المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المبحث الثاني: محاولة نقل نبأ الغزو - غزوة فتح مكة في ضوء السنة المطهرة

[عبد الرحمن بن وهف القحطاني]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة المحقق

- ‌أولاً: مولده:

- ‌ثانياً: نشأته:

- ‌ المدرسة الابتدائية

- ‌ ثم درس المتوسطة

- ‌ ثم انتقل إلى المرحلة الثانوية

- ‌ ثم تخرّج من هذه الثانوية

- ‌ ثم انتقل إلى المرحلة الجامعية

- ‌وكان من مشايخه في كلية الشريعة قسم الشريعة:

- ‌أما زملاؤه في كلية الشريعة

- ‌ثالثاً: طلبه للعلم خارج المدارس النظامية:

- ‌ بحوث مفيدة:

- ‌الأول: الجنة والنار من الكتاب والسنة المطهرة

- ‌الثاني: غزوة فتح مكة في السنة المطهرة

- ‌الثالث: أبراج الزجاج في سيرة الحجاج

- ‌أ - فضل العلم:

- ‌ب - آداب طالب العلم:

- ‌جـ - عقبات في طريق العلم:

- ‌رابعاً: الحِكَمُ التي كتبها رحمه الله قبل وفاته:

- ‌خامساً: أمره بالمعروف ونهيه عن المنكر:

- ‌سادساً: أخلاقه العظيمة رحمه الله تعالى:

- ‌سابعاً: وفاته مع شقيقه وسيرة عبد الرحيم رحمهما الله:

- ‌ثامناً: ما قاله عنه: العلماء، ومعلموه، وزملاؤه:

- ‌أ - ما قاله العلماء

- ‌1 - (1) الحمد لله على قدره وقضائه واختياره لعبده

- ‌2 - (2) علوُّ الهمةِ وصِدقُ العزيمةِ

- ‌3 - (3) يا فتى الطُّهرِ طِبتَ حيّاً وميّتاً

- ‌4 - (4) أنتم شهداء الله في الأرض

- ‌5 - (5) صاحب الروح الطيبة والسيرة العطرة

- ‌ب - ما قاله معلموه:

- ‌6 - (1) - دمعة على فراق أبي سعيد

- ‌7 - (2) ورحل…عبد الرحمن

- ‌8 - (3) ورحل عبد الرحمن

- ‌ج - قال عنه زملاؤه:

- ‌9 - (1) عاجل بشرى المؤمن

- ‌10 - (2) أعظم الأماني الشهادة في سبيل الله تعالى

- ‌11 - (3) الأمر بالمعروف مع سعة الصدر

- ‌12 - (4) عبد الرحمن لم تمت أخلاقه وبقيت معالمها

- ‌13 - (5) يا رب فارحمه ووسِّع قبره وانشر له نوراً بكل مكان

- ‌14 - (6) الخشوع والإخبات لله تعالى

- ‌15 - (7) حكم وفوائد عظيمة

- ‌المقدمة

- ‌الباب الأولالأسباب التي دعت إلى فتح مكة والإعداد له

- ‌الفصل الأول: الأسباب التي دعت إلى فتح مكة

- ‌المبحث الأول: سبب الفتح

- ‌المبحث الثاني: قصود أبي سفيان المدينة للمفاوضات

- ‌الفصل الثاني: الإعداد للفتح

- ‌المبحث الأول: عزم الرسول صلى الله عليه وسلم على التجهز والحشد

- ‌المبحث الثاني: محاولة نقل نبأ الغزو

- ‌الباب الثانيمسيرة الجيش النبوي

- ‌الفصل الأول: توزيع الجيش، وتحركه، والوضع المكي

- ‌المبحث الأول: توزيع الجيش عسكرياً

- ‌المبحث الثاني: زحف الجيش، وتحركه، والوضع المكي

- ‌الفصل الثاني: تجسس قريش للأخبار

- ‌المبحث الأول: إسلام العباس، وتجسسات قريش للأخبار النبوية

- ‌المبحث الثاني: إسلام أبي سفيان، والعرض العسكري أمامه

- ‌الباب الثالثدخول مكة المكرمة

- ‌الفصل الأول: ترتيبات العسكر الإسلامي في الدخول

- ‌المبحث الأول: ترتيبات الدخول

- ‌المبحث الثاني: اشتباك مع فرسان خالد بن الوليد:

- ‌الفصل الثاني: دخول المسجد الحرام، وتحطيم الأصنام

- ‌المبحث الأول: دخول المسجد الحرام، وتحطيم الأصنام

- ‌المبحث الثاني: أخبار المهدرة دماؤهم

- ‌الباب الرابعالآثار الاستراتيجية للفتح ومقومات الانتصار

- ‌الفصل الأول: الآثار الاستراتيجية للفتح، ودروس منه

- ‌المبحث الأول: الآثار الاستراتيجية للفتح

- ‌المبحث الثاني: دروس من الفتح

- ‌الفصل الثاني: مقومات الانتصار في الفتح

- ‌المبحث الأول: الهدف

- ‌المبحث الثاني: الوسيلة

- ‌الخاتمة

الفصل: ‌المبحث الثاني: محاولة نقل نبأ الغزو

الوثنية إلا بضم قريش للمعسكر الإسلامي.

