المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌العلم بمقاصد الهجرة وأهدافها - مجلة البيان - جـ ١١٣

[مجموعة من المؤلفين]

الفصل: ‌العلم بمقاصد الهجرة وأهدافها

دراسات تاريخية

‌العلم بمقاصد الهجرة وأهدافها

بقلم: د. محمد أمحزون

تعد الهجرة من أهم متطلبات الدعوة إلى الله (تعالى) ، وهي سنة الله في رسله

وأنبيائه وعباده المؤمنين، الذين هاجروا فراراً بدينهم وخوفاً من بطش الظالمين،

وهو الأمر الذي عرفه رسول الله صلى الله عليه وسلم منذ أول يوم جاءه الوحي، إذ لما ذهبت خديجة رضي الله عنها إلى ورقة بن نوفل، فأخبره رسول الله -

صلى الله عليه وسلم بما قد رآه، قال له ورقة: (ليتني أكون حيّاً إذ يخرجك

قومك) [1] .

ولهذا أدرك النبي صلى الله عليه وسلم منذ أول يوم أوحي إليه فيه أنه

سيُخرج من بلده، وهو أشرف الخلق وأكرمهم عند الله عز وجل ، فنصْرُ الله في

الدنيا وثوابه في الآخرة إنما ينالهما المرء بالعمل، والنصيحة، والمصابرة على

الشدائد، واللجوء إلى الله عز وجل بالدعاء والاستعانة.

ويُستَنبط من هذا الحديث العظيم: أن الهجرة لا تختص بفئة معينة من

المؤمنين في زمن معلوم يأتي عليه زمن آخر فتنسخ، بل إنها دائمة ما دام الحق

والباطل وما دام الكفر والإسلام، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا

تنقطع الهجرة حتى تنقطع التوبة، ولا تنقطع التوبة حتى تطلع الشمس من

مغربها) [2]، وفي رواية:(لا تنقطع الهجرة ما قوتل الكفار)[3] .

ولم يكن وعد الله (سبحانه) بتعظيم أمر الهجرة وثواب المهاجر في سبيله إلا

بسبب ما يحتمل المهاجر من عناء ومشقة وشدائد ومكابدة الأخطار، لذلك قال

(تعالى) : [وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ قُتِلُوا أَوْ مَاتُوا لَيَرْزُقَنَّهُمُ اللَّهُ رِزْقاً حَسَناً

وَإنَّ اللَّهَ لَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (58) لَيُدْخِلَنَّهُم مُّدْخَلاً يَرْضَوْنَهُ وَإنَّ اللَّهَ لَعَلِيمٌ حَلِيمٌ]

[الحج: 58، 59] .

وقد أوجب الله عز وجل الهجرة على كل مؤمن؛ لتكثير سواد المسلمين،

ولنصرة النبي صلى الله عليه وسلم ومواساته بالنفس والنفيس، إذ كانت الدولة

الإسلامية الناشئة في المدينة بحاجة إلى المهاجرين من المؤمنين؛ ليتوطد سلطان

الإسلام فيها، حيث يتربص به اليهود والمنافقون، وتحيط به قوى الأعراب

المشركين من حول المدينة، ويترصده كفار قريش الذين أقضت الهجرة مضاجعهم، فمضوا يخططون ويعملون للإجهاز على كيان الإسلام الفتي؛ لذلك تتابعت الآيات

في الأمر بالهجرة وبيان فضلها وعظيم أجرها، حتى وعد الله (جل ذكره)

المهاجرين في سبيله بتمكينهم من مراغمة أعدائهم، والتوسعة عليهم في أرزاقهم،

بقوله (سبحانه) : [وَمَن يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الأَرْضِ مُرَاغَماً كَثِيراً وَسَعَةً

وَمَن يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِراً إلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ المَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى

اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً] [النساء: 100] .

ثم جاء الوعيد شديداً فيمن تباطأ وتثاقل عن الهجرة والجهاد في سبيل الله،

وآثر متاع الدنيا على التضحية في سبيل الله، في قوله (تعالى) : [قُلْ إن كَانَ

آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ

كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إلَيْكُم مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا

حَتَّى يَاًتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي القَوْمَ الفَاسِقِينَ] [التوبة: 24] .

