الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
-[ص:
باب العدد
مفسر ما بين عشرة ومئة واحد منصوب على التمييز ويضاف غيره الى
مفسره مجموعا مع ما بين اثنين وأحد عشر ما لم يكن مئة فيفرد غالبا ،ومفردا
مع مئة فصاعدا وقد يجمع معها وقد يفرد تمييزا وربما قيل: عشرو درهم
وأربعو ثوبه، وخمسة أثوابا ، ونحو ذلك ولا يفسر واحد واثنان و "ثنتا حنظل"
ضرورة]-
ش: مناسبة هذا الباب لما قبل هى أن بعض ما ينتصب عن تمام الاسم
يكون تفسيرا لعدد فناسب ذكره بعقب باب التمييز ،وانجر معه ذكر أحكام العدد.
و"ما بين عشرة ومئة" يشمل احد عشر واحدى عشرة، وتسعة وتسعين
وما بينهما فتفسير هذا كما ذكر بواحد منصوب ،قال تعالى
"انى رأيت أحد عشر كوكبا"، فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا" ، وواعدنا
موسى ثلاثين ليلة" ،"واختار موسى قومه سبعين رجلا" ويتعين كونه واحدا
عند جمهور النحويين فلا يجيزون فى التمييز المنصوب بعد العدد الجمع.
وذهب الفراء الى أن ذلك جائز فتقول: عندى أحد عشر رجالا، وقام
ثلاثون رجالا ويمكن أن يستدل له بقوله تعالى (وقطعناهم اثنتى عشرة أسباطا)
فظاهر قوله (أسباطا) أنه تمييز وهو جمع وعلى ذلك حمله
الزمخشري قال: فان قلت: مميز ما عدا العشرة مفرد فما وجه مجيئه مجموعا"؟
وأجاب بان الرد: وقطعناهم اثنتى عشرة قبيلة وأن كل قبيلة أسباط لا سبط
فأوقع أسباط موقع قبيلة كما قال:
..................................... بين رماحىمالك ونهشل
قال المصنف فى الشرح:"فمقتضى ما ذهب اليه أن يقال: رأيت احدى
عشرة أنعاما اذا أريد احدى عشرةجماعة كل واحدة منها أنعام ولا بأس
برأيهلو ساعد استعمال لك قوله (كل قبيلة أسباط لا سبط) مخالف لما يقوله
أهل اللغة: ان السبط فى بنى اسرائيل بمنزلة القبيلة فى العرب فعلى هذا معنى
قطعناهم اثنتى عشرة أسباطا: قطعناهم اثنتى عشرة قبائل فأسباط واقع موقع قبائل
لا موقع قبيلة فلا يصح كونه تمييزا وانما هو بدل والتمييز محذوف" انتهى
وام يبين المحذوف وتقديره اثنتى عشرة فرقة ولا بين ما يكون بدلا منه
ولا يجوز أن يكون بدلا من المحذوف لأن العامل فيه اذ ذاك يكون هو العامل فى
المبدل منه أو تكريره فيلزم ما فررنا منه وانما هو بدل من اثنتى عشرة اى:
وقطعناهم أسباطا أى: قبائل
قال المصنف فى الشرح:"وأجاز بعض العلماء أن يقول القائل: عندى
عشرون دراهم لعشرين، رجلا قاصدا أن لكل منهم عشرين درهما" قال المصنف
قى الشرح: "وهذا اذا دعت الحاجة اليه فاستعماله حسن وان لم تستعمله
العرب لانه استعمال لا يفهم معناه بغيره" انتهى
وكيف يكون استعماله حسنا ولم تستعمله العرب؟
وقوله "انه يفيد ذلك معنى أن لكل واحد عشرين دررهما "منازع فيه؛ لأن
المفرد فى عشرين درهما واقع موقع الجمع فكم أن هذا المفرد لا يدل على ذلك
المعنى فكذلك هذا الجمع لا يفيده بل لو صرح فيه بالتركيب العربى الذىلا
خلاف فى جوازه وهو أن تقول عندى دراهم عشرون او: عندى عشرون من
الدراهم لعشرون رجلا -لم يفد ذلك أن عنده لكل رجل عشرين درهما
قال المصنف فى الشرح " ان وقع موقع تمييز شئ منها جمع فهو حال أو تابع
ك (بنى مخاض) فى قول ابن مسعود) قضى رسول الله - فى دية الخطأ
عشرين بنت مخاض وعشرين بنى مخاض وعشرين ابنة لبون وعشرين
حقة وعشرين جذعة) ف (بنى مخاض) نعت أو حال انتهى. ويعنى أنه نعت
لعشرن او حال منها ويكون التمييز محذوفا أى: وعشرين جملا بنى مخاض
وهذا اذا صح أن بنى مخاض من كلام ابن مسعود وكثيرا ما يقع اللحن فى
الحديث؛ لأن كثيرا من رواتبه يكونو لحانين وعجما.
ولا يجوز الفصل بين التمييز والعدد الا فى ضرورة نحو قوله:
فى خمس عشرة من جمادى ليلة
…
لا أستطيع على الفراش رقادى
وقال الاخر
على أننى بعد ما قد مضى
…
ثلاثون للهجر حولا كميلا
وقال اخر:
.....................
…
وعشرون منها اصبعا من ورائيا
فرع: ذكره فى البسيط: اذا أتيت بنعت مفرد جاز فيه الحمل على المفسر
كالصفة نحو: عندى عشرون رجلا صالحا وعشرون درهما وازنا على اللفظ
ووازنة على المعنى ووزن سبعة على المصدر
وما صح منها أن يكون للعدد جار عليه نحو: عندى عشرون درهما وزن سبعة وان شئت رفعت على عشرون.
وان كان جمعا: فان كان سالما فلا يكون الا على العدد نحو: عندى
عشرون رجلا صالحون وان كام منكسرا جاز أن يكون للعدد وللتمييز نحو:
عندى عشرون رجلا كراماً، وقال:
فيها اثنتان وأربعون حلوبة
…
سواد كحافية الغراب الأسحم
وقوله ويضاف غيره- أى غير مفسر ما ذكر- الى مفسره مجموعا مع ما
بين اثنين وأحد عشر مثال ذلك: ثلاثة أثواب وثلاث ليل وعشرة أشهر وعشر
سنين وكذا ما بينهما وتخصيصه ما ذكر بقوله "مجموعا"يدل على أنه يفرد مع
غيره نحو: ألف درهم ومئة رجل وشذما حكى أبو زيد: شربت ثلاثة مد
البصرة قال: أوقعو الواحد موقع الجمع
وقوله ما لم يكن مئة أى: ما لم يكن المفسر للعدد مة فيفرد غالبا فتقول:
ثلاثمئة وذلك بخلاف الألف فانه يجمع فتقول: ثلاثة الاف قال المصنف فى
الشرح:"والقياس يقتضى أن يقال ثلاث مئات أو مئتين كما يقال:
ثلاثة الاف الا ان العرب لا تجمع المئة اذا أضيف اليها عدد الا قليلا كقول الشاعر
ثلاث مئين للملوك وفى بها
…
ردائى وجلت عن وجوه الاهاتم
ومن أجل هذا الوارد بجمع قلت فيفرد غالبا" انتهى
وقال الاخر أنشده المبرد فى المقتضب:
ثلاث مئين قد مررن كواملا
…
وها أنا هذا أرتجى مر أربع
وقال الاخر:
ثلاثة آلاف ونحن نصية
…
ثلاث مئين ان كثرنا وأربع
وقال الاخر:
بخمس مئين من دراهم عوضت
…
من العنز ما جادت به كف حاتم
وما ذكره من أن القياس مت ذكر هو قول أبى على فى "الايضاح"قال:
"وهكذا كان القياس فى ثلاثمئة وأربعمئة أتبين بالجمع فيقال: مئات أو مئين
ولكنه مما استغنى فيه بلفظ الواحد عن الجميع" انتهى
وكذا قال س قال "وأما تسعمئة وثلاثمئة فكان ينبغى أن تكون فى القياس
مئين ومئات ولكنهم شبهوه بعشرين واحد عشر حين جعلوا ما بين به
العد واحدا؛ لأنه اسم لعدد وليس بمستنكر فى كلامهم أن يكون اللفظ واحدا
والمعنى جميع " انتهى
قال بعض أصحابنا: انما استغنى بلفظ الواحد عن الجميع فى ثلاثمئة الى
تسعمائة لينبهو بذلك على ان الاصل فى الاعداد أن تكون مينة بمفرد
وذكر الفارسى فى "الشيرازيات" أن الاصل فى الاسماء التى تبين العدد ان
تكون مفردة وذلك أن المعدود قد علم قدره بذكر العدد فانما يحتاج الى ما
يبين جنسه والواحد يكفى فى ذلك ولفظه اخف من الجمع فكان التبيين به
اولى وعلى ذلك جاء الاستعمال فى ضروب العدد الا ما كان الثلاثة الى
العشرة فإنه يبين بالجموع الموضوعة لاقل العدد وسبب ذلك مشابهتها للأحاد
من جهة تكسيرها الأحاد وتحقيرها على لفظها كما تحقر الأحاد فتقول
فى تصغير صبية صبية ،وفى تصغير أوطب وأبيات وأسقية: أويطب وأبيات
وأسيقية ، وتقول فى تكسيرها اواطب وأبابيتوأساق وليس تكسير جموع الكثرة
فى الحسن كتكسير جموع القلة ومن جهة أنها توصف بها الاحاد نحو برمة
أعشار وحبل أقطاع ،وثوب أخلاق. ومن جهة عودة الضمير المفرد المذكر
عليها نحو قوله تعالى (وان لكم فى الانعام لعبرة نسقيكم مما فى بطونه) ومما حسن
تبيينها بها مناسبتها لها فى القلة ومما يبين لك أن الاصل فى الاعداد من الثلاثة الى
العشرة التبيين بالمفرد أنهم قد بينوا ضربا منها به وذلك قولهم ثلاثمئة واربعمئة الى
الالف وجاء الاستعمال به فى حال السعة والاختيار وقلهم ثلاث مئين ومئات
شاذ فى القياس
وانما يجئ فى الشعر نحو قوله وأنشد البيتين اللذين تقدم ذكرهما
ثم قال: فأما ضافة الثلاثة وأخواتها الى صيغ جمع الكثرة نحو قولهم ثلاثة
شسوع وقوله تعالى (ثلاثة قروء) -فقليل وغير مقيس ومع ذلك فإنهم
رفضو العدد القليل من شسوع فلم يقولو اشساع واستغنو بلفظ الكثير عن ذلك
انتهى كلام الفارسى فى الشيرازيات
فعلى هذا قوله فى "الايضاح"وقول س ان القياس فى ثلاثمائة واربعمئة أن
تبين بالجمع مخالف لما ذكر فى "الشيرازيات" من أن الاصل فى ذلك أن تكون مفردة
والجمع بين القولين ان لنا قياسين:
احمدهما اصل: وهو ان اصل التمييز فى العدد ان يكون واحدا
والثانى: انهم حين خالفو هذا الاصل فاضافو فى ثلاثة وتسعة وما بنهما
الى جمع- صار هذا اصلا ثانيا فلما اضافو ذلك الى مئة كان القياس فيها ان
تجمع فترك هذا القياس واضيف ذلك الى لفظ المئة مفردة
وزعم الفراء ان السبب فى افراد مئة فى العدد نحو ثلاثمئة الى تسعمئة أن
العدد لما كان عقده من غير لفظ لعشرة فلم يقولو عشر مئة بل قالو الف
الحق بباب عشرين وثلاثين حين خالف كل عقد منها ولم يعشر بلفظ العشرة الا
برى انك تقول: تسع وعشرون ثم تقول ثلاثون وتقول تسع وثلاثون ثم
تقول: أربعون فجرت المئى لذلك فى توحيدها مجرى الرهم واشباهه بعد
عشرين وخمسين واشباهها وحكى ان بعض العرب يقول: عشر مئة فيجعل
العقد من لفظ العشرة وأنشد فى ذلك:
يوم يشد الغنوى أربه
…
بعقد عشر مئة لن تتعبه
قال:"وأهل هذه اللغة يقولون: ثلاث مئين وأربع مئين" انتهى
وفي كتاب الصفار عن الفراء "لا يقول ثلاث مئين الا من لا يقول الف
وانما يقول عشر مئين ومن يوقول الف ولا يقول عشر مئين لا يقول: ثلاث مئين"
انتهى
وقول المصنف فى الشرح"الا ان العرب لا تجمع المئة اذا اضيف اليها عدد الا قليلا"
يدل على جواز ذلك فى قليل من الكلام ويعضده ما حكيناه عن الفراء
لانه زعم ان من لغته عشر مئة يجمع فيقول ثلاث مئين فجعلها لغة كما ترى
وهو مخالف لما نص عليه أبو على فى "الايضاح" قال وربما جاء فى الشعر:
ثلاث مئات واربع مئين" وتقدم قوله فى الشيرازيات "ان قولهم ثلاث مئات ومئين شاذ فى القياس وانما يجئ فى الشعر"
ويظهر من كلام س جواز ذلك فى الكلام لانه شبه به ما يجوز فى الكلام
قال س:"ومثل ذلك فى الكلام قوله تبارك وتعالى (فان طبن لكم عن شئ منه نفسا)
وقررنا به عينا وان شئت قلت انفسا واعينا كما قلت ثلاثمائة
وثلاث مئين ومئات" انتهى
…
وهو قول بعضهم: انه يجوز فى الكلام والاكثرون
يخصون ذلك بالشعر
وتقدم فى باب التمييز علة الجر فى باب العدد فالاضافة فى ثلاثة اثواب
ومئة درهم والف درهم جاءت على الاصل وعلة النصب فى عشرين وبابه
والمركب تقدم ذكرها هناك
وقوله ومفردا مع مئة فصاعدا مثاله: مئة دينار وألف درهم.
وقوله وقد يجمع معها اى: مع المئة ومن ذلك قراءة حمزة والكسائى
(ثلاث مئة سنين) باضافة (مئة) وأجاز ذلك الفراء قال:"من العرب من
يضع السنين موضع السنة" قال بعض اصحابنا "هو جمع شاذ فى الاستعمال
خارج عن القياس ووجهه انه شبه مئة بعشرة من حيث كانت المئة تعشير
العشرات كما ان العشرة تعشير لما تضاف اليه من المعدودات" انتهى
وقال المبرد:" هو خطأ فى الكلامغير جائز وانما يجوز فى الشعر للضرورة"
وجوزه على ان تريد بالجماعة الواحد كما يكون العكس فى قوله:
كلوا فى بعض بطنكم تعفوا
…
...........................................
قيل: ويحتمل ان تكون اضافة غير محضة بتقدير من كما كان ذلك فى
خمس كلاب أى: ثلاثمائة من السنين.
وقد أجاز ابو العباس فى قولهم "عليه مئة بيضا" ان يكون بيضا تمييزا ورد
عليه الحالى من النكرة ألا ترى انه لو رفع لكان صفة للمئة والمئة مبهمة
الوصف فلذلك كان النصب حالا والرفع صفة
ومن قرأ يالتنوين فتخرج على عطف البيان او البدل قيل: ولا يجوز أن
يكون (سنين) تفسيرا لانه يلزم أن يكون أقل ما لبثوا تسعمئة سنة سوى التسع
فلا تجوز اضافة المئة الى السنين وقد قرئ به وهو ضعيف
وقوله وقد يفرد تمييزا اى: يفرد ما كان مجرورا مع مئة فينصب تمييزا
وظاهرا كلامه انه يجوز ان تقول؟ عندى مئة رجلا وعندى مئة دينارا وقال
المصنف فى الشرح:"وأشرت بقولى (وقد يفرد تمييزا) الى قول الربيع بن ضبع
الفزارى:
اذا عاش الفتى مئين عاما
…
فقد ذهب المسرة والفتاء
انتهى وانشد س:
أنعت عيرا من حمير خنزرة
…
فى كل عير مئتان كمرة
وقال ايضا:" وهو يقوى ما ذهب اليه ابن كيسان من جواز: الالف
درهما والمئة دينارا" انتهى
وقال اصحابنا: لايجوز تنوين المئة ونصبالتهمييز الا فى ضرورة وكذلك
ايضا تثنيتها فى لزوم اضافتها الى التمييز بمنزلتها نحو قولك: مائتا درهم ولا يجوز
اثبات النون ونصب التمييز الا فى ضرورة شعر وانشدوا البيتين السابقين
قالو: وإثبات النون فى مئين ونصب التمييز أحسن من اثبات التنوين فى مئة
ونصب التمييز لشبهمئين بعشرين فى ان اخرها النون كام ان اخر عشرين
كذلك
وقال س:"وقد جاء فى الشعر بعض هذا منونا " وتنشد البيتين
قال المصنف فى تاشرح:"ومثله فى رواية من نصب مئة من قول حذيفة- فقلنا
(يا رسول الله! اتخاف علينا ونحن ما بين الستمئة الى السبعمئة؟
فاجرى الالف واللم فى تصحيح نصب التمييز مجرى النون من" مئتين عامل"
لاستوائهما فى المنع الاضافة"
قال "ويروى: (ما بين الستمئة الى السبعمئة) بجر مئة، وفيه ثلاثة أوجه:
احدهما: ان يكون أراد مئات على انه بدل ثم استعمل المفرد مكان الجمع اتكالا
على فهم المعنى ، كما قيل «ان المتقين فى جنات ونهر»
والثانى ان تكون الالف واللام زائدتين فلم تمنعا من الاضافة كما تمنعا فى قول الشاعر:
تولى الضجيع اذا تنبه موهنا
…
كالاقحوان من الرشاش المستقي
الثالث أن يكون أراد: ما بين الست ست مئة ثم حذف المضاف وأبقى
عمله كقراءة بعض القراء (والله يريد الاخرة) أى عرض الاخرة
فحذف المضاف وابقى عمله"
وقوله وربما قيل عشرو درهم واربعو ثوبه وخمسة اثوابا لما كان قد
قرر أن تميز العقود مفرد منصوب وان تميز ما بين ثلاثة وأحد عشر مجموع مجرور
نبه هنا على ما خال ذلك حكى الكسائى ان من العرب من يضيف العشرين
واخواته الى المفسر منكرا ومعرفا وفى قوله "وربما" اشارة الى تقليل ذلك وانه
جائز على قلة
فاما "عشرو درهم" فهو عند اصحابنا شاذ لا تبنى على مثله قاعدة
واما "عشرو درهم" فهو عند اصحابنا شاذ لا تبنى على مثله قاعدة
واما قوله "خمسة اثوابا" فقالوا: المعدود من ثلاثة وعشرة وما بينهما اما
أن يكون جامدا أو صفة:
فان كان جامدا فالاحسن فيه الاضافة مثل: ثلاثة رجال ثم الفصل ب "من"
نحو ثلاثة من الرجال ثم النصب على التمييز نحو: ثلاثة رجالا وقد ذكره س
أن نحو ثلاثة اثواب قد ينون فى الشعر وينصب ما بعده ولم يجزه فى الكلام
وأجازه الفراء قياسا
وان كان صفة فالاحسن الاتباع نحو قولك ثلاثة صالحون ثم يليه النصب
على الحال ثم الاضافة وهو اضعفها وسبب ضعفها انها استعملت استعمال
الاسماء فى كونها تلى العوامل والصفة لا تستعمل كذلك بقياس
وقوله ولا يفسر واحد واثنان يعنى انع لا يقال: واحد رجل ولا: اثنا
رجل ولا: واحد رجال ولا: اثنان رجال لا بمفرد ولا بجمع استغنو عن ذلك
بالنص على المفرد والمثنى فقالو رجل لانه يدل على انه واحد وقالوا رجلان لانه
يدل على التثنيه فكان ذلك اخصر واجود
وقوله و "ثنتا حنظل" ضرورة يريد من قول الراجز:
كأن خصييه من التدلدل
…
ظرف عجوز فيه ثنتا حنظل
وكان القياس ان يقول: فيه حنظلتان ولكنه اضطر جمع بين العدد
والمعدود وغير مثنى ليكون للعدد فائدة ولا يضافان فى الشعر الى مثنى لا يقال:
اثنا رجلين ولا: اثنتا امراتين
وقوله ضرورة كان ينبغى أن يقول لا يضاف اثنان واثنتان الى معدود الا
فى ضرورة او فى شذوذ من الكلام فالضرورة: ثنتا حنظل والشذوذ ما حكى أبو
زيد: شربت قدحا واثننيه وشربت اثنى مد البصرة ، يريد واثنى قدح واثنىمد
ص: ولا يجمع المفسر جمع تصحيح ولا بمثال كثرة من غير باب مفاعل
ان كثر استعمال غيرهما الا قليلا ولا يسوغ ثلاثة كلاب ونحوه تأوله بثلاث من
كذا خلافا للمبرد زان كان المفسر اسم جنس أو جمع فصل ب"من" وان ندر
مضافا اليه لم يقس عليه ويغنى عن تمييز العدد إضافته إلى غيره
ش: اللفظ الذي يؤدى معنى الجمع ان كان اسم جمع او اسم جنس فسياتى
حكمه وان كان جمعا فاما أن يكون جمع تصحيح أوجمع تكسير:
ان كان جمع تصحيح فلا يضاف اليه الا اذا لم يكن لذلك المفرد جمع غير
هذا الجمع نحو قوله تعالى (سبع سموات) و (سبع بقرات) و (تسع
ءايات) او كان له جمع غير هذا الجمع لكنه جاور ما اهمل فيه هذا الجمع
نحو قوله تعالى (وسبع سنبلات خضر) لم عطف على (سبع بقرات)
وجاوره حسن فيه جمعه بالالف والتاء
وان كان له جمع تكسير فاما أن يكون نوعاه من القلة والكثرة موجودين
للاسم أو أحدهما:
فان كان لم يوجد الا أحدهما أضيف الى أحدهما نحو قوله تعالى (فى أربعة ايام)
وثلاث ارجل وتقول: عندى ثلاثة رجال وثلاثة قردة وثلاثة صردان.
وان وجدا معا فاما ان يكون الذى للكثرة من باب مفاعل أو من غيره:
إن كان من باب مفاعل أوثر على جمع التصحيح فتقول جاءنى ثلاثة
أحامد وثلاث زيانب قال تعالى (أنبتت سبع سنابل) ، (ولقد خلقنا فوقكم
سبع طرائق) (سخرها عليهم سبع ليل) ، (فكفارته اطعام عشرة مساكين)
ويجوز التصحيح على قلة فتقول: ثلاثة أحمدين وثلاث زينبات.
