المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌إسلام عمر بن الخطاب رضي الله عنه - فضائل الصحابة لأحمد بن حنبل - جـ ١

[أحمد بن حنبل]

فهرس الكتاب

- ‌سُئِلَ عَنْ فَضَائِلِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَرِضْوَانُهُ

- ‌سُئِلَ عَنْ قَوْلِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَغَيْرِهِ: خَيْرُ هَذِهِ الْأُمَّةِ بَعْدَ نَبِيِّهَا أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ

- ‌قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم: " لَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا مِنَ النَّاسِ خَلِيلًا، لَاتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ خَلِيلًا

- ‌قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم: «مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ»

- ‌بَقِيَّةُ قَوْلِهِ: «مُرُوا أَبَا بَكْرٍ يُصَلِّي بِالنَّاسِ»

- ‌ وَهَذِهِ الْأَحَادِيثُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي بَكْرِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ شُيُوخِهِ، وَلَيْسَتْ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ

- ‌مَا رُوِيَ أَنَّ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ أَبُو بَكْرٍ

- ‌مَا رُوِيَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ جَاءَ لِيَسْتَأْذِنَ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «ائْذَنْ لَهُ، وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ»

- ‌فَضَائِلُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه

- ‌إِسْلَامُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه

- ‌بَابُ: خَيْرُ هَذِهِ الْأُمَّةِ بَعْدَ نَبِيِّهَا

- ‌وَمِنْ فَضَائِلِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي بَكْرِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ مَشَايِخِهِ غَيْرِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ، وَمِنْ فَضَائِلِ أَبِي بَكْرٍ أَيْضًا

- ‌فَضَائِلُ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رضي الله عنه

- ‌وَمِنْ فَضَائِلِ عُثْمَانَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي بَكْرِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ شُيُوخِهِ سِوَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ

- ‌أَخْبَارُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَزُهْدِهِ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ

الفصل: ‌إسلام عمر بن الخطاب رضي الله عنه

366 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ قثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادٍ الْمَكِّيُّ قثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ رَأَيْتُ النَّاسَ يُعْرَضُونَ عَلَيَّ وَعَلَيْهِمُ الْقُمُصُ، مِنْهَا مَا يَبْلُغُ الثَّدْيَ، وَمِنْهَا مَا يَبْلُغُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ، وَعُرِضَ عَلَيَّ عُمَرُ وَعَلَيْهِ قَمِيصٌ يَجُرُّهُ» ، قَالُوا: فَمَا أَوَّلْتَ ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «الدِّينُ» .

ص: 277

‌إِسْلَامُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه

ص: 277

367 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ قثنا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ الدُّولَابِيُّ قثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ زَكَرِيَّا، عَنْ عَاصِمٍ الْأَحْوَلِ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ يَغْضَبُ إِذَا قِيلَ: إِنَّهُ هَاجَرَ قَبْلَ عُمَرَ، قَالَ: قَدِمْتُ أَنَا وَعُمَرُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْمَدِينَةَ، فَوَجَدْنَاهُ قَائِلًا، فَرَجَعْنَا إِلَى الْمَنْزِلِ، فَبَعَثَنِي عُمَرُ فَقَالَ: اذْهَبْ فَانْظُرْ هَلِ اسْتَيْقَظَ؟ فَأَتَيْتُهُ فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ فَبَايَعْتُهُ، ثُمَّ انْطَلَقْتُ إِلَى عُمَرَ فَأَخْبَرْتُهُ أَنَّهُ قَدِ اسْتَيْقَظَ، فَانْطَلَقْنَا إِلَيْهِ، فَهَرْوَلَ هَرْوَلَةً حَتَّى دَخَلَ عَلَيْهِ عُمَرُ، فَبَايَعَهُ ثُمَّ بَايَعْتُهُ، فَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَغْضَبُ إِذَا قِيلَ إِنَّهُ هَاجَرَ قَبْلَ أَبِيهِ.

ص: 277

368 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ بُكَيْرٍ النَّاقِدُ قثنا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ قَيْسٍ قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ يَقُولُ: مَا زِلْنَا أَعِزَّةً مُنْذُ أَسْلَمَ عُمَرُ.

ص: 277

369 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ مُحَمَّدٍ النَّاقِدُ قثنا سُفْيَانُ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ قَيْسٍ، سَمِعَ سَعِيدَ بْنَ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ يَقُولُ: وَاللَّهِ، لَقَدْ رَأَيْتُنِي وَإِنَّ عُمَرَ لَمُوثِقِي، وَأُخْتُهُ عَلَى الْإِسْلَامِ قَبْلَ أَنْ يُسْلِمَ عُمَرُ، وَلَوْ أَنَّ أُحُدًا ارْفَضَّ لِلَّذِي صَنَعْتُمْ بِابْنِ عَفَّانَ لَكَانَ قَدْ.

ص: 278

370 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ قثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَيُّوبَ قثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ قَالَ: فَلَمَّا قَدِمَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي رَبِيعَةَ، وَعَمْرُو بْنُ الْعَاصِ، عَلَى قُرَيْشٍ وَلَمْ يُدْرِكُوا مَا طَلَبُوا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَرَدَّهُمُ النَّجَاشِيُّ بِمَا يَكْرَهُونَ، أَسْلَمَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، وَكَانَ رَجُلًا ذَا شَكِيمَةٍ، لَا يُرَامُ مَا وَرَاءَ ظَهْرِهِ، امْتَنَعَ بِهِ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَبِحَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، حَتَّى غَزَا قُرَيْشًا، فَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ يَقُولُ: مَا كُنَّا نَقْدِرُ عَلَى أَنْ نُصَلِّيَ عِنْدَ الْكَعْبَةِ حَتَّى أَسْلَمَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، فَلَمَّا أَسْلَمَ قَاتَلَ قُرَيْشًا حَتَّى صَلَّى عِنْدَ الْكَعْبَةِ وَصَلَّيْنَا مَعَهُ، وَكَانَ إِسْلَامُ عُمَرَ بَعْدَ خُرُوجِ مَنْ خَرَجَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِلَى أَرْضِ الْحَبَشَةِ.

ص: 278

371 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ قثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَيُّوبَ قثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَمَّنْ لَا يُتَّهَمُ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ، عَنْ أُمِّهِ أُمِّ عَبْدِ اللَّهِ بِنْتِ أَبِي حَثْمَةَ قَالَتْ: وَاللَّهِ، إِنَّهُ لَنَرْتَحِلُ إِلَى أَرْضِ الْحَبَشَةِ وَقَدْ ذَهَبَ عَامِرٌ فِي بَعْضِ حَاجَتِنَا، إِذْ أَقْبَلَ عُمَرُ حَتَّى وَقَفَ عَلَيَّ وَهُوَ عَلَى شِرْكِهِ، قَالَتْ: وَكُنَّا نَلْقَى مِنْهُ الْبَلَاءَ أَذًى لَنَا وَشَرًّا عَلَيْنَا، فَقَالَتْ: فَقَالَ: إِنَّهُ لَانْطِلَاقٌ يَا أُمَّ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَتْ: قُلْتُ: نَعَمْ، وَاللَّهِ لَنَخْرُجَنَّ فِي أَرْضِ اللَّهِ، آذَيْتُمُونَا وَقَهَرْتُمُونَا، حَتَّى يَجْعَلَ اللَّهُ لَنَا مَخْرَجًا، قَالَتْ: فَقَالَ: صَحِبَكُمُ اللَّهُ، وَرَأَيْتُ لَهُ رِقَّةً لَمْ أَكُنْ أَرَاهَا، ثُمَّ انْصَرَفَ وَقَدْ أَحْزَنَهُ فِيمَا أَرَى خُرُوجُنَا، قَالَتْ: فَجَاءَ عَامِرٌ مِنْ حَاجَتِنَا تِلْكَ فَقُلْتُ لَهُ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، لَوْ رَأَيْتَ عُمَرَ آنِفًا وَرِقَّتَهُ وَحُزْنَهُ عَلَيْنَا، قَالَ: أَطَمِعْتِ فِي إِسْلَامِهِ؟ قَالَتْ: قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: لَا يُسْلِمُ الَّذِي رَأَيْتِ حَتَّى يُسْلِمَ حِمَارُ الْخَطَّابِ، قَالَتْ: يَأْسًا لِمَا كَانَ يَرَى مِنْ غِلْظَتِهِ وَقَسْوَتِهِ عَنِ الْإِسْلَامِ. وَكَانَ إِسْلَامُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فِيمَا بَلَغَنِي أَنَّ أُخْتَهُ فَاطِمَةَ بِنْتَ الْخَطَّابِ، وَكَانَتْ عِنْدَ سَعِيدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ، كَانَتْ قَدْ أَسْلَمَتْ وَأَسْلَمَ زَوْجُهَا سَعِيدُ بْنُ زَيْدٍ مَعَهَا، وَهُمْ يَسْتَخْفُونَ بِإِسْلَامِهِمْ مِنْ عُمَرَ، وَكَانَ نُعَيْمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النَّحَّامُ رَجُلًا مِنْ قَوْمِهِ مِنْ بَنِي عَدِيِّ بْنِ كَعْبٍ قَدْ أَسْلَمَ، وَكَانَ أَيْضًا يَسْتَخْفِي بِإِسْلَامِهِ فَرَقًا مِنْ قَوْمِهِ، وَكَانَ خَبَّابُ بْنُ الْأَرَتِّ يَخْتَلِفُ إِلَى فَاطِمَةَ بِنْتِ الْخَطَّابِ يُقْرِئُهَا الْقُرْآنَ، فَخَرَجَ عُمَرُ يَوْمًا مُتَوَشِّحًا سَيْفَهُ يُرِيدُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَرَهْطًا مِنْ أَصْحَابِهِ، فَذُكِرَ لَهُ أَنَّهُمْ قَدِ اجْتَمَعُوا فِي بَيْتٍ عِنْدَ الصَّفَا وَهُمْ قَرِيبٌ مِنْ أَرْبَعِينَ مِنْ رِجَالٍ وَنِسَاءٍ، وَمَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَمُّهُ حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ

