المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

فهرس الكتاب

الفصل: ‌معنى التعاون شرعا

‌معنى التعاون شرعا

قال الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله: " الإعانة هي: الإتيان بكل خصلة من خصال الخير المأمور بفعلها، والامتناع عن كل خصلة من خصال الشر المأمور بتركها، فإن العبد مأمور بفعلها بنفسه، وبمعاونة غيره عليها من إخوانه المسلمين، بكل قول يبعث عليها، وبكل فعل كذلك "(تيسير الكريم الرحمن 2 / 238 بتصرف يسير)

وسئل سفيان بن عيينة عن قوله تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} فقال: هو أن تعمل به وتدعو إليه وتعين فيه وتدل عليه. (حلية الأولياء 7 / 284)

يقول القرطبي في تفسيره: (وتعاونوا على البر والتقوى: هو أمر لجميع الخلق بالتعاون على البر والتقوى؛ أي ليُعِن بعضكم بعضا، وتحاثوا على أمر الله تعالى واعملوا به، وانتهوا عما نهى الله عنه وامتنعوا منه، وهذا موافق لما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:«الدال على الخير كفاعله» الجامع لأحكام القرآن 3 / 6 / 33.

ص: 4

وقال القاسمي في تفسيره: (لما كان الاعتداء غالبا بطريق التظاهر والتعاون، أُمروا - إثر ما نهوا عنه - بأن يتعاونوا على كل ما هو من باب البر والتقوى، ومتابعة الأمر ومجانبة الهوى.. ثم نُهوا عن التعاون في كل ما هو من مقولة الظلم والمعاصي)(محاسن التأويل 3 / 22)

وقال ابن القيم رحمه الله في قوله تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} .. الآية:

(اشتملت هذه الآية على جميع مصالح العباد في معاشهم ومعادهم فيما بينهم بعضهم بعضا وفيما بينهم وبين ربهم، فإن كل عبد لا ينفك عن هاتين الحالتين وهذين الواجبين: واجب بينه وبين الله وواجب بينه وبين الخلق، فأما ما بينه وبين الخلق من المعاشرة والمعاونة والصحبة فالواجب عليه فيها أن يكون اجتماعه بهم وصحبته لهم تعاونا على مرضاة الله وطاعته التي هي غاية سعادة العبد وفلاحه ولا سعادة له إلا بها وهي البر والتقوى اللذان هما جماع الدين كله)(زاد المهاجر 1 / 6-7) .

ص: 5

ثم بيّن أهمية التعاون على البر والتقوى وأنه من مقاصد اجتماع الناس فقال: " والمقصود من اجتماع الناس وتعاشرهم هو التعاون على البر والتقوى، فيعين كل واحد صاحبه على ذلك علما وعملا، فإن العبد وحده لا يستقلُّ بعلم ذلك ولا بالقدرة عليه؛ فاقتضت حكمة الرب سبحانه أن جعل النوع الإنساني قائما بعضه ببعضه معينا بعضه لبعضه. (زاد المهاجر 1 / 13)

فالإنسان ضعيف بوصفه فردا، قوي باجتماعه مع الآخرين، وشعور الإنسان بهذا الضعف يدفعه حتما إلى التعاون مع غيره في أي مجال، فأمر الله العباد أن يجعلوا تعاونهم على البرّ والتقوى.

ص: 6