المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

الشحيح على المال والجبان على الروح فيستثمرونه على وجه نافع. - التربية الإسلامية للشباب

[عبد الرحمن بله علي]

الفصل: الشحيح على المال والجبان على الروح فيستثمرونه على وجه نافع.

الشحيح على المال والجبان على الروح فيستثمرونه على وجه نافع. ومن المعلوم تربويًا أنه لا بد من وقت للترفيه والتسلية البريئة؛ لأن سير الأمور على وتيرة واحدة - مجلبة للسآمة والضجر والملل، والقلوب إذا كَلَّتْ عميت، وسويعةُ ترفيه تجدد النشاط وتقوى العزيمة، وتفتح نوافذ البصيرة. أما وسائل الترفيه البريء فأنت أعرف بها، وأقدر عليها.

5ـ أن نكون قدوة صالحة لأبنائنا، لأنهم يقلدون الآباء، ويتشبهون بهم، وينشأون على ما عودوهم عليه إن خيرا فخير، وإن شرا فشر. وأكثر ما تقع أعينهم على آبائهم، فتنطبع صورهم على شاشة فطرتهم، فلنحرص على أن تكون تلك الصور مرسومةً بمداد الاستقامة، لابسة ثياب التقوى. وهم إنما يتأثرون بما يشاهدون أكثر من تأثرهم بما يسمعون، إذ الدلالة الفعلية أقوى أثرا من الدلالة القولية، وإذا اجتمعت الدلالتان فعلتا في النفس فعل السحر، وجذبتا القلب بأسلس عنان:

وينشأ ناشىء الفتيان منا

على ما كان عوّده أبوه

ص: 199

‌العلماء والشباب:

إن هناك خطراً مريعاً يتهدد شبابنا، وحتى ننبهه إلى هذا الخطر ليأخذ حذره، ويتفادى الوقوع فيه، لابد من دق ناقور الخطر. والسؤال من الذي يدقه؟ والجواب: العلماء فعليهم يقع عبء المسئولية، وواجب الإنقاذ، وإن لم يكن هم فمن؟

العلماء هم الأساة الذين يشخصون الداء، ويعطون جرعات الدواء ويراقبون العلة حتى تذهب، وتحل مكانها الصحة والعافية. وكل مرض ترك وشأنه فتك بالمريض، وأهلكه، فليس هناك مناص من أن يقوم العلماء بواجبهم، ويؤدوه على وجه يرضى ربهم وضمائرهم، ويحفظ شباب الأمة، وإلاّ فهم مسئولون أمام التاريخ، فضلاً عن المسئولية الكبرى أمام الله عز وجل الذي أخذ الميثاق وأكد العهد على العلماء في كل ملة أن يبينوا الحق، ولا يكتموه: {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَه

} ، {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللاعِنُونَ إِلا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُولَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} [البقرة 159- 160] .

ص: 199

ولله در الشيخ عبد الله بن أحمد قادري إذ يقول متحدثا عن واجب العلماء تجاه الشباب:

يا علماء الأمة

شبابكم في ظلمة

قد حاد عن إسلامه

وغاص في آثامه

وصار جل همته

إشباعه لشهوته

وقاده الأعادي

للكفر والإلحاد

حتى غدا مناصرا

لمن يكفر جاهرا

ففقد الشخصية

والنبل والحمية

وأنتم في غفلة

يا علماء الأمة

ما بكم لم تنهضوا

وكسلا لم ترفضوا

من غَيرَكمُ للجيل

يهديه للسبيل

أليس في القرآن

والسنن الحسان

قد جاءنا وعيد

مغلظ شديد

لكل ذي كتمان

وتارك البيان

فانتهوا يا علماء

لخطر قد دهما

وكل مالا يحسن

فللشباب بينوا 1

فعلى العلماء أن يلتقوا على أمر الله تعالى وتلتحم صفوفهم، وينطلقوا في دروب الجهاد والإصلاح، ينازلون الباطل بخطة محكمة وطاقات مجندة، وعزائم لا تعرف الضعف ولا الفتور، وصولاً إلى الانقلاب الإسلامي المنشود، وظفراً بالغاية المخطط لها والمتفق عليها، وهما تحقيق أمر الله جل جلاله واقعا يعاش، ومنهجا يتبع، وسلوكا يمارسا وقانونا يحكم، ودولة تسهر على حمايته، وتسعى جادة لنشره بين البشر، وبهذا نوفر الجو الصالح لشبابنا لينمو نموا كاملا، يرمي إلى الناس بالخيرات المباركات والثمار اليانعات. ذلكم واجب العلماء الذي لا يجوز لهم التغافل عنه، أو التهاون فيه وإنما واجب الساعة، الإقبال عليه، والقيام به، قياما لا جلوس بعده وسيرًا لا جلوس عقبه.

1 جوهرة الإسلام: 44.

ص: 200