وان لم يكن من باب مفاعل فاما أن يكثر فيه غير التصحيح وغير جمع
الكثرة أو يقل:
ان كثر فيه غير التصحيح وغير جمع الكثرة فلا يجوز التصحيح وجمع الكثرة
الا قليلا مثال ذلك: جاءنى ثلاثة زيود وثلاث هنود وعندى ثلاث افلس، قال
تعالى (ثمانى حجج)، (يتربصن بانفسهن أربعة اشهر) ولا يجوز: ثلاثة
زيدين ولا: ثلاث هندات ولا: ثلاث فلوس الا قليلا
وان قلا فيه أوثر التصحيح وجمع الكثرة فتقول: ثلاث سعادات وثلاثة
شسوع ويجوز على قلة ثلاث سعائد وثلاثة أشسع
والذى يدل عليه كلام المصنف انه يقل جمع المفسر بالواو والنون وبالالف
والتاء وببناء جمع الكثرة من غير باب مفاعل اذا كثر استعمال جمع التكسير وجمع
القلة وانه يكثر جمع المفسر بواو ونون وبالف وتاء اذا قل استعمال جمع التكسير
او جمع القلة ،فثلاثة زيدين وثلاث هندات، وثلاث فلوس قليل لكثرة زيود وهنود
وأفلس وثلاث سعادات وثلاث شسوع كثير لقلة استعمال سعائد واشسع
وأما باب مفاعل فيدل كلام المصنف على انه مستثنى من جمع الكثرة
وان حكمه مع جمع الكثرة غيره ومع جمع القلة الترجيح بان يضاف اليه فثلاث
صحائف افصح واكثر من ثلاث صحف قال تعالى (سبع طرائق) و (سبع ليل)
و (سبع سنابل) افصح من (سبع سنبلات) وثلاثة أحامد
اكثر من ثلاثة احمدين
وقال بعض شيوخنا اضا كان للاسم جمع قلة اضيف اسم العدد اليه ولا يجوز
ان يضاف الى الكثير الا قليلا وجموع القلة لمذكر كان او مؤنث ولذلك تقول:
ثلاثة احمدين ولا يحسن ثلاثة احامد وقد نص س على ان الجمع بالالف
والتاء والواو والنون لتثليث اقل ادنى العدد الى تعشيره وهو الواحد. انتهى
ملخصا وهو مخالف لما ذكرناه وذكره المصنف فى الشرح انه حقيق بان يجئ
على مثال مفاعل من جمع التصحيح
وقال ابن عصفور وكذلك ايضا يضاف الى جموع السلامة اذا لم يكن
صفات نحو ثلاثة زيدين واربع هندات
فان قلت فقد جاء قوله تعالى (ثلاثة قروء) مخالفا لهذا الذى قررته لانه جمع كثرة؟
فالجواب: أنه ليس مخالفا لان جمع القلة فيه اقراء وهو شاذ لان الواحد قرء
بفتح القاف وجمع فعل الصحيح العين على افعال شاذ قال معناه المصنف فى
الشرح. واما غيره فزعم تنه جمع قرء بضم القاف وفعل بالضم يطرد فيه فى
القلة افعال فجاء هذا بجمع الكثرة على سبيل الاستغناء ببعض الجموع عن بعض
وهو عنده قليل
قال المصنف فى الشرح:"ومثل ايثار قروء على اقراء لخروجه عن القياس
ايثار شهداء على اشهاد فى (لولا جاءو عليه باربعة شهداء) لان واحد شهداء
اما شهيد واما شاهد ولكل واحد منهما نصيب فى افعال كشريف واشراف
وصاحب واصحاب وكلاهما شاذ فعدل الى فعلاء كما عدل من اقراء الى قروء" انتهى
فان قلت فكيف جاء (وسبع سنبلات خضر) وجاء (سبع سنابل)
فالجواب انه قد تقدم انه يؤثر جمع التصحيح اذا جاور ما اهمل فيه مفاعل
وهذا معطوف على (سبع بقرات)
وجعل الزمخشرى هذا مما قد يستغنى فيه ببعض الجموع عن بعض ،نحو قروء.
وقوله ولا يسوغ الى قولة للمبرد قال المبرد فى المقتضيب (فإن قلت: ثلاثة حمير، وجعل من ذلك {ثلثة قروء} قال المصنف فى الشرح: (ولو جاز هذا لم يكن معنى فى الحجر بجمع القلة، لان كل جمع كثرة صالح لأن يراد بة مثل هذا، فكان يقال: ثلاثة فلوس، وثلاث من دور)
وقوله وان كان المفسر اسم جنس او جمع فصل ب (من) مثال: من القوم، وقال تعالى {فخد أربعة من الطير} ، وتقول: عندى ثلاث من الشجر وسبع من النخل.
وقولة وان ندر مضافا اليه لم يقس علية قال المصنف في الشرح: (ان فسر عدد باسم جنس او باسم جمع لم يضف الية الا بسمع، كقوله (ليس فيما دون خمس ذود من الابل صدقة)، وكقول العرب: خمسة رجلة. والاصل ان يجاء بمفسر هذا النوع مقرونا بمن نحو: ثلاثة من القوم واربعة من الحى، وعشرمن البط) انتهى.
وقال ابن عصفور فى لاشرح الصغير «العدد من الثلاثة الى العشرة اذا كان مفسرة جمبعا اضافتة لمفسرة اكثر من فصلة، وان كان اسم جمع او اسم جنس
فالفصل هو الفصيح، واضافتة اليهما قليل. فظاهر قولة «قليل» انة ليس بنادر لايصلح للقياس علية وكذلك ظاهر كلامة فى الشرح الكبير انة يضاف الى اسم الجمع المذكر كقوم ورهط، والمؤنث كذود وابل ونسوة، والى اسم الجنس. وقال ابضا فى موضع اخر: «وكذلك ايضا اضافوها الى اسماء الجمع التى تكون للقليل، فقالوا: ثلاثة نفر، وثلاثة ذود، قال الشاعر:
ثلاثة انقس وثلاثة ذود
…
لقد جار الزمن على عيالى
وتسعة رهط، قال تعالى {وكان فى المدينة تسعة رهط} ، ولم يقول ثلاثة بشر، ولا ثلاثة قوم، لان بشرا يكون للكثير، قوم يكون للقلبل والكثير، وليس كذلك ذود ورهط ونفر، لانها لاتكون الا للقليل فلذلك اضافوها اليها) انتهى.
وقال محمد بن يزيد: ان بشرا يقع على الواحد والجميع، كقولة تعالى {ما انت الا بشر مثلنا} / اى من هذا الجنس، وكذلك {انما انا بشر مثلكم} ، و {ما هذا بشرا} ، فإن اضيفت هذى الاعداد الية لم يخل من ان يراد بة الواحد او الكثير فإن اريد بة الواحد لم تجز اضافة العدد الية من حيث لم تجز اضافة العددالى المفرد وان اريد بة الكثير ام تجز اضافتها الية ايضا من جهة انها لا تضاف في.
الأمر الشائع الى العدد الكثير، بل ثلاثة شسوع وثلاثة قروء ليس بالوجه ولا بالقياس.
وتلخص القول من هذة التقول اقوال:
أحدها: ان اسم الجمع واسم الجنس لاتنقاس الاضافة إليهما من قول المصنف، واتفبع فية الاخقش.
والثانى: أنة يجوز ذلك وينقاش وان كان قليلا
والثالص / الفترقة بين ما يستعمل من اسم الجمع للقلة فيجوز، أو يستعمل للكثر أو للقلبل والكثير، فلايجوز.
وفى البسيط / وأما اسم الجمع ففية شبه بالجمع، فذلك تقول: ثلاثة نفر، وثلاثة رهط وثلاثة ذود / فتضيف كالجمع، ولذلك صحت الاضافة الى مئة وكذلك اسم الجنس، نحو: ثلاث نخل. ومنع الاخفش إضافتة، وطريقة عندة ان يبين ب (من)، فتقول: ثلاثة من الذود، والحيث حجة علية
وفية أيضا / والأحسن ان يضاف إلى ماعدا الجمع ب (من)، تقول: ثلاث من الشجر والنخل، وهو فى الجنس أكد من اسم الجمع. وقيل: إذا كان اسما لجنس لغير الآدميين فلا يكون إلأ ب (من)، نحو: ثلاث من البط / ومن الغنم، ونحوه.
وفي الإفصاح: قال أبو علي: إضافة العدد إلى أسماء الأجناس جائز: وإن لم تكثر، فقد جاء عنهم:
خمس بنان قانئ الأظفار
وضعفة ابوعمر.
وقال ابن هشام: لايجوز: خمسة قوم، وثلاث إبل، وما أشبة هذا، الإما سمع. وكذلك أسماء الأجناس، ورطب وأرطاب / وعنب وأعناب، وطلح وطلاح، فصارت كالمفرد، فكما لابضاف إلى المفرد لاينبغى أن يضاف الى هذة / وتجرى
مجرى أسماء الجموع، ويوقف ما أضيف العدد الية عل السماع، ولا يقاس ومن الدليل على هذا انك لاتضيف هذا العدد الى المصادر، وهى كانت احرى بذلك ـ رنها تقع على القليل والكثير بمنزلة ما لايجمع جمع قلة. وكدذا قال ابو على في التذكرة: لما كثر استعمال اسماء الاجناس استعمال الاحاد، وهى احاد، ووصقت بالاحاد - قل اضافة اسماء العدد اليها كما لايضاف الى الاحاد.
وفى الافصاح: من النحويين من قال: انها تضاف الى الاسم المفرد اذا كان جمعا فى المعنى كما جاء ثلاث ذود، وتسعة رهط، وثلاث نفر، وخمس نسوة، وهذا كله مسموع.
ومن الناس من قصر هذا على ما سمع، قال ابو حاتم: ثلاث ذود شاذ. يريد انة ليس بالاصل ان يضاف الى اسم الجمع لانة مفرد، ولو صح هذا قلت ثلاثة جمع، وثلاثة ضيف، والعرب تقول: مئة جمع، ومئة ضيف، ومايضاف الى المئة لايضاف الى ثلاثة، والقياس الايضاف ثلاثة الى العشرة لمفرد ولا لما هو بمنزلتة، وهذا مذهب المبرد، وبة وقال السيرافى في «شرح الكتاب» لما ذكر ماجاء من ثلاثة نفر وتسعة رهط، وهذا ليس يستمر فى اسماء الجمع، لاتقول: ثلاث ابل، وخمس غنم، وثلاثة باقر، ولا: خمس نخل، غمنع الاضافة الى هذا النوع، وهو عندة اسم جمع، واحد من لفظة، كباقر وجامل. والصحيح انة اسم جنس، يقع لما لاينحصر كثرة، ويتقطع من المفرد بالتاء، وجعل من قول الشاعر:
قد جعلت مي على الطرار
…
خمس بنان قانئ الاظفار
قال: وهذا بمنزلة قولة:
ظرف عجوز فية ثنتا حنظل
من ضرورة الشعر
وقال قوم: اذا كان اسم الجمع لايقع الا للكثير لايضاف الية ادنى العدد وكذلك ان وقع للقليل والكثير، فان وقع للقليل فقط اضيف الية، وحكاه أبو
علي في (الشيرازيات) عن ابي عثمان، قال:«اضافو الى رهط ونفر، ولم يضيفوا الى بشر لانة يكون للكثير، ولا الى قوم لانة يكون للقليل والكثير. ووهم ابة عثمان فى قولة فى بشر: لايقع الا للكثير»
وصرح س أنة لايقال: ثلاث غنم. وظاهر كلامة أنة لايقال: ثلاث ابل، ولا ثلاث بقر، ولا ثلاث بط ولا ثلاث شاء
وقولة ويغنى عن تمييز العدد اضافتة الى غيرة مثالة: اقبض عشرتك وعضرى زيد، لانك لم تضف الى غير التمييز الا والعدد عند السامع معلوم الجنس، فاستغنى عن المفسر، ومن كلامهم: برئت اليك من خنس وعشرى النخاسين، وقال الشاعر:
وما انت، ام مارسوم الديار
…
وستوك قد كربت تكمل
-[ص: فصل
تحذف تاء الثلاثة وأخواتها ان كان واحد المعدود مؤنث / المعنى حقيقة او مجازا، او كان المعدود اسم جنس او جمع مؤنثا غير نائب عن جمع مذكر / ولا مسبوق بوصف يدل على التذكير، وربما اول مذكر بمؤنث، ومؤنث بمذكر، فجئ بالعدد على حسب التأويل، وان كان فى المذكور لغتان فالحذف والاثبات سيان، وان كان المذكور صفة نابت عن الموصوف اعتبر غالبا حاله لاحالها.]-
ش: تكلم النحويون فى العلة الموجبة لاثبات تاء التأنيث من ثلاثة عشرة من المذكر المضاف الية اسم العدد وحذفها من المؤنث، وذلك من الوضعيات / فقال المصنف فى لاشرخ:«الثلاثة واخواتها اسماء جماعات، كزمرة وامة وفرقة وعصبة وسربة وفئة وعشيرة وقبيلة وفصيلة، فالاصل ان تكون بالتاء لتوافق الاسماء التى هى بمنزلتها فاستصحب الاصل مع المعدود المذكر لتقدم رتبتة، وحذفت التاء مع المعدود المؤنث لتأخر رتبته» انتهى.
وهذا معنى ما قال بعضهم: اردوا التفرقة بين عدد المذكر وعدد المؤنث، واختص المذكر بالتاء لانة العدد كلة مؤنث لمذكر كان أو لمؤنث، وأصل المؤنث أن يكون بعلامة تدل على تأنيثة، والمذكر هو السابق بحق الاصالة فحصلت لة العلامة.
وقال بعضهم: العدد كلة مؤنث، فجعلت تاء التأنيث فى المذكر لانة اخف من المؤنث، ولم يجعلوها فى المؤنث لانهم كرهوا ان يجمعو بين علامتى تانيث:
علامة تانيق العدد، وعلامة تأنيث المعدود، فيقولوأ: ثلاثة جنفات، فحذفوا العلامة من عدد المؤنث، واثبتوها فى عدد المذكر هروبا من اجتماع العلامتين.
وقال ابو القاسم الزجاجى وانب بابشاذ: وايضا فإن العدد مؤنث قبل دخول تاء التأنيث، فهو كعناق مؤنث مؤنث بالصيغة وكهند، بدليل أنة ائا سميت ب «ثلاث» من صلاص نسوة لم تصرفة للتعريف والتأنيث، فجرى مجرى هند ونحوها من الاسماء المؤنثة المعنى، فمن حيق لم يجز ادخال تاء التانيث على هذا، والمارد بها المؤنث، فكذلك ثلاث ونحوها من العدد لاتدخل التاء علية وهو مضاف الى مؤنث.
وقال بعضهم: العدد من ثلاثة الى عشرة جمع، وقد وجدنا من الجموع ما هو مذكر، وجمع بتاء التانيث، نحو غراب وأغربة، وما هو مؤنث، ويجمع بغير تاء التانيث، نحو عقاب وأعقب.
وقال بعضهم: انما كان عدد المذكر بالتاء لانة كان بغير تاء لأوهم أنة مذكر، لانة مضاف الى مذكر، ولفظة لفظ المذكر، والعدد هو المعدود فى المعنى، وهم قد جعلوا العدد مؤنثا، فأدخلوا فية التاء ليرتفع الابهام. وهذا اختبار ابن عصفور.
وهذة لااسماء اذا اردت بها مجرد العدد وضعتها العرب مؤنث بالتاء، وهى مسكنة. وبعض النحويين يقول انها مبنية على لاسكون./ كانت ساكنة كحروف الهجاء، فتقول: واحد اثنان ثلاثة اربعة، كام تقول: الف با تا ثا، ولهذا تقول: ثلاثة اربعة، فتطرح حركة الهمزة من اربعة على الهاء من ثلاثة، ولا تقبلها تاء.
فأن اخبر بها أو عنها، او عطف بعضها على بعض اعربت، فتقول: هذا واحد، ورايت ثلاثة، ومررت بخمسة، كما تقول: هذاة باء وكتبت عينا، ونظرت الى جيم وحاء.
واذا اخبرت عن عدد مجرد من المعدود كان كلة بالتاء، نحو قولك: وقد مر ذكر هذة المسألة فى «باب العلم» من شرح هذا الكتاب، وذكرنا خلافا فى منع الصرف هناك.
وإن أردت بالعدد المعدود فأما ان ثذكر المعدود فى اللفظ او لاتذكرة، فأن لم تذكرة فالفصيح ان يكون بالتاء لمذكر وبحذفها لمؤنث، فتقول: صمت خمسة،
تريد: خمسة أيام، وسرت خمسا، تريد: خمس ليال. ويجوز ان تحذف تاء التأنيث، حكى الكسائى عن أبى الجراح: صمنا من الشهر همسا وحكى الفراء: افطرنا خمسا وصمنا خمسا، وصمنا عشرا من رمضان.
وفال بعضهم: «وماحكى الكسائى من قولهم صمنا من الشهر خمسا لا يصح عن فصيح، ولا يلتف الية» انتهى. وعلى ذلك انشدو قول الشاعر:
والا فسيرى مثلما سار راكب
…
تيمم خمسا ليس فى سيرة امم
قالوا: يريد: خمسة أيام، وفى الحديث: من صام رمضان، ثم أتبعة بست من شوال»، المعنى: بستة أيام
وان ذكرت المعدود فى اللفظ فاسم العدد بالتاء للمذكر وبحذفها للمؤنث.
وقال بعض أصحابنا: شدت ثلاثة الفاظ من المؤنث، فجاء عددها بالتاء،
فالوا: ثلاثة انقس، وثلاثة اعين / جمع عين بمعنى الربيئة، وهو الحافظ للقوم والحارسى، وثلاثة دواب، قال تعالى {من نفس وحدة} ، وقالوا فى الربيئة: جاءت عين القوم: وقالو: هذة دابة. انفس لحظو معنى الشخص، وهو مذكر، وثلاثة اعين لحظة حارس القوم، وهو رجل، فهو مذكر، وثلاثة دواب، فالاصل: ثلاثة اشخاص دواب، حذف الموصوف انتهى مخلصا.
وقال غيرة: ويقولون: ثلاثة انفس، فيحذفون التاء ـ وان عنوا رجالا ـ لاجل اللفظ، على ان النفس تذكر، وثلاثة انفس اذا عنوا مذكرا، وهذا فى كلامهم واشعارهم كثير فاش. ويقولون فى الربيئة: ثلاث اعين / وثلاث دواب، وثلاث دواب، حملا على اللفظ والمعنى، وحكى ثلاث دواب ابو زيد والجرمى.
والمعتبر فى التذكير والتأنيث المفرد لا الجمع، سواء أكان كل واحد منهما حقيقة ام مجازا، ولا يعتبر تانيث الجمع، فلذلك تقول: ثلاثة سجلات، / وثلاثة دنينيرات، فخلافا لاهل بغداد، فانهم يقولون: ثلاث حمامات، فيعتبرون لفظ الجمع. وقال الكسائى: تقلو: مررت بثلاث حمامات، ورايت ثلاث سجلات ـ بغير هاء ـ وان كان الواحد مذكرا، لان به التاء، وقول العرب على قول س بالتاء.
وقال ابن الأنباري: «اذا قلت عندى ثلاث بنات عرس وثلاث بنات اوى فا لاولى ان تدخل التاء المذكر، لان الواحد ابن عرس وابن آوى» ـ جمعة بالتاء كما يجمع المؤنث، اخر جوة على اللفظ، وتركوا المعنى، وقاس علية ماكان مثلة ول يقل.
ولا يعتبر ايضا تانيث المفرد اذا كان علما لمذكر، نحو طلحة وسلمة ـ لانة تانيث لاتعلق لة بالمعنى لاحقيقة ولا مجازا، ولذلك لايؤنث صمير ولا مايشار بة الية فتقول: الطلحات ذهبوا، وهذا طلحة قد ذهب.
وقول مؤنث المعنى الحقيقى او مجازا مثالة: عندى ثلاث فتيات، وعشر خشبات، وخمس أعنق / وثلاث اذرع.
وقولة أو كان المعدود اسم جنس الى قولة يدل على التذكير مثالة اسم جنس: عندى ثلاث من البط، وخمس من النخل، فالبط والنخل من اسم الجنس الذى استعملتة العرب مؤنثا فقط، ومدرك هذا النوع السماع.
وزعم ابو موسى ان البقر مما استعمل مؤنثا لاغير، وهو خطأ، بل البقر يذكر ويؤنث، ومن تذكيرة {إن البقر تشابة علينا} فيمن قرأة فعلا ماضيا ومن تأنيثة قراءة من قرا {تشابة} ، وجعلة فعلا مضارعا بالتاء، أي: تتشابه.
ومثاله اسم جمع: عندى ثلاث من الابل.
واحترز بقولة «مؤنثا» من اسم جنس مذكر، ومن اسم جمع مذكر، قمثال اسم الجنس المذكر عنب وسدر وموز وقمح، نصوا على ان العرب استعملتها مذكرة، مدرك هذا السماع، واستعملت سائر اسماء لجنس مؤنثة ومذكرة، وقولوا: الغالب عليها التأنسث، فعلى هذا تقول / عندى ثلاثة من الموز، لان الموزمذكر، وتقول: عندى ثلاث من النخل، وثلاث من النخل، لانة استعمل مذكرا ومؤنثا.
ومثال اسم الجمع المذكر ما كان منة لمن يعقل فحكمة حكم المذكر وقال صاحب التمهيد: «قد قالوا: ثلاث نفر، فانثوة، والاكثر التذكير»
انتهى.
وقال ابو موسى: «وكل اسم يقع على الذكور ممن يعقل فالاعم فية التذكير» : ومثل ذلك بالنفر والبشر والرهط.
وقد جاء التأنيث ايضا فى القوم، وهو مختص بالرجال، لقولو تعالى {لا يسخر قوم من قوم عسى ان يكونو خيرا منهم ولا نساء من نساء عسى أن يكن خيرا منهن}
وقال الشاعر:
وما أدري، وسوف ـ لإدخال ـ أدرى
…
أقوم آل حصن أم نساء
وقولة تعالى {انا ارسلنا نوحا الى قومة} من باب تغليب المذكر.
وأما ما لا يعقل فحكمة حكم المؤنث، نحو ذود وابل.
وشد من هذا النوع «اشياء» على مذهب س، فقالو: ثلاثة / أشياء، وكان قياسة حذف التاء، لأنة اسم جمع (لما) لايعقل، كالطرفاء والحلفاء، لكنة بنى العدد على المفرد، وهو شئ.
وقد جاء من اسم الجمع لايعقل فقط ماهو مذكر / وذلك نحو جامل، قال الشاعر:
وجامل خوع من نيبة
…
زجر المعلى اصلا والسفيح
وقال الآخر:
فلا يحزنك أيام تولى
…
تذكرها ولا طير ارنا
وقال تعالى {فخذ اربعة من الطير}
وقال المصنف في الشرح: «واما قولهم ثلاثة اشياء وثلاثة رجلة ففيهما شذوذان:
أحدهما: الاضافة الى المفسر، وكان حقة ان يفصل مقرونا ب (من) كسائر اسماء الاجناس.
الثانى: ثبوت التاء فى عددهما، والقياس والحذف؛ لأن اسم الجنس أو الجمع لايعتبر فى التأنيث والتذكير واحدة بطة ذكر، ومع ذلك لم يقل ثلاثة بل ثلاث.
وقد وجة ثبوت التاء فى عدد اشياء ورجلة بأنها نائبان عن جمع مقرديهما،
فعدل فى جمع شئ على افعال الى فعلاء، وعدل عن جمع راجل من افعال كصاحب واصحاب الى فعلة وثبت التاء فى عدديهما كما كانت تثبيت مع المنوب عنة» انتهى.
