الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المسلمون والعالم
حرب المياه القادمة
حوض النيل أنموذجاً
حسن الرشيدي
باتت موارد المياه في الشرق الأوسط من بين التحديات المتعددة التي تهدد أمن
المنطقة واستقرارها في ظل المتغيرات الدولية المعاصرة، ليس فقط لكون حدود
الموارد لا تتفق مع الحدود السياسية بل وأيضاً من تفاقم المنافسة في حالة تنازع
المصالح التي أصبحت وشيكة.
ومع كثرة البحوث والدراسات التي تناولت هذه المشكلة؛ فإن سلاح الماء لم
ينل حظاً وافراً من اهتمام الباحثين باعتباره سلاحاً سياسياً يستخدم أداةً للتكافل
والاستفادة المشتركة أو أداة للخلاف وإثارة الصراعات. وقد اخترت (الصراع على
مياه النيل) أنموذجاً لتجدده في الآونة الأخيرة وندرة البحوث المتعمقة في هذا الجانب.
الميزان المائي لدول الحوض: باستعراض طبيعة المشكلة التي سماها بعض
الباحثين بالميزان المائي نجد أنهم يعنون به: الموارد المتاحة حالياً والموارد
المطلوبة والقابلة للاستثمار والاحتياجات الحالية والمستقبلية على ضوء التزايد
السكاني والاتجاهات التنموية القائمة والمتوقعة مستقبلاً.
وفي الواقع أنه من الصعب القياس بميزان حساس للمياه في الشرق الأوسط،
لاعتبارات عديدة، بعضها فنية وأخرى سياسية. أما الفنية فهي صعوبة حصر
الموارد المائية (السطحية والجوفية والمحلاة) الواردة من وإلى أي من دول الشرق
الأوسط، خاصة أن المياه تتعرض في دورة جريانها إلى عوامل التبخر والنتح،
وأحياناً أخرى الهدر وقت الاستعمال أو إعادة الاستعمال.
فرغم الاهتمام الملحوظ في الفترة الأخيرة بموارد المياه وما يمكن أن تحدثه
من أزمات في العلاقات بين دول الشرق الأوسط، وما تجلبه من كوارث على
المستوى القطري؛ إلا أن الاهتمام بحصر تلك الموارد حصراً دقيقاً لا زال مبدئياً
ويعاني من غياب الدقة المطلوبة، بل إنه يعاني في حالات أخرى من قلة المعلومات
أو عدم توافرها أصلاً، وهذا ينقلنا إلى الصعوبات السياسية المتمثلة في منهجية
خبراء شؤون المياه في تناول الأرقام المتعلقة بموارد المياه وهي التي غالباً ما تكون
لخدمة أغراضهم أو بالأحرى مصالح دولهم، ولذلك قد لا يرون غضاضة في كشف
عجز أو فائض أو توضيح هبوط أو صعود نصيب الفرد من المياه في دولة ما بما
يخدم أغراضهم؛ الأمر الذي يؤدي في النهاية إلى تضارب الأرقام من خبير لآخر،
ومع ذلك؛ ورغم تلك الصعوبات الجمة، فإننا لم نجد بداً من اقتحام تلك الأسلاك
الشائكة في محاولة للتوصل إلى الرقم الأقرب إلى الصحة بشأن تحديد درجة
التوازن المائي في المنطقة وهو الرقم الذي يشكل في الغالب إما القاسم المشترك بين
عدد من الخبراء الثقاة في هذا المجال، أو رقماً مستقى من وثيقة أصلية لا يختلف
عليها اثنان.
يبلغ الحجم المتوسط السنوي للأمطار على حوض النيل حوالي 900 مليار م3 سنوياً [1] يمثل السريان السطحي منه 137 مليار م3، بينما إيراد النيل طبقاً
لآخر التقديرات لا يتجاوز 84 مليار م3، يأتي 72 مليار م3، أي 87% من مياه
النيل من النيل الأزرق الذي ينبع من بحيرة (تانا) في أثيوبيا، بينما يأتي 13% من
منطقة البحيرات العظمى أي حوالي 12 مليار م3.
ويبلغ تعداد السكان بحوض النيل ما يقرب من مائتي مليون نسمة، وتبلغ
احتياجاتهم المثلى نحو 170 مليار م3، سنوياً من المياه، ويمكن المزج بين مياه
النهر والآبار والأمطار لتحقيق اكتفاء ذاتي من المياه دون أي مشاكل.
