المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الفصل الرابعالشيعة الإمامية الإثنا عشرية وأهم تعاليمهم - عرض ونقد دراسة نقدية وتوجيهية لكتاب دراسة عن الفرق في تاريخ المسلمين الخوارج والشيعة

[علي بن محمد بن ناصر الفقيهي]

الفصل: ‌الفصل الرابعالشيعة الإمامية الإثنا عشرية وأهم تعاليمهم

أما جمَاعَة التَّكْفِير وَالْهجْرَة- فقد أورد شبههم الَّتِي استندوا عَلَيْهَا فِي تَكْفِير من سواهُم وناقشها، ورد عَلَيْهَا بِمَا أوردهُ الْعلمَاء فِي الرَّد عَلَيْهِم، وَفِي تعسفهم وتحريفهم للنصوص الَّتِي يستدلون بهَا، وَقد أَجَاد الباحث فِي ذَلِك من حَيْثُ الأسلوب وَالْعرض، وَكَيْفِيَّة الِاسْتِدْلَال، والتحليل، ثمَّ ربط أَحْوَال النَّاس وواقعهم وأفكارهم المعاصرة بالأفكار الْقَدِيمَة كَمَا سبقت الإِشارة لذَلِك- وَهَذَا هُوَ الْمنْهَج السَّلِيم الْمُفِيد فِي دراسة الْفرق، لَا السرد التاريخي. وَقد انْتهى الْبَحْث عَن الْخَوَارِج وَمن سلك مسلكهم بنهاية ص 177

ص: 492

‌الْفَصْل الرَّابِع

الشِّيعَة الإمامية الإثنا عشرِيَّة وأهم تعاليمهم

ص 179

تحدث الباحث عَن هَذِه الْفرْقَة من الشِّيعَة.

فعرفهم وَذكر تعاليمهم، وَأورد أَسمَاء أئمتهم- حسب دَعوَاهُم-.

وَإِلَّا فَأُولَئِك من أهل السّنة وَالْجَمَاعَة، وأولهم الإِمام عَليّ بن أبي طَالب رضي الله عنه الْخَلِيفَة الراشد رَابِع الْخُلَفَاء الْمَشْهُود لَهُ بِالْجنَّةِ، وَالَّذِي تَبرأ من أفكار الشِّيعَة الرافضة الَّتِي نسبوها إِلَيْهِ، فِي الْإِمَامَة فقد أعلن أَن الرَّسُول صلى الله عليه وسلم لم يوص إِلَيْهِ بِشَيْء فِي ذَلِك، وَفِي تفضيله على الشَّيْخَيْنِ فقد خطب وَقَالَ: من فَضله على أبي بكر وَعمر فسيحدّه حد المفتري، وَغير ذَلِك مِمَّا هُوَ مُثبت فِي مناقبه وفضائله.

وَأما الْحسن رضي الله عنه، فخلافته من خلَافَة الْخُلَفَاء الرَّاشِدين، وَقد أثنى عَلَيْهِ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَأَنه سيد شباب أهل الْجنَّة، وَأَن الله سيصلح بِهِ بَين فئتين عظيمتين من الْمُسلمين- لَكِن الشِّيعَة غاضهم ذَلِك الصُّلْح- فَقَالُوا لَهُ: يَا مسود وُجُوه الْمُؤمنِينَ، كَمَا فِي الْبِدَايَة لِابْنِ كثير.

أما بَقِيَّة من جعلوهم أَئِمَّة إِلَى الثَّانِي عشر المختفي فِي السرداب الَّذِي لم

ص: 492

يخلقه الله فَلم يل أحد مِنْهُم أَمر الْمُسلمين، وَلَكنهُمْ أهل بَيت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم تجب محبتهم

الخ.

وَكَانَ بودي لَو أنّ الباحث أَشَارَ إِلَى ذَلِك.

وَقد أَسَاءَ الشيعةُ إِلَى أهل الْبَيْت بِدَعْوَى حبهم وموالاتهم، لأَنهم اتَّخذُوا هَذِه الدَّعْوَى ستارا لهدم قَوَاعِد هَذَا الدّين، وَقد أثبت الباحث ذَلِك، كَمَا أورد الباحث الْكثير من عقائدهم الْبَاطِلَة وناقشها ورد عَلَيْهَا بِمَا هُوَ الْحق من أَقْوَال أهل السّنة وَالْجَمَاعَة، وَمن كتب الشِّيعَة الإمامية أنفسهم الْقَدِيمَة والمعاصرة.

وَمن أهم عقائدهم الْبَاطِلَة الَّتِي أوردهَا الباحث ورد عَلَيْهَا مَا يَأْتِي:

أَولا: الْوَصِيَّة من رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لعَلي رضي الله عنه بِالْإِمَامَةِ بعده مُبَاشرَة، وَأَن الصَّحَابَة خالفوا أَمر رَسُول صلى الله عليه وسلم فِي تِلْكَ الْوَصِيَّة فاغتصبوا حق عَليّ بن أبي طَالب رضي الله عنه.

وَقد أورد الباحث أدلتهم فِي النَّص على إِمَامَة عَليّ بن أبي طَالب بعد النَّبِي مُبَاشرَة، فَذكر الْآيَات الَّتِي استدلوا بهَا على ذَلِك.

ثمَّ ناقشها وردهَا بالأدلة الصَّحِيحَة الصَّرِيحَة من أَقْوَال أهل السّنة، فَبين أَنه لَا دَلِيل لَهُم فِي الْآيَات الَّتِي أوردوها وَأَن الْأَحَادِيث الَّتِي أوردوها فِي النَّص مَوْضُوعَة- وَأما الْأَحَادِيث الصَّحِيحَة فَإِنَّهَا لَا تدل على الْمُدعى ص 192.

ثمَّ ربط بَين قَول وعقائد الشِّيعَة- الإمامية- السَّابِقين والمعاصرين فِي الْإِمَامَة ومنزلة الإِمَام.

فالإمامة ركن من أَرْكَان الدّين ومنصب إلهي كالنبوة ص 197.

وَقد ذكر من المعاصرين عبد الْوَاحِد الْأنْصَارِيّ الشيعي المعاصر- صَاحب كتاب أضواء على خطوط محب الدّين الْخَطِيب، نقل عَنهُ من ص 98،99.

