المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌عدة الوفاة واجبة على المرأة العجوز - فتاوى يسألونك - جـ ١٠

[حسام الدين عفانة]

فهرس الكتاب

- ‌الجزء العاشر

- ‌مقدمة

- ‌العقيدة والتفسير

- ‌لا يجوز طلب الاستغفار من سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌استغفار النبي صلى الله عليه وسلم لعمه أبي طالب

- ‌المحرمات من الأطعمة في آية الأنعام

- ‌الصلاة

- ‌من انتقض وضوؤه أثناء الصلاة يتوضأ ويستأنف الصلاة

- ‌حكم الإفرازات المهبلية

- ‌مفارقة الإمام

- ‌تجوز الزيادة في صلاة التراويح عن إحدى عشرة ركعة

- ‌حكم الأذانين يوم الجمعة

- ‌حكم الاعتراض على خطيب الجمعة

- ‌خطبتان لصلاة العيد لا خطبة واحدة

- ‌حكم جمع السجين بين الصلاتين بسبب المطر

- ‌قيام الإمام إلى ركعة زائدة عن الصلاة

- ‌بطلان إمامة المرأة للرجال

- ‌حكم تقدم المأموم على الإمام

- ‌لا يجوز جعل الآيات القرآنية والأذان بدلاً من النغمات الموسيقية في الهاتف المحمول

- ‌الصيام

- ‌قضاء رمضان

- ‌حكم الأكل والشرب أثناء أذان الفجر

- ‌تعجيل صدقة الفطر

- ‌اعتكاف المرأة في العشر الأواخر من رمضان

- ‌الأضحية

- ‌شروط الأضحية توقيفية

- ‌الاختلاف في وقت عيد الأضحى

- ‌الزكاة

- ‌زكاة البضاعة الكاسدة

- ‌النذور

- ‌نذر المعصية

- ‌المعاملات

- ‌يحرم العمل في المحلات التي تقدم الخمور

- ‌برنامج توفير محرم

- ‌شحن البلفونات (التلفون المحمول) من كهرباء المسجد

- ‌الشهادة على العقد

- ‌لا يجوز بيع الطعام قبل القبض

- ‌حكم تبرع المضارب بضمان رأس المال

- ‌الظفر بالحق

- ‌حكم التصرف في المال الموقوف للمسجد

- ‌مسائل في التعامل بالشيكات

- ‌هل البضاعة المباعة لا ترد ولا تستبدل

- ‌سرقة الأدوية والتلاعب بها

- ‌الأسرة والمجتمع

- ‌تلقيح صناعي محرم

- ‌يحرم تقبيل المرأة الأجنبية

- ‌حكم تحريم الزوجة زوجها على نفسها

- ‌سفر المعتدة عدة وفاة إلى الحج

- ‌حكم الزواج العرفي

- ‌حكم الرجوع عن الطلاق المعلق

- ‌الأخذ بالثأر والقتل على خلفية شرف العائلة

- ‌عدة الوفاة واجبة على المرأة العجوز

- ‌عمُّ الزوج أجنبي على زوجته ولا يقاس على عمِّها

- ‌حكم إعلانات البراءة من الأشخاص

- ‌حكم طاعة الزوج بعد العقد وقبل الزفاف

- ‌متفرقات

- ‌حديث السبعة الذين لا يظلهم الله بظله يوم القيامة غير ثابت

- ‌شهادة البدوي على الحضري

الفصل: ‌عدة الوفاة واجبة على المرأة العجوز

حتى يثبت الزنا. انظر الموسوعة الفقهية 24/ 37 فما بعدها. كما أن كثيراً من حالات القتل على خلفية شرف العائلة تكون الفتاة فيها مظلومة ظلماً شديداً فقد تقتل لمجرد الشك في تصرفاتها ولا يكون زناها قد ثبت فعلاً أو تكون قد ارتكبت مخالفة أقل من الزنا غير موجبة للحد وإنما توجب التعزير فقط. كما أن الآباء والأمهات والأخوة يتحملون جزءاً من المسؤولية عن وقوع ابنتهم في الفاحشة فالواجب هو تحصين البنات والشباب وتربيتهم تربية صحيحة وسد المنافذ التي تؤدي إلى وقوعهم في الفحشاء والمنكر فإن الوقاية خير من العلاج. وإذا تم قتل الفتاة الزانية غير المحصنة فإن قاتلها يتحمل مسؤولية قتلها وينبغي أن يعاقب العقوبة الشرعية إلا إذا وجد مانع من ذلك كالأبوة فهي مانعة من القصاص عند جماهير أهل العلم.

