الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْفَصْلُ الثَّالِثُ: فِي بَيَانِ إقْرَارِ الْمَرِيضِ بِمَرَضِ الْمَوْتِ
الْمَادَّةُ (1595) مَرَضُ الْمَوْتِ هُوَ الْمَرَضُ الَّذِي يَعْجَزُ الْمَرِيضُ فِيهِ عَنْ رُؤْيَةِ مَصَالِحِهِ الْخَارِجَةِ عَنْ دَارِهِ إنْ كَانَ مِنْ الذُّكُورِ وَيَعْجَزُ عَنْ رُؤْيَةِ الْمَصَالِحِ الدَّاخِلَةِ فِي دَارِهِ إنْ كَانَ مِنْ الْإِنَاثِ ، وَاَلَّذِي يَكُونُ فِيهِ خَوْفُ الْمَوْتِ فِي الْأَكْثَرِ وَيَمُوتُ ، وَهُوَ عَلَى ذَلِكَ الْحَالِ قَبْلَ مُرُورِ سَنَةٍ سَوَاءٌ كَانَ مُلَازِمًا لِلْفِرَاشِ ، أَوْ لَمْ يَكُنْ ، وَإِذَا امْتَدَّ مَرَضُهُ ، وَكَانَ دَائِمًا عَلَى حَالٍ وَاحِدٍ وَمَضَى عَلَيْهِ سَنَةٌ يَكُونُ فِي حُكْمِ الصَّحِيحِ ، وَتَكُونُ تَصَرُّفَاتُهُ كَتَصَرُّفَاتِ الصَّحِيحِ مَا لَمْ يَمْتَدَّ مَرَضُهُ وَيَتَغَيَّرْ حَالُهُ أَمَّا إذَا اشْتَدَّ مَرَضُهُ ، وَتَغَيَّرَ حَالُهُ وَتُوُفِّيَ قَبْلَ مُضِيِّ سَنَةٍ فَيُعَدُّ مَرَضُهُ اعْتِبَارًا مِنْ وَقْتِ التَّغْيِيرِ إلَى الْوَفَاةِ مَرَضَ مَوْتٍ.
الْمَادَّةُ (1596) إقْرَارُ مَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ ، أَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ سِوَى زَوْجَتِهِ ، أَوْ الْمَرْأَةِ الَّتِي لَمْ يَكُنْ لَهَا وَارِثٌ سِوَى زَوْجِهَا فِي مَرَضِ الْمَوْتِ يُعْتَبَرُ إقْرَارُهُ عَلَى أَنَّهُ نَوْعُ وَصِيَّةٍ ; فَلِذَلِكَ إذَا نَفَى الْمِلْكَ مَنْ لَا وَارِثَ لَهُ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ عَنْ جَمِيعِ أَمْوَالِهِ وَأَقَرَّ بِهَا لِغَيْرِهِ يَصِحُّ ، وَلَيْسَ لِأَمِينِ بَيْتِ الْمَالِ أَنْ يَتَعَرَّضَ لِتَرِكَتِهِ بَعْدَ وَفَاتِهِ. كَذَلِكَ لَوْ نَفَى الْمِلْكَ مَنْ لَا وَارِثَ لَهُ سِوَى زَوْجَتِهِ عَنْ جَمِيعِ أَمْوَالِهِ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ ، وَأَقَرَّ بِهَا لَهَا ، أَوْ لَوْ نَفَتْ الْمِلْكَ مَنْ لَا وَارِثَ لَهَا سِوَى زَوْجِهَا عَنْ جَمِيعِ أَمْوَالِهَا وَأَقَرَّتْ بِهَا لَهُ يَصِحُّ ، وَلَيْسَ لِأَمِينِ بَيْتِ الْمَالِ أَنْ يَتَعَرَّضَ لِتَرِكَةِ أَحَدِهِمَا بَعْدَ الْوَفَاةِ.
الْمَادَّةُ (1597) لَوْ أَقَرَّ أَحَدٌ حَالٍ مَرَضِهِ بِمَالِ لِأَحَدِ وَرَثَتِهِ وَفَاقَ بَعْدَ إقْرَارِهِ مِنْ ذَلِكَ الْمَرَضِ يَكُونُ إقْرَارُهُ هَذَا مُعْتَبَرًا.