⦗ص: 280⦘

الْمُطَّلِبِ، وَعَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، وَأَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ بْنُ أَبِي قُحَافَةَ، فِي رِجَالٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ مِمَّنْ كَانَ أَقَامَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِمَكَّةَ، وَلَمْ يَخْرُجْ فِيمَنْ خَرَجَ إِلَى أَرْضِ الْحَبَشَةِ، فَلَقِيَهُ نُعَيْمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ فَقَالَ لَهُ: أَيْنَ تُرِيدُ؟ قَالَ: أُرِيدُ مُحَمَّدًا، هَذَا الصَّابِيءُ الَّذِي قَدْ فَرَّقَ أَمْرَ قُرَيْشٍ، وَسَفَّهَ أَحْلَامَهَا، وَعَابَ دِينَهَا، وَسَبَّ آلِهَتَهَا، فَأَقْتُلُهُ، فَقَالَ لَهُ نُعَيْمٌ: وَاللَّهِ، لَقَدْ غَرَّتْكَ نَفْسُكَ مِنْ نَفْسِكَ يَا عُمَرُ، أَتَرَى بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ تَارِكِيكَ تَمْشِي عَلَى الْأَرْضِ وَقَدْ قَتَلْتَ مُحَمَّدًا؟ أَفَلَا تَرْجِعُ إِلَى أَهْلِ بَيْتِكَ فَتُقِيمَ أَمْرَهُمْ؟ قَالَ: وَأَيُّ أَهْلِ بَيْتِي؟ قَالَ: خَتَنُكَ وَابْنُ عَمِّكَ سَعِيدُ بْنُ زَيْدٍ، وَأُخْتُكَ فَاطِمَةُ بِنْتُ الْخَطَّابِ، فَقَدْ أَسْلَمَا وَتَابَعَا مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم عَلَى دِينِهِ، فَعَلَيْكَ بِهِمَا، فَرَجَعَ عُمَرُ عَامِدًا لِخَتَنِهِ وَأُخْتِهِ، وَعِنْدَهُمَا خَبَّابُ بْنُ الْأَرَتِّ مَعَهُ صَحِيفَةٌ فِيهَا طَهَ يُقْرِئُهُمَا إِيَّاهَا، فَلَمَّا سَمِعُوا حَسَّ عُمَرَ تَغَيَّبَ خَبَّابُ بْنُ الْأَرَتِّ فِي مَخْدَعٍ لِعُمَرَ أَوْ فِي بَعْضِ الْبَيْتِ، وَأَخَذَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ الْخَطَّابِ الصَّحِيفَةَ فَجَعَلَتْهَا تَحْتَ فَخِذِهَا، وَقَدْ سَمِعَ عُمَرُ حِينَ دَنَا مِنَ الْبَيْتِ قِرَاءَتَهُ عَلَيْهِمَا، فَلَمَّا دَخَلَ قَالَ: مَا هَذِهِ الْهَيْنَمَةُ الَّتِي سَمِعْتُهَا؟ قَالَا: مَا سَمِعْتَ شَيْئًا، قَالَ: بَلَى وَاللَّهِ لَقَدْ أُخْبِرْتُ عَمَّا تَابَعْتُمَا مُحَمَّدًا عَلَى دِينِهِ، وَبَطَشَ بِخَتَنِهِ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ، وَقَامَتْ إِلَيْهِ فَاطِمَةُ أُخْتُهُ لِتَكُفَّهُ عَنْ زَوْجِهَا، فَضَرَبَهَا فَشَجَّهَا، فَلَمَّا فَعَلَ ذَلِكَ قَالَتْ لَهُ أُخْتُهُ وَخَتَنُهُ: نَعَمْ، قَدْ أَسْلَمْنَا وَآمَنَّا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ، فَاصْنَعْ مَا بَدَا لَكَ. وَلَمَّا رَأَى عُمَرُ مَا بِأُخْتِهِ مِنَ الدَّمِ نَدِمَ عَلَى مَا صَنَعَ فَارْعَوَى وَقَالَ لِأُخْتِهِ: أَعْطِينِي هَذِهِ الصَّحِيفَةَ الَّتِي سَمِعْتُكُمْ تُقْرَآنِ آنِفًا أَنْظُرْ مَا هَذَا الَّذِي جَاءَ بِهِ مُحَمَّدٌ؟ وَكَانَ عُمَرُ كَاتِبًا، فَلَمَّا قَالَ ذَلِكَ قَالَتْ لَهُ أُخْتُهُ: إِنَّا نَخْشَاكَ عَلَيْهَا، قَالَ: لَا تَخَافِي، وَحَلَفَ لَهَا بِآلِهَتِهِ لَيَرُدَّنَّهَا إِلَيْهَا إِذَا قَرَأَهَا، فَلَمَّا قَالَ لَهَا ذَلِكَ طَمِعَتْ فِي إِسْلَامِهِ، فَقَالَتْ لَهُ: يَا أَخِي، إِنَّكَ نَجِسٌ عَلَى شِرْكِكَ، وَإِنَّهُ لَا يَمَسُّهَا إِلَّا الطَّاهِرُ، فَقَامَ عُمَرُ فَاغْتَسَلَ، ثُمَّ أَعْطَتْهُ الصَّحِيفَةَ، وَفِيهَا طَهَ، فَقَرَأَهَا، فَلَمَّا قَرَأَ صَدْرًا مِنْهَا قَالَ: مَا أَحْسَنَ هَذَا الْكَلَامَ وَأَكْرَمَهُ فَلَمَّا سَمِعَ خَبَّابٌ ذَلِكَ خَرَجَ إِلَيْهِ فَقَالَ لَهُ: يَا عُمَرُ، وَاللَّهِ إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ يَكُونَ اللَّهُ قَدْ خَصَّكَ بِدَعْوَةِ نَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم، فَإِنِّي سَمِعْتُهُ وَهُوَ يَقُولُ: «اللَّهُمَّ

⦗ص: 281⦘

أَيِّدِ الْإِسْلَامَ بِأَبِي الْحَكَمِ بْنِ هِشَامٍ أَوْ بِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ» ، فَاللَّهَ اللَّهَ يَا عُمَرُ، فَقَالَ لَهُ عِنْدَ ذَلِكَ: فَادْلُلَّنِي عَلَيْهِ يَا خَبَّابُ حَتَّى آتِيَهُ فَأُسْلِمَ، فَقَالَ لَهُ خَبَّابٌ: هُوَ فِي بَيْتٍ عِنْدَ الصَّفَا، مَعَهُ فِئَةٌ، يَعْنِي مِنْ أَصْحَابِهِ، فَأَخَذَ عُمَرُ سَيْفَهُ فَتَوَشَّحَهُ، ثُمَّ عَمَدَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابِهِ فَضَرَبَ عَلَيْهِمُ الْبَابَ، فَرَآهُ مُتَوَشِّحًا السَّيْفَ، فَرَجَعَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ فَزِعٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَذَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ مُتَوَشِّحًا السَّيْفَ، فَقَالَ حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ: فَائْذَنْ لَهُ، فَإِنْ كَانَ يُرِيدُ خَيْرًا بَذَلْنَا لَهُ، وَإِنْ كَانَ يُرِيدُ شَرًّا قَتَلْنَاهُ بِسَيْفِهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«ائْذَنْ لَهُ» ، فَأَذِنَ لَهُ الرَّجُلُ وَنَهَضَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى لَقِيَهُ فِي الْحُجْرَةِ، فَأَخَذَ بِحُجْزَتِهِ أَوْ بِجُمْعِ رِدَائِهِ، ثُمَّ جَبَذَهُ جَبْذَةً شَدِيدَةً وَقَالَ:«مَا جَاءَ بِكَ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ؟ وَاللَّهِ مَا أَرَى أَنْ تَنْتَهِيَ حَتَّى يُنْزِلَ اللَّهُ بِكَ قَارِعَةً» ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، جِئْتُكَ أُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَبِمَا جِئْتَ بِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ، قَالَ: فَكَبَّرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تَكْبِيرَةً عَرَفَ أَهْلُ الْبَيْتِ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّ عُمَرَ قَدْ أَسْلَمَ، فَتَفَرَّقَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ مَكَانِهِمْ ذَلِكَ وَقَدْ عَزُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ حِينَ أَسْلَمَ عُمَرُ مَعَ إِسْلَامِ حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَعَرَفُوا أَنَّهُمَا سَيَمْنَعَانِ رَسُولَ اللَّهِ، وَيَنْتَصِفُونَ بِهِمَا مِنْ عَدُوِّهِمْ. فَهَذَا حَدِيثُ الرُّوَاةِ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ عَنْ إِسْلَامِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ حِينَ أَسْلَمَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ

ص: 279

372 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ قثنا سُرَيْجُ بْنُ يُونُسَ قثنا أَبُو إِسْمَاعِيلَ يَعْنِي الْمُؤَدِّبُ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ قَيْسٍ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ:«مَا زِلْنَا أَعِزَّةً مُذْ أَسْلَمَ عُمَرُ»

ص: 281

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ قثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَيُّوبَ قثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ

ص: 281

سَعْدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ نَافِعٍ مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ: لَمَّا أَسْلَمَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ قَالَ: أَيُّ قُرَيْشٍ أَنْقَلُ لِلْحَدِيثِ؟ قِيلَ لَهُ: جَمِيلُ بْنُ مَعْمَرٍ الْجُمَحِيُّ، قَالَ: فَغَدَا عَلَيْهِ، قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: وَغَدَوْتُ أَتْبَعُ أَثَرَهُ أَنْظُرُ مَا يَفْعَلُ، وَأَنَا غُلَامٌ، وَجَمِيلُ بْنُ مَعْمَرٍ هُوَ جَدُّ نَافِعِ بْنِ عُمَرَ بْنِ جَمِيلِ بْنِ مَعْمَرٍ الْجُمَحِيُّ - أَعْقِلُ كُلَّمَا رَأَيْتُ، حَتَّى جَاءَهُ فَقَالَ: أَمَا عَلِمْتَ يَا جَمِيلُ أَنِّي قَدْ أَسْلَمْتُ وَدَخَلْتُ فِي دِينِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ: فَوَاللَّهِ، مَا رَاجَعَهُ حَتَّى قَامَ يَجُرُّ رِجْلَيْهِ، وَاتَّبَعَهُ عُمَرُ، وَاتَّبَعْتُ أَبِي، حَتَّى إِذَا قَامَ عَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ صَرَخَ بِأَعْلَى صَوْتِهِ: يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ - وَهُمْ فِي أَنْدِيَتِهِمْ حَوْلَ الْكَعْبَةِ - أَلَا إِنَّ عُمَرَ قَدْ صَبَا، قَالَ: يَقُولُ عُمَرُ مِنْ خَلْفِهِ: كَذَبَ، وَلَكِنْ قَدْ أَسْلَمْتُ وَشَهِدْتُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، قَالَ: وَثَارُوا إِلَيْهِ، قَالَ: فَمَا بَرِحَ يُقَاتِلُهُمْ وَيُقَاتِلُونَهُ حَتَّى قَامَتِ الشَّمْسُ عَلَى رُءُوسِهِمْ، قَالَ: وَطَلَحَ فَقَعَدَ، وَقَامُوا عَلَى رَأْسِهِ وَهُوَ يَقُولُ: افْعَلُوا مَا بَدَا لَكُمْ، فَأَحْلِفُ أَنْ لَوْ كُنَّا ثَلَاثَمِائَةِ رَجُلٍ لَقَدْ تَرَكْنَاهَا لَكُمْ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا لَنَا، قَالَ: فَبَيْنَاهُمْ عَلَى ذَلِكَ إِذْ أَقْبَلَ شَيْخٌ مِنْ قُرَيْشٍ عَلَيْهِ جُبَّةٌ حِبَرَةٌ وَقَمِيصٌ قُومِسُ حَتَّى وَقَفَ عَلَيْهِمْ فَقَالَ: مَا شَأْنُكُمْ؟ قَالُوا: صَبَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، قَالَ: فَمَهْ، رَجُلٌ اخْتَارَ لِنَفْسِهِ أَمْرًا فَمَاذَا تُرِيدُونَ؟ أَتَرَوْنَ بَنِي عَدِيِّ بْنِ كَعْبٍ يُسْلِمُونَ لَكُمْ صَاحِبَهُمْ؟ هَكَذَا عَنِ الرَّجُلِ، قَالَ: فَوَاللَّهِ لَكَأَنَّمَا كَانُوا ثَوْبًا كُشِفَ عَنْهُ، قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: فَقُلْتُ لِأَبِي بَعْدَ أَنْ هَاجَرْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ: يَا أَبَتِ، مَنِ الرَّجُلُ الَّذِي زَجَرَ الْقَوْمَ بِمَكَّةَ يَوْمَ أَسْلَمْتَ وَهُمْ يُقَاتِلُونَكَ؟ قَالَ: ذَاكَ الْعَاصُ بْنُ وَائِلٍ السَّهْمِيُّ.

ص: 282

373 -

وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ: وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عُمَرَ الْعَدَنِيُّ بِمَكَّةَ قثنا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: لَمَّا أَسْلَمَ عُمَرُ اجْتَمَعَ النَّاسُ عَلَيْهِ فَقَالُوا: صَبَا عُمَرُ، مَرَّتَيْنِ، وَكُنْتُ عَلَى ظَهْرِ بَيْتٍ، فَأَتَى الْعَاصُ بْنُ وَائِلٍ السَّهْمِيُّ وَعَلَيْهِ قُبَاءٌ دِيبَاجٌ مَكْفُوفٌ بِحَرِيرٍ، فَقَالَ: صَبَا عُمَرُ، صَبَا عُمَرُ، أَنَا لَهُ جَارٌ، فَتَفَرَّقَ النَّاسُ عَنْهُ، قَالَ ابْنُ عُمَرَ: فَتَعَجَّبْتُ مِنْ عِزِّهِ.

ص: 282

374 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ قثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَيُّوبَ قثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي نَجِيحٍ الْمَكِّيِّ، عَنْ أَصْحَابِهِ عَطَاءٍ وَمُجَاهِدٍ، أَوْ عَمَّنْ رَوَى ذَلِكَ عَنْهُ، أَنَّ إِسْلَامَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ كَانَ فِيمَا تُحِدِّثُوا بِهِ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: كُنْتُ لِلْإِسْلَامِ مُبَاعِدًا، وَكُنْتُ صَاحِبَ خَمْرٍ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، أُحِبُّهَا وَأَشْرَبُهَا، وَكَانَ لَنَا مَجْلِسٌ يَجْتَمِعُ فِيهِ رِجَالٌ مِنْ قُرَيْشٍ بِالْحَزْوَرَةِ عِنْدَ دَارِ عَمْرِو بْنِ عَائِذِ بْنِ عِمْرَانَ بْنِ مَخْزُومٍ، قَالَ: فَخَرَجْتُ لَيْلَةً أُرِيدُ جُلَسَائِي أُولَئِكَ فِي مَجْلِسِنَا ذَاكَ، فَلَمْ أَجِدْ مِنْهُمْ أَحَدًا، قَالَ: فَقُلْتُ: لَوْ أَنِّي جِئْتُ فُلَانًا، خَمَّارًا كَانَ بِمَكَّةَ، رَجُلٌ يَبِيعُ الْخَمْرَ، لَعَلِّي أَجِدُ عِنْدَهُ خَمْرًا فَأَشْرَبُ مِنْهَا، قَالَ: فَجِئْتُهُ فَلَمْ أَجِدْهُ، قَالَ: فَقُلْتُ: لَوْ جِئْتُ الْكَعْبَةَ فَطُفْتُ بِهَا سَبْعًا أَوْ سَبْعِينَ، قَالَ: فَجِئْتُ الْمَسْجِدَ أُرِيدُ أَنْ أَطُوفَ بِالْكَعْبَةِ، فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَائِمٌ يُصَلِّي، وَكَانَ إِذَا صَلَّى اسْتَقْبَلَ الشَّامَ وَجَعَلَ الْكَعْبَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الشَّامِ، كَانَ مُصَلَّاهُ بَيْنَ الرُّكْنَيْنِ: الرُّكْنِ الْأَسْوَدِ وَالرُّكْنِ الْيَمَانِيِّ، قَالَ: فَقُلْتُ حِينَ رَأَيْتُهُ: وَاللَّهِ، لَوْ أَنِّي اسْتَمَعْتُ بِمُحَمَّدٍ اللَّيْلَةَ حَتَّى أَسْمَعَ مَا يَقُولُ، قَالَ: فَقُلْتُ: لَئِنْ دَنَوْتُ مِنْهُ أَسْمَعُ مِنْهُ لَأُرْوِعَنَّهُ، قَالَ: فَجِئْتُ الْكَعْبَةَ مِنْ قِبَلِ الْحِجْرِ فَدَخَلْتُ تَحْتَ ثِيَابِهَا فَجَعَلْتُ أَمْشِي رُوَيْدًا، وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَائِمٌ يُصَلِّي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ، حَتَّى قُمْتُ فِي قِبْلَتِهِ مَا بَيْنِي وَبَيْنَهُ إِلَّا ثِيَابُ الْكَعْبَةِ، قَالَ: فَلَمَّا سَمِعْتُ الْقُرْآنَ رَقَّ لَهُ قَلْبِي، فَبَكَيْتُ وَدَخَلَنِي الْإِسْلَامُ، فَلَمْ أَزَلْ قَائِمًا فِي مَكَانِي ذَلِكَ حَتَّى قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صَلَاتَهُ ثُمَّ انْصَرَفَ، وَكَانَ إِذَا انْصَرَفَ خَرَجَ عَلَى دَارِ بَنِي أَبِي حُسَيْنٍ، وَكَانَتْ طَرِيقَهُ حَتَّى خَرَجَ إِلَى الْمَسْعَى، ثُمَّ يَشْتَدُّ بَيْنَ دَارِ عَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَبَيْنَ دَارِ ابْنِ أَزْهَرَ بْنِ عَبْدِ عَوْفٍ الزُّهْرِيِّ، ثُمَّ عَلَى دَارِ الْأَخْنَسِ بْنِ شَرِيقٍ، حَتَّى يَدْخُلَ بَيْتَهُ، وَكَانَ مَسْكَنُهُ صلى الله عليه وسلم فِي الدَّارِ الرَّقْطَاءِ الَّتِي كَانَتْ بِيَدِ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ، قَالَ عُمَرُ: فَتَبِعْتُهُ، حَتَّى إِذَا دَخَلَ بَيْنَ دَارِ عَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَبَيْنَ دَارِ ابْنِ أَزْهَرَ أَدْرَكْتُهُ، فَلَمَّا سَمِعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَسِّي قَامَ، وَعَرَفَنِي، فَظَنَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنِّي إِنَّمَا اتَّبَعْتُهُ لِأُوذِيهِ فَنَهَمَنِي ثُمَّ قَالَ:«مَا جَاءَ بِكَ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ هَذِهِ السَّاعَةَ؟» قَالَ: قُلْتُ: أَنْ أُؤْمِنَ بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَبِمَا جَاءَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ عز وجل، قَالَ: فَحَمِدَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم اللَّهَ وَقَالَ: «قَدْ هَدَاكَ اللَّهُ يَا عُمَرُ» ، ثُمَّ مَسَحَ صَدْرِي وَدَعَا لِي بِالثَّبَاتِ، ثُمَّ انْصَرَفْتُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَدَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَيْتَهُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَيُّ ذَلِكَ كَانَ.