وَآيَة الله الخميني من كِتَابه "الْحُكُومَة الإسلامية" ص 52 وَنقل عَنهُ قَوْله: فَإِن للْإِمَام مقَاما مَحْمُودًا ودرجة سامية وَخِلَافَة تكونية تخضع لولايتها وسيطرتها

ص: 493

جَمِيع ذرات الْكَوْن

الخ ص 199 ثمَّ ذكر فِي آخر هَذِه الصفحة وَالَّتِي تَلِيهَا عَن الخميني من الْحُكُومَة الإسلامية ص 141- أَن عَليّ بن أبي طَالب رضي الله عنه هُوَ الْحَاكِم الْمُهَيْمِن الشَّرْعِيّ على شؤون الْبِلَاد والعباد وَأَن الْمَلَائِكَة تخضع لَهُ

الخ.

ثَانِيًا: الْعِصْمَة للأئمة- فَلَا يجوز عَلَيْهِم الْمعْصِيَة وَلَا الْخَطَأ وَلَا النسْيَان ص 203.

وَقد رد على الشِّيعَة هَذِه الدَّعْوَى وَبَين وجهة رده وَهِي وجهة سليمَة، كَمَا فِي ص 205.

ثَالِثا: الرّجْعَة قَالَ: فقد نَادَى الشِّيعَة برجعة الْأَئِمَّة وَأَرَادُوا بذلك أَن يعود الإِمَام إِلَى الظُّهُور بعد الْغَيْبَة أَو الاختفاء أَو إِلَى الْحَيَاة بعد الْمَوْت.

وَبَين أَن أصُول هَذِه الدَّعْوَى يَهُودِيَّة

الخ ص 207.

ثمَّ ذكر من يحاول تَفْسِير هَذِه الرّجْعَة من الشِّيعَة المعاصرين برجعة الدولة وَالْأَمر وَالنَّهْي، وَنفى أنَّ الرجّعة بِالْمَفْهُومِ الأول لَيست من معتقدات الإمامية

الخ ص 209.

ثمَّ رد على هَذَا الْمَفْهُوم أَو الدَّعْوَى- بِأَن الشِّيعَة جَمِيعًا لَا يَشكونَ فِي عودة الإِمَام المنتظر أَو الإِمَام الْغَائِب الَّذِي يُحَقّق دولة الْإِسْلَام، ثمَّ ذكر اتهامهم ودعواهم أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم لم يُحَقّق دولة الْإِسْلَام فِي صورتهَا الْكَامِلَة

الخ ص 210.

ثمَّ قَالَ: ولَايَة الْفَقِيه:

وَذكر عقيدة الشِّيعَة أَن قيام الدولة لَا تكون إِلَّا مَعَ الإِمَام الْمَعْصُوم وعَلى يَدَيْهِ، قَالَ: وَمن ثمَّ عطل هَؤُلَاءِ إِلَى عهد قريب صَلَاة الْجُمُعَة، بل حرم بَعضهم أداءها حَتَّى يخرج الإِمَام المنتظر

وَأَن فريقا مِنْهُم يرَوْنَ أَن ولَايَة الْفَقِيه بِمَعْنى أَن الْفَقِيه الشيعي لَهُ الْولَايَة

ص: 494

الْعَامَّة

إِلَى أَن قَالَ: وَقد تبلورت هَذِه الآراء عِنْد الشِّيعَة المعاصرين فِيمَا يعرف بنظرية ولَايَة الْفَقِيه الَّتِي أضفى عَلَيْهَا آيَة الله الخميني بعدا سياسياً وَأخرج بهَا الْمَذْهَب الشيعي من طور الجمود السياسي المتمثل فِي انْتِظَار عودة الإِمَام الْغَائِب ليقيم دولة الْإِسْلَام- إِلَى القَوْل بِوُجُوب سعي الْفُقَهَاء إِلَى إِقَامَة دولة يحكمها الْإِسْلَام

الخ ص 211- 216- الْمرجع الْحُكُومَة الإسلامية.

رَابِعا: التقية:- وَهِي النِّفَاق عِنْد أهل السّنة وَالْجَمَاعَة- وَتِسْعَة أعشار الدّين عِنْد الشِّيعَة الإمامية، بل نقلوا نصوصا نسبوها إِلَى من يدعونَ أَنهم أئمتهم، وَقد نقلهَا الباحث ص 217، مِنْهَا قَوْلهم نِسْبَة لجَعْفَر الصَّادِق: التقية ديني وَدين آبَائِي. "وَمن لَا تقية لَهُ لَا دين لَهُ ""وَأَنَّهَا تِسْعَة أعشار الدّين" - هَذِه الرِّوَايَات فِي الْكَافِي وعقائد الصدوق- الْهَامِش 1 لنَفس الصفحة 217.

تمّ ذكر الباحث- أَن الشِّيعَة تعد التقية مبدأ أساسيا فِي حياتهم الْخَاصَّة والعامة وجعلوها ركنا من أَرْكَان مَذْهَبهم ثمَّ بَين أَنه كَانَ للتقية شَأْن خطير فِي كل أَحْدَاث الشِّيعَة التاريخية

الخ ص 217- 218.

هَذَا بعض كَلَام الباحث عَن التقية وَقد ذكر أَمْثِلَة لاستعمال الشِّيعَة واستخدامهم للتقية.

إِلَّا أَن الباحث يظْهر أَنه لم يطلع على الْكتاب الْخَاص بالتقية من تأليف الخميني وَلِهَذَا اكْتفى بإشارته فِي الْحُكُومَة الإسلامية ص 142 كَمَا فِي هَامِش ص 218- إِلَى كَيْفيَّة اسْتِعْمَال التقية عِنْد الخميني فِي الْحُكُومَة الإسلامية، فَظن أَن التقية أَصبَحت غير ذَات أهمية عِنْد الشِّيعَة، وَلِهَذَا حينما جَاءَ الباحث إِلَى إبداء وجهة نظره فِي التَّقْرِيب وَقع مِنْهُ ذَلِك الْخَطَأ الَّذِي سَيَأْتِي مناقشته بعد قَلِيل.