والرجلة بفتح الراء وكسرها، فإذا رالت التاء فالفتح لاقير، كالركب والصحب والسفر، قال:
ورجلة يضربون البيض عن عرض
…
ضربا تواصى بة الابطال سجينا
واحترز بقول «ولا مسبوق بوصف يدل على التذكير» من قولك: لى ثلاثة ذكور من البط، واربع فحول من الابل، فإن تأخر الوصف الدال على التذكير لم يعتبر فتقول: عندى ثلاث من البط ذكور، واربع من الإبل فحول.
وظاهر كلام المصنف أنة اذا سبق الوصف الدال على التذكير لزمت التاء، وكذا نص علية الشرح، قال «فأءن توسط دليل تذكير لزم بقاء التاء نحو: لى ثلاثة ذكور من البط، واربعة فحول من الابل»
وقال بعض اصحابنا: «فإن قدمت الذكور قلت: ثلاثة ذكور من البط لان الذكور جمع، المعتبر منة الواحد، وهو ذكر، ول قلت ثلاث / ولم تلخظ الذكور / ولحظت البط ـ كان جائزا، لكن الاولى ان تلحظ المقدم» انتهى. وهذا مخالف لما قال المصنف.
وقال س: وتقول: لة ثلاث من الشاء، وثلاث شياة ذكور، وخمس من الغنم ذكور، والشياة والغنم أنثى». قال:«وتقول: له ثلاث ذكور من الغنم، وخمسة ذكور من الابل، لابتدائك بالمذكر» انتهى. فلو كان الفاصل غير متاقض لم يعتد بة، نحو: له ثلاث حسان من الخيل ذكور
وقولة وربما اول الى قولة التأويل مثال الأول قولة:/
وان كلابا هذة عشر ابطن
…
وانت برئ من قبائلها العشر
أول الابطن بالقبائل وقال الآخر:
فكان مجني دون من كان أتقى
…
ثلاث شخوص: كاعبان ومعصر
أول الشخوص بالجوارى
ومثال الثانى قولة:
وقائع فى مضر تسعة
…
وفي وائل كانت العاشرة
وقال آخر
ثلاث انفس وثلاث ذود ..........
اول الوقائع بمشاهد، ولانفس باشخاص.
وقول المنصف «وربنا» يدل على جواز ذلك ع قلة
وقال صحاب البديع: «ويقولون ثلاث شخوص اذا عنوا مؤنثا حملا على المعنى» .
وقال ابن عصفو فى «المقرب» وقد ذكر شذوذ انفس، قال «والنفس مؤنثة، لكن عوملت معاملة المذكر حملا على معنى شخص، وما عدا ذلك فلا بحمل على المعنى الا فى ضرورة، نحو قولة:
فكان مجنى ........................
…
................................
البيت فاسقط التاء لأن الشخوص فى المعنى هى الكاعبان والمعصر»
وزعم يونس عن رؤبة «ثلاث أنفس» على تأنيث النفس، وذكر س ان العرب تقول: نفس واحد، وانها تقع مذكرة ومؤنثة، وقد جاء فى القرأن {من نس وحدة} ، و {يأيتها النفس المطمئنة أرجعى} ، وقرئ {بلى قد جاءتك ءايتى فكذبت بها واستكبرت وكنت} على التأنيث والتذكر.
وقولة وان كان فى المذكور لغتان فالحذف والاثبات سيان مثال ذلك حال وعضد ولسان وأسماء والاجناس المميزة واحدها بالتاء دون ما التزم فية منها التذكير او التأنيث. وقولة فالحذف أى: ان راعت التأنيث حذفت، أو التذكير أثبت.
وقولة وان كان المذكور صفة الى اخر المسالة مثال ذلك: ثلاثة ربعات، بالتاء إذا اردت رجالا، وثلاث ربعات، بسقوطها اذا اردت نساء. ومن اعتبار حال الموصوف قولة تعالى {من جاء بالحسنة فلة عشر امثالها} ، اى فله عشرحسنات أمثالها قصد الحسنات لقال: عشر أمثالها؛ لأن واحد الأمثال مثل، وهو مذكر.
قال المصنف في الشرح: «ومن العرب من يسقط تاء العدد المضاف إلى دواب لتأنيث لفظها مع قصد تذكير الموصوف، لان الدابة صفة جرت مجرى الأسماء الجامدة فاعتبر في العدد لفظها، ومنة احترزت بقولي: اعتبر غالبا حالة لا حالها» انتهى، أي: حال الموصوف لا حال الصفة.
وقال ابن عصفور: «وتقول: ثلاثة نسابات؛ لأنة صفة لمحذوف، التقرير: ثلاثة رجال نسابات، وكذلك تفعل فى أمثالة. فأما قولهم ثلاث دواب ذكور فعلى جعل الدابة اسما»
وقال س: «تقول: ثلاثة نسابات؛ وهو قبيح لان النسابة صفة، كأنة قال: ثلاثة رجال نسابات» ، استقبح حذف الموصوف.
-[ص: فصل
يعطف العشرون وأخواته على النيف، وهو أن قصد التعيين واحد أو احد واثنان وثلاثة وواحدة أو إحدى واثنتان وثلاث إلى تسعة في التذكير، وتسع في التأنيث./ وان لم يقصد التعيين فيهما فبضعة وبضع. ويستعملان أيضا دون تنييف، وتجعل العشرة مع النيف اسما واحدا مبنيا على الفتح ما لم يظهر العاطف.
ولتاء الثلاثة والتسعة وما بينهما عند عطف عشرين وأخواتها مالها قبل النيف. ولتاء العشرين في التركيب عكس ما لها قبله، ويسكن شينها في التأنيث الحجازيون، ويكسرها التميميون، وقد تفتح، وربما سكن عين عشر ،]-
ش: قسم أصحابنا العدد الى أربعة أنواع:
مفرد
: وهو واحد واثنان للمذكر، وواحدة واثنتان ـ قال الجرمى: لغة الحجاز، وثنتان لغة تميم ـ للمؤنث. وعشرون والعقود بعدها الى مئة: ويستوي فيها المذكر والمؤنث.
ومضاف: من ثلاث وعشرة وما بينهما / ومئة وألف
ومركب: من احد عشر إلى عشرين.
ومعطوف: وهو العقود المعطوفة علي النيف من واحد وعشرين وتسعة
وتسعين وما بينهما من ذلك.
وتقدم للمصنف ذكر المضاف، وشرع هنا في ذكر المعطوف.
فقوله وأخواته هي الثلاثون والأربعون والخمسون والستون والسبعون
والثمانون والتسعون.
وقوله علي النيف لا يقال نيف إلا لما بعده عشرة أو عشرون. وقال
الجوهري: «النيف: الزيادة، يخفف ويشدد، وأصله من الواو، ويقال: عشرة
ونيف، ومئة ونيف، وكل ما زاد علي العقد فهو نيف حتى يبلغ العقد الثاني، ونيف
فلان علي السبعين، أي: زاد، وأنافت الدراهم، أي: زادت، وأناف: أشرف».
وقوله واحد أو أحد فتقول: واحد وعشرون، وأحد وعشرون. وهمزة أحد
هذا مبدلة، أصلها الواو لأنه من الوحدة، كما قالوا: أناة، وأصله وناة؛ لأنه
مشتق من الوني، وهو الفتور.
وقوله وواحدة أو أحدي فهو القياس لأنه تأنيث واحد، وأما بناء
إحدى فليس القياس، كما أن أحدا بمعني واحد ليس القياس؛ ألا تري أن أول
العدد هو الواحد، ولم يقولوا إذا عدوا: اثنان، إنما قالوا: واحد.
وهمزة إحدى بدل من الواو، وهو بدل في اقتباسه خلاف، بخلاف همزة
أحد، فإنما بدل لا ينقاس. والألف في إحدى هي للتأنيث، ولذلك منعت الصرف،
فلم تنون، يدلك علي ذلك قولهم: إحدى وعشرون جارية،
وقوله وإن لم يقصد التعين فيها فبضعة وبضع أي: وإن لم يقصد تعيين
العدد في المذكر والمؤنث فالنيف الذي يعطف عليه هو بضعة مع المذكر، فتقول:
عندي بضعة وعشرون درهما، وبضع وعشرون جارية، فتفيد أن عندك زائدا على
العشرين من الدراهم والجوارى، لكنه لا يتعين ذلك الزائد؛ لأن بضعة وبضعا
يطلقان في اللغة على ثلاث إلى تسع.
وظاهر كلام المصنف أن استعمال بضع وبضعة يكون مع المعطوف فقط،
وليس كذلك على ما نبينه بعد.
وهما بكسر الباء، مشتقان من بضعت الشيء: قطعته، كأنه قطعة من
العدد.
وقوله يستعملان أيضا دون تنييف أي: لا يكون بعدهما عشرة ولا
عشرون، ومنه قوله تعالى {في بضع سنين}
وقوله وتجعل العشرة مع النيف اسما واحدا يريد: أو العشر. والنيف يشمل
ما قصد به التعيين / وما لم يقصد به التعيين، وهما بضعة وبضع، فكما تبنى أحد مع
عشر وإحدى معها كذلك تبنى معها بضعة وبضعا، فتقول: جاءني بضعة عشر
رجلا، واشتريت بضع عشرة جارية.
وحين شرح المصنف كلامه قال في النيف: «أحد عشر وتسعة عشر وما
بينهما»، ولم ينص على بضعة عشر وبضع عشرة، لكنه يشمل النيف ذلك، ولا
يختص بالمعطوف ولا بالمركب، بل هو عدد مبهم من ثلاث إلى تسع، يجرى مفردا
ومع العشرة مجرى الثلاثة إلى التسعة في الإعراب والبناء، تقول: هؤلاء بضعة
رجال، وبضع نسوة، قاله أبو على الفارسي.
وقال الفراء: البضع لا يذكر إلا مع العشرة ومع العشرين إلى التسعين،
كذلك رأيت العرب تقول، ولا يقولون: بضع مئة، ولا ألف، وهو نيف لما بين
الثلاثة إلى التسعة، وإن كان للذكر قيل بضعة.
وأما النيف فيكون بغير هاء للذكر والأنثى، يكون مع العقود بحسبها، وإن
كان مع العشرة فما بين الواحد إلى أقل من العشرة، وإن كان بعد المئة فهو عشرة
أو أقل، وبعد الألف عشرة فأكثر.
والعرج: ما بين السبعين إلى التسعين من الإبل، وقال الأعلم في قول
الشاعر:
يوم تبدى البيض عن أسؤقها
…
وتلف الخيل أعراج النعم
الأعرج: جمع عرج، وهو ما بين الخمسين والمئة من الإبل.
وقال أبو عمرو بن تقى: البضع ليس نصا في عدد بعينه، إنما هو من الثلاثة
إلى التسعة، وهو اسم جمع كالنفر، ويستعمل وحده، كقوله تعالى {في بضع
سنين}، مركبا ومعطوفا. وحكمه حكم العشرة فما دونها، تثبت فيه التاء
في عدد المذكر، وتسقط في المؤنث، وهو من البضع: القطع، بفتح الباء المصدر،
وبكسرها اسم، كالذبح والذبح، وبمنزلته النيف، من أناف على الشيء: إذا زاد عليه، وهو ينطلق على الواحد إلى التسع، ولا يستعمل مفردا، بل تقول: عندي
عشرة أو عشر ونيف.
وقوله مبنيا على الفتح أما علة البناء فهي تضمن معنى الحرف، وهو حرف
العطف الذي هو الواو؛ إذ أصل هذا العدد من أحد عشر إلى تسعة عشر العطف،
إلا أن العرب اختصرت، فحذفت حرف العطف، وركبت الاسمين، وبنتهما على
الفتح، وصار العدد إذ ذاك نصا في المجموع؛ إذ كان - لو أقروا العطف - يحتمل
الكلام معنيين: أحدهما الحمل على أن المراد المجموع. والثاني الحمل على أن المراد
التوزيع، فإذا قلت اشتريت هذا الثوب بتسعة وعشرة احتمل أنك اشتريته بمجموع
ذلك، فتكون الواو إذ ذاك جامعة، واحتمل أنك اشتريته مرة بتسعة ومرة بعشرة،
فتكون الواو عاطفة لا جامعة، فلما أرادوا أن يزيلوا هذا الاحتمال الثاني وينصوا
على الأول - حذفوا الحرف، وركبوا، فلم يحتمل إلا هذا المعنى الواحد.
ولم يبنوا فيما دون العشرة فيقولوا: اشتريت هذا الثوب بثلاثة أربعة،
يريدون:/ بثلاثة وأربعة في وفت واحد؛ لأنهم وجدوا ما يغنى عن ذلك، وهو
سبعة، إذ هي رتبة ناصة في العدد، وليس لهم اسم واحد موضوع لـ «خمسة عشر»
وأخواته.
ولم يركبوا في المعطوف لأنهم لم يجدوا له نظيرا في المركبات، لا يحفظ من
كلامهم اسمان مركبان، وإحداهما جمع، نحو: زيد عمرين، وفي كلامهم مثل أحد
عشر. وعشرون وأخوته بمنزلة جموع السلامة في الإعراب، فلم تركب مع الأسماء المفردة كما لم يركبوا جموع السلامة معها. ومنع من التركيب في جموع السلامة
أن التركيب يوجب البناء، وجمع السلامة لا يكون مبنيا إلا في موضع يحكم فيه
للبناء بحكم الإعراب في الإتباع على اللفظ، وذلك في باب النداء وفي باب «لا» ،
فأما «الذين» فصيغة جمع، وليس بجمع.
وأما كون بنائه على حركة فلأن المعرب إذا طرأ عليه ما يوجب بناءه كان
بناؤه على الحركة. وكانت حركة الثاني فتحة طلبا للتخفيف، وكانت حركة
الأول فتحة إما طلبا للتخفيف أو لشبه أخره بما هو في كنف تاء التأنيث؛ لأن
الاسم الثاني بمنزلة تاء التأنيث، ولذلك منع الصرف مع العلمية، وحذف في
النسب كما كان ذلك في تاء التأنيث. وبناء هذا المركب لازم.
وأجاز الكوفيون إضافة النيف إلى العشرة، واستدلوا على ذلك بقوله:
علق من عنائه وشقوته
…
بنت ثماني عشرة من حجته
قال بعض أصحابنا: «وهذه الإضافة لا معنى لها؛ لأن الإضافة المحضة إما
على معنى اللام أو معنى من، ولا يتصور معنى ذلك في النيف؛ لأنه ليس للعشرة
ولا منها، بل هو زيادة عليها، وإن صح البيت الذي أنشدوه فضرورة مشبهة
بقولهم: كفة كفة، فإنهم قالوا: كفة كفة، بالإضافة فشبه به ثماني عشرة تشبيها
لفظيا؛ إذ الإضافة في ثماني عشرة لا معنى لها، وفي كفة كفة لها معنى، أي: كفة
منه لكفة منى» انتهى، وفيه بعض تلخيص.
قال بعض أصحابنا: «ليس في خمسة عشر إلا البناء عندنا؛ لأنه قد تضمن
معنى الحرف، فليس فيه إلا البناء، وأجاز الكوفيون إضافة الأول إلى الثاني،
واستحسنوا ذلك إذا أضيف، فقالوا: هذا خمسة عشر، وخمسة عشرك؛ لأن هذا
تعربه العرب قليلا، فتقول: هذا خمسة عشرك، وهى لغة قليلة ردية. وهذا الذي
ذهبوا إليه لا يحفظ من كلام العرب، ولا له قياس يجرى عليه» انتهى.
وقوله ما لم يظهر العطف ظاهره أنه يقال: عندي خمسة وعشرة، فيمنع إذ
ذاك البناء والتركيب. وقال المصنف في الشرح: «ومنه - يعنى من العطف المانع
من البناء والتركيب- فول الشاعر:
كأن بها البدر ابن عشر وأربع
…
إذا هبوات السيف عنه تجلت»
وهذا التركيب الذي في الشعر مخالف لتركيب أربع وعشر بتقديم النيف
على عشر، فلا يصلح الاستدلال به على هذا التركيب، وإن كانت العرب فكت
التركيب وردت ذلك إلى الأصل فينبغي أن يكون في كل واحد من النيف والعشر
تاء التأنيث للمذكر وإسقاطها منهما للمؤنث،/وما أظن العرب فاهت بمثل:
عندي خمسه وعشرة رجلا، ولا: عندي خمس وعشر أمة.
وقوله ولتاء الثلاثة إلى قوله قبل النيف يعنى أنها تثبت للمذكر، وتسقط
للمؤنث، فتقول عندي ثلاثة وعشرون عبدا وثلاث وثلاثون جارية.
وقوله ولتاء عشرة في التركيب عكس ما لها قبله يعنى أنك تحذف التاء
من عشرة في مركب المذكر، فتقول: ثلاثة عشر رجلا وثبتها للمؤنث، فتقول:
ثلاث عشرة جارية، كانت عشرة قبل التركيب بالعكس، تثبت فيه التاء
للمذكر، وتحذف للمؤنث، فخالفوا في التركيب، ولم يجمعوا فيه بين علامتي
تأنيث إلا فيما سيأتي ذكره.
وقوله ويسكن شينها في التأنيث لأنها مع المذكر مفتوحة، فتقول: ثلاثة
عشر.
وقوله ويكسرها التميميون أي: يكسرونها في التأنيث، وعلى لغتهم قرأ
بعض القراء {فانفجرت منه اثنا عشرة عينا} ، وكان القياس في لغتهم ألا
يكسروا الشين؛ لأن من لغتهم أن يقولوا في كبد: كبد، وفي علم: علم، فإذا كانوا
قد سكنوا ما الكسر فيه بأصل الوضع فكان ينبغي ألا يكسروا ما أصل الوضع فيه
الفتح؛ ألا ترى أن العرب قاطبة تميما وغيرها قالوا في العدد: عشرة رجال، لكن
لما غير الحجازيون شينها في التركيب من الفتح إلى السكون غيرت ذلك تميم إلى
الكسر.
وزعم أبو العباس أن الحجازيون إذ قالوا عشرة إنما سكنوا الشين كما يقولون
في فخذ: فخذ، وفي كتف: كتف. وهذا غلط منه؛ لأن الحجازيين لا يسكنون
فخذا، وإنما ذلك لغة تميم.
وقوله وقد تفتح فتحها وهو الأصل، وكان ينبغى أن يقال: وقد تقر على
أصلها من الفتح، وقرأ الأعمش {اثنتا عشرة} بالفتح.
وقوله وربما سكن عين عشر قال في (التمهيد): «ومن العرب من يسكن
لتوالى الحركات في كلمه واحده، فيقول: أحد عشر، بسكون العين» انتهى. وقرأ
يزيد بن القعقاع {أحد عشر كوكبا} بسكون العين، وقرأ هبيرة صاحب حفص
بسكون عين {اثنتا عشر شهرا} وهى أشذ من قراءة ابن القعقاع؛ لأن فيها
التقاء الساكنين على غير حدهما.
ومنهم من يسكن الحاء في أحد عشر استثقالا لتوالى الحركات.
-[ص: ويقال في مذكر ما دون ثلاثة عشر: أحد عشر، واثني عشر، وفي
مؤنثه: إحدى عشرة واثنتا عشرة، وربما قيل: وحد عشر، وواحد عشر،
وواحدة عشر.
وإعراب اثنا واثنتا لاف لوقوع ما بعدهما موقع النون، ولذلك لا يضافان،
بخلاف أخواتهما وقد يجرى ما أضيف منها مجرى بعلبك أو ابن عرس. ولا
يقاس على الأول، خلافا للأخفش، ولا على الثاني، خلافا للفراء، ولا يجوز
بإجماع «ثماني عشرة» إلا في الشعر.]-
ش: القياس أن يقال: واحد عشر؛ لأنه هو اسم العدد؛ ألا ترى أنهم إذا
عدوا قالوا: واحد. اثنان. ثلاثة. أربعة، والغالب في الاستعمال في المركب «أحد» ،
وتقدم الكلام في همزته. وذكر المصنف/ أنه قد يقال: وحد عشر، فلا يبدلون
واوه همزة، كما لم يبدلوها حين استعمل صفة، نحو قوله:
كأن رحلى، وقد زال النهار بنا
…
يوم الجليل على مستأنس وحد
وقوله وفي مؤنثه إحدى عشرة تقدم أن ألف إحدى للتأنيث، والتاء في
عشرة للتأنيث، فكيف يجمع بين علامتي تأنيث في المؤنث، ولم يجمع بينهما في
المذكر فيقال: ثلاثة عشرة؟
وأجاب المصنف في الشرح بأنه «استثقل ذلك في المذكر لأنهما بلفظ
واحد وبمعنى واحد، فإن مدلول تاء ثلاثة وعشرة تذكير المعدود، فاتخذ لفظا
ومعنى، فكرة اجتماعهما في شيئين كشيء واحد، بخلاف إحدى عشرة، فإن
علامتيه مختلفتا اللفظ والمعنى، أما اللفظ فظاهر، وأما المعنى فلأن ألف إحدى داله
على التأنيث وتاء عشرة داله على التذكير، وكذا واحده عشرة، فإن علامتيه -
وإن اتخذتا لفظا - فقد اختلفتا معنى؛ لأن مدلول تاء واحده تأنيث، ومدلول تاء
عشرة تذكير، فلم يكن اجتماعهما كاجتماع تاءي ثلاثة عشرة» انتهى كلامه.
ويفهم من هذا الجواب في الجمع بين علامتي تأنيث في قولهم اثنتا عشرة،
وهو أن التاء في اثنتا لتأنيث المعدود، وفي عشرة تدل على التذكير، فجاز الجمع
بينهما لاختلاف معنييهما.
وقال بعض شيوخنا: جمع في ذلك بين علامتي تأنيث بلفظ واحد لأن
إحدى الكلمتين معربه والأخرى مبينيه، فكأنهما قد تباينتا؛ ولأن اثنتا بمنزلة
ثنتا، وتاء ثنتا للإلحاق، بمنزلة بنت وأخت، وإذا كانت للإلحاق، ولم تكن لخالص
التأنيث - لم يكن جمعا بين علامتي تأنيث.
وأما إحدى عشرة فالألف للتأنيث، وجاز الجمع بينها وبين التاء لأنهما في
الحقيقة كلمتان مع أن لفظهما مختلف، وإذا كانوا قد قالوا خامسة عشر مع أن
لفظهما متفق فأحرى إذا اختلف اللفظ.
وقال المصنف في الشرح: «وبني عجز هذا المركب لتضمنه معنى الواو،
وبني صدره لوقوع العجز منه موقع تاء التأنيث في ثلاثة عشرة وأخواته، ولشبهه
بما هو كذلك في البواقي» انتهى.
وهذا مخالف لكلام أصحابنا، فإنهم يقولون: «بني الاسمان لتضمنهما معنى
حرف العطف»، والمصنف يقول:«بني العجز لتضمنه معنى الواو» . فالموجب عند
أصحابنا لبنائهما معا هو تضمن معنى الحرف؛ إذ العطفية نسبه بين المعطوف عليه
والمعطوف، فلا يمكن أن يوجد العطف إلا بوجودهما، فكل منهما يطلب حرف
العطف لحصول هذه النسبة، فليس العجز وحده هو الذي تضمن معنى الواو، ولما
أفرد المصنف علة لبناء العجز بقى يحتاج إلى عله لبناء الصدر، فقال: «بني الصدر
لوقوع العجز منه موقع تاء التأنيث» إلى أخره، وهذه عند أصحابنا عله لكون
الصدر بني على الفتح، قالوا: لأن الاسم الثاني من الاسمين بمنزلة تاء التأنيث، فعنده
أن المركب في علتا بناء: علة للصدر، وعلة للعجز، وعند أصحابنا هي علة واحدة.