ص: 283

375 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ قثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَيُّوبَ قثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ بَعْضِ آلِ عُمَرَ، أَوْ عَنْ بَعْضِ أَهْلِهِ، قَالَ: قَالَ عُمَرُ: لَمَّا أَسْلَمْتُ تِلْكَ اللَّيْلَةَ، تَذَكَّرْتُ أَيُّ أَهْلِ مَكَّةَ أَشَدُّ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَدَاوَةً؟ حَتَّى آتِيَهُ فَأُخْبِرَهُ أَنِّي قَدْ أَسْلَمْتُ، قَالَ: قُلْتُ: أَبُو جَهْلِ بْنُ هِشَامٍ، وَكَانَ مِنْ أَخْوَالِ أُمِّ عُمَرَ حَنْتَمَةَ بِنْتِ هِشَامِ بْنِ الْمُغِيرَةِ، فَأَقْبَلْتُ حِينَ أَصْبَحْتُ حَتَّى ضَرَبْتُ عَلَيْهِ بَابَهُ، فَخَرَجَ إِلَيَّ فَقَالَ: مَرْحَبًا وَأَهْلًا يَا ابْنَ أُخْتِي، مَا جَاءَ بِكَ؟ قَالَ: قُلْتُ: جِئْتُ أُخْبِرُكَ أَنِّي قَدْ آمَنْتُ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم، وَصَدَّقْتُهُ بِمَا جَاءَ بِهِ، قَالَ: فَضَرَبَ بِالْبَابِ فِي وَجْهِي وَقَالَ: قَبَّحَكَ اللَّهُ وَقَبَّحَ مَا جِئْتَ بِهِ. فَزَعَمُوا أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ فِي إِسْلَامِهِ حِينَ أَسْلَمَ يَذْكُرُ بَدْءَ إِسْلَامِهِ وَمَا كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أُخْتِهِ فَاطِمَةَ بِنْتِ الْخَطَّابِ حِينَ كَانَ أَمْرُهُ وَأَمْرُهَا مَا كَانَ:

[البحر البسيط]

الْحَمْدُ لِلَّهِ ذِي الْفَضْلِ الَّذِي وَجَبَتْ

مِنْهُ عَلَيْنَا أَيَادٍ مَا لَهَا غِيَرُ

وَقَدْ بَدَأْنَا فَكَذَّبْنَا فَقَالَ لَنَا

صِدْقَ الْحَدِيثِ نَبِيٌّ عِنْدَهُ الْخَبَرُ

وَقَدْ ظَلَمْتُ ابْنَةَ الْخَطَّابِ ثُمَّ هَدَى

رَبِّي عَشِيَّةَ قَالُوا: قَدْ صَبَا عُمَرُ

وَقَدْ نَدِمْتُ عَلَى مَا كَانَ مِنْ زَلَلِي

وَظُلْمِهَا حِينَ تُتْلَى عِنْدَهَا السُّوَرُ

لَمَّا دَعَتْ رَبَّهَا ذَا الْعَرْشِ جَاهِدَةً

وَالدَّمْعُ مِنْ عَيْنِهَا عَجْلَانُ يَنْحَدِرُ

أَيْقَنْتُ أَنَّ الَّذِي تَدْعُو لَخَالِقُهَا

وَكَادَ يَسْبِقُنِي مِنْ عَبْرَةٍ دَرَرُ

فَقُلْتُ أَشْهَدُ أَنَّ اللَّهَ خَالِقُنَا

وَأَنَّ أَحْمَدَ فِينَا الْيَوْمَ مُشْتَهِرُ

نَبِيُّ صِدْقٍ أَتَى بِالصِّدْقِ مِنْ ثِقَةٍ

وَافَى الْأَمَانَةَ مَا فِي عُودِهِ خَوَرُ

مِنْ هَاشِمٍ فِي الذُّرَى وَالْأَنْفِ حَيْثُ رَبَتْ

مِنْهَا الذَّوَائِبُ وَالْأَسْمَاعُ وَالْبَصَرُ

وَحَيْثُ يَلْجَأُ ذُو خَوْفٍ وَمُفْتَقِرُ

وَحَيْثُ يَسْمُو إِذَا مَا فَاخَرَتْ مُضَرُ

يَتْلُو مِنَ اللَّهِ آيَاتٍ مُنَزَّلَةً

يَظَلُّ يَسْجُدُ مِنْهَا النَّجْمُ وَالشَّجَرُ

بِهِ هَدَى اللَّهُ قَوْمًا مِنْ ضَلَالَتِهِمْ

وَقَدْ أُعِدَّتْ لَهُمْ إِذْ أُبْلِسُوا سَقَرُ

ص: 284

376 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَوْفِ بْنِ سُفْيَانَ الطَّائِيُّ الْحِمْصِيُّ

⦗ص: 286⦘

قثنا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحُنَيْنِيُّ قَالَ: ذَكَرَهُ أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، يَعْنِي ابْنُ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ أَسْلَمَ قَالَ: قَالَ لَنَا عُمَرُ: أَتُحِبُّونَ أَنْ أُعْلِمَكُمْ بُدُوَّ إِسْلَامِي؟ قُلْنَا: نَعَمْ، قَالَ: كُنْتُ مِنْ أَشَدِّ النَّاسِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَبَيْنَا أَنَا فِي يَوْمٍ حَارٍّ فِي بَعْضِ طُرُقِ مَكَّةَ إِذْ لَقِيَنِي رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ فَقَالَ: أَيْنَ تَذْهَبُ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ؟ قَالَ: قُلْتُ: أُرِيدُ هَذَا الَّذِي الَّذِي الَّذِي، قَالَ: عَجَبًا لَكَ تَزْعُمُ أَنَّكَ هَكَذَا، وَقَدْ دَخَلَ عَلَيْكَ هَذَا الْأَمْرُ بَيْتَكَ، قُلْتُ: وَمَا ذَاكَ؟ قَالَ: أُخْتُكَ قَدْ صَبَتْ، قَالَ: فَرَجَعْتُ مُغْضَبًا، وَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَجْمَعُ الرَّجُلَ وَالرِّجْلَيْنِ إِذَا أَسْلَمَا عِنْدَ الرَّجُلِ بِهِ قُوَّةٌ يُصِيبَانِ مِنْ طَعَامِهِ، قَالَ: وَقَدْ كَانَ ضَمَّ إِلَى زَوْجِ أُخْتِي رَجُلَيْنِ، فَجِئْتُ حَتَّى قَرَعْتُ الْبَابَ، قَالَ: مَنْ هَذَا؟ قُلْتُ: ابْنُ الْخَطَّابِ، قَالَ: وَكَانُوا يَقْرَءُونَ صَحِيفَةً مَعَهُمْ، فَلَمَّا

