الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الطَّبَقَة السَّابِعَة وَالْعشْرُونَ وهم الَّذين كَانُوا فِي الْعشْرين الْخَامِسَة من الْمِائَة الثَّامِنَة
677 -
إِبْرَاهِيم بن عبد الرَّحِيم بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن سعد الله بن جمَاعَة بن عَليّ بن جمَاعَة الْكِنَانِي قَاضِي مصر وَالشَّام وخطيب الخطباء وَشَيخ الشُّيُوخ وكبير طَائِفَة الْفُقَهَاء وَبَقِيَّة رُؤَسَاء الزَّمَان برهَان الدَّين أَبُو إِسْحَاق بن الْخَطِيب زين الدَّين أبي مُحَمَّد بن قَاضِي مصر وَالشَّام بدر الدَّين ولد بِمصْر فِي ربيع الآخر سنة خمس وَعشْرين وَسَبْعمائة وَقدم دمشق صَغِيرا فَنَشَأَ عِنْد أَقَاربه بالمزة وأحضر على جده وَسمع من أَبِيه وَعَمه وَطلب الحَدِيث بِنَفسِهِ وَهُوَ صَغِير فِي حُدُود الْأَرْبَعين وَسمع من شُيُوخ مصر وَالشَّام ولازم الْمزي والذهبي وَحصل الاجزاء وَتخرج على الشُّيُوخ واشتغل فِي فنون الْعلم وَتُوفِّي وَالِده سنة تسع وَثَلَاثِينَ وَهُوَ صَغِير فَكتبت خطابة الْقُدس باسمه واستنيب لَهُ مُدَّة ثمَّ بَاشر بِنَفسِهِ وَهُوَ صَغِير وَانْقطع بِبَيْت الْمُقَدّس ثمَّ أضيف
إِلَيْهِ تدريس الصلاحية بعد وَفَاة العلائي ثمَّ خطب إِلَى قَضَاء الديار المصرية بعد عزل أبي الْبَقَاء فِي جمادي الآخر سنة ثَلَاث وَسبعين وباشر بنزاهة وعفة ومهابة وَحُرْمَة وعزل نَفسه فَسَأَلَهُ السُّلْطَان وترضاه حَتَّى عَاد وَاسْتمرّ إِلَى أَن عزل نَفسه ثَانِيًا فِي شعْبَان سنة سبع بِتَقْدِيم السِّين وَسبعين وَعَاد إِلَى الْقُدس على وظائفه ثمَّ سُئِلَ فِي الْعود إِلَى الْقَضَاء فأعيد فِي صفر سنة إِحْدَى وَثَمَانِينَ فباشر ثَلَاث سِنِين إِلَى أَن عزل نَفسه فِي صفر سنة أَربع وَثَمَانِينَ وَعَاد إِلَى الْقُدس ثمَّ خطب إِلَى قَضَاء دمشق والخطابة بعد موت القَاضِي ولي الدَّين فِي ذِي الْقعدَة سنة خمس وَثَمَانِينَ ثمَّ أضيف إِلَيْهِ مشيخة الشُّيُوخ بعد سنة من ولَايَته وَقَامَ فِي أُمُور كبار فتمت لَهُ ذكره الذَّهَبِيّ فِي المعجم الْمُخْتَص وَقَالَ الإِمَام الْفَقِيه الْمُحدث الْمُفِيد أحد من طلب وعني بتحصيل الْأَجْزَاء وَقَرَأَ وتميز وَهُوَ فِي ازدياد من الْفَضَائِل ولي خطابة الْقُدس بعد وَالِده وَقَرَأَ على كثير انْتهى وَحكي عَنهُ أَنه قَالَ مَا وليت قطّ فقاهة وَلَا إِعَادَة وَقَالَ الْحَافِظ شهَاب الدَّين ابْن حجر أمتع الله بِبَقَائِهِ عزل نَفسه فِي أثْنَاء ولَايَته غير مرّة ثمَّ يسْأَل ويعاد وَكَانَ محببا إِلَى النَّاس وَإِلَيْهِ انْتَهَت رئاسة الْعلمَاء فِي زَمَانه فَلم يكن أحد يدانيه فِي سَعَة الصَّدْر وَكَثْرَة الْبَذْل وَقيام الْحُرْمَة والصدع بِالْحَقِّ وقمع أهل الْفساد مَعَ الْمُشَاركَة الجيدة فِي الْعُلُوم واقتنى من الْكتب النفيسة بخطوط مصنفيها وَغَيرهم مَا لم يتهيأ لغيره انْتهى وَقد وقفت لَهُ على مجاميع وفوائد بِخَطِّهِ وَجمع تَفْسِيرا فِي
نَحْو عشر مجلدات وقفت عَلَيْهِ بِخَطِّهِ وَفِيه غرائب وفوائد توفّي سنة الْفجأَة فِي شعْبَان سنة تسعين وَسَبْعمائة وَدفن بتربة أَقَاربه بني الْوَجِيه بالمزة
678 -
أَحْمد بن حمدَان بن أَحْمد بن عبد الْوَاحِد بن عبد الْغَنِيّ بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن سَالم بن دَاوُد بن يُوسُف بن جَابر الإِمَام الْعَلامَة المطلع صَاحب التصانيف الْمَشْهُورَة شهَاب الدَّين أَبُو الْعَبَّاس الْأَذْرَعِيّ شيخ الْبِلَاد الشمالية وفقيه تِلْكَ النَّاحِيَة ومفتيها والمشار إِلَيْهِ بِالْعلمِ فِيهَا مولده فِي إِحْدَى الجماديين سنة ثَمَان وَقيل سنة سبع بِتَقْدِيم السِّين وَسَبْعمائة بأذرعات وَسمع من جمَاعَة قَرَأَ على الحافظين الْمزي والذهبي وَأَجَازَ لَهُ جمع من دمشق ومصر والإسكندرية وَخرج لَهُ الْحَافِظ شهَاب الدَّين ابْن حجي جُزْءا واشتغل
بِدِمَشْق على الْكثير وَأخذ عَن ابْن النَّقِيب وَابْن جملَة ولازم الْفَخر الْمصْرِيّ وَهُوَ الَّذِي أذن لَهُ فِي الْإِفْتَاء فِي سنة خمس وَثَلَاثِينَ وَدخل الْقَاهِرَة وَحضر درس الشَّيْخ مجد الدَّين السنكلومي ثمَّ سكن حلب وناب فِي الحكم بهَا مُدَّة عَن ابْن الصَّائِغ أول مَا قدم فَلَمَّا مَاتَ ترك ذَلِك وَأَقْبل على الِاشْتِغَال والتدريس والتصنيف وَالْكِتَابَة وَالْفَتْوَى ونفع النَّاس وَحصل لَهُ كتب كَثِيرَة لقلَّة الطلاب هُنَاكَ وَنقل مِنْهَا فِي تصانيفه بِحَيْثُ إِنَّه لَا يوازيه أحد من الْمُتَأَخِّرين فِي كَثْرَة النَّقْل وَكتب على الْمِنْهَاج الْقُوت فِي عشر مجلدات والغنية أَصْغَر من الْقُوت والتوسط وَالْفَتْح بَين الرَّوْضَة وَالشَّرْح فِي نَحْو عشْرين مجلدا والتنبيهات على أَوْهَام الْمُهِمَّات فِي نَحْو ثَلَاث مجلدات وصل فِيهِ فِيهِ إِلَى الطَّلَاق ولد أسئلة سَأَلَ عَنْهَا قَدِيما الشَّيْخ تَقِيّ الدَّين السُّبْكِيّ وَله أسئلة على التوشيح وَغير ذَلِك وَكتبه مفيدة وَهُوَ ثِقَة ثَبت فِي النَّقْل وَكثير من الْكتب الَّتِي نقل عَنْهَا قد عدمت فأبقى الله تَعَالَى ذكرهَا بنقلة عَنْهَا وإيداع مَا فِيهَا من الْفَوَائِد والغرائب فِي كتبه لكنه قَلِيل التَّصَرُّف وَلَا يَد لَهُ فِي غير الْفِقْه وَضعف بَصَره فِي آخر عمره وَثقل سَمعه جدا وَسقط من سلم فَكسرت رجله وَصَارَ ضَعِيف الْمَشْي قَالَ الْحَافِظ شهَاب الدَّين ابْن حجر أمتع الله بِبَقَائِهِ اشتهرت فَتَاوِيهِ فِي
الْبِلَاد الحلبية وَكَانَ سريع الْكِتَابَة مطرح النَّفس كثير الْجُود صَادِق اللهجة شَدِيد الْخَوْف من الله تَعَالَى وَقدم الْقَاهِرَة بعد موت الْإِسْنَوِيّ وَأخذ عَنهُ بعض أَهلهَا ثمَّ رَجَعَ ورحل إِلَيْهِ من فضلاء المصريين الشَّيْخ بدر الدَّين الزَّرْكَشِيّ وَالشَّيْخ برهَان الدَّين البيجوري وَكتب عَنهُ شرح الْمِنْهَاج وَكَانَ فَقِيه النَّفس لطيف الذَّوْق كثير الإنشاد للشعر وَله نظم قَلِيل وَكَانَ يَقُول الْحق وينكر الْمُنكر ويخاطب نواب حلب بالغلظة وَكَانَ محبا للغرباء محسنا إِلَيْهِم مُعْتَقدًا لأهل الْخَيْر كثير الْمُلَازمَة لبيته لَا يخرج إِلَّا لضَرُورَة وَكَانَ كثير التَّحَرِّي فِي أُمُوره وَقَالَ غَيره إِنَّه كَانَ يَأْخُذ العقد على أَصْحَابه أَنهم لَا يلون الْقَضَاء وشاعت فَتَاوِيهِ فِي الأفاق مَعَ التوقي الشَّديد خُصُوصا فِي الطَّلَاق وَكَانَ عسرا فِي الْإِذْن فِي الْإِفْتَاء لم يَأْذَن إِلَّا لجَماعَة يسيرَة مِنْهُم القَاضِي شرف الدَّين الْأنْصَارِيّ وَشرف الدَّين الداديخي وَقد بلغ ابْن حبيب فِي الثَّنَاء عَلَيْهِ فِي ذيله على تَارِيخ وَالِده توفّي فِي جمادي الأخرة سنة ثَلَاث وَثَمَانِينَ وَسَبْعمائة بحلب وَدفن خَارج بَاب الْمقَام تجاه تربة ابْن الصاحب
679 -
احْمَد بن صَالح بن أَحْمد بن خطاب بن مرحم الإِمَام الْعَلامَة بَقِيَّة السّلف مفتي الْمُسلمين صدر المدرسين شهَاب الدَّين أَبُو الْعَبَّاس الزُّهْرِيّ البقاعي الدِّمَشْقِي مولده سنة ثِنْتَيْنِ أَو ثَلَاث وَعشْرين وَسَبْعمائة تَقْرِيبًا وَقَالَ بَعضهم سنة إِحْدَى وَعشْرين قدم دمشق صَغِيرا مَعَ بعض أَقَاربه سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَسمع بهَا من الحافظين الْمزي والبرزالي ثمَّ رَجَعَ إِلَى بَلَده ثمَّ قدم ثَانِيًا للاشتغال قبل الْأَرْبَعين ولازم الشَّيْخ فَخر الدَّين الْمصْرِيّ ثمَّ القَاضِي بهاء الدَّين أَبَا الْبَقَاء وَكَانَ يقرىء أولادهما وَأخذ عَن الشَّيْخ شمس الدَّين ابْن قَاضِي شُهْبَة وَغَيره من مَشَايِخ الْعَصْر وَأخذ الدَّين الأردبيلي ثمَّ عَن الشَّيْخ برهَان الدَّين الإخميمي وبرع فِي ذَلِك وَأذن لَهُ القَاضِي بهاء الدَّين بالإفتاء سنة ثَلَاث وَخمسين ودرس بالقليجية وَولي إِفْتَاء دَار الْعدْل ودرس بالعادلية الصُّغْرَى والعصرونية ثمَّ بالشامية
