الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
141 - حكم اقتناء الكلاب في البيوت
يقول السائل: ما حكم تربية الكلاب في البيوت؟
الجواب: يجوز اقتناء الكلاب في البيوت لحاجة نافعة ككلاب الصيد والحراسة وكذا الكلاب التي تستعمل في الكشف عن المخدارت ونحوها فيصح اقتناؤها. وقد ورد في الحديث عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من اقتنى كلباً إلا كلب صيد أو كلب ماشية نقص من عمله كل يوم قيراطان) رواه مسلم. وفي رواية أخرى أنه عليه الصلاة والسلام قال: (من اتخذ كلباً إلا كلب زرع أو غنم أو صيد ينقص من أجره كل يوم قيراط) رواه مسلم. وفي حديث آخر عن السائب بن يزيد أنه سمع سفيان بن أبي زهير وهو رجل من أزد شنؤة - وكان من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (من اقتنى كلباً لا يغني عنه زرعاً ولا ضرعاً نقص كل يوم من عمله قيراط. قلت: أنت سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: إي ورب هذا المسجد) رواه البخاري ومسلم. وغير ذلك من الأحاديث. وقد أخذا الفقهاء من هذه الأحاديث أنه لا يجوز اقتناء الكلب إلا لحاجة كالصيد والحرث والحراسة ونحوها من وجوه الانتفاع التي أجازها الشرع الحنيف. قال الحافظ ابن عبد البر: [وفي معنى هذا الحديث تدخل عندي إباحة اقتناء الكلاب للمنافع كلها ودفع المضار إذا احتاج الإنسان إلى ذلك إلا أنه مكروه اقتناؤها في غير الوجوه المذكورة في هذه الآثار لنقصان أجر مقتنيها والله أعلم. وقد أجاز مالك وغيره من الفقهاء اقتناء الكلاب للزرع والصيد والماشية ولم يجز ابن عمر اقتناؤه للزرع ووقف عندما سمعه. وزيادة من زاد في هذا الحديث: الحرث والزرع مقبولة فلا بأس باقتناء الكلب للزرع والكرم وأنها داخلة في معنى الحرث وكذلك ما كان مثل ذلك كما يقتنى للصيد والماشية وما أشبه ذلك. وإنما كره من ذلك اقتناؤها لغير منفعة وحاجة وكيدة فيكون حينئذ فيه ترويع للناس وامتناع دخول الملائكة في البيت والموضع الذي فيه الكلب فمن هاهنا والله أعلم كره اتخاذها. وأما اتخاذها للمنافع فما أظن شيئاً من ذلك مكروهاً لأن الناس يستعملون اتخاذها للمنافع ودفع المضرة - قرناً بعد قرن في كل مصر وبادية فيما بلغنا - والله أعلم. وبالأمصار علماء ينكرون المنكر ويأمرون بالمعروف ويسمع السلطان منهم فما بلغنا عنهم تغيير ذلك إلا عند أذى يحدث من عقر الكلب ونحوه وإن كنت ما أحب لأحد أن يتخذ كلباً ولا يقتنيه إلا لصي ماشية أو في بادية أو ما يجري مجرى البادية من المواضع المخوف فيها الطرق والسرق فيجوز حينئذ اتخاذ الكلاب فيها للمزارع وغيرها لما يخشى من عادية الوحش وغيره والله اعلم. وقد سئل هشام بن عروة عن الكلب يتخذ للدار فقال: لا بأس به إذا كانت الدار مخوفة] فتح المالك 10/308. وأما نقصان العمل المذكور في الأحاديث السابقة بسبب اقتناء الكلاب لغير حاجة فقد اختلف أهل العلم في سبب ذلك النقصان. قال الإمام النووي: [واختلف العلماء في سبب نقصان الأجر باقتناء الكلب. فقيل: لامتناع الملائكة من دخول بيته بسببه. وقيل: لما يلحق