء ثمَّ الشامية توفّي فِي ذِي الْقعدَة سنة خمس وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة وَدفن بالصالحية وَفِيه يَقُول الأديب بدر الدَّين ابْن حبيب
…
لم أنس قَول عَارِف ذِي فطنة
…
يلهيه عود حلت وأنسها
…
... يَا لدمشق الْمكْث إِذْ جاءها
…
فَقلت غَابَ ابْن النَّقِيب سمها
…
والنقيب جد أَبِيه كَانَ فَقِيها بقلعة دمشق فِي زمن الْعَادِل
612 -
مُحَمَّد بن أَحْمد بن إِبْرَاهِيم بن حيدرة بن عَليّ بن عقيل الإِمَام الْعَالم الْفَقِيه الْمُفْتِي الْمدرس الْكَبِير بَقِيَّة الْمَشَايِخ شمس الدَّين أَبُو الْمَعَالِي ابْن القماح الْقرشِي الْمصْرِيّ ولد فِي ذِي الْقعدَة سنة سِتّ وَخمسين وسِتمِائَة سمع الْكثير وَقَرَأَ الحَدِيث بِنَفسِهِ وَكتب بِخَطِّهِ وتفقه على الظهير التزمنتي وَغَيره وبرع وَأفْتى ودرس بقبة الشَّافِعِي إِلَى حِين وَفَاته بعد أَن أعَاد بهَا خمسين
سنة وناب فِي الحكم مُدَّة سِنِين وَحدث سمع مِنْهُ خلق من الْفُقَهَاء والمحدثين قَالَ الشَّيْخ كَمَال الدَّين الأدفوي كَانَ فَاضلا مشاركا فِي فنون كَثِيرَة وَكَانَ حسن الْخلق حُلْو المحاضرة عِنْده نكت وفوائد ومسائل فِي فنون وَعِنْده تواريخ المصريين وتراجم يُسْتَفَاد مِنْهُ وَكَانَ كثير التِّلَاوَة وَمَتى سُئِلَ عَن آيَة ذكر مَا قبلهَا وَيعْمل كَذَلِك فِي التَّنْبِيه وَجمع مجاميع كَثِيرَة وَاخْتصرَ كتبا فِي الْفِقْه وَكَانَ عَاقِلا لبيبا وَقَالَ الْإِسْنَوِيّ كَانَ رجلا عَالما فَاضلا فقهيا مُحدثا حَافِظًا لتواريخ المصريين ذكيا إِلَّا أَن نَقله يزِيد على تصرفه وَكَانَ سريع الْحِفْظ بعيد النسْيَان مواظبا على النّظر والتحصيل كثير التِّلَاوَة سريعها متوددا وَقَالَ ابْن رَافع كَانَ مشارا إِلَيْهِ فِي الْعلم حسن الْخلق والمحاضرة جمع مجاميع بِخَطِّهِ وبخط غَيره تقَارب الْعشْرين مِنْهَا وفيات جمَاعَة من الْمُتَأَخِّرين وقرأت عَلَيْهِ قِطْعَة من الْمِنْهَاج للنووي توفّي فِي ربيع الآخر وَقيل الأول سنة إِحْدَى وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة وَدفن بالقرافة
613 -
مُحَمَّد بن أَحْمد بن عبد الْمُؤمن الإِمَام الْعَلامَة شمس الدَّين ابْن اللبان الْمصْرِيّ ولد سنة خمس وَثَمَانِينَ أَو نَحْوهَا وَسمع الحَدِيث بِدِمَشْق
والقاهرة من جمَاعَة وتفقه بِابْن الرّفْعَة وَغَيره وَصَحب فِي التصوف الشَّيْخ ياقوت الْمُقِيم بالإسكندرية صَاحب أبي الْعَبَّاس المرسي صَاحب الشَّيْخ أبي الْحسن الشاذلي ودرس بقبة الشَّافِعِي وبالخشابية وَله مصنفات مِنْهَا تَرْتِيب الْأُم للشَّافِعِيّ وَلم يبيضه واختصرالروضة وَلم يشْتَهر لغلاقة لَفظه وَجمع كتابا فِي عُلُوم الحَدِيث وكتابا فِي النَّحْو وَله تَفْسِير لم يكمله وَله كتاب متشابه الْقُرْآن والْحَدِيث تكلم فِيهِ على بعض الْآيَات وَالْأَحَادِيث المتشابهات بِكَلَام حسن على طَريقَة الصُّوفِيَّة قَالَ الْإِسْنَوِيّ كَانَ عَارِفًا بالفقه والأصلين والعربية أديبا شَاعِرًا ذكيا فصيحا ذَا همة وصرامة وانقباض عَن النَّاس وَقَالَ الْحَافِظ زين الدَّين الْعِرَاقِيّ أحد الْعلمَاء الجامعين بَين الْعلم وَالْعَمَل وَكَانَ يتَكَلَّم على النَّاس بِجَامِع عَمْرو بن الْعَاصِ وَغَيره على طَرِيق الشاذلية ثمَّ امتحن بِأَن شهد عَلَيْهِ بِأُمُور وَقعت فِي كَلَامه وأحضر ألى مجْلِس الْجلَال الْقزْوِينِي وَادّعى عَلَيْهِ بذلك فاستتيب وَمنع من الْكَلَام على النَّاس وتعصب
عَلَيْهِ بعض الحنابله وَتخرج بِهِ جمَاعَة من الْفُضَلَاء توفّي شَهِيدا فِي شَوَّال سنة تسع وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة
614 -