خَامِسًا: عقيدة الْمهْدي- وَقد صرح الخميني فِي كِتَابه الْحُكُومَة الإسلامية بِتِلْكَ العقيدة ودعى لَهُ بتعجيل الْفرج.

وَقد نقل الباحث فِي ص 216 الْمَادَّة الْخَامِسَة من دستور الجمهورية

ص: 495

الإسلامية الإيرانية وَفِيه- تكون ولَايَة الْأَمر فِي غيبَة الإِمَام الْمهْدي "عجل الله فرجه " فِي جمهورية إيران الإِسلامية للفقيه الْعَادِل

الخ وَلَكِن الباحث يَقُول هَذِه المشكلة انْتَهَت، والعقلاء يَقُولُونَ ليتها لم تَنْتَهِ.

وَفِي ص 226 قَالَ: موقف الأمامية الإِثني عشرِيَّة من الْقُرْآن وَالسّنة وَالصَّحَابَة.

سادساً: الشِّيعَة وَالْقُرْآن:

قَالَ: أما الْقُرْآن فقد زعم بعض الشِّيعَة أَنه قد حرف وأسقطت مِنْهُ بعض السور

الخ.

قَالَ: وَقد ردد هَذِه الافتراءات على الْقُرْآن العديد من عُلَمَاء الشِّيعَة الإمامية، وعَلى رَأْسهمْ حجتهم الْمَشْهُور أَبُو جَعْفَر مُحَمَّد بن يَعْقُوب الكليني

الخ.

إِلَى أَن قَالَ: وَقد زعم الكليني أَنه لم يجمع الْقُرْآن كُله إِلَّا الْأَئِمَّة

ص 227 الْمرجع الهوامش فِي نفس الصفحة وَقد ذكر فِي ص 228- 229 أَمْثِلَة لدعواهم الْبَاطِلَة. وَفِي ص 230 ذكر كتاب "فصل الْخطاب فِي إِثْبَات تَحْرِيف كتاب رب الأرباب " لحسين بن مُحَمَّد تَقِيّ النوري الطبرسي الْمُتَوفَّى سنة 1320 هـ الَّذِي أثبت فِيهِ- أَن كل الشِّيعَة الإمامية مجمعون على تَحْرِيف الْقُرْآن- حَتَّى المشائخ الْأَرْبَعَة الْمَنْسُوب إِلَيْهِم الْخلاف للشيعة- حَيْثُ أثبت أَنهم يَقُولُونَ ذك- بِدَلِيل أَنهم رووا الْأَحَادِيث الَّتِي فِيهَا التحريف فِي كتبهمْ وَلم ينقدوها.

وَقد نقل الباحث ذَلِك فِي ص 231.

وَمَعَ نَقله هَذَا فَسَيَأْتِي قَول الباحث ص 243 سطر 15- أَنه وجد شبه إِجْمَاع لَدَى الشِّيعَة على نفي أَي تَحْرِيف بِزِيَادَة أَو نقص عَن الْقُرْآن.

هَكَذَا يَقُول- وَالْعَكْس هُوَ الصَّحِيح، وَنَقله هَذَا يثبت ذَلِك.

ص: 496

سابعاً: الشِّيعَة وَالصَّحَابَة: ص 235

وَقد نقل الباحث عَن الشِّيعَة طعنهم فِي الصَّحَابَة وتجريحهم لَهُم من كتبهمْ الأصيلة مثل الْكَافِي للكليني. وَرِجَال الْكشِّي. والاحتجاج للطبرسي، وَغَيرهَا من المراجع الأساسية عِنْد الشِّيعَة الإمامية.

ثمَّ بَين أَن هَذِه العقائد السَّابِقَة- لازالت بِعَينهَا يُرَدِّدهَا الشِّيعَة المعاصرون ثمَّ مثّل:

بِعَبْد الْوَاحِد الْأنْصَارِيّ- صَاحب كتاب "أضواء على خطوط محب الدّين الْخَطِيب" ص 102-103 هَامِش 3 من ص 235- نقل مِنْهُ اتهام الصَّحَابَة بِأَنَّهُم تَآمَرُوا على إبعاد عَليّ رضي الله عنه عَن الْخلَافَة، بل تَآمَرُوا على قَتله والتخلص مِنْهُ، وَأَنَّهُمْ حَاربُوا فَاطِمَة بنت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وكادوا يحرقون عَلَيْهَا منزلهَا

الخ.

ثمَّ أضَاف الباحث فِي ص 236 وَهُوَ كَلَام جيد فَبَدَأَ من السطر الْعَاشِر فَقَالَ: وَمِمَّا يؤسف لَهُ أَن بعض الشِّيعَة المعاصرين لَا زَالُوا يرددون مثل هَذِه التهم الْبَاطِلَة ضد الصَّحَابَة رضوَان الله عَلَيْهِم ويصفونهم بأقذع الْأَوْصَاف ويتهمونهم بأبشع التهم، فهم فِي نظرهم طلاب دنيا قبلوا الْإِسْلَام ظَاهرا طَمَعا فِي الحكم والسلطة وأضمروا الْكفْر والنفاق والزندقة

الخ.

وَأثبت الباحث الْمرجع فِي نفس الصفحة هَامِش 2 كشف الْأَسْرَار للخميني ص 130-131.

وَقد رد الباحث كَمَا فِي ص 237- 239 على هَذَا الْكَاتِب وَأَمْثَاله، بِمَا كَانَ للصحابة من دور فعال فِي نصْرَة هَذَا الدّين وَنشر تعاليمه وَأَنَّهُمْ يمثلون جيلاً، فريدا صاغته تعاليم الْقُرْآن

الخ.

حَيْثُ نقل ذَلِك عَن أبي الْحسن الندوي- من كِتَابه- "صُورَتَانِ متضادتان " عِنْد أهل السّنة والشيعة الإمامية

الخ.

ص: 497

ثامناً: الشِّيعَة وَالسّنة: ص 240.