واذا انتقلنا إلى مصر الدولة الأكبر والأكثر اعتماداً على مياه النيل، فالأمطار
شبه معدومة، والمياه الجوفية غير متجددة، ومن هنا فإن مياه النيل تمثل حوالي
97% من موارد مصر المائية، وتبلغ حصة مصر 5، 55 مليار م3، وعدد
سكانها 60 مليون نسمة، طبقاً لتقديرات 1996م، والأرض المزروعة 3. 6
مليون فدان، وهذا القدر من المياه لا يكفي لاحتياجات السكان مما يضطر
المصريين لإعادة استخدام المياه لمرة ثانية بالرغم من انخفاض نوعيتها وتأثيرها
المستمر على خصوبة الأرض الزراعية وعلى معدلات الإنتاج.
وفي عام 2000م سيصل عدد السكان إلى نحو 70 مليون نسمة، ولكي
تحافظ مصر على نصيب الفرد من المياه فإنها ستكون في حاجة إلى نحو 77 مليارم3، بعجز 22 مليار م3.
أما السودان فتختلف التقديرات بشأن المساحة المزروعة من 1. 1 إلى
3.
1 مليون هكتار، في حين تتراوح تقديرات المياه المستخدمة ما بين 12 إلى 17 مليون هكتار [2] وتدعو الخطة الوطنية السودانية إلى استصلاح ما يقرب من
4.
2 مليون هكتار جديدة من الأرض الزراعية وهي تتطلب 15 مليار م3 إضافية من المياه. ولكن وسط وجنوب السودان لا يُحتاج كثيراً إلى المياه من نهر النيل؛ فمعدل مياه الأمطار يصل إلى 1500 ملم على الأغلب في العام. والجدير بالذكر أن السودان حالياً يستغل فقط 5، 13 مليار م3، من حصته في مياه النيل البالغة 5، 18 مليار م3.
وإثيوبيا توصف بأنها نافورة أفريقيا حيث ينبع من مرتفعاتها أحد عشر نهراً
تتدفق عبر حدودها إلى الصومال والسودان وتصب هذه الأنهار 100 مليار م3،
من الماء إلى جيران إثيوبيا والنيل الأزرق أكثر هذه الأنهار.
وتتميز أنهار إثيوبيا التي تجري صوب الغرب بانحدارها الشاهق؛ فالنيل
الأزرق ينحدر 1786 متراً عن مجراه الذي يبلغ 900 كم، وهذا الانحدار الشاهق
لتلك الأنهار يجعل من إثيوبيا بلداً ضعيفاً جغرافياً في التحكم في جريان النهر.
البعد السياسي للمشكلة: يمكن وصف حالة نهر النيل بأنها حالة مساومة
وتهديد؛ فدائماً تستخدم ورقة المياه من جانب أثيوبيا أو الدول الكبرى للضغظ على
مصر والسودان لتليين مواقفهما السياسية إزاء مشكلة ما. فعلى سبيل المثال وفي
الماضي البعيد كثيراً ما كان الأحباش يلوّحون به من إبادة مسلمي الحبشة وتحويل
مجرى النيل عن مصر حتى يموت أهلها جوعاً، وقد كان حكام الحبشة يسوّغون
مواقفهم تلك بأنها نوع من الانتقام إزاء ما يزعمونه بسوء معاملة الأقباط المصريين
وقياداتهم الدينية [3] .
كذلك لعبت القوى الكبرى من قديم الزمن دورها في هذا المضمار، ولم يتردد
البرتغاليون في الاتصال بملك الحبشة لإقناعه بشق مجرى يمتد من منابع النيل
الأزرق الذي هو الرافد الرئيسي لنهر النيل حتى البحر الأحمر؛ وذلك لحرمان
مصر من المياه وجعلها من الواحات المفقودة [4] .
واتخذ الاستعمار البريطاني من مياه النيل أداة للضغط والمساومة والانتقام ضد
مصر والسودان وقد قال أحد الباحثين الإنجليز ويدعى (تشيرول) (كانت خطط
تخزين مياه النيل الأزرق والأبيض في السودان توضع تحت تصرف وإشراف
اللورد كتشنر شخصياً، وكان يوجه اليها كل اهتمامه، لا لأنها ستفتح إمكانيات لا
حدّ لها تقريباً من الماء لمصر والسودان، ولكنها ستكون ورقة سياسية تُحَل بها أي
مسألة سياسية تثار في هذا البلد) [5] .