البرانية نزل لَهُ عَنْهَا جدي فِي شهر مولدِي ربيع الأول سنة تسع وَسبعين وناب فِي الْقَضَاء للبلقيني مُدَّة يسيرَة عَن القَاضِي كَمَال الدَّين المعري فَمن بعده من الْقُضَاة آخِرهم ابْن جمَاعَة وولاه منطاش الْقَضَاء والتدريس فِي جُمَادَى الأولى سنة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعين فاستمر بَقِيَّة أَيَّام منطاش شهرا وَنصفا وانفصل بانفصاله وَعجب النَّاس من دُخُوله فِي ذَلِك مَعَ وفور عقله وَانْقطع بعد ذَلِك على الْعِبَادَة وَالِاعْتِكَاف فِي الْجَامِع بالحلبية فان الْحَافِظ شهَاب الدَّين ابْن حجي وَكَانَ من أَعْيَان الْفُضَلَاء مَعْرُوفا بِحل الْمُخْتَصر والمنهاج فِي الْأُصُول وَمَعْرِفَة التَّعْجِيز والتمييز فِي الْفِقْه يستحضرهما وَله مُشَاركَة جَيِّدَة فِي الْعَرَبيَّة وأصول الدَّين وَله نظم ثمَّ انْتَهَت إِلَيْهِ رئاسة الشَّافِعِيَّة بعد موت أقرانه وَتفرد بالمشيخة مُدَّة وَكَانَ رجلا عَارِفًا بالأمور ويتيمن بِرَأْيهِ ويستشار فِي الْأُمُور وَله حَظّ من صَلَاة وَصِيَام وَعبادَة قَلِيل الوقيعة فِي النَّاس حَافِظًا لِلِسَانِهِ انْتهى وَمن تصانيفه الْعُمْدَة أَخذ التَّنْبِيه وزاده التَّصْحِيح وَشرح التَّنْبِيه فِي مجلدات من الزنكلوني والتنويه ومصنفاته لَيست على قدر علمه وَكَانَ شكلا حسنا مهيبا كَأَنَّمَا خلق للْقَضَاء وَكَانَ مقتصدا فِي ملبسه وعيشته توفّي فِي الْمحرم سنة خمس وَتِسْعين وَسَبْعمائة وَدفن بمقبرة الصُّوفِيَّة
680 -
أَحْمد بن عبد الْوَهَّاب بن عبد الرَّحِيم الْعَالم الْمُفْتِي الحبر شهَاب الدَّين أَبُو الْعَبَّاس بن الْجبَاب مولده فِي رَجَب سنة سبع بِتَقْدِيم السِّين وَثَلَاثِينَ وَسَبْعمائة بِدِمَشْق وَكَانَ أَبوهُ مصريا قدم دمشق وَأعَاد بالرواحية والأسدية ثمَّ توجه بعد الْخمسين إِلَى قَضَاء الشويك فَتوفي بهَا سنة بضع وَسِتِّينَ فَقدم وَلَده دمشق وَجلسَ مَعَ الشُّهُود ثمَّ صحب القَاضِي تَاج الدَّين فِي أَيَّام محنته فقربه وَأحسن إِلَيْهِ وَدخل بَين الْفُقَهَاء وتنزل بالمدارس وَلم يشْتَغل على شيخ وَإِنَّمَا كَانَ يطالع ويشتغل وَحده ثمَّ صحب القونوي وَكَانَ يُرْسل مَعَه الرسائل ثمَّ إِنَّه ترك الْمدَارِس أَيَّام القَاضِي ولي الدَّين وَجلسَ بالجامع يشغل ويفتي وَكَانَ يرجع إِلَى دين ويعاني الْقُوَّة وآلات الْحَرْب أَخذ ذَلِك عَن القونوي وَكَانَ فِيهِ إِحْسَان إِلَى الطّلبَة ويساعدهم وَعِنْده مُرُوءَة وعصبية وَكَانَ يحجّ كثيرا ويتجر فِي أثْنَاء ذَلِك وَكَانَ ينْهَى عَن الْمُنكر وَيعلم النَّاس فِي طَرِيق الْحَج أُمُور دينهم توفّي فِي ذِي الْقعدَة سنة ثَمَانمِائَة مُتَوَجها إِلَى الْحَج بِأَسْفَل الْعقبَة وَدفن عِنْد الطبيلية
681 -
أَحْمد بن عُثْمَان بن عِيسَى بن حسن بن حُسَيْن بن عبد المحسن الْعَلامَة البارع الْمُفْتِي النظار نجم الدَّين أَبُو الْعَبَّاس الياسوفي الأَصْل الدِّمَشْقِي الْمَعْرُوف بِابْن الجابي مولده فِي أَوَاخِر سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ وَسَبْعمائة سمع الحَدِيث وَكتب بِخَطِّهِ طباقا والمشتبه للذهبي وطالع فن الحَدِيث وَفهم فِيهِ وَأخذ الْفِقْه عَن الْمَشَايِخ الثَّلَاثَة الْغَزِّي والحسباني وحجي وَغَيرهم وَأخذ الْأُصُول عَن الشَّيْخ بهاء الدَّين الإخميمي ودرس وَأفْتى وأشغل واشتهر اسْمه وشاع ذكره وَكَانَ أَولا فَقِيرا ودرس بالدماغية ثمَّ تمول ورث هُوَ وَابْنه مَالا من جِهَة زَوجته وَكثر مَاله ونما واتسعت عَلَيْهِ الدُّنْيَا وسافر إِلَى مصر فِي تِجَارَة وَحصل لَهُ وجاهة بِالْقَاهِرَةِ بكاتب السِّرّ الأوحد وَولي تدريس الظَّاهِرِيَّة أَخذهَا من ابْن الشَّهِيد وَأعَاد بالشامية الجوانية قَالَ الْحَافِظ شهَاب الدَّين ابْن حجي برع فِي الْفِقْه وَالْأُصُول وَكَانَ يتوقد ذكاء سريع الْإِدْرَاك والفهم حسن المناظرة مَا كَانَ فِي أَصْحَابنَا مثله لَهُ الْإِقْدَام والجرأة فِي
المحافل مَعَ الْكَلَام المتين وَكَانَ ينْسب إِلَى حِدة فِي بَحثه وَرُبمَا خرج على من يباحثه وَمَعَ ذَلِك مَا كنت أحب مناظرة أحد سواهُ وَلَا يُعجبنِي مباحثة غَيره فَإِنَّهُ كَانَ منصفا سريع التَّصَوُّر وَإِنَّمَا كَانَ يحتد على من لَا يجاريه فِي مضماره توفّي فِي جمادي الأولى سنة سبع بِتَقْدِيم السِّين وَثَمَانِينَ وَسَبْعمائة وَدفن بمقبرة الصُّوفِيَّة
682 -
أَحْمد بن مُحَمَّد بن عمر بن مُحَمَّد بن عبد الْوَهَّاب بن مُحَمَّد بن ذُؤَيْب بن مشرف الْفَقِيه الفرضي الْمدرس شهَاب الدَّين أَبُو الْعَبَّاس بن الشَّيْخ الإِمَام الْعَلامَة شيخ الْإِسْلَام شمس الدَّين أبي عبد الله بن القَاضِي نجم الدَّين أبي حَفْص بن القَاضِي شرف الدَّين أبي عبد الله الْأَسدي الْمَعْرُوف بِابْن قَاضِي شُهْبَة وَالِدي مولده فِي رَجَب سنة سبع بِتَقْدِيم السِّين وَثَلَاثِينَ وَسَبْعمائة وَحفظ التَّنْبِيه وَغَيره واشتغل على وَالِده وَأهل طبقته وَأذن لَهُ وَالِده فِي الْإِفْتَاء واشتغل فِي الْفَرَائِض وَمهر فِيهَا وصنف فِيهَا مصنفا ودرس وَأعَاد وَجلسَ للاشغال بالجامع الْأمَوِي مُدَّة وَكَانَ كريم النَّفس جدا كثير الْإِحْسَان إِلَى الطّلبَة وَالْفُقَهَاء والغرباء وَإِلَى أَقَاربه وَذَوي رَحمَه وَلم يكن بِبَلَدِهِ فِي طائفته أكْرم مِنْهُ وَمن الشَّيْخ نجم الدَّين ابْن الجابي توفّي فِي ذِي الْقعدَة سنة تسعين وَسَبْعمائة وَدفن بِبَاب الصَّغِير بِقَبْر وَالِده رحمهمَا الله تَعَالَى
683 -
أَبُو بكر بن عَليّ بن عبد الله أَبُو مُحَمَّد الشَّيْبَانِيّ الشَّيْخ الإِمَام الْقدْوَة الزَّاهِد العابد الخاشع الناسك الرباني بَقِيَّة مَشَايِخ عُلَمَاء الصُّوفِيَّة الْموصِلِي ثمَّ الدِّمَشْقِي مولده سنة أَربع وَثَلَاثِينَ وَسَبْعمائة على مَا بَلغنِي بالموصل واشتغل بهَا وَحفظ الْحَاوِي الصَّغِير ثمَّ حفظ التَّنْبِيه وَقدم دمشق وَهُوَ شَاب وَكَانَ يعاني الحياكة فَأَقَامَ بالقبيبات عِنْد منزله الْمَعْرُوف زَمَانا طَويلا وَهُوَ يشْتَغل بِالْعلمِ ويسلك طَرِيق الصُّوفِيَّة وَالنَّظَر فِي كَلَامهم ولازم الشَّيْخ قطب الدَّين مُدَّة وَاجْتمعَ بالشيخ عبد الله اليافعي وَغَيره من الصَّالِحين وَالْعُلَمَاء وَكَانَ يطالع كثيرا الحَدِيث ويحفظ جملَة من الحَدِيث ويعزوها إِلَى رواتها وَصَارَ لَهُ يَد فِي الْفِقْه وَصَارَ لَهُ أَتبَاع وَلم يزل يعْمل بِيَدِهِ إِلَى آخر وَقت وَكَانَ من كبار الْأَوْلِيَاء وسادات الْعباد جمع بَين علمي الشَّرِيعَة والحقيقة ووفق للْعلم وَالْعَمَل وَكَانَ يحضر مواعيده كبار الْعلمَاء فيسمعون مِنْهُ الْفَوَائِد العجيبة والنكت الغريبة وَكَانَ القَاضِي شهَاب الدَّين الزُّهْرِيّ مِمَّن يحضر مجالسه ويبالغ فِي تَعْظِيمه وَكَذَلِكَ الشَّيْخ شمس الدَّين الصرخدي وَكَانَ يتَرَدَّد إِلَيْهِ نواب الشَّام ويمتثلون أوامره وَحج غَيره مرّة وَعظم قدره عِنْد السُّلْطَان الْملك الظَّاهِر لما عَاد إِلَى الْملك وَكَانَ يكاتبه ويأمره بِمَا فِيهِ نفع الْمُسلمين وَكَانَ
السُّلْطَان فِي سنة سِتّ وَتِسْعين اجْتمع بِهِ وَصعد السُّلْطَان إِلَى منزله ورقى السّلم وَأَعْطَاهُ مَالا فَأبى أَن يقبله وَكَانَ إِذْ ذَاك بالقدس وَكَانَ فِي آواخر عمره يذهب إِلَى هُنَاكَ مُدَّة ثمَّ يرجع إِلَى دمشق فَتوفي بالقدس فِي شَوَّال سنة سبع بِتَقْدِيم السِّين وَتِسْعين وَسَبْعمائة وَدفن بمقبرة ماملا وَله مصنفات صغَار فِي التصوف وَغَيره وَله منسك صَغِير فِي نَحْو كراستين ذكر فِيهِ الْمذَاهب الْأَرْبَعَة
684 -
حجي بن مُوسَى بن أَحْمد بن سعد بن عشم بن غَزوَان بن عَليّ بن مشرف بن تركي الإِمَام الْعَلامَة فَقِيه الشَّام وحافظ الْمَذْهَب عَلَاء الدَّين أَبُو مُحَمَّد السَّعْدِيّ الحسباني مولده سنة إِحْدَى وَعشْرين وَسَبْعمائة اشْتغل فِي صغره بالقدس وَحفظ كتبا وَأخذ عَن الشَّيْخ تَقِيّ الدَّين بن القلقشندي ثمَّ قدم الشَّام فِي سنة أَربع وَثَلَاثِينَ فقرا على شيوخها وَسمع الحَدِيث من البرزالي وَأبي الْعَبَّاس الْجَزرِي وَشَيْخه الَّذِي أنهاه بالشامية الشَّيْخ شمس الدَّين ابْن النَّقِيب وَغَيرهم وَحدث وَأفْتى وَأعَاد بالشامية البرانية وَغَيرهَا قَالَ وَلَده