قَالَ الباحث: قد كَانَ لنظرة الشِّيعَة ورأيهم فِي الصَّحَابَة أثر كَبِير فِي موقفهم من السّنة النَّبَوِيَّة، إِذْ أنكر الشِّيعَة كل الْأَحَادِيث الَّتِي وَردت عَن طَرِيق هَؤُلَاءِ الصَّحَابَة، بل أَنهم شنوا هجوما عنيفا على رُوَاة الحَدِيث كَأبي هُرَيْرَة وَسمرَة بن جُنْدُب، وَعُرْوَة بن الزبير، وَعَمْرو بن الْعَاصِ، والمغيرة بن شُعْبَة، وَغَيرهم- واتهموهم بِالْوَضْعِ والتزوير وَالْكذب.

نقل الباحث هَذَا النَّص عَن الشِّيعَة الإمامية المعاصرين فِي هَامِش ص 240 فَذكر:

1-

أضواء على خطوط محب الدّين الْخَطِيب- لعبد الْوَاحِد الْأنْصَارِيّ ص 48، 65، 68، 90.

2-

الْحُكُومَة الإسلامية للخميني ص 60.

3-

الشَّهَادَة "عَليّ شريعتي " قَالَ: وَهَذَا الْكَاتِب الْأَخير يتهم الصَّحَابِيّ أَبَا هُرَيْرَة بِأَنَّهُ وَأَمْثَاله سلكوا طَرِيق ابتداع الْأَحَادِيث واختلاق الْمُتُون لتدعيم حكم مُعَاوِيَة.

4-

الشِّيعَة فِي الْمِيزَان "مغنية" ص 81 وَهُوَ معاصر أَيْضا.

هَذَا مَا سطره الباحث فِي كِتَابه هَذَا من كتب الشِّيعَة الإمامية القدامى والمعاصرين وَهُوَ بحث جيد سلك فِيهِ الباحث الْمنْهَج العلمي، فقد وثق النُّصُوص الَّتِي نقلهَا من كتبهمْ الأساسية والمعاصرة مُشِيرا إِلَى الْجُزْء والصفحة بأسلوب جيد وَعرض حسن، كَمَا ناقش هَذِه الأفكار المنحرفة الَّتِي قصد أَصْحَابهَا من وَرَائِهَا هدم دين الْإِسْلَام من أساسه حَيْثُ طعنوا فِي مصدريه، الْقُرْآن وَالسّنة، واتهموا من نَقله إِلَيْنَا من الصَّحَابَة الْكِرَام الَّذين اخْتَارَهُمْ الله لصحبة نبيه، بالْكفْر والنفاق والزندقة، وَفد أَسْلمُوا ظَاهرا وأبطنوا النِّفَاق من أجل الْوُصُول إِلَى السلطة وَالْحكم

الخ.

هَذَا مَا نَقله الباحث عَن الخميني.

ص: 498

" رَأْي الْمُؤلف "

مُهِمّ جدا- وَلَكِن مَا رَأْي الباحث بعد أَن سطر هَذِه الْحَقَائِق كلهَا.

1-

فِي ثورة الخميني وَإِقَامَة الدولة الإسلامية- الشيعية الإمامية.

2-

وَفِي دَعوَاهُم تَحْرِيف الْقُرْآن

الخ.

3-

وَفِي الصَّحَابَة الْكِرَام.

4-

وَفِي السّنة النَّبَوِيَّة.

أَقُول إِن الباحث قد أبدى رَأْيه وَمَا يَدْعُو إِلَيْهِ من ص 242- 244.

فَقَالَ فِي السطر الرَّابِع ص 242 من أَسْفَل: وَهُوَ زِيَادَة لم تُوجد فِي الطبعة الأولى حَيْثُ انْتهى الْكَلَام عَن الصَّحَابَة وَالسّنة ص 179 تمّ فِي ص 180 بَدْء الْفَصْل الْخَامِس، أما هَذِه الطبعة فقد زَاد فِيهَا من قَوْله:

من هَذَا الْعرض لأراء الشِّيعَة ومعتقداتهم يتَبَيَّن لنا مَا يَأْتِي، وَهُوَ من ص 242-244:

قَالَ: أَولا - أَن الْقَضِيَّة الأساسية الَّتِي يَدُور حولهَا فكر الشِّيعَة ومعتقداتهم هِيَ قَضِيَّة الْإِمَامَة الَّتِي انبثقت مِنْهَا كل تصوراتهم عَن الإِمَام وآرائهم حول:

الْقُرْآن- وَالسّنة- وَالصَّحَابَة.

وَكَانَ لَهَا انعكاس وَأثر فِي مُخْتَلف مناحي فكرهم، وَتعْتَبر من ثمَّ نقطة الْخلاف الأساسية بَينهم وَبَين أهل السّنة.

ثَانِيًا: إننا نجد دَاخل الحركات الشيعية تبايناً فِي الآراء واختلافا فِي وجهات النّظر، حول كثير من الْمسَائِل الْأُصُولِيَّة لاسيما فِيمَا يتَعَلَّق بتصورهم للْإِمَام ووظيفته وَالْقَوْل بعصمته ورجعته واستخدام التقية وَالْقُرْآن وَولَايَة الْفَقِيه ومشروعيتها..

تمّ بَدْء فِي التَّدْلِيس بِكَلَام ينْقضه قَوْله السَّابِق وَنَقله لثباتِ المعاصرين

ص: 499

على مَا سطره أسلافهم. ثمَّ استعمالهم جَمِيعًا للتقية كَدين لأَنهم يَقُولُونَ: من لَا تقية لَهُ لَا دين لَهُ، كَمَا نقل هُوَ ذَلِك وَسبق ذكره.

ثمَّ يَقُول: ويبدو أَنه كَانَ للظروف التاريخية الَّتِي حدثت فِيهَا مواجهات بَين الشِّيعَة وخصومهم، وللأجواء الْعَامَّة الَّتِي نما فِيهَا التَّشَيُّع الْأَثر الْكَبِير فِي صياغة معتقدات الشِّيعَة بِصُورَة حادة متطرفة أَحْيَانًا!! بَيْنَمَا نجد ميلًا إِلَى التفكير، واعتدالا فِي الرَّأْي فِي الظروف الَّتِي تخف فِيهَا حِدة الصراع.