وقد التزم بالكتمان عن الجند، رغم التشاور مع خاصة أصحابه، علماً بأنه جمع عشرة آلاف مقاتل وأكثر، وهم لا يعلمون مكان اتجاههم إلا عندما وصلوا إلى (مرّ الظهران)(1) حيث علموا فقط بأن وجهتهم مكة؛ لإنهاء الوجود الوثني إلى الأبد.

كما أنهم أمِروا بالتكتم، وزيادة على ذلك فقد تمّ التخطيط للتعمية على العدو، وقد أرسل صلى الله عليه وسلم سرايا إلى نجد وغيرها للتعمية على قريش.

ويُروى أنه بالحراسة المكثفة على الطرق المؤدية إلى مكة فقد تم النجاح في خطة الكتمان إلى أقصى حد (2).

‌المبحث الثاني: محاولة نقل نبأ الغزو

عندما قرر عليه الصلاة والسلام المسير أخبر صحابته بأن وجهته مكة، فكتب حاطب بن أبي بلتعة كتاباً إلى ثلاثة من قريش، وهم: سهيل بن عمرو، صفوان بن أمية، عكرمة بن أبي جهل.

كتب إليهم؛ ليخبرهم بالذي أجمع عليه الرسول عليه الصلاة والسلام من الأمر في المسير إليهم، ثم أعطاه لامرأة مشركة اسمها: سارة، وجعل حاطب لسارة جُعلاً على أن تبلغه قريشاً، فجعلته في رأسها، ثم فتلت

(1) قال الحافظ ابن حجر في الفتح، 8/ 7: مَرَّ الظهران: بفتح الميم وتشديد الراء: مكان معروف. والعامة تقول له بسكون الراء وزيادة الواو. والظهران: بفتح المعجمة وسكون الهاء بلفظ تثنية الظهر.

(2)

زاهية الدجاني. فتح مكة نصر مبين، ص47 - 51.

ص: 103

عليه قرونها، وقال لها: أخفيه ما استطعتِ، ولا تمرّي على الطريق، فإنّ عليه حراساً (1).

(1) روى البخاري ومسلم وأبو داود، والترمذي قصة حاطب رضي الله عنه، فعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال عٌبيد الله بن أبي رافع - وكان كاتباً لعلي - سمعت علياً رضي الله عنه يقول: ((بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنا والزبير والمقداد، فقال: انطلقوا حتى تأتوا روضة خاخ - هي بين مكة والمدينة، بقرب المدينة - فإن بها ظعينة معها كتاب، فخذوه منها، فانطلقنا تتعادى بنا خيلنا حتى أتينا الروضة، فإذا نحن بالظعينة، فقلنا: أخرجي الكتاب، قالت: ما معي من كتاب، فقلنا: لتخرِجِنَّ الكتاب، أو لنلقينَّ الثياب، فأخرجته من عقاصها، قال: فأتينا به النبي صلى الله عليه وسلم، فإذا فيه: من حاطب بن أبي بلتعة إلى ناس من المشركين من أهل مكة، يخبرهم ببعض أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

يا حاطب، ما هذا؟ فقال: يا رسول الله، لا تعجل عليّ، إني كنت امرأ ملصقاً في قريش، ولم أكن من أنفسهم [في نسخ البخاري ومسلم المطبوعة: من أنفسها] فكان من معك من المهاجرين لهم قرابة يحمون بها أموالهم وأهليهم بمكة، فأحببت - إذا فاتني ذلك من النسب فيهم - أن أتخذ فيهم يداً يحمون بها قرابتي، وما فعلت كفراً، ولا ارتداداً عن ديني، ولا رضى بالكفر بعد الإسلام، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:((إنه قد صدقكم))، فقال عمر: دعني يا رسول الله أضرب عنق هذا المنافق، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:((إنه قد شهد بدراً، وما يدريك لعل الله اطلع على أهل بدر، فقال: اعملوا ما شئتم، فقد غفرت لكم))، قال: فأنزل الله عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ} (الممتحنة: 1).

وفي رواية أبي عبد الرحمن السلمي [عن علي] قال: ((بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم والزبير بن العوام وأبا مرثد - وكلنا فارس .. ثم ساقه بمعناه))، ولم يذكر نزول الآية، ولا ذكرها في حديث عبيد الله بعض الرواة، وجعلها بعضهم من تلاوة سفيان، وقال سفيان: لا أدري الآية في الحديث، أو من قول عمرو - يعني ابن دينار.