وهذا البناء في أحد عشر متحتم عندنا.
وأجاز / الكوفيون إضافة الأول إلى الثاني، واستحسنوا ذلك إذا أضيف،
فقالوا: هذا خمسة عشر، وخمسة عشرك؛ لأن هذا تعربه العرب قليلا،
فتقول: هذا خمسة عشرك. ويأتي ذكر هذه اللغة عند تعرض
المصنف لها.
وهذا الذي ذهبوا إليه من جواز إضافة الأول إلى الثاني - وإن لم يضف - لا
يحفظ من كلام العرب، ولا له قياس فهو يجرى عليه.
وقوله وإعراب اثنا واثنتا باق لوقوع ما بعدهما موقع النون هذا مذهب
الجمهور، وهو أنهما معربان. وذهب ابن درستويه وابن كيسان إلى أنهما مبنيان
كأخواتهما المركبات.
ويدل على أنهما مثنيان كونهما بالألف رفعا وبالياء جرا ونصبا، ولو كان
مبنيا لكان بالياء على كل حال، كما أن يدين من قولهم «لا يدين بها لك» لما
بني على الحرف جعل بالياء لأنهما في التثنية نظير الفتحة في المفرد، فكما بني لا
رجل في الدار على الفتحة بني لا يدين على الياء، وكما بني أحد عشر على
الفتح في الصدر كذلك كان ينبغي أن يكون صدر اثني عشر مبنيا على الياء دائما
لو كان مبنياً.
والذي منع من تركيبهما وتضمينهما معنى حرف العطف كإخوتهما أنه لم
يوجد شيء من الأسماء المثناه قد ركب مع غيره من الأسماء؛ وسبب ذلك أن
التركيب يوجب البناء، والأسماء ألمثناه لا تكون مبنية إلا في موضع يحكم فيه للبناء
بحكم الإعراب في الإتباع على اللفظ، وذلك في باب النداء وباب (لا) فأما هذان
واللذان واللتان فصيغ تثنية، وليست تثنية.
وإنما لم يرجعوا إلى الأصل من العطف حين تعذر التركيب أنهم أجروا اثنى
عشر مجرى أحد عشر وسائر أخواته في حذف حرف العطف، وجعل الاسمين
بمنزلة اسم واحد، وبناء الأخر على الفتح في كل حال؛ فحذفوا الحرف، وحذفوا
النون من اثنين، وجعلوا العشرة معاقبة لها وبنوها لوقوعها موقع النون - وهى
حرف - على الفتح طلبا للتخفيف، وصار اثنا عشر ذلك بمنزلة اثنين، كما صارت
ثلاثة عشر وأخواته بمنزلة اسم واحد، وبفي اثنان على إعرابه لأنه لا موجب لبنائه،
كإعراب الاسم المضاف، حذفت النون منه لأجل الاسم الذي بعده كما حذفت
النون من المثنى المضاف لأجل الإضافة، ولم تحذف النون فيه لأجل الإضافة؛ إذ لو
كانت محذوفة لها للزم خفض عشر، وأيضا لأنه لا معنى لإضافة اثنين إلى عشرة لما
تقدم من أن الإضافة على معنى اللام أو من، وكلاهما ممتنع هنا.
وتعليل المصنف بقاء الإعراب في اثنا عشر واثنتي عشرة بوقوع ما بعدهما
موقع النون حسن، فكأن النون موجودة، فكما أنه إذا كانت النون موجودة كان
معربا فكذلك مع وجود معاقبها، وهو هذا الاسم.
وفي البسيط: عشر مبنى لتضمنه حرف العطف كأحد عشر. وعلى هذا
فتكون الإضافة لفظية. وقيل: هو مبنى لوقوعه موقع النون وهو حرف. ولا يكون
مضمنا للعطف لأنه يمنع الإضافة/لفظا، فيمنعها تقديرا، وهو لا يكون لأنها
مضافة إلى عشر عندهم.
واستدلوا على أنه غير مضاف بان الحكم المنسوب إلى المضاف غير
منسوب إلى المضاف إليه، كقولك: قبضت درهم زيد، فزيد ليس مقبوضا، وهو
منسوب إليه، إذا قلت: قبضت اثني عشر درهما، فالعشر مقبوضة، فليس مضافا.
وقيل: لا يبعد أن تكون مضافة إلى عشر المبنى لتضمن الواو، وتضمنه يدل
على أنها داخله في الحكم، فعلم ذلك من تضمنها الواو لا من الإضافة.
وفي البسيط أيضا ما معناه: أضافوا إما إضافة حقيقية كما تقول أعطيته ثوبا
لثوب، وزدته درهما لدرهم، أي: مضافا إلى درهمه، فكأنه قيل: أقنان لعشرة، ثم
أضاف. وإما لفظية فلا يتأول هذا، بل يحذف، وتصير صورته صورة الإضافة
تخفيفا.
وقيل: هو مبنى لأن المضاف إليه ليس داخلا في حكم العامل في المضاف،
والاختلاف بالعامل لا يدل على الإعراب كما في مبنى المبهمات، والنون هنا مثل
التنوين، فحذفت من المبنى كما يحذف التنوين. ويدل على أنه مركب معه
كخمسة عشر حذف الهاء من عشرة، ولو كانت مضافة لثبتت علامة على أصلها.
انتهى، وفيه بعض تلخيص.
وقال بعضهم: إنما أعرب اثنا عشر لأن التثنية لا تختلف حالها، ولا تتغير؛
لأنها للمذكر والمؤنث ومن يعقل وما لا يعقل على صورة واحدة، ولا يتصور في
التثنية البناء؛ ألا ترى أن الاسم المبنى إذا ثنى أعرب، نحو: هذا وهذان وهذين،
واللذان واللتان واللذين واللتين.
وقوله ولذلك لا يضافان أي: ولأجل وقوع ما بعدهما موقع النون لا
سضافان، وذلك لأنه عاقب الاسم النون، فكأن النون موجودة، ولا تكون
الإضافة مع وجودها.
فإن قلت: هلا حذفت هذا الاسم، وأضيف اثنا واثنتا، كما تحذف نون
المثنى ويضاف؟
فالجواب: أنه كان يعرض اللبس، فلا يدرى هل أضيف اثنا واثنتا، كما تحذف نون المثنى ويضاف؟
فالجواب: أنه كان يعرض اللبس، فلا يدرى هل أضيف اثنان فقط أو
أضيف اثنا عشر، فلو قلت جاءني اثنان لم يدر هل المعنى: جاءني اثنان لك، أو جاءني اثنا عشر لك، ولما تعذرت الإضافة لم يبق إلا الفصل، وهو أن تقول: هذه
اثنا عشر لك.
وقال الأستاذ أبو على: سبب ذلك أن زيادتي التثنية لا تزدادان إلا معا، فإذا
حذفت النون للتركيب طلبتها للزيادة الأولى لأنها لا تزاد إلا معها، فأقمنا الاسم
المركب الذي كان سبب حذفها مقام النون، فكما لا يجمع بين النون والإضافة
كذلك لا يجمع بين الاسم المركب والإضافة، وليس في بقية الأسماء المركبات ما
يطلب بأن يقام الاسم الثاني من المركبين مقام التنوين كما كان في اثني عشر،
فلذلك جازت إضافة جميعها إلا اثني عشر.
وقوله بخلاف أخواتهما هي أحد عشر وثلاثة عشر إلى تسعة عشر،
وكذلك المؤنث، فهذه تجوز إضافتها فيبقى الاسمان على تركيبهما، فتقول: قام
أحد عشرك، ورأيت أحد عشرك، ومررت بأحد عشرك، أجروا الإضافة مجرى
الألف واللام، فكما أن التركيب باق مع الألف واللام كذلك هو باق مع
الإضافة؛ إذ كل من الألف واللام والإضافة / مختص بالاسم، والعرب مجمعون على
بقاء التركيب مع الألف واللام.
وقال المصنف في الشرح / «والأجود فيما أضيف من هذا المركب أن يبقى
مبنيا».
وقال ابن عصفور: وبعض العرب يبقى الاسمين على بنائهما، فتكون الراء
مفتوحة في جميع الأحوال، وذلك ضعيف.
وفي البسيط: وأما الإضافة فيحذف فيها التنوين المقدر كما يحذف في
قولك: «هن حواج بيت الله» لأنه لا ينصرف، وتبقيه مبنيا وهو القياس، وعليه
أكثر كلام العرب، وفي المؤنث: ثلاث عشرتهن، وثماني عشرتهن.
وقد يجرى ما أضيف منها مجرى بعلبك أو ابن عرس ولا يقاس على
الأول، خلافا للأخفش، ولا على الثاني، خلافا للفراء قال في البسيط، وقوم من
العرب يعربون، فيقولون هذه خمسة عشرك، ومررت بخمسة عشرك، وله وجيه،
وهو أن ترده الإضافة إلى الإعراب كما ترد أمس، لأنك تقول: ذهب أمس بما فيه،
فإذا أضفت قلت: ذهب أمسنا، فتعرب. وإنما كان الأول القياس لأن خمسة عشر
نكرة، وما لم ترده النكرة إلى الأصل لا ترده المعرفة بالإضافة، وأما أمس وقبل
وأخواتها من الغايات فمعارف، لو جعلتهمن نكرات لرجعن إلى الإعراب، نحو: من
قبل ومن بعد، وكذلك في النداء، لما كان المنكور يرجع إلى أصله رجع المضاف،
فلما أعربت قولك يا زيدا إذا نكرت أعربت يا زيدنا.
قال المصنف في الشرح: «وحكي س عن بعض العرب إعراب المضاف
مع بقاء التركيب، كقولك: أحد عشرك مع أحد عشر زيد، وهى لغة ضعيفة عند
س، فيبقى الصدر مفتوحا، وبغير أخر العجز بالعوامل، كما يفعل ببعلبك إذا دعت
حالة إلى إضافته. والقياس على هذا الوجه جائز عند الأخفش، واستحسنه. ولا
وجه لهذا الاستحسان، فإن المبنى قد يضاف، نحو: كم رجل عندك، و {من لدن
حكيم خبير}، ورأيت أيهم في الدار، فلا تخرجه الإضافة إلى الإعراب.
وأجاز الفراء إذا دعت حاجه إلى إضافة العدد المركب إضافة صدره إلى
عجزه مزيلا بناءهما، وحكي أنه سمع من أبى فقعس الأسدى وأبى الهيثم العقيلى:
ما فعلت خمسة عشرك؟
وإلى هذين الوجهين أشرت بقولي: وقد يجرى
…
إلى أخره».
ومعنى «مجرى بعلبك أو ابن عرس» : وفت أن يضافا، فإذا أضيف بعلبك
تسلط العامل على أخر الجزأين، وبقى الأول مفتوحا، وإذا أضيف ابن عرس
تسلط العامل على ابن، وبقى عرس مجرورا، فتقول هذه بعلبك زيد، وحللت
بعلبك زيد، ومررت ببعلبك زيد، وهذا ابن عرسك، ورأيت ابن عرسك، ومررت
بابن عرسك.
وهذا الوجه الذي حكي المصنف عن س أنه حكاه عن بعض العرب، وقال:
أنه لا يقاس عليه، وإن الأخفش قاسه- هو الذي اختاره ابن عصفور، وبدأ به،
ورجحه، فال: «فإذا أضيفت - يعنى المركبة - فالأفصح فيها أن تعرب الاسم
الثاني وتبقي الاسم الأول على بنائه»، ثم ذكر الوجه الأخر، وهو بقاؤهما على
البناء، وقال «هو / ضعيف» ، كما ذكرنا عنه. ثم قال «والسبب في إعرابها إذا
أضيفت أن الأسماء هي معربة في الأصل، ثم طرأ عليها ما يوجب بناءها، فإن
الإضافة تردها إلى أصلها من الإعراب».
وما ذكر المصنف من إعرابهما وأن الفراء قاس ذلك نسبه ابن عصفور إلى
الكوفيين، قال «وزعم الكوفيون أن هذه الأعداد المركبة إذا أضيفت لم يجز فيها
إلا الإعراب في الأول والثاني، فالأول على حسب العوامل، والتاني مجرور بالإضافة
على كل حال. والسبب في ذلك عندهم أن الإضافة ترد الاسم الذي عرض فيه
البناء إلى أصله من التمكن، فوجب لذلك رد النيف والعشرة إلى أصلهما من
الإعراب. وذلك باطل عند البصريين لما ذكرناه من أنه لا وجه لإضافة النيف إلى
العشرة» انتهى.
وهذا الذي حكاه ابن عصفور عن الكوفيين حكاه في «شرح الجمل» عن
الفراء، وقال:«وهذا الذي ذهب إليه الفراء باطل لأنه لم يسمع من كلامهم»
انتهى. وقد ذكر المصنف أن الفراء سمع ذلك من أبى فقعس وأبى الهيثم.
وقوله ولا يجوز بإجماع ثماني عشرة إلا في الشعر يعنى إضافة النيف إلى
العقد في المركب دون إضافة، وظاهر اختصاص هذا اللفظ بهذا الحكم وحده دون
سائر أخواته لأن هذا اللفظ جاء في الشعر مضافا وهو قوله:
علق من عنائه وشقوته
…
بنت ثماني عشرة من حجته
وهذا الذي ذكره من أنه لا يجوز بإجماع إلا في الشعر ليس بصحيح، وقد
تقدم لنا النقل عن الكوفيين أنهم يجيزون إضافة الصدر إلى العجز في المركب
مطلقا دون إضافة، وإن كان البناء هو الأجود، ولا يخصون ذلك بثماني عشرة
كما يفهم من كلام المصنف، وأن أصحابنا البصريين حملوا ذلك على الضرورة
على تقدير صحة النقل فيه
-[ص: وياء الثماني في التركيب مفتوحة أو ساكنه أو محذوفة بعد كسرة أو
فتحة، وقد تحذف في الإفراد، ويجعل الإعراب في متلوها، وقد يفعل ذلك
برباع وشناح، وجوار وشبهها.]-
ش: الياء في الثماني زائدة، وهو اسم أجرى في الإعراب مجرى المنقوص،
فتقول جاءني ثمان، ومررت بثمان، ورأيت ثمانيا، قال الشاعر:
ولقد شربت ثمانيا وثمانيا
…
وثمان عشرة واثنتين وأربعا
وقد تكلمنا عليها في أخر فصل في باب النسب من شرح هذا الكتاب،
ففتحها في ثماني عشرة هو الوجه، لأنه لما ركب الاسمان فتحا، والياء قابله للفتحة
إعرابا فكذلك تقلبها بناء، وسكونها كسكونها في معدي كرب حالة البناء،
وسكونها في معدي كرب تشبيها بياء دردبيس؛ إذ معدي كرب جعل اسما
لواحد كما أن دردبيسا كذلك.
وأما حذفها فلأنها حرف زائد ليس من سنخ الكلمة، وأبقيت الكسرة قبلها
لتدل على الياء المحذوفة. وأما فتحها فيظهر أن ذلك على لغة من حذف الياء في
الإفراد قبل أن تركب في العدد، فلما ركبت بنيت على الفتحة، كما أنها في
/الإفراد في هذه اللغة تعرب حالة النصب بالفتحة.
وقوله فيجعل الإعراب في متلوها أي: في متلو الياء، وهو النون، فتقول
هذه ثمان، ورأيت ثمان، ومررت بثمان، وقال الشاعر:
لها ثنايا أربع حسان
…
وأربع، فثغرها ثمان
وقوله وقد يفعل ذلك - أى: حذف الياء وجعل الإعراب في متلوها -
برباع، الرباعى: ما فوق الثنى من الحيوان، وشناح وهو الطويل، وهذان الاسمان
أجراهما معظك العرب مجرى المنقوص، فتظهر الفتحة في حالة النصب، وتقدر
الضمة والكسرة في حالى الرفع والجر. وبعض العرب يحذف الياء، ويجعل الإعراب
في العين والحاء، فيقول: هذا رباع وشناح، ورأيت رباعا وشناحا، وكررت برباع
وشناح. ومسوغ حذف الياء كونها حرفا زائدا، فاستسهلوا حذفه. ويحتمل أن
يكون قائل هذا بنى الكلمة على فعال كصباح لا على الفعإلى، فلا يكون ثم
حذف، بل تكون هذه لغة، لا أن الكلمة بنيت على الياء، ثم حذفت.
وقوله وجوار وشبهها يعنى من جمع فاعلة المعتلة اللام على فواعل، نحو:
جارية وجوار، وغاشية وغواش، وناصيه ونواص. والفرق بين هذا الجمع وما قبله
أن الياء في ثمان ورباع وشناح زائدة، والياء في هذا الجمع ليست كذلك؛ إذ هي
في مفرده ياء إما أصلية وإما منقلبة عن واو أصلية، وقرأ ابن مسعود
{وله الجوار} برفع الراء، وبعض السلف {ومن فوقهم غواش}
-[ص: وقد يستعمل «أحد» استعمال «واحد» في غير تنييف، وقد يغنى بعد
نفي أو استفهام عن «قوم» أو «نسوة» وتعريفه حينئذ نادر. ولا تستعمل
«إحدى» في تنييف وغيره دون إضافة. وقد يقال لما يستعظم مما لا نظير له: هو
أحد الأحدين، وإحدى الإحد. ويختص «أحد» بعد نفي محض أو نهى أو
شبههما بعموم من يعقل لازم الإفراد والتذكير، ولا يقع بعد إيجاب يراد به
العموم، خلافا للمبرد. ومثله غريب وديار وشفر وكتيع وكراب ودعوى
ونمى ودارى ودورى وطورى وطوئى وطوؤى وطأوى ودبى ودبيج ودبيج
وأريم وأرم ووابر ووابن وتأمور وتؤمور. وقد يغنى عن نفي ما قبل «أحد»
نفي ما بعده أن تضمن ضميره أو ما يقوم مقامه، وقد لا يصحب «شفر» نفيا،
وقد تضم شينه.]-
ش: هذه المسائل ليست من باب العدد، وإنما ذكرها استطرادا على عادته،
ومثال استعمال أحد في معنى واحد قوله تعالى {وإن أحد من المشركين
استجارك}، {قل هو الله أحد} ، وقول الشاعر:
وقد ظهرت، فما تخفي على أحد
…
إلا على أحد لا يعرف القمرا
أي: إلا على واحد، وقوله:
إذا ناقة شدت برحل ونمرق إلي احد بعدي فضل ضلالها
أي: واحد بعدي.
وقوله قد يغني بعد نفي أو استفهام عن قوم أو نسوه مثال إغنائه عن قوم أو نسوه مثال إغنائه عن قوم بعد نفي (فما منكم من احد عنه حاجزين). ومثال ذلك بعد استفهام قول أبي
عبيده [156:4/ب](يا رسول الله احد خير منا؟) ،أصله أأحد ،فحذف همزه ا
الاستفهام ،أوقع فيها أحدا فيها موقع قوم. ومثال إغنائه عن نسوه {يا نساء النبي لستن كأحد من النساء} هذه مثل المصنف في الشرح لهذا الحكم الذي ادعاه في أحد ،وليس
بصحيح، لأن أحدا هذا المستعمل في {فما منكم من احد} وفي قول أبي عبيده ليس
هو أحد المستعمل في التنييف ولا في غير التنييف الذي ذكره ، لأن هذا معناه واحد.
فأما الذي في {فما منكم من احد} وفي {احد خير منا} ؟ فهو من القسم
الذي يذكره بعد ذلك في قوله «ويختص أحد بعد نفي محض أو نهي أو شبيههما
بعموم من يعقل لازم الأفراد والتذكير» فقوله {فما منكم من أحد عنه حاجرين}
كقولك ما من احد يضرب عمرا ،وقوله «احد خير أمنا»؟ كقوله: هل أحد
يضرب عمرا و «أحد» هذه التي لعموم من يعقل مخالفة في المادة ل «أحد» بمعني
«واحد» الواقع في التنييف وفي غيره ،لأن ماده هذا «وح د» وماده الذي للعموم
«همزه وحاء ودال» ، نص النحاة عل ذلك.
أما قوله {لستن كأحد من النساء} فالذي يظهر إن أحدا فيه واقع موقع
واحده المراد بها وحدات ، أو موقع واحده ، والمعني: ليست واحده منكن كواحدة
من النساء. ولا يؤنث احد إن أطلق علي مؤنث بالتاء احده
وقوله وتعريفه حينئذ نادر أي: حين إذ يغني بعد نفي أو استفهام عن قوم أو
نسوه ،وقال المصنف في الشرح: «وحقه إذ اغني عن قوم أو نسوه أن يكون نكره ،وقد ندر تعريفه في قول الشاعر: وليس يظلمني أمر غانيه ألا كعمرو ، وما من الأحد قال الليحاني: قالوا ما أنت من الأحد ،أي: من الناس انتهي. وهذا يدل علي أن أحدا هنا هو الواقع في عموم من يعقل ولذلك ندر تعريفه ، لان غالب ذلك لن يستعمل نكره.
وقوله لا تستعمل «احدي» في تنييف وغيره دون إضافة لم يتعرض
المصنف في شرحه لشرح هذا الكلام وبعضه وهم ، لأن احدي تستعمل في التنييف دون الإضافة ،ألا تري انك تقول: احدي وعشرون امرأة ،وتقول في المركب احدي عشره جاريه ، فقد استعملت احدي في التنييف دون الإضافة ، وإصلاحه أن يقول:«ولا تستعمل احدي في غير تنييف دون إضافة» فهذا حكم صحيح ، قال
تعالي {لإحدى الكبر} ، {أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى} ، {فجاءته إحداهما} ، {قالت إحداهما يا أبت استأجره}
ولها شرط في الإضافة أنها لا تضاف إلي العلم ، فأما قول النابغة:
أحدي بلي ،وما هام الفؤاد بها إلا السفاه ، وإلا ذكره حلما
وبلي: حي من قضاعة علم - فقد تؤول علي حذف مضاف ،تقديره احدي
[157:4/أ] نساء بلي ،وقد النابغة في ذلك أبو تمام فقال:
أيا ويح الشجي من الخلي
…
ويا للدهر من احدي بلي
يريد: من احدي نساء بلي.
ومن إضافتها إلي غير العلم قوله {إلا احدي الحسنيين} ، وقوله {احدي ابنتي هاتين}
وقوله واحدي الإحد قال الراجز:
حتى استثاروا بي احدي الإحد
…
ليثا هزبرا ذا سلاح معتد
وقال ثعلب: يقال هو احدي الإحد ، واحدي الأحدين وواحد الآحاد ،
علي معني: لا مثل له ، وقالوا الأحد كما قالوا الكبر ،كما قالوا ظلمه وظلم
وسدرة وسدر.
