المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌أ - الألفاظ الواضحة - طرق الاستدلال بالسنة والاستنباط منها

[عبد العزيز الخياط]

الفصل: ‌أ - الألفاظ الواضحة

‌ثانياً: طرق الاستدلال من الألفاظ الواضحة وغير الواضحة:

‌أ - الألفاظ الواضحة

هي:

1 -

الظاهر: هو ما دل على معناه دلالة واضحة - عند الحنفية - بحيث لا يحتاج الوقوف على معناه إلى قرينة خارجية، ولم يكن ذلك المعنى هو المقصود الأصلي من سياق الكلام، ويحتمل التخصيص، أو التأويل، أو النسخ (1).

ومثاله: دخل صلى الله عليه وسلم على عائشة وعندها رجل، فكأنه تغيَّرَ وجهه، كأنه كره ذلك، فقالت: إنه أخي، فقال:«انْظُرْنَ مَنْ إِخْوَانُكُنَّ، فَإِنَّمَا الرَّضَاعَةُ مِنَ المَجَاعَةِ» متفق عليه (2)، فقوله صلى الله عليه وسلم:«إِنَّمَا الرَّضَاعَةُ مِنَ المَجَاعَةِ» غير مقصود المعنى بطريق الأصالة، وإنما المقصود التأكد من أخوة الرضاعة، لأنه قاله لما رأى الرجل عند عائشة، وأخبرته أنه أخوها في الرضاعة. ولذلك لم يكن بيان أَنَّ الرضاعة من

(1)" كشف الأسرار ": 1/ 44.

(2)

رواه الجماعة إلا الترمذي.

ص: 30

المجاعة، هو المقصود الأصلي من السياق، وهو يحتمل التخصيص والتأويل والنسخ.

2 -

النص: وهو اللفظ الذي ظهر المراد منه وازداد وُضُوحاً بِأَنْ سِيقَ الكلام له مع احتماله التخصيص والنسخ والتأويل، ومثاله من السُنَّةِ ما ذكر في " الصحيحين " من حديث أم هانئ أنها أجارت رجلين من أحمائها وجاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم تخبره أنَّ عليّاً أخاها لم يجز إجارتها. فقال: صلى الله عليه وسلم: «قَدْ أَجَرْنَا مَنْ أَجَرْتِ يَا أُمَّ هَانِئٍ» فهو نص في جواز إجارة المرأة.

هذا وقد اعتبر بعض الفقهاء الظاهر والنص بمعنى واحد، ولكن الجمهور يُفَرِّقُ بينهما، والنص أقوى من الظاهر، ودلالة النص عند الشافعية قطعية، وحكمهما العمل بهما بما يدل عليهما عَمَلاً وما انتظمهما ثابت.

3 -

المفسر: هو اللفظ الذي ظهر المراد منه، وسيق الكلام له، وازداد وضوحاً بعدم احتماله التخصيص أو التأويل، لكنه يحتمل النسخ مثل قوله صلى الله عليه وسلم:«فِي كُلِّ أَرْبَعِينَ شَاةً شَاةٌ» (1).

(1) هذا جزء من حديث طويل رواه أنس، وهو كتاب أبي بكر في الصدقات. =

ص: 31

فهو لا يحتمل تأويلاً ولا تخصيصاً عند الشافعية.

والمفسر أقوى في دلالته على الحكم من الظاهر والنص، وإذا تعارض الظاهر والنص مع المفسر أُوِّلَا ليوافقا المفسر، ومثال ذلك ما روي عن عائشة رضي الله عنها أنَّ فاطمة بنت [أبي] حُبيش جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت:«إِنِّى امْرَأَةٌ أُسْتَحَاضُ فَلَا أَطْهُرُ أَفَأَدَعُ الصَّلَاةَ؟ قَالَ لَهَا: «لَا، اجْتَنِبِى الصَّلَاةَ أَيَّامَ مَحِيضِكِ، ثُمَّ اغْتَسِلِى وَتَوَضَّئِى لِكُلِّ صَلَاةٍ، ثُمَّ صَلِّي وَإِنْ قَطَرَ الدَّمُ عَلَى الْحَصِيرِ» ، فهذا يعارض ما ورد في رواية أخرى أنه قال لفاطمة بنت [أبي] حبيش هذه:«تَوَضَّئِي لِوَقْتِ كُلِّ صَلَاةٍ» فعلى الرواية الأولى يوجب الوضوء لكل صلاة، وعلى الثانية يوجبها لوقت كل صلاة، فَيُؤَوَّلُ الأول ليكون المعنى لوقت كل صلاة (1)

= والحديث أخرجه أحمد والنسائي وأبو داود والبخاري. وأخرجه أيضاً الشافعي والبيهقي والحاكم وَصَحَّحَهُ ابن حبان لكن لفظ الحديث: «وَفِى صَدَقَةِ الْغَنَمِ فِى سَائِمَتِهَا إِذَا كَانََتْ أَرْبَعِينَ فَفِيهَا شَاةٌ» .

(1)

متفق عليه، رواية «تَوَضَّئِي لِوَقْتِ كُلِّ صَلَاةٍ» من زيادة البخاري وأشار مسلم إلى أنه حذفها عَمْداً فإنه قال في " صحيحه " بعد ذكر الحديث:«وفي حديث حماد حرف تركنا ذكره» ، قال البيهقي هو قوله:«تَوَضَّئِي» لأنها زيادة غير محفوظة. وقد قرَّرَ صاحب " الفتح " أنها ثابتة.

ص: 32