المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ما جاء في الفرار من الزحف والانحياز إلى الفئة وحمل الواحد على الجماعة - قدوة الغازي

[ابن أبي زمنين]

فهرس الكتاب

- ‌بَابٌ مِنَ التَّرْغِيبِ فِي الْغَزْوِ وَفَضَائِلِ أَهْلِهِ:

- ‌بَابُ النِّيَّةِ فِي الْغَزْوِ

- ‌بَابُ مَنْ يَنْبَغِي لِلْغَازِي أَنْ يَلْتَزِمَهُ مِنْ مَحَاسِنِ الأَخْلاقِ

- ‌مَا جَاءَ فِيمَا أُعْطِيَ الْغَازِي بِمَسْأَلَةٍ أَوْ بِغَيْرِ مَسْأَلَةٍ:

- ‌مَا جَاءَ فِي ارْتِبَاطِ الْخَيْلِ وَالْغَزْوِ عَلَيْهَا

- ‌مَا جَاءَ فِي الإِنْفَاقِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالتَّقْوِيَةِ:

- ‌مَا جَاءَ فِي الرَّمْيِ وَاتِّخَاذِ الْعُدَّةِ وَالسِّلاحِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ

- ‌مَا يُؤْمَرُ بِهِ الْغُزَاةُ وَمَا يُنْهَوْنَ عَنْهُ:

- ‌مَا جَاءَ فِي رَمْيِ الْعَدُوِّ بِالنَّارِ وَالْمَجَانِيقِ وَقَطْعِ الْمَاءِ وَالْمَيْرِ عَنْهُمْ

- ‌مَا جَاءَ فِي مَنْ غَلَّ فِي سَبِيلِ اللَّهِ:

- ‌مَا جَاءَ فِي فَضِيلَةِ الْحَارِسِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا يُسْتَحَبُّ مِنَ التَّكْبِيرِ

- ‌مَا جَاءَ مِنَ الثَّوَابِ فِي الصَّلاةِ وَالصِّيَامِ وَالذِّكْرِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ

- ‌مَا يُسْتَحَبُّ مِنَ الْقَوْلِ عِنْدَ الْخُرُوجِ وَعِنْدَ النُّزُولِ وَعِنْدَ دُخُولِ الْقُرَى

- ‌النَّهْيُ عَنِ الْقِتَالِ عَلَى الشَّيْءِ يَجْعَلُهُ الإِمَامُ:

- ‌مَا جَاءَ فِي الْفِرَارِ مِنَ الزَّحْفِ وَالانْحِيَازِ إِلَى الْفِئَةِ وَحَمْلِ الْوَاحِدِ عَلَى الْجَمَاعَةِ

- ‌مَا يَجُوزُ فِي مَا أُصِيبَ مِنْ طَعَامِ الْعَدُوِّ وَمَا لا يَجُوزُ

- ‌مَا يَجُوزُ مِنْ رُكُوبِ دَوَابِّ الْغَنِيمَةِ وَالانْتِفَاعِ بِثِيَابِهِمْ وَسِلاحِهِمْ وَمَا لا يَجُوزُ

- ‌وَمَا يَجُوزُ حَمْلُهُ مِنْ أَرْضِ الْعَدُوِّ وَلا يَدْخُلُ فِي الْمَقَاسِمِ وَمَا لا يَجُوزُ

- ‌مَا يَجُوزُ لِلْغُزَاةِ أَكْلُهُ مِنْ ثَمَرِ الْقُرَى الْخَالِيَةِ وَمَا لا يَجُوزُ

- ‌مَا يُكْرَهُ مِنَ الْوَحْدَةِ فِي السَّفَرِ وَيُسْتَحَبُّ مِنْ هَيْئَةِ السَّيْرِ

- ‌مَا جَاءَ فِي الْجِهَادِ مَعَ وُلاةِ السُّوءِ

- ‌مَا جَاءَ فِي فَضَائِلِ الشُّهَدَاءِ وَثَوَابِهِمْ

- ‌مَا جَاءَ فِي فَضِيلَةِ الرِّبَاطِ:

الفصل: ‌ما جاء في الفرار من الزحف والانحياز إلى الفئة وحمل الواحد على الجماعة

‌مَا جَاءَ فِي الْفِرَارِ مِنَ الزَّحْفِ وَالانْحِيَازِ إِلَى الْفِئَةِ وَحَمْلِ الْوَاحِدِ عَلَى الْجَمَاعَةِ

قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ فِي قَوْلِ اللَّهِ تبارك وتعالى.

{يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا فَلا تُوَلُّوهُمُ الأَدْبَارَ {15} وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ {16} } [الأنفال: 15-16] .

وَفِي قَوْلِهِ: {إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا} [الأنفال: 65] .

فَكَأَنَّ اللَّهَ تبارك وتعالى قَدْ أَمَرَ الْمُسْلِمِينَ فِي هَذِهِ الآيَةِ أَنْ يَصْبِرُوا لِعَشَرَةِ أَمْثَالِهِمْ، ثُمَّ نَسَخَ ذَلِكَ عز وجل وَخَفَفَّهُ رَأْفَةً وَرَحْمَةً بِعِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ ، فَقَالَ:{الآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ} [الأنفال: 66] .

