المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌كمال الإخلاص واليقين في قول لا إله إلا الله كما يوجب محبة الله - فتح المجيد شرح كتاب التوحيد - حطيبة - جـ ٤

[أحمد حطيبة]

فهرس الكتاب

- ‌ بيان فضل التوحيد وما يكفر من الذنوب [2]

- ‌الإيمان بأن عيسى عبد الله ورسوله

- ‌معنى اشتراط أن يشهد المؤمن أن عيسى عبد الله ورسوله

- ‌معنى كون عيسى كلمة من الله وروح منه

- ‌الإيمان بأن الجنة حق وأن النار حق من أسباب دخول الجنة

- ‌معنى قوله صلى الله عليه وسلم: (أدخله الله الجنة على ما كان من العمل)

- ‌شرح حديث تحريم النار على من أتى بالشهادة مخلصاً

- ‌قول العبد لا إله إلا الله يبتغي بها وجه الله من أسباب النجاة من النار

- ‌شرح حديث معاذ في تحريم النار على من قال لا إله إلا الله

- ‌اشتراط خلوص التوحيد من الشرك

- ‌أكثر الناس فتنة عند الموت وفي القبر

- ‌كمال الإخلاص واليقين في قول لا إله إلا الله كما يوجب محبة الله

- ‌شرح حديث: (لو أن السماوات السبع وعامرهن غيري)

- ‌فضل كلمة لا إله إلا الله

- ‌سعة فضل الله وجوده

- ‌المسائل المستنبطة من باب بيان فضل التوحيد وما يكفر من الذنوب

- ‌ضلال أهل الجاهلية في عبادتهم لغير الله في الرخاء ورجوعهم إلى الله في الشدة

الفصل: ‌كمال الإخلاص واليقين في قول لا إله إلا الله كما يوجب محبة الله

‌كمال الإخلاص واليقين في قول لا إله إلا الله كما يوجب محبة الله

قال: وحينئذ فلا منافاة بين الأحاديث؛ فإنه إذا قالها بإخلاص.

أي: قال: لا إله إلا الله بإخلاص ويقين.

والإخلاص مقتضاه: أن يوجه العبادة لله وحده لا شريك له، واليقين مقتضاه: أن لا يكون هناك شك في هذه الكلمة ولا في معناها، قال: لم يكن في هذه الحال مصراً على ذنب أصلاً؛ فإن كمال إخلاصه ويقينه يوجب أن يكون الله أحب إليه من كل شيء، فإذاً: لا يبقى في قلبه إرادة لما حرم الله، ولا كراهة لما أمر الله.

والاستنباط الجميل من ذلك: أن من يقول: لا إله إلا الله حقاً، فوقع في معاصٍ، وأصابه شيء من ذنوبه، وهو يقول هذه الكلمة محباً لها من قلبه، فهذا الإنسان خوفه من الله يدفعه لأن يتوب إلى الله، وحبه لله يدفعه أنه لا يعصي الله سبحانه، ولا يؤذي أحداً من خلقه، فيكون من أهل الجنة، ويكون معه الإيمان الكامل بسبب حبه لهذه الكلمة وعمله بمقتضاها.

يقول رحمه الله: فإن كمال إخلاصه ويقينه يوجب أن يكون الله أحب إليه من كل شيء فإذاً: لا يبقى في قلبه إرادة لما حرم الله ولا كراهة لما أمر الله، وهذا هو الذي يحرم على النار، وإن كانت له ذنوب قبل ذلك، فإن هذا الإيمان وهذا الإخلاص، وهذه التوبة، وهذه المحبة، وهذا اليقين لا تترك له ذنباً إلا محي عنه كما يمحو الليل النهار.

يقول: وإن قالها على وجه الكمال المانع من الشرك الأكبر والأصغر فهذا غير مصر على ذنب أصلاً فيغفر له، ويحرم على النار.

وإن قالها على وجه خلص به من الشرك الأكبر دون الأصغر، أي: فهو لا يشرك به شركاً أكبر، ولكن قد يقع في شيء من الشرك الأصغر، فيحلف بغير الله سبحانه وتعالى، أو ينسب شيئاً لا يكون إلا لله، كالذي يقول: لولا البط في الدار لأتانا اللصوص، أو لولا الكلب لهجم علينا اللصوص البارحة، فينسى الله وينسب الفضل إلى غير الله سبحانه وتعالى ونحو ذلك من الأشياء، فإن هذه تنقص درجة الإنسان عن درجة أهل الكمال.

قال: فهذه الحسنة لا يقاومها شيء من السيئات، وهذا بخلاف من رجحت سيئاته بحسناته، ومات مصراً على ذلك، فإنه يستوجب النار.

أي: أن الذي رجحت سيئاته على حسناته، ويقول: لا إله إلا الله، وقوله لها لا يزجره عن المعاصي، فهذا يستحق يوم القيامة العذاب بذنوب يستحق أن يجازى عليها، وقد تنفعه هذه الكلمة إما عاجلاً أو آجلاً، ولكن تنفعه يوماً من الدهر.

قال: وإن قال لا إله إلا الله وخلص بها من الشرك الأكبر ولكنه لم يمت على ذلك بل أتى بعدها بسيئات رجحت على حسنة التوحيد، فإنه في قولها كان مخلصاً، لكنه أتى بذنوب أوهنت ذلك التوحيد والإخلاص فأضعفته، وقويت نار الذنوب، حتى أحرقت ذلك إلى آخر كلامه رحمه الله.

ص: 12