حَافظ الْعَصْر أحد من اعتنى بالفقه وتحصيله وَتَقْرِيره وَحفظه وتحقيقه وتحريره وَكَانَ كثير الِاطِّلَاع صَحِيح النَّقْل عَارِفًا بالدقائق والغوامض مَعْرُوفا بِحل المشكلات مَعَ فهم صَحِيح وَسُرْعَة إِدْرَاك وقدرة على المناظرة برياضة وَحسن خلق وانتهت إِلَيْهِ رئاسة الْمَذْهَب وَشهد لَهُ الإِمَام شرف الدَّين قَاسم خطيب جَامع جراح وَكَانَ من الْمشَار إِلَيْهِم بالفقه أَنه فَقِيه الْمَذْهَب وَلذَلِك قَالَ القَاضِي تَاج الدَّين لِأَخِيهِ الشَّيْخ بهاء الدَّين عَنهُ إِنَّه فَقِيه الشَّام وَكَانَ يُقَال فُقَهَاء الْمَذْهَب ثَلَاثَة هُوَ أحدهم وخاتمهم وَكَانَ فَارغًا عَن طلب الرِّئَاسَة فِي الدُّنْيَا لَيْسَ لَهُ شغل وَلَا لَذَّة إِلَّا فِي الِاشْتِغَال فِي الْعلم والمطالعة وَلَا يتَرَدَّد إِلَى أهل الدولة وَله أوراد لَا يخل بهَا من الصَّلَاة وَالْقِرَاءَة والمواظبة على صَلَاة الْجُمُعَة بالجامع الْأمَوِي مَعَ بعد دَاره عَنهُ لَا يخل بذلك يَأْتِيهِ مَاشِيا وَلَو كَانَ مطر أَو وَحل وَلَا يخرج من بَيته إِلَّا على طَهَارَة وَيُحب التَّوسعَة على أَهله وَعِيَاله فِي النَّفَقَة لَا يجمع مَالا وَلَا يدخره وَمَات وَلم يخلف شَيْئا سوي ثِيَاب بدنه وَلَا يحْسد أحدا ويجانب الشَّرّ مَا اسْتَطَاعَ وَكَانَ محببا إِلَى النَّاس وَكَانَ مَعَ فهمه وذكائه لَا يعرف صنجة عشرَة من عشْرين وَلَا دِرْهَم من دِرْهَمَيْنِ وَلَا يحسن براية قلم وَلَا تكوير عِمَامَة توفّي فِي صفر سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وَسَبْعمائة وَدفن بمقبرة الصُّوفِيَّة بطرفها الغربي إِلَى جَانب ابْن الصّلاح بَينه وَبَين السهروردي مدرس القيمرية
685 -
الْحسن بن عَليّ بن سرُور بن سُلَيْمَان الإِمَام الْعَالم الْعَامِل العابد الْفَقِيه الأوحد بدر الدَّين أَبُو مُحَمَّد بن الْخَطِيب عَلَاء الدَّين الرمثاوي الأَصْل الدِّمَشْقِي الْمَعْرُوف بِابْن خطيب الحديثة مولده سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ وَسَبْعمائة اشْتغل فِي صغره وَحصل وَكتب بالشامية على مسَائِل بِسَبَب الِانْتِهَاء بهَا جمَاعَة فَكَانَ أحْسنهم كِتَابَة وَذَلِكَ سنة بضع وَخمسين وَسمع الحَدِيث ثمَّ ترك فِي الْمدَارِس والوظائف وَأَقْبل على الْعِبَادَة وَالطَّاعَة قَالَ صَاحبه الْحَافِظ شهَاب الدَّين بن حجي كَانَ يقوم اللَّيْل ويتحرى وَسطه وينام ويصوم يَوْمًا وَيفْطر يَوْمًا وَتارَة يفْطر أَيَّامًا ويصوم مثلهَا ويواظب على صَوْم الْأَيَّام الثَّلَاثَة وَيكثر من تِلَاوَة الْقُرْآن وَالتَّسْبِيح وَهُوَ مَعَ ذَلِك على زيه الأول ولباس الْفُقَهَاء وَكَانَ شكلا حسنا ذَا وَجه نير وانبساط مَعَ من يحادثه وَإِذا خلا وَحده فَلَا ترَاهُ إِلَّا مُصَليا أَو تاليا اَوْ ذَاكِرًا أَو مَا شَاءَ الله من أَنْوَاع الْخَيْر وَيكثر المطالعة فِي الْكتب الْفِقْهِيَّة والزهدية وَغير ذَلِك وَكَانَ فهمه فِي الْفِقْه وَالْعلم فهما جيدا وَله أسئلة ويبدي إشكالات ويجيب ويبحث وَبِالْجُمْلَةِ فَمَا فِي الْفُقَهَاء مثله وَلَا أعبد مِنْهُ توفّي فِي شهر رَمَضَان سنة ثَمَانمِائَة وَدفن بِبَاب الصَّغِير بِالْقربِ من مَسْجِد الذبان
686 -
سُلَيْمَان بن يُوسُف بن مُفْلِح بن أبي الْوَفَاء الإِمَام الْعَالم الْفَقِيه
الْمُحدث صدر الدَّين أَبُو الْفضل وَيُقَال أَبُو الرّبيع الياسوفي الْمَقْدِسِي ثمَّ الدِّمَشْقِي مولده تخمينا سنة تسع بِتَقْدِيم التَّاء وَثَلَاثِينَ وَسَبْعمائة وَقدم دمشق صَغِيرا وَحفظ محفوظات وَكَانَ يحفظ فِي مُخْتَصر ابْن الْحَاجِب كل يَوْم مِائَتي سطر حَتَّى خَتمه ودأب فِي الِاشْتِغَال ولازم الشَّيْخَيْنِ عماد الدَّين الحسباني وعلاء الدَّين حجي وَحصل وَفضل فِي مُدَّة قريبَة ولازم أَيْضا الشَّيْخ ولي الدَّين المنفلوطي وَقَرَأَ الْأُصُول على الشَّيْخ بهاء الدَّين الإخميمي وتنزل بالمدارس ثمَّ تَركهَا وتزهد مُدَّة وتصاحب هُوَ وَبدر الدَّين ابْن خطيب الحديثة وَكَانَ الآخر ترك الْوَظَائِف وَكَانَ على قدم جيد وَصَارَ يَأْمر بِالْمَعْرُوفِ وَينْهى عَن الْمُنكر وأوذي فِي ذَلِك غير مرّة ثمَّ حبب إِلَيْهِ الحَدِيث فَأخذ فِي السماع والطلب ولازم الْحَافِظ تَقِيّ الدَّين بن رَافع وَأخذ عَنهُ الْفَنّ ورحل إِلَى مصر وحلب ودرس بالأكزية وناب فِي تدريس العزيزية وَغَيرهَا وَأفْتى وشارك فِي فنون الحَدِيث وَخرج تخاريج مفيدة قَالَ الْحَافِظ شهَاب الدَّين بن حجي وَكَانَ حفظه مَشْهُورا بالذكاء وَسَمعنَا بقرَاءَته شَيْئا كثيرا وَكَانَ صَحِيح الْفَهم جيد الذِّهْن يناظر ويبحث جيدا إِلَّا أَنه صَار بِآخِرهِ يستروح إِلَى التَّمَسُّك بظواهر
الْآثَار يسْلك طَرِيق الِاجْتِهَاد وَيُصَرح بتخطئة الْكِبَار وَقد سَمِعت مِنْهُ وَسمع مني وَحدثت أَنا وإياه جَمِيعًا وأنشدني من نظمه وَذكر لَهُ الْحَافِظ برهَان الدَّين سبط ابْن العجمي تَرْجَمَة طَوِيلَة وَبَالغ فِي الثَّنَاء عَلَيْهِ وَقَالَ كَانَ من محَاسِن الدَّهْر لم تَرَ عَيْنَايَ فِي بَابه مثله انْتهى وَقد أَخْبرنِي عَنهُ جماعات بِكَلِمَات قبيحة فِي جمَاعَة من كبار الْأَئِمَّة واستزراء بكتب الْفِقْه وَكَانَ يمِيل إِلَى ابْن تَيْمِية ومذاهبه توفّي فِي شعْبَان سنة تسع بِتَقْدِيم التَّاء وَثَمَانِينَ وَسَبْعمائة مسجونا بقلعة دمشق من قبل السُّلْطَان بِسَبَب الظَّاهِرِيَّة وقيامهم على السُّلْطَان وَدفن بمقبرة الصُّوفِيَّة بِقرب قبر ابْن تَيْمِية
687
- عبد الله بن مُحَمَّد بن عبد الْبر بن يحيى بن عَليّ بن تَمام بن يُوسُف بن مُوسَى بن تَمام قَاضِي الْقُضَاة ولي الدَّين أَبُو ذَر بن قَاضِي الْقُضَاة بهاء الدَّين أبي الْبَقَاء بن القَاضِي سديد الدَّين أبي مُحَمَّد الْأنْصَارِيّ السُّبْكِيّ مولده فِي جُمَادَى الْآخِرَة سنة خمس وَثَلَاثِينَ وَسَبْعمائة بِالْقَاهِرَةِ وَسمع على جمَاعَة وَسمع بِدِمَشْق من الْحَافِظ الْمزي وَأبي الْعَبَّاس الْجَزرِي وَغَيرهمَا وَحفظ الْحَاوِي الصَّغِير وَأخذ عَن وَالِده وَغَيره وَأفْتى ودرس بالشامية الجوانية والرواحية
والأتابكية والقيمرية وناب فِي الْقَضَاء وَولي وكَالَة بَيت المَال ثمَّ ولي الْقَضَاء والخطابة ومشيخة دَار الحَدِيث والتدريس سنة سبع وَسبعين نَحْو ثَمَان سِنِين وَنصفا إِلَى أَن توفّي قَالَ الْحَافِظ شهَاب الدَّين ابْن حجي وَكَانَ أديبا بارعا لَهُ نظم فائق وقصائد طنانة وَبَلغنِي أَن لَهُ ديوانا أَنْشدني من نظمه وَقد حفظ الْحَاوِي وَكَانَ يذاكر بِهِ ويدرس مِنْهُ وَمن الْكَشَّاف وَله مُشَاركَة فِي الْعَرَبيَّة وَكَانَ جيد الْفَهم فطنا عَارِفًا بالأمور كثير المداراة لين العريكة بَعيدا من الشَّرّ صبورا على الْأَذَى وَعِنْده شَفَقَة وَرَحْمَة وإحسان إِلَى الْفُقَرَاء فِي السِّرّ توفّي فِي شَوَّال سنة خمس وَثَمَانِينَ وَسَبْعمائة وَدفن عِنْده وَالِده بتربة السبكيين رَحِمهم الله تَعَالَى
688 -
عَبَّاس بن حُسَيْن بن بدر الشَّيْخ الْعَالم الْمُفْتِي المقرىء شرف الدَّين الْمصْرِيّ اشْتغل فِي الْعلم وتميز وَأفْتى ودرس وخطب وأشغل بِالْعلمِ قَالَ بعض المؤرخين المصريين وَكَانَ فِيهِ نفع كثير للطلبة فِي الْقرَاءَات وَالْفِقْه وَسمعت بعض الْفُقَهَاء المصريين من تلامذة الشَّيْخ سراج الدَّين البُلْقِينِيّ يثني على الْمَذْكُور ويصفه بِالْعلمِ وَالدّين وَحسن الْخلق ونفع الطّلبَة قَالَ وَكَانَ الطَّالِب يقْرَأ عَلَيْهِ فَإِذا تنبه ذهب إِلَى حَلقَة الشَّيْخ سراج الدَّين البُلْقِينِيّ توفّي بِالْقَاهِرَةِ فِي ذِي الْحجَّة سنة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعين وَسَبْعمائة