قال الشيخ ابن عتيق رحمه الله : (وما من أحد يترك الهجرة، إلا وهو

يتعذر بشيء من هذه الثمانية، وقد سدّ الله على الناس باب الاعتذار بها، وجعل مَن

ترك الهجرة لأجلها أو لأجل واحد منها فاسقاً، وإذا كانت مكة هي أشرف بقاع

الأرض، وقد أوجب الله الهجرة منها ولم يجعل محبتها عذراً، فكيف بغيرها من

البلدان؟ !) [4] .

وحسماً لأمر الهجرة وجعله فرض عين: قطع الله عز وجل الموالاة بين من

هاجر ومن لم يهاجر، وذلك في قوله (تعالى) : [فَلا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ أَوْلِيَاءَ حَتَّى

يُهَاجِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ] [النساء: 89] .

فالذين دخلوا في هذا الدين عقيدة، لكن لم ينضموا إلى المجتمع الذي يقوم

على هذه العقيدة، ولم يلتحقوا به فعلاً، لا يعدّون أعضاءً في المجتمع المسلم، ولذا: لم يجعل الله عز وجل بينهم وبينه ولاية وتناصراً بمعناه الأعم: [إنَّ الَذِينَ

آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوا وَنَصَرُوا أُوْلَئِكَ

بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُم مِّن وَلايَتِهِم مِّن شَيْءٍ حَتَّى

يُهَاجِرُوا وَإنِ اسْتَنصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إلَاّ عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُم مِّيثَاقٌ

وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ] [الأنفال: 72] .

ولما كانت الهجرة بهذه المنزلة، وجب على كل من أسلم أن ينتقل إلى مهاجر

رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة، إلا من استثني من أهل الأعذار من

الأطفال والنساء والشيوخ.

قال القاضي عياض: (واتفق الجميع على أن الهجرة قبل الفتح كانت واجبة

عليهم، وأن سكنى المدينة كان واجباً؛ لنصرة النبي ومواساته بالنفس) [5] .

بل إن الإقامة بعد ذلك في مكة كانت حراماً على من هاجر منها قبل الفتح؛

ولهذا: رثى النبي صلى الله عليه وسلم لسعد بن خولة أن مات بمكة [6] .

الحكمة من الهجرة:

إن العلم بمقاصد الهجرة وأهدافها أمر ضروري لكل مسلم يهمه أمر إقامة

صرح هذا الدين؛ فالنصوص القرآنية التي وردت بصدد الهجرة ما كانت تعالج أمر

الهجرة في تلك المرحلة من الزمن فحسب، ولكنها تعالج حالة قائمة في أمر الدعوة، ولذلك: وردت بعض نصوص السنة توضح هذا الأمر.

فعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه ، قال: سمعت رسول الله -صلى الله

عليه وسلم- يقول: (إنما ستكون هجرة بعد هجرة)[7]، وفي حديث آخر: (لا

تنقطع الهجرة ما كان الجهاد) [8] .

والجهاد ماضٍ إلى يوم القيامة، كما جاء في حديث أبي داود: (والجهاد ماضٍ

منذ بعثني الله إلى أن يقاتل آخر أمتي الدجال) [9] .

وهذا الحكم استنبطه البخاري رحمه الله من حديث النبي -صلى الله عليه

وسلم-: (الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة: الأجر، والمغنم) بقوله: باب الجهاد ماضٍ مع البر والفاجر [10] .

ولذلك: فالهجرة ليست مرحلة تاريخية انتهت بمضي وقتها وأهلها،

وأصبحت مَعْلَماً وصفحة من صفحات التاريخ فحسب، وإنما هي صفحة من

صفحات السيرة المضيئة التي خلّدها القرآن والسنة، وستظل جزءاً من حركة

الدعوة إلى الله (تعالى)[11] .

يقول صاحب الظلال: (ولقد ظل شرط الهجرة قائماً حتى فتح مكة، حين

دانت أرض العرب للإسلام وقيادته، وانتظم للناس في مجتمعه، فلا هجرة بعد

الفتح، ولكن جهاد وعمل، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم

) [12] .