الْمَادَّةُ (1598) إذْ أَقَرَّ أَحَدٌ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ بِعَيْنٍ ، أَوْ دَيْنٍ لِأَحَدِ وَرَثَتِهِ ثُمَّ مَاتَ يَكُونُ إقْرَارُهُ مَوْقُوفًا عَلَى إجَازَةِ
بَاقِي الْوَرَثَةِ. فَإِنْ أَجَازُوهُ كَانَ مُعْتَبَرًا ، وَإِنْ لَمْ يُجِيزُوهُ لَا يُعْتَبَرُ إقْرَارُهُ ، وَلَكِنْ إذَا صَدَّقَهُ بَاقِي الْوَرَثَةِ فِي حَالِ حَيَاتِهِ فَلَيْسَ لَهُمْ الرُّجُوعُ عَنْ تَصْدِيقِهِمْ ، وَيَكُونُ ذَلِكَ الْإِقْرَارُ مُعْتَبَرًا ، وَأَيْضًا الْإِقْرَارُ لِلْوَارِثِ بِالْأَمَانَةِ صَحِيحٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ. فَعَلَيْهِ إذَا أَقَرَّ أَحَدٌ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ بِكَوْنِهِ قَدْ قَبَضَ أَمَانَتَهُ الَّتِي هِيَ عِنْدَ وَارِثِهِ ، أَوْ أَقَرَّ بِكَوْنِهِ قَدْ اسْتَهْلَكَ أَمَانَةَ وَارِثِهِ الْمَعْلُومَةَ الَّتِي أَوْدَعَهَا عِنْدَهُ يَصِحُّ إقْرَارُهُ. مَثَلًا لَوْ أَقَرَّ أَحَدٌ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ بِقَوْلِهِ: أَخَذْتُ وَقَبَضْتُ أَمَانَتِي الَّتِي أَوْدَعْتُهَا عِنْدَ ابْنِي فُلَانٍ يَصِحُّ إقْرَارُهُ وَيَكُونُ مُعْتَبَرًا ، وَكَذَا لَوْ قَالَ: إنَّ ابْنِي فُلَانًا أَخَذَ بِالْوَكَالَةِ دَيْنِي الَّذِي هُوَ عَلَى فُلَانٍ ، وَسَلَّمَهُ لِي يَكُونُ إقْرَارُهُ مُعْتَبَرًا. كَذَلِكَ لَوْ قَالَ: بِعْتُ خَاتَمَ الْأَلْمَاسِ الَّذِي كَانَ وَدِيعَةً ، أَوْ عَارِيَّةً عِنْدِي لِابْنِي فُلَانٍ الَّذِي قِيمَتُهُ خَمْسَةُ آلَافِ دِرْهَمٍ وَصَرَفْتُ ثَمَنَهُ فِي أُمُورِي وَاسْتَهْلَكْتُهُ يَكُونُ إقْرَارُهُ مُعْتَبَرًا ، وَيَلْزَمُ تَضْمِينُ قِيمَةِ ذَلِكَ الْخَاتَمِ مِنْ التَّرِكَةِ.
الْمَادَّةُ (1599) الْمُرَادُ مِنْ الْوَارِثِ فِي هَذَا الْمَبْحَثِ هُوَ الَّذِي كَانَ وَارِثًا لِلْمَرِيضِ فِي وَقْتِ وَفَاتِهِ. أَمَّا الْوِرَاثَةُ الْحَادِثَةُ بِسَبَبٍ حَاصِلٍ فِي وَقْتِ وَفَاةِ الْمُقِرِّ ، وَلَمْ تَكُنْ قَبْلًا فَلَا تَكُونُ مَانِعَةً لِصِحَّةِ الْإِقْرَارِ فَعَلَيْهِ إذَا أَقَرَّ أَحَدٌ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ بِمَالِ لِامْرَأَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا وَمَاتَ يَكُونُ إقْرَارُهُ نَافِذًا. وَأَمَّا الْإِقْرَارُ لِمَنْ كَانَتْ وِرَاثَتُهُ قَدِيمَةً ، وَلَمْ تَكُنْ حَاصِلَةً بِسَبَبٍ حَادِثٍ كَهَذَا فَلَا يَكُونُ إقْرَارُهُ نَافِذًا ، مَثَلًا لَوْ أَقَرَّ مَنْ لَهُ ابْنٌ لِأَحَدِ إخْوَتِهِ مِنْ أَبَوَيْنِ بِمَالِ ثُمَّ مَاتَ بَعْدَ مَوْتِ ابْنِهِ لَا يَكُونُ إقْرَارُهُ نَافِذًا ; لِمَا أَنَّ أَخَاهُ يَرِثُهُ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ أَخًا لَهُ.
الْمَادَّةُ (1600) إقْرَارُ الْمَرِيضِ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ بِالْإِسْنَادِ إلَى زَمَنِ الصِّحَّةِ فِي حُكْمِ الْإِقْرَارِ فِي زَمَنِ الْمَرَضِ ، فَلَوْ أَقَرَّ أَحَدٌ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ بِأَنَّهُ قَدْ اسْتَوْفَى دَيْنَهُ الَّذِي عَلَى وَارِثِهِ فِي زَمَانِ صِحَّتِهِ لَا يُنَفَّذُ إقْرَارُهُ مَا لَمْ يُجِزْ بَاقِي الْوَرَثَةِ ، كَذَلِكَ لَوْ أَقَرَّ أَحَدٌ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ بِأَنَّهُ قَدْ
وَهَبَ مَالَهُ الْفُلَانِيَّ حَالَ صِحَّتِهِ لِأَحَدِ وَرَثَتِهِ فُلَانٍ ، وَأَنَّهُ سَلَّمَهُ إيَّاهُ لَا يُنَفَّذُ إقْرَارُهُ مَا لَمْ يُثْبِتْ بِبَيِّنَةٍ ، أَوْ يُجِزْهُ بَاقِي الْوَرَثَةِ.
