المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة

- ‌ولكننا نحب الله

- ‌المعرفة طريق المحبة

- ‌المعرفة النافعة

- ‌تمهيد لابد منه

- ‌تكامل العبودية

- ‌سياج المحبة

- ‌ضرورة التوازن

- ‌رحلة المحبة

- ‌كيف نفتح باب المحبة

- ‌الفصل الأولأهمية المحبة الصادقةمن العبد لربه

- ‌الثمار الحلوة

- ‌أولاً: الرضا بالقضاء

- ‌ثانيًا: التلذذ بالعبادة وسرعة المبادرة إليها

- ‌ثالثًا: الشوق إلى الله

- ‌رابعًا: التضحية من أجله والجهاد في سبيله

- ‌خامسًا: الرجاء والطمع فيما عند الله

- ‌سادسًا: الحياء من الله

- ‌سابعًا: الشفقة على الخلق

- ‌ثامنًا: الغيرة لله

- ‌تاسعًا: الغنى بالله

- ‌الفصل الثانيلماذا يحب الله عباده

- ‌النفخة العلوية

- ‌تكريم الإنسان

- ‌أليست نفسًا

- ‌تقرب الملائكة إلى الله بالدعاء للبشر

- ‌مباهاته بعباده

- ‌ضحكه سبحانه

- ‌قدر المؤمن عند الله

- ‌يكره سبحانه مساءة عبده المؤمن

- ‌فرحه - سبحانه - بتوبة العاصين

- ‌مراده أن تدخل الجنة

- ‌أحب العباد إلى الله

- ‌أشد ما يغضبه:

- ‌المرحلة الأخيرة

- ‌أهل المظالم:

- ‌الفصل الثالثمظاهر حب الله تعالى لعباده

- ‌تمهيد:

- ‌جوانب المعرفة

- ‌سَبْق فضله عليك قبل وجودك

- ‌سبق الفضل في التكريم

- ‌المشهد العظيم

- ‌سبق فضل الزمان

- ‌تيسر الحياة

- ‌سبق فضل المكان

- ‌الوالدان

- ‌اللسان العربي

- ‌سبق الفضل في العافية:

- ‌كلمة لا بد منها:

- ‌هدايته وعصمته ودوام عافيته

- ‌هدايته لك

- ‌العصمة

- ‌قيامه على شئونك

- ‌لا حول ولا قوة إلا بالله

- ‌تسخير الكون لك

- ‌أنت القائد

- ‌أيها المدلل

- ‌تخيل ثم تخيل

- ‌سل نفسك

- ‌كرمه البالغ وهداياه المتنوعة إليك

- ‌من الأمير

- ‌كريم في عطاياه

- ‌الهدايا المتنوعة

- ‌يرضى بالحمد شكرًا

- ‌رب شكور

- ‌كرم عجيب

- ‌رحمته ورأفته بك وشفقته وحنانه عليك

- ‌لا وجه للمقارنة

- ‌ولماذا الابتلاء

- ‌من فوائد الابتلاء

- ‌الشفقة الإلهية

- ‌الابتلاء بالذنب والحرمان من الطاعة

- ‌الرحمة الواسعة

- ‌رب رءوف:

- ‌رفع الحرج

- ‌لا تنس أنك عبد

- ‌شريعته كلها رحمة

- ‌تقليل الأعمال في أعيننا

- ‌الرحمة المدَّخرة

- ‌تيسير طريقك إلى التوبةوالرجوع إليه

- ‌لا يحوجنا إلى المشي الكثير

- ‌بابه مفتوح للجميع:

- ‌أقبل ولا تخف

- ‌يعلمنا ما نقوله لنتوب

- ‌عدم الاستقصاء

- ‌يسهل علينا طريق التوبة

- ‌لننتهز الفرصة

- ‌حلمه وصبره وستره لك

- ‌كان معنا

- ‌غضبة الكون

- ‌الخليل يرى الملكوت

- ‌الستير

- ‌ خطابه الودودالذي يخاطبك به

- ‌من أنت

- ‌خطاب يطمئن مستمعه

- ‌ولنبدأ بصيغة النداء:

- ‌خطاب يقول لك: أقبل ولا تخف

- ‌خطاب يستثير الهمم

- ‌النصائح الغالية

- ‌التوجيه غير المباشر

- ‌مراعاة النفسية البشرية

- ‌ما بال أقوام

- ‌لماذا العقاب

- ‌مواساته للمبتلين

- ‌وفي النهاية:

- ‌ترغيبك وترهيبك

- ‌التربية الربانية

- ‌هل قامت القيامة

- ‌اللص والسجن

- ‌الناس جميعًا

- ‌شمول الترغيب والترهيب

- ‌الترهيب والترغيب في قصص السابقين

- ‌الرسائل الإلهية

- ‌المستقبل والترغيب والترهيب

- ‌الترغيب والترهيب في أفعال العباد:

- ‌الفصل الرابعالوسائل العملية لتمكين حب الله في القلب

- ‌أمران لابد منهما:

