المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الرد على من يقول: تفرق المسلمين أمر لابد منه - لقاء الباب المفتوح - جـ ١٤٥

[ابن عثيمين]

فهرس الكتاب

- ‌لقاء الباب المفتوح [145]

- ‌آداب السلام في الإسلام

- ‌رد التحية

- ‌تسليم الصغير على الكبير

- ‌تسليم الماشي على القاعد

- ‌تسليم القليل على الكثير

- ‌رفع السلام بصوت مسموع

- ‌انبساط الوجه وانشراح الصدر

- ‌أنواع السلام المحمول وكيفية الرد عليه

- ‌الأسئلة

- ‌حكم الصلاة في المسجد الذي فيه قبر

- ‌حكم رد السلام على الكافر

- ‌صوت المرأة ليس بعورة

- ‌الواجب على المرأة إذا حجت وهي حائض

- ‌حكم مناقشة الطالبات للأستاذ

- ‌سبب تخصيص الله للبنين في قوله تعالى: (وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ)

- ‌امرأة نامت بالقرب من طفلتها فاستيقظت وقد ماتت الطفلة

- ‌كيفية قراءة الفاتحة بخشوع ويقين في الصلاة الجهرية

- ‌حكم العمل مع رجل يكسب المال بالتحيل

- ‌معنى قول الرسول عليه الصلاة والسلام في قوله تعالى: (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ) أنها هي الآية الجامعة

- ‌جواز الفتيا في الأشياء الظاهرة

- ‌حكم قول القائل: سلام عليكم دون الإتيان بالألف واللام في كلمة سلام

- ‌حكم قول القائل إذا دخل بيتاً وليس فيه أحد: السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين

- ‌السلام بالإشارة

- ‌السلام على المبتدع

- ‌الرد على من يقول: تفرق المسلمين أمر لابد منه

- ‌حكم السلام على من يجلسون وقت الصلاة على الأرصفة

- ‌حكم دعوة النساء كاشفات الوجه

- ‌صلاة الراتبة في السفر

- ‌الواجب على المسافر إذا سمع نداء الجمعة

الفصل: ‌الرد على من يقول: تفرق المسلمين أمر لابد منه

‌الرد على من يقول: تفرق المسلمين أمر لابد منه

بعض الناس يقولون: تفرق المسلمين أمر لابد منه، ويستدلون بقول الله تعالى:{وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ * إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ} [هود:118-119] أن يكون لام التعليل، الله سبحانه وتعالى خلقهم على هذه، هل هذا صحيح؟

هذا غلط عظيم، الأصل في المسلمين الاجتماع وعدم التفرق، كما قال تعالى:{شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ} [الشورى:13] وقال تعالى: {وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ} [آل عمران:105] وقال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاً لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ} [الأنعام:159] هذا هو الأصل، أما استدلاله بالآية، فإن الله تعالى يقول:{وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً} [هود:118] الناس عموماً، لو شاء الله لجمعهم على الهدى فكانوا أمة واحدة {وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ * إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ} [هود:118-119] فإنهم لا يختلفون، وهل المسلمون ممن رحم الله؟ الجواب: نعم.

إذاً فلن يكون بينهم اختلاف، وأما قوله:{وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ} [هود:119] فهو تعليل للناس عموماً، أي: ومن أجل هذا الاختلاف خلقهم، لولا هذا الاختلاف لم تجد النار أحداً، ولكان خلق النار ما منه فائدة، والله عز وجل قال:{هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنْكُمْ كَافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ} [التغابن:2] .

هذه المقالة غلط، لكن لا شك أن الناس يختلفون في العلم، يختلفون في الفهم ويختلفون في التقوى، فإذا اختلفوا في هذا لابد أن يختلف رأيهم، لكن هل اختلاف الرأي بأن يقول هذا الرجل: الوضوء من لحم الإبل واجب، وهذا يقول: ليس بواجب، هل هذا يؤدي إلى اختلاف القلوب؟ يجب ألا يؤدي إلى اختلاف القلوب، لكن مشكلتنا الآن أن كثيراً من الناس إذا خالفته في مثل هذه الأمور خالفك بقلبه، حتى في الأمور التي دون ذلك، تجده -مثلاً- يكرهك إذا كنت تقدم ركبتيك قبل يديك في السجود؛ لأنه يرى أنك تقدم اليدين، مع أن القول الراجح هو تقديم الركبتين، كذلك -أيضاً- يكرهك إذا جعلت يديك على صدرك في حال القيام بعد الركوع؛ لأنه يرى أنها لا تجعل، مع أن الصحيح أنها تجعل، مع أن المسألة كلها اجتهادية وفيها مساغ للاجتهاد، والواجب أنك إذا خالفك إنسان لمقتضى الدليل عنده، الواجب أن تزداد محبتك له، أي: كونه خالفك وهو يعلم أنك تكره أن يخالفك من أجل قيام الدليل عنده، يدل على تمسكه بما يراه دليلاً، وهذا مما يوجب زيادة المحبة لهذا الرجل، هكذا الحق، أما أن أتخذ من مثل هذا الخلاف عداوة وبغضاء فهذا لا شك أنه منهي عنه.

ص: 26