الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأما التمسح بجدران الكعبة، والتعلق بأستارها، أو الالتزام في غير الملتزم الذي بين الركن والباب، فكل ذلك لا أصل له، وهو خلاف السنة، وإنْ أثر شيء من ذلك عن بعض السلف، كما أثر إنكار ذلك عن بعضهم، والصواب مع من أنكره إذ لم يثبت شيء من ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم، والمعول في العبادات، والفضائل على ما صح عنه صلى الله عليه وسلم، فكل يؤخذ من قوله، ويرد إلا من ثبتت له العصمة، وهو صلى الله عليه وسلم، فمن فعله معتقدا حصول البركة؛ لأن الكعبة مباركة؛ فهو مخطئ في هذا الفهم، والاعتقاد، فالمسجد كله مبارك، بل الحرم كله مبارك، أفيجوز التمسح بجدران المسجد، وعُمُده، أو التبرك بما يعلق فيها من تراب، أو غبار؛ رجاء حصول البركة، والشفاء! وهذا ظاهر الفساد.
والبركة التي جعلها في بيته، وحرمه هي ما شرعه الله من الطاعات، وما خصه من مضاعفة الحسنات.
{إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ} [(96) سورة آل عمران]، والله اعلم.
ـ
[هل يصح تفسير الاستواء بالجلوس؟ وهل يوصف الله بالجلوس
؟ ]ـ
الحمد لله، لقد أخبر الله سبحانه وتعالى عن نفسه بأنه استوى على العرش في سبعة مواضع من القرآن، وجاء في السنة وصفه بأنه فوق العرش، قال سبحانه وتعالى {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [(5) سورة طه] وقال صلى الله عليه وسلم:" والعرش فوق الماء والله فوق العرش، ويعلم ما أنتم عليه ".
وجاء عن السلف تفسير الاستواء بأربع عبارات:
علا، وارتفع، واستقر، وصعد، أشار إليها ابن القيم في الكافية الشافية [1/ 440 مع شرح ابن عيسى] بقوله:
فلهم عبارات عليها أربع
…
قد حصلت للفارس الطعان
وهي "استقر"، وقد "علا"، وكذلك "ار
…
تفع" الذي ما فيه من نكران
وكذاك قد "صعد" الذي هو رابع
…
وأبو عبيدة صاحب الشيباني
يختار هذا القول في تفسيره
…
أدرى من الجهمي بالقرآن.
ولم يذكر لفظ الجلوس، ولكن أهل السنة لا ينكرون ذلك بل المبتدعة هم الذين ينكرونه، كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية في العقيدة التدمرية [ص238 مع شرح البراك]:
فيظن هذا المتوهم أنه تعالى إذا كان مستويا على العرش كان استواؤه مثل استواء المخلوق، فيريد أن ينفي ذلك الذي فهمه فيقول: إن استواءه ليس بقعود، ولا استقرار. اهـ بتصرف واختصار.
وقد جاءت آثار فيها ذكر القعود، والجلوس، وذكرها الأئمة في كتب السنة بمعرض الرد على نفاة العلو، والاستواء كالأثر الذي جاء عن مجاهد في تفسير المقام المحمود: بإقعاد النبي صلى الله عليه وسلم على العرش.
وإن كانت هذه الآثار لا تخلوا عن مقال، فذكر الأئمة لها للاستشهاد، والاعتضاد، لا للاعتماد، وقد حكى غير واحد إجماع أهل السنة على صحة تفسير المقام المحمود بإقعاده صلى الله عليه وسلم على العرش، وأنه لا ينكر ذلك إلا جهمي؛ فظهر أن لفظ القعود، والجلوس لا يجوز نفيه عن الله سبحانه، وأما إثباته، ووصف الله به، فينبني على صحة ما ورد من الآثار في ذلك، والله أعلم.