المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌من أين نبدأ الحل الإيماني ؟! بعد أن تأكدنا أن البداية الصحيحة - عودة المجد وهم أم حقيقة

[مجدي الهلالي]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة

- ‌المبشرات القاطعة

- ‌خلافة على منهاج النبوة:

- ‌الانتصار على اليهود:

- ‌بزوغ شمس الإسلام:

- ‌هل هي أحلام وهمية

- ‌بين الماضي والحاضر

- ‌إندونيسيا:

- ‌نشرات الأخبار:

- ‌لماذا تركنا الله عز وجل

- ‌القرآن يجيب:

- ‌أنا وأنت السبب

- ‌لماذا العقاب لنا وحدنا

- ‌من يستحق العقوبة أكثر

- ‌ما الذي يُرضي الله

- ‌مشكلتنا إيمانية

- ‌حب الدنيا:

- ‌عددنا كبير ولكن

- ‌مشكلتنا مشكلة إيمانية:

- ‌الإيمان وحده لا يكفي:

- ‌لسنا كبقية الأمم:

- ‌من أين نبدأ الحل الإيماني

- ‌الصلاة الفريدة:

- ‌تحريم الخمر

- ‌غسِّيل الملائكة:

- ‌فكيف وصلوا لهذه الحالة

- ‌هل تتحمل هذا الفعل

- ‌لنسأل أنفسنا:

- ‌نريد وسيلة:

- ‌فما هي هذه الوسيلة

- ‌القراءة:

- ‌الخطب والمواعظ والمواد السمعية والمرئية:

- ‌الصحبة الصالحة:

- ‌عودة إلى جيل الصحابة:

- ‌بماذا فتحت المدينة

- ‌توجيهات المربي العظيم

- ‌التشديد النبوي على ضرورة فهم القرآن:

- ‌الصحابة والقرآن:

- ‌تخيل معي:

- ‌يا خادم هات الطست:

- ‌القرآن هو مخرجنا

- ‌خلافة على منهاج النبوة

- ‌إجابة متوقعة

- ‌هجر القرآن

- ‌ليس أمامنا بديل:

- ‌تغيير النظرة إلى القرآن هي البداية:

- ‌كلمة أخيرة

الفصل: ‌ ‌من أين نبدأ الحل الإيماني ؟! بعد أن تأكدنا أن البداية الصحيحة

‌من أين نبدأ الحل الإيماني

؟!

بعد أن تأكدنا أن البداية الصحيحة لاستعادة مجد الإسلام من جديد هي العمل على زيادة الإيمان والتمكين له في قلوبنا، يبقى السؤال: كيف لنا أن نفعل ذلك؟ وما هي الوسائل التي من شأنها أن تشفي قلوبنا، وترفع عنا أثقالنا، وتحرر قيودنا، وتدفعنا لأن نكون دوما في حالة من الانتباه واليقظة، وسرعة الإذعان والتلبية لله عز وجل؟!

قبل أن يتم الحديث عن الوسائل المقترحة لحل مشكلتنا الإيمانية، إليك -أخي القارئ- بعضا من النماذج العملية التي تترجم الحالة الإيمانية التي نريد أن نكون عليها أو نقترب منها، لننطلق من خلالها باحثين ومدققين عن كيفية الوصول إليها.

وقد آثرنا أن تكون تلك النماذج من الجيل الأول الذي قال الله عنه: {وَالسَّابِقُونَ الأوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} [التوبة: 100].

‌الصلاة الفريدة:

كان بعض الصحابة يصلي العصر في مسجد من مساجد المدينة النبوية، وكانت قبلة المسلمين آنذاك هي بيت المقدس، وبينما هم في ركوع الركعة الثالثة إذ دخل عليهم رجل ونادى بصوت مرتفع بأن القبلة تحولت إلى الكعبة، وأنه صلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في اتجاهها.

تخيل نفسك يا أخي لو كنت مكانهم، وقد انتصفت الصلاة ومضى منها ركعتان، ماذا كنت ستفعل؟! أليس من الطبيعي أن تنتظر حتى تفرغ من صلاتك، ثم تتبين الأمر؟!

نعم هذا هو التصرف الطبيعي والشيء المتوقع، لكن الصحابة كان لهم رأي آخر.

أتدري ما هو؟! لقد استداروا وهم راكعون إلى اتجاه الكعبة، تحركوا في نصف دائرة .. النساء، الرجال، الإمام.

ما الذي دفعهم إلى ذلك؟!

ما السبب الذي جعلهم يستجيبون بهذه السرعة ودون مناقشة ولا تردد أو تلكؤ؟!

وهل كانت هذه هي الحالة الوحيدة التي تم فيها رصد هذا الإذعان العجيب لله عز وجل؟! لنقرأ هذه الأسطر لعلها تجيب عن هذه الأسئلة.

‌تحريم الخمر

تعوَّد العرب على تخمير التمر والشعير، والعنب والعسل والحنطة وشرب مائها الذي كان من شأنه أن يذهب ببعض العقل، وكانت القلال التي تحتوي على هذا الشراب تملأ البيوت، وفي يوم من الأيام وبينما كان أحد الصحابة، وهو أنس بن مالك رضي الله عنه، يسقي البعض من هذا الشراب إذا برجل من المسلمين يمر عليهم ويقول لهم: هل علمتم أن الخمر قد حُرّمت؟! فماذا فعلوا؟! وهل ناقشوه ليستوثقوا من الخير؟! هل قالوا: لنكمل ما في أيدينا ثم نذهب لنتأكد من صحة الخبر من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟!

لا، لم يفعلوا ذلك، بل انتفضوا وقالوا: يا أنس اسكب ما بقي في إنائك، ولم يعودوا إليها أبدًا، وكذلك فعل جميع من في المدينة من المسلمين، لدرجة أن بعضهم كان في شُربه والقدح في يده، ولا زال فيه بقية، ولما سمع بالتحريم سارع بنزعه من فمه، وسكبه.

امتلأت شوارع المدينة وسككها بالخمر خلال زمن يسير، كل ذلك حدث بمجرد نزول قول الله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأنصَابُ وَالأزْلَامُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُم مُّنتَهُونَ} [المائدة: 90، 91] وإذا بهم جميعًا يرددون: انتهينا ربنا، بل كان ما يشغلهم وقتها هو حكم من مات من الصحابة وهو يشربها، فأنزل الله تعالى:{لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا} [المائدة: 93].

‌غسِّيل الملائكة:

وهذا حنظلة أحد الصحابة الذين استشهدوا في غزوة أحد. بينما كان مع زوجته في أيام عرسه، إذ سمع منادي الجهاد ينادي: حي على الجهاد، فماذا فعل؟!

ماذا فعل وهو في أشد لحظات الاستمتاع بالدنيا؟!

من الوارد أن يسرع بتلبية النداء ولكن بعد أن يغتسل من جنابته، ويتجهز للقتال، لكنه كان أسرع من ذلك، فقد سارع إلى ساحة المعركة دون تفكير في أي شيء آخر، وقاتل وقتل، وعندما أراد المسلمون دفنه وجدوا جسده يقطر ماءًا، فاستغربوا الأمر، وذهبوا إلى الرسول صلى الله عليه وسلم ليخبروه بما حدث، فقال لهم: سلوا أهله، فأخبرتهم زوجته بما كان منه، فأنبأهم صلى الله عليه وسلم بأن الملائكة قد قامت بتغسيله بالماء ليتطهر من جنابته.

ص: 13