إن الدارس لجغرافية نهر النيل وطبوغرافيته يلاحظ الأمرين التاليين:
الأول: أن هذا النهر قد سيطر سيطرة كاملة على اقتصاد وحياة الدول الواقعة
على حوضه وخاصة مصر ثم السودان؛ حيث أصبحت قوة مصر السياسية تتناسب
طردياً مع كمية المياه المتاحة لها، حتى إن دخلها القومي يساوي تقريباً دخلها المائي.
الثاني: الدولة الأولى المستفيدة من هذا النهر وهي مصر لا يوجد على إقليمها
أي منابعه، مما جعلها دائماً في علاقة خاصة مع باقي الدول الأخرى التي توجد بها
هذه المنابع، وهذه العلاقة فيها من مظاهر الضعف أكثر مما فيها من مظاهر القوة؛
حيث إنها حتمت على مصر انتهاج سياسة مرنة وتهادنية نوعاً ما إزاء الصراعات
الداخلية والإقليمية والدولية في المنطقة.
مستوى الصراع القائم بين دول الحوض: ونرصد هذه الدرجة من خلال
بعدين:
الخلافات المصرية السودانية.
الخلافات مع دول أعالي النيل.
أولاً: الخلافات المصرية السودانية: السودان ومصر هما في الأصل دولة
واحدة، ولكن التدخلات الأجنبية وإبعاد الإسلام عن حياة الصفوة في الدولتين تسببا
في انفصالهما.
وفي عام 1929م توصلت بريطانيا ومصر إلى اتفاق أخذ شكل مذكرات
تبادلية بين رئيس الوزراء المصري والمندوب السياسي البريطاني، وتُعد بريطانيا
في هذه الاتفاقية نائبة عن السودان وكينيا وأوغندا وتنزانيا، ولقد نصت الاتفاقية
بوضوح على عدم قيام أعمال ري، أو توليد طاقة هيدروكهربائية على النيل أو
فروعه، أو على البحيرات التي تنبع منها سواء في السودان أو في البلاد الواقعة
تحت الإدارة البريطانية من شأنها إنقاص مقدار المياه الذي يصل إلى مصر، كما
ينص أيضاً على حق مصر في مراقبة مجرى النيل من المنبع إلى المصب.
ومن الواضح أن الاتفاقية كانت اتفاقية سياسية قصد بها استخدام مياه النيل من
جانب بريطانيا للانتقام من السودان بسبب مقتل السير (لي ستاك) سردار الجيش
المصري وحاكم السودان العام.
لذلك كان من الطبيعي أن تُواجَه هذه الاتفاقية بانتقادات عديدة من الجانب
السوداني، تصاعدت حدتها بعد نيله استقلاله عام 1955م، فقد اعتبرها السودان
جزءاً من تسوية سياسية مع طرف أجنبي وفي غياب القيادة السودانية وبغير إرادتها، وعلى ذلك فهي من طرف واحد لا بين طرفين، فضلاً عن أنها تعطي مصر حق
النقض (الفيتو) بل والسيادة الهيدرولوجية المطلقة في كل حوض النيل وعلى كل
مشاريعه المائية.
وبذلك امتنع السودان عن الموافقة على قيام مصر ببناء السد العالي في بادئ
الأمر مما أدى بالفعل إلى تأخير بنائه بعض الوقت.
وفي عام 1958م زادت الأزمة بين البلدين حيث أعلنت السودان من جانب
واحد عن نيتها في بناء سد الروصيرص لأعمال التوسع في مشروع الجزيرة
بالرغم من اعتراضات مصر على المشروع [6] .
ومع مجيء الفريق عبود بانقلابه في السودان تحسنت العلاقات بين البلدين،
وأدى هذا إلى التوصل إلى اتفاق عام 1959م، ألغى حق مصر في أعمال الرقابة
على المشروعات التي تقام على النيل، وتم الاتفاق على بناء خزان الروصيرص
في السودان مقابل بناء السد العالي في مصر، وتم الاتفاق على توزيع حصص
المياه: 48 مليار م3، لمصر، و4 مليار م3، للسودان. فضلاً عن ريع السد
العالي بمعدل 5، 14مليار م3، للسودان، و 5، 7 مليار م3، لمصر.
وفي التوتر الأخير الحادث في العلاقة بين مصر وحكومة البشير في السودان، أثيرت مسائل توزيع حصص المياه؛ ولكن سرعان ما هدأت هذه المسائل عند
بدء عودة العلاقات لطبيعتها.
