الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والشافعي، وإسحاق وقال الحسن والنخعي وأبو حنيفة: لا فدية عليه لأنه صوم واجب، فلم يجب عليه في تأخيره كفارة كما لو أخر الأداء والنذر.
ولنا ما روي عن ابن عمر وابن عباس، وأبي هريرة أنهم قالوا: أطعم عن كل يوم مسكيناً ولم يرو عن غيرهم من الصحابة خلافهم وروي مسنداً من طريق ضعيف ولأن تأخير صوم رمضان عن وقته إذا لم يوجب القضاء، أوجب الفدية كالشيخ الهرم] المغني 3/ 153 - 154.
وقال أبو حنيفة وأصحابه يجب القضاء فقط سواء كان تأخير القضاء بعذر أو بدون عذر ولا تجب الفدية لقوله تعالى: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} .
وهذا هو القول الراجح فيما يظهر لي لأن المسألة لا يوجد فيها نص ثابت عن الرسول صلى الله عليه وسلم قال الإمام الشوكاني: [وذهاب الجمهور إلى قول لا يدل على أنه الحق، والبراءة الأصلية قاضية بعدم وجوب الاشتغال بالأحكام التكليفية حتى يقوم الدليل الناقل عنها ولا دليل ههنا فالظاهر عدم الوجوب] نيل الأوطار 4/ 263.
ولكن إن عمل أحد بالقول الثاني فلا بأس للآثار الواردة عن الصحابة رضوان الله عليهم.
وخلاصة الأمر أن على من أفطر عامداً في رمضان أن يقضي الأيام التي أفطرها ولا تبرأ ذمته إلا بذاك.
حكم الأكل والشرب أثناء أذان الفجر
يقول السائل: إنه سمع حديثاً عن النبي صلى الله عليه وسلم يقول فيه: (إذا سمع أحدكم النداء والإناء على يده فلا يضعه حتى يقضي حاجته منه) فهل هذا الحديث يجيز للصائم أن يستمر في الأكل والشرب أثناء أذان الفجر. أفيدونا.
الجواب: من المعلوم أن وقت الصوم يبدأ من طلوع الفجر الصادق وهو وقت أذان الفجر للصلاة، قال الله سبحانه وتعالى:{وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمْ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنْ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنْ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} سورة البقرة الآية 187. فإذا طلع الفجر الصادق فحينئذ يحرم الطعام والشراب على الصائم. ومن المعروف أنه يؤذن للفجر بأذانين فالأذان الأول لا يدخل به وقت صلاة الفجر ويجوز لمن أراد الصيام أن يأكل ويشرب وأما الأذان الثاني فبه يدخل وقت صلاة الفجر وعنده يحرم الأكل والشرب على الصائم ويدل على ذلك ما ورد في الحديث عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن بلالاً يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم وكان رجلاً أعمى لا ينادي حتى يقال له: أصبحت أصبحت) رواه البخاري ومسلم.
وبناءً على ما تقدم فبمجرد أن يؤذن لصلاة الفجر فلا يجوز الأكل ولا الشرب لأن وقت الصيام قد بدأ هذا إذا كان المؤذن يؤذن عند طلوع الفجر الصادق وبما أن المؤذنين في بلادنا يعتمدون على التوقيت المعروف وهو توقيت صحيح أعدته لجنة من أهل العلم الشرعي ومن مختصين في علم الفلك وممن لديهم خبرة ومعرفة في التوقيت فيجب الالتزام به.
قال العلامة ابن القيم: [وذهب الجمهور إلى امتناع السحور بطلوع الفجر، وهو قول الأئمة الأربعة، وعامة فقهاء الأمصار، وروي معناه عن عمر وابن عباس رضي الله عنهم] شرح ابن القيم على سنن أبي داود 6/ 341.
وأما الحديث المذكور في السؤال فقد رواه الإمام أحمد وأبو داود والحاكم والبيهقي وغيرهم وهو حديث حسن وقد فصَّل الكلام على سنده العلامة الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة حديث رقم 1394.
وأما المراد بالحديث فقد قال الإمام البيهقي: [وهذا إن صح فهو محمول عند عوام أهل العلم على أنه صلى الله عليه وسلم علم أن المنادي كان ينادى قبل طلوع الفجر بحيث يقع شربه قبيل طلوع الفجر] السنن الكبرى 4/ 218.
وقال الإمام النووي: [ذكرنا أن من طلع الفجر وفى فيه - فمه- طعام فليلفظه ويتم صومه فان ابتلعه بعد علمه بالفجر بطل صومه وهذا لا خلاف فيه ودليله حديث ابن عمر وعائشة رضي الله عنهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إن بلالاً يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم) رواه البخاري ومسلم وفى الصحيح أحاديث بمعناه وأما حديث أبي هريرة- رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إذا سمع أحدكم النداء والإناء على يده فلا يضعه حتى يقضي حاجته منه) وفى رواية (وكان المؤذن يؤذن إذا بزغ الفجر) فروى الحاكم أبو عبد الله الرواية الأولي وقال هذا حديث صحيح على شرط مسلم ورواهما البيهقى ثم قال: وهذا إن صح محمول عند عوام أهل العلم على أنه صلى الله عليه وسلم علم أنه ينادي قبل طلوع الفجر بحيث يقع شربه قبيل طلوع الفجر قال: وقوله إذا بزغ يحتمل أن يكون من كلام من دون أبي هريرة أو يكون خبراً عن الأذان الثاني ويكون قول النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا سمع أحدكم النداء والإناء على يده) خبراً عن النداء الأول ليكون موافقاً لحديث ابن عمر وعائشة رضي الله عنهما قال وعلى هذا تتفق الأخبار وبالله التوفيق والله أعلم] المجموع 6/ 311 - 312.
وحمل جماعة من العلماء هذا الحديث على حال من شك في طلوع الفجر، أما إذا تأكد من طلوع الفجر فليس له أن يأكل أو يشرب فإن فعل بعد التأكد من طلوع الفجر فقد بطل صومه ويلزمه القضاء.
وقال العلامة علي القاري: [قوله صلى الله عليه وسلم: (حتى يقضي حاجته منه) هذا إذا علم أو ظن عدم الطلوع. وقال ابن الملك: هذا إذا لم يعلم طلوع الصبح أما إذا علم أنه قد طلع أو شك فيه فلا] مرقاة المفاتيح 4/ 483.
وخلاصة الأمر أن الحديث وارد عن النبي صلى الله عليه وسلم وهو حديث حسن ولكن الحديث لا يجيز للصائم أن يستمر في الأكل والشرب خلال أذان الفجر إذا تأكد من طلوع الفجر الصادق. والواجب على الصائم أن يمتنع عن الأكل والشرب بمجرد سماع أذان الفجر.