مُحَمَّد بن أَحْمد بن عُثْمَان بن إِبْرَاهِيم بن عَدْلَانِ بن مَحْمُود بن لَاحق بن دَاوُد الإِمَام الْعَلامَة شيخ الشَّافِعِيَّة شمس الدَّين الْكِنَانِي الْمصْرِيّ الْمَعْرُوف بِابْن عَدْلَانِ ولد فِي صفر سنة ثَلَاث وَسِتِّينَ وسِتمِائَة سمع من جمَاعَة وتفقه على الْوَجِيه البهنسي والظهير التزمنتي وَابْن السكرِي وَقَرَأَ الْأُصُول على الْأَصْفَهَانِي والقرافي والنحو على ابْن النّحاس وبرع فِي الْعُلُوم وَحدث وَأفْتى وناظر ودرس بعدة أَمَاكِن وَأفَاد وَتخرج بِهِ جماعات وَشرح مُخْتَصر الْمُزنِيّ شرحا مطولا لم يكمله قَالَ الْإِسْنَوِيّ كَانَ فقهيا إِمَامًا يضْرب بِهِ
الْمثل فِي الْفِقْه عَارِفًا بالأصلين والنحو والقراءات ذكيا نظارا فصيحا يعبر عَن الْأُمُور الدقيقة بِعِبَارَة وجيزة مَعَ السرعة والاسترسال دينا سليم الصَّدْر كثير الْمُرُوءَة وَقَالَ الْحَافِظ زين الدَّين الْعِرَاقِيّ حصل لَهُ بِسَبَب خلع الْملك النَّاصِر بعد أَن ولي خمول بِسَبَب كَرَاهَة الْملك النَّاصِر لَهُ وَلَكِن لم يؤذه وَإِنَّمَا حرمه مَا كَانَ يسْتَحقّهُ من الدُّرُوس وَالْحكم وَكَانَ أفقه من بَقِي فِي زَمَانه من الشَّافِعِيَّة وَكَانَ مدَار الْفتيا بِالْقَاهِرَةِ عَلَيْهِ وعَلى الشَّيْخ شهَاب الدَّين ابْن الْأنْصَارِيّ وَقَالَ غَيره لم يرْتَفع لَهُ فِي سلطنة الْملك النَّاصِر رَأس حَتَّى ان شهَاب الدَّين ابْن فضل الله قَرَأَ لَهُ قصَّة فَقَالَ لَهُ السُّلْطَان قل لَهُ الَّذين يعرفونك مَا مَاتُوا ثمَّ ولي قَضَاء الْعَسْكَر فِي أَيَّام النَّاصِر أَحْمد توفّي شَهِيدا فِي ذِي الْقعدَة سنة ثَمَان وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة
615 -
مُحَمَّد بن أَحْمد بن عُثْمَان بن قائماز الإِمَام الْعَلامَة الْحَافِظ المقرىء
مؤرخ الْإِسْلَام أَبُو عبد الله التركماني الفارقي الدِّمَشْقِي الْمَعْرُوف بالذهبي ولد فِي ربيع الآخر سنة ثَلَاث وَسبعين بِتَقْدِيم السِّين وسِتمِائَة وَأَجَازَ لَهُ طَائِفَة وَطلب وَله ثَمَان عشرَة سنة وَسمع بِبِلَاد كَثِيرَة من خلائق يزِيدُونَ على ألف وَمِائَتَيْنِ وَأخذ الْفِقْه عَن الْمَشَايِخ كَمَال الدَّين ابْن الزملكاني وبرهان الدَّين الْفَزارِيّ وَكَمَال الدَّين ابْن قَاضِي شُهْبَة وَغَيرهم وَقَرَأَ الْقرَاءَات وأتقنها وشارك فِي بَقِيَّة الْعُلُوم وَأَقْبل على صناعَة الحَدِيث فأتقنها وَتخرج بِهِ حفاظ الْعَصْر وصنف التصانيف الْكَثِيرَة الْمَشْهُورَة مَعَ الدَّين المتين والورع والزهد وباشر مشيخة أم الصَّالح وَغَيرهَا وَأَرَادَ أَن يَلِي بعد موت الْمزي دَار الحَدِيث الأشرفية فَلم يُمكن من ذَلِك لفقد شَرط الْوَاقِف فِي اعْتِقَاد الشَّيْخ فِيهِ قَالَ السُّبْكِيّ مُحدث الْعَصْر وَخَاتم الْحفاظ الْقَائِم بأعباء هَذِه الصِّنَاعَة وحامل راية أهل السّنة وَالْجَمَاعَة إِمَام أهل عصره حفظا وإتقانا وفرد الدَّهْر الَّذِي يذعن لَهُ أهل عصره وَيَقُولُونَ لَا ننكر أَنَّك أحفظنا وأتقانا
وَشَيخنَا واستاذنا ومخرجنا وَهُوَ على الْخُصُوص سَيِّدي ومعتمدي وَله عَليّ من الْجَمِيل مَا أخجل وَجْهي وملأ يَدي جزاه الله عني أفضل الْجَزَاء وَجعل حَظه من غرفات الْجنان موفر الاجزاء توفّي فِي ذِي الْقعدَة سنة ثَمَان وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة وَدفن بِبَاب الصَّغِير وَجمع مصنفات كَثِيرَة عديدة مفيدة وَجمع تأريخ الْإِسْلَام فأربى فِيهِ على من تقدمه بتحرير أَخْبَار الْمُحدثين خُصُوصا وصل فِيهِ إِلَى سنة سَبْعمِائة وَاخْتصرَ مِنْهُ مختصرات كَثِيرَة مِنْهَا العبر وسير النبلاء وطبقات الْحفاظ وطبقات الْقُرَّاء وَغير ذَلِك