وقوله ويختص احد إلي قوله والتذكير احد هذا هو الذي ذكر النحاة أن
مادته «همزه وحاء ودال» وليس مشتقا من الوحدة 'وهو مخالف ل «احد» بمعني
واحد ماده ومعني واستعمالا ،ومساق المصنف له مساق مادته وماده احد
بمعني واحد سواء
وقوله بعد نفي محض مثاله {لم يكن له كفوا احد} .واحترز
بقوله «محض» من أليس وما زال ونحوهما قاله المصنف في الشرح ، يعني: فلا
يجوز: أليس احد يقوم؟ ولا: مازال احد يفعل كذا
أما «أليس» فلا اعلم فيها خلافا.
وأما «مازال احد يذكر كذا» فثلاثة مذاهب:
احدها المنع ، سواء أكان ذلك بالماضي أم المضارع وهو مذهب الفراء
والثاني: إجازتها مطلقا وهو مذهب هشام.
والثالث: التفضيل بين أن يكون بالماضي فيمتنع ،أو بالمضارع فيجوز، وهو مذهب الكسائي، وقد ذكرنا ذلك في «باب كان»
والصحيح مذهب الفراء ،لان هذا صورته صوره النفي، وليس بنفي ،ألا تري انه لا يجوز
دخول إلا في خبره ،ولانصب الفعل بعد الفاء والواو في جوابه ،فكذلك لا يقع «احد» فيه.
وقوله أو نهي مثاله «ولا يلتفت منكم احد»
وقوله أو شبههما يريد شبه النفي وشبه النهي ، فشبه النفي قوله تعالي
«هل تحس منهم من احد» صورنه استفهام ،ومعاناة النفي ،أي: ما تحس منهم من احد ، ونحو: قلما يقول ذلك احد إلا زيد ،وليتني اسمع احد يتكلم ،لان المعني: لا اسمع
أحدا يتكلم ،ذكره الفراء في «كتاب الحد»
ومن شبه النفي قول الراعي:
لو كنت من احد يهجي هجوتكم يا ابن الرقاع ، ولكن لست من احد
أي: ما أنت من احد يهجي.
وشبه النهي قول الفراء في «كتاب الحد» : لأضربن أحدا يقول ذلك ساقه سياقا يشعر بشهوته ، والمعني فيه: لا يقل ذلك احد.
وقوله بعموم من يعقل وذلك عموم الشمول والإحاطة ، ولذلك لا يثني ولا
يجمع ولا يؤنث ولا يعرف ، لأنه قصد به حاله واحده ، فاستغني عن علامة تدل علي غيرها ، وغيره من النكرات - وان استعمل في النهي والنفي للعموم كاستعمال أحد فقد يستعمل ويراد به نفي الوحدة ، فإذا قلت ما في الدار رجل احتمل العموم الاستغراقي
واحتمل نفي الوحدة ، ولهذا اصح إذا أريد به هذا الاستعمال أن تقول: بل رجلان.
وقوله ولا يقع إلي للمبرد أجاز المبرد: جاء كل أحد ، ومنع ذلك / غيره: قال س: (ولا يجوز لأحد أن تضعه واجبا) أي: إنه وضع للنفي ، فإذا قلت ما جاءني رجل احتمل نفي الوحدة ، أو نفي مقابل المرأة ، أو نفي الكمال في الرجولية فأذاق بت ما جاءني احد كان نفيا لهذا كله ومقابله.
وزعم أبو العباس أن أحدا وضع علي العموم ، فيصلح في كل موضع عام فتقول
«كل أحدا يفعل كّذا» لأنه عام ، ولا تقول «قام أحد» لأنه لا يتصور العموم هنا ألا تري انه
لا يجوز أن يكون قام رجل دون امرأة ، وأمراه دون رجل واثنان دون واحد ' وواحد دون اثنين دون واحد ، وواحد دون اثنين ، وقوي دون ضعيف ،وضعيف دون قوي فلما لم يتصور العموم هنا لم يتصور العموم هنا لم بجز لـ (أحد) أن يقع ثم.
وردوا عليه لان أحدا الذي زعم أن يكون عاما لا يتصور في كل لأنه موجب ، ألا تري أن الوجه الذي منع لأجله «قام احد» مستتب هنا ، إذ لا يتصور أن تقول: كل احد يفعل كذا ، وتريد الرجل دون المرأة ، والمرأة دون الرجل ، والواحد دون الاثنين ، والاثنين دون الواحد ،إذا لا يتصور إن تجتمع المضادات في الإيجاب ، ويتصور ذلك في النفي ، لأنك إذا قلت ما يفعل ذلك أحد كان المعني ،لا يعل الرجل دون المرأة و، ولا المرأة دون الرجل ،ولا القوي دون الضعيف ، ولا عكسه ، لان المتضادات نعم ب النفي ولا يتصور عمومها بالإيجاب. برهن ذلك أن تقول: زيد لا اسود ولا ابيض ،ولا يصح أن تثوب: زيد اسود ابيض فالذي قاله أبو العباس خطأ
فإن قلت: لا ينكر من كلامهم كل احد بفعل كذا.
فالجواب: أن أحدا هنا بمعني واحد أي: منفرد كما قال:
يوم الجليل علي مستأنس وحد
فأن قلت هذا لا يكون عاما وهو في «كل احد» عام ،فليس هو ذاك.
فالجواب: أن الذي ادخله في العموم هو كل ، ألا تري انك لو قلت «كل زيد»
كان عاما لا يراد به واحدا ، لان وضع كل اقتضي ذلك ' فالذي أورد المبرد هو الذي يكون بمعني واحد ، وهو الذي يكون بمعني واحد ، وهو يكون في الواجب لأنه لا يحيل معني ، لا تري قوله:
لقد بهرت عما تخفي علي احد إلا علي احد لا يعرف القمرا
أي: إلا علي واحد ف الصحيح ما ذهب إليه
وقوله ومثله عريب إلي آخر أي: ومثل احد في استعماله ذلك ألاستعمال بعد نفي أو نهي أو شبههما عريب. وذكر المصنف اثنين وعشرين كلمة.
وزاد غيره: طوراني ، وصافر ، ولاعي فرو ، ونافخ ضرمه ، وارم ، وايرمي ، وارمي ، وابر، وعين بفتح الياء ، وعين بسكونها ، وعائن ، وعائنة ، وطارف ، وأنيس ، ودؤري ، بالهمزة ، وقال الليحاني: الهمزة غلط فهذه ست عشره كلمة.
أنشد المصنف في الشرح أبيانا فيها استعمال شيء من هذه الأسماء الاستعمال المذكور وهي:
ليت هذا الليل شهر
…
لا نري فيه عربيا
ليس إياي وإياك
…
ولا نخشي رقيبا
وبلده ليس بها طؤوي ولا خلا لاج بها انسي
ويروي طوري.
تلك القرون ، ورثنا الأرض بعدهم
…
فما يحس عليها منهم أرم
يمينا أري من ال شيبان وابرا
…
فيفلت مني دون منقطع الحبل
أجد الحي فاحتملوا سراعا
…
فما بالدار بعدهم كتيع
وقوله وقد يغني إلي قوله ضميره مثاله ما حكي س: إن أحدا لا يقول ذلك ،
فاستعمل أحدا بعد أن وهي للإيجاب لأنه داخل تحت «لا يقول» في المعني ف كأنه نقي ، قال:«وهو ضعيف خبيث» . وقول الشاعر
إذا احد لا يعنه شأن طارق
…
لعدم ، فانا مؤثروه علي الأهل
وقوله أو ما يقوم مقامه أي: مقام الضمير ، ومثاله علي قول الشاعر:
ولو سئلت عنها نوار وقومها
…
إذا احد لا تنطق الشفتان
أراد: إذ لم تنطق شفتاه ، أقام الألف واللام مقام الضمير ، هكذا قال المصنف في الشرح
، وهو منزع كوفي. وإما تخريجه علي مذهب البصريين فنقول: حذف الضمير منه وتقديره: لم تنطق الشفتان منه
وقوله وقد لا يصحب شفر نفيا مثاله قول الشاعر:
ف والله لا تنفك منا عداوة
…
ولا منهم مادام من نسلنا شفر
-[ص: فصل
ولا يثني ولا يجمع من أسماء العدد المفتقرة إلي التمييز إلا مئة وألف ،واختص الألف بالتمييز به مطلقا ، ولم يميز بالمئة إلا ثلاث واحدي عشرة وأخواتهما.]-
ش: أسماء العدد إلي قسمين: مفتقر إلي تمييز ، وغيره مفتقر إليه:
فغير المفتقر أليه واحد واثنان ، ولا يثني واحد إذا أريد به العدد ، فيقال واحدان ، ولا يجمع. اما امتناع التثنية فلإغناء اثنين عنه ، وأما جمعه لا غناء اثنين عنه ، وأما جمعه ف لإغناء ثلاث وما بعده من أسماء العدد عنه ، وأما إذا كان صفه قوله «إنما الله اله واحد»
فانه يجمع علي وحدان كقوله:
.................................
…
طاروا إليه زرافات ووحدانا
وقد جمع بالواو والنون في قوله
.................................
…
وقد رجعوا كحي واحدينا
وقد ثني في قوله:
فلما التقينا واحدين علوته
…
............................
وكذلك اثنان لا يثني لأنه تثنيه ، وان لم ينطق له بواحد ، والمثني لا يثني ، ولأنه يغني عنه أربعه ، ولا بجمع أيضا
وقول المصنف «من أسماء العدد المفتقرة إلي مميز» لا حاجه به إلي هذا
القيد ، لان أسماء العدد ما افتقر منها إلي تمييز / وما لم يفتقر لا يتثني ولا يجمع ما عدا مئة وألفا ، وهكذا أطلق النحويون أن أسماء العدد لا تثني ولا تجمع إلا مئة وألفا.
وإنما لم تثني الثلاثة وأخواتها ولم تجمع لان لكل منها لفظا يغني عن ذلك ان قصد ، ألا تري أن ستة يغني عن تثنيه ثلاثة ، وعشره يغني عن تثنيه خمسه ،وعشرون يغني عن تثنيه عشره ، وكذلك أيضا ثلاثون فما بعدها أغنت جمع عشره ولما كانت ألف لم يوضع لها اسم يستغني به عن تثنيتها ولا عن جمعها ثنيت وجمعت فقيل: ألفان وألوف وآلاف ،فجرت إذا ذاك مجري سائر الأسماء في التثنية والجمع ، وسواء أكانت مفسره نحو ثلاثة ألاف أم غير مفسره ، نحو قوله (وهم ألوف) وقول الشاعر
وهو المنزل الآلاف من جو ناعط
…
بني أسد ، حزنا علي الأرض أوعرا
وأما مئة لم يوضع لها لفظ يستغني به تثنيتها ، فلذلك ثنيت فقيل مئتان.
وأما جمعها فانه لما كان له شبهان شبه بالثلاثة وأخواتها في أن لها لفظا بغني عن جمعها ان كانت المئة عشر مئات وهو ألف. وشبه بألف في إهمال ما يغني عن جمعها ان كانت دون عشره ، فتوسط أمرها ، فأفردت ، فقيل خمسمائة ، وجمعت فقي ثلاث مئين
وقوله واختص ألاف بالتمييز به مطلقا أي يميز به العدد المضاف والمركب والعقود والمعطوف ، ثلاثة الألف واحد عشر ألفا ، وعشرون ألفا ، وثلاثة وثلاثون ألفا ،ومئة ألف ، ألف ألف.
وقوله ولم يميز بالمئة إلا ثلاث احد عشره وأخواتها يعني انه يقال: ثلاثمئة إلى تسعمئة وانه يقال: احدي عشره مئة إلي تسعه عشره مئة وكذا قال المصنف في الشرح. وقال فيه «ولا يقال عشر مئة» ،ولا عشرون مئة استغناء بألف وألفين» انتهي.
وقد تقدم ما حكيناه عن الفراء ان بعض العرب يقول: عشر مئة ، وان اهل هذه اللغه يقولون ثلاثه مئين وأربع مئين ،فيجمعون ، فينبغي ان يحمل كلام المصنف «انه لا يقال عشر مئة استغناء بألف» علي لغة أكثر العرب ولا يكون هذا ممنوعا مطلقا.
وأما ما ذكره المصنف من انه يميز المركب بمئة ، فتقول: احدي عشره مئة ، واثنتا عشره مئة ، الي تسع عشره مئة - فانه يحتاج في ذلك إلي صحة نقل ان ذلك مسموع من كلام العرب ،بل المعروف في ذلك أن يقال: ألف ومئة ، ألف ومئتان ، ألف وثلاثمئة ،إلي ألف وتسعمئة.
قال المصنف في الشرح «ومن تمييز المركب ب مئة قول جابر (كنا خمس عشره مئة) يعني أهل الحديبية وفي حديث البراء (كنا يوم الحديبية أربع عشره مئة) انتهى.
وما أظن هذا الرجل اخذ هذا الحكم ولا بناه إلا علي ما روي في ذلك من حديث جابر والبراء ،فان عادته ذلك ،وهو إثبات الأحكام النحوية بما وقع في كتب الحديث ، وهذه عاده من لم يشتغل علي العلماء ، بل ينظر بنفسه ، ويستبد برأيه ، وقد تكلمنا معه في ذلك / وأمعنا الكلام في «كتاب التكميل» ، وبينا عله كون علماء العربية الذين أسسوا قوانينها وقواعدها لم يبنوا الأحكام علي ما ورد في الحديث كأبي عمرو بن العلاء والخليل ابن احمد ويونس ابن حبيب وسيبيويه والاخفش والجرمي والمازني والمبرد والكسائي والفراء وهشام والأحمر وثعلب وغيرهم رحمهم الله ، وجاء هذا الرجل متأخرا في أواخر القرن سبعمائة ،فزعم انه يستدرك علي المتقدمين ما أغفلوه وينبه الناس علي ما أهملوه ولله در القائل: لن يأتي أخر هذه ألامه بأفضل ما أتي به أولها.
-[ص: وإذا قصد تعريف العدد ادخل حرفه عليه ان كان مفردا غير مفسرا أو مفسرا بتمييز ، وعلي الأخر أن كان مضافا ، أو عليهما شذوذا لا قياسيا ،
خلافا للكوفيين ، ويدخل علي الأول والثاني أن كان معطوفا ومعطوفا عليه ، وعلي الأول ان كان مركبا وقد يدخل علي جزأيه بضعف ، وعليهما وعلي التمييز بقبح]-
ش: المفرد من العدد هو من واحد إلي عشره إذ لم تضف ثلاثة وما بعدها.
والعقود عشرون وأخواته ، ومئة وألف إذا لم يضافا. فإذا أردت تعريف هذا النوع أدخلت عليه أل كتعريف سائر الأسماء المفردة فتقو الواحد والاثنان والثلاثة والأربعة والعشرون والمئة والألف. ويشمل قوله غير مفسر ما لا يقبل التفسير كواحد واثنين وما يقبله كما بعدهما من الأعداد
وقوله أو مفسرًا بتمييز لسانه مثاله: العشرون رجلا. وقال المصنف في الشرح
«والمئة درهما» . ثم قال «وهذا علي لغة من يضيف ،عومل فيها ذو الألف واللام معامله
المنون ،ذكر ذلك ابن كيسان وعليه ورد قول حذيفة «يا رسول الله أتخاف غلينا ونحن لين الستمئة والسبعمئة» انتهي.
وقد تقدم كلاما معه في تجويزه ذلك في قوله في أوائل باب العدد «وقد يفرد تمييزا» وبينا انه ان قيل ذلك فهو من باب الضرائر ، وافهم كلامه هنا أن ذلك لغة العرب وقال هناك ، وقد انشد بيت الربيع:«ومثله في رواية من نصب مئة من قول حذيفة» ، وأورد الحديث.
وقال أيضا حين انشد بيت الربيع «وهذا يقوي ما ذهب إليه ابن كيسان من جواز الألف درهما والمئة دينارا» .
وهذا يشعر أن هذا تجويز من ابن كيسان انفرد به ، فلا يكون ذلك لغة ونصوص أئمة العربية انه متي ذكر تمييز مئة وألف فلا يكون إلا مجرورا إلا ما حكي هذا المصنف عن ابن كيسان انه أجاز نصبه.
وقوله عن الأخر أن كان مضافا أي: أن كان العدد مضافا ،مثاله ثلاثة الأثواب، مئة الدرهم ،وألف دينار. وقال المصنف (علي الأخر) ولم يقل غلي الثاني ،ليشمل ما إضافته واحده وما تضمن إضافتين فأكثر ، نحو: قبضت خمسمئة ألف دينار فيتعرف الأول بالثاني كما تقول غلام الرجل ، وهذا / التركيب لا خلاف في جوازه ، وهو جار علي تعريف المضاف بما أضيف إليه وغليه جاء قول الشاعر
........................
…
ثلاث الأثافي والرسوم البلاقع
وقول أخر:
........................... فسما فأدرك خمسه الأشبار
وينبغي ان يقيد قوله «وعل الأخر أن كان مضافا» ب «ألا يكون المفسر مضافا إلي مالا يقبل أل» ، فانه أن كان مضافا إلي ذلك لم يدخل حرف التعريف عليه ، نحو عندي ثلاثة أثوابك ، وقال الشاعر:
....................... فكان ثلاثة أشبارها
وقوله عليها شذوذا لا قياسيا خلافا للكوفيين قال المصنف في الشرح» وروي الكوفيون إدخال حرف التعريف علي العدد المضاف إلي ما فيه الألف واللام ، كقولك قبضت العشرة الدنانير ،واشتريت الخمسة الأثواب، وهو شاذ فيحفظ ولا يقاس عليه» انتهي.
وحكي أبو زيد ذلك عن ثوم من العرب ليسو فصحاء وقال الفارسي: «حكي الكسائي: الثلاثة الأثواب» انتهي.
وقاسه أهل الكوفة علي: الحسن الوجه
فأما السماع حمله البصريون - إن صح - غلي زيادة الألف واللام في الأول. وإما القياس فقالوا: لا يشبه الحسن الوجه ، لان الوجه مجرور اللفظ مرفوع التقدير لأنه: الذي حسن ، وليس المعدود مع العدد كذلك. والدليل عليه أنهم قد
اتفقوا على المنع في أجزاء الدرهم ، لا يجيزون: الثلث الدرهم ، بالإضافة.
فأن قلت: الثلاثة الأثواب ، والعشرة الغلمان، علي البدل جاز ، ولا خلاف في امتناع: الثلاثة أثواب. بإدخال أل علي الثلاثة ونزعها من الأخر كما امتنع: الغلام رجل ، لان الباب أن يكتسي المضاف التعريف من المضاف إليه أما العكس فلا.
وقال ابن عصفور: «وبعض الكتاب يجيزون ذلك ، وهو قليل جدا ويقولون: عندي الخمسهه أثواب» انتهي.
وينبغي - إن ورد مثل في قليل - انه لا يعتقد إضافة الخمسة إلي الأثواب ، بل يكون الجر في أثواب علي تقدير مضاف أي: الخمسة خمسه أثواب علي تقدير مضاف أي: أي الخمسة خمسه أثواب ،فحذف خمسه لدلاله الخمسة عليه ، وابقي أثواب مجرورة كحاله قبل الحذف ،كقول الشاعر:
رحم الله أعظما دفنوها
…
بسجستان طلحه الطلحات
أي: أعظم طلحه.
وقوله ويدخل علي الأول والثاني إن كان معطوفا ومعطوفا عليه هذا بإجماع ، ومثال عليه قول الشاعر:
إذا الخمس والخمسين جاوزت فارتقب
…
قدوما علي الأبواب غير بعيد
ولا يجوز دخولها علي التمييز.
أجاز ذلك قوم ،فتقول: ما فعل ألخمسه والعشرون الدرهم؟
وأجاز بعض النحويين أن تدخل أل في المعطوف عليه ويترك إدخالها في العقد فأجاز أن تقول: الأحد والعشرون ، وهو اختيار شيخنا أبا الحسن الابذي ،
وهذا لا يجوز لان لا يتعرف الثاني بإدخال أل في الأول ، لأنه ليس معه كالاسم الواحد فكل اسم منهما معرب علي حياله ،فإذا أردت تعريف الثاني فلابد من إدخال أل عليه. وقوله علي الأول ان كان مركبا أكثر أهل البصرة لا يجيزون في تعريف المركب إلا إدخال أل علي الأول منهما ، فتقول: ما فعلت الأحد عشر درهما؟ وسبب ذلك ان المركب مبني ومحكوم له جميعه بحكم الاسم المفرد المعرب من حيث انه جميعه يكون في موضع رفع وموضع نصب وموضع جر ، وإذا كان كذلك فلا يكون تعريفه إلا بإدخال أل في أوله ، ولا تدخل أل في الاسم الثاني لأنه كوسط الاسم ،قال الفارسي:«وروي أبو عمرو عن الاخفش أن بعض العرب يقول ألخمسه عشر الدرهم ، وقال وليس له وجه من القياس» .
وقوله وقد يدخل علي جزأيه بضعف هذا جنوح من المصنف أل مذهب الاخفش والكوفيين ، فان مذهبهم جواز تعريف الاسمين المركبين وحكاه الاخفش عن العرب ، نحو: عندي الخمسة العشر درهما ، فان الأصل فيهما العطف ، فهما اسمان في اللفظ ، فان أردت التعريف أدخلت أل علي كل منهما ألا تري انك لو فككت التركيب فعطفت احدهما علي الأخر لعرفت الاسمين ، فكذلك هذا لانه في ضمنهما ، وهذا الوجه جيد والأخر أقيس.
وقال الفارسي «لا يجوز هذا لان الاسم لا يعرف بوجهين) قال:
» وكذلك عرفته العرب ،قال ابن الأحمر
تفقع فوقه القلع السواري وجن الخازباز به جنونا
فعرف الاسم الأول من الاسمين»
وقوله وعلي التمييز بقبح ذهبت طائفة من الكتاب أل إدخال أل علي المركبين والتمييز.
وحكي ابن عصفور أن بعض النحويين أجاز ذلك وأن
الأخفش حكاه عن بعض العرب وحكاه صاحب البسيط عن الكوفيين ، وقال المصنف في الشرح:«ولا يستعمل منه إلا ما سمع» . وسوغ الفراء القياس علي ذلك. وينبغي أن يحمل ما سمع من ذلك علي زيادتها في ثاني المركبين وفي التمييز.
وقد أجاز قوم من النحويين إدخال أل علي التمييز مناسب لمذهب الكوفيين
-[ص: فصل
حكم العدد المميز بشيئين في التركيب لمذكرهما مطلقا أن وجد العقل ، وإلا فلسابقهما بشرط الاتصال ، ومؤنثهما أن فصلا ب (بين) وعدم العقل ، ولسابقهما في الإضافة مطلقا. والمراد ب «كتب لعشر بين يوم وليله» عشر ليال وعشره أيام / وب «اشتريت عشره بين عبد وأمه» خمس اعبد وخمس آم.]-
ش: مثال المسألة الأولي عندي خمسه عشر عبدا وأمه ، وخمسه عشر جاريه وعبدا. ومعني بشيئين أي مذكر ومؤنث ، ومعني مطلقا أي: لا يعتبر التقديم في المذكر ولا التأخير ، ولا اتصال التمييز بالمركب أو فصله منهما ب (بين)، بل الحكم للمذكر إذا كان العقل في المذكر والمؤنث. وسواء اتصل التمييز بهما كما مثلنا أو انفصل منهما ب (بين) نحو: اشتريت ستة عشره بين عبد وأمه ، أو ستة عشر بين أمه وعبد.
