المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌3 - دلالة النص: - طرق الاستدلال بالسنة والاستنباط منها

[عبد العزيز الخياط]

الفصل: ‌3 - دلالة النص:

ومثاله قوله صلى الله عليه وسلم: «الظَّهْرُ يُرْكَبُ بِنَفَقَتِهِ إِذَا كَانَ مَرْهُونًا» . (1) والحكم الذي دَلَّتْ عليه إشارة النص وهو تجويز ركوب المرهون لغير المالك، ولغير المرتهن إذا أذن له المرتهن.

ومثله قوله صلى الله عليه وسلم للنساء: «تَقْعُدُ إِحْدَاكُنَّ شَطْرَ دَهْرِهَا فِي عُقْرِ بَيْتِهَا لَا تَصُومُ وَلَا تُصَلِّي» (2)، قُلْنَ بَلَى. قَالَ:«فَذَلِكَ مِنْ نُقْصَانِ دِينِهَا» فهم الشافعي من الحديث بإشارة النص أنَّ الحيض خمسة عشر يوماً لأنَّ لفظة الشطر موضوع للنصف، والحديث ليس مسوقاً له ولكنه لبيان نقصان دين المرأة.

وحكم عبارة النص وإشارته حكم قطعي، إلَاّ إذا وجد ما يصرفه عن ذلك. ودلالة الإشارة تحتاج إلى ذكاء ودقَّة فهم من المجتهد.

‌3 - دلالة النص:

وهي دلالة الكلام على ثبوت حكم المنصوص عليه للمسكوت عنه، لاشتراكهما في علة يمكن فهمها للعارف باللغة العربية من غير نظر ولا اجتهاد، مثل ما روي

(1) أخرجه أبو داود في كتاب البيوع.

(2)

[قال الإمام البيهقي: «وَأَمَّا الَّذِي يَذْكُرُهُ بَعْضُ فُقَهَائِنَا فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ مِنْ قُعُودِهَا شَطْرَ عُمْرِهَا، وَشَطْرَ دَهْرِهَا لَا تُصَلِّي، فَقَدْ طَلَبْتُهُ كَثِيرًا فَلَمْ أَجِدْهُ فِي شَيْءٍ مِنْ كُتُبِ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ، وَلَمْ أَجِدْ لَهُ إِسْنَادًا بِحَالٍ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ»]. " معرفة السنن والآثار " للبيهقي، تحقيق عبد المعطي أمين قلعجي، 2/ 143 حديث رقم 2157، الطبعة الأولى: 1412هـ - 1991م نشر: جامعة الدراسات الإسلامية (كراتشي - باكستان)، دار قتيبة (دمشق -بيروت)، دار الوعي (حلب - دمشق)، دار الوفاء (المنصورة - القاهرة)].

ص: 37

أنَّ أعرابيا جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ينتف شعره ويقول: هلكت هلكت، فقال:«مَاذَا صَنَعْتَ؟» فَقَالَ: وَاقَعْتُ أَهْلِي فِي نَهَارِ رَمَضَانَ فَقَالَ: «أَعْتِقْ رَقَبَةً» ، فضرب بيده على صفحة عنقه وقال: لا أملك إلَاّ رقبتي هذه. فقَالَ عليه الصلاة والسلام «صُمْ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ» فَقَالَ: هل أتيت ما أتيت إلَاّ من الصوم، فقال:«أَطْعِمْ سِتِّينَ مِسْكِينًا» . فقَالَ: لَا أَجِدُ، فقال:«اجْلِسْ» فجلس فأتى بصدقات بني زريق فقال:

«خُذْ خَمْسَةَ عَشَرَ صَاعاً فَتَصَدَّقْ بِهَاعَلَى المَسَاكِينِ» فقال: أهَلْ على أهل بيت أحوج إليها مني ومن عيالي؟ فوالله ما بين لابتي المدينة أحوج إليها مني ومن عيالي: فقال صلى الله عليه وسلم: «كُلْهَا أَنْتَ وَعِيَالِكَ» (1) وزيد في بعض الروايات: «يُجْزِيك وَلَا يُجْزِئَ أَحَداً بَعْدَك» فَدَلَّ الحديث على وجوب الكفارة بالجناية على الصوم بالأكل أو الشرب، وهو حكم مسكوت عنه، فهم من حكم النصوص، وهو الجماع في نهار رمضان، من غير حاجة إلى إعمال نظر. كما

(1) هذا الحديث روي بروايات مختلفة سردها ابن عبد البر في " التمهيد ". وقد روى هذا الحديث البخاري ومسلم وأصحاب السنن.

ص: 38