ثانياً: - الخلافات مع دول أعالي النيل: - يسود التفكير لدى دول منابع
النيل وبخاصة أثيوبياً فيما تعتبره حقها في استغلال مياه النيل وفقاً لاحتياجاتها
التنموية، وترى أن على دول المصب مواءمة احتياجاتها مع ما يتبقى من استخدام
دول المنابع.
من هذا المنطلق فقد تقدمت إثيوبيا رسمياً بمطالبها إلى مؤتمر الأمم المتحدة
للدول النامية عام 1981م حيث أعلنت رغبتها في استصلاح 227 ألف فدان في
حوض النيل الأزرق وأكدت أنه نظراً لعدم وجود اتفاقيات بينها وبين الدول النيلية
الأخرى فإنها تحتفظ بحقها الكامل في تنفيذ مشروعاتها مستقلة [7] .
وقد قامت بالفعل مع بداية عام 1984م بتنفيذ مشروع سد (فيشا) ، أحد روافد
النيل الأزرق بتمويل من بنك التنمية الإفريقي وهو مشروع يؤثر على حصة مصر
من مياه النيل بحوالي 5، 0 مليار م3، كما تقوم أثيوبيا بدراسة ثلاثة مشروعات
أخرى. إن تلك المشروعات سوف تؤثر على مصر بمقدار 7 مليار م3 سنوياً [8] .
إن حجج دول أعالي النيل وعلى رأسها إثيوبيا في إقامة هذه المشروعات
تتلخص في الآتي:
1-
تترسخ عند حكام الحبشة منذ القدم فكرة مؤداها القدرة على تحويل مياه
النيل عن مصر رداً على سعي مصر للسيطرة والهيمنة.
هذه الرؤية الإثيوبية فضلاً عن اختلاف توجهات النظم في كل من أثيوبياً
ومصر والسودان، دفعت العلاقات في هذه الفترة (أواخر السبعينات) إلى التوتر فقد
أعلن السادات في 16/12/1979م في حديثه لمجلة أكتوبر عن نيته في توجيه قدر
من مياه النيل إلى القدس (إسرائيل) مما أثار إثيوبيا بمذكرة قدمتها لمنظمة الوحدة
الإفريقية في مايو 1980م وهددت بإجراء تغييرات في مجرى النهر بالقوة
العسكرية إن اقتضى الأمر ذلك مما حدا بوزير خارجية مصر آنذاك إلى أن يصرح
في مجلس الشعب المصري: (إن مصر ستمضي إلى خوض الحرب من أجل تأمين
استراتيجيتها) .
وفي مؤتمر مركز الدراسات الإفريقية والشرقية في جامعة لندن عن مياه النيل
(2 - 3 مايو 1990م) أوضح خبير المياه الإثيوبي (د. زيودي أباتي) مدير عام
هيئة تنمية الوديان في إثيوبيا ومندوبها في المؤتمر: أن مصر والسودان قد اقتسمتا
مياه النيل دون التشاور مع دول أعالي النيل أو مجرد إخطارها، وبالرغم من
تعرض إثيوبيا لموجات من الجفاف فهي لا تستغل سوى 6، 0 مليار م3، من مياه
النيل بينما بقية دول أعالي النيل لا تستخدم سوى 5، 0 مليار م3، وهذه الدول في
حاجة إلى مزيد من المياه للأمن الغذائي وري الأرض.
ولا تزيد حجج بقية دول أعالي النيل مثل كينيا وتنزانيا وأوغندة عن لب
القضية وهي أن هذه الدول لم يستشرها أحد في اتفاقيه توزيع المياه، ولم يكن لها
ترضية ما سواء بالمياه أو غيرها بالرغم من حالة الجفاف واحتياجاتها الشديدة للمياه
في مشاريعها الزراعية الطموحة، وأن الاتفاقيات الموقعة وقعت أيام الاستعمار
وهي لم تكن طرفاً أصيلاً فيها.
والجدول (1) يوضح استخدامات بعض دول حوض النيل عام 1980م
ومطالبها المتوقعة عام 2000م.
