الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لماذا
احتفل
الغربيون بعيد الأم
؟
إن المتتبع لأحوال الأسرة عموما وللأم خاصة في المجتمعات غير الإسلامية ليسمع ويقرأ عجبًا، فلا تكاد تجد أسرة متكاملة يصل أفرادها بعضهم بعضًا فضلا عن لقاءات تحدث بينهم وفضلا عن اجتماع دائم.
ومن النادر أن تجد أسرة كاملة تتسوق أو تمشي في الطرقات. وعندما يصير الأب أو الأم في حالة الكِبَر يسارع البَارُّ بهما!! إلى وضعهما في دور العجزة والمسنِّين، وقد ذهب بعض المسلمين إلى بعض تلك الدور وسأل عشرة من المسنِّين عن أمنيته، فكلهم قالوا:«الموت!!» ، بسبب ما يعيشه الواحد منهم من قهر وحزن وأسى على الحال التي وصل إليها وتخلى عنهم فلذات أكبادهم في وقت أحوج ما يكون إليهم.
يقول الدكتور عبد الله عزام رحمه الله:
«أحد إخواننا تزوج امرأة أمريكية وزارونا ، فأبي وأمي في البيت، وأبي يأمر الولد: «هات يا ولد كذا ، اذهب وأحضر الشاي» ، ينهره وما إلى ذلك ، فتعجبَتْ هذه المرأة الأمريكية ، قالت:«كيف هؤلاء يستطيعون أن يحكموا على ابنهم ، هؤلاء كبار في السن عندنا يرمونهم في ملاجئ في بيوت العجزة ، كيف هؤلاء يحترمونهم بهذا الشكل ، ويطيعونهم؟» .
قالوا لها: «هذا هو الإسلام ، لا جَنَّةَ إلا عن طريق هؤلاء» ، هي ذهلت ، أبي عمره سبعة وثمانون سنة ، وأمي عمرها خمسة وثمانون سنة ، كيف هؤلاء يُطَاعُون في البيت ، وهؤلاء شباب كبار يطيعونهم ، وزوجتي تطيع أمي وتطيع أبي؟ كيف هذا؟
هي تعجبَتْ، لأنها وجدت أن جدتها وأمها وغير ذلك يغيب عنها أبناؤها سنة كاملة لا يزورونها، لا يزورونها، ويمر في السيارة ويرى والده في الطريق في السيارة فلا يقف حتى ليسلم على أبيه.
وذات يوم اجتمعت على الإشارة سيارتان ، سيارة الأب وسيارة الابن، فالوالد أوقف سيارته جانبًا ووقف حتى ينزل ابنه يسلم عليه، فإبنه قال:«هاي هاي باي» واستمر ماشيًا ، مشى ، فنزلت الدمعة من عينه.
هذا قال له آخر: «ما بالك؟» .
قال: «منذ خمس سنوات لم أر هذا الولد الذي يقول لي: هاي هاي» .
ولذلك اتفقوا على يوم اسمه يوم ماذا؟ عيد الأم في بداية الربيع، قالوا: هذا عيد الأم يعني يوم في السنة نزور الأم ، نأخذ لها باقة زهور أو قطعة كاتوه ونقول لها: اسكتي من السنة إلى السنة، نعم!
وتجد عيد الأم أين؟
في قرية من قرانا طول الليل والنهار أمه وأبوه في وجهه، والصبح فاصولياء مسلوقه ، والظهر الرز ، والمغرب الحليب ، طول النهار في وجهها، وبالتالى يعملون لها عيد أم ، نعم مساكين! التقليد، هنا التقليد المذموم ، هذا تقليد القرود، لأن القرود يحاكون، يمثلون كل شيء يرونه.
ولذلك البنت الأوروبية عندما تسلم ويحسن إسلامها وتتزوج لا تطيق فراق زوجها أبدا ، لأنها تراه الدنيا بأسرها ، كانت ضائعة تائهة ، لا أحد يتكلم معها.
يحدثني أحد إخواننا كان في أمريكا يدرس الدكتوراه ، فقال: سكنتُ عند عجوز ، ففي الصباح وأنا نازل الجامعة أقول لها:
( Good morning ) ، والمساء وأنا طالع إلى غرفتي أقول لها Good evening) (1) ، عمرها سبعون ، فالمهم كبيرة ، قال: بعد يومين أو ثلاثة نادَتْنِي ، قالت:«كم تريد راتبك؟» .قلت لها: «لماذا؟» قالت: «لأنك تُسَلِّمُ عَلَيَّ ، أريد أن أدفع لك راتبًا لأني أسمع صوت إنسان» .
ولذلك هناك كان تمسُّكُهم بالكلاب ، يقول لك: الناس كلهم غدورا بي وتركوني، فلم يبق لي إلا هذا الكلب الوفي، نعم، ما بقي إلا هذا الكلب، قال: هذا أفضل من أولادي، لأنه لم يبق مَن يُسَلّيني إلا هذا الكلب، ولذلك كثير من كبيرات السن أو كبار السن يموتون في غرفهم ولا يدري أحد عن موتهم حتى تخرج رائحتهم وتشمئز منها النفوس، وتزكم رائحته الأنوف، فيتصلون بالبلدية، تعالوا هنالك في الحارة واحد ميت أو واحدة ميتة، تعالوا خذوها وارموها.
نعم والد جونسون رئيس الولايات الأمريكية مات في المزرعة، لا أحد عرف، ما دَلَّهُم عليه إلا كلبه، جونسون!! رئيس الولايات الأمريكية.
(1) لا يجوز ابتداء غير المسلمين بالسلام لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «لَا تَبْدَءُوا الْيَهُودَ وَلَا النَّصَارَى بِالسَّلَامِ» (رواه مسلم).
ولذلك مجتمع منهار نهائيًا ، بنت تبكي ووالدها يدفعها ، فيسأل شاب عربي ما بالها؟ قال:«هي تريد أن تستأجر كأنه بمائة دولار، وشاب آخر يدفع لي ـ غريب ـ مائة وخمسين دولارا في الغرفة، فأنا أؤجر الغرفة لهذا الشاب» .
أخ قادم من أمريكا قال لي: نحن أهم صفتين عندنا الحياء والكرم، اجتثت هاتان الصفتان من الأوروبيين، دعا عربي ـ العربي كريم ـ دعا أمريكيًّا إلى بيته، عمل له غداء من اللحوم ومن غيره، فهو مكث عنده ساعتين، فواكه وحديث، وبعدها ودعه وخرج الأمريكي، فوضع له بطاقة ، فقرأ البطاقة:«مكثْتُ عندك ساعتين وأجْرَتي في الساعة عشرون دولارًا ، أرجو دَفْع أربعين دولارًا لي» .
مجتمع مُنْتَه ، لكن حنحنة الحديد وطنطنة الفولاذ وأزير الطائرات لا زالت تغطي على هذا المجتمع المنهار ، تغطي على أكوام القمامة التي تحول إليها المجتمع، مزبلة وموضوع فوقها كم قطعة ذهب ـ أجَلَّكُم الله ـ ، فاحمدوا الله على دين الله ، احمدوا الله على دين الإسلام (1).
(1) في ظلال سورة التوبة للدكتور عبد الله عزام رحمه الله، نشر واعداد: مركز الشهيد عزام الإعلامي، بيشاور ـ باكستان، والكتاب على ما يبدو من أسلوبه أنه محاضرات صوتية مفرغة.