الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تأملات دعوية
بين العمل المؤسسي والعمل الفردي
بقلم: عبد الله المسلم
لم يعد اليوم مجالاً للنزاع -في الساحة الفكرية على الأقل -أن العمل المؤسسي
خير وأولى من العمل الفردي الذي لا يزال مرضاً من أمراض التخلف الحضاري
عند مجتمعات المسلمين، وقد يرث الدعاة إلى الله شيئاً من هذه الأمراض من
مجتمعاتهم باعتبارهم نتاجاً لها، ومن ثم فأنت تجد عناصر منتجة في المستوى
الفردي أكثر مما تجدها ضمن أولئك الذين يجيدون العمل الجماعي، وكثير من
الأعمال التي تصنف أنها ناجحة في الميدان الإسلامي وراءها أفراد.
إن العمل المؤسسي يمتاز بمزايا عدة على العمل الفردي منها:
1-
أنه يحقق صفة التعاون والجماعية التي حث عليها القرآن الكريم والسنة
النبوية [وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان]
[المائدة:2]، وقوله صلى الله عليه وسلم:(يد الله مع الجماعة)[1] وقوله صلى الله عليه وسلم: (إن المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً)[2] .
والعبادات الإسلامية تؤكد على معنى الجماعية والتعاون، كل ذلك يبعث
رسالة للأمة مفادها أن الجماعة هي الأصل.
2-
عدم الاصطباغ بصبغة الأفراد، ذلك أن العمل الفردي تظهر فيه بصمات
صاحبه واضحة، فضعفه في جانب من الجوانب، أو غلوه في آخر، أو إهماله في
ثالث لابد أن ينعكس على العمل، وقد يقبل بقدر من الضعف والقصور في فرد
باعتبار أن الكمال عزيز، والبشرية صفة ملازمة للعمل البشري، لكن لا يقبل
المستوى نفسه من القصور في العمل الجماعي المؤسسي، وإن كان لابد فيه أيضاً
من قصور، فقد يقبل من مصلح وداعية معين أن يكون لديه قصور وضعف في
الجانب السياسي أو الاقتصادي مثلاً باعتبار أن الفرد لا يمكنه الإحاطة بكل ذلك،
لكن ذلك لا يقبل من مؤسسة دعوية بأكملها؟ إذ هي قادرة على تحقيق هذا التكامل
من خلال مجموع أفرادها.
3-
الاستقرار النسبي للعمل، أما العمل الفردي فيتغير بتغير اقتناعات الأفراد، ويتغير بذهاب قائد ومجيء آخر، يتغير ضعفاً وقوة، أو مضموناً واتجاهاً.
4 -
يمتاز العمل المؤسسي بالقرب من الموضوعية في الأراء أكثر من الذاتية؛ ذلك أن جو المناقشة والحوار الذي يسود العمل المؤسسي يفرض على أصحابه أن
تكون لديهم معايير محددة وموضوعية للقرارات، وهذه الموضوعية تنمو مع نمو
النقاشات والحوارات، أما العمل الفردي فمرده قناعة القائم بالعمل.
5-
العمل المؤسسي أكثر وسطية من العمل الفردي؛ إذ هو يجمع بين كافة
الطاقات والقدرات التي تتفاوت في اتجاهاتها وآرائها الفكرية مما يسهم في اتجاه
الرأي نحو التوسط غالباً، أما العمل الفردي فهو نتاج رأي فرد وتوجه فرد، وحين
يتوسط في أمر يتطرف في آخر.
6-
الاستفادة من كافة الطاقات والقدرات البشرية المتاحة، فهي في العمل
الفردي مجرد أدوات للتنفيذ، تنتظر الإشارة والرأي المحدد من فلان، أما في العمل
المؤسسي فهي طاقات تعمل وتبتكر وتسهم في صنع القرار.
7-
العمل المؤسسي هو العمل الذي يتناسب مع تحديات الواقع اليوم،
فالأعداء الذين يواجهون الدين يواجهونه من خلال عمل مؤسسي منظم، تدعمه
مراكز أبحاث وجهات اتخاذ قرار متقدمة، فهل يمكن أن يواجه هذا الكيد بجهود
فردية؟ !
بل إن العمل التجاري المؤسسي اليوم أكثر نجاحاً من العمل الفردي.
كل ما سبق يؤكد قيمة العمل المؤسسي، وضرورة ممارسته وتجاوز الفرديات، وهذا لا يعني بالضرورة أن العمل المؤسسي معصوم من الخطأ والخلل، لكن
فرص نجاحه أكثر من العمل الفردي، واحتمال الخلل في العمل الفردي أكثر منه
في العمل المؤسسي.
وفي العدد القادم بإذن الله حديث حول عوامل نجاح العمل المؤسسي.
(1) رواه الترمذي (2166) وصححه الألبانى في صحيح الجامع.
(2)
رواه البخاري (481) ومسلم (2585) .
من فتاوى أهل الذكر
فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لاتعلمون
حكم بيع الأراضي العربية لليهود:
رجل مسلم يملك قطعة أرض فضاء، طمع يهودي في شرائها..، فهل يجوزبيعها له شرعاً؟ وقد أجاب على الاستفتاء فضيلة الشيخ حسنين مخلوف مفتي مصر الأسبق.
الجواب: -إن السياسة الصهيونة تقوم على انتزاع البلاد العربية من أهلها،
وإجلائهم عنها بطريق التملك الفردي؛ فيتقدم اليهودي إلى العربي لشراء عقاره
بثمن يغريه، فيقع في الشّرَك، ويتمم الصفقة، ثم يتقدم يهودي آخر إلى مالك آخر
عربي بمثل ذلك، حتى إذا أحاطوا بالقرية ورسخت أقدامهم فيها، وكثر عديدهم بها، أرغموا الباقين من العرب على الهجرة منها بشتى الوسائل الوحشية.