ولا يشترط تنصيف العدد بينهما ولا كثره المذكر ، بل لو كان عشر نساء ورجل واحد لقلت: احد عشر وغلبت المذكر.
وقوله وألا أي: وان لم يوجد العقل فيهما فالحكم لما سبق من مذكر أو مؤنث بشرط اتصال التمييز بهما ، مثاله / اشتريت ستة عشر جملا وناقة ،واشتريت ستة عشر ناقة وجملا.
وقوله لمؤنثهما أن فصلا ب (بين) وعد العقل مثاله اشتريت ستة عشره بين ناقة وجمل ، وستة عشر بين جمل وناقة ، وقال الشاعر:
فضافت ثلاثاً بين يوم وليلة
…
وكان النكير أن تضيف وتجارا
…
قالوا إنما غلب المذكر فيما يعقل لأنه ليس تحته عدد يحتوي عدد يحتوي علي جمعين،
…
وغلب في الثانية السابق لأن الحكم للأول كالمؤنث، وهذه التعاليل وجدتها بخط الخفاف، فلتنتظر.
وقال س: «يجوز في القياس: خمسه عشر من بين يوم وليلة، وليس بحد كلام العرب «.
قال أبو سعيد: (إنما جاز ذلك لأنا نقول: ثلاثة أيام، نريد: مع لياليها،
قال تعالي {ألا تكلم الناس ثلثه أيام إلا رمزا} ،وقال:{ألا تكلم الناس تلت ليال سويا} ،وهي قصه واحدة» انتهي
…
وظاهر كلام المصنف تخصيص هذه الأحكام بالعدد المميز. بمذكر ومؤنث في التركيب وظاهر كلام ابن عصفور أن ذلك لا يختص بالمركب، فأنه قال:«وإن نصبت المعدود المختلط بعد العدد» ، فظاهر قوله «بعد العدد» أنه لا يخص بالمركب، فعلي هذا تجيء هذه التقاسيم في العدد المعطوف، فتقول: عندي أحد وعشرون عبدا وأمه، أو أمه وعبدا، واشتريت أربعه وعشرين بين عبد وأمه، أو بين أمه وعبد، فتجعل الحكم للمذكر لوجود العقل فيهما، وتقول اشتريت أربعه وعشرين جملا وناقة، واشتريت أربعا وعشرين ناقة وجملا، لأنه لم يوجد العقل فيهما، وقد اتصل التمييز بالعدد، وتقول: سرت أربعا وعشرين بين ليله يوم، أو بين يوم وليله، لأنه فصل بينهما ب «بين» وعدم العقل
فرع: لو أن أحد التمييز من مذكر أو مؤنث عاقلا، والآخر غير العاقل، فالذي يقتضيه القياس تغليب المذكر العاقل، لأنه إذا كان يغلب مع المؤنث العاقل فلأن يغلب مع المؤنث غير العاقل /أولي، مثاله: اشتريت أربعه عشر عبدا وناقة، واشتريت أربعه عشر ناقة وعبدا.
فإن كان العاقل مؤنثا والذي لا يعقل مذكرا فالذي يقتضيه القياس تغليب المؤنث إن فصل ب «بين «،لأنه إذا كان يغلب المؤنث الذي لا يعقل المذكر غير العاقل فلأن يغلبه المؤنث الذي لا يعقل الذكر غير العاقل فلأن يغلبه المؤنث الذي يعقل أولي، مثاله: اشتريت أربع عشرة بين أمه وجمل، أو بين جمل وأمه
…
فإن اتصل التمييز فالظاهر أنه يعتبر العاقل المذكر تقدم أو تأخر، لأنه إذا كان يغلب المذكر العاقل المؤنث العاقل فلآن يغلب المؤنث الذي لا يعقل أولي، ومثاله: اشتريت أربعه عشر ناقة وعبدا، أو عبدا وناقة
…
والتمييز المختلط المنصوب أو المجرور ب «بين «فيما ذكرناه إن كان العد يقبل التصنيف كان التمييز منصفا بين المذكر والمؤنث، وإن كان لا يقبل التنصيف فيكون التمييز مجملا، نحو: اشتريت أحد عشر عبدا وأمه، أو بين عبد وأمه، وكذلك نحرت خمسه جملا وناقة، أو خمس عشرة بين جمل وناقة.
…
وقوله ولسابقهما في الإضافة مطلقا أي: الحكم لما سبق من المذكر والمؤنث، فتقول: عندي عشرة أعبد وإماء، وعشر إماء وأعبد، وذلك فيما له تنصيف جمعي، وذلك عشرة وثمانية وستة، فإن لم يكن تنصيف جمعي عطفت علي العدد لا علي المعدود، وصار المعطوف مجهولا للمخاطب عدده، فتقول: عندي أربعه رجال ونساء، وعندي ثلاث جوار ورجال، نص علي ذلك أصحابنا وهو قول الكسائي
وحكى ابن سيده في «المخصص» من تأليفه أن الفراء لا يحيز أن ينسق علي المؤنث بالمذكر وعلي المذكر بالمؤنث، وذلك أنك إذا قلت عندي ستة رجال ونساء فقد عقدت أن عندي ستة رجال، فليس لي أن أجعل بعضهم مذكرا وبعضهم مؤنثا، وقد أنهم مذكرون.
وقال صاحب البديع: «وبعضهم لا يحيز الجر فيما له نصف، لأنك إذا قلت ستة علم أنهم رجال، فكيف تجعل بعضهم نساء» انتهي.
…
فإن جمعت بين المذكر والمؤنث ولم تضف العدد إليهما بل أخرته غلبت المذكر، فتقول: عندي رجال ونساء ستة، ونساء ورجال ستة.
…
وقول والمراد ب «كتب» إلي قوله وخمس آم والفرق بينهما استتباع الليالي الأيام واستتباع الأيام الليالي، ألا تري إلي ما تقدم ذكره من قوله {ثلثه أيام إلا رمزا} ، وقال:{ثلث ليال سويا} والقصة واحدة، وعدم استتباع العيد الإماء، فإذا قلت «سار خمس عشرة من بين يوم وليله «دخلت الأيام في الليالي، وإنما قوله «من بين يوم وليلة «توكيد، بعد ما وقع علي الليالي غلب التأنيب علي التذكير علي خلاف المعروف، وأعطاه خمسة عشر من بين عبد وجاريه، لا يكون في هذا إلا هذا، لأن المتكلم لا يجوز أن يقول خمسه عشر، فيعلم أن ثم من الجواري بعدتهم، ولو قال خمس عشرة لم يعلم أن من العبيد بعدتهن، فهذا الفرق بين المسألتين.
ص: فصل
يؤرخ بالليالي لسبقها، فيقال أول الشهر: كتب لأول ليلة منه، أول لغرته، أو مهله، أو مستهله، ثم لليله خلت، ثم خلتا، ثم خلون، إلي العشر، ثم خلت إلي النصف من كذا، وهو أجود من لخمس عشرة خلت أو بقيت، ثم لأربع عشرة بقيت إلي عشر بقيت، إلي ليلة بقيت، ثم لآخر ليلة منه أو سلخه أو انسلاخه، ثم لآخر يوم منه أو سلخه أو انسلاخه. وقد تخلف التاء النون وبالعكس.
…
ش: التاريخ عدد الليالي والأيام بالنظر إلي ما مض من السنة أو الشهر وإلي ما بقي منهما، وفعله أرخ وورخ، وهما لغتان، فلذلك جاء فيهما تأريخ وتوريخ كتأكيد وتوكيد، ولا يخلو أن تذكر الليالي والأيام من حيث هي لا بالنظر إلي شيء، فلا بد من ذكر التمييز، وقد يحذف لفهم المعني. نحو صمنا خمسه، وإن ذكرت التمييز فالعدد علي حسبه من تذكير أو تأنيث، فتقول: خمسه أيام، وثلاث ليال، وخمسه عشر يوما، وخمس عشره ليلة.
فإن كان ما بعد العدد يجمع مذكورا ومؤنثا اثبت علي كل حال باعتبار رعيين أحدهما: الحمل علي المدد، فإذا قلت سرنا خمسا بين يوم وليلة فالتقدير: خمس مدد ثم فسرت المدد بالليالي الأيام.
…
والتاني: الحمل علي الليالي والأيام، فيغلب المؤنث علي المذكر لأنه أخف من حيث كان عدده بغير تاء، كما غلب ضبع علي ضبعان، أو أسبق، لأن الليل أسبق من النهار، أو تذكير الليالي والأيام بالنسبة إلي السنة والشهر.
فإن ذكرت المعدود كان علي حسبه من تذكير أو تأنيث، فتقول: سرت من شهر كذا خمس ليال أو خمسة أيام، وإن لم تذكر المعدود فالعرب تستغني بالليالي عن الأيام، فتقول: كتبت هذا لخمس من رمضان، قال الشاعر: خط هذا الكتاب في يوم سبت لثلاث خلون من رمضان وإنما استغني بالليالي عن الأيام للعلم أن مع كل ليلة يوما، فإذا مضي عدد من الليالي مضي مثلهما الأيام، فيجوز إن يستغني بذكر احدهما عن الآخر. وكان الاستغناء بالليالي أولي لأن أول الشهر ليلة، فأول ما يقع التأريخ علي الليالي، وأرخوا ما بقي من الشهر بها، فإذا قيل: كتب لثلاث خلون من شهر كذا، فالمعني لخمس، فقصدت الليالي، وسكت عن الأيام للعلم بأن مع كل ليلة يوما.
…
وذهب قوم منهم الزجاجي إلي أن هذا من تغليب المؤنث علي المذكر، وزعم أنه ليس في العربية موضع يغلب فيه المؤنث علي المذكر إلا في باب التأريخ، فأما سوي هذا فيغلب فيه المذكر علي المؤنث.
…
وكلا القولين فاسد:
…
أما أنه من باب التغليب فليس بصحيح، لآن التغليب إنما هو في لفظ يعم القبيلين، ويجري عليهما معا حكم أحدهما، كقوله تعالي {خلق كل دابة من ماء فمنهم} فأعاد ضمير الذكور العقلاء علي {كل دابة} علي سبيل التغليب.
وأما حصره التغليب للمؤنث علي المذكر في باب التأريخ ليس بصحيح، لأنه قد تقدم لنا تغليب المؤنث علي المذكر في: اشتريت خمس /عشرة بين جمل وناقة، أو بين ناقة وجمل. وكذا إن لم يقعا بعد «بين «، وانتصبا علي التمييز، وقدم المؤنث.
وقوله فتقول أول الشهر: كتب لأول ليله منه أو، لغرته أو مهله أو مسهله وقال غيره: أذا أرخت أول ليلة من الشهر قلت: في أول كذا، أو في أول ليله من كذا، أو في غيره، أوفي مهل، أو في مستهل.
وإن أرخت في أول يوم قلت: في أول يوم، أو غره يوم، وغره الشهر إذا مضي منه يوم ويومان وثلاثة، ومفتتح في أول يوم منه.
…
و «هلال «فيه خلاف: منهم من يجعله مثل الغرة، ومنهم من يجعله في أول يوم، خفي ففي التاني، وهو الصحيح، لأنه من لفظ استهل، ولا يستهل بالهلال إلا في أول يوم، فإن خفي ففي التاني، ولا يسمي هلالا في هلوك الشهر إلا مجازا، وعليه قول الشاعر:
…
أري مر السنين أخذن مني كما اخذ السرار من الهلال وقوله ثم لليلة خلت، ثم خلتا، ثم خلون إلي العشر وقال غيره: إذا أردت بعد مضي ليلة قلت: لليلة مضت. أو بعد مضي ليلتين قلت: لليلتين خلتا أو مضتا، أو بعد مضي يوم قلت: ليوم مضي، أو قلت: ليومين مضيا. انتهى.
وإنما قال خلون إلى العشر لأنه يريد: لثلاث ليال خلون، ولأربع ليال خلون، وكذا إلي العشر، فالعدد مضاف إلي معدود يرد به القلة، إذ من الثلاث إلي العشر هو قليل، وجمع القلة الأحسن فيه النون، نحو: الأجذاع انكسرن، وإنما كانت النون أحسن لأنها نص علي الجمعية والتأنيث، والتاء ليست كذلك.
وقوله ثم خلت يعني من مضي أحدي عشرة ليلة تحسن التاء لأنه إذ ذاك جمع كثرة، فكما يحسن: الجذوع انكسرت، كذلك يحسن: لإحدى عشرة خلت، ويجوز: خلون.
وهذا الذي ذكره المصنف هو ما لم يذكر التمييز، فإن ذكرته فإما ن ترد الإخبار إليه
وإلي العدد المميز ،فإن رددته إليه قلت: خلت وبقيت إن كان مؤنثا وخلا وبقي إن كان مذكرا، نحو:
لأحد عشر يوما، خلا أو بقي.
وقوله إلي النصف من كذا أي: تؤرخ بالنصف، كتبته لنصف شهر كذا.
وقوله وهو أجود أي: التأريخ بالنصف أجود من أن تقول: لخمس عشرة خلت أو بقيت. وقال المصنف في الشرح: «وقالوا فيما فوق العشر: خلت وبقيت لآن مميزه ليلة مقدرة، ولو ذكرت لكان بعها هكذا جيء بة مع تقديرها علي ما كان ينبغي له مع ذكرها. وقالوا في العشرة وأخواتها: خلون وبقين لأن مميزها في التقدير جمع مؤنث، ولو ظهر لكان خلون وبقين أولي من خلت وبقيت» انتهى.
وقوله ثم لأربع عشرة بقيت إلي عشر بقين إلي ليلة بقيت وقال بعض أصحابنا «في التأريخ خلاف: منهم يؤرخ بالنظر إلي ما مضي لأنه محقق، وما بقي غير محقق، والأكثرون يؤرخون بالقليل يما مضي أو بقي، فإذا تساويا أرخ بأيهما شاء، وهم علي مذهبين: منهم من يتحفظ فيما بقي، فيقول: إن بقيت و 0 منهم من لا يتحفظ» .
…
وقوله ثم في آخر ليلة منه إلي قوله أو /انسلاخه قال بعض أصحابنا: «والمنسلخ آخر يوم من الشهر، والداداء كذلك، وجمعه دآديء، وهي الثلاثة الأخيرة من الشهر، ويكتب العقب في أول يوم وفي الثاني وفي الثالث من الشهر، والعقب في الثلاثة الأخيرة من الشهر»
…
وقوله وقد تخلف التاء النون بالعكس فتقول: لثلاث خلت، إلي عشر خلت، ولأحدي عشرة خلون، إلي تسع عشرة خلون
…
فرع: تقول: كتبته في العشر الأولي والأول، والوسطي والوسط، ولا تقول: في العشر الأول ولا الأوسط، لأن العشر مؤنث، ولها لفظ مفرد، فيحمل عليه فيقال الأولي والوسطي وله معني جمع، فيحمل عليه، فيقال الأول والوسط.
…
وقال بعض النحويين: وتقول: كتبت في العشر الآخرة أو الأواخر، ولا تقل: الأخرى والأخر، لئلا يلتبس بالثواني.
-[ص: فصل
المطابق له، وقد يعرب الأول مضافا إلي الثاني مبنيا عند الاختصار علي ثالث عشر ونحوه، ويستعمل الاستعمال المذكور في الزائد علي عشرة الواحد مجعولا
…
يصاغ موازن «فاعل» من اثنين إلي عشرة بمعني بعض أصله، فيرد أو يضاف إلي أصله، وينصبه إن كان اثنين لا مطلقا، خلافا للأخفش، وضاف المضوغ من تسعة فما دونها إلي المركب المصدر بأصله، أو يعطف عليه العشرون وأخواته، أو تركب معه العشرة تركبيها مع النيف مقتصرا عليه، أو مضافا إلي المركب
حاديا]-
ش: هذا الفصل هو المبوب له: هذا باب اسم الفاعل المشتق من العدد ومعني قوله من اثنين إلي عشرة يعني أنك تقول: ثان وثالث ورابع وخامس وسادس وسابع وثامن وتاسع وعاشر، ويكون في التذكير والتأنيث كاسم الفاعل، تقول المذكر: ثان، وفي المؤنث: وكذلك باقيها.
ويجوز في خامس وسادس إبدالا السين ياء في المذكر والمؤنث، وقال الشاعر: مضت ثلاث سنين منذ حل بها وعام حل، وهذا التابع الخامي.
وقال آخر:
بويزل عام قد أذاعت بخمسة وتعتدني إن لم بق الله ساديا ويجوز مع إبدال السين باء في سادس أن تبدل الدال تاء، فتقول: واحد وواحدة إلي آخرها. فقول المصنف يصاغ موازن «فاعل «من اثنين إلي عشرة بمعني بعض أصله لا يتصور في الواحد لأن الواحد نفسه هو اسم العدد، يبني علي صيغه فاعل، فليس له أصل يكون واحد الذي هو اسم الفاعل بعضا له، ألا تري أنه لا يقال: واحد واحد، فتضيف اسم الفاعل إلي اسم العدد، فلذلك أسقطه المصنف من اسم الفاعل، وعده غيره وأن لن يضعف لجريانه ع فعله كما حرى ثان وثالث وباقيها أفعالها تقول العرب وحد يحد فهو واحد كما تقول ثنى يثنى فهو ثان وثلث يثلث فهو ثالث وكذلك باقيها
وقوله وينصبه إن كان اثنين مطلقا خلافا للأخفش أى وينصب أصله إن كان ذلك الأصل لفظ اثنين لا مطلقا الا كل بعض غير ثان فتقول هذا ثان اثنين ولا تقول ثالث ثلاثة ولا رابع ولا خامس خمسة إلى
آخرها، وتقول في المؤنث: ثانية اثنتين بالتنوين والنصب ولا تقول ثالثه ثلاثا إلى آخرها، ويكون قولك ثالث ثلاثة بمعنى أحد ثلاثة.
ومع قول المصنف وينصبه إن كان اثنين ينبغى فيه التقييد بأن يقول «إن ف ثان الألف واللام» فان عرى عنهما، وكان بمعنى الحال أو الاستقبال نصب أصله ع سبيل الجواز لأنه فاعل، فحكمه حكمه. ويفهم من كلام المصنف أنه إذا كان اسم الفاعل ثانيا فانه ينصب اثنين، وليس ذلك بحتم، بل تجوز الإضافة ولا يتحتم.
وأما غيره من النحويين فالمشهور أنه لا يجوز أعمال ثان ف موافقة في الحروف بل تجب إضافته كما تجب إضافة ثالث ورابع وخامس وباقيها إذا أضيف إلى موافقة ف الاشتقاق فتقول: ثانى اثنين بالإضافة كما تقول ثالث ثلاثة ورابع أربعه، وبالإضافة جاء القرآن، قال تعالي ثانى اثنين، وقال لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلثه. والمتحصل ف أعمال هذا النوع مذاهب:
المشهور: انه لا يجوز.
والثاني أنه يجوز مطلقا، فتقول: ثان اثنين، وثالث ثلاثة، اللي آخرها، وحكمه كاسم الفاعل. وهذا المذهب عزاه المصنف اللي الأخفش، وعزاه أصحابنا إلى ثعلب، وعزاه صاحب البديع اللي ألكسائي، وعزاه صاحب الإفصاح إلى الكسائي وقطرب.
والثالث: التفصيل بين أن يكون اسم الفاعل «ثانيا» أو غيره، إن كان «ثانيا» جاز بشرطه، وإن كان غيره وجبت إضافته، وهذا اختيار المصنف.
حجه المشهور أن ثالثا وأخواته إذا جاء بعده موافقة في الحروف الأصلية لا تأتى العرب منه بفعل، فلا تقول ثلثت الثلاثة، ولا ربعت الأربعة، ولا خمست الخمسة، وكذلك باقيها، واسم الفاعل إنما يعمل إذا كان فعله يعمل، فإذا كانت العرب لا تقول ثلثت الثلاثة فكيف تقول ثالث ثلاثة، واسم الفاعل فرع ف العمل عن الفعل؟ وإنما لم يجز ذلك لأنه لو قيل ثلثت الثلاثة كان قد ثلث نفسه لأنه احد الثلاثة ن وهو لا يجوز لأنه يؤدى إلى تعديه فعل المضمر إلي ظاهره، مثل قوله «زيدا ضرب» إذا أردت أنه ضرب نفسه.
وحجة الثاني أنه يكون معناه غذ ذاك: متمم ثلاثة ومتمم أربعة. وهذا ليس يجيد، لأنه يلزم منه أن يتمم نفسه، وفيه تعدى فعل المضمر ألي ظاهره لأنه أحد الثلاثة أن يتمم نفسه، وفيه تعدى فعل المضمر إلي ظاهره لأنه أحد الثلاثة، فيلزم أن يتمم نفسه
وحجة ما اختاره المصنف أنه زعم أ، العرب تقول الرجلين إذا كنت ألثاني منهما، قال في الشرح:«فمن قال ثان اثنين هذا المعنى عذر لأن له فعلا، ومن قال ثالث ثلاثة لم يعذر لا، هـ لا فعل له» انتهى.
وهذا الذي حكاه المصنف أن العرب تقول ثنيت الرجلين نقل النحاة ينفى ذلك، لأنهم نقلوا أن العرب لا تأتي بفعل إذا كان بعده ما يوافق اسم الفاعل في الحروف، فليس بمسموع من كلامهم: ثنيت الاثنين، كما أنه ليس بمسموع من كلامهم ثلثت الثلاثة، والقياس يأباه، فإن صح ما نقله المصنف أن العرب تقول ثنيت الرجلين وجب تأويله على حذف مضاف، تقديره: ثنيت أحد.
الرجلين، وأيضا فقولهم ثنيت الرجلين ليس نصا ف ثنيت حتى يبنى عليه ثان اثنين بالإعمال.
وقوله ويضاف المصوغ من تسعه فما دونها إلي: حادي أحد عشر، وحاديه إحدى عشره. وتعرب اسم الفاعل لزوال التركيب، إذ كان أصله: تاسع عشر تسعه عشر، ولا يشعر كلام المصنف لا ف فصه ولا ف شرحه أن أصله التركيب ونص أصحابنا عليه، وهذا مسموع من العرب، كما أن ثاني اثنين وثالث ثلاثة مسموع من العرب. وقياس من أجاز الإعمال ف ثالث ثلاثة أن يجيزه هنا، إذ يصير المعنى عنده: هذا متمم تسعه عشر. وهذا الوجه أحسن من الذي يأتي بعده وهو حادي أحد عشر وإضافته إلي المركب بعده.
وقوله أو يعطف عليه العشرون وأخواته فتقول: التاسع والعشرون، والحادي والعشرون وكذلك باقي أخوات العشرين.