⦗ص: 287⦘

سَمِعُوا صَوْتِي اخْتَفَوْا وَنَسُوا الصَّحِيفَةَ، فَقَامَتِ الْمَرْأَةُ فَفَتَحَتْ لِي، فَقُلْتُ: يَا عَدُوَّةَ نَفْسِهَا، قَدْ بَلَغَنِي أَنَّكِ صَبَوْتِ، وَأَرْفَعُ شَيْئًا فِي يَدِي فَأَضْرِبَهَا، فَسَالَ الدَّمُ، فَلَمَّا رَأَتِ الدَّمَ بَكَتْ وَقَالَتْ: يَا ابْنَ الْخَطَّابِ، مَا كُنْتَ فَاعِلًا فَافْعَلْ، فَقَدْ أَسْلَمْتُ، قَالَ: فَجَلَسْتُ عَلَى السَّرِيرِ فَنَظَرْتُ، فَإِذَا بِكِتَابٍ فِي نَاحِيَةِ الْبَيْتِ، فَقُلْتُ: مَا هَذَا؟ أَعْطِيَنِيهِ، قَالَتْ: لَسْتَ مِنْ أَهْلِهِ، إِنَّكَ لَا تَغْتَسِلُ مِنَ الْجَنَابَةِ، وَلَا تَطْهُرُ، وَهَذَا لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ، فَلَمْ أَزَلْ بِهَا حَتَّى أَعْطَتَنِيهِ، فَإِذَا فِيهِ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، فَلَمَّا مَرَرْتُ بِالرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ذُعِرْتُ وَرَمَيْتُ بِالصَّحِيفَةِ، ثُمَّ رَجَعْتُ فَإِذَا فِيهِ:{سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} ، كُلَّمَا مَرَرْتُ بِاسْمٍ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ ذُعِرْتُ، ثُمَّ رَجَعْتُ إِلَى نَفْسِي، حَتَّى بَلَغْتُ {آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ} [الحديد: 7] إِلَى قَوْلِهِ: {إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [البقرة: 91]، فَقُلْتُ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، فَخَرَجَ الْقَوْمُ يَتَنَادَوْنَ بِالتَّكْبِيرِ اسْتِبْشَارًا بِمَا سَمِعُوا مِنِّي، وَحَمِدُوا اللَّهَ، وَقَالُوا: يَا ابْنَ الْخَطَّابِ، أَبْشِرْ، فَلَمَّا أَنْ عَرَفُوا مِنِّي الصِّدْقَ قُلْتُ لَهُمْ: أَخْبِرُونِي بِمَكَانِ رَسُولِ اللَّهِ، قَالُوا: هُوَ فِي بَيْتٍ فِي أَسْفَلِ الصَّفَا، فَخَرَجْتُ حَتَّى قَرَعْتُ الْبَابَ، قِيلَ: مَنْ هَذَا؟ قُلْتُ: ابْنُ الْخَطَّابِ، وَقَدْ عَرَفُوا شِدَّتِي عَلَى رَسُولِ اللَّهِ، وَلَمْ يَعْلَمُوا إِسْلَامِي، قَالَ: فَمَا اجْتَرَأَ أَحَدٌ مِنْهُمْ بِفَتْحِ الْبَابِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«افْتَحُوا لَهُ، فَإِنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يَهْدِهِ» ، قَالَ: فَفَتَحُوا لِي، وَأَخَذَ رَجُلٌ بِعَضُدِي، حَتَّى دَنَوْتُ مِنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:«أَرْسِلُوهُ» ، فَأَرْسَلُونِي فَجَلَسْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَأَخَذَ بِمَجْمَعِ قَمِيصِي فَجَبَذَنِي إِلَيْهِ وَقَالَ:«أَسْلِمْ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ، اللَّهُمَّ اهْدِهِ» ، قَالَ: قُلْتُ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ، فَكَبَّرَ الْمُسْلِمُونَ تَكْبِيرَةً سُمِعَتْ بِطُرُقِ مَكَّةَ، وَقَدْ كَانَ اسْتَخْفَى، وَكُنْتُ لَا أَشَاءُ أَنْ أَرَى رَجُلًا إِذَا أَسْلَمَ يُضْرَبُ إِلَّا رَأَيْتُهُ، فَلَمَّا رَأَيْتُ ذَلِكَ قُلْتُ: مَا أُحِبُّ إِلَّا أَنْ يُصِيبَنِي مِمَّا يُصِيبُ الْمُسْلِمِينَ، فَذَهَبْتُ إِلَى خَالِي، وَكَانَ شَرِيفًا فِيهِمْ، فَقَرَعْتُ عَلَيْهِ الْبَابَ، فَقَالَ: مَنْ هَذَا؟ قُلْتُ: ابْنُ الْخَطَّابِ، فَخَرَجَ، فَقُلْتُ: أَشَعَرْتَ أَنِّي قَدْ صَبَوْتُ؟ قَالَ: لَا تَفْعَلْ، قُلْتُ: قَدْ فَعَلْتُ، قَالَ: لَا تَفْعَلْ، وَأَجَافَ الْبَابَ دُونِي، قُلْتُ: مَا هَذَا بِشَيْءٍ، فَخَرَجْتُ حَتَّى جِئْتُ

⦗ص: 288⦘

رَجُلًا مِنْ عُظَمَاءِ قُرَيْشٍ، فَقَرَعْتُ الْبَابَ، فَخَرَجَ، فَقُلْتُ: أَشَعَرْتَ أَنِّي قَدْ صَبَوْتُ؟ قَالَ: لَا تَفْعَلْ، قُلْتُ: قَدْ فَعَلْتُ، فَدَخَلَ فَأَجَابَ الْبَابَ، قَالَ: فَانْصَرَفْتُ، فَقَالَ لِي رَجُلٌ: أَتُحِبُّ أَنْ يُعْلَمَ بِإِسْلَامِكَ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: فَإِذَا جَلَسَ النَّاسُ فِي الْحِجْرِ فَائْتِ فُلَانًا، رَجُلًا لَمْ يَكُنْ يَكْتُمُ السِّرَّ، فَأَصْغِ إِلَيْهِ وَقُلْ لَهُ فِيمَا بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ: إِنِّي قَدْ صَبَوْتُ، فَإِنَّهُ سَوْفَ يَظْهَرُ عَلَيْكَ وَيَصِيحُ وَيُعْلِنُهُ، قَالَ: فَلَمَّا اجْتَمَعَ النَّاسُ فِي الْحِجْرِ جِئْتُ إِلَى الرَّجُلِ فَدَنَوْتُ فَأَصْغَيْتُ إِلَيْهِ فِيمَا بَيْنِي وَبَيْنَهُ: إِنِّي قَدْ صَبَوْتُ، فَقَالَ: قَدْ صَبَوْتَ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، فَرَفَعَ بِأَعْلَى صَوْتِهِ وَقَالَ: أَلَا إِنَّ ابْنَ الْخَطَّابِ قَدْ صَبَا، فَثَابَ إِلَيَّ النَّاسُ فَضَرَبُونِي وَضَرَبْتُهُمْ، قَالَ: فَقَالَ خَالِي: مَا هَذَا؟ فَقِيلَ: ابْنُ الْخَطَّابِ، فَقَامَ عَلَى الْحِجْرِ فَأَشَارَ بِكُمِّهِ: أَلَا إِنِّي قَدْ أَجَرْتُ ابْنَ أُخْتِي، فَانْكَشَفَ النَّاسُ عَنِّي، وَكُنْتُ لَا أَشَاءُ أَنْ أَرَى أَحَدًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ يُضْرَبُ إِلَّا رَأَيْتُهُ، وَأَنَا لَا أُضْرَبُ، فَقُلْتُ: مَا هَذَا بِشَيْءٍ حَتَّى يُصِيبَنِي مَا يُصِيبُ الْمُسْلِمِينَ، وَأَمْهَلْتُ حَتَّى إِذَا جُلِسَ فِي الْحِجْرِ، دَخَلْتُ إِلَى خَالِي قُلْتُ: اسْمَعْ، قَالَ: مَا أَسْمَعُ؟ قُلْتُ: جِوَارُكَ عَلَيْكَ رَدٌّ، فَقَالَ: لَا تَفْعَلْ يَا ابْنَ أُخْتِي، قُلْتُ: بَلَى هُوَ ذَاكَ، قَالَ: مَا شِئْتَ، قَالَ: فَمَا زِلْتُ أَضْرِبُ وَأُضْرَبُ حَتَّى أَعَزَّ اللَّهُ الْإِسْلَامَ.