616 -
مُحَمَّد بن أَحْمد الشَّيْخ الْفَقِيه الزَّاهِد جمال الدَّين أَبُو عبد الله البصال بِالْبَاء الْمُوَحدَة اليمني تفقه على الْفَقِيه عبد الرَّحْمَن بن شعْبَان وَصَحب الشَّيْخ عمر الصفار وَوضع شرحا على التَّنْبِيه وَسُئِلَ أَن يَلِي قَضَاء عدن فَامْتنعَ أَخذ عَنهُ الشَّيْخ عبد الله اليافعي وَلبس مِنْهُ خرقَة التصوف مَاتَ سنة ثَمَان وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة قَالَ الْإِسْنَوِيّ وَكَانَ صَاحب كشف ومشاهدات
617 -
مُحَمَّد بن إِسْحَاق بن مُحَمَّد بن المرتضى الشَّيْخ عماد الدَّين البلبيسي الْمصْرِيّ أَخذ الْفِقْه عَن ابْن الرّفْعَة والظهير التزمنتي وَالْجمال الوجيزي وَغَيرهم وَسمع من الدمياطي وَغَيره وَولي قَضَاء الْإسْكَنْدَريَّة ثمَّ امتحن وعزل وَكَانَ صبورا على الاشغال ويحث على الِاشْتِغَال بالحاوي قَالَ الْإِسْنَوِيّ كَانَ من حفاظ مَذْهَب الشَّافِعِي كثير التولع بالألغاز الفروعية محبا للْفُقَرَاء شَدِيد الِاعْتِقَاد فيهم ودرس بالمالكية وجامع آقسنقر وَقَالَ الْحفاظ زين الدَّين الْعِرَاقِيّ انْتفع بِهِ خلق كثير من اهل مصر والقاهرة توفّي شَهِيدا فِي شعْبَان سنة تسع وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة وَقد قَارب السّبْعين وَدفن خَارج بَاب البرقية
618 -
مُحَمَّد بن عبد الْحق بن عِيسَى القَاضِي الإِمَام شمس الدَّين أَبُو عبد الله الحصري خرج من مصر صحب القَاضِي عَلَاء الدَّين القونوي وَقد تضلع من الْعُلُوم وَولي قَضَاء بعلبك مُدَّة ثمَّ نقل إِلَى قَضَاء صفد ثمَّ تَركه وَولي قَضَاء حمص قَالَ ابْن رَافع وحمدت سيرته وَكَانَ فَاضلا وَقد شغل النَّاس ببعلبك وصفد وحمص وَقَالَ العثماني قَاضِي صفد فِي طَبَقَات الْفُقَهَاء شَيْخي وأستاذي وَأجل من لقِيت فِي عَيْني أحد مَشَايِخ الْمُسلمين وَالْفُقَهَاء الْمُحَقِّقين والحفاظ المتقنين والأذكياء البارعين والفضلاء الجامعين والحكام الموقفين والمدرسين الماهرين قَالَ وَلما ولي قَضَاء صفد أَحْيَاهَا وَنشر الْعلم بهَا ودرس بِهِ التدريس البديع الَّذِي لم يسمع مثله وَكَانَ طَريقَة جيدا لَا يعرف الْهزْل وَلَا يذكر عِنْد أحد بِسوء توفّي بحمص فِي شعْبَان سنة سبع بِتَقْدِيم السِّين وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة
619 -
مُحَمَّد بن عبد اللَّطِيف بن يحيى بن عَليّ بن نمام الْأنْصَارِيّ السُّبْكِيّ
الْفَقِيه الْمُحدث الأديب المتفنن تَقِيّ الدَّين أَبُو الْفَتْح ولد سنة أَربع وَسَبْعمائة طلب الحَدِيث فِي صغره وَسمع خلقا وتفقه على جده الشَّيْخ صدر الدَّين وعَلى الشَّيْخ تَقِيّ الدَّين السُّبْكِيّ وعَلى الشَّيْخ قطب الدَّين السنباطي وَتخرج بالشيخ تَقِيّ الدَّين السُّبْكِيّ فِي كل فنونه فُقَهَاء وأصولا وكلاما وحديثا ونحوا وَغير ذَلِك وَقَرَأَ النَّحْو على الشَّيْخ أبي حَيَّان وتلا عَلَيْهِ بالسبع ولازمه سَبْعَة عشر عَاما ودرس بِالْقَاهِرَةِ وناب فِي الحكم ثمَّ قدم دمشق وناب فِي الحكم أَيْضا ودرس فِي الشامية الجوانية والركنية وعلق تأريخا للمتجددات فِي زَمَانه ذكره الذَّهَبِيّ فِي المعجم الْمُخْتَص قَالَ ابْن فضل الله لَيْسَ فِي الْفُقَهَاء بعد ابْن دَقِيق الْعِيد آدب مِنْهُ وَكَانَ قد تأدب بشافع بن عَليّ وَقَالَ الْإِسْنَوِيّ وَكَانَ فَقِيها مُحدثا أصوليا أديبا شَاعِرًا مجيدا عَاقِلا دينا حسن الْخط والتلاوة وَقِرَاءَة الحَدِيث توفّي فِي ذِي الْقعدَة سنة أَربع وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة وَدفن بتربتهم بسفح قاسيون
620 -
