المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌لقد جازاها الله تعالى جزاء أعدائه - قاطع الأفراح ومزهق الأرواح الموت

[أزهري أحمد محمود]

الفصل: ‌لقد جازاها الله تعالى جزاء أعدائه

قال: فيصعدون بها فلا يمرون على ملأ من الملائكة إلا قالوا: ما هذا الروح الطيب؟ ! فيقولون: فلان بن فلان بأحسن أسمائه التي كانوا يسمُّونه بها في الدنيا، حتى ينتهوا بها إلى السماء الدنيا، فيستفتحون له فيفتح لهم، فيشيعه من كل سماء مقربوها إلى السماء التي تليها! حتى يُنتهى به إلى السماء السابعة.

فيقول الله عز وجل: اكتبوا كتاب عبدي في عليين، وأعيدوه إلى الأرض فإني منها خلقتهم، وفيها أعيدهم، ومنها أخرجهم تارةً أخرى». [رواه أحمد وغيره].

أخي: أرأيت كيف سعدت تلك الأنفس الزكية بلقاء بارئها تعالى؟ ! فما أسعدها من أرواح عاملت ربها تعالى في الدنيا بالصدق والإخلاص؛ فلقَّاها جزاء الصادقين .. وألبسها رداء الصديقين .. ولمثل هذا فليعمل العاملون.؟

ثم أخي أما بلغَكَ خبر تلك الأرواح التي تنكَّرت لخالقها تعالى! فكفرت بعبوديته تعالى؟ ! فما هي قصتها يا تُرى؟ !

‌لقد جازاها الله تعالى جزاء أعدائه

! الذين أعدَّ لهم من العذاب والنكال ما تتفطَّر لذكره الأفئدة!

فها هو نبينا الصادق صلى الله عليه وسلم يخبرنا عن تلك الأنفس الخبيثة التي لم تقم بوظيفة العبودية لله تعالى!

قال صلى الله عليه وسلم: «وإنَّ العبد الكافر إذا كان في انقطاع من الدنيا وإقبال من الآخرة، نزل إليه من السماء ملائكة سود الوجوه! معهم المُسُوح! فيجلسون منه مد البصر، ثم يجيء ملك الموت

ص: 11

حتى يجلس عند رأسه فيقول: أيتها النفس الخبيثة اخرجي إلى سخط من الله وغضب!

قال: فتفرق في جسده! فينتزعها كما يُنْتَزع السَّفُّود (حديدة يُشوى بها اللحم) من الصوف المبلول! فيأخذها، فإذا أخذها لم يدعوها في يده طرفة عين حتى يجعلوها في تلك المسوح، ويخرج منها كأنتن ريح جيفة وُجدَت على وجه ألأرض! فيصعدون بها فلا يمرُّون بها على ملأ من الملائكة إلا قالوا: ما هذا الروح الخبيث؟ ! فيقولون: فلان بن فلان بأقبح أسمائه التي كان يُسَمى بها في الدنيا! حتى يُنْتَهى به إلى السماء الدنيا فَيُسْتَفتَح له فلا يُفْتَح له!

ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم: {لَا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ} [الأعراف: 40].

فيقول الله عز وجل: اكتبوا كتابه في سِجِّين في الأرض السُّفْلى! فتُطْرحِ روحه طَرْحًا!

ثم قرأ: {وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ} [الحج: 31] رواه أحمد وغيره.

أخي: أرأيت كيف هو مصير أهل الخواتم الرَّديَّة؟ ! أعاذني الله وإيَّاك من الخواتم السيئة ..

أخي .. ما أشقى من أُغلقت دونه أبواب السَّماوات! وما أهلَكَ من استقبلت روحه ملائكة العذاب! {وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ

ص: 12

فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلَائِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنْتُمْ عَنْ آَيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ} [الأنعام: 93].

أخي المسلم: إنها منزلتان بعد الموت! لا ثالث لهما: إما أن تأتيك ملائكة الله تزُفُّ لك البشرى برضوان الله تعالى؛ وأنت يومها السَّعيد فزتَ وأفلحتَ .. وإما أن تأتيك ملائكة سود الوجوه تبشِّرك بسخط الله تعالى وسوء الخاتمة! فما أشقاك! وما أعظم خسراتك!

الموتُ بابٌ وكلُّ النَّاس داخلُهُ

يا ليت شعري بعد الباب ما الدارُ

الدَّارُ جنَّة خُلْدٍ إنْ عَمِلْتَ بمَا

يُرضي الإلَهَ وإنْ قَصَّرتَ فالنَّارُ

أخي: ألا دموع تذرفها؟ ! ألا زفرات تنفثها؟ ! ألا توجعات من بين الضلوع تخرجها؟ !

حقًا! قست القلوب! ورانَ عليها غطاء الذنوب!

نودِّعُ الأموات .. والقلوب أموات!

نودِّع الأموات .. ولا عبرة ولا عظَات!

نودِّعُ الأموات .. ولا سؤال: أين القرار في النِّيران أو الجنَّات؟ !

نودِّعُ الأموات .. وها نحن قبل الممات أموات!

وكَمْ من صحيح باتَ للموتِ آمِنًا

أَتَتْهُ المنَايَا بغَتةً بعدَمَا هَجَعْ

ص: 13