377 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنِي الْحَسَنُ بْنُ الصَّبَّاحِ الْبَزَّارُ أَبُو عَلِيٍّ قثنا أَبُو يَعْقُوبَ الْحُنَيْنِيُّ إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قثنا أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، يَعْنِي: ابْنَ أَسْلَمَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ لَنَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: أَتُحِبُّونَ أَنْ أُعْلِمَكُمْ أَوَّلَ إِسْلَامِي؟ قَالَ: قُلْنَا: نَعَمْ، قَالَ: كُنْتُ مِنْ أَشَدِّ النَّاسِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: بَيْنَا أَنَا فِي يَوْمٍ شَدِيدِ الْحَرِّ فِي الْهَاجِرَةِ فِي بَعْضِ طُرُقِ مَكَّةَ إِذَا أَنَا بِرَجُلٍ مِنْ قُرَيْشٍ، قَالَ: أَيْنَ تُرِيدُ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ؟ قُلْتُ: أُرِيدُ هَذَا الرَّجُلَ الَّذِي الَّذِي، فَقَالَ: عَجَبٌ لَكَ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ إِلَى آخِرِهِ

ص: 285

378 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، قثنا عَتَّابُ بْنُ زِيَادٍ قثنا عَبْدُ اللَّهِ، يَعْنِي: ابْنَ الْمُبَارَكِ، قثنا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ قَالَ: سَمِعْتُ نَافِعًا مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ يَقُولُ: أَصَابَ النَّاسُ فَتْحًا بِالشَّامِ، فِيهِمْ بِلَالٌ، وَأَظُنُّهُ ذَكَرَ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ، فَكَتَبُوا إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ: إِنَّ هَذَا الْفَيْءَ الَّذِي أَصَبْنَا لَكَ خُمُسُهُ، وَلَنَا مَا بَقِيَ لَيْسَ لِأَحَدٍ فِيهِ شَيْءٌ، كَمَا صَنَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِحُنَيْنٍ، فَكَتَبَ عُمَرُ: إِنَّهُ لَيْسَ عَلَى مَا قُلْتُمْ، وَلَكِنِّي أَقِفُهَا لِلْمُسْلِمِينَ، فَرَاجَعُوهُ الْكِتَابَ، وَرَاجَعَهُمْ، يَأْبَوْنَ وَيَأْبَى، فَلَمَّا أَبَوْا قَامَ عُمَرُ فَدَعَا عَلَيْهِمْ فَقَالَ: اللَّهُمَّ اكْفِنِي بِلَالًا وَأَصْحَابَ بِلَالٍ، فَمَا حَالَ الْحَوْلُ عَلَيْهِمْ حَتَّى مَاتُوا جَمِيعًا رضي الله عنهم.

ص: 289

379 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ قثنا دَاوُدُ بْنُ رُشَيْدٍ قثنا الْوَلِيدُ، يَعْنِي: ابْنَ مُسْلِمٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ مُحَمَّدٍ، يَعْنِي: ابْنَ زَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي مُحَمَّدُ بْنُ زَيْدٍ، أَنَّ عُمَرَ جَعَلَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ فِي الشُّورَى، فَأَتَاهُ آتٍ فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، اسْتَخْلِفْ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ صَاحِبَ رَسُولِ اللَّهِ، وَمِنَ الْمُهَاجِرِينَ الْأَوَّلِينَ، وَابْنَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، فَقَالَ عُمَرُ: قَدْ قُلْتُ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَتُمْحَيَنَّ مِنْهَا، حَسْبُنَا آلَ عُمَرَ الْكَفَافُ، لَا لَنَا وَلَا عَلَيْنَا.

ص: 289

380 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ قثنا دَاوُدُ بْنُ رُشَيْدٍ قثنا الْوَلِيدُ، يَعْنِي: ابْنَ مُسْلِمٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ مُحَمَّدٍ قثنا سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: رَاثَ عَلَى أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ خَبَرُ عُمَرَ وَهُوَ أَمِيرُ الْبَصْرَةِ، وَكَانَ بِهَا امْرَأَةٌ فِي جُبَّتِهَا شَيْطَانٌ يَتَكَلَّمُ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا رَسُولًا فَقَالَ لَهَا: مُرِي صَاحِبَكِ فَلْيَذْهَبْ فَلْيُخْبِرْنِي عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، قَالَ: هُوَ بِالْيَمَنِ يُوشِكُ أَنْ يَأْتِيَ، فَمَكَثُوا غَيْرَ طَوِيلٍ، قَالُوا: اذْهَبْ فَأَخْبِرْنَا عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، فَإِنَّهُ قَدْ رَاثَ عَلَيْنَا، فَقَالَ: إِنَّ ذَاكَ لَرَجُلٌ مَا نَسْتَطِيعُ أَنْ نَدْنُوَ مِنْهُ، إِنَّ بَيْنَ عَيْنَيْهِ رُوحُ الْقُدُسِ، وَمَا خَلَقَ اللَّهُ عز وجل شَيْطَانًا يَسْمَعُ صَوْتَهُ إِلَّا خَرَّ لِوَجْهِهِ.

ص: 289

381 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنِي يُوسُفُ بْنُ أَبِي أُمَيَّةَ الثَّقَفِيُّ بِالْكُوفَةِ سَنَةَ ثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ قَالَ: نا. . . . . . قَالَ: نا يُونُسُ بْنُ عُبَيْدٍ، عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: قَالَ أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ ذَاتَ يَوْمٍ أَوْ لَيْلَةٍ: إِنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ كَانَ إِسْلَامُهُ عِزًّا، وَكَانَتْ إِمَارَتُهُ فَتْحًا، وَكَانَ بَيْنَ عَيْنَيْهِ مَلَكٌ يُسَدِّدُهُ، وَكَانَ الْفَارُوقُ فَرَّقَ بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ، وَنَزَلَ الْقُرْآنُ بِتَصْدِيقِ رَأْيِهِ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ، يُقَالُ لَهُ حَرَمِيٌّ: كَانَ أَبُو بَكْرٍ خَيْرًا مِنْهُ، فَأَعَادَ أَبُو مُوسَى الْقَوْلَ، فَقَالَ السُّلَمِيُّ مِثْلَ مَقَالَتِهِ ثَلَاثًا، فَلَمَّا قَفَلُوا صَارَ إِلَى عُمَرَ فَقَصَّ عَلَيْهِ الْقِصَّةَ، فَقَالَ عُمَرُ: لَيْلَةٌ مِنْ أَبِي بَكْرٍ خَيْرٌ مِنْ عُمَرَ الدَّهْرَ كُلَّهُ، وَلَيَوْمٌ مِنْ أَبِي بَكْرٍ خَيْرٌ مِنْ عُمَرَ الدَّهْرَ كُلَّهُ، أَمَّا يَوْمُهُ فَيَوْمُ ارْتَدَّتِ الْعَرَبُ، وَأَمَّا لَيْلَتُهُ فَلَيْلَةُ الْغَارِ، حِينَ وَقَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم بِنَفْسِهِ.

ص: 290

382 -

ذَكَرَ مُصْعَبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُصْعَبٍ الزُّبَيْرِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُصْعَبٍ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ عُثْمَانَ الْهُدَيْرِيِّ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ إِلَى حَرَّةَ وَاقِمٍ، حَتَّى إِذَا كُنَّا بِصِرَارٍ إِذَا نَارٌ، فَقَالَ: يَا أَسْلَمُ