مُحَمَّد بن عبد الْمُنعم الشَّيْخ شرف الدَّين المنفلوطي الْمَعْرُوف بِابْن الْمعِين تفقه بالشيخ نجم الدَّين البالسي وَغَيره وَقَرَأَ الْأُصُول على الشَّمْس المحوجب قَالَ الْكَمَال الأدفوي وَكَانَ فقهيا أديبا شَاعِرًا اختصر الرَّوْضَة وَاخْتصرَ الْمُنْتَخب فِي الْأُصُول وَتكلم على أَحَادِيث الْمُهَذّب وَسَماهُ الطّراز الْمَذْهَب توفّي سنة إِحْدَى وَأَرْبَعين
621
- مُحَمَّد بن عبد الْوَهَّاب بن يُوسُف الْفَقِيه الْفَاضِل عز الدَّين أَبُو عبد الله الأقفهسي الْمصْرِيّ سمع بِالْقَاهِرَةِ ودمشق من جمَاعَة قَالَ ابْن رَافع ودرس بِدِمَشْق وَكَانَ كثير النَّقْل لفروع مذْهبه قوي الحافظة قيل إِنَّه حفظ الْمُحَرر للرافعي فِي شهر وَسِتَّة أَيَّام توفّي بِدِمَشْق فِي ذِي الْقعدَة سنة إِحْدَى وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة
622 -
مُحَمَّد بن عَليّ بن إِبْرَاهِيم بن عبد الْكَرِيم الإِمَام الْعَالم الْعَلامَة فَقِيه الشَّام وشيخها ومفتيها القَاضِي فَخر الدَّين أَبُو الْفَضَائِل وَأَبُو الْمَعَالِي ابْن الْكَاتِب تَاج الدَّين الْمصْرِيّ الأَصْل الدِّمَشْقِي الْمَعْرُوف بالفخر الْمصْرِيّ ولد بِالْقَاهِرَةِ سنة اثْنَتَيْنِ وَقيل إِحْدَى وَتِسْعين وسِتمِائَة وَأخرج إِلَى دمشق وَهُوَ صَغِير وَسمع الحَدِيث بهَا وبغيرها وتفقه على الْمَشَايِخ برهَان الدَّين الْفَزارِيّ وَكَمَال الدَّين ابْن قَاضِي شُهْبَة وَصدر الدَّين ابْن الْوَكِيل وَكَمَال الدَّين ابْن الزملكاني وَتخرج بِهِ فِي فنون الْعلم وَأذن لَهُ بالإفتاء فِي سنة خمس عشرَة وَأخذ الْأُصُول عَن الصفي الْهِنْدِيّ والنحو عَن مجد الدَّين التّونسِيّ وَنجم الدَّين القحقازي وأثير الدَّين أبي حَيَّان وَقَرَأَ الْمنطق على رَضِي الدَّين المنطقي وَالشَّيْخ عَلَاء الدَّين القونوي وَحفظ كتبا كَثِيرَة وَحفظ مُخْتَصر ابْن الْحَاجِب فِي تِسْعَة عشر يَوْمًا وَكَانَ يحفظ فِي الْمُنْتَقى كل يَوْم خَمْسمِائَة سطر وَيُقَال إِن الشَّيْخ برهَان
الدَّين بن الفركاح اذن لَهُ فِي الْإِفْتَاء وَهُوَ ابْن ثَلَاث وَعشْرين سنة وناب فِي الْقَضَاء مُدَّة عَن الْجلَال الْقزْوِينِي والقونوي ثمَّ ترك ذَلِك فِي سنة تسع وَعشْرين وتفرغ للْعلم وتصدر للاشغال وَالْفَتْوَى وَصَارَ هُوَ الإِمَام الْمشَار إِلَيْهِ والمعول فِي الْفَتَاوَى عَلَيْهِ ودرس بالعادلية الصُّغْرَى والدولعية والرواحية وَحج مرَارًا وجاور فِي بَعْضهَا وتعانى التِّجَارَة وَحصل لَهُ مِنْهَا نعْمَة طائلة وَحصل لَهُ نكبة فِي آخر أَيَّام تنكز وصودر وأخرجت عَنهُ العادلية والدولعية ثمَّ بعد موت تنكز استعادها ذكره الذَّهَبِيّ فِي المعجم الْمُخْتَص وَقَالَ تفقه وبرع وَطلب الحَدِيث بِنَفسِهِ ومحاسنه جمة وَكَانَ من أذكياء زَمَانه وَترك نِيَابَة الحكم وتصدى للاشغال والإفادة وَحدث وأوذي فَصَبر ثمَّ جاور وتلا بالسبع قَالَ السُّبْكِيّ برع واشتهر بِمَعْرِِفَة الْمَذْهَب وَبعد صيته وَأفْتى وناظر وشغل النَّاس بِالْعلمِ مُدَّة مديدة وَكَانَ من أذكياء الْعَالم وَقَالَ الصّلاح الكتبي أعجوبة الزَّمَان كَانَ ابْن الزملكاني معجبا بِهِ وبذهنه الْوَقَّاد يُشِير إِلَيْهِ فِي المحافل وينوه بِذكرِهِ ويثني عَلَيْهِ وَقَالَ الْحَافِظ شهَاب الدَّين ابْن حجي وَكَانَ قد صَار عين الشَّافِعِيَّة بِالشَّام فَلَمَّا جَاءَهُ السُّبْكِيّ أطفأه قَالَ وَسمعت شَيخنَا ابْن كثير يَقُول إِنَّه سَمعه يَقُول مُنْذُ عقلت الْعلم لم
أصل صَلَاة إِلَّا واطمأنت فِيهَا وَلَا تَوَضَّأت وضُوءًا إِلَّا استكملت مسح رَأْسِي توفّي فِي ذِي الْقعدَة سنة إِحْدَى وَخمسين وَسَبْعمائة وَدفن بمقابر بَاب الصَّغِير قبلي قبْلَة القلندرية وَقَالَ فِيهِ الأديب بدر الدَّين ابْن حبيب