نم رتب على هَذِه الدَّعْوَى الْعَارِية من الدَّلِيل مَا يَأْتِي:

قَالَ: وَقد اسْتَطَاعَ بعض الشِّيعَة المعاصرين وَإِلَى حد مَا، تجَاوز الإطار التاريخي الَّذِي نمت فِيهِ كثير من أفكار أسلافهم ومعتقداتهم الجانحة وبدءوا مناقشة قضايا الْمَذْهَب بِصُورَة نقدية معتدلة وتوصل بَعضهم كَمَا سبق أَن رَأينَا إِلَى أَن قَضِيَّة عصمَة الْأَئِمَّة، وَالرَّجْعَة، والتقية، لم تعد مَقْبُولَة

الخ.

وَأَقُول: إِن هَذَا الْبَعْض يقْصد بِهِ الخميني- وَسبق أَن نقلت مَا ذكره الباحث عَن الخميني فِي اتهامه- الصَّحَابَة بالْكفْر والنفاق والزندقة، وَإِنَّهُم إِنَّمَا أَسْلمُوا نفَاقًا فِي سَبِيل تَحْقِيق أغراضهم الدُّنْيَوِيَّة طَمَعا فِي السلطة وَالْحكم

الخ ص 236.

ونوجه السُّؤَال التَّالِي للمؤلف ونقول لَهُ:

مَا هِيَ الظروف الَّتِي واجهت الخميني المعاصر- حَتَّى يحكم على الصَّحَابَة الْكِرَام بِهَذَا الحكم الْبَاطِل الْفَاسِد الظَّالِم؟

كَمَا نقل الباحث- عَن عبد الْوَاحِد الْأنْصَارِيّ من كِتَابه "أضواء على خطوط محب الدّين الْخَطِيب " وَعَن "الخميني " وَعَن "شريعتي" وَعَن "مغنية" فِي ص 240، تكفيرهم واتهامهم عددا من الصَّحَابَة بِأَسْمَائِهِمْ بِالْوَضْعِ والتزوير وَالْكذب.

فَمَا هِيَ الظروف الَّتِي واجهت هَؤُلَاءِ المعاصرين ليصدروا هَذَا الحكم

ص: 500

الظَّالِم على الصَّحَابَة الْكِرَام الَّذين كنت قبل قَلِيل تدافع عَنْهُم وَتقول: إِن الإمامية شنوا عَلَيْهِم هجوما عنيفا فكفروهم واتهموهم بالزندقة.

فَمَاذَا أَصَابَك بعد ذَلِك الحماس للحق؟.

ثمَّ يواصل الباحث رَأْيه حول عقائد الإمامية لتبرأتهم أَو رجوعهم فَيَقُول فِي نفس الصفحة 243 سطر 15كَمَا وجدنَا شبه إِجْمَاع لَدَى الشِّيعَة على نفي أَي تَحْرِيف بِزِيَادَة أَو نقص عَن الْقُرْآن.

وَأَقُول إِن كَلَامه هَذَا بَاطِل بِمَا نَقله هُوَ نَفسه من ص 226- 239 عَن القدامى والمعاصرين ووضح ذَلِك بِمَا جَاءَ فِي كتاب حُسَيْن بن مُحَمَّد تَقِيّ النوري الطبرسي الْمُتَوفَّى سنة 1320 هـ فِي كِتَابَة الَّذِي سَمَّاهُ "فصل الْخطاب فِي إِثْبَات تَحْرِيف كتاب رب الأرباب" وَقد رد فِيهِ على الْأَرْبَعَة الَّذين نسب إِلَيْهِم القَوْل بِعَدَمِ تَحْرِيف الْقُرْآن كَمَا فِي ص 230- 231 وَنقل الباحث رده عَلَيْهِم.

ثمَّ النّص الَّذِي نَقله عَن الخميني فِي تكفيره للصحابة وَالَّذِي سبق نَقله فِي الصفحات السَّابِقَة.

قَالَ الخميني عَن الصَّحَابَة: أضمروا الْكفْر والنفاق والزندقة واستهانوا بِالْقُرْآنِ فحرفوه.. الخ انْظُر النَّص ص 236.

إِذا أَيْن شبه الْإِجْمَاع عِنْد الشِّيعَة على نفي تَحْرِيف الْقُرْآن- بل الْإِجْمَاع عِنْدهم على تحريفه كَمَا أثبت النوري الطبرسي. وكما يَقُول الخميني.

وَقبل شَهْرَيْن قُدمت رِسَالَة فِي الجامعة- عَن موقف الشِّيعَة الإمامية من الْقرَان- أثبت الباحث بالتسلسل التاريخي إِلَى الْعَصْر الْحَاضِر عَن الإمامية أَنهم يَقُولُونَ بتحريف الْقُرْآن وَمِنْهُم الخميني، وَكنت أحد أَعْضَاء لجنة المناقشة وَبِهَذَا يتَبَيَّن أَن قَول الباحث هَذَا سَاقِط لَا وزن لَهُ، بل هُوَ غش لهَذِهِ المؤسسة الَّتِي خدعها بطبعة كِتَابه الأولى، فَلَمَّا اطمأنت إِلَيْهِ أَدخل هَذِه الأفكار الدخيلة على أهل السّنة فِي الطبعة الثَّانِيَة.

ص: 501

ويواصل الباحث فِي التَّصْرِيح بِرَأْيهِ، وَهُوَ فِي الْحَقِيقَة رَأْي الخميني ودعاته فِي الْوَقْت الْحَاضِر.

فَيَقُول فِي ص 243:

كَمَا يَسُود الْآن فِي أوساطهم- أَي- الإمامية- القَوْل بضرورة قيام الدولة الإسلامية الَّتِي يتَوَلَّى أمرهَا فُقَهَاء الْمَذْهَب وعلماؤه نِيَابَة عَن الإِمام.

ثمَّ يَقُول: وَلَا شكّ أَن هَذِه خطوَات جَيِّدَة فِي الطَّرِيق إِلَى مدّ الجسور بَين السّنة والشيعة، سعياً إِلَى وحدة الْأمة الإسلامية الَّتِي هِيَ أَشد مَا تكون حَاجَة إِلَى تِلْكَ الْوحدَة

الخ.