- ‌وسائل التذكير بمعارف المحبة

- ‌أولاً: القرآن ودوره في إنشاء الإيمان والتذكير بمعارف المحبة:

- ‌ثانيًا: التفكر في الكون وأحداث الحياة

- ‌لا بديل عن التفكر

- ‌تفكر يقود إلى المحبة

- ‌الأعمال الصالحة المقترح القيام بها

- ‌ أولا: ذكر النعم

- ‌العبادة المهجورة

- ‌كيفية ذكر النعم

- ‌القرآن يعلمنا

- ‌ ثانيًا: رحلات الاعتبار

- ‌ ثالثًا: كثرة الحمد

- ‌ رابعًا: مناجاة الله بالنعم

- ‌من صور المناجاة:

- ‌أفضل أوقات المناجاة:

- ‌سجود الشكر

- ‌ خامسًا: تحبيب الناس في الله عز وجل

- ‌ سادسًا: الإلحاح على الله بأن يرزقنا حبه

- ‌كلمة أخيرةحول الطريق إلى محبة الله

الفصل: ‌ما بال أقوام

‌ما بال أقوام

؟!

ومن صور مراعاته سبحانه لطبيعة النفس البشرية توجيهه الغير مباشر لعباده في خطابه لهم، فحين يريد تحذير المؤمنين من القيام بفعل ما، فإنه لا يتوجه مباشرة بذلك - في غالب الأحيان - بل يحدثهم عن أناس آخرين - بصيغة النكرة - ويشهَّدهم عليهم، ويجعلهم يستنكرون أفعالهم، مع أنهم قد يكونون هم المعنيين بهذا التحذير، ومن ذلك قوله تعالى:"وَإِن تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللهِ لَا تُحْصُوهَا"[إبراهيم: 34] الخطاب هنا موجه لنا بأن علينا أن نجتهد في إحصاء نعم الله كصورة من صور الشكر، ومن المفترض أن يكون التحذير الذي تتضمنه الآية بعد ذلك من مغبة عدم ذكر النعم حتى لا نقع في دائرة الظلم والكفر موجه لنا كذلك، فهل جاء الخطاب يحمل هذا المعنى المباشر.

لا، لم يحدث ذلك، بل جاء وكأنه يخاطب شخصًا آخر:{وَإِن تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ الإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ} [إبراهيم: 34].

الخطاب موجه للإنسان، وكأنه شخص آخر بعيد لا نعرفه، مع أن الخطاب في بدايته موجه لنا، ومما لا شك فيه أن هذا التلطف العجيب في التوجيه والنصح له دور كبير في استقبال النصيحة بنفس هادئة.

‌لماذا العقاب

؟

ومن مظاهر خطابه المطمئن لعباده أنه يذكر لهم دومًا السبب الذي من أجله عاقب فردًا أو قومًا في الماضي، مع أنه الإله العظيم ملك الملوك الذي لا ينبغي أن يُسأل عما يفعل، لكنه في نفس الوقت الرب الودود الذي يحب عباده ويريد منهم أن يفروا إليه، لا أن يفروا منه، لذلك تراه سبحانه يُفصَّلِ في الأسباب التي أدت إلى عقوبة العصاة، وأنه قد صبر عليهم وأمهلهم وأعطاهم الفرصة تلو الفرصة، ولكنهم هم الذين أبوا العودة إليه، وأصروا على طغيانهم، واستكبروا عليه سبحانه، وحاربوا عباده، فاستدعوا بأفعالهم الكثيرة الظالمة غضب الحليم عليهم {وَمَا كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرَى إِلَاّ وَأَهْلُهَا ظَالِمُونَ} [القصص: 59].

ومع العقاب المستحق للظالمين، والذي يقع بعد طول إمهال، نجد التعقيب القرآني:{يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ مَا يَأْتِيهِم مِّن رَّسُولٍ إِلَاّ كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ} [يس: 30]. فالله عز وجل لا يرضى لعباده هذا المصير، وأنهم هم الذين أبوا أو استكبروا إلا أن يسيروا إليه، ولو تأملنا القرآن لوجدنا أن هذا الأمر واضح فيه تمام الوضوح، وأن الله عز وجل لا يظلم أحدا، لذلك نجده سبحانه يذكر لنا دومًا أسباب العقوبة التي يعاقب بها الناس.

تأمل معي قوله تعالى: {لَقَدْ كَانَ لِسَبَأٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتَانِ عَن يَمِينٍ وَشِمَالٍ كُلُوا مِن رِّزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ} .

فماذا فعل أهل سبأ؟ هل شكروا هذه النعم العظيمة؟ لم يفعلوا ذلك، بل أكلوا من رزق ربهم ولم يشكروا له؟ وتبطروا على نعمه، فاستدعوا العقاب من الله عز وجل لهم {فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ وَبَدَّلْنَاهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِّن سِدْرٍ قَلِيلٍ} ثم تأتي حيثيات هذه العقوبة {ذَلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِمَا كَفَرُوا} ويتلوها الخطاب المطمئن {وَهَلْ نُجَازِي إِلَاّ الْكَفُورَ} [سبأ: 15 - 17].

ص: 51