689 -
عَليّ بن خلف بن خَلِيل بن عَطاء الله القَاضِي عَلَاء الدَّين الْغَزِّي قَاضِي غَزَّة مولده سنة اثْنَتَيْ عشرَة وَسَبْعمائة وَهُوَ أَخُو القَاضِي شمس الدَّين الْغَزِّي وأسن مِنْهُ قَالَ الْحَافِظ شهَاب الدَّين ابْن حجي كَانَ لَهُ قديم اشْتِغَال بِدِمَشْق وَسمع من ابْن الشّحْنَة وَجَمَاعَة أجَاز لي وَلم أسمع مِنْهُ أنْتَهى وَبَلغنِي أَن أَخَاهُ وَالشَّيْخ عماد الدَّين الحسباني قَرَأَ عَلَيْهِ فِي أول أَمرهمَا وَأَنه اجْتمع بالشيخ سراج الدَّين البُلْقِينِيّ فَسَأَلَهُ عَن شَيْء يمتحنه بِهِ فَقَالَ تمتحنني وَأَنا لي تلميذان أفتخر بهما على النَّاس أخي والحسباني وَولي قَضَاء غَزَّة مُدَّة ثمَّ عزل بِسَبَب سوء سيرة أَوْلَاده وَأقَام مُدَّة بقرن الحارة مُنْقَطِعًا إِلَى الْعِبَادَة وَرَأَيْت أَجزَاء بِخَطِّهِ مُخْتَصر تأريخ الاسلام للذهبي وَبَلغنِي أَنه اختصر التأريخ جَمِيعه توفّي فِي ربيع الْأُخَر أَو جُمَادَى الأولى سنة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعين وَسَبْعمائة بغزة
690 -
عَليّ بن زِيَادَة بن عبد الرَّحْمَن الْعَالم الْخَيْر عَلَاء الدَّين الحبكي قَالَ
الْحَافِظ شهَاب الدَّين ابْن حجي أَحْمد قدماء طلبة وَالِدي وَكَانَ اول مَا قدم دمشق اشْتغل على الشَّيْخ عَلَاء الدَّين بن سَلام معيد الشامية فَلَمَّا توفّي لَازم وَالِدي وتفقه بِهِ وحضرعند القَاضِي بهاء الدَّين أبي الْبَقَاء وَعند شيخ الشَّافِعِيَّة ابْن قَاضِي شُهْبَة وَقَرَأَ فِي الْأُصُول والعربية وَكَانَ الْغَالِب عَلَيْهِ الْفِقْه وَكَانَ يُفْتِي بِآخِرهِ وَعِنْده ديانَة وتورع وملازمة لمباشرة وظائفه لَا يتْرك الْحُضُور بهَا وَإِن بَطل المدرسون عِنْده وسواس فِي اجْتِنَاب النَّجَاسَة ودرس نِيَابَة فِي المجاهدية والفلكية والكلاسة توفّي فِي ذِي الْقعدَة سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وَسَبْعمائة جَاوز الْخمسين ظنا وَدفن بمقبرة الصُّوفِيَّة بتربة القَاضِي شهَاب الدَّين الزُّهْرِيّ وَكَانَ صَاحبه والحبكي بِالْحَاء الْمُهْملَة وَالْبَاء الْمُوَحدَة وَالْكَاف نِسْبَة إِلَى قَرْيَة من قرى حوران
691 -
عمر بن مُسلم بن سعيد بن عمر بن بدر بن مُسلم الإِمَام الْعَلامَة الأوحد المفنن الْفَقِيه الْمُحدث الْمُفَسّر الْوَاعِظ زين الدَّين أَبُو حَفْص الْقرشِي الملحي الدِّمَشْقِي ولد فِي شعْبَان سنة أَربع وَعشْرين وَسَبْعمائة
وَورد دمشق بعد الْأَرْبَعين واشتغل فِي الْفِقْه على خطيب جَامع جراح شرف الدَّين قَاسم وَأخذ عَن الشَّيْخ عَلَاء الدَّين حجي وَأخذ علم الْأُصُول عَن بهاء الدَّين الإخميمي واشتغل فِي الحَدِيث وَشرع فِي عمل المواعيد وَكَانَ يعْمل مواعيد نافعة تفِيد الْخَاصَّة والعامة وانتفع بِهِ خلق كثير من الْعَوام وَصَارَ لديهم فَضِيلَة وَأفْتى وتصدى للافادة ودرس بالمسرورية ثمَّ بالناصرية وَوَقع بَينه وَبَين ابْن جمَاعَة بِسَبَبِهَا وحصلت لَهُ محنة ثمَّ عوض عَنْهَا بالأتابكية ثمَّ أخذت مِنْهُ فَلَمَّا ولي وَلَده قَضَاء دمشق فِي سنة إِحْدَى وَتِسْعين ترك لَهُ الخطابة وتدريس الناصرية والأتابكية ثمَّ فوض إِلَيْهِ دَار الحَدِيث الأشرفية فَلَمَّا جَاءَت دولة الظَّاهِر أَخذ واعتقل مَعَ ابْنه بالقلعة وَجَرت لَهما محن وَطلب مِنْهُمَا أَمْوَال فرهن الشَّيْخ كثيرا من كتبه على الْمبلغ الَّذِي طلب مِنْهُمَا قَالَ الْحَافِظ شهَاب الدَّين ابْن حجي برع فِي علم التَّفْسِير وَأما علم الحَدِيث فَكَانَ حَافِظًا للمتون عَارِفًا بِالرِّجَالِ وَكَانَ سمع الْكثير من شُيُوخنَا وَله مُشَاركَة فِي الْعَرَبيَّة انْتهى وَكَانَ القَاضِي تَاج الدَّين هُوَ الَّذِي أدخلهُ بَين الْفُقَهَاء فَلَمَّا حصلت لَهُ المحنة كَانَ مِمَّن قَامَ عَلَيْهِ وَكَانَ مَشْهُورا بِقُوَّة الْحِفْظ ودوامه إِذا حفظ شَيْئا لَا ينساه كثير الْإِنْكَار على أَرْبَاب الشّبَه شجاعا مقداما كثير المساعدة لطلبة الْعلم يَقُول الْحق على من كَانَ من غير مداراة فِي الْحق وَلَا مُحَابَاة وَملك من نفائس الْكتب شَيْئا كثيرا وَكَانَ كثير الْعَمَل والاشغال لَا يمل من ذَلِك
وَلم يزل حَاله على أحسن نظام إِلَى أَن قدر الله تَعَالَى عَلَيْهِ مَا قدر توفّي معتقلا بقلعة دمشق فِي ذِي الْحجَّة سنة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعين وَسَبْعمائة وَدفن بالقبيبات وَشهد جنَازَته خلائق لَا يُحصونَ كَثْرَة
692 -
عِيسَى بن عُثْمَان بن عِيسَى الإِمَام الْعَلامَة الْفَقِيه مفتي الْمُسلمين مُفِيد الطالبين أقضى الْقُضَاة شرف الدَّين أَبُو الرّوح الْغَزِّي قدم دمشق للاشتغال فِي سنة تسع بِتَقْدِيم التَّاء وَخمسين وَله نَحْو عشْرين سنة واشتغل فِي الْفِقْه على الْمَشَايِخ شمس الدَّين ابْن قَاضِي شُهْبَة وعماد الدَّين الحسباني وشمس الدَّين الْغَزِّي وعلاء الدَّين حجي وَالْقَاضِي تَاج الدَّين السُّبْكِيّ وسافر إِلَى الشَّيْخ صدر الدَّين ابْن الخابوري بطرابلس فَأذن لَهُ بالإفتاء وَدخل الديار المصرية وَأخذ عَن الشَّيْخ جمال الدَّين الْإِسْنَوِيّ وَلم يزل مواظبا على الِاشْتِغَال والمطالعة واشتهر بِمَعْرِِفَة الْفِقْه وَحفظ الغرائب وَفِي زمن القَاضِي ولي الدَّين أَخذ تصديرا على الْجَامِع وتصدى للاشغال واعتنى بذلك وَكَثُرت
طلبته وَصَارَ بعد موت الشَّيْخ نجم الدَّين ابْن الجابي هُوَ عين المصدرين بالجامع ويحضر عِنْده فضلاء الطّلبَة وتصدى للافتاء بعد موت الشَّيْخَيْنِ الزُّهْرِيّ وَابْن الشريشي وَجمع مصنفات كَثِيرَة فِي الْفِقْه مِنْهَا شرح الْمِنْهَاج الْكَبِير فِي نَحْو عشر مجلدات وَشرح صَغِير فِي مجلدين ملخص فِي كَلَام الْأَذْرَعِيّ وَذكر فِيهِ فَوَائِد كَثِيرَة من كتاب الْأَنْوَار وَآخر بَينهمَا فِي الرَّد على نكت النشائي ومختصر الرَّوْضَة وَفِيه زيادات كَثِيرَة أَخذهَا من الْمُنْتَقى وَغَيره وَالْقَوَاعِد يذكر الْقَاعِدَة وَمَا يسْتَثْنى مِنْهَا وَأدْخل فِيهِ الْغَاز الْإِسْنَوِيّ وَزَاد عَلَيْهِ ومختصر الْمُهِمَّات فِي مجلدين وأدب الْقَضَاء وَجمع كتابا كَبِيرا فِي الْفِقْه سَمَّاهُ الْجَوَاهِر والدرر يذكر فِيهِ قَوَاعِد ومسائل غَرِيبَة وفروقا بَين مسَائِل وَأَن الْقَاعِدَة الْفُلَانِيَّة تخَالف الْقَاعِدَة الْفُلَانِيَّة فِي كَذَا وَكَذَا وَآخر فِي الرَّد على الْمُهِمَّات سَمَّاهُ مَدِينَة الْعلم وغالب مصنفاته احترقت فِي الْفِتْنَة وناب فِي الْقَضَاء عَن القَاضِي سري الدَّين وَعَن غَيره ودرس بالمسرورية بعد موت الشَّيْخ زين الدَّين الْقرشِي ثمَّ نزل لَهُ القَاضِي بدر الدَّين ابْن أبي الْبَقَاء عَن تدريس الرواحية بعوض قبل مَوته بِنَحْوِ ثَلَاث سِنِين ذكره الْحَافِظ شهَاب الدَّين ابْن حجي وَكَانَ بَينه وَبَينه
مَا يكون بَين الأقران فَذكر بعض تَرْجَمته ثمَّ قَالَ وَفِي الْجُمْلَة لم يكن بالمحبب للنَّاس بل كَانُوا يمقتونه وَكَانَ من أَعْيَان الْفُقَهَاء إِلَّا أَنه كَانَ قَاصِر الْفَهم ومتساهلا فِي نَقله لم يزل يتهم وَكَانَ رُبمَا أَتَى فِي ذَلِك من جِهَة الْفَهم لَا التعمد وَكَانَ فِي أول أمره فَقِيرا فَحصل مَالا من مِيرَاث زَوْجَات تزوجهن وأثرى وَكثر مَاله توفّي فِي رَمَضَان سنة تسع بِتَقْدِيم التَّاء وَتِسْعين وَسَبْعمائة وَدفن بمقبرة بَاب الصَّغِير
693 -
مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد القَاضِي الْعَالم المفنن الْمدرس الأديب الْكَاتِب فتح الدَّين أَبُو بكر النابلسي الأَصْل الدِّمَشْقِي الْمَعْرُوف بِابْن الشَّهِيد كَاتب السِّرّ بِدِمَشْق مولده سنة ثَمَان وَعشْرين وَسَبْعمائة واشتغل فِي الْعُلُوم وتفنن وفَاق أقرانه فِي النّظم والنثر وَالْكِتَابَة وَولي كِتَابَة السِّرّ ومشيخة الشُّيُوخ فِي ذِي الْقعدَة سنة أَربع وَسِتِّينَ فباشر مُدَّة ثَلَاث سِنِين وَنصف ثمَّ عزل ثمَّ أُعِيد إِلَى الوظيفتين بعد أشهر وَاسْتمرّ أَكثر من سبع سِنِين ثمَّ عزل من كِتَابَة السِّرّ وأعيد غير مرّة وَمُدَّة ولَايَته خمس عشرَة سنة وأشهرا ودرس بالظاهرية والناصرية الجوانيتين وولاه منطاش الخطابة فَكَانَ يخْطب خطبا فصيحة بليغة لَكِن لم يكن عَلَيْهَا قبُول وَكَانَ بَينه وَبَين نَائِب الشَّام الْأَمِير سيف الدَّين بيدمر عَدَاوَة شَدِيدَة عِنْدَمَا يَلِي نِيَابَة الشَّام يعْزل الْمَذْكُور ويصادر ويؤذى وَتارَة يختفي وَفِي بعض النوب فِي اختفائه مِنْهُ نظم السِّيرَة النَّبَوِيَّة من عدَّة كتب ثَلَاث مجلدات فِي خَمْسَة وَعشْرين ألف بَيت وَسَماهُ الْفَتْح الْقَرِيب فِي سيرة الحبيب وَضم إِلَى ذَلِك فَوَائِد الرَّوْض مَعَ زيادات وإشكالات يدل على سَعَة بَاعه فِي
الْعلم وَحدث بهَا بِدِمَشْق وَمِمَّنْ سمع ذَلِك الْحَافِظ شهَاب الدَّين ابْن حجي وَحدث بهَا بِالْقَاهِرَةِ أَيْضا وَشرح مجلدة مِنْهَا فِي اثْنَتَيْ عشرَة مجلدة وَهُوَ الثُّلُث من المنظوم وَكَانَ الشَّيْخ سراج الدَّين البُلْقِينِيّ يثني على فضائله توفّي قَتِيلا بِظَاهِر الْقَاهِرَة لقِيَامه على الظَّاهِر فِي شعْبَان سنة ثَلَاث وَتِسْعين وَسَبْعمائة
694 -
مُحَمَّد بن أبي بكر بن شَجَرَة بن مُحَمَّد الإِمَام الْفَقِيه القَاضِي الْمُفْتِي بدر الدَّين أَبُو عبد الله التدمري الأَصْل الدِّمَشْقِي اشْتغل وَتقدم واشتهر وَولي الْقَضَاء بمعاملة الشَّام وَآخر مَا ولي قَضَاء الْقُدس فِي أَيَّام البُلْقِينِيّ فَشَكَاهُ أهل الْقُدس وَجَاءَت كتب أعيانهم مشحونة بثلبه والحط عَلَيْهِ فعزل وَقدم دمشق وَأقَام بهَا وَكَانَ يدرس بِالْمَدْرَسَةِ الْمَوْقُوفَة عَلَيْهِ وعَلى أَقَاربه وَله تصدير على الْجَامِع قَالَ الْحَافِظ شهَاب الدَّين ابْن حجي وَكَانَ يُفْتِي كثيرا وَيكْتب على الْفَتَاوَى خطا حسنا بِعِبَارَة حَسَنَة إِلَّا أَنه سيء السِّيرَة فِي قَضَائِهِ وفتواه مَشْهُور بذلك كَانَ يتمحل للمستفتي حَتَّى يفتيه بِمَا يُوَافق غَرَضه وَيَأْخُذ مِنْهُ جعلا على ذَلِك اجْتمعت بِهِ مرّة حضر عِنْدِي فَأَعْجَبَنِي فهمه واستنباطه فِي الْفِقْه وغوصه على اسْتِخْرَاج الْمسَائِل الْحَوَادِث من أُصُولهَا وردهَا إِلَى الْقَوَاعِد ثمَّ ذكر فِيهِ ابْن حجي كلَاما لَا أوثر ذكره توفّي فِي شهر ربيع الأول سنة سبع بِتَقْدِيم السِّين وَثَمَانِينَ وَسَبْعمائة فِي عشر السّبْعين ظنا وَدفن بسفح قاسيون
695 -
مُحَمَّد بن أَحْمد بن عبد الْعَزِيز بن الْقَاسِم بن عبد الرَّحْمَن بن الْقَاسِم بن عبد الله الإِمَام الْعَلامَة كَمَال الدَّين أَبُو الْفضل الْقرشِي الْعقيلِيّ بِفَتْح الْعين الطَّالِبِيُّ النويري الأَصْل الْمصْرِيّ ثمَّ الْمَكِّيّ قَاضِي مَكَّة وخطيبها مولده فِي شعْبَان سنة اثْنَتَيْنِ وَعشْرين وَسَبْعمائة وتفقه بِدِمَشْق على الشَّيْخ شمس الدَّين ابْن النَّقِيب وتقي الدَّين السُّبْكِيّ وتاج الدَّين المراكشي وَسمع بِدِمَشْق من ابْن النَّقِيب وَمن الْمزي وَغَيرهمَا وبمكة من جمَاعَة قَالَ الْحَافِظ شهَاب الدَّين ابْن حجي وَكَانَ رجلا عَالما مستحضرا لفقه كثير وَبَلغنِي أَنه كَانَ يستحضر شرح مُسلم للنووي وَكَانَ مَنْسُوبا إِلَى كرم ونعمة وافرة وَقَالَ ابْن حبيب فِي تأريخه إِنَّه ولي قَضَاء مَكَّة نيفا وَعشْرين سنة توفّي فِي رَجَب سنة سِتّ وَثَمَانِينَ وَسَبْعمائة
696 -
مُحَمَّد بن احْمَد بن عِيسَى بن عبد الْكَرِيم بن عَسَاكِر بن سعد بن احْمَد بن
مُحَمَّد بن سلم بن مَكْتُوم الإِمَام الْعَالم الْعَلامَة الحبر الْفَقِيه الْمُحدث النَّحْوِيّ بدر الدَّين ابو عبد الله السويدي الأَصْل الدِّمَشْقِي الْمَعْرُوف بِابْن مَكْتُوم مولده سنة بضع وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة وَسمع من جمَاعَة وَحفظ التَّنْبِيه ثمَّ الْحَاوِي وَطلب الحَدِيث وَقَرَأَ بِنَفسِهِ وَكَانَ يقرىء صَحِيح البُخَارِيّ بالجامع فِي رَمَضَان بعد الظّهْر مُدَّة قَالَ الْحَافِظ شهَاب الدَّين ابْن حجي وَهُوَ رجل فَاضل قَرَأَ فِي الْفِقْه على وَالِدي وَعلي الحسباني ولازمه وَصَحبه وَقَرَأَ فِي النَّحْو عَليّ أبي الْعَبَّاس العتابي وبرع فِيهِ وتصدر للاشغال بالجامع خمس عشرَة سنة وَكَانَ يُفْتِي بِآخِرهِ واعاد بالناصرية والعادلية الصُّغْرَى وَولي مشيخة النَّحْو بالناصرية أَيْضا وَكَانَ رجلا خيرا عِنْده ديانَة وَله عبَادَة من صَوْم وَقِرَاءَة انْتهى وَكَانَ فِيهِ إِحْسَان إِلَى طلبة الْعلم والفقراء يضيفهم ويفطرهم فِي رَمَضَان وَعِنْده بر وصلَة لأقاربه ويقلل فِي ملبسه وَيَشْتَرِي حَاجته بِنَفسِهِ ويحملها وَهُوَ قَلِيل الْخلطَة بالفقهاء وَغَيرهم توفّي فِي جمادي الأولى سنة سبع بِتَقْدِيم السِّين وَتِسْعين وَسَبْعمائة وَدفن بمقبرة بَاب الصَّغِير عِنْد وَالِده وَعَمه عِنْد قبر الشَّيْخ حَمَّاد
697 -
مُحَمَّد بن سُلَيْمَان الإِمَام الْعَلامَة المُصَنّف الْجَامِع بَين أشتات الْعُلُوم
شمس الدَّين أَبُو عبد الله الصرخدي أَخذ الْعُلُوم عَن مشايخها فِي ذَلِك الْعَصْر وَمِمَّنْ أَخذ عَنهُ الشَّيْخ شمس الدَّين ابْن قَاضِي شُهْبَة وَالشَّيْخ عماد الدَّين الحسباني وَأَبُو الْعَبَّاس العتابي وَكَانَ أجمع أهل الْبَلَد لفنون الْعلم أفتى ودرس وأشغل وصنف غير أَن لِسَانه كَانَ قاصرا وقلمه أحسن من لِسَانه وَكَانَ حَظه من الدُّنْيَا قَلِيلا لم يحصل لَهُ شَيْء من المناصب وَإِنَّمَا درس بالتقوية والكلاسة نِيَابَة وَله تصدير بالجامع وَكَانَ ينصر مَذْهَب الشَّيْخ أبي الْحسن الْأَشْعَرِيّ كثيرا ويعادي الْحَنَابِلَة وصنف شرح الْمُخْتَصر ثَلَاثَة اجزاء وَاخْتصرَ إِعْرَاب السفاقسي وَاعْترض عَلَيْهِ فِي مَوَاضِع وَاخْتصرَ قَوَاعِد العلائي والتمهيد للإسنوي وَاعْترض عَلَيْهِمَا فِي مَوَاضِع وَاخْتصرَ الْمُهِمَّات وَغير ذَلِك وَكتب الْكثير بِخَطِّهِ وَاحْتَرَقَ غَالب مصنفاته فِي الْفِتْنَة قبل تبييضها وَكَانَ فَقِيرا وَله عائلة توفّي فِي ذِي الْقعدَة سنة اثْنَتَيْنِ وَسَبْعمائة وَدفن بِبَاب الصَّغِير وبالقرب من مُعَاوِيَة رضي الله عنه
698 -
مُحَمَّد بن عبد الله بن أَحْمد الإِمَام الْعَالم الْفَاضِل الْفَقِيه القَاضِي بدر
الدَّين أَبُو عبد الله الهكاري الصلتي قَاضِي حمص اشْتغل على أَبِيه وَكَانَ أَبوهُ مدرس الصَّلْت واشتغل بالقدس أَيْضا قَالَ الْحَافِظ شهَاب الدَّين ابْن حجي وَولي التدريس بعد أَبِيه ثمَّ قدم علينا دمشق فَسمع بهَا الحَدِيث على جمَاعَة وترافقنا فِي السماع زَمَانا وَكتب وَقَرَأَ وَجمع وَكَانَ مكبا على الأشتغال وَتَعْلِيق الْفَوَائِد وَولي قَضَاء الصَّلْت مُضَافا إِلَى التدريس وولاه البُلْقِينِيّ قَضَاء حسبان وَلم يزل يتنقل فِي قَضَاء الْبر وَولي الْقُدس والخليل ونابلس وَآخر مَا ولي حمص وَبهَا توفّي فِي رَجَب سنة سِتّ وَثَمَانِينَ وَسَبْعمائة وَلم يبلغ الْخمسين وَاخْتصرَ ميدان الفرسان فِي ثَلَاث مجلدات وَهُوَ اخْتِصَار عَجِيب حذف عبارَة الْكتب الَّتِي عِنْده وَأبقى مَا عَداهَا وَهُوَ مُفِيد فِي الْجُمْلَة
699 -
مُحَمَّد بن عبد الله بن مُحَمَّد بن عبد الله بن عمر بن مكي بن عبد الصَّمد ابْن أبي بكر بن عَطِيَّة الإِمَام الْمدرس الْعَالم الْأَصِيل زين الدَّين بن القَاضِي تَقِيّ الدَّين بن الإِمَام الْعَلامَة صدر المدرسين زين الدَّين بن القَاضِي علم الدَّين بن الشَّيْخ الإِمَام خطيب الْمُسلمين زين الدَّين العثماني الدمياطي الأَصْل الدِّمَشْقِي سبط القَاضِي تَقِيّ الدَّين السُّبْكِيّ مولده سنة سبع بِتَقْدِيم السِّين وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة وَحضر على جمَاعَة قَالَ الْحَافِظ شهَاب الدَّين ابْن حجي سمع من جده عدَّة من مصنفاته وَكَانَ لَهُ اشْتِغَال فِي الْفِقْه وَيفهم فِيهِ فهما جيدا وَعِنْده تَحْقِيق درس بالعذراوية سنة تسع بِتَقْدِيم التَّاء وَسِتِّينَ انتزعها من يَد