أما الطرف المصري والسوداني فيرى أن الاحتياجات المائية لدول أعالي
النيل المعلنة مبالغ فيها، وأنها لا تقوم على أساس سليم، وهذه الدول مطالبة بأن
تدرس مطالبها من مياه النيل على أسس علمية سليمة، فليس من المعقول أن تكون
كمية المياه التي تطالب بها لعام 2000م عشرة أضعاف الكميات التي تستخدمها عام
1980م؟
والرؤية المصرية تعتمد تقليدياً على نظرية الحقوق المكتسبة والتاريخية
والقائمة على الممارسة الظاهرة للحقوق المصرية بشكل مستمر ومؤكد، وقد استمر
الموقف السلبي طوال فترة زمنية كبيرة من قِبَلِ دول أعالي النيل كقرينة على حقوق
مصر.
كما أنها تعتمد على ثلاث اتفاقيات وقعت مع ملك الحبشة في الماضي وهي:
1-
البروتوكول الأنجلو إيطالي في 15 إبريل عام 1891م.
2-
المعاهدة المبرمة بين بريطانيا وإثيوبيا في 15 مايو 1902م.
وتبنى النظرية المصرية على أن منظمة الوحدة الإفريقية قد أقرت مبدأً عرفياً
ينص على أن الحدود والاتفاقيات التي تم توريثها من الاستعمار تظل كما هي تجنباً
لإثارة النزاعات والحروب بين دول القارة. وهذا المبدأ أقرته إثيوبيا نفسها في
نزاعها الحدودي مع الصومال.
-------------------------------------- ---
الدولة
…
الاستخدامات 1980
…
... مطالب سنة 2000
…
مليار م3 سنوياً
…
...
…
مليار م3 سنوياً
-------------------------------------- ---
تنزانيا
…
... 34،
…
...
…
...
…
3.34
أوغندا
…
... 14 ،
…
...
…
...
…
42،3
كينيا
…
... 26،
…
...
…
...
…
35،1
رواندا
…
... 13،
…
...
…
...
…
53،
بوروندي
…
01،
…
...
…
...
…
16،
-------------------------------------- ---
الجملة 88 ،
…
...
…
... 80 ، 8
------------------------------------------
(1)
المصدر: رئاسة الجمهورية، المجالس القومية المتخصصة، تقرير في
شأن حقوق مصر الطبيعية والتاريخية وما يرتبط بها من اتفاقيات، القاهرة، يناير
1992م، ص12.
الدور اليهودي في الصراع على مياه النيل:
هناك مظهران لهذا الدور: دور مباشر، وآخر خفي.
* الدور المباشر:
تعد محاولة الحركة الصهيونية للاستفادة من مياه النيل قديمة قدم التفكير
الاستيطاني في الوطن العربي، وظهرت الفكرة بشكل واضح في مطلع القرن
الحالي عندما تقدم الصحفي اليهودي تيودور هرتزل مؤسس الحركة عام 1903م
إلى الحكومة البريطانية بفكرة توطين اليهود في سيناء واستغلال ما فيها من مياه
جوفية وكذلك الاستفادة من بعض مياه النيل، وقد وافق البريطانيون مبدئياً على هذه
الفكرة على أن يتم تنفيذها في سرية تامة [9] .
ولقد رفضت الحكومتان المصرية والبريطانية مشروع هرتزل الخاص
بتوطين اليهود في سيناء ومدهم بمياه النيل لأسباب سياسية تتعلق بالظروف الدولية
والاقتصادية في ذلك الوقت.
وفي الوقت الراهن يمكن القول إن هناك أربعة مشاريع أساسية يتطلع إليها
اليهود بهدف استغلال مياه النيل:
1-
مشروع استغلال الآبار الجوفية: - قامت (إسرائيل) بحصر آبار جوفية
بالقرب من الحدود المصرية، وترى أن بإمكانها استغلال انحدار الطبقة التي يوجد
فيها المخزون المائي صوب اتجاه صحراء النقب. وقد كشفت ندوة المهندسين
المصريين أن (إسرائيل) تقوم بسرقة المياه الجوفية من سيناء وعلى عمق 800 متر
من سطح الأرض، وكشف تقرير أعدته لجنة الشؤون العربية بمجلس الشعب
المصري في يوليو 1991م أن (إسرائيل) تعمدت خلال السنوات الماضية سرقة
المياه الجوفية في سيناء عن طريق حفر آبار إرتوازية قادرة؛ وذلك باستخدام آليات
حديثة على سحب المياه المصرية.