على أن الحكمة الأساس من الهجرة هي أن رسالة الإسلام جاءت لتنظم شؤون

الناس في شتى مجالات الحياة، فهي دستور ومنهج شامل لا بد لتطبيقه من أمة

وأرض تقام فيها أحكام الله (تعالى) ، والمسلمون لا يمكن أن يكون لهم وجود فِعلي

إلا إذا صبغ الإسلام جميع مرافق حياتهم، وساد نظامه أرضهم، وقامت فيها

أحكامه وآدابه، كما تقوم فيها شعائره، وتسود فيها عقائده.

لكن إذا تعذر على المسلمين تطبيق أحكام دينهم، وإقامة نظامه السياسي

والاجتماعي والاقتصادي وآدابه الخلقية في بلدهم، وجب عليهم الانتقال إلى البلد

الذي يعمل فيه بأحكام الإسلام وآدابه، تكثيراً لسواد المسلمين، وإعزازاً لأمر الدين، واستعداداً لنصره وتأييده بالنفس والنفيس، وإذا لم يكن للمسلمين بلد تتوافر فيه

هذه الشروط، وجب عليهم أن يجتمعوا في بقعة صالحة يقيمون فيها نظام الإسلام

تامّاً كاملاً، ويتعاونون على حماية دعوته، واتخاذ الأسباب والوسائل لتحقيق رسالة

الإسلام كما جاء بها صاحبها (صلوات الله عليه) وكما فهمها منه أصحابه والتابعون

لهم بإحسان [13] .

وقد غفل عن هذه الظاهرة من أمر الإسلام بعض الذين دخلوا فيه على عهد

رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلبثوا في وطنهم (مكة) مستضعفين فيها، لا

يستطيعون إعلاء كلمة الله لغلبة الباطل يومئذ على الحق، ولا يهاجرون منها إلى

المدينة فيقوى بهم الإسلام، فنزل فيهم قول الله عز وجل : [إنَّ الَذِينَ تَوَفَّاهُمُ

المَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ

أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُوْلَئِكَ مَاًوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيراً]

[النساء:97] .

وعن شأن هؤلاء روى البخاري (في جامعه الصحيح) عن ابن عباس (رضي

الله عنه) في قصة أصحاب بدر: (أن أناساً من المسلمين كانوا مع المشركين

يكثرون سواد المشركين على رسول الله صلى الله عليه وسلم، يأتي السهم

فيُرمى به، فيصيب أحدهم فيقتله، أو يُضرب فيقتل، فأنزل الله عز وجل :

[إنَّ الَذِينَ تَوَفَّاهُمُ المَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنفُسِهِمْ] ) [14] .

وأخرج ابن أبي حاتم بسند صحيح إلى ابن عباس رضي الله عنهما قال:

(كان قوم من أهل مكة أسلموا، وكانوا يستَخْفون بالإسلام، فأخرجهم المشركون يوم

بدر معهم فأصيب بعضهم، قال المسلمون: كان أصحابنا مسلمين وأُكرهوا،

فاستغفروا لهم، فنزلت:[إنَّ الَذِينَ تَوَفَّاهُمُ المَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنفُسِهِمْ](الآية)، قال: فكُتب إلى من بقي من المسلمين بهذه الآية: لا عذر لهم، قال: فخرجوا فلحقهم

المشركون فأعطوهم التقية، فنزلت هذه الآية: [وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ

فَإذَا أُوذِيَ فِي اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللَّهِ] [العنكبوت: 10] ) [15] .

وعند الطبري بسند صحيح إلى ابن عباس رضي الله عنه : (فكتب إليهم

المسلمون بذلك (أي بآية: [وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ فَإذَا أُوذِيَ فِي اللَّهِ جَعَلَ

فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللَّهِ] (فحزنوا، فنزلت: [ثُمَّ إنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هَاجَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا

فُتِنُوا ثُمَّ جَاهَدُوا وَصَبَرُوا إنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ] [النحل: 110] ، فكتبوا

إليهم بذلك، فخرجوا، فلحقوهم (أي: المشركون) ، فنجا من نجا، وقُتل من

قتل) [16] .

وقال الضحاك: (فنزلت هذه الآية الكريمة [إنَّ الَذِينَ تَوَفَّاهُمُ المَلائِكَةُ ظَالِمِي

أَنفُسِهِمْ] عامة في كل من أقام بين ظهراني المشركين وهو قادر على الهجرة،

وليس متمكناً من إقامة الدين، فهو ظالم لنفسه مرتكب حراماً بالإجماع) [17] .