خَاله القَاضِي تَاج الدَّين وَكَانَ يَنُوب عَنهُ فنفي هُوَ من الْقَاهِرَة وَكَانَ من خِيَار النَّاس وأعزر خلق الله مُرُوءَة مَا رَأينَا أحدا أَكثر مُرُوءَة وتفضلا على أَصْحَابه ومساعدة لمن يَقْصِدهُ وَلَا أَشد تواضعا وأدبا ورئاسة مِنْهُ توفّي فِي شَوَّال سنة سبع بِتَقْدِيم السِّين وَثَمَانِينَ وَسَبْعمائة وَدفن بتربة خَاله بسفح قاسيون
700 -
مُحَمَّد بن بهادر بن عبد الله الْعَالم الْعَلامَة المُصَنّف الْمُحَرر بدر الدَّين أَبُو عبد الله الْمصْرِيّ الزَّرْكَشِيّ مولده سنة خمس وَأَرْبَعين أَخذ عَن الشَّيْخَيْنِ جمال الدَّين الْإِسْنَوِيّ وسراج الدَّين البُلْقِينِيّ ورحل إِلَى حلب إِلَى شهَاب الدَّين الْأَذْرَعِيّ وَتخرج بمغلطاي فِي الحَدِيث وَسمع الحَدِيث
بِدِمَشْق وَغَيرهَا قَالَ بعض المؤرخين كَانَ فَقِيها أصوليا أديبا فَاضلا فِي جَمِيع ذَلِك ودرس وَأفْتى وَولي مشيخة خانقاه كريم الدَّين بالقرافة الصُّغْرَى وَحكى لي الشَّيْخ شمس الدَّين الْبرمَاوِيّ أَنه كَانَ مُنْقَطِعًا إِلَى الِاشْتِغَال بِالْعلمِ لَا يشْتَغل عَنهُ بِشَيْء وَله أقَارِب يكفونه أَمر دُنْيَاهُ توفّي فِي رَجَب سنة أَربع وَتِسْعين وَسَبْعمائة وَدفن بالقرافة الصُّغْرَى بِالْقربِ من تربة الْأَمِير بكتمر الساقي وَمن تصانيفه تَكْمِلَة شرح الْمِنْهَاج الْإِسْنَوِيّ وَاعْتمد فِيهِ على النكت لِابْنِ النَّقِيب وآخذ من كَلَام الْأَذْرَعِيّ والبلقيني وَفِيه فَوَائِد وأبحاث تتَعَلَّق بِكَلَام الْمِنْهَاج حَسَنَة لكنه يهم فِي النَّقْل والبحث كثيرا ثمَّ أكمله لنَفسِهِ وَلَكِن الرّبع الأول مِنْهُ عدم وَهُوَ مسودة وخادم الشَّرْح وَالرَّوْضَة وَهُوَ كتاب كَبِير فِيهِ فَوَائِد جليلة كتبه على أسلوب التَّوَسُّط للْأَذْرَعِيّ والنكت على البُخَارِيّ وَالْبَحْر فِي الْأُصُول فِي ثَلَاثَة أَجزَاء جمع فِيهِ جمعا كثيرا لم يسْبق إِلَيْهِ وَشرح جمع الْجَوَامِع للسبكي فِي مجلدين وَتَخْرِيج أَحَادِيث الرَّافِعِيّ وَله مصنفات أخر مِنْهَا مُصَنف فِي الْأَدَب سَمَّاهُ ربيع الغزلان خطه ضَعِيف جدا قل من يحسن استخراجه
701 -
مُحَمَّد بن عبد الدَّائِم بن مُحَمَّد بن سَلامَة قَاضِي الْقُضَاة نَاصِر الدَّين أَبُو عبد الله الْأنْصَارِيّ الشاذلي الْمَعْرُوف بِابْن ميلق وَهُوَ لقب جده لأمه ولد سنة إِحْدَى وَثَلَاثِينَ وَسَبْعمائة وَسمع وَحدث وَكَانَ فِي اول امْرَهْ يتصوف وينتحل خرقَة الشاذلية ويعظ وصنف كتبا فِي الْوَعْظ وَالرَّقَائِق قَالَ الْحَافِظ شهَاب الدَّين ابْن حجي رَأَيْت فِي تصنيف لَهُ أَنه تفقه على الشَّيْخ جمال الدَّين الْإِسْنَوِيّ وَأذن لَهُ بالإفتاء وَأَنه أَخذ عَن بهاء الدَّين ابْن عقيل وَأَنه أَخذ قَدِيما عَن ابْن عَدْلَانِ وَابْن الْأنْصَارِيّ وعماد الدَّين البلبيسي وَكَانَ رجلا يسْلك طَرِيق الْفقر والتصوف ويعظ وَيعْمل مواعيد وَله أَصْحَاب يعتقدونه وعوام يعظمونه فَأدْخلهُ القَاضِي برهَان الدَّين ابْن جمَاعَة فِي سلك الْفُقَهَاء وولاه تدريسا وَولي أَيْضا خطابة مدرسة السُّلْطَان حسن ثمَّ إِن السُّلْطَان ولاه الْقَضَاء وعظمه فَلَمَّا انْفَصل السُّلْطَان إِلَى الكرك عزل فِي دولة منطاش بعد مَا كَانَ كتب مَعَ الدولة فِيمَا يتَعَلَّق بالسلطان وَرُبمَا كتب مَا يُؤَدِّي إِلَى قَتله فَلَمَّا عَاد الظَّاهِر
أهانه ومقته وانقلب اعْتِقَاده فِيهِ بغضا وَقد اجْتمعت بِهِ أَيَّام ولَايَته وَرَأَيْت المصريين يحطون عَلَيْهِ وينسبونه إِلَى قصد الْأَذَى للفقهاء انْتهى وَكَانَت ولَايَته الْقَضَاء فِي شعْبَان سنة تسع وَثَمَانِينَ وَذَلِكَ بعد مَا شَرط شُرُوطًا فَأُجِيب إِلَيْهَا وَولي بعزة زَائِدَة وعزل فِي شَوَّال سنة إِحْدَى وَتِسْعين وَتُوفِّي فِي جُمَادَى الأولى سنة سبع بِتَقْدِيم السِّين وَتِسْعين وَسَبْعمائة وَدفن خَارج بَاب النَّصْر بحوش الصُّوفِيَّة
702 -
مُحَمَّد بن عَليّ بن يُوسُف أقضى الْقُضَاة الْخَطِيب جمال الدَّين أَبُو عبد الله الْإِسْنَوِيّ الْمصْرِيّ الأطروش حفظ التَّعْجِيز فِي الْفِقْه وَقدم مصر سنة إِحْدَى وَعشْرين وَقَرَأَ الْعَرَبيَّة على أبي الْحسن النَّحْوِيّ وَالِد الشَّيْخ سراج الدَّين ابْن الملقن ورحل إِلَى بَيت الْمُقَدّس وَأخذ عَن الشَّيْخ برهَان الدَّين الجعبري وَشرح التَّعْجِيز شرحا حسنا وباشر نِيَابَة الحكم بِالْقَاهِرَةِ مُدَّة طَوِيلَة وَكَانَ عَالما صَالحا ذَا مهابة وصيانة وعفة وديانة شَدِيدا فِي أقضيته وَقع لَهُ مَعَ يلبغا قَضِيَّة مَشْهُورَة قَالَ ابْن الملقن وَهُوَ آخر من توفّي من طلبة وَالِدي وَقَالَ غَيره كَانَ ملازما لبيته لَا يتَرَدَّد إِلَى أحد مَعَ الصلابة فِي الدَّين وَثقل سَمعه
وَصَارَ يعرف بالاطروش وَكَانَ يقرىء الكافية وَالشَّافِعِيَّة لِابْنِ مَالك إقراء حسنا وَكَذَلِكَ الْمِصْبَاح فِي أصُول الْفِقْه مَاتَ فِي ربيع الأول سنة أَربع وَثَمَانِينَ وَهُوَ فِي عشر السّبْعين وَدفن بتربة بلديه الشَّيْخ جمال الدَّين الْإِسْنَوِيّ
703 -
مُحَمَّد بن عمر بن رسْلَان بن نصير بن صَالح بن شهَاب بن عبد الْحق بن عبد الْخَالِق الإِمَام الْعَالم النحرير القَاضِي بدر الدَّين أَبُو الْيمن بن الإِمَام الْعَلامَة شيخ الْإِسْلَام سراج الدَّين أبي حَفْص الْكِنَانِي الْمصْرِيّ البُلْقِينِيّ سبط الْعَلامَة بهاء الدَّين بن عقيل ولد فِي صفر سنة سِتّ وَقيل سنة سبع وَخمسين وَسَبْعمائة وَقدم دمشق مَعَ وَالِده سنة تسع وَسِتِّينَ وَهُوَ مراهق وَقد حفظ عدَّة كتب فعرضها على مَشَايِخ الشَّام إِذْ ذَاك وَأَجَازَ لَهُ جمَاعَة من أَصْحَاب ابْن البُخَارِيّ وَابْن القواس وَغَيرهم وَأخذ عَن وَالِده وَعَن غَيره من
عُلَمَاء عصره مِنْهُم جده الشَّيْخ بهاء الدَّين وجمال الدَّين الْإِسْنَوِيّ فنون الْعلم وَتقدم وتميز وفَاق أقرانه بِاجْتِهَادِهِ وجودة ذهنه ودرس وأشغل وَأفْتى وَنزل لَهُ وَالِده عَن قَضَاء الْعَسْكَر فِي شعْبَان سنة تسع وَسبعين وَكَانَ حسن الذَّات مليح الصِّفَات حكى جمَاعَة من رفقته جملَة من محاسنه ومكارمه وَأما جودة ذهنه فَأمر قد شاع وذاع وَكَانَ يكثر الْبَحْث مَعَ وَالِده ويعارضه وَكَانَ وَالِده يسر بذلك كثيرا وَقد ذكر لَهُ الأديب زين الدَّين طَاهِر بن حبيب تَرْجَمَة حَسَنَة وَقَالَ كَانَ كلفا بالجود لَا متكلفا مطبوعا على مَكَارِم الْأَخْلَاق لَا متطبعا وَأخذ الْفِقْه عَن وَالِده شيخ الْإِسْلَام وتبحر فِيهِ إِلَى أَن رَوَت عَنهُ افواه المحابر وَالسّن الأقلام وشارك أهل الْعُلُوم فَكَانَ لَهُ مِنْهُم أوفى نصيب وجامل أَرْبَاب الْفُنُون فَظهر لَهُم بِكُل معنى غَرِيب ثمَّ دون الْعلم الشريف وكرس وباشر الْوَظَائِف الجليلة وَأفْتى ودرس وَتَوَلَّى قَضَاء العساكر بالديار المصرية وَاسْتمرّ إِلَى أَن تطاولت إِلَيْهِ يَد الْقَضَاء القسرية توفّي بِالْقَاهِرَةِ فِي شعْبَان سنة إِحْدَى وَتِسْعين وَسَبْعمائة وَدفن بمدرسة وَالِده الَّتِي أَنْشَأَهَا دَاخل الْقَاهِرَة بحارة بهاء الدَّين بِالْقربِ من بَاب القنطرة وجامع الْحَاكِم بنيت من
بيوتها جَعَلُوهُ مدفنا وَكَانَ قد حصل لَهُ مرض الاستقساء وَتُوفِّي وَله نَيف وَثَلَاثُونَ سنة وَكَانَ من حَقه أَن يُؤَخر إِلَى الطَّبَقَة الأتية لَكِن سرعَة وَفَاته أوجبت ذكره فِي هَذِه الطَّبَقَة وجدي أسن من وَالِده ببضع وَثَلَاثِينَ سنة رَحِمهم الله تَعَالَى وَولي وظائفه من قَضَاء الْعَسْكَر والتداريس أَخُوهُ القَاضِي جلال الدَّين
704 -