…
مضى فَخر مصر وَالشَّام وَمن محى
…
بصبح الْهدى من علمه ظلمَة الْعَصْر
…
... فَبعد الحتف هد أَرْكَان خلقه
…
وأذهب عَن أكياسها الذَّهَب الْمصْرِيّ
…
623 -
مُحَمَّد بن عَليّ بن سعيد بن سَالم الإِمَام الْمدرس البارع فِي فنون الْعلم بهاء الدَّين أَبُو الْمَعَالِي وَأَبُو عبد الله الْأنْصَارِيّ الدِّمَشْقِي الْمَعْرُوف بِابْن إِمَام المشهد محتسب دمشق ولد فِي ذِي الْحجَّة سنة سِتّ وَتِسْعين وسِتمِائَة وَسمع بِدِمَشْق ومصر وَغَيرهمَا وَكتب الطباق بخطة الْحسن وتلا بالسبع على الكفري وَجَمَاعَة وتفقه على الْمَشَايِخ برهَان الدَّين الْفَزارِيّ وَكَمَال الدَّين ابْن
الزملكاني وَكَمَال الدَّين ابْن قَاضِي شُهْبَة وَغَيرهم وَأخذ النَّحْو عَن الشَّيْخَيْنِ مجد الدَّين التّونسِيّ وَنجم الدَّين القحقازي وبرع فِي الحَدِيث والقراءات والعربية وَالْفِقْه وأصوله وَأفْتى وناظر وَكتب الْخط الْمَنْسُوب ودرس بالأمينية والقوصية وخطب بِجَامِع التَّوْبَة وَولي الْحِسْبَة ثَلَاث مَرَّات وَذكره الذَّهَبِيّ فِي المعجم الْمُخْتَص قَالَ ابْن رَافع جمع مجلدات على التَّمْيِيز للبارزي وكتابا فِي أَحَادِيث الْأَحْكَام فِي أَربع مجلدات وناولني إِيَّاه كتبت عَنهُ أبياتا فِي مُعْجم شيوخي وَقَالَ ابْن كثير كَانَ مَجْمُوع الْفَضَائِل فِي الْفِقْه وَالْأُصُول والنحو والقراءات وَالْأَدب نظما ونثرا وَله تصانيف وفوائد حَسَنَة ويدرس جيدا توفّي فِي شهر رَمَضَان سنة اثْنَتَيْنِ وَخمسين وَسَبْعمائة وَدفن بمقبرة بَاب الصَّغِير
624 -
مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عَليّ بن همام بِضَم الْهَاء وَتَخْفِيف الْمِيم بن راجي الله بن سَرَايَا بن نَاصِر بن دَاوُد الإِمَام الْمُحدث تَقِيّ الدَّين أَبُو الْفَتْح الْعَسْقَلَانِي الأَصْل الْمصْرِيّ بِابْن الإِمَام مولده فِي شعْبَان سنة سبع وَسبعين
وسِتمِائَة طلب الحَدِيث وَقَرَأَ وَكتب بِخَطِّهِ وَحصل الاجزاء والكتب الحديثية وَتخرج بِالْحَافِظِ الدمياطي وَسمع من جمَاعَة وَكَانَ إِمَامًا بالجامع الصَّالِحِي ظَاهر الْقَاهِرَة وساكنا بِهِ وَقَرَأَ الْقرَاءَات على عَليّ بن يُوسُف الشطنوفي وصنف كتابا حسنا فِي الْأَذْكَار والأدعية سَمَّاهُ سلَاح الْمُؤمن وَكتاب الاهتداء فِي الْوَقْف والابتداء من أخصر مَا ألف وَأحسنه وكتابا فِي الْمُتَشَابه مُرَتبا على السُّور توفّي فِي ربيع الأول سنة خمس وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة واشتهر كِتَابه سلَاح الْمُؤمن فِي حَيَاته وَقد وقف عَلَيْهِ الذَّهَبِيّ وَاخْتَصَرَهُ فِي سنة نَيف وَثَلَاثِينَ
625 -
مُحَمَّد بن مظفر الدَّين الْعَلامَة شمس الدَّين الخلخالي وَيعرف أَيْضا بالخطيبي ذكره الْإِسْنَوِيّ فِي طبقاته وَقَالَ كَانَ إِمَامًا فِي الْعُلُوم الْعَقْلِيَّة والنقلية ذَا تصانيف كَثِيرَة مَشْهُورَة مِنْهَا شرح المصابيح ومختصر ابْن الْحَاجِب
والمفتاح وَالتَّلْخِيص فِي علم الْبَيَان وصنف أَيْضا فِي الْمنطق توفّي بأران بِهَمْزَة مَفْتُوحَة وَرَاء مُهْملَة مُشَدّدَة وَنون سنة خمس وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة تَقْرِيبًا والخلخالي مَنْسُوب إِلَى الخلخال بخائين معجمتين مفتوحتين فِي آخِره لَام قَرْيَة من نواحي السُّلْطَانِيَّة
626 -