ويمضي هذا الحكم إلى آخر الزمان، متجاوزاً تلك الحالة الخاصة التي كان

يواجهها النص في تاريخ معين وفي بيئة معينة، يمضي حكماً عامّاً يلحق كل مسلم

تناله الفتنة في دينه في أي أرض، وتمسكه أمواله ومصالحه، أو قراباته وصداقاته، أو إشفاقه من آلام الهجرة ومتاعبها.. متى كان هناك في الأرض في أي مكان دار

للإسلام يأمن فيها على دينه، ويجهر فيها بعقيدته، ويؤدي فيها شعائر دينه) [18] .

ولما كان الإسلام دين يسر، ومن مبادئه وأحكامه أن تقدر الضرورات بقدرها، وأن يعذر أهلها، كان تمام الآيات السالفة قول الله عز وجل :[إلَاّ المُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلا يَهْتَدُونَ سَبِيلاً (98) فَأُوْلَئِكَ عَسَى اللَّهُ أَن يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَفُواً غَفُوراً][النساء: 98، 99] .

وفي تفسير قوله (تعالى) : [فَمَا لَكُمْ فِي المُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللَّهُ أَرْكَسَهُم بِمَا

كَسَبُوا أَتُرِيدُونَ أَن تَهْدُوا مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَن تَجِدَ لَهُ سَبِيلاً (88) وَدُّوا

لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً فَلا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ أَوْلِيَاءَ حَتَّى يُهَاجِرُوا فِي سَبِيلِ

اللَّهِ فَإن تَوَلَّوْا فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ وَلا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ وَلِياً وَلا نَصِيراً]

[النساء: 88، 89]، قال العوفي عن ابن عباس رضي الله عنهما : نزلت في

قوم كانوا قد تكلموا بالإسلام، وكانوا يظاهرون المشركين، فخرجوا من مكة

يطلبون حاجة لهم، فقالوا: إن لقينا أصحاب محمد فليس علينا منهم بأس، وإن

المؤمنين لما أخبروا أنهم قد خرجوا من مكة، قالت فئة من المؤمنين: اركبوا إلى

الجبناء فاقتلوهم فإنهم يظاهرون عليكم عدوكم، وقالت فئة أخرى: سبحان الله! أو

كما قالوا أتقتلون قوماً قد تكلموا بمثل ما تكلمتم به من أجل أنهم لم يهاجروا ولم

يتركوا ديارهم، نستحل دماءهم وأموالهم؟ ! ، فكانوا كذلك فئتين، والرسول عندهم

لا ينهى واحداً من الفريقين عن شيء، فنزلت:[فَمَا لَكُمْ فِي المُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ]

(الآية)[19] .

وهكذا.. إذا كان القرآن الكريم قد أنحى باللائمة على جماعة من المسلمين

كانوا في مكة يصلون ويصومون، ولكنهم ارتضوا البقاء تحت أنظمة تخالف

الإسلام، فلا قوة لهم على تغييرها، ولم يهاجروا إلى دار الإسلام في المدينة

ليكونوا من جنودها المتحفزين لتغيير تلك الأنظمة، فليعلم أن الإسلام لا يكتفي من

أهله بالصلاة والصوم فحسب، بل يريد منهم مع ذلك أن يقيموا أنظمته وآدابه في

بيوتهم وأسواقهم وأنديتهم ومجامعهم ودواوين حكمهم، وأن يتوسلوا بجميع الوسائل

الممكنة لتحقيق هذا الغرض الواجب [20] .

كما ينبغي أن يعلم أن الإيمان اعتقاد وقول وعمل، وأنه تكاليف وتبعات،

وأنه إقرار وامتثال وطاعة، وإذ هو كذلك: كان لزاماً أن ينعكس أثره على اللسان

والقلب والجوارح، علماً، وعملاً، وسلوكاً.

(1) أخرجه البخاري، كتاب بدء الوحي، باب حدثنا يحيى بن بكير، ج 1، ص3.

(2)

أخرجه أحمدفي المسند، ج1، ص 192، وصححه الألباني في (صحيح الجامع الصغير) ،

ح/7469، م2، ص 1244.

(3)

الهيثمي: كشف الأستار عن زوائد البزار،، ح/1748، ج2، ص 304، وابن حجر: التلخيص الحبير في تخريج أحاديث الرافعي الكبير، ح/ 2169، ج 4، ص 167.