وهكذا ينتقلون من قرية إلى أخرى حتى تسلم البلاد لهم، فيمسي أهلها العرب
وقد جردوا من أملاكهم، وحرموا من أقواتهم، وأُجْلوا عن أوطانهم، وشُرّدوا في
الآفاق عشرات الآلاف شر مشرّد، يعانون الجوع والعري والفاقة، ويشربون كأس
الذل دهاقاً.
فعل اليهود ذلك في فلسطين، ويرومون تنفيذ هذه السياسة في مصر وغيرها
من البلاد العربية الإسلامية ما استطاعوا إلى ذلك سبيلاً، في ضعة ومذلة، وسكون
ومسكنة، حتى إذا تم لهم الأمر ولو بعد سنين، لبسوا جلود النمور، وكشروا عن
أنياب الشره والانتقام، وأحالوها فلسطين أخرى.
وقد أعدوا العدة لذلك ونحن أغفال نيام ننخدع بمسكنتهم، ونغتر بظواهر
أحوالهم، ونظن أنهم قلة لا يقدرون على كيد، والله يعلم، والتاريخ يشهد أن يهود
العالم عصبة واحدة يشد بعضهم أزر بعض، وينفذون كل ما ترسمه قيادتهم العامة
في الوطن الذي يعيشون فيه ويقتاتون منه، مهما أضر ذلك بأهل الوطن، تلك هي
نتيجة بيع الأراضي العربية لليهود.
والآن وقد وضحت هذه السياسة الخبيثة والخطط الماكرة بأجلى برهان، يجب
أن يكف المسلم عن بيع ملكه لليهودي مهما أغراه الثمن؛ وإلا كان بهذا البيع معيناً
لألد عدو على ضياع بلاد الإسلام، وتمكين أبغض عباد الله إلى الله من التحكم في
ديار المسلمين ورقابهم وأموالهم وأعراضهم بأبشع صور وأدنسها، وهذه معصية
ظاهرة.
إن كل ربح يناله اليهودي في بلادنا قوة له وعُدّة، وإذا كان على كل يهودي
في العالم قسط من المال يؤديه لـ (إسرائيل) لإعزازها وتمكينها من القضاء على
العروبة والإسلام، لا في فلسطين وحدها، بل فيها وفي سائر الأقطار الإسلامية،
وجب أن لا يمكن من ربح يربحه ببيع أو شراء، وإلا كان ذلك وبالاً ومضرة
بالمسلمين.
اليهودي يحرّم على نفسه ويحرم على أهل دينه وقادة شعبه أن يُخرِج من
جيبه مليماً واحداً لمنفعة مسلم إلا إذا جر له ذلك ربحاً مضاعفاً.
واليهودي يحرم على نفسه أن يسدي النصح لمسلم بما ينفعه في دنياه، وأن
يدع مسلماً ينعم بخير دون أن ينغص عيشه ويمتص دمه ويستنزف ماله؛ ومن أجل
ذلك أشاعوا الربا بين المسلمين، وقد حرصوا عليه، وقد نُهوا عنه، كما أخبر الله
تعالى بقوله: [وَأَخْذِهِمُ الرِّبَا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ]
…
[النساء: 161] وقوله تعالى: [.. أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ..][المائدة: 42] .
واليهودي يحرم على نفسه أن يبيع عربياً أو مسلماً شبراً من أرض فلسطين
مهما بذل من ثمن، فما بالنا قد عميت أبصارنا عن هذه الحقائق، وصمت آذاننا،
عن سماع الأنباء الصادقة عن هذه الخطط الشنيعة الماكرة في ديارنا، وأفسحنا لهم
مكان الصدارة في اقتصادياتنا وتركناهم يتحكمون في تجاراتنا وأسواقنا، وهم ألد
أعدائنا كما قال تعالى: [لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُوا اليَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا][المائدة: 82] .
لا تبيعوا لهم أيها المسلمون شيئاً من أملاككم مهما بذلوا من ثمن، واحذروهم
في دياركم؛ فإنهم أول الناس حرباً عليكم وخيانة لكم، واعلموا أن البيع لهم معصية
لله، لما فيه من التقوية والتمكين لهم في الأرض، وذلك يسبب خطراً عظيماً
لجماعة المسلمين وقد حرم الشارع كل بيع أعان على معصية، ولذلك حرم بيع
عصير العنب ممن يعلم أنه يتخذه خمراً؛ فعن أبي هريرة عند أبي داود، وعن ابن
عباس عند ابن حبان، وعن ابن مسعود عند الحاكم، وعن بريدة عند الطبراني في
الأوسط من طريق محمد بن أحمد بن أبي خيثمة بلفظ: (من حبس العنب أيام
القطف حتى يبيعه من يهودي أو نصراني أو من يتخذه خمراً فقد تقحم النار على
بصيرة) حسنه الحافظ في بلوغ المرام، واستدل به في المنتقى على تحريم كل بيع
أعان على معصية. اهـ. من نيل الأوطار للشوكاني.
ومن هذا يعلم السائل وغيره أنه لا يجوز بيع أرضه لليهودي؛ لأنه مظنة
الإضرار بجماعة المسلمين عامة، وقد علمت أن اليهود عصبة واحدة، وأنهم جميعاً
صهيونيون يدينون لإسرائيل، وبالكيد للعرب والمسلمين بشتى الوسائل، في أقل
الأشياء وأحقرها فضلاً عن أكثرها وأعظمها. والله أعلم.