مُحَمَّد بن يُوسُف بن عَليّ بن حَيَّان بن يُوسُف الشَّيْخ الإِمَام الْعَلامَة الْحَافِظ الْمُفَسّر النَّحْوِيّ اللّغَوِيّ فريد الدَّهْر وَشَيخ النُّحَاة فِي عصره وَإِمَام الْمُفَسّرين فِي وقته وَصَاحب التصانيف الْمَشْهُورَة الَّتِي سَارَتْ شرقا وغربا أثير الدَّين أَبُو حَيَّان الأندلسي الجياني بِالْجِيم الغرناطي ثمَّ الْمصْرِيّ ولد بغرناطة قيل فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَخمسين وسِتمِائَة وَقبل فِي شَوَّال سنة أَربع
وَخمسين وَشرع فِي طلب الْعلم سنة سبعين وَأخذ علم الْعَرَبيَّة بِبَلَدِهِ عَن جمَاعَة أشهرهم أَبُو جَعْفَر ابْن الزبير وَعنهُ أَخذ علم الحَدِيث بالمغرب وَقَرَأَ عَلَيْهِ وعَلى غَيره بالروايات وَأخذ شَيْئا قَلِيلا عَن مَشَايِخ شَيْخه أبي جَعْفَر الْمَذْكُور وَالْأَخْذ عَن أبي عَليّ الشلوبين ثمَّ قدم الْقَاهِرَة سنة تسع بِتَقْدِيم التَّاء وَسبعين فَأدْرك أَبَا الطَّاهِر إِسْمَاعِيل بن هبة الله المليجي وَهُوَ آخر من قَرَأَ على أبي الْجُود فَقَرَأَ عَلَيْهِ وَقَرَأَ الْعَرَبيَّة على الشَّيْخَيْنِ رَضِي الدَّين القسنطيني وبهاء الدَّين ابْن النّحاس وَقَرَأَ عَلَيْهِ كتاب سِيبَوَيْهٍ وَأخذ علم الْأُصُول عَن الإصفهاني
وَعلم الحَدِيث عَن الدمياطي وَغَيره وَسمع الْكثير من نَحْو أَرْبَعمِائَة شيخ واجازه خلق يُوفونَ على ألف وَخَمْسمِائة نفر وَقد ذكر ذَلِك فِي كتاب سَمَّاهُ التِّبْيَان فِيمَن روى عَنهُ أَبُو حَيَّان وَكَانَ ظاهريا فانتمى إِلَى الشَّافِعِيَّة وَكَانَ يَقُول محَال أَن يرجع عَن مَذْهَب الظَّاهِرِيَّة وَاخْتصرَ منهاج النَّوَوِيّ وتصدى لإقراء الْعَرَبيَّة بعد موت ابْن النّحاس سنة ثَمَان وَتِسْعين وَصَارَ شيخ النَّحْوِيين من ذَلِك الْوَقْت إِلَى حِين وَفَاته وَقَرَأَ النَّاس عَلَيْهِ طبقَة بعد طبقَة حَتَّى الْحق الأصاغر بالأكابر وصنف التصانيف الْمَشْهُورَة الْكَثِيرَة ذكر بعض الْحفاظ انها تزيد على خمسين مصنفا مِنْهَا الْبَحْر الْمُحِيط فِي التَّفْسِير وَالنّهر من الْبَحْر وَشرح التسهيل وارتشاف الضَّرْب وَحدث سمع مِنْهُ الْأَئِمَّة الْعلمَاء الْحفاظ وَغَيرهم وأضر قبل مَوته بِقَلِيل وترجمته طَوِيلَة مَشْهُورَة قَالَ الصّلاح الصَّفَدِي وَهُوَ الَّذِي جسر النَّاس على قِرَاءَة كتب ابْن مَالك ورغبهم فِيهَا وَشرح لَهُم غامضها وَكَانَ يَقُول فِي مُقَدّمَة ابْن الْحَاجِب هَذِه نَحْو الْفُقَهَاء توفّي بِالْقَاهِرَةِ فِي صفر سنة خمس وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة وَدفن بمقبرة الصُّوفِيَّة وَقد ذكر صَاحبه الْكَمَال الأدفوي فِي كِتَابه الْبَدْر السافر لَهُ تَرْجَمَة طَوِيلَة نَحْو كراس وسرد أَسمَاء جمَاعَة من مشايخه وَذكر عدد تصانيفه وَقَالَ إِنَّه قَرَأَ الْفِقْه على مَذْهَب الشَّافِعِي على
الشَّيْخ علم الدَّين ابْن بنت الْعِرَاقِيّ بحث عَلَيْهِ الْمُحَرر للرافعي ومختصر الْمِنْهَاج للنووي وَحفظ الْمِنْهَاج إِلَّا يَسِيرا وَعدد من تصانيفه الْوَهَّاج اختصر فِيهِ الْمِنْهَاج فِي الْفِقْه وَكَانَ يمِيل إِلَى مَذْهَب أهل الظَّاهِر وَكَانَ سيء الظَّن بِالنَّاسِ كَافَّة
627 -
مُحَمَّد الإِمَام تَقِيّ الدَّين الْمصْرِيّ الْمَعْرُوف بِابْن الببائي ابْن قَاضِي ببا تفقه على الْعِمَاد البلبيسي وَابْن اللبان وَغَيرهمَا من فُقَهَاء مصر ذكره الْحَافِظ زين الدَّين الْعِرَاقِيّ فِي وفياته وَقَالَ برع فِي الْفِقْه حَتَّى كَانَ أذكر فُقَهَاء المصريين مَعَ فقه النَّفس وَالدّين المتين والورع وَكَانَ يكْتَسب بالمتجر يُسَافر إِلَى الأسكندرية مرّة أَو مرَّتَيْنِ ويشتغل بِجَامِع عَمْرو بِغَيْر مَعْلُوم وَكَانَ يستحضر الرَّافِعِيّ وَالرَّوْضَة وَيحل الْحَاوِي الصَّغِير حلا حسنا وَصَحب الشَّيْخ أَبَا عبد الله ابْن الْحَاج وَغَيره من أهل الْخَيْر ودرس فِي آخر عمره بِجَامِع أقسنقر