وَأَقُول: بل هَذِه هِيَ الْفِتْنَة الْكُبْرَى الَّتِي توصل إِلَيْهَا الخميني، وَكَانَ أهل السّنة فِي رَاحَة قبل ذَلِك، بل فِيهَا قطع الجسور لَا مدها، وَأَن مَا يَدْعُو إِلَيْهِ الباحث من تقريب، هُوَ مَا يَدْعُو إِلَيْهِ الخميني باسم الثورة الإسلامية ثمَّ تصديرها إِلَى أَبنَاء السّنة فِي الْعَالم الإِسلامي فِي أفريقيا وآسيا، تَحت شعار كلمة الْمُسلمين ضد المستعمرين وأعداء الْمُسلمين وإنقاذ الْمُسْتَضْعَفِينَ، والهدف هُوَ نشر عقيدة الشِّيعَة الإمامية وتعاليمها باسم الْإِسْلَام وَهَذَا هُوَ الْوَاقِع الْمَوْجُود الْآن.

وَهَذِه الدَّعْوَى تسير تَحت ستار "التقية" الَّتِي هِيَ ركن الدّين بل أساسه عِنْد الشِّيعَة الإمامية- كَمَا ذكر الباحث ذَلِك.

وَقد اسْتعْمل الْمُؤلف "التقية" فِي الطبعة الأولى، وَأَقُول.

قد قَامَت الدولة الَّتِي يتحدث عَنْهَا الباحث- فَهَل تحققت وحدة الْأمة ضد أعدائها كَمَا يَقُول، أَو قَامَت الْفِتَن وَسَفك دِمَاء الأبرياء- لِأَن أَبنَاء الْمُسلمين لَا يعْرفُونَ عقائد الرافضة.

وَإِذا كَانَ الباحث ينْقل كَلَام الخميني- الذيَ فِيهِ- حكمه على الصَّحَابَة بالْكفْر والنفاق والزندقة وَأَنَّهُمْ حرفوا الْقُرْآن، وكتموا السّنة (فضلا انْظُر

ص: 502

ص 236) قَول الباحث: وَمِمَّا يؤسف لَهُ

الخ، هَل الَّذِي يُصَرح بِهَذَا يعْتَقد أَن أهل السّنة المعاصرين مُسلمين وَهُوَ يُرِيد أَن يوحد كلمتهم، وعَلى أَي شَيْء هَل: على احترام الصَّحَابَة الْكِرَام وَحفظ حُقُوقهم، ثمَّ الْأَخْذ برواياتهم الْمَوْجُودَة فِي صَحِيح الإِمَام البُخَارِيّ وَمُسلم وَجَمِيع الْأُمَّهَات، وَكتب التَّفْسِير لِابْنِ جرير وَابْن كثير وَغَيرهمَا من عُلَمَاء أهل السّنة وَالْجَمَاعَة.

اعْتقد أَنه لَا يُوجد عَالم من عُلَمَاء أهل السّنة يعْتَقد ذَلِك، اللَّهُمَّ إِلَّا دَعَاهُ التَّقْرِيب، وَهُوَ فِي الْحَقِيقَة التنازل عَن الْحق إِلَى الْبَاطِل، وَيظْهر مِمَّا سطره الْمُؤلف بقلمه أَنه مِنْهُم، وَلنَا الحكم بِالظَّاهِرِ من كَلَامه.

وَلَكِن نواصل مَعَ الباحث لنرى رَأْيه فِي موقف الرافضة الإمامية- من الصَّحَابَة، وَالسّنة. لِأَنَّهُ يرى أَنه إِذا قَامَت الدولة الإسلامية عِنْد الشِّيعَة بقيادة الْفُقَهَاء، نِيَابَة عَن الإِمَام الْغَائِب، فقد انْحَلَّت المشكلة الْكُبْرَى، وَلم يبْق إِلَّا قضايا معلقَة يُمكن حلهَا، وَقد قدم الباحث الْحل، فَمَا هَذَا الْحل الَّذِي قدمه؟

يَقُول الباحث ص 243 المقطع الْأَخير:

وَتبقى بعد ذَلِك بعض الْمسَائِل الْمُعَلقَة- كَمَسْأَلَة غيبَة الإِمَام والاعتقاد برجعيته، وموقف الشِّيعَة من الصَّحَابَة رضوَان الله عَلَيْهِم، وَمن سنة رَسُول الله صلى الله عليه وسلم.

قَالَ: أما غيبَة الإِمَام والاعتقاد برجعته فَإِنَّهَا لم تعد ترتبط فِي الْفِكر الشيعي المعاصر بواقع الْمُجْتَمع وأحوال الْمُسلمين فِيهِ كَمَا كَانَ يتَصَوَّر من قبل، إِذْ أَن "ولَايَة الْفَقِيه " أَصبَحت تمثل البديل العملي للرجعة، وَإِذا كَانَ وُلَاة الْأَمر من الْفُقَهَاء يمكَنهم إِقَامَة أَمر الدّين

الخ.

فَإِن قَضِيَّة الْحَاجة إِلَى إِمَام وضرورة رجعته تصبح نظرية

الخ ص 244.

فَكَأَنَّهُ يرى- أَن أهل السّنة فِي ضيق وَشدَّة من اعْتِقَاد الإمامية- من أَنه لَا يجوز إِقَامَة جُمُعَة وَلَا جِهَاد وَلَا دولة إِلَّا بِحُضُور الإِمَام الْمَعْصُوم.

ص: 503

وَأَن نظرية الخميني بِولَايَة الْفَقِيه الْعَادِل- وَقيام دولته- حلت هَذِه المشكلة عَن أهل السّنة.

أَقُول: أَلا يعلم الباحث- أَن أهل السّنة وَالْجَمَاعَة وَالْإِسْلَام وَالْمُسْلِمين- كَانُوا فِي رَاحَة نسبيّاً حِين كَانَ الشِّيعَة الإمامية على تِلْكَ العقيدة.

