المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌حكم بيع السلعة مؤجلا بثمن أكثر من ثمنها الحاضر - لقاء الباب المفتوح - جـ ١٣

[ابن عثيمين]

فهرس الكتاب

- ‌لقاء الباب المفتوح [13]

- ‌تفسير آيات من سورة النازعات

- ‌البسملة ليست آية من كل سورة

- ‌تفسير قوله تعالى: (والنازعات غرقاً، والناشطات نشطاً)

- ‌تفسير قوله تعالى: (والسابحات سبحاً)

- ‌تفسير قوله تعالى: (فالسابقات سبقاً)

- ‌تفسير قوله تعالى: (فالمدبرات أمراً)

- ‌تفسير قوله تعالى: (يوم ترجف الراجفة، تتبعها الرادفة)

- ‌الأسئلة

- ‌حكم بيع السلعة مؤجلاً بثمن أكثر من ثمنها الحاضر

- ‌جواز قراءة الفاتحة للمأموم مع قراءة الإمام لسورة أخرى

- ‌إجزاء الغسل عن الوضوء

- ‌حكم تصويب المرأة للإمام في الصلاة

- ‌معنى التوسل بدعاء الصالحين

- ‌متابعة المأموم إمامه في الصلاة

- ‌المراد بالصحف في قوله تعالى: (صحف إبراهيم وموسى)

- ‌الجمع بين قوله تعالى: (للذكر مثل حظ الأنثيين) وبين قوله عليه الصلاة والسلام: (اعدلوا بين أبنائكم)

- ‌حكم التصدق من مال المجنون

- ‌المراد بقوله تعالى: (والسماء بنيناها بأيد وإنا لموسعون)

- ‌حكم من وجد شيئاً ثميناً لا يعلم صاحبه ثم تاب إلى الله وأراد أن تبرأ ذمته من هذا الشيء

- ‌حكم إهداء ثواب العمل للحي

- ‌الجمع بين ذم القرآن للذين يستخفون من الناس عند المعاصي وأمر السنة بالاستتار وعدم المجاهرة

- ‌حكم بيع الدراهم بدراهم مع الفضل

- ‌حكم صلاة من خلع الشراب بعد أن مسح عليها ثم أعادها من غير وضوء

- ‌حكم من نذر صوم ثلاثة أيام من كل شهر ولم يستطع الوفاء بسبب المرض

- ‌حكم بيع الثياب القصيرة للبنات اللاتي عمرهن تسع أو عشر سنين

- ‌حكم بقاء المرأة عند زوجها الذي يتعاطى المخدرات ويتهاون بالصلاة

- ‌معنى قوله تعالى: (والذين هم من عذاب ربهم مشفقون)

- ‌معنى تقرير النبي صلى الله عليه وسلم لأحد أصحابه

- ‌حكم التأمينات الاجتماعية الإسلامية وصورتها

- ‌الواجب على من جامع أهله ولم ينزل وظل يصلي لمدة أسبوع دون غسل

- ‌حكم التيمم مع وجود الماء في أماكن بعيدة

- ‌حكم التوسل بالعمل الصالح

- ‌بيان الغسل المجزئ دون تبيين سننه وواجباته

- ‌حكم إحضار الخادمة من بلدها من غير محرم وحكم مبيتها في البيت الذي تعمل فيه

- ‌حكم تعيين صاحب المحل مبلغاً معيناً من العامل شهرياً

- ‌حكم تسمية الرسول صلى الله عليه وسلم بـ (المفرق)

- ‌امرأة اعتمرت دون إذن زوجها وهي عند أخيها

- ‌حكم منع الصغار من الصلاة في الصفوف الأولى

- ‌حكم تخيير الرجل للزوجة أن تتنازل عن بعض وقتها للزوجة الثانية أو يطلقها

الفصل: ‌حكم بيع السلعة مؤجلا بثمن أكثر من ثمنها الحاضر

‌حكم بيع السلعة مؤجلاً بثمن أكثر من ثمنها الحاضر

رجل بجواره مزرعة أراد أن يشتريها فذهب إلى أحد المصارف وطلب منهم أن يشتروها له، فقالوا له: نرسل معك مندوباً يقدرها ثم نبيعها عليك، كيف يكون هذا؟