ومدرسة الْملك بعد شَيْخه عماد الدَّين البلبيسي المتوفي فِي شعْبَان سنة تسع وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة وَتُوفِّي شَهِيدا فِي السّنة الْمَذْكُورَة
628 -
مَحْمُود بن عبد الرَّحْمَن بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن أبي بكر بن عَليّ الْعَلامَة شمس الدَّين أَبُو الثَّنَاء الْأَصْفَهَانِي ولد باصفهان فِي شعْبَان سنة أَربع وَتِسْعين وسِتمِائَة واشتغل بتبريز وَقَرَأَ على وَالِده وعَلى جمال الدَّين بن أبي الرَّجَاء وَغَيرهمَا وَبَلغنِي أَنه أَخذ عَن قطب الدَّين الشِّيرَازِيّ وتصدر للاقراء بهَا ثمَّ قدم دمشق فِي سنة خمس وَعشْرين ودرس بالرواحية وَيَوْم الإجلاس بَالغ الْفُضَلَاء فِي الثَّنَاء عَلَيْهِ وَأفَاد الطّلبَة ثمَّ قدم الديار المصرية سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ مَطْلُوبا وَتَوَلَّى تدريس المعزية بِمصْر ومشيخة الخانقاه القوصونية أول مَا فتحت فِي صفر سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ وَلما قدم دمشق كَانَ ابْن تَيْمِية يُبَالغ فِي تَعْظِيمه
وَقَالَ مرّة اسْكُتُوا حَتَّى نسْمع كَلَام هَذَا الْفَاضِل الَّذِي مَا دخل الْبِلَاد مثله قَالَ الْإِسْنَوِيّ كَانَ إِمَامًا بارعا فِي العقليات عَارِفًا بالأصلين فَقِيها صَحِيح الِاعْتِقَاد محبا لأهل الْخَيْر وَالصَّلَاح منقادا لَهُم مطرحا للتكلف مجموعا على الْعلم ونشره قدم الديار المصرية وَحصل لَهُ فِيهَا رقْعَة حَظّ وصنف التصانيف الْمَشْهُورَة المفيدة المحررة وانتشرت تلاميذه وَلم يزل على ذَلِك إِلَى أَن توفّي وَذكر لَهُ الصّلاح الصَّفَدِي تَرْجَمَة طَوِيلَة وَبَالغ فِي الثَّنَاء عَلَيْهِ توفّي شَهِيدا بالطاعون فِي ذِي الْقعدَة سنة تسع وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة وَدفن بالقرافة وَمن تصانيفه شرح مُخْتَصر ابْن الْحَاجِب وَشرح الْمِنْهَاج للبيضاوي والطوالع للبيضاوي والبديع لِابْنِ الساعاتي وفصول النَّسَفِيّ والحاجبيه وَتَجْرِيد النصير الطوسي وَشرع فِي تَفْسِير الْقُرْآن وَلم يتمه قَالَ الصَّفَدِي رَأَيْته يكْتب فِي تَفْسِيره من خاطره من غير مُرَاجعَة وَقَالَ بَعضهم قد وقفت عَلَيْهِ وَقد جمع فِيهِ بَين الْكَشَّاف ومفاتيح الْغَيْب للامام جمعا حسنا بِعِبَارَة وجيزة مَعَ زيادات واعتراضات فِي مَوَاضِع كَثِيرَة
629 -
مَحْمُود بن عَليّ بن إِسْمَاعِيل بن يُوسُف الْعَالم محب الدَّين أَبُو الثَّنَاء بن
الإِمَام الْعَلامَة عَلَاء الدَّين التبريزي القونوي الأَصْل الْمصْرِيّ ولد بِمصْر سنة تسع بِتَقْدِيم التَّاء عشرَة وَسَبْعمائة وَتُوفِّي وَالِده وَهُوَ صَغِير فاشتغل وَأخذ عَن مَشَايِخ الْعَصْر ودرس وأشغل وَأفْتى وصنف ذكره رَفِيقه الْإِسْنَوِيّ فِي طبقاته وَبَالغ فِي الْمَدْح لَهُ وَالثنَاء عَلَيْهِ فَقَالَ كَانَ صَاحب علم وَعمل وَطَرِيقَة لَا عوج فِيهَا وَلَا خلل كَانَ عَالما بالفقه وأصوله فَاضلا فِي الْعَرَبيَّة والمعاني وَالْبَيَان صَالحا مُجْتَهدا فِي الْعِبَادَة والتلاوة كثير الِاشْتِغَال والإشغال محافظا على اوقاته صَحِيح الذِّهْن سليم الْبَاطِن سخيا صَاحب جد فِي أَحْوَاله قَلِيل الِاخْتِلَاط بِالنَّاسِ بحث كتبا كَثِيرَة كبارًا كَامِلَة فِي عُلُوم على كبار مَشَايِخ ذَلِك الْفَنّ مِنْهَا التسهيل على الشَّيْخ أبي حَيَّان ومنتهى السُّؤَال للآمدي على الاصفهاني والإيضاح فِي علم الْبَيَان على القَاضِي جلال الدَّين وكمل هَذَا وَهُوَ نَحْو عشْرين سنة ثمَّ أقبل على الإشغال والاشتغال بجد واجتهاد وَشرع فِي تصنيف أَشْيَاء عاقة عَن إكمالها اخترام الْمنية وكمل مِنْهَا شرح الْمُخْتَصر فِي جزأين وَهُوَ من أحسن شروحه ودرس بالشريفية وبالجامع المارداني وَولى مشيخة الخانقاه النجمية بِظَاهِر الْقَاهِرَة انْتهى وَشَرحه الْمَذْكُور فِيهِ فَوَائِد من كَلَام وَالِده وَغَيره وَفِي كثير مِنْهُ يَحْكِي كَلَام الاصفهاني بِحُرُوفِهِ توفّي فِي ربيع الْأُخَر سنة ثَمَان وَخمسين وَسَبْعمائة