وَأَقُول نسبيا- لِأَن الإمامية الرافضة يتربصون بِأَهْل السّنة دَائِما- فَمَاذَا فعل ابْن العلقمي وَزِير الْخَلِيفَة العباسي- وَابْن العلقمي رَافِضِي- فقد دعى هولاكو وَكَانَت على يَده إِزَالَة الْخلَافَة العباسية، فَمَاذَا صنع فِي بَغْدَاد، فَلَو رَجَعَ الباحث للبداية وَالنِّهَايَة لعرف أَن المفكرين من الرافضة وَمِنْهُم فِي الْعَصْر الْحَاضِر- الخميني- يدركون أَن غيبَة الإِمَام خرافة وَلَكنهُمْ يستغلون عوام الشِّيعَة بهَا ويربطونهم دينيا باعتقادها ليسهل قيادتهم وَلِهَذَا صرح الخميني فِي الْحُكُومَة الإسلامية وَنقل عَنهُ الباحث، أَنه لَا يُمكن الِانْتِظَار إِلَى وَقت لَا يعلم فِيهِ خُرُوج الإِمَام ويضيع الْإِسْلَام، كَمَا يَقُول هَذِه الْقُرُون الطَّوِيلَة- فَخرج بنظرية نِيَابَة الْفَقِيه الْعَادِل عَن الإِمام الْغَائِب- وَيَدْعُو الله لَهُ بالفرج أَو تَعْجِيل الْفرج، ليخدع عوام الشِّيعَة بذلك.

فَأَنا كنت فِي أثْنَاء المناقشة لهَذَا الْبَحْث متحيرا فِي أَمر الباحث- هَل هَذِه الأفكار الَّتِي يَدْعُو لَهَا عَن غَفلَة وسطحية وَسُوء فهم، وَهِي بعيدَة فِي نَظَرِي عَمَّن يكْتب مثل هَذَا الْبَحْث؛ أَو أَنَّهَا- التقية الرافضية- وَقد ترجح لَدَى الثَّانِي، وَذَلِكَ لِأَن الرجل أصبح وَأمسى كَالَّتِي نقضت غزلها من بعد قُوَّة أنكاثا، فنعوذ بالله من الْحور بعد الكور، وَمن الظلمَة بعد النُّور.

وَلَكِن لنَنْظُر رَأْيه فِي الصَّحَابَة وَتَقْدِيم الْحل لذَلِك الِاعْتِقَاد:

يَقُول أما رَأْي الشِّيعَة فِي الصَّحَابَة فمسألة مرتبطة فِي أساسها بِالْخِلَافِ التاريخي حول الإِمامة، وَإِذا أمكن الِاتِّفَاق على تجَاوز هَذَا التأريخ، وَالْحكم على من شاركوا فِي أحداثه، مَعَ تَأْكِيد دور الصَّحَابَة الْهَام وأمانتهم وعدالتهم فِي نقل هَذَا الدّين- والاهتمام بَدَلا من ذَلِك بالقضايا المعاصرة ومواجهة

ص: 504

أعدائهم، قَالَ: فَيمكن إِسْقَاط هَذِه الْقَضِيَّة من دَائِرَة الْخلاف. هَكَذَا يَقُول الباحث وَبِكُل بساطة.

وَأَقُول إِن مَا نَقله عَن الخميني المعاصر وَغَيره، يَكْفِي لدحض دَعْوَى الباحث أَن أساس الْخلاف تأريخي حول الْإِمَامَة.

لِأَن الخميني معاصر وَلم يسْقط عقيدته فِي أَن الصَّحَابَة كفار ومنافقون وزنادقة، حرفوا الْقُرْآن وكتموا السّنة.

وَهُوَ مَا نَقله الباحث، وَقد كررت الْإِشَارَة إِلَيْهِ- لِأَن هَذَا القَوْل من الباحث لَا يدع مجالا للشَّكّ أَنه دَاعِيَة إمامي لتصريحه بِهَذَا القَوْل فِي كِتَابه، وَلَا يَسْتَطِيع التفلت من هَذَا، لِأَن التقية الَّتِي استعملها فِي الطبعة الأولى قد انْكَشَفَ القناع عَنْهَا هُنَا كَمَا قيل:

وَمهما تكن عِنْد امْرِئ من سجية

وَأَن خالها تخفى على النَّاس تعلم

وَمِمَّا يُؤَكد ذَلِك مَا قدمه من تَوْطِئَة للْحكم على قَوْلهم ورأيهم فِي السّنة، فَهُوَ يَقُول فِي ص 244 السطر التَّاسِع:

أما السّنة فَإِنَّهُ مِمَّا هُوَ مَعْلُوم أَنه دَخلهَا كثير من الْوَضع ودُسَّتْ فِيهَا كثير من الْأَقْوَال المنسوبة إِلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَيَعْنِي بذلك- السّنة عِنْد أهل السّنة وَالْجَمَاعَة، حَيْثُ قَالَ: وَقد قَامَ عُلَمَاء الْمُسلمين بِجهْد كَبِير فِي سَبِيل تنقية الصَّحِيح من الْمَوْضُوع.

تمّ يَأْتِي لكتب الشِّيعَة فَيَقُول:

وبالنسبة لكتب الشِّيعَة الَّتِي أَشَرنَا إِلَى بعض مِنْهَا، فَإِن الشِّيعَة يعترفون- أَو على الْأَقَل بعض مِنْهُم- بِأَن فِي تِلْكَ الْكتب بعض الرِّوَايَات الْمَوْضُوعَة! كَمَا أَنهم أنفسهم جرحوا بعض رواتهم، وَإِذا كَانَ الْأَمر كَذَلِك، فَيمكن أَن يقوم الشِّيعَة المعاصرون بِعَمَل جريء فِي هَذَا الْمَوْضُوع يطبقون فِيهِ مَنْهَج عُلَمَاء الحَدِيث

الخ الهراء.

ص: 505

وَأَقُول: أَولا مهد الباحث بِأَن فِي كتب أهل السّنة أَحَادِيث مَوْضُوعَة وكثيرة. وَقد قَامَ أهل السّنة بِمَا يجب عَلَيْهِم حيالها. وَالْحَمْد لله.

ثمَّ يَقُول: أما كتب الشِّيعَة فَفِيهَا بعض الرِّوَايَات الْمَوْضُوعَة! فَهُوَ يعبر عَنْهَا باستحياء فيعبر بِكَلِمَة تمّ يَقُول:

وَالَّذِي يعْتَرف بذلك الْوَضع على الْأَقَل بعض مِنْهُم.