وفي رواية نحوه، وفيه:((حتى أدركناها حيث قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم تسير على بعير لها، فقلنا: أين الكتاب الذي معك؟ قالت: ما معي من كتاب فأنخنا بعيرها، فابتغينا في رحلها، فما وجدنا شيئاً، فقال صاحباي: ما نرى معها كتاباً، فقلتُ: لقد علمنا ما كذب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما كذبَ، والذي يُحلف به لتخرِجنّ الكتاب، أو لأجرِّدنَّك، فأهوت إلى حجزتها، وهي محتجزة بكساء، فأخرجت الصحيفة من عِقاصها، فأتينا بها رسول الله صلى الله عليه وسلم .. وذكر الحديث)).

أخرجه البخاري، ومسلم، وأخرج أبو داود، والترمذي الرواية الأولى، رواه البخاري، 7/ 400 في المغازي، باب فتح مكة، وباب فضل من شهد بدراً، وفي الجهاد، باب الجاسوس، وباب إذا اضطر الرجل إلى النظر في شعور أهل الذمة والمؤمنات إذا عصين الله وتجريدهن، وفي تفسير سورة الممتحنة في فاتحتها، وفي الاستئذان، باب من نظر في كتاب من يحذر من المسلمين ليستبين أمره، وفي استتابة المرتدين، باب ما جاء في المتأولين، ومسلم، برقم 2494 في فضائل الصحابة، باب من فضائل أهل بدر رضي الله عنهم، وقصة حاطب بن أبي بلتعة، وأبو داود، برقم 2650، و2651 في الجهاد، باب في حكم الجاسوس إذا كان مسلماً، والترمذي، برقم 3302 في تفسير القرآن، باب ومن سورة الممتحنة.

شرح الغريب:

* (الظعينة) في الأصل: المرأة ما دامت في الهودج، ثم جُعلت المرأة إذا سافرت ظعينة، ثم نقل إلى المرأة نفسها، سافرت أو أقامت، وظعن يظعن: إذا سافر.

* (عقاصها): العقاص: الخيط الذي تعقص - أي تشد - به المرأة أطراف ذوائبها، وأصل العقص: الضفر والليُّ، هكذا شرحه الحميدي في غريبه، وفيه نظر، فإن العقاص: جمع عقصة أو عقيصة، وهي الضفيرة من الشعر إذا لويت وجعلت مثل الرمانة، أو لم تلو، والمعنى: أخرجت الكتاب من ضفائرها المعقوصة.

* (مُلصقاً): الملصق: هو الرجل المقيم في الحي، وليس منهم بنسب.

* (ابتغينا): الابتغاء: الطلب.

* (حجزة) احتجز الرجل: شدّ إزاره على وسطه، والحجزة: موضع الشدّ. [جامع الأصول لابن الأثير 8/ 361].

وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: ((كتب حاطب بن أبي بلتعة إلى أهل مكة، فأطلع الله نبيه صلى الله عليه وسلم على ذلك، فبعث عليّاً والزبير في أثر الكتاب، فأدركا المرأة على بعير، فاستخرجاه من قرونها، فأتيا به رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأرسل إلى حاطب، فقال: يا حاطب، أنت كتبت هذا الكتاب؟ قال: نعم

يا رسول الله، قال: فما حملك على ذلك؟ قال: يا رسول الله، أما والله إني لناصح لله ولرسوله، ولكني كنت غريباً في أهل مكة، وكان أهلي بين ظهرانيهم، وخشيت عليهم، فكتبت كتاباً لا يضر الله ورسوله شيئاً، وعسى أن يكون منفعة لأهلي، قال عمر: فاخترطت سيفي، ثم قلت:

يا رسول الله، أمكني من حاطب، فإنه قد كفر، فأضرب عنقه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا ابن الخطاب، ما يدريك؟ لعل الله قد اطّلع على هذه العصابة من أهل بدر، فقال: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم. ذكره الهيثمي في (مجمع الزوائد)، 9/ 303، و304، ونسبه لأبي يعلى في (الكبير)، والبزار، والطبراني في (الأوسط)، وقال الهيثمي: ورجالهم رجال الصحيح.

* (ظهرانيهم): فلان بين ظهراني القوم بفتح النون: أي بينهم وعندهم.

ص: 104

وجاء الرسول صلى الله عليه وسلم الخبر من السماء، فبعث الرسول صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب، والزبير وقال لهم: أدركوا المرأة، قد كتب معها حاطب كتاباً إلى قريش، يحذّرهم ما قد أجمعنا من أمرنا.

فخرجوا حتى أدركوها، وحاولت إخفاء الكتاب، لكنهم أرغموها بإخراجه، فأخرجته من ضفائرها.

وعاتب الرسول صلى الله عليه وسلم حاطب [بن أبي بلتعة رضي الله عنه] على ما فعله، وقال:((وما يدريك يا عمر! لعلّ الله قد اطّلع على أصحاب بدر فقال: اعملوا ما شئتم، فقد غفرت لكم)) (1).

(1) متفق عليه: البخاري، برقم 4274، ومسلم، برقم 2494، وتقدم تخريجه، وانظر: شوقي أبو خليل: الفتح الأعظم، ص39 - 43.

ص: 106