وخلاصة الأمر أن الإسلام حرم الأخذ بالثأر ومنع القتل على خلفية شرف العائلة وقرر أن تنفيذ جميع العقوبات الشرعية إنما هو من اختصاص الحاكم المسلم أو من ينيبه وليس ذلك للأفراد أو الجماعات أو الأحزاب.

‌عدة الوفاة واجبة على المرأة العجوز

يقول السائل: توفي رجل كبير في السن فهل يلزم زوجته العجوز عدة الوفاة مع أنها لا تحيض منذ عهد بعيد أفيدونا.

الجواب: عدة الوفاة فريضة على كل امرأة مات عنها زوجها سواء كانت عجوزاً أو غير عجوز وسواء كانت تحيض أو لا تحيض والمدخول بها وغير المدخول بها سواء في لزوم عدة الوفاة لقول الله تعالى: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً} سورة البقرة الآية 234.

فالآية الكريمة عامة في كل زوجة مات عنها زوجها لقوله تعالى {أَزْوَاجاً} فيجب على كل زوجة مات عنها زوجها أن تعتد أربعة أشهر وعشرة أيام إلا إذا كانت حاملاً فتعتد بوضع الحمل على الراجح من أقوال

ص: 455

أهل العلم. ويدل على وجوب العدة قوله تعالى {يَتَرَبَّصْنَ} فهذا خبر بمعنى الأمر والأصل في الأمر أنه يفيد الوجوب.

قال العلامة ابن القيم: [وأما عدة الوفاة فتجب بالموت سواء دخل بها أو لم يدخل اتفاقاً كما دل عليه عموم القرآن والسنة] زاد المعاد في هدي خير العباد 5/ 664.

وقال ابن كثير عند تفسير الآية السابقة: [هذا أمر من الله للنساء اللاتي يتوفى عنهن أزواجهن أن يعتددن أربعة أشهر وعشر ليال وهذا الحكم يشمل الزوجات المدخول بهن وغير المدخول بهن بالإجماع ومستنده في غير المدخول بها عموم الآية الكريمة وهذا الحديث الذي رواه الإمام أحمد وأهل السنن وصححه الترمذي أن ابن مسعود سئل عن رجل تزوج امرأة فمات عنها ولم يدخل بها ولم يفرض لها فترددوا إليه مراراً في ذلك فقال: (أقول فيها برأيي فإن يك صواباً فمن الله وإن يك خطأً فمني ومن الشيطان والله ورسوله بريئان منه: لها الصداق كاملاً) وفي لفظ (لها صداق مثلها لا وكس ولا شطط وعليها العدة ولها الميراث) فقام معقل بن يسار الأشجعي فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى به في بروع بنت واشق ففرح عبد الله بذلك فرحاً شديداً وفي رواية فقام رجال من أشجع فقالوا: نشهد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى به في بروع بنت واشق) ولا يخرج من ذلك إلا المتوفى عنها زوجها وهي حامل فإن عدتها بوضع الحمل ولو لم تمكث بعده سوى لحظة لعموم قوله: {وَأُوْلَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ}] تفسير ابن كثير 1/ 569 - 570.

وقال الإمام القرطبي: [عدة الوفاة تلزم الحرة والأمة والصغيرة والكبيرة والتي لم تبلغ المحيض، والتي حاضت واليائسة من المحيض والكتابية -دخل بها أو لم يدخل بها إذا كانت غير حامل- وعدة جميعهن إلا الأمة أربعة أشهر وعشرة أيام؛ لعموم الآية في قوله تعالى: {يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا}] تفسير القرطبي 3/ 183.

وروى الإمام الترمذي بإسناده عن ابن مسعود رضي الله عنه (أنه سئل عن

ص: 456

رجل تزوج امرأة ولم يفرض لها صداقاً ولم يدخل بها حتى مات، فقال ابن مسعود:[لها مثل صداق نسائها لا وكس ولا شطط وعليها العدة ولها الميراث] فقام معقل بن سنان الأشجعي فقال: قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم في بروع بنت واشق امرأة منا مثل الذي قضيت. ففرح بها ابن مسعود) وقال أبو عيسى الترمذي: حديث ابن مسعود حديث حسن صحيح. سنن الترمذي، فهذا الحديث يدل على لزوم عدة الوفاة للزوجة وإن لم يدخل بها وهذا على خلاف المطلقة قبل الدخول فلا عدة عليها لقوله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحاً جَمِيلاً} سورة الأحزاب الآية 49.

