المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

فضل أبي بكر الصِّديق رضي الله عنه تأليف شيخ الإسلام أحمد بن - فضل أبي بكر الصديق رضي الله عنه - جـ ١٣

[ابن تيمية]

الفصل: فضل أبي بكر الصِّديق رضي الله عنه تأليف شيخ الإسلام أحمد بن

فضل أبي بكر الصِّديق رضي الله عنه

تأليف

شيخ الإسلام أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية النميري

المتوفى سنة 728هـ

تحقيق

د. عبد العزيز بن محمد الفريح

الأستاذ المساعد في كلية الحديث

الجامعة الإسلامية

‌ملخص البحث

الحمد لله والصلاة والسلام على محمد بن عبد الله، أما بعد

فقد تحدث شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في هذه الرسالة عن فضل أبي بكر الصديق وفضل علي رضي الله عنهما، وملخصها كما يلي:

- إن هناك فرقا بين "الخصائص" التي لم يشارك فيها أحدهما الآخر، كثبوت الخلة لأبي بكر رضي الله عنه لو كان للنبي صلى الله عليه وسلم خليل، وكذلك أمره صلى الله عليه وسلم لأبي بكر رضي الله عنه أن يصلي بالناس مدة مرضه، من خصائصه التي لم يشركه فيها أحد.

وكذلك تأميره له من المدينة على الحج إقامة للسنة ومحواً لأثر الجاهلية هو بين المناقب والفضائل التي هي مشتركة بينه وبين غيره.

ص: 1219

وكقوله صلى الله عليه وسلم في علي بن أبي طالب رضي الله عنه ((أنت مني وأنا منك)) ، وهذه العبارة قد قالها صلى الله عليه وسلم أيضا لجليبيب رضي الله عنه الذي قتل عدة من الكفار:((هذا مني وأنه منه)) ، وكذلك قال صلى الله عليه وسلم للأشعريين:((هم مني وأنا منهم)) .

- لم يرد في حديث صحيح خصيصة لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه امتاز بها على أبي بكر الصديق رضي الله عنه وكل ما ورد فيه إما صحيح غير صريح أو صريح غير صحيح.

- وردت أحاديث صحيحة في مناقب علي رضي الله عنه ومنها:-

1-

((أنت مني وأنا منك)) .

2-

((أنت مني بمنزلة هارون من موسى)) .

3-

((لأعطين الراية غدا رجلا يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله)) .

فهذه الأحاديث صحيحة صريحة في فضله رضي الله عنه لكنها لا تدل على أنه أفضل الخلق؛ فإنه ثبتت مثل هذه العبارة والفضائل لغيره من الصحابة سواه رضي الله عنهم أجمعين.

وقد وردت أحاديث كثيرة في فضائل أبي بكر رضي الله عنه ومنها ما امتاز بها على غيره وهي كثيرة، مما يدل على أنه أفضل هذه الأمة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم.

هذا - وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، اللهم صلِّ عليه وعلى صحبه الهداة المهتدين وعلى من تبعهم بإحسان إلى يوم الدِّين.

أما بعد:

ص: 1220

فإن الله جلَّ ثناؤه وتباركت أسماؤه قد أرسل محمداً صلى الله عليه وسلم رحمة للعالمين ليخرجهم من الظلمات إلى النور، ومن الكفر والشرك إلى الإيمان والتوحيد فاستجاب له وآمن به قوم أشرق نور الإيمان في قلوبهم، فانجلت عنها ظلمة الشرك، فأبصروا الحق الذي دعاهم إليه.

فما زال النبي صلى الله عليه وسلم يغذيهم بالقرآن والحكمة، ويزكيهم بالعمل حتى صار هذا الدين أعظم ما يكون في قلوبهم، وصار الرسول صلى الله عليه وسلم أحبّ إليهم من آبائهم وأبنائهم وأموالهم بل وأنفسهم، فناصروه في دعوته وتحملوا معه في سبيل الله أقصى ما يمكن أن يتحمله بشر - غير الأنبياء - من أجل العقيدة، ذلك الجيل الربّاني الذي آمن بالنبي صلى الله عليه وسلم وآزره ونصره هم صحابته الكرام الذين اختصهم الله وشرفهم بصحبة نبيه وإقامة شرعه.

كان مجتمعهم طرازا فريدا، ونسيجا وحيدا، هو أفضل المجتمعات وخيرها.

شهد لهم النبي صلى الله عليه وسلم بأنهم خير القرون حيث قال: ((بُعثتُ من خير قُرُون بني آدم، قَرْناً فقرْناً، حتى كنت من القرن الذي كنت فيه)) (1) .

وقال صلى الله عليه وسلم: ((خير الناس قرني، ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم، ثم يجيء قوم تسبِقُ شهادةُ أحدِهِم يمينه، ويَمينُه شَهادتَه)) (2) .

وأفضل هذا المجتمع الفريد، الذين هم أفضل أتباع الأنبياء أبو بكر الصديق رضي الله عنه.

فقد أخرج البخاري من حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: كنّا نُخيِّر بين الناس في زمن النبي صلى الله عليه وسلم فنُخَيِّر أبا بكر، ثم عُمرَ بن الخطاب، ثُمّ عُثمان ابن عفَّان رضي الله عنهم (3) .

(1) البخاري: الصحيح، كتاب المناقب 3/1305 رقم 3364.

(2)

البخاري: الصحيح، كتاب فضائل الصحابة 3/1335 رقم 3451.

(3)

البخاري: الصحيح، كتاب فضائل الصحابة 3/1337 رقم 3455.

ص: 1221