مُحَمَّد بن عمر بن مُحَمَّد بن عبد الْوَهَّاب بن مُحَمَّد بن ذُؤَيْب بن مشرف الْأَسدي الْعَلامَة شيخ الشَّافِعِيَّة وَبَقِيَّة السّلف شمس الدَّين أَبُو عبد الله بن القَاضِي نجم الدَّين أبي حَفْص بن القَاضِي شرف الدَّين ابْن قَاضِي شُهْبَة جدي مولده فِي ربيع الأول سنة إِحْدَى وَتِسْعين وسِتمِائَة تفقه بِعَمِّهِ الشَّيْخ كَمَال الدَّين وَالشَّيْخ برهَان الدَّين الْفَزارِيّ وَأخذ النَّحْو عَن عَمه الْمَذْكُور وَكَانَ معيدا للطلبة فِي حَلقَة عَمه فَلَمَّا توفّي فِي ذِي الْقعدَة سنة سِتّ وَعشْرين جلس مَكَانَهُ يشغل من ذَلِك التأريخ إِلَى أَن ضعف وَانْقطع بعد السّبْعين كل ذَلِك وَهُوَ منجمع عَن النَّاس مقبل على الْعِبَادَة وَعدم الِالْتِفَات إِلَى أُمُور الدُّنْيَا وراضيا بالعيش الخشن يخْدم نَفسه وَيَشْتَرِي الْحَاجة ويحملها وَقد أَخذ عَنهُ النَّاس الْعلم طبقَة بعد طبقَة وَمِمَّنْ أَخذ عَنهُ فِي ابْتِدَاء الْأَمر الْمَشَايِخ الْعلمَاء ابْن خطيب يبرود وَابْن كثير والأذرعي وَأعَاد بالشامية البرانية وَغَيرهَا وَولي فِي
آخر عمره تدريس الشامية البرانية بِغَيْر سُؤال فِي ذِي الْقعدَة سنة سبع وَسبعين فباشرها سنة وَثَلَاثَة أشهر ثمَّ نزل عَنْهَا لضَعْفه وَقد سمع من أبي جَعْفَر ابْن الموازيني كتاب الْأَمْوَال لأبي عبيد فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَسَبْعمائة وَسمع من طَائِفَة وَحدث سمع مِنْهُ خلق من الْحفاظ والمحدثين مِنْهُم الْعِرَاقِيّ والهيثمي والقرشي وَابْن سَنَد وَابْن حجي وَابْن الحسباني والياسوفي وَابْن ظهيرة قَالَ الشَّيْخ تَقِيّ الدَّين ابْن رَافع كَانَ ابْن قَاضِي شُهْبَة بِالشَّام مثل الشَّيْخ مجد الدَّين السنكلومي بِالْقَاهِرَةِ وَجَمِيع الْجَمَاعَة طلبته وَقَالَ الْحَافِظ شهَاب الدَّين ابْن حجي وَكَانَ مِمَّن جلس عِنْده وَهُوَ يُعِيد الشَّيْخَانِ ابْن خطيب يبرود وَابْن كثير وَبعد الِاشْتِغَال جمَاعَة من شُيُوخنَا وَقَرَأَ عَلَيْهِ النَّاس طبقَة بعد طبقَة وَكَانَ مَشْهُورا بِمَعْرِِفَة التَّنْبِيه وَشَرحه وَحسن تَقْرِيره
وَكَذَلِكَ كَانَ يقرىء الجرجانية فِي النَّحْو وَكنت مِمَّن حضر عِنْده وَحصل لي بركته وَسمعت مِنْهُ وَلم يكن يحضر المحافل وَلَا يُفْتِي وَقد سمع من ابْن الموازيني وست الْأَهْل بنت علوان وزيرة وَطَائِفَة روى لنا عَن الأول كتاب الْأَمْوَال لأبي عبيد وَعَن الثَّانِيَة جفر الجفار وَعَن الثَّالِثَة ثلاثيات البُخَارِيّ وَكَانَ عِنْده انجماع عَن النَّاس وَعدم معرفَة بِأُمُور الدُّنْيَا بمعزل عَن طلب الرِّئَاسَة وَالدُّخُول فِي المناصب على أَنه ولي نِيَابَة الحكم بِإِشَارَة الشَّيْخ تَقِيّ الدَّين السُّبْكِيّ وَكَانَ لَا يتَصَدَّى لذَلِك وَكَانَ عُلَمَاء الْبَلَد والمشار إِلَيْهِم فِيهَا غالبهم تلاميذه وتلاميذ تلاميذه وَقَالَ الْحَافِظ برهَان الدَّين الْحلَبِي سبط ابْن العجمي فِي مشيخته اجْتمعت بِهِ فَوَجَدته رجلا من عُلَمَاء السّلف فِي غَايَة من الْعلم وَالْخَيْر وَالدّين والنزاهة انْتهى وَقد سَمِعت غير وَاحِد من مَشَايِخنَا وأصحابنا يبالغون فِي الثَّنَاء عَلَيْهِ وَوَصفه بالزهد والورع وَأَنه لَو استسقى النَّاس فِي ذَلِك الْوَقْت لاستسقوا بِهِ أَو بالشيخ جمال الدَّين ابْن قَاضِي الزبداني وَكَانَ معيد الشامية البرانية وَابْن خطيب يبرود مدرسها فَكَانَ ابْن خطيب يبرود يَقُول مَا زَالَ الشَّيْخ شمس الدَّين معيدا لي لَكِن كَانَ فِي الصغر معيدا لي وَفِي الْكبر معيدا عني وَكَانَ يستحضر الرَّافِعِيّ وينزله على التَّنْبِيه تَنْزِيلا عجيبا خضع لَهُ أهل عصره فِي ذَلِك وَسمعت شَيخنَا شرف الدَّين الْغَزِّي يَحْكِي أَنه لما دخل إِلَى مصر فِي حَيَاة الشَّيْخ جمال الدَّين الْإِسْنَوِيّ مَسْأَلَة الأسوي عَن عُلَمَاء دمشق قَالَ فذكرتهم لَهُ فَلَمَّا ذكرت شَيخنَا الشَّيْخ شمس الدَّين ابْن قَاضِي شُهْبَة قَالَ
لي هَذَا مثل الشَّيْخ مجد الدَّين الزنكلوني عندنَا جمع بَين الْعلم وَالْعَمَل وَقَالَ الْحَافِظ برهَان الدَّين الْحلَبِي أَخْبرنِي بعض صالحي سلبة حلب عَن الشَّيْخ شهَاب الدَّين الْأَذْرَعِيّ أَنه قَالَ مَا صرت مُسلما إِلَّا لما اجْتمعت بِابْن قَاضِي شُهْبَة قلت لَعَلَّه عني عَمه الشَّيْخ كَمَال الدَّين فَإِنَّهُ كَانَ يُسمى ابْن قَاضِي شُهْبَة أَيْضا فَإِن وصف الشَّيْخ كَمَال الدَّين بذلك أليق لقرب سنّ الْأَذْرَعِيّ من سنّ الشَّيْخ توفّي فِي الْمحرم سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وَسَبْعمائة وَدفن بِبَاب الصَّغِير إِلَى جَانب عَمه الشَّيْخ كَمَال الدَّين وَكَانَ من حَقه أَن يذكر فِي الطَّبَقَة الَّتِي قبل هَذِه فَإِنَّهُ أسن من أَكثر مِمَّن ذكر فِيهَا وَبَعْضهمْ أَخذ عَنهُ بل هُوَ أسن من بعض من ذكر فِي الطَّبَقَة الْخَامِسَة وَالْعِشْرين وَقد كَانَ الْحَافِظ شهَاب الدَّين ابْن حجي يعيب التَّرْتِيب على الوفيات بِمثل ذَلِك وَيذكر جدي وَبَعض من ذكر فِي الطَّبَقَة الْخَامِسَة وَالْعِشْرين
705 -
مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد الله بن مُحَمَّد بن عَليّ الإِمَام الْعَلامَة صدر
الْعرَاق ومدرس بَغْدَاد وعالمها وَرَئِيس الْعلمَاء بالمشرق غياث الدَّين أَبُو المكارم بن الإِمَام صدر الْعرَاق محيي الدَّين بن شيخ الْعرَاق جمال الدَّين الوَاسِطِيّ الأَصْل الْبَغْدَادِيّ الْمَعْرُوف بِابْن العاقولي مولده فِي رَجَب سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ وَسَبْعمائة بِبَغْدَاد وَنَشَأ بهَا وَسمع من وَالِده وَجَمَاعَة وَأَجَازَ لَهُ جمَاعَة قَالَ الْحَافِظ شهَاب الدَّين ابْن حجي كَانَ مدرس المستنصرية بِبَغْدَاد كأبيه وجده ودرس أَيْضا بالنظامية كأبيه ودرس هُوَ بِغَيْرِهِمَا وَكَانَ هُوَ وَأَبوهُ وجده كبراء بَغْدَاد انْتَهَت إِلَيْهِم الرِّئَاسَة بهَا فِي مشيخة الْعلم والتدريس وَكَانَ هَذَا قد تفرد بذلك وَصَارَ هُوَ الْمشَار إِلَيْهِ والمعول عَلَيْهِ الْقُضَاة والوزراء إِلَى بَابه وَالسُّلْطَان يخافه وَكَانَ مشاركا فِي عُلُوم عديدة بارعا فِي الحَدِيث وَعلمِي الْمعَانِي وَالْبَيَان وَشرح مصابيح الْبَغَوِيّ وَخرج لنَفسِهِ أَرْبَعِينَ حَدِيثا وفيهَا أَوْهَام وَسُقُوط رجال فِي الْأَسَانِيد وَكَانَت نَفسه قَوِيَّة وفهمه جيد وَكَانَ بَالغا فِي الْكَرم حَتَّى ينْسب إِلَى الْإِسْرَاف وَلما دخل تمرلنك بَغْدَاد هرب مِنْهَا مَعَ السُّلْطَان أَحْمد فنهبت أَمْوَاله وسبيت حريمه وَقدم الشَّام واجتمعنا بِهِ
وأنشدنا من نظمه فَلَمَّا رَجَعَ السُّلْطَان إِلَى بَغْدَاد رَجَعَ مَعَه فَأَقَامَ دون خَمْسَة أشهر وَقَالَ الْحَافِظ برهَان الدَّين الْحلَبِي وَكَانَ صَدرا رَئِيسا نبيلا مهابا إِمَامًا عَلامَة متبحرا فِي الْعُلُوم غَايَة فِي الذكاء مشارا إِلَيْهِ بارعا فِي الْأَدَب وَله مَكَارِم أَخْلَاق مَشْهُورَة وَبَلغنِي من غير وَاحِد أَنه كَانَ يدْخلهُ كل سنة زِيَادَة على مائَة ألف دِرْهَم كلهَا ينفقها وَهُوَ فِي بَيت رئاسة وصنف كثيرا مِنْهَا شرح المصابيح لِلْبَغوِيِّ شرحا جَامعا وصنف فِي الرَّد على الرافضة فِي مُجَلد وَجمع لنَفسِهِ أَرْبَعِينَ حَدِيثا وَله شعر حسن مِنْهُ قصيدة سَمَّاهَا عدَّة الوحيد وعمدة التَّوْحِيد توفّي فِي صفر سنة سبع بِتَقْدِيم السِّين وَتِسْعين وَسَبْعمائة وَدفن بِالْقربِ من مَعْرُوف الْكَرْخِي بِوَصِيَّة مِنْهُ وَلم يدْفن فِي الْمدرسَة الَّتِي بناها على قبر وَالِده وَقَالَ بَعضهم إِنَّه كتب على الْمُهِمَّات وَله مشيخة
706 -
مُحَمَّد بن مُوسَى بن مُحَمَّد بن سَنَد بن تَمِيم الإِمَام الْعَالم الْحَافِظ شمس الدَّين أَبُو الْعَبَّاس اللَّخْمِيّ الْمصْرِيّ الأَصْل الدِّمَشْقِي الْمَعْرُوف بِابْن سَنَد مولده فِي ربيع الأول سنة تسع بِتَقْدِيم التَّاء وَعشْرين وَسَبْعمائة طلب الحَدِيث فِي حُدُود الْخمسين وَسمع من جمَاعَة بِدِمَشْق ومصر وَقَرَأَ بِنَفسِهِ وَكتب بِخَطِّهِ وَقَرَأَ الْفِقْه على الشَّيْخ شرف الدَّين قَاسم خطيب جَامع جراح وَقَرَأَ