فَجَعَلَ ذَلِكَ إِلَى الضِّعْفِ، وَلَمْ يَجْعَلْ لِلضِّعْفِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ سَعَةً فِي التَّوْلِيَةِ وَالْفِرَارِ مِنَ الضِّعْفَيْنِ مِنْ عَدُوِّهِمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ.

قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: وَفِي تَأْوِيلِ الضِّعْفِ اخْتِلافٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ: وَفِي تَأْوِيلِ الضِّعْفِ اخْتِلافٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ: فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ وَهُوَ الأَكْثَرُ: إِنَّمَا هُوَ الضِّعْفُ فِي الْعَدَدِ وَلَيْسَ فِي الْقُوَّةِ وَالْجَلَدِ، وَلا يَحِلُّ لِلرَّجُلِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ أَنْ يَفِرَّ مِنَ الرَّجُلَيْنِ، وَلا لِلْمِائَةِ أَنْ تَفِرَّ مِنَ الْمِائَتَيْنِ وَإِنْ كَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ سِلاحًا وَأَظْهَرَ جَلَدًا وَقُوَّةً، إِلا أَنْ يَكُونُوا فِي أَرْضِ الْعَدُوِّ وَبِمَوْضِعِ مَادَّتِهِمْ وَبُعْدٍ مِنْ مَادَّةِ الْمُسْلِمِينَ، فَهُمْ يَخَافُونَ اسْتِجَاشَةَ الْعَدُوِّ وَتَكَاثُرِهِمْ عَلَيْهِ، فَلَهُمْ عِنْدَ ذَلِكَ فِي الانْحِيَازِ عَنْهُمْ وَالتَّوْلِيَةِ مِنْهُمْ سَعَةٌ.

وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: لَيْسَ الضِّعْفُ فِي الْعَدَدِ، وَإِنَّمَا هُوَ فِي الْقُوَّةِ وَالْجَلَدِ، فَلَوْ أَنَّ مِائَةً مِنَ الْمُسْلِمِينَ فِي قُوَّةٍ وَجَلَدٍ لَقُوا الثَّلاثَ مِائَةٍ، وَالْخَمْسَ مِائَةٍ، وَأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ لَيْسُوا مِثْلَهُمْ فِي قُوَّتِهِمْ وَجَلَدِهِمْ وَشَدِّ سِلاحِهِمْ، مَا حَلَّ لَهُمُ الانْحِيَازُ مِنْهُمْ، وَلا التَّوْلِيَةُ عَنْهُمْ، إِذَا كَانَتْ لَهُمْ بِمِثْلِهِمْ قُوَّةٌ وَاسْتِضْلاعٌ.

وَلَوْ أَنَّ مِائَةً مِنَ الْمُسْلِمِينَ فِي ضَعْفٍ مِنْ أَبْدَانِهِمْ وَمِنْ دَوَابِّهِمْ وَمِنْ سِلاحِهِمْ لَقُوا أَقَلَّ مِنَ الْمِائَتَيْنِ مِنَ الْمُشْرِكِينَ أَظْهَرَ مِنْهُمْ قُوَّةً وَجَلَدًا وَأَشَدَّ سِلاحًا وَأَقْوَى خَيْلا بِالأَمْرِ الْبَائِنِ الظَّاهِرِ الْمُجَاوِزِ لِلضِّعْفِ، كَانُوا فِي سَعَةٍ مِنَ الانْحِيَازِ عَنْهُمْ وَالتَّوْلِيَةِ مِنْهُمْ، فَإِنَّمَا الضِّعْفُ فِي الْقُوَّةِ وَالْجَلَدِ وَلَيْسَ فِي الْعَدَدِ.

قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: وَلا بَأْسَ أَنْ يَحْمِلَ الرَّجُلُ وَحْدَهُ عَلَى الْكَتِيبَةِ وَعَلَى الْجَيْشِ إِذَا كَانَ ذَلِكَ مِنْهُ للَّهِ، وَكَانَتْ فِيهِ شَجَاعَةٌ وَجَلَدٌ وَقُوَّةٌ عَلَى ذَلِكَ، وَذَلِكَ حَسَنٌ جَمِيلٌ، لَمْ يُكْرِهْهُ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَلَيْسَ ذَلِكَ مِنَ التَّهْلُكَةِ، وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ مِنْهُ لِلْفَخْرِ وَالذِّكْرِ فَلا يَفْعَلْ وَإِنْ كَانَتْ بِهِ عَلَيْهِ قُوَّةٌ، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ بِهِ عَلَيْهِ قُوَّةٌ فَلا يَفْعَلْ وَإِنْ أَرَادَ بِهِ اللَّهَ لأَنَّهُ حِينَئِذٍ يُلْقِي بِيَدِهِ إِلَى التَّهْلُكَةِ.

ص: 16