وإذا اختلط عدد مذكر بعدد مؤنث غلب المذكر، فتقول: حادي أحدى عشرة ولو عنيت امرأة منهن لقلت: حادية أحد عشر، إذ لو لم يذكر لم يدر أفيهم رجل أم لا. وقد يحكى يعقوب وغيره عن الفراء أنه حكي عن العرب:
وقوله أو تركب معه العشرة تركبيها مع النيف مقتصرا عليه مثاله التاسع عشر، والحادي عشر، وكذلك ما بينهما، وتقول التاسعة عشرة، والحادية عشرة، بتاء التأنيث فيهما ف المؤنث. وقال ف الشرح:«إن هذا المركب يقتصر عليه غالبا» انتهى.
وهذا الوجه الذي ذكره فيه خلاف، وقد أبطله أصحابنا، قالوا: وزعم بعض النحويين أنه يجوز بناء كل واحد من الاسمين لحلوله محل المحذوف من صاحبه. يعني أ، أصل المسألة: حادي عشر أحد عشر، فحذف عشر الأول وهي مراده، فبقى حادي ع بنائه، وحذف احد، وهي مراده، عشر الأول ع بنائه.
قالوا وهذا باطل لأنه يتلبس باسم الفاعل المفرد غير المضاف فإنه مبني، فلا يعلم أنه الذي حذف منه عشر وأحد.
وأجاز بعض النحويين حذف عشر من أحد عشر، وحذف أحد من أحد عشر وإعرابهما، فتقول: هذا حادي عشر، وثالث عشر، لزوال الموجب لبنائهما،
وهو التركيب، ولأنه لا يلتبس باسم الفاعل غير المضاف، لأن إعرابه يدل على أنه لو كان غير محذوف لم يجز فيه الإعراب لما تضمنه من معنى الحرف وينبغي ألا يجوز ذلك إلا إن سمع من العرب، لأن هذا إجحاف كثير بالكلام.
واسم الفاعل المبني من النيف إن كان أخره ياء جاز فيه فتح الياء وإسكانها، فتقول: جاء حادي عشر، وثاني عشر. وإن لم يكن في أخره ياء لم يجز فيه ألا البناء ع الفتح. وهذا البناء لأجل التركيب لا لتضمن معنى حرف العطف.
وقد خالفت هذا النوع ما كان البناء فيه جائزا نحو بعلبك، أنه خرج عن نظائره من المضافات لكونه ليس مضافا إليه ما بعده ولا معمولا له، لأن حادي عشر مثلا لو كان مضافا لو قع على واحد من عشرة، لأن المعنى يكون: واحد العشرة، وهو لا يقع إلا علي واحد من أحد عشر، لأنه لو كان معمولا له لكان له فعل يجري عليه بل هو مأخوذ من أحد عشر، ضم أليه عشر كما ضم أحد أليه ضم تركيب فلما خالف غيره بني مع أنه كثير الشياع، ألا ترى أنه يقع علي كل واحد من أحد عشر كائنا ما كان، وكذلك باقيها، نحو: تاسع عشر.
وزعم ابن السيد أن أصله: حادي عشر أحد عشر، حذف عشر من الأول لدلالة الثاني عليه، وحذف أحد لدلاله حادي عليه، فبني الاسم لحول كل واحد منهما من صاحبه محل المحذوف. وكان الموجب لبنائه عنده وقوعه بني.
وقوله أو مضافا ألي المركب المطابق له يعني أنه يضاف التاسع عشر ألي تسعه عشر، إلي حاديه عشرة احدي عشره، ولا يتغير اسم الفاعل المركب ولا ما أضيف إليه من العدد المركب بحسب العوامل لأنهما مبنيان لأجل التركيب.
وقوله وقد يعرب الأول مضافا الي الثاني مبنيا عند الاقتصار ع ثالث عشر ونحوه وقال المصنف ف الشرح: «وقد يقتصر ع صيفه فاعل وتاليه.
مضافا ومضافا مع إعراب وبناء علي تقدير تركيبه مع ما صيغ منه فاعل، فيقال: هذا ثالث عشر، ورأيت ثالث عشر، ومررت بثالث عشر،
فحذف الصدر، ونوى بقاؤه، فاستصحب بناء العجز، وهذا شبيه بقول من قال: لا حول وقوة إلا بالله، بالتركيب والبناء، ثم حذف لا ونوى بقاءها، فاستصحب البناء» انتهي.
وهذا الذي ذكره المصنف من جواز هذا الوجه حكاه ألكسائي، وحكي من كلامهم: السواء ثالث عشر، بإعراب ثالث وبناء عشر، ووجه ما ذكر المصنف من انه جعل الثلاثة المحذوفة من قوله ثلاثة عشر مراده، فبني عشر من اجل ذلك، وحذف عشر من الأول، وهو لا يريده فأعرب ثالثا لذلك. وأصحابنا قالوا: هذا من الشذوذ والقلة بحيث عليه.
وتلخيص في اسم الفاعل في هذه المسألة متفقا عليها ومختلفا فيها وجوه خمسه:
أحدهما: حادي عشر أحد عشر، تبنيهما، وتضيف المبني الأول إلي الثاني وهذا هو الأصل، وهو أقلها استعمالا، وأنكره بعض النحويين.
الثاني: حادي أحد عشر، بإعراب الأول وحذف عشر وبناء أحد عشر وهو أكثر استعمالا/من الأول.
الثالث: حذف العقد والنيف وبناء ما بقي مرادا ما حذف منهما.
الرابع حذفهما وإعراب ما بقي.
الخامس: إعراب اسم الفاعل مع حذف عقده، وبناء عشر ع حذف نيفه.
وتقول ف المؤنث: ثالثه عشرة، ثلاث عشره، وثالثه عشره فيمن بناهما. قال صاحب البديع: «هذا مذهب س، يجمع بين تأنيثين.
قال السيرافي ف شرحه: (ولا أعلم خلافا في جواز: حاديه عشر)، يعني بحذف التاء من الثاني، وقال الزمخشري): الأول والثاني والثالث، والأولى والثانية والثالثة إلي العاشر والعاشرة، والحادي عشر والثاني عشر بفتح الياء وسكونها والحادية عشره والثانية عشرة إلي التاسع عشر والتاسعة عشرة، تبنى الاسمين ع الفتح كما تبنيهما ف أحد عشر)
ومعنى ثالث ثلاثة عشر: واحد من ثلاثة عشر، إلا أن بين المعنيين فرقا، وهو أنك مع لفظ الواحد لا يعلم هل هو الذي انتهى به العدد أم غيره، وأما مع ثالث ثلاثة عشر وثالث عشر وثالث ثلاثة فيعلم أنه الذي انتهى أليه العدد» انتهى كلام صاحب البديع.
وقوله مجعولا حاديا يعني أن اسم الفاعل هـ حاد مكان واحد، فتقول: حادي عشر، وحاديه عشرة. وحكي الكسائي أنه سمع من الأزد أو بعض عبد القيس: واحد عشر. وهذا هو القياس إذ فعله وحد يحد
وحادي عشر مقلوب من واحد عشر، فاؤه مكان لامه، فانقلبت ياء لكسر ما قبلها، وجعلت عينه مكان فائه.
وقال الفراء: ليس بمقلوب، بل هو من قولك يحدو، أي: يسوق، كأن الواحد الزائد يسوق العشرة، وهو معها. وأنشد الفراء:
أسوق عشرا، والظليم حادي
…
كأنهن بأعلى الوادي
يرفلن في ملاحف جياد
-[ص: وإن قصد بفاعل المصوغ من ثلاثة إلي عشرة جعل الذي تحت أصله معدودا به استعمل مع المجعول استعمال «جاعل»،لأن له فعلا، وقد يجاوز به العشرة، فيقال: رابع ثلاثة عشر ،أو رابع عشر ثلاثة. أو رابع عشر ثلاثة عشر، ونحو ذلك، وفاقا لسيبويه، بشرط الإضافة. وحكم «فاعل» المذكور في الأحوال كلها بالنسبة. ألي التذكير والتأنيث حكم اسم الفاعل.]-
ش: إنما قال المصوغ من ثلاثة لأنه لا يصاغ من اثنين فاعل، فيضاف إلي واحد أو يعمل كاسم الفاعل، فلا يقال: هذا ثاني واحد، ولا ثان واحدا، هذا مذهب س، وإنما استعمل ثان مضافا إلي اثنين بمعني: أحد اثنين.
وأجار ذلك بعض النحويين قياسا، حكي هذا المذهب بعض أصحابنا، وقال الأستاذ أبو علي:(0 هو يعقوب، قال) ;قول: ثاني واحد)،وأظنه قياسا منه، لأن س نفاه، وهو ضابط لمثل هذا» وقال ابن الضائع:«بل هو محكي عنهم»
وقوله المصوغ من ثلاثة فيه تسامح وتقريب علي المتعلم، وبالحقيقة صوغه إنما هو من المصدر، وهو الثلث والربع، إلي التسع والعشر، وهذه المصادر علي وزن فعل كضرب لأن فعلها متعد، فيقاس المصدر فعل.
وقوله جعل الذي تحت أي: جعل الذي تحت أصل المصوغ معدودا به، ثالث اثنين، ورابع ثلاثة، وخامس أربعه، إلي عاشر تسعه.
وقوله استعمل هو أي كالمصموغ مع المجعول استعمال جاعل يعني جاعل بمعني مصير، وبهذا قدره النحويون، أي: تصير الاثنين بع ثلاثة، وتصبر الثلاثة بع أربعه، وكذلك إلي عاشر تسعة، أي تصير التسعة به عشرة. قال المصنف في الشرح:«وأشرت باستعمال جاعل إلي أنه إذا كان بمعني المضي وجبت إضافته وإعماله، علي ما يفعل بجاعل وغيره من أسماء الفاعلين، وكان ذكر جاعل أولي لأنه موافق لفاعل المذكور وزنا ومعني» انتهي.
وتفسير النحاة ذلك ب «مصير» أوضح من تفسير المصنف ذلك بجاعل، لأن جاعلا اسم فاعل من جعل، وجعل مشتركه بيم معان، فجاعل مشترك بخلاف مصير، فإنه نص من حيث المعني في ذلك.
وقوله لأن لع فعلا أي يستعمل لاسم الفاعل مع العدد الذي تحته فعل، فتقول: ثلثت الاثنين، وربعت الثلاثة، فأنا ثالثهم رابعهم، وكذلك إلي العشرة، وقال تعالي {ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ولا خمسه إلا هو سادسهم} ، {سيقولون ثلاثة إلا هو رابعهم كلبهم يقولون خمسة سادسهم كلبهم رجما بالغيب ويقولون سبعة وثامنهم كلبهم}
وأشار إلى استعمال رابع وثالث وأخواته اسم فاعل بقول لأن له فعلا إلي ان ما يكون له فعل مع العدد الذي يليه لا يكون حكمه حكم اسم الفاعل، كثالث ثلاثة لأن العرب لا تقول: ثلثت الثلاثة، ولا ربعت الأربعة.
قال المصنف في الشرح: «وينبغي أن يتنبه بهذا إلي جواز: هذا ثالث تسعه وعشرين؛ لأنه يقال: كانوا تسعه وعشرين فثلثتهم أي: صيرتهم ثلاثين» انتهي.
وهذا الذي ذكره النحويون في المختلف اللفظ من أن اسم الفاعل يجري مجري أسماء الفاعلين، فإن كان للمضي لم يعمل، وإن كان للحال أو الاستقبال.
جازت الإضافة، والعمل أجود قياسا علي أسماء الفاعلين علي /الإطلاق لم يذكر س فيه إلا معني المضي، ولم يذكر فيه إلا الإضافة، وقال: إنه قليل في كلام العرب، قال:«وتقول: هذا خامس أربعه ،وذلك أنك تريد أن تقول: هذا الذي خمس الأربعة، كما تقول: خمستهم وربعتهم» .ثم قال: «وإنما تريد: هذا الذي صير أربعه خمسة، وقلما تريد العرب هذا، وهو قياس، ألا تري أنك لا تسمع أحدا يقول: ثنيت الواحد ،ولا: ثاني واحد» .ثم قال في آخر الباب: «وتقول: هذا خامس أربع إذا أردت أنه صير أربع نسوة خمسة، ولا تكاد العرب تكلم به كما ذكرت لك. وعلي هذا تقول: رابع ثلاثة عشر، كما قلت: خامس أربعة» . فهذا جملة ما تكلم عليه س في المختلف اللفظ، فلم يذكر فيه التنوين والنصب ،ولا معني الحال والاستقبال، ولم يذكر فيه إلا معني المضي، وذكر انه قلما تكلم به العرب، وجعله قياسا فيما سمع من الماضي، وقاس عليه: رابع ثلاثة عشر، ويأتي الكلام فيه بعد هذا إن شاء الله.
وفي البسيط: وأما إن أضفته إلي غير لفظه، ثالث اثنين فهو علي معني الفعل أي: الذي صير الاثنين ثلاثة بنفسه، إلي عشرة، فتقول: عاشر تسعة، وكأنه مأخوذ من ثلثتهم وربعتهم وخمستهم، وقلله س كلام العرب، وذكر أنه قياس، ولم يذكر س النصب به، وتأوله علي الماضي، لأنه قال:«هذا الذي خمس الأربعة» فلم يجره مجري اسم الفاعل مطلقا، فإضافته علي هذا تكون محضة.
وذكر النحويين النصب به كالمبرد وغيره، وذلك - والله أعلم - قياس؛ لأنهم لم يسمعوه فيه، فتكون إضافته على هذا - إن قصد العمل بمعنى الحال والاستقبال - غير محضة.
وفي شرح الخفاف: لم يذكر س في الوجهين إلا الإضافة، ولم يذكر التنوين والنصب في المختلف اللفظ، وقدره بالفعل، فقال:(هذا الذي خمس الأربعة، كما تقول خمستهم وربعتهم). وقال أيضا: (هذا الذي صير أربعة خمسة)، فقدره بالماضي، وصار بمنزلة: ضارب زيد أمس، ولو أراد العمل لقدره بالمستقبل ، ونون، ونصب به، وقد ذكر غيره النصب، ويجعله بمنزلة اسم الفاعل، إذا كان بمعنى الماضي لم يكن إلا مضافا، وبمعنى المضارع أجازوا النصب والتنوين، ولم يستشهدوا على النصب بكلمة واحدة، فدل ذلك على أنه منهم قياس، وجاء القرآن بالإضافة في قوله تعالى {إلا هو رابعهم} ، وفي قوله {رابعهم كلبهم} ، إلا أن ابن السكيت حكي في ألفاظه عن الكسائى في ثاني اثنين وثالث ثلاثة إجازة النصب والتنوين، قال:(والخليل والفراء لا يجيزانه)، ولو حكاه عن العرب لم يسعهما منعه، فإذا كان قياسا منه فلا يعول عليه، مع أن إجازته ذلك فيما كان مضافا إلى جنسه لا يختلف في منعه، فلا يعول عليه. وقال في الإصلاح له:(هو مضاف إلى العشرة، ولا ينون، فإذا اختلفا كان الوجهان).
وقد زعم س أن المختلف اللفظ قليل في استعمال العرب. وقد ذكر الأخفش، قال: (ويقولون في هذا القياس: ثاني واحد وقال بعضهم: ثنيت الرجلين: صرت ثانيهما، ولا يقال: ثنيت فلانا، ولكن يقال: صرت له ثانيا، وثنيت الرجلين وأنت أحدهما ليس بقياس؛ لأن مثله لا يجرى على فعل، ولا ينون. ومن استعمال الفعل في خامس أربعة قول عبد الله بن الزبير الأسدى:
ونحن قتلنا بالمنيح أخاكم
…
وكيعا، ولا يوفي من الفرس البغل
فإن تثلثوا نربع، وإن يك خامس
…
يكن سادس حتى يكون لنا الفضل
وإن تسبعوا نثمن، وإن يك تاسع
…
يكن عاشر حتى يبيركم القتل
وقال السيرافي: «أجمع النحويون على ذلك إلا ماحكاه ابن كيسان عن ثعلب أنه أجاز: ثالث
ثلاثة، وثلثت الثلاثة، والمعروف قول الجمهور».
وتقول في المؤنث: ثالثة ثلاث، تحكم لاسم العدد بالحكم الذي كان له حين كان مفردا، وتحكم لفاعل بحكمه أن لو انفرد.
وقوله وقد يجاوز به العشرة يعنى أنه يستعمل مع المركب كما استعمل مع اثنين وثلاثة، فيكون اسم فاعل مع المركب كما كان مع العدد الموافق له في الاشتقاق.
وقوله فيقال رابع ثلاثة عشر وأصله: رابع عشر ثلاثة عشر، فحذف عشر من الأول، وأعرب رابع، وأضيف إلى المركب الذي هو ثلاثة عشر، وكذلك باقيها.
وقوله ورابع عشر ثلاثة عشر هذا هو الأصل، فتجئ باسم الفاعل وعشر، وتبنيهما على الفتح، وتضيفه إلى ثلاثة عشر.
وقوله وفاقا لـ «س» بشرط الإضافة أجاز س وجماعة معه صوغ اسم الفاعل مع المركب على الوجهين اللذين ذكرهما المصنف، وهما أن يحذف عشر من اسم الفاعل، ويضاف هو إلى العدد المخالف الذي هو دونه. وأن يثبت، ويبنى مع اسم الفاعل، ويضاف إلى ما بعده من العدد الذي هو دونه، وذلك بشرط الإضافة، فلا يجوز فيه أن ينصب ما بعده، سواء أحذف منه عشر أم أثبت، فلا تقول: رابع ثلاثة عشر، بتنوين رابع واعتقاد أن ثلاثة عشر في موضع نصب به، ولا: رابع عشر، فتعمله وهو مبنى، وتعتقد نصب ما بعده؛ لأن مثل هذا لم يسمع منه فعل، لا تقول: كانوا ثلاثة عشر فربعتهم، أي: صاروا بك أربعة عشر.
وترك المصنف وجها ثالثا في هذه المسألة على مذهب س، وذلك أنه قال:«هذا المختلف مثل الموافق» ، فكما جاز في حادي عشر أحد عشر وأخواته حذف العقد من الأول وإضافته إلى الموافق، وإثباته والإضافة إلى الموافق، وحذف العقد من الأول وحذف نيف الثاني- كذلك جاز هنا. والوجه الذي تركه المصنف هو: هذا خامس عشر، إما ببنائهما، وإما / بإعرابهما، على الخلاف الذي مر في الموافق.
قال بعض شيوخنا: وفي هذا الوجه إلباس بالمتفق اللفظ، فلا يجوز وهذا الذي أجازه س هو قياس كما ذكرناه، ولم تتكلم به العرب، ولا هو مسموع
منها، وخالفه الجمهور الأخفش والمازنى والمبرد والفارسي، قال الأخفش:«إذا قلت رابع ثلاثة فإنما تجريه مجرى ضارب زيد ونحوه؛ لأنك تقول: كانوا ثلاثة فربعتهم، وكانوا خمسة فسدستهم، ولا يجوز أن تبنى فاعلا من خمسة وعشرة جميعا؛ لأن الأصل: خامس عشر أربعة عشر» .
وفي البسيط: قال الأخفش: ولا يجوز بمعنى العمل، فلا تقول: ثالث عشر اثني عشر. قالوا: لأنه إنما جاز في الإفراد على معنى العمل لأنهم اشتقوا فعلا منه، نحو: خمستهم، وثلثتهم، بمعنى صيرتهم، ولم يشتقوا من خمسة عشر فعلا بهذا المعنى، فلم يجز، وقاسه النحويون المتقدمون، فجوزوه.
ومنعه الكوفيون في الوجهين محتجين بأنه لا يشتق من أكثر من اسم واحد.
والذي يظهر أنهم إن قالوا هذا قياسا ففيه نظر، وإن سمع فيرجع إليه، ويكون وجهه أنهم إذا قالوا ثالث عشر ثلاثة عشر أنهم اشتقوا من ثلاثة عشر ثالث عشر، فقالوا: ثالث ثلاثة عشر، أي: أحد الثلاثة التي هي مع العشرة ثم أقحموا عشر بيانا بأنه ليس ثالث ثلاثة خاصا، فلا يلزم ما قال الكوفيون.
فأما المجوزون في غير الموافق فيقولون: هذا ثالث عشر اثني عشر، اتكالا على المعنى، ولا يلتفت إلى خمستهم ونحوه؛ لأن القائل به لا يعمله، وإنما يكون
مضافا، كما تقول: خمسة عشر زيد؛ لما تقدم من أنه لا يشتق فعل منه، وإن كان معناه معنى المصير كما في اسم الفاعل بمعنى الماضي، لكنه لا يقصد هذا المعنى، وفيه نظر. انتهى.
وقال المبرد: اسم الفاعل لا يكون من شيئين، والمختلف اللفظ في الآحاد جار على الفعل كاسم الفاعل.
وقال أبو على في الإيضاح: «ومن قال خامس أربعة لم يقل: رابع ثلاثة عشر، ولا: رابع عشر ثلاثة عشر؛ لأن اسم الفاعل الجاري على الفعل لا يكون هكذا) يعنى أنه لا يبنى من شيئين، كما قال المبرد.
وفي الإفصاح: هذا الوجه من القياس الذي قاسه س قال أبو العباس: «إنه مذهب المتقدمين» ، قال:«وكان الأخفش لا يراه صوابا» ، وبه قال المازنى وأبو بكر وأبو على. واستدل بما أشير إليه قبل من أن اسم الفاعل يكون جاريا على المضارع، فإذا كان اسم الفاعل مركبا لزم أن يكون المضارع مركبا ليصح جريانه عيه، والفعل لا يكون مركبا، فلا يصح جريان اسم الفاعل عليه، وجريانه عليه شرط لازم له، وإذا عدم الشرط عدم المشروط، وإذا لم يكن فعل لم يكن اسم فاعل؛ لأن اسم الفاعل لابد له من فعل يجرى عليه.
وقد رد بعض المتأخرين على هذا القول بأن العرب إنما تشتق من الصدر الأول، فلا تركب، ومنه اشتقت ثالث عشر ثلاثة عشر، اشتقت ثالثا من ثلاثة، ثم ركبته بعد مع عشر. قال: والعرب تقول: ربعت الثلاثة عشر، أي: رددتهم أربعة عشر، فاشتقت من الصدر، ولم تركب الفعل، فكذلك تشتق/اسم الفاعل
من الصدر، ولا تركب. وإنما قال س رابع ثلاثة عشر، ولم يعلم أنه محذوف من تركيب، واسم الفاعل تابع للفعل. هكذا قال ابن الباذش.
ولا أرى أبا على يصحح ربعت الثلاثة عشر، وقد حكاه بعض أهل اللغة، وبعض ينكره، ويمكن أن يكون س ممن يراه، فيصح هذا التوجيه.
ويبعد عندي لأن العرب لم تتسع في الاشتقاق من اسم العدد هذا الاتساع؛ ألا ترى أنهم لم يقولوا؛ ثنيت الواحد، ولا ثالث ثلاثة، بالتنوين، لم يحكه س. وقال أبو الحسن: العرب لا تقول: خامس خمسة غدا، بالنصب، ولا: ثان اثنين غدا، بالنصب، وقد يجوز فيما دون العشرة أن تنون وتنصب، وأن تدخل الألف واللام، لأن ذلك بناء يكون في الأفعال، وإن كانت العرب لا تتكلم به هنا، ولكنه في القياس جائز أن تقول: الثاني اثنين أنا، والثالث ثلاثة أنا، وهذا نظير ما رواه الكسائى. وهو كله تقول على العرب، وكذلك التنوين والنصب.