(4)

ابن عتيق: سبيل النجاة والفكاك من موالاة المرتدين وأهل الإشراك، ص 28.

(5)

نقلاً عن فتح الباري، ج7، ص 267.

(6)

أخرجه البخاري، كتاب مناقب الأنصار، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم:(اللهم أمضِ لأصحابي هجرتهم) ، ج 4، ص 267.

(7)

أخرجه أبو داود في السنن، كتاب الجهاد، ح/2482، ج3، ص 4، وأحمد في المسند،

ج2، ص 199.

(8)

أخرجه أحمد في المسند، ج4، ص 62، وقال الألباني: إسناده صحيح، السلسلة الصحيحة، ج4، ص 239 240.

(9)

أخرجه أبو داود في السنن، كتاب الجهاد، ح/2532، ج3، ص 18.

(10)

أخرجه البخاري، كتاب الجهاد والسير، ج3، ص 215.

(11)

صالح أحمد الشامي: السيرة النبوية تربية أمة، وبناء دولة، ص 127 128.

(12)

سيد قطب: في ظلال القرآن، م3، ص 1560.

(13)

محب الدين الخطيب: من إلهامات الهجرة.

(14)

أخرجه البخاري، كتاب التفسير، باب قوله (تعالى) :[إنَّ الَذِينَ تَوَفَّاهُمُ المَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنفُسِهِمْ] ، ج5، ص 183.

(15)

تفسير ابن كثير، ج1، ص 272.

(16)

الطبري: جامع البيان عن تأويل آي القرآن، ج4، ص243، وابن حجر: الفتح، ج 8، ص 263.

(17)

تفسير ابن كثير، ج1، ص 542.

(18)

سيد قطب: في ظلال القرآن، ج3، ص 745.

(19)

قال ابن كثير في تفسيره: (رواه ابن أبي حاتم، وقد روي عن أبي سلمة بن عبد الرحمن وعكرمة ومجاهد والضحاك وغيرهم قريب من هذا) ، ج1، ص 532.

(20)

محب الدين الخطيب: من إلهامات الهجرة، ص 52، 53.

ص: 40

دراسات إعلامية

التقنية في خدمة الدعوة إلى الله

كيف نستفيد من الحاسوب؟

(1من2)

بقلم: حسين السلمان

تطورت وسائل الإعلام والاتصال في هذا العصر تطوراً مذهلاً، مما ساهم

مساهمة فاعلة في تداخل الشعوب والثقافات، واستطاع الغرب تسخير تلك الوسائل

في صناعة الرأي، ونشر هيمنته الفكرية في أكثر الآفاق.

ولقد آن الأوان لكي ينهض الدعاة لأداء رسالتهم، ويخاطبوا الناس بلغة

العصر، وعلى قدر ثقافتهم، ويسخِّروا وسائل التقنية الحديثة لنشر الدعوة، وبيان

الحجة.

وفي هذه المقالة لأحد المتخصصين في علم الحاسوب إلمامة مركزة في كيفية

الاستفادة من الحاسوب في نشر الدعوة الإسلامية بين المسلمين وغير المسلمين.

الحاسوب وسيلة للدعوة:

يمكن تقسيم استخدام الحاسوب في الدعوة إلى مجالين، هما:

1 الدعوة بين المسلمين (دعوة الإصلاح) .

2 دعوة غير المسلمين (دعوة الهداية) .

الدعوة بين المسلمين: ويشمل هذا المجال كل الجهود التي قدمت للاستفادة من

مزايا الحاسوب، التي تركز بشكل أساس في القدرة على تخزين كم هائل من

المعلومات مع سرعة التعامل معها، وأبرز المجالات التي خدمها الحاسوب هي

المجالات المتعلقة بالقرآن الكريم والسنة النبوية [1] .

دعوة غير المسلمين: دعوة غير المسلمين تتطلب من الداعية إلى الإسلام أن

يتعامل مع فئات مختلفة وقدر كبير من المعلومات، واستحضار سريع للأدلة

والبراهين في مجالات شتى، ومن الناحية النظرية: فإن البرامج الحاسوبية ستكون

ذات أثر فعال في مجال دعوة غير المسلمين؛ نظراً لما يلي:

1-

قدرة الحاسوب الرائعة للتعامل مع كم هائل من المعلومات المقروءة

والمسموعة والمرئية، واسترجاعها والوصول إليها بسهولة وإتقان.