630 -
مَحْمُود بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مَحْمُود الْعَالم الصَّالح شرف الدَّين الْقرشِي الطَّالِبِيُّ الدركزيني ذكره الْإِسْنَوِيّ وَقَالَ كَانَ عَالما زاهدا كثير الْعِبَادَة شَدِيد الِاتِّبَاع للسّنة صَاحب كرامات أجمع عَلَيْهِ الْعَامَّة والخاصة والملوك وَالْعُلَمَاء فَمن دونهم وَكَانَ طَويلا جدا جَهورِي الصَّوْت حسن الْخلق والخلق جوادا من بَيت علم وَدين صنف فِي الحَدِيث كتابا سَمَّاهُ نزل السائرين فِي مُجَلد وَشرح منَازِل السائرين فِي جزأين توفّي فِي شعْبَان سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة عَن ثَلَاث وَتِسْعين سنة بدركزين وَدفن بهَا وَهِي بدال مُهْملَة مَفْتُوحَة ثمَّ رَاء سَاكِنة ثمَّ كَاف مَكْسُورَة ثمَّ زَاي مُعْجمَة بعْدهَا يَاء مثناة من تَحت ثمَّ نون بَلْدَة من همذان بَينهمَا اثْنَا عشر فرسخا
631 -
يُوسُف بن عبد الرَّحْمَن بن يُوسُف بن عبد الْملك بن يُوسُف بن عَليّ بن أبي الزهر الإِمَام الْعَلامَة الْحَافِظ الْكَبِير شيخ الْمُحدثين عُمْدَة الْحفاظ أعجوبة الزَّمَان جمال الدَّين أَبُو الْحجَّاج بن الزكي أبي مُحَمَّد الْقُضَاعِي الْكَلْبِيّ الْحلَبِي ثمَّ الدِّمَشْقِي الْمزي مولده فِي ربيع الآخر سنة أَربع وَخمسين
وسِتمِائَة بِظَاهِر حلب وَنَشَأ بالمزة قَرَأَ شَيْئا من الْفِقْه على مَذْهَب الشَّافِعِي وَحصل طرفا من الْعَرَبيَّة وبرع فِي التصريف واللغة ثمَّ شرع فِي طلب الحَدِيث بِنَفسِهِ وَله عشرُون سنة وَسمع الْكثير ورحل قَالَ بَعضهم ومشيخته نَحْو الْألف وبرع فِي فنون الحَدِيث وَأقر لَهُ الْحفاظ من مشايخه وَغَيرهم بالتقديم وَحدث بالكثير نَحْو خمسين سنة فَسمع مِنْهُ الْكِبَار والحفاظ وَولي دَار الحَدِيث الأشرفية ثَلَاثًا وَعشْرين سنة وَنصفا وَقَالَ ابْن تَيْمِية لما بَاشَرَهَا لم يلها من حِين بنيت إِلَى الأن أَحَق بِشَرْط الْوَاقِف مِنْهُ لقَوْل الْوَاقِف فَإِن اجْتمع من فِيهِ الرِّوَايَة وَمن فِيهِ الدِّرَايَة قدم من فِيهِ الرِّوَايَة قَالَ الذَّهَبِيّ فِي المعجم الْمُخْتَص شَيخنَا الإِمَام الْعَلامَة الْحَافِظ النَّاقِد الْمُحَقق الْمُفِيد مُحدث الشَّام طلب الحَدِيث سنة أَربع وَسبعين وهلم جرا وَأكْثر وَكتب العالي والنازل بِخَطِّهِ الْمليح المتقن وَكَانَ عَارِفًا بالنحو والتصريف بَصيرًا باللغة يُشَارك فِي الْفِقْه وَالْأُصُول ويخوض فِي مضايق الْمَعْقُول ويدري الحَدِيث كَمَا فِي النَّفس متْنا وإسنادا وَإِلَيْهِ الْمُنْتَهى فِي معرفَة الرِّجَال وطبقاتهم وَمن نظر فِي كِتَابه تَهْذِيب الْكَمَال علم مَحَله من الْحِفْظ فَمَا رَأَيْت مثله وَلَا رأى هُوَ مثل نَفسه فِي مَعْنَاهُ وَكَانَ ينطوي على دين وسلامة وباطن وتواضع وفراغ عَن الرِّئَاسَة وقناعة وَحسن سمت وَقلة كَلَام وَحسن احْتِمَال وَقد بَالغ فِي الثَّنَاء عَلَيْهِ أَبُو حَيَّان وَابْن سيد النَّاس
وَغَيرهمَا من عُلَمَاء الْعَصْر توفّي فِي صفر سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة وَدفن بمقابر الصُّوفِيَّة غربي قبر صَاحبه ابْن تَيْمِية وَمن تصانيفه كتاب تَهْذِيب الْكَمَال والأطراف وَغَيرهمَا