الْمَادَّةُ (1601) إقْرَارُ الْمَرِيضِ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ بِعَيْنٍ ، أَوْ دَيْنٍ لِأَجْنَبِيٍّ أَيْ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ وَارِثَهُ ، صَحِيحٌ اسْتِحْسَانًا ، وَإِنْ اسْتَغْرَقَ جَمِيعَ أَمْوَالِهِ إلَّا أَنَّهُ إذَا ظَهَرَ كَذِبُ الْمُقِرِّ فِي إقْرَارِهِ بِأَنْ كَانَ مَعْلُومًا بِأَحَدِ الْأَسْبَابِ لِأَشْخَاصٍ كَثِيرِينَ بِكَوْنِ الْمُقَرِّ بِهِ مِلْكًا لِلْمُقِرِّ بِأَنْ كَانَ قَدْ بِيعَ الْمُقَرُّ بِهِ لِلْمُقِرِّ فِي تِلْكَ الْبُرْهَةِ ، أَوْ وُهِبَ لَهُ ، أَوْ انْتَقَلَ لَهُ إرْثًا مِنْ آخَرَ فَفِي تِلْكَ الْحَالِ يُنْظَرُ. فَإِذَا لَمْ يَكُنْ إقْرَارُهُ أَثْنَاءَ بَحْثٍ وَصِيَّةً فَتَكُونُ بِمَعْنَى الْهِبَةِ وَيَلْزَمُ التَّسْلِيمُ ، وَإِذَا كَانَ أَثْنَاءَ بَحْثٍ وَصِيَّةً يُحْمَلُ عَلَى مَعْنَى الْوَصِيَّةِ ، وَعَلَى كِلْتَا الْحَالَتَيْنِ تُعْتَبَرُ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ فَقَطْ.
الْمَادَّةُ (1602) دُيُونُ الصِّحَّةِ مُقَدَّمَةٌ عَلَى دُيُونِ الْمَرَضِ ، يَعْنِي تُقَدَّمُ الدُّيُونُ الَّتِي تَعَلَّقَتْ بِذِمَّةِ مَنْ كَانَتْ تَرِكَتُهُ غَرِيمَةً فِي حَالِ صِحَّتِهِ عَلَى الدُّيُونِ الَّتِي تَعَلَّقَتْ بِذِمَّتِهِ بِإِقْرَارِهِ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ ، وَعَلَى ذَلِكَ فَتُسْتَوْفَى أَوَّلًا دُيُونُ الصِّحَّةِ مِنْ تَرِكَةِ الْمَرِيضِ وَإِذَا بَقِيَ شَيْءٌ تُؤَدَّى مِنْهُ دُيُونُ الْمَرَضِ ، وَلَكِنَّ الدُّيُونَ الَّتِي تَعَلَّقَتْ بِذِمَّةِ الْمَرِيضِ بِأَسْبَابٍ مَعْرُوفَةٍ غَيْرِ الْإِقْرَارِ كَالدُّيُونِ الَّتِي تَعَلَّقَتْ بِذِمَّتِهِ بِأَسْبَابِ الشِّرَاءِ وَالِاسْتِقْرَاضِ وَإِتْلَافِ الْمَالِ الْمُشَاهَدِ وَالْمَعْلُومِ لِلنَّاسِ فَهِيَ فِي حُكْمِ دُيُونِ الصِّحَّةِ ، وَإِذَا كَانَ الْمُقَرُّ بِهِ شَيْئًا مِنْ الْأَعْيَانِ فَحُكْمُهُ عَلَى هَذَا الْمِنْوَالِ أَيْضًا. يَعْنِي إذَا أَقَرَّ أَحَدٌ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ لِأَجْنَبِيٍّ بِأَيِّ نَوْعٍ مِنْ الْأَشْيَاءِ لَا يَسْتَحِقُّهُ الْمُقَرُّ لَهُ مَا لَمْ تُؤَدَّ دُيُونُ الصِّحَّةِ ، أَوْ الدُّيُونُ الَّتِي تَرَتَّبَتْ فِي ذِمَّتِهِ بِأَسْبَابٍ مَعْرُوفَةٍ ، وَكَانَتْ فِي حُكْمِ دُيُونِ الصِّحَّةِ.
الْمَادَّةُ (1603) إذَا أَقَرَّ أَحَدٌ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ بِكَوْنِهِ قَدْ اسْتَوْفَى دَيْنَهُ الَّذِي فِي ذِمَّةِ أَجْنَبِيٍّ يُنْظَرُ. فَإِنْ كَانَ هَذَا الدَّيْنُ قَدْ تَعَلَّقَ فِي ذِمَّةِ