المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(التحذير من انتقاص الصحابة أو سبهم) - كيفية المناظرة مع الشيعة والرد عليهم

[أحمد بن زيني دحلان]

الفصل: ‌(التحذير من انتقاص الصحابة أو سبهم)

والنصرة للصحابة، فيعطون كل ذي حق حقه. ولما ثبتت عندهم الآيات والأحاديث الواردة في الثناء على الصحابة رضي الله عنهم أولوا جميع ما وقع بين الصحابة من الاختلاف وحملوه على الاجتهاد وطلب الحق وحملوه على أحسن المحامل وسلكوا به أحسن المسالك. لأنهم لو طعنوا في أحد منهم كان ذلك تكذيبا للآيات والأحاديث الواردة في الثناء عليهم ورفضا للشريعة التي جاءت إلينا من طريقهم، فحكموا بعدالتهم كلهم وقبلوا كلما جاء مرويا عنهم من الآيات والأحاديث. ولا عبرة بما ينقل من الأكاذيب والحكايات التي ينقلها المبتدعة وكذبة المؤرخين فإنها كلها من اختلاقات الفرق الضالة يريدون بها توغير صدور المؤمنين على الصحابة رضي الله عنهم، فلا يلتفت إلى ذلك لأنه يؤدي إلى تكذيب الآيات والأحاديث الواردة في الثناء عليهم ولا نقبل إلا ما صح بالأسانيد الصحيحة التي رواها ثقات الأئمة ومع ذلك نؤولها ونطلب لها أحسن المحامل ونحملها على الاجتهاد الذي يؤجر المصيب فيه أجران والمخطئ أجر واحد.

ثم يجب عند اعتقاد التفاضل على الوجه الثابت عند أهل السنة أن لا يعتقد نقص في المفضول بالنسبة للفاضل ولا يلاحظ ذلك قط بل يعتقد التفاضل مع اعتقاد أن الكل بلغ غاية الكمال والفضل لأنهم باجتماعهم بالنبي صلى الله عليه وسلم ونصرته أشرقت عليهم أنواره حتى فضلوا على كل من يأتي بعدهم. وموقف ساعة لواحد منهم مع النبي صلى الله عليه وسلم خير من الدنيا وما فيها. وذلك ثابت حتى لمن اجتمع به لحظة ولو كان طفلا غير مميز.

(التحذير من انتقاص الصحابة أو سبهم)

وليحذر المؤمن من اعتقاد نقص لأحد منهم أو التعرض لشيء من السب الذي ارتكبه كثير من المبتدعة لأن ذلك يوجب لعنة فاعله لقوله صلى الله عليه وسلم: "فمن سبهم فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين"

ص: 49

مع أن المرتكبين لذلك يعترفون بأن السب ليس مأمورا به لا على الوجوب ولا على الندب، ولو تركوه لم يسألهم الله عن تركه. ولو كان السب طاعة مأمورا بها لأمر الله بسب إبليس الذي هو أشقى الخلق وسب فرعون وهامان وقارون وغيرهم من الكفرة. فلو لم يلعن الانسان في عمره قط أحدا منهم لا يعاقبه الله ولا يسأله عن ترك السب. فكيف هؤلاء المبتدعة يرتكبون لعن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين نصروه وبلغوا شريعته لأمته.

يروى أن سيدنا عليا رضي الله عنه تناظر مع بعض من ينكر البعث. فقال له سيدنا علي رضي الله عنه إن صح ما تقول أنت يعني من عدم البعث نجوت أنا وأنت وإن صح ما أقول أنا من البعث نجوت أنا ولم تنج أنت فأنا ناج على كل حال وأنت على النظر، فلم يقدر ذلك المناظر على جوابه.

فلذلك يقال للمبتدع المتعرض لسب الصحابة المجيز له بالنسبة للمانعين وهم أهل السنة: إن صح ما يقول المبتدعة من الجواز نجونا نحن وهم لأنهم يسلمون أن تارك السب لا يسئل عن ذلك ولا يعاقب، وإن صح ما يقول أهل السنة من المنع نجا أهل السنة وهلك أهل البدعة؛ فأهل السنة ناجون على كل حال وأهل البدعة على خطر.

وهذا كله على سبيل الفرض وإرخاء العنان في الجدل. وإلا فهم الهالكون قطعا لتعرضهم لسب أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم.

ولو سئل اليهود وقيل لهم من خير الناس عندكم لقالوا: أصحاب موسى عليه الصلاة والسلام. ولو سئل النصارى وقيل لهم من خير الناس عندكم لقالوا: أصحاب عيسى عليه الصلاة والسلام. ولو سئل الفرقة التي تبغض الصحابة [من شر الناس عندكم] لقالوا: أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم.

نسأل الله أن يرزقنا محبة أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وأهل بيته وأن يحيينا ويميتنا ويبعثنا عليها وأن يحفظنا من بغض أحد

ص: 50

منهم أو تنقيصه أو التعرض له بسوء إنه على ذلك قدير وبالإجابة جدير. وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

ص: 51