الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله تعالى الذي علا في سماواته
، الذي جعل الموت والحياة آية من آياته، والصلاة والسلام على محمد سيد البريات، وصاحب المعجزات الباهرات، وعلى آله وأصحابه ألوية الصدق، ونسيم الأنفس الزاكيات.
وبعد:
أخي المسلم: رووا أن أعرابيًا كان يسير على جمل له، فخَرَّ الجمل ميتا! فنزل الأعرابي عنه وجعل يطوف به ويتفكر فيه! ويقول: مالك لا تقوم؟ ! مالك لا تنبعث؟ !
هذه أعضاؤك كاملة! وجوارحك سالمة!
ما شأنك؟ ! ما الذي كان يحملك؟ ! ما الذي كان يبعثك؟ ! ما الذي صرعك؟ ! ما الذي عن الحركة منعك؟ !
ثم تركه وانصرف متفكرا في شأنه!
أخي: إنه (الموت! ) مهلك العباد .. ومُوحش البلاد .. وميتم الأولاد .. ومذل الجبابرة الشداد ..
لا يعرف الصغير .. ولا يميِّز بين الوضيع والوزير .. ولا يحابي صاحب المنصب الكبير ..
سيوفه على العباد مصلتة .. ورماحه على صدورهم مشرعة .. وسهامه لا تطيش عن الأفئدة ..
خبرٌ عَلِمْنَا كلُّنا بمكانه
…
وكأنَّنا في حَالنا لم نَعْلَم
أخي: إنه (الموت! ) كم قرَّح من قلوب .. وكم أوقع من كروب .. أبشع من أن يوصف! وأشد من أن يعرف! سره مطوي من الخلائق .. لا يعلمه إلا كاشف الضُّر والبوائق .. تبارك وتعالى وتنزَّه من خالق ..
أخي: كأس الموت أمرُّ من الحنظل! لا يعرف طعمها إلا من ذاقها! وأنَّى لمن ذاقها أن يصفها على حقيقتها؟ !
* لما نزل الموت بعمرو بن العاص رضي الله عنه قال له ابنه: يا أبتِ قد كنتَ تقولُ: إني لأعجب من رجل ينزل به الموت ومعه عقله ولسانه كيف لا يصفه؟ !
فقال: يا بُني الموت أعظم من أن يوصف! ولكن سأصف لك منه شيئًا: والله لكأنَّ على كتفي جبال رضوى وتهامة!
وكأني أتنفس من سم إبرة! ولكأن في جوفي شوكة عوسج!
ولكأن السماء أطبقت على الأرض وأنا بينهما!
أخي: يا حر قلب علم أن له يومًا يتجرع فيه مرارة تلك الكأس! أخي ألا قلت معي بقلب صادق: اللهم هوِّن علينا سكرات الموت يوم تُطْوَى صَحَائفنا! وتنقضي أيامُنا! برحمتك يا راحم المستعيذين بك .. وواهب المخطئين لعفوكَ ..
أخي: ألا أنبه ما بك من الغفلة؟ ! ألا أدخل الفزع في قلبك؟ !
فخذ أخي هذا الوصف الفظيع للموت!
قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه لكعب: يا كعب حدثنا عن الموت!