2-
مشروع اليشع كالي: - في عام 1974م طرح اليشع كالي وهو مهندس
(إسرائيلي) تخطيطاً لمشروع يقضي بنقل مياه النيل إلى (إسرائيل) ، ونشر
المشروع تحت عنوان: (مياه السلام) والذي يتلخص في توسيع ترعة الإسماعيلية
لزيادة تدفق المياه فيها، وتنقل هذه المياه عن طريق سحارة أسفل قناة السويس،
وقد كتبت صحيفة معاريف في سبتمبر 1978 تقريراً بأن هذا المشروع ليس طائشاً؛ لأن الظروف الآن أصبحت مهياة بعد اتفاقيات السلام لتنفيذ المشروع.
3-
مشروع (يؤر) : قدم الخبير الإسرائيلي شاؤول أولوزوروف النائب
السابق لمدير هيئة المياه الإسرائيلية مشروعاً للسادات خلال مباحثات كامب ديفيد
يهدف إلى نقل مياه النيل إلى (إسرائيل) عبر شق ست قنوات تحت مياه قناة
السويس وبإمكان هذا المشروع نقل 1 مليار م3، لري صحراء النقب منها 150
مليون م3، لقطاع غزة. ويرى الخبراء اليهود أن وصول المياه إلى غزة يبقي
أهلها رهينة المشروع لدى (إسرائيل) فتتهيب مصر من قطع المياه عنهم.
4-
مشروع ترعة السلام [10] : - هو مشروع اقترحه السادات في حيفا عام
1979م، وقالت مجلة أكتوبر المصرية: (إن الرئيس السادات التفت إلى
المختصين وطلب منهم عمل دراسة عملية كاملة لتوصيل مياه نهر النيل إلى مدينة
القدس لتكون في متناول المترددين على المسجد الأقصى وكنيسة القيامة وحائط
المبكى) .
وإزاء ردود الفعل على هذه التصريحات سواء من أثيوبيا أو المعارضة
المصرية ألقى مصطفى خليل رئيس الوزراء المصري بياناً أنكر فيه هذا الموضوع
قائلاً: (عندما يكلم السادات الرأي العام يقول: أنا مستعد أعمل كذا فهو يعني إظهار
النية الحسنة ولا يعني أن هناك مشروعاً قد وضع وأخذ طريقه للتنفيذ) ! !
* الدور الخفي:
تطمع (إسرائيل) في أن يكون لها بصورة غير مباشرة اليد الطولى في التأثير
على حصة مياه النيل الواردة لمصر وبدرجة أقل السودان؛ وذلك كورقة ضغط
على مصر للتسليم في النهاية بما تطلبه (إسرائيل) . يقول محمد سيد أحمد: (إن
للخبراء الإسرائيليين لغة في مخاطبة السلطات الإثيوبية تتلخص في ادعاء خبيث
هو أن حصص المياه التي تقررت لبلدان حوض النيل ليست عادلة؛ وذلك أنها
تقررت في وقت سابق على استقلالهم، وأن (إسرائيل) كفيلة أن تقدم لهذه الدول
التقنية التي تملكها من ترويض مجرى النيل وتوجيهه وفقاً لمصالحها) .
من أجل ذلك تتوارد الأنباء والأخبار عن مساعدات (إسرائيلية) لإثيوبيا لإقامة
السدود وغيرها من المنشآت التي تمكنها من السيطرة والتحكم في مياه النهر.
ولقد دأبت العواصم المعنية بدءاً من أديس أبابا مروراً بالقاهرة وانتهاء بتل
أبيب على نفي هذه الأنباء.
--------------------------------------------------------
الموضوع
…
...
…
... التكرار
…
... النسبة المئوية
------ ------------------------------------------------
مشاركة (إسرائيل) في مساعدة
إثيوبيا في إنشاء السدود.
…
25
…
...
…
67.5%
عدم مشاركتها
…
...
…
12
…
...
…
32.5%
-----------------------------------------------------
المجموع
…
...
…
27
…
...
…
100%
--------------------------------------------
[جدول (2) ]
لذلك نورد بعض الجداول التي تعنينا على تتبع هذه القضية:
جدول (2) يبين مضمون ما أوردته وسائل الإعلام العربية والعالمية حول
السدود الإثيوبية على النيل الأزرق في الفترة من أول نوفمبر 1989م حتى
منتصف فبراير 1990م.
من هنا يتضح أن الاحتمال الأرجح هو تورط (إسرائيل) بالمشاركة في
مساعدة إثيوبيا في إنشاء السدود على النيل الأزرق.