2-

السبب الآخر الذي يدعو إلى الاعتقاد بنجاح الحاسوب وسيلةً للدعوة هو

نجاح البرامج التطبيقية المستخدمة في مجال التعليم؛ ففي مجال التعليم تستخدم

برامج الحاسوب في أنماط تعليمية مختلفة، مثل: الشرح، والإلقاء، وطرح

التمارين وتصحيحها ونمذجتها، ومحاكاة الظواهر الطبيعية.

نظام الدعوة بمساعدة الحاسوب [*] :

المقصود من استخدام الحاسوب باعتباره أداة لدعوة غير المسلمين هو تطوير

برمجيات لشرح الإسلام وتوضيح أركانه، وتتم عملية التعليم تحت التحكم الكلي من

قِبَل المستخدم، من حيث: المواضيع التي يرغب في دراستها، وتحكم سرعة

عرض المعلومات، وفي وقت الدرس ومدته.

المزايا: من أهم ما يتميز به الحاسوب باعتباره وسيلة للدعوة عن غيره من

الوسائل الأخرى ما يلي [2] :

1-

أن إثبات العقائد يتطلب استحضار عدد كبير من الأدلة والبراهين بحيث

تتناسب مع نوعيات وأصناف البشر باختلاف ميولهم وأهوائهم ومعلوماتهم السابقة،

فالأدلة على وجود الخالق (سبحانه) على سبيل المثال كثيرة وعديدة، يمكن

استخلاصها من مختلف العلوم، مثل: الفلك، والفيزياء، والطب، والأحياء،

وعلم الأجنة، والجيولوجيا.. وغير ذلك من العلوم، هذا بالإضافة إلى الفلسفة،

وعلم المنطق، ويصعب على الداعية البشري أن يستحضر جميع هذه الأدلة من كل

هذه العلوم، أما باستخدام الحاسوب وتقنيات المعلومات فإنه يمكن حفظ جميع هذه

الأدلة وتصنيفها وفق الموضوعات أو وفق درجة صعوبة الدليل وعمقه، ويستطيع

المستخدم أن يختار الأدلة من المواضيع التي تتفق مع ميوله أو مستواه العقلي

والمعرفي.

2-

أن برمجيات الحاسوب يمكنها الوصول إلى أماكن بعيدة وإلى المستخدِمين

في شتى بقاع المعمورة بتكلفة زهيدة، لذا: فإن نشر الإسلام عن طريق هذه

البرمجيات سيكون أقل تكلفة بكثير من الأسلوب التقليدي في إرسال الدعاة إلى هذه

المناطق، أيضاً: فإن مستخدِم هذه البرمجيات يملك هذه النسخة منها، وهو بذلك

يستطيع استخدامها ساعة يشاء وفي الأوقات التي تناسبه، وهذا لا يتوفر في

الأساليب التقليدية للدعوة، حيث لا يتوفر الداعية في كل وقت لكي يخاطب من

يحتاج إليه.

3-

أن الغرور والكبرياء وعدم الرغبة في الظهور بمظهر الجاهل أمام

الآخرين.. هي بعض أسباب العناد والتمادي في رفض آراء الآخرين وإن كانوا

محقين وصائبين، وتعلم الإسلام عن طريق برمجيات الحاسوب يزيل عن النفس

هذا الحَرَج، وبذلك فإن المستخدِم يكون من الناحية النفسية أكثر تقبلاً لهذه الأفكار

والمفاهيم، وهنا يجب توخي الحرص عند تصميم هذه البرمجيات بحيث لا تثير

مشاعر الرفض لدى المستخدم.