المارين من الأذى من ترويع الكلب لهم وقصده إياهم. وقيل: إن ذلك عقوبة له لاتخاذه ما نهي عن اتخاذه وعصيانه في ذلك. وقيل: لما يبتلى به من ولوغه في غفلة صاحبه ولا يغسله بالماء والتراب. والله أعلم] شرح النووي على صحيح مسلم 4/184. وقال الحافظ ابن عبد البر: [ووجه قوله صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث من نقصان الأجر محمول عندي والله أعلم على أن المعاني المتعبد بها في الكلاب من غسل الإناء سبعاً إذا ولغت فيه لا يكاد يقام بها ولا يكاد يتحفظ منها لأن متخذها لا يسلم من ولوغها في إنائه ولا يكاد يؤدي حق الله في عبادة الغسلات من ذلك الولوغ فيدخل عليه الإثم والعصيان فيكون ذلك نقصاً في أجره بدخول السيئات عليه وقد يكون ذلك من أجل أن الملائكة لا تدخل بيتاً فيه كلب ونحو ذلك. وقد يكون ذلك بذهاب أجره في إحسانه إلى الكلاب لأن معلوماً أن في الإحسان إلى كل ذي كبد رطبة أجراً لكن الإحسان إلى الكلب ينقص الأجر فيه أو يبلغه ما يلحق مقتنيه ومتخذه من السيئات لترك أدبه لتلك العبادات في التحفظ من ولوغه والتهاون بالغسلات منه ونحو ذلك مثل ترويع المسلم وشبهه والله أعلم بما أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم من قوله ذلك. روى حماد بن زيد عن واصل مولى أبي عيينة قال: [سأل الرجل الحسن فقال: يا أبا سعيد أرأيت ما ذكر من الكلب أنه ينقص من أجر أهله كل يوم قيراط. قال: يذكر ذلك. فقيل له: مم ذلك يا أبا سعيد؟ قال: لترويعه المسلم] . وذكر ابن سعدان عن الأصمعي قال: [قال أبو جعفر المنصور لعمرو بن عبيد: ما بلغك في الكلب؟ فقال: بلغني أنه من اقتنى كلباً لغير زرع ولا حراسة نقص من أجره كل يوم قيراط. قال: ولما ذلك؟ قال: هكذا جاء الحديث. قال: خذها بحقها إنما ذلك لأنه ينبح الضيف ويروع السائل] فتح المالك 10/310. إذا تقرر هذا فينبغي التحذير من اقتناء الكلاب لغير حاجة والاعتناء بها عناية كبيرة قد تصل إلى أكثر من العناية بالإنسان كما هو الحال في الحضارة الغربية الحديثة التي تهتم بالكلاب أكثر من اهتمامها بالإنسان ففي الوقت الذي يموت فيه الناس جوعاً ومرضاً في مناطق كثيرة من العالم نرى أن الدول الغربية تنفق الملايين على الكلاب وهذا من انحدار الحضارة الغربية وانحطاطها. وأخيراً يجب التنبيه أنه في حالة اقتناء الكلب لحاجة فيجب أن يعلم أنه نجس فإذا ولغ في إناء فيجب غسل الإناء سبعاً لما ثبت في الحديث من قول النبي صلى الله عليه وسلم: (طهور إناء أحدكم إذا ولغ فيه الكلب أن يغسله سبع مرات أولاهن بالتراب) رواه مسلم. كما يجب الإحسان إلى الكلب إذا اقتني لحاجة ولا يجوز إلحاق الأذى والضرر به فقد جاء في الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (بينما رجل يمشي فاشتد عليه العطش فنزل بئراً فشرب منها ثم خرج فإذا هو بكلب يلهث يأكل الثرى من العطش فقال: قد بلغ هذا مثل الذي بلغ بي فملأ خفه ثم أمسكه بفيه ثم رقي فسقى الكلب. قالوا: يا رسول الله إن لنا في البهائم أجراً؟ قال: في كل كبد رطبة أجر) رواه البخاري ومسلم. *****