إذا تقرر وجوب عدة الوفاة على كل زوجة فأعود لما ورد في السؤال من كون المرأة المتوفى عنها زوجهاً عجوزاً فأقول إن من المفاهيم المغلوطة عند بعض الناس أن الزوجات الكبيرات في السن لا تلزمهن عدة الوفاة نظراً لكبرهن ولانقطاع الحيض عنهن وهذا الفهم الباطل قائم على أن الحكمة من عدة الوفاة معرفة براءة الرحم من الحمل والذي يجب أن يعلم أولاً أن العدة فريضة يجب الالتزام بها بغض النظر عما قيل فيها من الحكمة وهذا لا ينفي احتمال أن يكون أحد مقاصد العدة هو معرفة براءة الرحم من الحمل مع أن ثبوت الحمل لا يحتاج إلى أربعة أشهر وعشرة أيام وخاصة في زماننا حيث يمكن معرفة وجود الحمل خلال أسبوعين أو ثلاثة فهل معنى ذلك إلغاء عدة الوفاة ما دام أنه يمكن معرفة براءة الرحم بالوسائل الطبية الحديثة!! هذا لا يقوله مسلم.

وقد ذكر بعض أهل العلم حِكَمَاً للعدة فمن ذلك ما قاله العلامة ولي الله الدهلوي: [اعلم أن العدة كانت من المشهورات المسلمة في الجاهلية وكانت مما لا يكادون يتركونه وكان فيها مصالح كثيرة: منها معرفة براءة رحمها من مائه لئلا تختلط الأنساب فإن النسب أحد ما يتشاح به ويطلبه العقلاء وهو من خواص نوع الإنسان ومما امتاز به من سائر الحيوان وهو المصلحة المرعية في باب الاستبراء. ومنها التنويه بفخامة أمر النكاح حيث لم يكن أمراً ينتظم إلا بجمع رجال ولا ينفك إلا بانتظار طويل ولولا

ص: 457

ذلك لكان بمنزلة لعب الصبيان ينتظم ثم يفك في الساعة، ومنها أن مصالح النكاح لا تتم حتى يوطنا أنفسهما على إدامة هذا العقد ظاهراً فإن حدث حادث يوجب فك النظام لم يكن بد من تحقيق صور الإدامة في الجملة بأن تتربص مدة تجد لتربصها بالاً وتقاسي لها عناءً] حجة الله البالغة 2/ 256 - 257.

وقال العلامة ابن القيم: [وقد اضطرب الناس في حكمة عدة الوفاة وغيرها، فقيل: هي لبراءة الرحم، وأورد على هذا القول وجوه كثيرة.

منها: وجوبها قبل الدخول في - حالة- الوفاة

ومن الناس من يقول: هو تعبد لا يعقل معناه، وهذا فاسد لوجهين، أحدهما: أنه ليس في الشريعة حكم إلا وله حكمة وإن لم يعقلها كثير من الناس أو أكثرهم.

الثاني: أن العِدد ليست من العبادات المحضة، بل فيها من المصالح رعاية حق الزوجين والولد والناكح.

قال شيخنا - أي شيخ الإسلام ابن تيمية -: والصواب أن يقال: أما عدة الوفاة فهي حرم لانقضاء النكاح، ورعاية لحق الزوج، ولهذا تحد المتوفى عنها في عدة الوفاة رعاية لحق الزوج، فجعلت العدة حريماً لحق هذا العقد الذي له خطر وشأن، فيحصل بهذه فصل بين نكاح الأول ونكاح الثاني، ولا يتصل الناكحان، ألا ترى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما عظم حقه، حرم نساؤه بعده، وبهذا اختص الرسول، لأن أزواجه في الدنيا هن أزواجه في الآخرة بخلاف غيره، فإنه لو حرم على المرأة أن تتزوج بغير زوجها، تضررت المتوفى عنها، وربما كان الثاني خيراً لها من الأول. ولكن لو تأيمت على أولاد الأول، لكانت محمودة على ذلك، مستحباً لها، وفي الحديث:(أنا وامرأة سفعاء الخدين، كهاتين يوم القيامة، وأومأ بالوسطى والسبابة، امرأة آمت من زوجها ذات منصب وجمال، وحبست نفسها على يتامى لها حتى بانوا أو ماتوا). وإذا كان المقتضي لتحريمها قائماً فلا أقل من مدة تتربصها، وقد كانت في الجاهلية تتربص سنة، فخففها الله سبحانه بأربعة أشهر وعشراً، وقيل لسعيد بن المسيب: ما بال العشر؟ قال: فيها

ص: 458