4-

يعتبر القرن العشرون الميلادي عصر العلم والمعرفة والتقنية، فقد

استطاعت البشرية في الستين سنة الأخيرة من هذا القرن أن تضيف قدراً من العلوم

والمعارف التجريبية يفوق بكثير ما أنتجته البشرية منذ بدء خلقها، كذلك فإن هذا

العصر شهد تطوراً في التقنية مكن الإنسان من النزول على سطح القمر والخوض

في أعماق البحر والوصول بأجهزته إلى مجاهل الفضاء السحيق، وإذا كان الإنسان

القديم في غياب العقيدة الصحيحة قد عبد الشمس والقمر وقوى الطبيعة المختلفة،

فإن الإنسان في هذا العصر قد اتخذ من عقله ونتاج عقله من علوم وتقنيات آلهة

يعبدها من دون الله، والحواسيب هي إحدى أهم الإنجازات البشرية في هذا العصر، وهي تحظى بكثير من الثقة والاحترام لدى عدد غير قليل من الناس، لذلك: فإن

الحواسيب باعتبارها وسيلة للدعوة إلى الإسلام قد تكون الأقدر على إقناع تلك الفئة؛ نظراً لتقبلهم لها وارتياحهم النفسي في التعامل معها.

5-

أن معظم مستخدمي الحاسوب هم من الفئات المتعلمة في أي مجتمع من

أساتذة جامعات، وطلاب، ومهنيين، وكبار مسؤولين، وتربويين، وهذه الفئات

هم في العادة أصحاب التأثير الفعّال في المجتمع، لذا: فإن الوصول إليهم

واستمالتهم إلى دين الإسلام يعني التأثير بطريق غير مباشر على أعداد كبيرة أخرى

من البشر تتأثر بهذه الفئات.

ولكن الذي يجب التأكيد عليه: أن استخدام الحاسوب وسيلة لنشر الإسلام لا

يعني الاستغناء عن الوسائل الأخرى، فهذه الوسيلة ليست بديلاً عنها، وإنما هي

وسيلة تكمل الجهود الأخرى المبذولة في سبيل نشر الإسلام بين الناس.

المجالات المؤثرة: ولكي ننجح في تطوير برمجيات دعوية فعّالة، لا بد من

إجراء دراسات وبحوث عميقة في مجالات علم النفس العام، وعلم النفس الديني،

والشخصية وتكوينها، والميول والأهواء وتأثيرها، وفن الإقناع والتأثير،

ونظريات التعليم والتعلم، وعلوم الحاسوب والذكاء الاصطناعي، وفن التخاطب

بين الآلة والإنسان [3] .

ويبين الشكل المرفق: رسماً يوضح مجالات العلوم والمعرفة التي تؤثر

بصورة مباشرة على نظم الدعوة بمساعدة الحاسوب: الدعوة بمساعدة الحاسوب.

النظم الأساسية: ونظام الدعوة إلى الإسلام بمساعدة الحاسوب هو في جوهره

نظام لتشكيل العقيدة وتطويرها، حيث تهدف هذه النظم إلى تغيير ميول المستخدم

تجاه دين الإسلام، وإلى تعليمه مفاهيم الإسلام الصحيحة، وإزالة ما يمكن أن يكون

لديه من مفاهيم مغلوطة وصورة خاطئة عن الإسلام.

وبالنظر إلى أسس العقيدة الإسلامية والتمحص فيها نجد أنها في مجملها تتكون

مما يلي [4] :

- مفاهيم متعلقة بالتوحيد.

...

- مفاهيم متعلقة بالنبوة والرسالة

- مفاهيم متعلقة بالكتب السماوية

- تعاليم الشريعة الإسلامية

لذا: فإنه يمكن النظر إلى نظام الدعوة بمساعدة الحاسوب على أنه يتكون من

مجموعة مترابطة ومتكاملة من الأنظمة التعليمية الحاسوبية، كما يوضحها الشكل

(2)

، وهي كما يلي:

شكل (2) : عناصر نظام الدعوة بمساعدة الحاسوب

- نظام تعليم لتوحيد: ويقدم هذا النظام الأدلة والبراهين على وجود الخالق،

ويناقش كذلك القضايا المتعلقة بوحدانية المعبود والصفات الإلهية الأخرى.

- نظام تعليم النبوة: ويقدم هذا النظام الأدلة والبراهين على نبوة محمد، وأنه

آخر المرسلين وخاتم النبيين، كذلك يعرض النظام جوانب من السيرة النبوية.

- نظام تعليم القرآن الكريم: ويقدم هذا النظام الأدلة والبراهين على أن

القرآن كتاب منزل من الله سبحانه وتعالى ، ويشرح النظام أسس العقيدة التي

يحويها القرآن الكريم، ويعرض جوانب الإعجاز فيه.