والمختلف اللفظ لم يصح به سماع، ومن قال رابع ثلاثة، وخامس أربعة - أشبه من ثالث اثنين بالتنوين؛ لأنك تريد: الذي جعل اثنين ثلاثة، ومع ذلك هو ضعيف لأنه ليس له فعل معلوم، إنما هو مشتق من العدد، وليس له مصدر معروف، فالوجه الإضافة، وإنما يجوز هذا في الألف واللام للضرورة لأن هذه الأشياء التي اتسعت فيها العرب مجراها مجرى الأمثال، ولا ينبغي أن يتجاوز بها استعمالهم، ومنع من قولك: أنا إياهما ثالث، وهؤلاء الثلاثة أنا إياهم رابع، وأشباه هذا وكل هذا حكاه أبو بكر عنه.
وقول س: «وعلى هذا تقول: رابع ثلاثة عشر» ، ظاهره القياس، ولو لم يقس كان أجود. وقول أبى الحسن «مجراها مجرى الأمثال» حسن جدا، لا يقاس ما لم يسمع على ما سمع، لا على أنه موقوف كله، لكن يقاس على ما سمع على النحو الذي سمع.
وقال س: «وليس قولهم ثالث ثلاثة عشر كثالث ثلاثة في الكثرة؛ لأنهم قد يكتفون بـ (ثالث عشر)» ؛ ألا تراه قد قلل شيئا قياسه أن يكثر كثرة: ثالث ثلاثة، لكنه كما قال أولا استغنوا عنه بغيره.
قال: «وقد حكي نحو من هذا عن العرب، قال الراجز:
/أنعت عشرا والظليم حادى
أراد: حادي عشر».
وقال ابن طاهر: «أجيز ثاني أحد عشر على إجازة أبى الحسن ثاني واحد، ونفي س لسماعه مع إجازته لقياسه حملا على ثاني اثنين» . يريد أن س قاس على ثاني اثنين: ثالث اثني عشر؛ لأن كل رابع أربعة ونحوه يكون فيه رابع ثلاثة، فقياس المركب كالمضاف.
وذكر أبو على أن الياء في حادي عشر وثاني عشر يجوز فيها الفتح، وقياس المركب إذا كان في آخره ياء أن تسكن ولا تفتح، لكنه لما كانت تفتح في حادية عشر وثانية عشر لأجل تاء التأنيث أجراها بعض العرب على ذلك في المذكر.
وقوله وحكم فاعل إلى آخر الفصل يعنى أنه يكون بالتاء للمؤنث وبغير تاء للمذكر في جميع الأحوال؛ سواء أكان مفردا، نحو ثان وثالث، أم مضافا إلى غير مركب، نحو: ثالث ثلاثة، وثالث اثنين، وثالثة ثلاث، وثالثة اثنتين. أو معطوفا، نحو: الثالث والثلاثون رجلا، والثالثة والثلاثون امرأة. والثالث عشر ثلاثة عشر، والثالث ثلاثة عشر، وثالث عشر، والثالثة عشرة ثلاث عشرة، والثالثة ثلاث عشرة، وثالثة عشرة. وعلى مذهب س في المختلف تقدم تمثيل المذكر. وتقول في المؤنث: رابعة عشرة ثلاث عشرة، ورابعة ثلاث عشرة. وعلى الوجه الثالث: رابعة عشرة.
وبقي الكلام في العقود، فنقول: أما عشرون وسائر العقود إلى تسعين والمئة والألف فلم يسمع من العرب بناء اسم فاعل منها، لم يقولوا عاشر عشرين، ولا: ثالث ثلاثين، ولا: رابع أربعين، والقياس يقتضى ألا يقال من ذلك إلا ما سمع؛ لأن الاشتقاق من الأسماء الجامدة لا يقاس لقلته. والذي حكة من ذلك: هذا عاشر عشرين. وقال الكسائى: «تقول: هذا الجزء العاشر عشرين» ، وقياسه: الثالث ثلاثين، والرابع أربعين، إلى آخره.
وقال س والفراء: هذا الجزء العشرون، وهذه الورقة العشرون، على معنى: تمام العشرين، فتحذف التمام.
وقال بعضهم: تقول هذا متمم عشرين، أو مكمل عشرين. وهذا ليس بشيء لأنه يلزم أن يتمم نفسه أو يكمل نفسه. وقال أبو على في العقود كلها: هو الموفي كذا، وهى الموفية كذا، كقولك الموفي عشرين، والموفية عشرين.
وقال بعض أصحابنا: والصحيح أن تقول: هو كمال العشرين، أو تمام العشرين، أو تأتى بأسماء العقود، فتقول: العشرون، والثلاثون، والأربعون، إلى تمام العقود.
-[ص: فصل
استعمل كخمسة عشر ظروف، كيوم يوم، وصباح مساء، وبين بين.
وأحوال أصلها العطف، كتفوقوا شغر بغر، وشذر مذر، وخذع مذع، وأخول أخول، وتركت البلاد حيث بيث، وهو جاري بيت بيت، ولقيته كفة كفة، وأخبرته صحرة بحرة، وأحوال أصلها الإضافة، كبادي بدا، وبادي بدي، وأيدي سبا، وأيادي سبا.
وقد يجر بالإضافة الثاني من مركب الظروف، ومن بيت بيت وتالييه، ويتعيين ذلك للخلو من الظرفية، وقد يقال: بادي بدء، وبادي بداء أو بدء، وبدء ذي بدء أو ذي بدأة أو ذي بداءة. /وقد يقال سبا بالتنوين، وحاث باث، وحوثا بوثا، وكفة عن كفة.
وألحق بهذا: وقعوا في حيص بيص، وحيص بيص، والخازباز.]-
ش: هذا الفصل ليس من أبواب العدد في شيء، إلا أنه استطرد إليه من حيث جعل اسمين اسما واحدا مركبا كخمسة عشر، ومناسب ما فيه من الظروف أن يذكر مع الظروف، وما فيه من الأحوال أن يذكر في باب الحال، وقد تكلم المصنف علي شيء من هذه الظروف في باب الظرف في الشرح، وأشار إليه في الفص في قوله «وألحق بالممنوع ما لم يضف من مركب الأحيان، كصباح
مساء، ويوم يوم»، وهذا النوع من الظرف المركب مسموع، والمسموع صباح مساء ويوم يوم، وأزمان أزمان، هذا من ظرف الزمان، ولا يقاس عليه فيقال: فلان يأتينا وقت وقت، ولا نهار ليل، ولا عام عام، ولا ساعة ساعة، وأما المسموع من ظرف المكان فبين بين، ولا يقاس عليه يقال: خلف خلف، ولا أمام أمام، وإذا لم ينقس ذلك في ظروف الزمان مع أنها أكثر فالأحري ألا يقاس علي ظرف المكان؛ إذ ظرف المكان تبع لها في هذا الحكم، كما أنه تبع لها في الإضافة إلي الجمل؛ إذ لم يضف منها إلا حيث، فأما ما جاء في حديث حذيفة من قول إبراهيم- صلي الله علي نبينا وعليه- (إنما كنت خليلا من وراء وراء) فمن رواه بالضم فهو قطع عن الإضافة، نحو: من تحت، ومن عل، والثاني توكيد، ومن رواه بالفتح كان ذلك بناء علي جهة الشذوذ، وكان القياس لما تصرف فيه بدخول من عليه ان يضاف الأول إلي الثاني، فيقال: من وراء وراء؛ لأنهم لما تصرفوا في مثل يوم يوم أضافوا الأول إلي الثاني، فقالوا:
ولولا يوم يوم .........................
…
........................................
وقال المصنف في الشرح» هذا - يعني الإضافة- حكم ما خرج عن الظرفية مما ركب من الظروف تركيب خمسة عشر». وقال: «وعلي هذا أنشد س:
ولولا يوم يوم ما أردنا
…
............................................
البيت. قال: «وأنشد أيضا:
ما بال جهلك بعد الحلم والدين
…
وقد علاك مشيب حين لا حين
أنشده، وقال (وإنما هو: حين حين، ولا بمنزلة ما إذا ألغيت)»،انتهي.
فجعل المصنف «حين لا حين» من باب «ولولا يوم يوم» ، وليس كذلك لوجهين:
أحدهما: أن «يوم يوم» سمع فيه التركيب وجعلهما اسما واحدا في موضع نصب علي الظرف، ولم يسمع ذلك في «حين حين» .
والثاني: أن قوله «ولولا يوم يوم» تصرف فيه بالخروج عن الظرفية، واستعمل مبتدأ، و «حين لا حين» في البيت هي ظرف، لم يتوسع فيها في البيت بالخروج عن الظرفية.
وقوله وأحوال أصلها العطف لما كانت الحال مشبهة للظرف حتى قيل فيها إنها مفعول فيها من حيث المعني أجريت مجراه في الجريان مجري خمسة عشر؛ والجامع بينهما تضمن معني حرف العطف، وتلك ألفاظ محفوظة لا يقاس عليها أيضا، وهي أكثر من الظروف، ولذلك كان منها أصله العطف وما أصله الإضافة، وليس في الظروف المركبة ما أصله /الإضافة.
قال المصنف في الشرح: «وكان الحال جديرا بالغلبة لأن الواقع حالا من هذا النوع قائم مقام مفرد ومغن عنه، كما أن مركب العدد قائم مقام مفرد ومغن عنه، وذلك أن ما دون العشرة إذا زيد عليه واحد استحق مفردا يدل علي الزائد والمزي عليه، كقولنا للاثنين المزيد عليهما واحد: ثلاثة، وهكذا إلي التسعة المزيد
عليها واحد، وأما العشرة المزيد عليها فترك فيها هذا الأصل، واستغني بالمركب عنه، ثم رجع إليه في تصنيف العشرة وما فوقه. والأحوال المشار إليها بمنزلة مركب العدد في القيام مقام مفرد؛ لأن شغر بغر بمعني منتشرين، وشذر مذر بمعني متفرقين، وخذع مذع بمعني منقطعين، وأخول أخول في قوله:
........................................
…
سقاط شرار القين أخول أوخولا
بمعني متفرقا، وحيث بيث بمعني مبحوثة، وبيت بيت بمعني مقاربا، وكفة كفة بمعني مواجها، والصخرة بحرة بمعني منكشفا، وبادي بدا أو بدي بمعني مبدوءا به. وسبب بناء ما أصله العطف كسبب بناء العدد المركب، وهو في مركب الأحوال أوكد؛ لأن تركبيه ألزم» انتهي.
يعني: والبناء في مركب الأحوال أو كد منه مركب الظروف؛ لن تركبيه في الأحوال الزم منه في الظروف؛ لأن الظروف المركبة قد يفك عنها التركيب وتضاف. ويعني فيما أصله العطف.
وفي البسيط ما ملخصه: إن حذف التنوين يكون من الثاني للإتباع، فيشبه بخمسة عشر، وليس بمنزلته، وحركة الإتباع ليست حركة إعراب، فهو
مخفوض في التقدير، والظروف والأحوال غير متمكنة، فكان ترك التنوين فيها أنسب، كما فعلوا ذلك في النداء، فقالوا: يا بن أم، ويا بن عم، ونحوه؛ لأن النداء باب لا تتمكن فيه الأسماء، فساغ لهم ذلك ترك التنوين، فهو محذوف لا للبناء، وذلك نحو: هو جاري بيت بيت، ولولا يوم يوم، وأتيتك صباح مساء، ولقيته كفة كفة، وبين بين.
وقال بعض النحويين: «إنها مركبة بمنزلة خمسة عشر، وعلة البناء أن أصلها العطف بالواو، فحذفت الواو، وضمن معناها، فبني كخمسة عشر؛ إذ الأصل: أتيتك صباحا ومساء، ويوم يوم، وكذلك في أخواتها. وهو معزي إلي س لقوله (يجعله بعضهم كاسم واحد)، وليس يمتنع التنوين إلا بناء، وأيضا لا عهد بترك التنوين للإتباع.
وما ذكروه عن س فالظاهر خلافه؛ لأنه قال فيها: (والآخر من الأسماء في موضع جر)، ولو كانت كخمسة عشر ما كان في موضع شيء، فدل علي أن الإضافة عنده أصلها، وأن هذا طارئ عليها، وإنما يريد بقوله (كاسم واحد) أي بحسب/ ظاهره.
وقولهم إن التنوين لا يحذف للإتباع، قلنا: ليس الإتباع بما هو إتباع هو السبب، بل السبب جعله مع الأول كشيء واحد كخمسة عشر، فحذف من الآخر كما حذف التنوين من قولك: هذا زيد بن عمرو، وحكم الطرف كحكم الوسط، ولتأويله تأويل اللفظ الواحد جاز الإتباع فيه كما جاز في اللفظ الواحد» انتهى.
ونرجع إلى الكلام علي هذه الألفاظ:
فقوله تفرقوا شغر بغر معناه: في كل وجه، وهذا معني قول المصنف «منتشرين» ؛ لأنهم إذا انتشروا في الأرض كانوا قد تفرقوا في كل وجه، وكأن شغر مأخوذ من قولهم: شغر البلد: إذا خلا من الناس، وكأنهم حين فارقوا أماكنهم، وسلكوا جهات شتي - خلت أماكنهم منهم. ويقال: اشتغر في الفلاة: إذا أبعد فيها. وبغر النجم يبغر بغورا: إذا سقط وهاج بالمطر، والنجم: الثريا، وكأن بغر منه؛ لأنهم إذا تفرقوا في كل وجه سقطوا في تلك الأوجه.
وقوله شذر مذر يقال: تفرقوا شذر مذر \ن بفتح الشين والميم، وبكسرهما، ومعناه: ذهبوا في كل وجه. ومذر إتباع، والشذر: قطع الذهب، والشذر: الؤلؤ الصغر، والشذرة: القطعة، كأنهم بتوجههم كل وجه تقطعة في نواحي الأرض. ومذرت البيضة: فسدت، ومذرت -بكسر الذال- معدته: فسدت، وكأنهم بتفرقهم وخروجهم إلي غير مواطنهم فسدت أحوالهم. وفي البسيط أن الميم في مذر بدل من الباء.
وقوله خذع مذع.
وأخول أخول معناه: شيءا بعد شيء، وقال الشاعر:
يساقط عنه روقه ضارياتها
…
سقاط حديد القين أخول أخولا
في المجمل» ذهب بنو فلان أخول أخول: إذا تفرقوا».
وقوله وتركت البلاد حيث بيث يقال: استحاث واستباث: استخرج، واستحاث الشيء: إذا تطلبه وقد ضاع في التراب. ويقال: باث عن الشيء يبوث بوثا: بحث عنه، واستباث: استخرج، وابتاث عن الشيء: بحث عنه، مثل باث،
وقال الشاعر:
لحق بني شعارة أن يقولوا
…
لصخر الغي: ماذا تستبيث
ويقال: تركتهم حوثا بوثا، وحوث بوث، وحيث بيث، وحاث باث، وحيث بيث، بكسر الحاء والباء: إذا فرقهم زوبددهم، فيكون معني قول المصنف «تركت البلاد حيث بيث، أي: مبحوثة» ، أي: أنها بحث أهلها، واستخرجوا منها. ويقال: أوقع بهم فلان فتركهم حوثا بوثا، أي: فوقهم. وقال الفراء: معني هذه الكلمات: أذللتهم ودققتهم.
وقوله وهو جارس بيت بيت أي: ملاصقا، وبعض العرب يضيف، فيقول: بيت بيت، حكاه س.
وقوله ولقيته كفة كفة قال الأحمر: لقيته كفة كفة مثل لقيته مواجهة.
وقوله / وأخبرته صحرة بحرة شرحه المصنف: «منكشفا» / ويقال: أتيته صحرة بحرة: إذا رأيته وليس بينك وبينه ساتر. والمصاحر: الذي يقابل قرنه في
الصحراء، ولا يقاتله. ووقع في كلام بعض اللغوييين:«صحرة بحرة، غير مجراة» ، فظاهره أنهما ممنوعان الصرف، وما أظنه يريد ذلك، وإنما أراد أنهما غير منونين؛ إذ هما مبينان.
وقوله وأحوال أصلها الإضافة كبادي بدا وبادي بدي فسرها المصنف: «مبدوءا به» تقول: افعل هذا بادي بدا، أي: مبدوءا به. وبادي: اسم فاعل وبدا: مصدر، ولا همز فيهما، وجاء هذا علي لغة بدي علي وزن فعل بغير همز، وبدا هو مصدره؛ إذ ذلك لغة في بدأ، يقال: بدي، مثل بقي، وهو لغة الأنصار، قال راجزهم:
باسم الإله، وبه بدينا
والمشهور من اللغات الهمز. وبادي بدا مبنيان، والياء ساكنة كياء معدي كرب.
وبادي بدي- بكسر دال الثاني- ينبغي أن يجعل اسم الفاعل، كشحي فهو شج، ويكون ل «بدي» اسم فاعل علي وزن فاعل، وهو بادي، وعلي وزن فعل، وهو بدي
وقوله وأيدي سبا وأيادي سبا.
وقوله وقد يجر بالإضافة الثاني من مركب الظروف فيقال: جئتك يوم يوم، وصباح مساء، وبين بين. ومدلولها مدلول البناء، أي: كل يوم، وكل صباح، وكل مساء، وبين هؤلاء بين هؤلاء.
وقوله ومن بيت بيت وتالييه أي: تقول: وهو جاري بيت بيت، وكفة كفة، وصحرة بحرة، والمعني معني المبني.
وقوله ويتعين ذلك للخلو من الظرفية أي: تتعين الإضافة إذا استعمل غير ظرف، كقوله:
ولولا يوم يوم .....................
…
.................................
أخرجه عن الظرفية باستعماله مبتدأ، فوجبت الإضافة.4 وقوله وقد يقال بادي بدء إلي ىخر اللغات فيه، أضاف الأول إلي الثاني، ولم يبنهما، كما أضاف في الظروف، والمعني واحد، والهمز فيه جاء علي اللغة الشهيرة.
وقوله وقد يقال سبا بالتنوين أصله - كما تقدم- الهمز، فلما أبدلها ألفا، أضاف أيدي أو أيادي إليها، نونها، والمعني مع الإضافة والبناء واحد.
وفي البسيط: ذهب الزمخشري إلي أن بدا وأيادي سبا من المركب تركيب ما لا ينصرف. وفيه ما تري؛ لأن ذلك لا يؤثر مع الأعلام.
وقوله وحاث باث يعني أنهما بنيا علي الكسر، وفر قائل ذلك من توالي فتحات ست تقديرا؛ لأ، الألفين بمنزلة فتحتين، وقبلهما فتحتان، فإذا فتح
تالياهما اجتمعت ست فتحات تقيرا فأوثر تخلصا من توالي الأمثال، قاله المصنف في الشرح.
ونقول: إنه بني الاسمين علي الكسر علي أصل التقاء الساكنين، وبنائهما علي الفتح طلب للتخفيف.
وقوله وحوثا بوثا من قال حيث بيث أتبع الثاني الأول؛ إذ أصل الياء في بيث الواو، فصصار نظير:(لا دريت ولا تليت)، وأصله تلوت، فأتبعته دريت.
ومن قال حوثا بوثا، أو حوث بوث، أتبع الأول الثاني، كما قالوا: وقعوا في حوص بوص، فأتبعوا الأول ووالثاني، وهو من ذوات الياء، علي ما سيبين إن شاء الله.
ومن قال: حاث باث، أو حاث باث -فإنه بناه علي فل بفتح العين، فتحركت الياء والواو، وانفتح ما قبلهما، فقلبا ألفين.
ومن قال حيث بيث فإن الواو في بيث انقلبت ياء لكسرة ما قبلها.
وقوله وكفة عن كفة فعلي هذا يكون في ذلك ثلاثة أوجه: كفة كفة، ببنائهما، وكفة كفة، بالإضافة، وكفة عن كفة.
وقوله وألحق بهذا: وقعوا في حيص بيص أي: وألحق بهذا المبني- وهما اسمان - ما لم يقع ظرفا ولا حالا. وقال الفراء: حاص عنه يحيص حيصا وححيوصا ومحيصا وحيصا: إذا عدل وحاد، والانحياص مثله، يقال للأولياء: حاصوا عن العددو، والأعداؤء: وانهزموا. ويقال: وقعوا في حيص بيص، وحيص بيص، أي: في اختلاط من أمرهم، لا مخرج لهم منه، ويقال: في ضيق وشدة. وهما اسمان، جعلا اسما واحدا، وبنيا علي الفتح، مثل هو جاري بيت بيت وأنشد الأصمعي لأمية بن أبي عائذ الهذلي:
قد كنت خراجا ولوجا صيرفا
…
لم تلتحصني حيص بيص لحاص
ومن زعم أن بيص من باص يبوص بوصا: إذا تقدم - أخرج البوص علي لفظ الحيص ليزدزجا. والحيص: الوراغ والتخلف، والبوص: السبق والفرار، ومعناه: كل أمر يتخلف عنه ويفر. وحكي أبو عمرو: وقعوا في حيص بيص، وحيص بيص، وحيص بيص. وحكي: إنك علي الأرض حيصا بيصا.
ويقال: حيص بيص، قال الراجز يذكر خاطباً:
صارت عليه الأرض حيص بيص
…
حتي يلف عيصه بعيصي
وحاص باص لغة في حيص بيص.
وقال المصنف في الشرح: «وقعوا في حيص بيص، أي: في شدة ذات تأخر وتقدم، وهو من حاص عن الشيء: تأخر عنه. وباص يبوص بوصا: تقدم، أتبع بوص حيصا. ومن قال في حوص وبوص أتبع حيصا بوصا، كقوله (مأزورات غير مأجورات) لأنه من الوزر» انتهي ملخصا.
وقوله / والخازبازي فيه سبع للغات، هذه واحدة، بناؤهما علي الفتح، وخاز باز، بنائها علي الكسر، وخاز باز، بفتح الأول وضم الثاني، وخاز باز، بكسر الأول وضم الثاني، وخاز باز بإعراب الاول و\غضافته إلي الثاني معربا، وخزباز علي وزن قرطاس معرب، وخازباء علي وزن قاصعاء، لا ينصرف، وهذه اللغات
لخمسة معان، أحدهما الذباب، الثاني صوته، الثالث نبت، الرابع داء يأخذ الإبل في حلوقها والناس، الخامس اسم للسنور، وأنشدوا في الذباب:
تفقأ فوقه القلع السواري
…
/147 أوجن الخازباز به جنونا
وفي النبت:
رعيتها أكرم عود عودا
…
الصل والصفصل واليعضيدا
/والخازباز السنم المحودا
…
بحيث يدعو عامر مسعودا
عامر ومسعود: راعيان.
وفي الداء:
يا خازباز، أرسل اللهازما
…
إني أخاف أن تكون لازما
وأنشد الأخفش:
..............................
…
ورمت لهازمها من الخزباز
تم بحمد الله وتوفيقه
الجزء التاسع من كتاب «التذييل والتكميل»
بتقسيم محققه، ويليه- إن شاء الله تعالي-
الجزء العاشر، وأوله