المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌التسويف في نشر الرسالة الجامعية - التسويف في نشر الرسالة الجامعية، والتدقيق المبالغ فيه في البحوث والتآليف، والتريث في إخراجها مع وجود الحاجة إليه

[إبراهيم بن عبد الله المديهش]

الفصل: ‌التسويف في نشر الرسالة الجامعية

‌التسويف في نشر الرسالة الجامعية

والتدقيق المبالغ فيه في البحوث والتآليف، والتريث في إخراجها مع وجود الحاجة إليها

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وآله وصحبه، ومن اهتدى بهداه، أما بعد

فثمة مسألتان مهمتان تسيران في خطين متوازيين، لا يسبق أحدهما الآخر، وهما كالخوف والرجاء، إن غلب أحدهما الآخر، ضل صاحبه وغوى!

1.

مسألة الاستعجال في طباعة الكتب والبحوث، غفلةً عن المراجعة الضرورية، أو طلباً للشهرة، أو التجارة، أو استجرار قوام المكتب العلمي الذي يشرف عليه

وما حصل من ذلك وغيره من عبث في التراث مؤلم أوجع الغيارى، وضجت الأمانة منه.

2.

ومسألة حبس الرسالة الجامعية، أو التأخير الشديد في نشر البحوث والتآليف؛ لأجل التدقيق المبالغ فيه، فيتأخر النشر، حتى يكون الكتاب بعناية الورثة، المستعينين ببعض الأيادي المستأجرة.

وكلا طرفي قصد الأمور ذميم، وخير الأمور الوسط.

أما الأمر الأول، فكَتَب العلماء وطلبة العلم فيه كثيراً.

وأما الثاني: فلا أعلم من تحدث عنه في مقال أو بحث، وقد وجدت إشارات هنا وهناك، فجمعتها، نصيحة لنفسي ولأهل العلم، وكشفاً لأمر خفي من تلبيس إبليس! !

نرى رجلاً وفقه الله تعالى لبحث موضوع لم يُبحَثْ قبلُ، ـ سواء رسالةً جامعية أو بحثاً طوعياً ـ فيمضي فيه سنوات عديدة ويتمَّه، . . . . ثم لا ينشره، لأنه يحتاج لمراجعه، وأمام عينيه

ص: 1

التحذيرات والإرهاب الذي حفظه من صغره: من ألَّف فقد استهدف، والمؤلِّف يعرض عقله على الناس و

هلم جرَّاً! !

أليس من كفران النعمة أن يمنحك اللهُ التوفيقَ فتُحقِّق كتاباً علمياً، لا يُوجد له طبعةٌ جيدة، أو تكتب موضوعاً مهماً وتجيد فيه، ثم تحبس الكتاب عندك باعتذرات واهية عديدة؟ !

أعظم اعتذار سمعته: أن الرسالة الجامعية (ماجستير، دكتوراه) تحتاج لبعض التعديلات خاصة بعد ملحوظات المناقِشَين، وأهم من ذلك تحتاج لتغيير جذري، ففرق بين الدراسة الأكاديمية والكتاب الذي يُراد نشره! فمن العيب أن يخرج كتابي وفيه ترجمة للإمام الشافعي مثلاً أو ابن رجب أو

ضمن النص المحقق؛ لأنهما علمان معروفان لايحتاجان لتعريف أثناء التحقيق .... ويحتجُّ أيضاً بأن طريقة عرض المسائل في الدراسات الأكاديمية تختلف عن الكتاب المطبوع، ولعلي أتفرغ لها قريباً، وأقدمها للطباعة، وتمضي سنوات بل عقود، وتخرج رسائل في موضوع رسالة صاحبنا، والكتاب التراثي حقق مرتين أو ثلاثة، فزالت القيمة العالية لهذه الرسالة، وحصل الاكتفاء.

أود ـ علم الله ـ أن أذكر أمثلة عديدة، لكن سيُحرِج أصحابها ويسؤوهم! ! وما عليك سوى النظر في كشافات الرسائل الجامعية، لتعلم عظم الجناية على العلم وأهله في حبسها في رفوف الجامعة، وامتناع صاحبها عن نشرها.

ما الذي يمنع أن تَطبعَ رسالتك ـ إن لم تبدأ بالتعديلات خلال سنة من المناقشة ـ وتجعلَ ما تريد عملَه في طبعة تالية، وربما تأتيك إضافات من القراء واستدراكات عديدة، وهذا الرأي يقال أيضاً لأصحاب الصنف الثاني: المدققون في كتبهم حدَّ الوسواس، الراغبون في الكمال؟

ص: 2