مستقبل الصراع على مياه النيل: - والمتتبع لتوقيت ظهور الخلافات
وإبرازها يرى ذلك؛ وليس أدل على ذلك مما يحدث بين مصر والسودان بين آن
وآخر، وأيضاً ما حدث بين مصر وإثيوبيا في أواخر السبعينات حينما وصل إلى
سدة الحكم في إثيوبيا نظام عسكري ماركسي التوجه يرتبط بعلاقات سياسية
وعسكرية وثيقة مع الاتحاد السوفييتي السابق في الوقت الذي كانت فيه القيادة
السياسية المصرية ترتبط بعلاقات سياسية وثيقة مع الولايات المتحدة، وعليه
اندلعت الخلافات السياسية بين الجانبين، وسرعان ما انعكست على قضية المياه.
وحتى الخلاف الأخير عندما أعلنت إثيوبيا عن إقامة سد على النيل الأزرق
بتمويل من صندوق النقد الدولي جاء هذا مع لعب مصر دوراً رئيساً في المصالحة
الصومالية واستضافتها لأطراف النزاع في القاهرة؛ الأمر الذي شعرت معه إثيوبيا
بأن مصر تحاول أن تنال من دورها الإقليمي في القرن الإفريقي. وكان هذا أيضاً
متقاطعاً مع محاولة مصر الخروج من دائرة النفوذ الأمريكي في الشرق الأوسط
واعتراضها على المحاولة الأمريكية الأخيرة لضرب العراق، فأرادت أمريكا اللعب
بورقة المياه عبر بوابة صندوق النقد الدولي (الممول له حقيقة أمريكا) وفتح
الاعتمادات اللازمة لتمويل سد إثيوبيا مما أثر بالفعل على الموقف المصري الذي
بدا متراجعاً عن موقفه السابق مع العراق.
(1) غالبية الأرقام في هذا المقال من كتاب (نقص المياه والآثار المترتبة عليها) د محمد عبد الهادي راضي.
(2)
مستقبل الاستفادة من مياه النيل، د رشدي سعيد، ص20.
(3)
الجذور التاريخية للعلاقات العربية الإفريقية، يوسف فضل حسن، ص 31.
(4)
سخصية مصر، د جمال حمدان ص 718، 719.
(5)
المسألة المصرية، فالنتين تشيرول.
(6)
مصر ونهر النيل، وزارة الخارجية المصرية، ص3.
(7)
شخصية مصر، د جمال حمدان 937.
(8)
الأبعاد السياسية والاقتصادية والقانونية لأزمة المياه، ياسر هاشم.
(9)
النيل في خطر، كامل زهيري، ص66.
(10)
انظر (التطلعات الاستعمارية لمصر في بحيرة تانا والنيل الأزرق) للأستاذ الأثيوبي بجامعة أديس أبابا ويند ميلاهون) وهاجم المؤلف السودان كذلك.
مقالات مُعَربة
سحب من الشك
شهادة أمريكية على الإرهاب الأمريكي
ترجمه واختصره: د. يوسف الصغير
على الرغم من الطابع الاستعراضي لضرب أمريكا للسودان وأفغانستان، مع
عدم معرفه الذين قاموا بتفجير السفارتين الأمريكيتين في نيروبي ودار السلام على
وجه التحديد؛ فإن المشكلات الشخصية دفعت إلى الاستعجال برد فعل غير مدروس، ومع ذلك كان هناك شبه إجماع سياسي وإعلامي في أمريكا انطوى على التهليل
والتطبيل لهذه العملية في شبه تظاهرة يغلب عليها العنصر اليهودي، ومن
الاستثناءات الموضوعية القليلة المقال الافتتاحي لصحيفة Investor's
Business Daily المنشور يوم الثلاثاء 1 سبتمبر 1998م، والذي نحاول فيما
يلي أن نقدم ترجمة أمينة لأجزاء منه وبما يسمح به حجم الزاوية جاء في المقال:
(لقد أخذنا كلمة الرئيس كلينتون أن ضرب السودان وأفغانستان كان ضرورياً، وأن قواتنا قد عاقبت الناس الحقيقيين، لكن يجب أن نعرف بصورة أفضل أن
قصته الأصلية في 20 أغسطس، بعد ثلاثة أيام من نصف الاعتراف بالكذب حول
(مونيكا لوينسكي) ، أمر كلينتون قواتنا بإطلاق حوالي 20 من قذائف (توماهوك)
على مصنع في السودان وهي دولة مسلمة ليس بيننا وبينها حتى الآن أي نزاع ذي
شأن. كلينتون أمر أيضاً باستخدام 60 صاروخاً أو حولها من (التوماهوك) أطلقت
على ستة من المعسكرات حول خوست، بأفغانستان.