الْأُصُول بالديار المصرية على الشَّيْخ جمال الدَّين الْإِسْنَوِيّ وَأخذ الْعَرَبيَّة عَن تَاج الدَّين المراكشي وَأذن لَهُ فِي إقرائها وَأخذ فِي الْقُدس عَن الْحَافِظ صَلَاح الدَّين العلائي وَأَجَازَهُ بالفتوى والتدريس وَصَحب القَاضِي تَاج الدَّين ولازمه وَكَانَ يقْرَأ عَلَيْهِ تصانيفه فِي الدُّرُوس وَقَرَأَ عَلَيْهِ السِّيرَة النَّبَوِيَّة بالجامع وولاه وظائف وناب فِي الحكم عَن القَاضِي سري الْمَالِكِي ثمَّ عَن القَاضِي ولي الدَّين نَحْو خمس سِنِين ذكره الذَّهَبِيّ فِي المعجم الْمُخْتَص وَهُوَ آخر من ذكرهم فِيهِ وَفَاة وَقَالَ الْفَقِيه الْفَاضِل شَاب يقظ اشْترى أَجزَاء وكتبا وَطلب الحَدِيث وَقَرَأَ وخطه مليح وَلسَانه منطلق قَرَأَ عَليّ طَبَقَات الْحفاظ مولده سنة بضع وَعشْرين وَسَبْعمائة وَقَالَ الْحَافِظ شهَاب الدَّين ابْن حجي وَكَانَ من أحسن النَّاس قِرَاءَة للْحَدِيث كَانَ يرجح على كل أحد لحسن قِرَاءَته وفصاحته وَخرج لنَفسِهِ أَرْبَعِينَ متباينة الْمَتْن والإسناد وَخرج لغيره وتفنن فِي الْفَنّ سمعنَا بقرَاءَته كثيرا وَله محفوظات فِي الْفِقْه وَالْأُصُول والعربية وَقَرَأَ فِي الْعَرَبيَّة على الشَّيْخ تَاج الدَّين المراكشي وَأَجَازَهُ بالفتيا ابْن كثير وَالْقَاضِي تَاج الدَّين وَكَانَ ذكيا قَلِيل التَّحْصِيل انْتهى وَقد تغير بِآخِرهِ تغيرا كثيرا وَنسي حَتَّى الْقُرْآن وَكَانَ يُقَال إِن ذَلِك بوقيعته فِي النَّاس توفّي فِي صفر سنة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعين وَسَبْعمائة وَدفن بمقبرة الصُّوفِيَّة
707 -
مُحَمَّد بن يُوسُف بن عَليّ الإِمَام الْعَلامَة شمس الدَّين أَبُو عبد الله الْكرْمَانِي ثمَّ الْبَغْدَادِيّ مولده فِي جمادي الْآخِرَة سنة سبع عشرَة وَسَبْعمائة وَأخذ عَن وَالِده وَعَن جمَاعَة بكرمان ثمَّ ارتحل إِلَى الشَّيْخ عضد الدَّين فلازمه اثْنَتَيْ عشرَة سنة وَقَرَأَ عَلَيْهِ تصانيفه ثمَّ طَاف الْبِلَاد وَدخل مصر وَالشَّام وَالْعراق وَحج ثمَّ استوطن بَغْدَاد وصنف كتبا فِي عُلُوم شَتَّى فِي الْعَرَبيَّة وَالْكَلَام والمنطق وَشرح البُخَارِيّ شرحا جيدا فِي أَربع مجلدات وَفِيه أَوْهَام فَاحِشَة وتكرار كثير لَا سِيمَا فِي ضبط أَسمَاء الروَاة وَله شرح على مُخْتَصر ابْن الْحَاجِب فِي ثَلَاث مجلدات يذكر فِيهِ عِبَارَات الشُّرَّاح برمز وَذكر من شُرُوح الْكتاب الْمَشْهُورَة سَبْعَة شُرُوح وسماها الْكَوَاكِب السَّبْعَة وَذكر من شروحه الْخفية ثَلَاثَة فاحتوى كِتَابه على عشرَة شُرُوح قَالَ الْحَافِظ شهَاب الدَّين ابْن حجي كَانَ مشارا إِلَيْهِ فِي الْعرَاق وَتلك الْبِلَاد فِي الْعلم تصدى لنشر الْعلم بِبَغْدَاد ثَلَاثِينَ سنة وَكَانَ مُقبلا على شَأْنه لَا يتَرَدَّد إِلَى أَبنَاء الدُّنْيَا قانعا باليسير ملازما للْعلم شرِيف النَّفس متواضعا بارا لأهل الْعلم متكبرا على أهل الدُّنْيَا توفّي رَاجعا من الْحَج فِي الْمحرم سنة سِتّ وَثَمَانِينَ وَسَبْعمائة وَنقل إِلَى بَغْدَاد فَدفن بمقبرة بَاب ابرز عِنْد الشَّيْخ أبي إِسْحَاق الشِّيرَازِيّ بِوَصِيَّة مِنْهُ فِي مَوضِع اعده لنَفسِهِ ثمَّ بنى عَلَيْهِ ابْنه هُنَاكَ قبَّة ومدرسة
708 -
مَحْمُود بن أَحْمد بن صَالح الْفَقِيه الصَّالح شرف الدَّين الصرخدي أَخذ عَن الشَّيْخ فَخر الدَّين الْمصْرِيّ وَسمع الحَدِيث قَالَ الْحَافِظ شهَاب الدَّين ابْن حجي وَكَانَ أحد الْفُقَهَاء الأخيار وَكَانَ يجلس بالجامع يقرىء الطّلبَة شرحا وتصحيحا وَعِنْده تبتل وخشوع وَله أوراد وَكَانَ مصفرا نحيفا وَانْقطع بِآخِرهِ عَن حُضُور الْمدَارِس لضعف بَصَره قَالَ لي وَالِدي قدم علينا وَهُوَ شَاب بالشامية فَكُنَّا نشبه طَرِيقَته بطريقة النَّوَوِيّ توفّي فِي ذِي الْقعدَة سنة إِحْدَى وَثَمَانِينَ وَسَبْعمائة وَقد جَاوز الْخمسين
709 -
مَحْمُود بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن أَحْمد الإِمَام الْعَلامَة الْوَرع بَقِيَّة السّلف مفتي الْمُسلمين أقدم المدرسين أقضى الْقُضَاة شرف الدَّين أَبُو الثَّنَاء بن الإِمَام الْعَلامَة جمال الدَّين بن الإِمَام الْعَلامَة كَمَال الدَّين الْبكْرِيّ الوائلي الْمَعْرُوف بِابْن الشريشي شيخ الشَّافِعِيَّة ومدرس البادرائية مولده
سنة تسع بِتَقْدِيم التَّاء وَعشْرين وَسَبْعمائة بحمص أَخذ الْعلم عَن وَالِده وَالشَّيْخ شمس الدَّين ابْن قَاضِي شُهْبَة وأضرابهما من مَشَايِخ عصره وَقَرَأَ فِي الْأُصُول والنحو والمعاني وَالْبَيَان وشارك فِي ذَلِك كُله مُشَاركَة قَوِيَّة وَنَشَأ فِي عبَادَة وتقشف وَسُكُون وأدب وانجماع عَن النَّاس ودرس بالبادرائية فِي ربيع الأول سنة خمسين نزل لَهُ وَالِده عَنْهَا وَاسْتمرّ يدرس بهَا إِلَى حِين وَفَاته وناب للْقَاضِي تَاج الدَّين فِي آخر عمره فَمن بعده ودرس بالرواحية مُدَّة يسيرَة ولازم الإشغال والافتاء واشتهر بذلك وَصَارَ هُوَ الْمَقْصُود بالفتاوى من سَائِر الْجِهَات وَكَانَ يكْتب على الْفَتَاوَى كِتَابَة حَسَنَة وَبَلغنِي عَن الشَّيْخ زين الدَّين الْقرشِي أَنه قَالَ يقبح علينا أَن نفتي مَعَ وجود ابْن الشريشي وَتخرج بِهِ خلق كثير من فُقَهَاء البادرائية وَغَيرهم وَكتب بِخَطِّهِ أَشْيَاء كَثِيرَة وَكَانَ محببا إِلَى النَّاس كُله خير لَيْسَ فِيهِ شَيْء من الشَّرّ وانتهت إِلَيْهِ وَإِلَى رَفِيقه الشَّيْخ شهَاب الدَّين الزُّهْرِيّ رئاسة الشَّافِعِيَّة وَله نثر ونظم حسن وَكَانَ مُبَارَكًا فِي رزقه لَيْسَ لَهُ سوى البادرائية وتصدير على الْجَامِع وَلَا يزَال يضيف الطّلبَة وَيحسن إِلَيْهِم وَيكثر الْحَج قَالَ الْحَافِظ شهَاب الدَّين ابْن حجي لَازم القَاضِي تَاج الدَّين وَحضر حلقته فاستنابه فِي الحكم قبل مَوته بِيَسِير وَاسْتمرّ يَنُوب عَن الْقُضَاة الَّذين بعده نَحْو عشْرين سنة وتصدر للاشغال بالجامع وَأفْتى واشتهر بالاشغال والفتيا وَكَانَ سَاكِنا وقورا قَلِيل الشَّرّ ريض الْأَخْلَاق ولديه مُشَاركَة حَسَنَة فِي الْأُصُول والعربية وَالْأَدب انْتهى وَلم أر فِي مشايخي أحسن من طَرِيقَته وَلَا أجمع لخصال الْخَيْر مِنْهُ وَكَانَ يلْعَب بالشطرنج وَكَانَ رَأْسا فِيهِ توفّي فِي
صفر سنة خمس وَتِسْعين وَسَبْعمائة وَدفن بتربتهم بالصالحية مُقَابل جَامع الأفرم فِي السفح
710 -
يُوسُف بن مُحَمَّد بن عمر بن مُحَمَّد بن عبد الْوَهَّاب بن مُحَمَّد بن ذُؤَيْب بن مشرف الْعَالم الْمُفْتِي الْمدرس القَاضِي جمال الدَّين أَبُو المحاسن بن الإِمَام الْعَلامَة الزَّاهِد الْوَرع شيخ الشَّافِعِيَّة شمس الدَّين بن القَاضِي نجم الدَّين الْأَسدي الْمَعْرُوف بِابْن قَاضِي شُهْبَة عمي مولده فِي رَمَضَان سنة عشْرين وَسَبْعمائة وَسمع الحَدِيث من جمَاعَة وتفقه على وَالِده وعَلى أهل عصره وَأذن لَهُ وَالِده فِي الْإِفْتَاء وَكَانَ يثني على فهمه وتنقل فِي قَضَاء الْبر ثمَّ ترك ذَلِك وَأقَام بِدِمَشْق على وظائف وَالِده نزل لَهُ عَنْهَا فِي حَيَاته وَهِي تصدير بالجامع وإعادات ثمَّ درس بالعصرونية ودرس بالمجاهدية نِيَابَة وَكَانَ فَاضلا فِي الْفِقْه غير أَنه حصل لَهُ ثقل فِي لِسَانه فِي مرضة مَرضهَا فَكَانَ يعسر عَلَيْهِ الْكَلَام وَكَانَ خيرا دينا منجمعا على نَفسه سَاكِنا حسن الشكل توفّي فِي شَوَّال سنة تسع بِتَقْدِيم التَّاء وَثَمَانِينَ وَسَبْعمائة وَدفن عِنْد وَالِده رحمهمَا الله تَعَالَى
انْتهى الْجُزْء الثَّالِث ويليه الْجُزْء الرَّابِع مبتدئا من الطَّبَقَة الثَّامِنَة وَالْعشْرُونَ إِن شَاءَ الله تَعَالَى طَبَقَات الشَّافِعِيَّة لأبي بكر بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن عمر بن مُحَمَّد تَقِيّ الدَّين ابْن قَاضِي شُهْبَة الدِّمَشْقِي الْجُزْء الرَّابِع