المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌إعانة الضعفاء والمظلومين وحمايتهم من الاعتداءات - كونوا على الخير أعوانا

[محمد صالح المنجد]

فهرس الكتاب

الفصل: ‌إعانة الضعفاء والمظلومين وحمايتهم من الاعتداءات

‌إعانة الضعفاء والمظلومين وحمايتهم من الاعتداءات

عن أبي ذر رضي الله عنه قال «قلت يا رسول الله أي الأعمال أفضل - وفي رواية أي العمل أفضل - قال إيمان بالله وجهاد في سبيله قال قلت أي الرقاب أفضل قال أنفَسها عند أهلها وأكثرها ثمنا - وفي رواية وأغلاها ثمنا - قال قلت أرأيت إن لم أفعل قال تعين صانعا أو تصنع لأخرق..» الحديث رواه مسلم 84 وهو في صحيح البخاري بلفظ «تعين ضايعا» .

وعند قوله أن تعين صانعا (ضايعا) أو تصنع لأخرق نتذكّر القصة العظيمة التي قصّها علينا ربنا تبارك وتعالى في سورة الكهف:

{وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْرًا} {إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ وَآتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا} {فَأَتْبَعَ سَبَبًا} ..

آتيناه من كل شيء سببا أي من أسباب التمكين من الجنود وآلات الحرب وأعطيناه الأسباب والوسائل، وهذا يعني أنّ صاحب الإمكانات تكون التبعة التي عليه أكثر من غيره بسبب ما أعطاه الله.

ثم قال عزّ وجلّ

ص: 32

وفي تاريخنا أمثلة عظيمة في هذا المقام، ففي ترجمة محسن بن محمد بن على فايع الصنعاني أنه: كان حسن الأخلاق واسع المروءة رفيع السيادة والفتوة كريم الطباع مفضالا بَذَل نفسه في معاونة الفقراء والمساكين والوافدين إلى الخلفاء وأتعب خاطره في الطلب لهم وتفقد أحوالهم والسعي في قضاء حوائجهم وعلاج مرضاهم والقيام بمئونتهم وجعلت بنظره صدقات وصلات فبالغ في التحري عليها وإنفاقها في وجوه الخير وعمّر المساجد العجيبة وزاد في بعضها زيادة محتاج إليها واعتنى بدَرَسة القرآن وأهل المنازل وجعل لهم راتبا معلوما خصوصا في شهر رمضان.. وله الزيادة الواسعة النافعة في مسجد الفليحي بصنعاء وكان يضيق بالمصلين فأنفق عليه جل ماله وبنى لله مسجدا في ساحة سمرة معمر بصنعاء عمره في آخر أيامه ووقف له.. وكان كثير العوارض والأمراض متلقيا لها بالقبول. (البدر الطالع 2 / 192)

وكان بعض النبلاء المسلمين يعطي فقراء الفلاحين البذور، والتقاوي إعانة لهم على زرع محاصيل يستفيدون منها. ومن صور التعاون العامة؛ ما جاء في آداب الطريق وقد جمعها الحافظ ابن حجر رحمه الله في قوله:

ص: 34

جَمَعْت آدَاب مَنْ رَامَ الْجُلُوس عَلَى

الطَّرِيق مِنْ قَوْل خَيْر الْخَلْق إِنْسَانَا

اُفْشِ السَّلام وَأَحْسِنْ فِي الْكَلام

وَشَمِّتْ عَاطِسًا وَسَلامًا رُدَّ إِحْسَانَا

فِي الْحَمْل عَاوِنْ وَمَظْلُومًا أَعِنْ

وَأَغِثْ لَهْفَان اِهْدِ سَبِيلا وَاهْدِ حَيْرَانَا

بِالْعُرْفِ مُرْ وَانْهَ عَنْ نُكُر وَكُفَّ

أَذَى وَغُضَّ طَرْفًا وَأَكْثِرْ ذِكْر مَوْلانَا

ص: 35