الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سبب في إرقاق الولد، وما يكون سببًا في إرقاق الولد حرام، فنكاح الأمة حرام، فيقول: الخصم: [إنما تحمل] السببية بالذات على إرقاق الأم، فإنها السبب في إرقاق الولد، لكن لما قارنه النكاح حمل عليه بالعرض.
ومثاله من جهة المحمول: قول القائل: الماء مطهر للجسد إذا أصابته النجاسة، فيقول الخصم، إنما الماء مزيل للنجاسة، فإذا زالت النجاسة بماء فالمحل طاهر بالأصالة، فلما قارنت هذه الطهارة المتجددة لإزالة النجاسة حملت على الماء بالعرض.
ومن أمثال الموضوع - أيضا -: قول القائل: الصلاة في الدار المغصوبة معصية، والمعصية لا تقع امتثالا للأمر، وما لا يقع امتثالا للأمر فلا يجزيء عن المأمور به، فيقول المخالف: المعصية ثابتة بالذات للغصب لا للصلاة، لكنها لما اقترنا حملت المعصية عليها بالعرض. هذا كله إذا أخذ في القضية ما لا يستحق الوضع، أو الحمل بدلا عما يستحقه.
فأما إن اشتملت القضية على جزئين، فإما أن يشترط فيهما شرط في الوضع أو الحمل أو لا يشترط فإن لم يشترط فلا غلط وإن اشترط وذكر ذلك في القضية فلا غلط من هذا الوجه، وإن لم يذكر فهو مثا الغلط، ويسمى
الإطلاق في موضع التقييد
، فقد يكون من جهة الموضوع، وقد يكون من جهة المحمول. ومثاله من جهة الموضوع في العقليات: قول القائل: كل جسم فيه
ميل طبيعي إلى حيزه الطبيعي، وكل ما فيه ميل طبيعي إلى حيزه الطبيعي فهو متحرك حركة طبيعية أو مقسور عنها، فكل جسم فهو متحرك حركة طبيعية أو مقسور عنها، فيقول: الخصم: الميل الطبيعي إنما يحصل للجسم الخارج عن حيزه الطبيعي، فأما وهو فيه فلا ميل له، فقد أطلقت ما يجب تقييده.
ومثاله في الفقهيات: قول القائل: المديان مالك لنصاب حال عليه الحول، وكل مالك لنصاب حال عليه الحول فعليه زكاة نصابه، فالمديان عليه زكاة نصابه فيقول الخصم: موضوع الكبرى لا يصدق عليه [محمولها إلا] مقيدا بالملك التام، ولذلك لا تجب الزكاة على العبد وإن كان مالكًا [للنصاب، فأنت] قد أطلقت ما يجب تقييده.
ومثاله من جهة المحمول في العقليات: [قول من يرى] أن الإنسان إنما يدرك المعقولات بقوة تتعلق بها لا بانطباع المعقولات في جوهر، وكل إنسان ذو وضع محسوس، وكل ذي محسوس لا يعقل المعقولات المجردة عن الأوضاع، فكل إنسان لا يعقل المعقولات
المجردة عن الأوضاع، فيقول: الخصم: أنت قد أطلقت المحمول، وإنما الصادق أن كل ذي وضع لا يقبل المعقولات من حيث هو ذو وضع، ولا يلزم من ذلك ألا يقبلها مطلقا، فالإنسان من جهة مادته ذو وضع لا يقبل المعقولات من جهة جسميته ومادته، ولا يلزم ألا يقبلها من حيث صورته وهي النفس الناطقة التي لا وضع لها.
ومثاله في الفقهيات: قول من يرى الصلاة على جلد الميتة المدبوغ طاهر، وكل طاهر تجوز الصلاة عليه، فجلد الميتة تجوز الصلاة عليه.
فيقول الخصم: أنت قد أطلقت ما يجب تقييده، وهو أن جلد الميتة طاهر طهارة مقيدة باستعماله في اليابسات، والماء وحده لا مطلقا.
فإن كانت القضية مشتملة على الجزئين المستحقين للوضع والحمل بشرطهما فلا غلط يلحقه من جهة أجزاء القضية، لكن إما أن تكون هيئة القضية مأخوذة كما يجب أعني أن يكون ما يستحق الوضع موضوعا، وما يستحق الحمل محمولا أو لا تكون الهيئة مأخوذة كما يجب، وذلك بأن يعكس الترتيب في التركيب، فإن كان الأول فلا غلط من جهة
القضية، وإن كان الثاني هو مثار الغلط، ويسمى {إيهام العكس} وأخذ اللازم وأخذ اللاحق.
ومثاله في العقليات: قول من يرى أن هيولا الجسم هي مكانة، فإن الهيولا قابل لتعاقب الأجسام عليه، وكل قابل لتعاقب الأجسام عليه فهو مكان، فالهيولا مكان، والغلط في الكبرى فإن الحق العكس، وهو أن المكان قابل لتعاقب الأجسام عليه، وذلك لا ينعكس كليا.
ومثاله في الفقهيات: قول من يرى أن العارية في ضمان المستعير مطلقا، إن المستعير له الخراج في زمن العارية وكل من له الخراج فعليه الضمان لقوله صلى الله عليه وسلم: الخراج بالضمان، فينتج أن المستعير عليه الضمان.
فيقول الخصم: الصحيح الذي يقتضيه الحديث أن من عليه الضمان فله الخراج، وهي قضية كلية موجبة لا تنعكس على نفسها.
فإن كانت القضية مشتملة على الجزئين كما يجب، وعلى الهيئة كما يجب، نظرنا بالنسبة الحكمية، فإن كانت مأخوذة كما يجب كيفا وجهة،