هذا عمل محرم، يعني: كون الإنسان يعين السلعة ثم يذهب إلى التاجر ويقول: اشترها لي، فيشتريها التاجر ثم يبيعها عليه بثمن مؤجل أي: مقسط أكثر من ثمنها الحاضر، فهذا ربا؛ ولكنه ربا فيه خداع لله عز وجل ومكر بآيات الله؛ لأنه بدل من أن يقول: خذ قيمتها الآن مائة ألف وأعطني بعد سنة مائة وعشرين ألفاً فهو ذهب يشتريها شراءً غير مراد، هذا التاجر ما أرادها إطلاقاً، ما اشتراها إلا من أجل أن يربح منك، فهو لم يشترها إحساناً إليك، ولم يشترها إلا من أجل هذه الزيادة التي أخذها عليك، فهي ربا لكنه ربا خداع، وربا الخداع لا يزداد إلا قبحاً وإثماً، الربا الخداع أشد من الربا الصريح؛ لأنه تضمن مفسدتين: المفسدة الأولى: مفسدة الربا، وهي: الزيادة المفسدة الثانية: فيه مخادعة لله رب العالمين الذي يعلم ما في القلوب، ورسول الله صلى الله عليه وسلم بيَّن الحق، قال:(إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى)، لو كان هذا التاجر يريد الإحسان إليك لقال: خذ هذه الدراهم قرضاً عليك بدون زيادة، لكن إذا كانت السلعة عند التاجر من الأصل وجئت أنت إليه واشتريت ما يساوي ألفاً بألف ومائة، أو بألف ومائتين هذا لا بأس به، أما في هذه الصورة التي ذكرها السائل، فإنها حرام ولا تحل.

وأنا أسألكم الآن: هل هذه الحيلة أقرب إلى الحرام، أو حيلة اليهود الذين قيل لهم: لا تصيدوا السمك في يوم السبت، ثم ابتلاهم الله فصار السمك يأتي يوم السبت ويغيب غير يوم السبت، فطال عليهم الأمد فقالوا: دبروا لنا حيلة فاحتالوا وصاروا يضعون شبكاً يوم الجمعة وتأتي السمك يوم السبت وتقع في هذا الشبك، فإذا كان يوم الأحد أخذوا السمك وقالوا: نحن ما صدنا يوم السبت، فبماذا عاقبهم الله؟ قال:{كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ} [البقرة:65] فأصبحوا قردة يتعاوون -والعياذ بالله- هذه واحدة.

ثانياً: حرم الله عليهم الشحوم، قالوا: ما نأكلها فأذابوها وجعلوها ودكاً، ثم باعوها وأكلوا ثمنها، قال النبي صلى الله عليه وسلم:(قاتل الله اليهود لما حرم الله عليهم شحوم الميتة أذابوها ثم باعوها فأكلوا ثمنها) لو قست هذه الحيلة اليهودية بهذه الحيلة التي ذكرها السائل لوجدت أن الحيلة التي ذكرها السائل أقرب إلى الحرام من حيلة اليهود، ولكن صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال:(لتركبن سنن من كان قبلكم) وليس من اللازم من ركوب السنن أن نكفر كما كفروا، إذا أخذنا من أخلاقهم شيئاً فقد ارتكبنا طريقهم في هذا الشيء.

الحسد -مثلاً- من أخلاق اليهود، فالحاسد عنده شبه من اليهود في الحسد، كتمان الحق من أخلاق اليهود، هم الذين يكتمون ما أنزل الله، تحريف الكلم عن مواضعه أي: تفسير القرآن بغير ما أراد الله عز وجل، أو السنة بغير ما أراد رسول الله، هذا من أخلاق اليهود فقوله:(لتركبن سنن من كان قبلكم) ليس المراد أننا نكفر كما كفروا، وإنما نأخذ من كل شيء من أخلاقهم بنصيب، فوجد في هذه الأمة الحسد، ووجد فيها الحيل، ووجد فيها الغش، ووجد فيها تحريف الكلم عن مواضعه، ووجد فيها كتمان الحق.

فعليك يا أخي! أن تنقذ نفسك من أخلاق اليهود والنصارى وغيرهم من الكفار حتى تسلم وتكون مسلماً لله حقاً.

المهم أن هذه المعاملة حرام على المعطي وعلى الآخذ؛ لأن الربا يستوي فيه الآكل والموكل، قال جابر بن عبد الله رضي الله عنه:(لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه وقال: هم سواء) .

ص: 10