- نظام تعليم تعاليم الإسلام: تهدف الأنظمة الثلاثة الأولى إلى إثبات العقائد

الأساس للإسلام المتعلقة بالألوهية والنبوة والكتاب، وتقبل هذه المعتقدات والإيمان

بها يعني اعتناق المرء للإسلام، والمرحلة التالية هي: معرفة تعاليم الدين

الإسلامي وممارستها، ويهدف هذا النظام الأخير إلى شرح تعاليم الإسلام وتبيان

أوامر الله (تعالى) ونواهيه.

المكونات الأساسية:

يتركز تصميم النظام الذكي لتعليم الإسلام على خلاصة التطور في العديد من

المجالات، وبصورة خاصة يستفيد النظام من نتائج الأبحاث في مجال الذكاء

الاصطناعي والنظم الخبيرة، ومجال التعليم الذكي بمساعدة الحاسوب، والتطورات

في بناء قواعد المعرفة باستخدام النصوص الفوقية، ويبين الشكل (3) المكونات

الأساس لأي نظام تعليمي ذكي، وفيما يلي عرض لهذه المكونات:

شكل (3) : عناصر نظام الدعوة بمساعدة الحاسوب

أ- وحدة نمذجة المستخدِم:

والهدف من هذه الوحدة هو تطوير نموذج (Model) للمستخدم، وأحد ملامح

هذا النموذج أنه يصنف المستخدم وفق محاور متعددة مثل: الجنس، العمر،

مستوى الإدراك الذهني، العقائد السابقة، التأهيل العلمي والتخصص، الوضع

الاجتماعي، الوضع النفسي، الميول والاتجاهات حيال الأديان بصفة عامة وتجاه

الإسلام بصفة خاصة.. إلخ، وسينتج عن هذا النموذج معلومات تحدد الأسلوب

الأمثل في دعوة هذا المستخدم: المواضيع المناسبة له، أسلوب الحوار والنقاش،

مكامن الخلل العقائدي، تساؤلاته الأساس عن الكون والحياة

إلخ.

ب - وحدة حفظ وعرض المعرفة:

ويحتوي هذا الجزء على كل ما يتعلق بالمعرفة في النظام، ويشمل ذلك جميع

الموضوعات ذات العلاقة بموضوع النظام، المادة العلمية التي تشكل محتوى

الموضوعات، معايير اختيار المادة المعرفية المناسبة للمستخدم، وأساليب عرض

النصوص.

ج - وحدة التخاطب مع المستخدم:

ومهمة هذه الوحدة تيسير التخاطب التفاعلي بين المستخدم والنظام، ويشمل

ذلك: تنفيذ المحاورات المتعلقة بنمذجة المستخدم، واستقبال مدخلات المستخدم،

وعرض مخرجات وحدة عرض المعلومات.

د - وحدة القياس والتقويم:

هذه الوحدة ليست جزءاً من مكونات النظام، وإنما الهدف منها: قياس

مستوى أداء النظام وتنفيذ عمليات التقويم إذا لزم الأمر، والهدف الأساس لهذه

الوحدة هو تحسين أداء النظام والارتقاء به بصورة مستمرة.

(1) انظر: أحمد شرف الدين: الحاسوب في خدمة السنة النبوية المطهرة، الندوة الثانية لتعريب الحاسوب، جامعة الملك سعود، شوال 1414هـ، وأيضاً: محمد طه أوم وآخرون، في استعراض سريع: البرامج الإسلامية تجارة رابحة، مجلة عربيوتر، ع/54 2/1995م.

(*) يعتبر الدكتور محمد محمود مندورة أحد أكبر الرواد في مجال استخدام الحاسوب في الدعوة.

(2)

د محمد محمود مندورة: الحاسبات في خدمة الدعوة الإسلامية، ندوة استخدام الحاسوب في العلوم الشرعية، جدة، ربيع الآخر، 1411هـ.

(3)

Mandurah، M M (Computer-Assisted Development of Beliefs (CADB) : The need for Multidisciplinary Research) ،proc Of the 13th Saudi Ncc، Riyadh، Nov 1995.

(4)

د محمد محمود مندورة، وحسين السلمان: الحاسوب في خدمة الدعوة الإسلامية مشروع

تطوير نظام لتعليم القرآن لغير المسلمين، الندوة الثانية لتعريب الحاسوب، جامعة الملك سعود، شوال 1414هـ.

ص: 48