⦗ص: 291⦘

، إِنِّي لَأَرَى هَا هُنَا رَكْبًا قَصَّرَ بِهِمُ اللَّيْلُ وَالْبَرْدُ، انْطَلِقْ بِنَا، فَخَرَجْنَا نُهَرْوِلُ حَتَّى دَنَوْنَا مِنْهُمْ، فَإِذَا بِامْرَأَةٍ مَعَهَا صِبْيَانٌ صِغَارٌ وَقِدْرٌ مَنْصُوبَةٌ عَلَى نَارٍ وَصِبْيَانُهَا يَتَضَاغَوْنَ، فَقَالَ عُمَرُ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ يَا أَصْحَابَ الضَّوْءِ، وَكَرِهَ أَنْ يَقُولَ: يَا أَصْحَابَ النَّارِ، فَقَالَتْ: وَعَلَيْكَ السَّلَامُ، فَقَالَ: أَدْنُو؟، فَقَالَتِ: ادْنُ بِخَيْرٍ أَوْ دَعْ، فَدَنَا فَقَالَ: مَا بَالُكُمْ؟ قَالَتْ: قَصَّرَ بِنَا اللَّيْلُ وَالْبَرْدُ، قَالَ: فَمَا بَالُ هَؤُلَاءِ الصِّبْيَةِ يَتَضَاغَوْنَ؟ قَالَتِ: الْجُوعُ، قَالَ: فَأَيُّ شَيْءٍ فِي هَذِهِ الْقِدْرِ؟ قَالَتْ: مَا أُسْكِتُهُمْ بِهِ حَتَّى يَنَامُوا، وَاللَّهُ بَيْنَنَا وَبَيْنَ عُمَرَ، فَقَالَ: أَيْ رَحِمَكِ اللَّهُ، وَمَا يُدْرِي عُمَرَ بِكُمْ؟ قَالَتْ: يَتَوَلَّى عُمَرُ أَمْرَنَا ثُمَّ يَغْفُلُ عَنَّا. قَالَ: فَأَقْبَلَ عَلَيَّ فَقَالَ: انْطَلِقْ بِنَا، فَخَرَجْنَا نُهَرْوِلُ حَتَّى أَتَيْنَا دَارَ الدَّقِيقِ، فَأَخْرَجَ عِدْلًا مِنْ دَقِيقٍ وَكَبَّةً مِنْ شَحْمٍ، فَقَالَ: احْمِلْهُ عَلَيَّ، فَقُلْتُ: أَنَا أَحْمِلُهُ عَنْكَ، قَالَ: أَنْتَ تَحْمِلُ عَنِّي وِزْرِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا أُمَّ لَكَ؟ فَحَمَلْتُهُ عَلَيْهِ فَانْطَلَقَ، وَانْطَلَقْتُ مَعَهُ إِلَيْهَا، نُهَرْوِلُ، فَأَلْقَى ذَلِكَ عِنْدَهَا وَأَخْرَجَ مِنَ الدَّقِيقِ شَيْئًا، فَجَعَلَ يَقُولُ لَهَا: ذُرِّي عَلَيَّ، وَأَنَا أُحَرِّكُ لَكِ، وَجَعَلَ يَنْفُخُ تَحْتَ الْقِدْرِ ثُمَّ أَنْزَلَهَا، فَقَالَ: أَبْغِينِي شَيْئًا، فَأَتَتْهُ بِصَحْفَةٍ فَأَفْرَغَهَا فِيهَا ثُمَّ جَعَلَ يَقُولُ لَهَا: أَطْعِمِيهُمْ وَأَنَا أُسَطِّحُ لَهُمْ، فَلَمْ يَزَلْ حَتَّى شَبِعُوا، وَتَرَكَ عِنْدَهَا فَضْلَ ذَلِكَ، وَقَامَ وَقُمْتُ مَعَهُ، فَجَعَلَتْ تَقُولُ: جَزَاكَ اللَّهُ خَيْرًا، كُنْتَ أَوْلَى بِهَذَا الْأَمْرِ مِنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، فَيَقُولُ: قُولِي خَيْرًا إِذَا جِئْتِ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، وَحَدَّثِينِي هُنَاكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ تَنَحَّى نَاحِيَةً عَنْهَا ثُمَّ اسْتَقْبَلَهَا فَرَبَضَ مَرْبَضًا، فَقُلْنَا لَهُ: إِنَّ لَنَا شَأْنًا غَيْرَ هَذَا، وَلَا يُكَلِّمُنِي حَتَّى رَأَيْتُ الصِّبْيَةَ يَصْطَرِعُونَ ثُمَّ نَامُوا وَهَدَأُوا، فَقَالَ: يَا أَسْلَمُ، إِنَّ الْجُوعَ أَسْهَرَهُمْ وَأَبْكَاهُمْ، فَأَحْبَبْتُ أَنْ لَا أَنْصَرِفَ حَتَّى أَرَى مَا رَأَيْتُ.

ص: 290

383 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، قثنا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ قثنا أَبِي، عَنْ يَعْلَى، يَعْنِي: ابْنَ حَكِيمٍ، عَنْ نَافِعٍ قَالَ: وَقَدْ سَمِعْتُهُ مِنْ نَافِعٍ، ثُمَّ تَرَكَ يَعْلَى، أَنَّ الزِّبْرِقَانَ بْنَ بَدْرٍ، وَالْأَقْرَعَ بْنَ حَابِسٍ طَلَبَا إِلَى أَبِي بَكْرٍ أَنْ يُقْطِعَهُمَا، فَأَقْطَعَهُمَا وَكَتَبَ لَهُمَا كِتَابًا، فَقَالَ لَهُمَا عُثْمَانُ: أَشْهِدَا عُمَرَ فَإِنَّهُ الْخَلِيفَةُ بَعْدَهُ، وَهُوَ أَجْوَزُ لِأَمْرِكُمَا، فَأَتَيَا عُمَرَ بِالْكِتَابِ، فَلَمَّا نَظَرَ فِيهِ بَزَقَ فِيهِ ثُمَّ ضَرَبَ بِهِ وُجُوهَهُمَا ثُمَّ قَالَ: لَا، وَلَا نَعْمَةَ عَيْنٍ، آللَّهَ لَتَفْلَقُنَّ وُجُوهَ الْمُسْلِمِينَ بِالسُّيُوفِ وَالْحِجَارَةِ ثُمَّ لَنَكْتُبَنَّ لَكُمْ لِفَيْئِهِمْ، فَرَجَعَا إِلَى أَبِي بَكْرٍ فَقَالَا: وَاللَّهِ مَا نَدْرِي أَنْتَ الْخَلِيفَةُ أَمْ عُمَرُ؟ قَالَ: وَمَا ذَاكَ؟ فَأَخْبَرَاهُ بِالَّذِي صَنَعَ، فَقَالَ: وَإِنَّا لَا نُجِيزُ إِلَّا مَا أَجَازَهُ عُمَرُ.

ص: 292

384 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، قثنا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ قثنا أَبِي قَالَ: سَمِعْتُهُ مِنْ نَافِعٍ، قَالَ وَهْبٌ: وَكَانَ يُحَدِّثُنَا بِهِ عَنْ يَعْلَى، عَنْ نَافِعٍ قَالَ: كَتَبَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ، وَيَزِيدُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ، وَعَمْرُو بْنُ الْعَاصِ إِلَى أَبِي بَكْرٍ: أَنْ زِدْنَا فِي أَرْزَاقِنَا وَإِلَّا فَابْعَثْ إِلَى عَمَلِكَ مَنْ يَكْفِيكَهُ، فَاسْتَشَارَ أَبُو بَكْرٍ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ عُمَرُ: لَا تَزِدْهُمْ دِرْهَمًا وَاحِدًا، قَالَ: فَمَنْ لِعَمَلِهِمْ؟ قَالَ: أَنَا أَكْفِيهِ وَلَا أُرِيدُ أَنْ تَرْزُقَنِي شَيْئًا، قَالَ: فَتَجَهَّزَ، فَبَلَغَ ذَلِكَ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ، فَقَالَ لِأَبِي بَكْرٍ: يَا خَلِيفَةَ رَسُولِ اللَّهِ، إِنَّ قُرْبَ عُمَرَ مِنْكَ وَمُشَاوَرَتَهُ أَنْفَعُ لِلْمُسْلِمِينَ مِنْ شَيْءٍ يَسِيرٍ، فَزِدْ هَؤُلَاءِ الْقَوْمَ، وَهُوَ الْخَلِيفَةُ بَعْدَكَ، فَعَزَمَ عَلَى عُمَرَ أَنْ يُقِيمَ، قَالَ: وَزَادَهُمْ مَا سَأَلُوا، قَالَ: فَلَمَّا وَلِيَ عُمَرُ كَتَبَ إِلَيْهِمْ: إِنْ رَضِيتُمْ بِالرِّزْقِ الْأَوَّلِ وَإِلَّا فَاعْتَزِلُوا عَمَلَنَا، وَقَالَ: وَقَدْ كَانَ مُعَاوِيَةُ، يَعْنِي: ابْنَ أَبِي سُفْيَانَ، اسْتُعْمِلَ مَكَانَ يَزِيدَ، قَالَ: فَأَمَّا مُعَاوِيَةُ وَعَمْرٌو فَرَضِيَا، وَأَمَّا خَالِدٌ فَاعْتَزَلَ، قَالَ: فَكَتَبَ إِلَيْهِمَا عُمَرُ: أَنِ اكْتُبَا لِي كُلَّ مَالٍ هُوَ لَكُمَا، فَفَعَلَا، قَالَ: فَجَعَلَ لَا يَقْدِرُ لَهُمَا بَعْدُ عَلَى مَالٍ إِلَّا أَخَذَهُ فَجَعَلَهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ.

ص: 292

385 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو حُمَيْدٍ الْحِمْصِيُّ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ قثنا مُعَاوِيَةُ بْنُ حَفْصٍ قَالَ: نا أَبُو الْأَحْوَصِ، وَعَمْرُو بْنُ ثَابِتٍ، قَالَا: سَمِعْنَا أَبَا إِسْحَاقَ يَقُولُ: بُغْضُ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ مِنَ الْكَبَائِرِ.

ص: 293

386 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو حُمَيْدٍ قثنا مُعَاوِيَةُ، يَعْنِي: ابْنَ حَفْصٍ قَالَ: نا عَبَّادٌ، يَعْنِي: ابْنَ الْعَوَّامِ، عَنِ الْحَجَّاجِ، عَنْ طَلْحَةَ الْيَامِيِّ قَالَ: كَانَ يُقَالُ: بُغْضُ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ نِفَاقٌ، وَبُغْضُ قُرَيْشٍ نِفَاقٌ، وَبُغْضُ الْأَنْصَارِ وَبُغْضُ الْمَوْلَى الْعَرَبِيِّ نِفَاقٌ.

ص: 294

387 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو حُمَيْدٍ، قثنا مُعَاوِيَةُ، يَعْنِي: ابْنَ حَفْصٍ، قثنا مُحَمَّدُ بْنُ طَلْحَةَ الْيَامِيُّ، قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ طَلْحَةَ: وَحَدَّثَنِي أَبُو عُبَيْدَةَ، عَنِ الْحَكَمِ بْنِ جَحْلٍ قَالَ: سَمِعْتُ عَلِيًّا يَقُولُ: بَلَغَنِي أَنَّ أُنَاسًا يُفَضِّلُونِي عَلَى أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ، لَا يُفَضِّلُنِي أَحَدٌ عَلَى أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ إِلَّا جَلَدْتُهُ حَدَّ الْمُفْتَرِي.