قلت: وَلِأَنَّهُم لَا يرضون بِهَذِهِ الدَّعْوَى وهم يدعونَ عصمَة من نسبوا إِلَيْهِم تِلْكَ الرِّوَايَات، وَهَذَا الْأَقَل يَقُول ذَلِك "تقية" وَهِي دين فَلَا حرج عَلَيْهِ.

ثمَّ يَقُول: إِذا قَامَ الشِّيعَة المعاصرون بِنَقْد تِلْكَ الرِّوَايَات انْتهى الْأَمر، قَالَ: وَيُمكن بذلك مد الجسور وَوصل الهوة بَين السّنة والشيعة وَالَّتِي لَا يُفِيد مِنْهَا إِلَّا أَعدَاء الْإِسْلَام.

أَقُول كلمة قَصِيرَة: إِن قَوْله إِن فِي كتب الشِّيعَة بعض الرِّوَايَات الْمَوْضُوعَة يُخَالف مَا أثْبته هُوَ بِنَفسِهِ فِي ص 240 بعد أَن نقل عَن الشِّيعَة المعاصرين طعنهم فِي الصَّحَابَة واتهامهم لَهُم بالتزوير وَالْكذب والوضع.

قَالَ فِي سطر 4: وَلم يقبل الشِّيعَة من ثمَّ إلاّ الْأَحَادِيث الْوَارِدَة عَن طَرِيق الْأَئِمَّة من أهل الْبَيْت أَو مِمَّن نسبوهم إِلَى التَّشَيُّع كسلمان الْفَارِسِي وعمار بن يَاسر، ثمَّ قَالَ: وَيَقُول فِي ذَلِك أحد الشِّيعَة المعاصرين: إِن كل من قَرَأَ كتب الشِّيعَة الإمامية الإثني عشرِيَّة ومؤلفاتهم فِي مُخْتَلف الْعُلُوم الإسلامية، كالحديث وَالْفِقْه وَالتَّفْسِير، وجد نقولها تكَاد تَنْحَصِر عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم عَن الإِمَام عَليّ عليه السلام، عَن شيعَة الإِمَام الْأَرْبَعَة

وَعَن الْأَئِمَّة المعصومين، وَذكر الحَدِيث الْمَوْضُوع، وَهُوَ قَول عَليّ رضي الله عنه: علّمني رَسُول الله ألف بَاب

الخ ونتيجة لهَذَا لم يهتموا بِالْإِسْنَادِ.

قَالَ: وَمن ثمَّ رفض الشِّيعَة صحيحي البُخَارِيّ وَمُسلم وَكتب السّنة

إِلَى أَن قَالَ: قَالَ أَبُو زهرَة عَن الْكَافِي. إِن مَا فِيهِ أَخْبَار تَنْتَهِي عِنْد الْأَئِمَّة وَلَا يَصح أَن نقُول أَنه يذكر سندا مُتَّصِلا بِالنَّبِيِّ

الخ.

ص: 506

قلت: وَمَعْلُوم أَن الصَّحَابَة الَّذين اجْتَمعُوا فِي حجَّة الْوَدَاع مَعَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم مائَة ألف وَأَرْبَعَة عشر ألفا وَلم يَأْخُذ الشِّيعَة إِلَّا رِوَايَة من نسبوهم إِلَى التَّشَيُّع لَا يتَجَاوَز السَّبْعَة عشر من هَذَا الْعدَد، كَمَا قَالَ الإِمَام ابْن كثير فِي الْبَاعِث الحثيث ص 181.

وَمن هُنَا اضْطر الشِّيعَة إِلَى وضع الْأَحَادِيث، وَمن هُنَا قَالَ الإِمَام الشَّافِعِي: إِن الرافضة أكذب أهل الْأَهْوَاء.

فَكيف يَقُول الباحث، إِن فِي كتب الشِّيعَة بعض الرِّوَايَات الْمَوْضُوعَة؟ إِن هَذِه الدَّعْوَى لَا دَلِيل عَلَيْهَا، بل الدَّلِيل الْعَكْس، فَمن أَيْن غطى الرافضة الْأَحْكَام الشَّرْعِيَّة من عبادات وعقائد وسلوك ومعاملات

الخ وهم اقتصروا على الرِّوَايَة عَن ذَلِك الْعدَد الْقَلِيل من الصَّحَابَة، ورفضوا الصَّحِيحَيْنِ وَجَمِيع الْأُمَّهَات من كتب الحَدِيث الَّتِي رَوَاهَا أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عليه وسلم عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وفيهَا أَحَادِيث عَن عَليّ رضي الله عنه وَعَن أهل الْبَيْت وَعَن الصَّحَابَة الْأَرْبَعَة وَمِنْهُم سلمَان، وَلم يذكر الإمامية تِلْكَ الرِّوَايَات فِي كتبهمْ لِأَنَّهَا تكذب عقائدهم الْبَاطِلَة وَمِمَّا يُشِير إِلَى أَن الباحث يرى أَن العقيدة الصَّحِيحَة هِيَ عقيدة الإمامية.

مَا جَاءَ فِي ص 332 مَا يَأْتِي:

"وَلَا شكّ أَن هَذِه خطْوَة طيبَة يَنْبَغِي الإشادة بهَا فِي سَبِيل تَصْحِيح عقائد النصيرية وإخراجهم من دَائِرَة الْعُلُوّ وَالْجهل والعقائد الخرافية الْفَاسِدَة الني كَانُوا يعتقدونها".

يَقُول هَذَا لِأَن النصيرية أعْلنُوا أَن عقيدتهم ومذهبهم هِيَ عقيدة وَمذهب الإمامية الإثني عشرِيَّة. وَهَذَا من الْفَصْل الَّذِي زَاده عَن النصيرية كَمَا سَيَأْتِي، وَهُوَ يَقُول بِهَذَا التَّصْحِيح للعقيدة عِنْد النصيرية، بعقيدة الإِسلامية، وَقد سبق نَقله عَن الإِمامية بل عَن زعيمهم الخميني اتهامه للصحابة بالْكفْر والنفاق والزندقة وتحريف الْقرَان

الخ فَكيف هَذَا التَّصْحِيح؟ أَلَيْسَ هُوَ كَغسْل

ص: 507