المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌مسوغات اختبار العامل والموظف - كيف يؤدي الموظف الأمانة

[عبد المحسن العباد]

الفصل: ‌مسوغات اختبار العامل والموظف

‌مسوغات اختبار العامل والموظف

مسوغات اختيار العامل والموظف

الأساس في اختيار كلِّ موظف أو عامل أن يكون قويًّا أميناً؛ لأنه بالقوة يستطيع القيام بالعمل المطلوب منه، وبالأمانة يُؤدِّيه على وجه تبرأ به ذمَّته؛ لأنَّه بالأمانة يضعُ الأمورَ في مواضعها، وبالقوة يتمكَّن من أداء الواجب عليه، وقد أخبر الله عن إحدى ابنتي صاحب مدين أنَّها قالت لأبيها لَمَّا سقى لهما موسى عليه الصلاة والسلام:

{يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ} ، وقال عن العفريت من الجنِّ الذي أبدى استعداده لسليمان عليه الصلاة والسلام بالإتيان بعرش بلقيس:{أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ} ، والمعنى أنَّه جمع بين القدرة على حمله وإحضاره والمحافظة على محتوياته، وأخبر الله عن يوسف عليه الصلاة

ص: 13

السلام أنَّه قال للملِك: {اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ} .

وضدُّ القوة والأمانة العجزُ والخيانة، وهي أساس في عدم التعيين في العمل ومسوغات حقيقية للعزل منه، ولَمَّا جعل عمر بن الخطاب رضي الله عنه سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه أميراً على الكوفة، ونال منه بعضُ سُفهائها وتكلَّموا فيه عند عمر بن الخطاب رضي الله عنه، رأى عمر رضي الله عنهالمصلحة في عزله درءاً للفتنة، ولئلَاّ يعتدي عليه أحدٌ منهم، لكن عمر رضي الله عنه في مرض موته عيَّن ستة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يُختار منهم خليفة من بعده، وفيهم سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه، فخشي أن يُظنَّ أنَّ عزل عمر رضي الله عنه إياه عن إمارة الكوفة لعدم صلاحيته للولاية، فنفى ما قد يُظنُّ بقوله رضي الله عنه:"فإن أصابت الإمرة سعداً فهو ذاك، وإلَاّ فليستعن به أيكم ما أُمِّر؛ فإنِّي لَم

ص: 14

أعزله عن عجز ولا خيانة" رواه البخاري (3700) .

وفي صحيح مسلم (1825) عن أبي ذر رضي الله عنه قال:" قلت: يا رسول الله! ألَا تستعمِلُني؟ قال: فضرب بيده على منكبي، ثم قال: يا أبا ذر إنَّك ضعيف، وإنَّها أمانة، وإنَّها يوم القيامة خزي وندامة، إلَاّ مَن أخذها بحقِّها وأدَّى الذي عليه فيها"، وفيه أيضاً (1826) عن أبي ذر رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" يا أبا ذر إنِّي أراك ضعيفاً، وإنِّي أحبُّ لك ما أحبُّ لنفسي، لا تأمَرنَّ على اثنين، ولا تَوَلَيَنَّ مال يتيم".

ص: 15