ص: 294

388 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو حُمَيْدٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْحِمْصِيُّ قَالَ: نا مُعَاوِيَةُ، يَعْنِي: ابْنَ حَفْصٍ الشَّعْبِيُّ، قَالَ نا مَالِكُ بْنُ مِغْوَلٍ، عَنْ عَوْنٍ قَالَ: قَالَ: عَبْدُ اللَّهِ، يَعْنِي: ابْنَ مَسْعُودٍ: لَمَجْلِسٌ وَاحِدٌ مِنْ عُمَرَ أَوْثَقُ عِنْدِي مِنْ عَمَلِ سَنَةٍ.

ص: 295

389 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ قثنا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ الْقُرَشِيُّ قثنا ابْنُ نُمَيْرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «نِعْمَ عَبْدُ اللَّهِ أَبُو بَكْرٍ، نِعْمَ عَبْدُ اللَّهِ عُمَرُ، نِعْمَ عَبْدُ اللَّهِ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ، نِعْمَ عَبْدُ اللَّهِ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ، نِعْمَ عَبْدُ اللَّهِ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ، نِعْمَ عَبْدُ اللَّهِ ثَابِتُ بْنُ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ» ، فَذَكَرَ سِتَّةً مِنَ الْأَنْصَارِ، وَثَلَاثَةً مِنَ الْمُهَاجِرِينَ، فَحَفِظْتُ الثَّلَاثَةَ مِنَ الْأَنْصَارِ وَذَهَبَ مِنِّي ثَلَاثَةٌ.

ص: 295

390 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ قثنا عَمْرُو بْنُ مُحَمَّدٍ، يَعْنِي: الْعَنْقَزِيُّ، قثنا يُونُسُ، يَعْنِي: ابْنَ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ قَالَ: إِنِّي لَأَرَى هَلَاكَ عُمَرَ هَدَمَ ثُلُثَ الْإِسْلَامِ.

ص: 295

391 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَهُوَ الْقُرَشِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ قثنا عَاصِمٌ، عَنِ الْمُسَيَّبِ بْنِ رَافِعٍ قَالَ: سَارَ إِلَيْنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ سَبْعًا مِنَ الْمَدِينَةِ، فَصَعَدَ الْمِنْبَرَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: إِنَّ غُلَامَ الْمُغِيرَةِ، أَبَا لُؤْلُؤَةَ، قَتَلَ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عُمَرَ، قَالَ: فَضَجَّ النَّاسُ وَصَاحُوا وَاشْتَدَّ بُكَاؤُهُمْ، قَالَ: ثُمَّ قَالَ: إِنَّا اجْتَمَعْنَا أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم فَأَمَّرْنَا عَلَيْنَا عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ، وَلَمْ نَأْلُ خَيْرَنَا ذَا فُوقٍ

ص: 296

392 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ قثنا أَبُو هِشَامٍ مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ الرِّفَاعِيُّ قثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، عَنْ قُرَّةَ بْنِ خَالِدٍ، عَنْ أَبِي نَهِيكٍ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: أَبُو نَهِيكٍ اسْمُهُ الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ قَالَ حِينَ حُصِرَ عُثْمَانُ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قُبِضَ فَنَظَرَ الْمُسْلِمُونَ خَيْرَهُمْ فَاسْتَخْلَفُوهُ، وَهُوَ أَبُو بَكْرٍ، فَلَمَّا قُبِضَ أَبُو بَكْرٍ نَظَرَ الْمُسْلِمُونَ خَيْرَهُمْ فَاسْتَخْلَفُوهُ، وَهُوَ عُمَرُ، فَلَمَّا قُبِضَ عُمَرُ نَظَرَ الْمُسْلِمُونَ خَيْرَهُمْ فَاسْتَخْلَفُوهُ، وَهُوَ عُثْمَانُ، فَإِنْ قَتَلْتُمُوهُ فَهَاتُوا خَيْرًا مِنْهُ.

ص: 297

393 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنِي مُعَاذُ بْنُ الْمُثَنَّى بْنِ مُعَاذِ بْنِ مُعَاذٍ الْعَنْبَرِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي سَوَّارُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْعَنْبَرِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ، عَنْ أَخِيهِ الْمُثَنَّى بْنِ مُعَاذٍ قَالَ: حَدَّثَنِي حَيَّانُ النَّحْوِيُّ قَالَ: كَانَ لِي جَلِيسٌ يَذْكُرُ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ، فَأَنْهَاهُ فَيُغْرِي، فَأَقُومُ عَنْهُ، فَذَكَرَهُمَا يَوْمًا فَقُمْتُ عَنْهُ مُغْضَبًا، وَاغْتَمَمْتُ بِمَا سَمِعْتُ إِذْ لَمْ أَرُدَّ عَلَيْهِ الَّذِي يَنْبَغِي، فَنِمْتُ فَرَأَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فِي مَنَامِي كَأَنَّهُ أَقْبَلَ وَمَعَهُ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ لِي جَلِيسًا يُؤْذِينِي فِي هَذَيْنِ، فَأَنْهَاهُ فَيُغْرِي يَزْدَادُ، فَالْتَفَتَ صلى الله عليه وسلم إِلَى رَجُلٍ قَرِيبٍ مِنْهُ فَقَالَ:«اذْهَبْ إِلَيْهِ فَاذْبَحْهُ» ، قَالَ: فَذَهَبَ الرَّجُلُ، وَأَصْبَحْتُ فَقُلْتُ: إِنَّهَا لَرُؤْيَا، لَوْ أَتَيْتُهُ فَأَخْبَرْتُهُ لَعَلَّهُ يَنْتَهِي، فَمَضَيْتُ أُرِيدُهُ، فَلَمَّا صِرْتُ قَرِيبًا مِنْ بَابِهِ إِذَا الصُّرَاخُ وَإِذَا بَوَارِيُّ مُلْقَاةٌ، فَقُلْتُ: مَا هَذَا؟ قَالُوا: فُلَانٌ طَرَقَتْهُ الذَّبْحَةُ فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ.

ص: 298

394 -

نا عَبْدُ اللَّهِ حَدَّثَنِي مُعَاذُ بْنُ الْمُثَنَّى قثنا الْحُسَيْنُ بْنُ الْأَسْوَدِ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ السَّمَّانُ قَالَ: سَمِعْتُ رِضْوَانَ السَّمَّانَ قَالَ: كَانَ لِي جَارٌ فِي مَنْزِلِي وَسُوقِي وَكَانَ يَشْتِمُ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ، قَالَ: حَتَّى كَثُرَ الْكَلَامُ بَيْنِي وَبَيْنَهُ، حَتَّى إِذَا كَانَ ذَاتَ يَوْمٍ شَتَمَهُمَا وَأَنَا حَاضِرٌ، فَوَقَعَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ كَلَامٌ كَثِيرٌ حَتَّى تَنَاوَلَنِي وَتَنَاوَلْتُهُ، قَالَ: فَانْصَرَفْتُ إِلَى مَنْزِلِي وَأَنَا مَغْمُومٌ حَزِينٌ أَلُومُ نَفْسِي، قَالَ: فَنِمْتُ وَتَرَكْتُ الْعِشَاءَ مِنَ الْغَمِّ، قَالَ: فَرَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي مَنَامِي مِنْ لَيْلَتِي، فَقُلْتُ لَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فُلَانٌ جَارِي فِي مَنْزِلِي وَفِي سُوقِي وَهُوَ يَسُبُّ أَصْحَابَكَ، فَقَالَ:«مَنْ أَصْحَابِي؟» فَقُلْتُ: أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«خُذْ هَذِهِ الْمُدْيَةَ فَاذْبَحْهُ بِهَا» ، قَالَ: فَأَخَذْتُهُ فَأَضْجَعْتُهُ فَذَبَحْتُهُ، قَالَ: فَرَأَيْتُ كَأَنَّ يَدَيَّ قَدْ أَصَابَهَا مِنْ دَمِهِ، فَأَلْقَيْتُ الْمُدْيَةَ وَضَرَبْتُ بِيَدِيَّ إِلَى الْأَرْضِ فَمَسَحْتُهَا بِالْأَرْضِ، فَانْتَبَهْتُ وَأَنَا أَسْمَعُ الصُّرَاخَ مِنْ نَحْوِ الدَّارِ، فَقُلْتُ لِلْخَادِمِ: انْظُرْ مَا هَذَا الصُّرَاخُ؟ فَقَالَ: فُلَانٌ مَاتَ فَجْأَةً، فَلَمَّا أَصْبَحْنَا نَظَرْنَا إِلَى حَلْقِهِ فَإِذَا فِيهِ خَطُّ مَوْضِعِ الذَّبْحِ.

ص: 299

395 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ قثنا مُصْعَبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُصْعَبٍ الزُّبَيْرِيُّ قثنا ابْنُ أَبِي حَازِمٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ بْنِ عُثْمَانَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ اللَّهَ عز وجل جَعَلَ الْحَقَّ عَلَى لِسَانِ عُمَرَ وَقَلْبِهِ» .

ص: 299