ولتسويغ الضربة فإن البيت الأبيض ادعى شبهة وجود غاز أعصاب واجتماع
إرهابيين دوليين.
منذ أكثر من أحد عشر يوماً حتى الآن، والتقارير الإخبارية توضح كذب
العديد من البيانات التي أطلقت بواسطة كلينتون وموظفيه لتسويغ الضربتين. وكلما
أصبحت التسويغات غير فعالة أضيفت حجج جديدة، مما زاد الشكوك أن الضربات
أمر بها لتحويل الانتباه عن مشكلاته الشخصية ليس إلا.
المصنع المحمي بقوة:
هكذا وصفت الإدارة المصنع المضروب بأنه مصنع للكيماويات ذات العلاقة
بالأسلحة، بعد ساعات من تدمير القذائف الأمريكية له.
لكن المهندس البريطاني (توم كارنافين) الذي عمل في المصنع من عام
1992م إلى 1996م أخبر نيويورك تايمز أنه ليس هناك مطلقاً احتياطات أمنية
على المصنع؛ حيث تستطيع أن تتمشى في أي مكان تريده ولا أحد يحاول أن
يمنعك.
مجمع صناعات عسكرية:
بعد يوم من الضربة صرح رسميو كلينتون أن المصنع كان مملوكاً للسودان
باعتباره جزءاً من مجمع صناعات عسكرية.
لكن الصحف وجدت أن المالك الكامل هو مصرفي عربي له مكاتب في لندن!
ليس له إنتاج تجاري:
ادعت الإدارة مبكراً أن المصنع لم يكن ينتج أدوية (نحن لا نملك أي أدلة ولم
نر أي إنتاج تجاري تم بيعه) قال ذلك مصدر رسمي للصحفيين.
لكن الأمر ليس كذلك؛ فقد كان من الواضح تماماً أن المصنع يمد الدولة
بأقراص لملاريا الأولاد وبالعقاقير البيطرية. وفي الحقيقة فإنه يموّن تقريباً نصف
حاجة السودان من العقاقير، بل ولديه عقد مع الأمم المتحدة.
المراسلون الصحفيون الذين تجولوا في المنطقة بعد الضربة شاهدوا بين
الحطام منتجات لها علاقة بالعقاقير، والصور التلفزيونية أوضحت أكواباً من
زجاجات الدواء.
رسميو كلينتون يسلمون الآن بأن للمصنع استعمالات تجارية إلا أنهم قالوا أنها
يمكن أن تنتج كلاً من الأدوية ومكونات لأسلحة كيميائية!
دليل مادي:
لأيام عديدة بعد الضربة، رفضت الإدارة الأمريكية الحديث عن أدلتها
بالتفصيل؛ غير أنها كانت أدلة قوية ومقنعة لا تُدحض، لكن الصحافة تبحث عن
التفاصيل، وبعد ثلاثة أيام من الضربة فإن مستشار الأمن القومي (سندي بيرقر)
ذهب إلى (سي إن إن) ليؤكد على أن المصنع كان ينتج المواد الأساسية لغاز
الأعصاب القاتل. وأضاف: نحن نملك الدليل المادي!
ولما سأله (دولف بلتزر) مراسل (سي إن إن) : هل ستسرب الأدلة للجمهور؟
أجاب بيرقر: لا، إنها معلومات سرية.
وفي اليوم التالي أخبر اثنان من موظفي الإدارة (نيويورك تايمز) أن الولايات
المتحدة حصلت سراً على عينة من التربة من الموقع قبل الضربة، قالت المصادر
المجهولة: إنها تحتوي على مواد كيميائية تستعمل في إنتاج غاز الأعصاب،
ولكنهم لم يعطوا اسم المادة.
وتحت مزيد من الضغط لإعطاء مزيد من التفاصيل قال الموظفون في اليوم
التالي: إن المادة هي حمض يسمى (EMPTA) . لقد ادعوا أنها ليس لها استعمال
إلا في صنع الأسلحة الكيميائية.
لكن هذا الادعاء فيه مشكلتان رئيستان:
الأولى: أن هذه المادة (EMPTA) لا توجد في قائمة المواد الكيميائية
الممنوعة طبقاً للمعاهدة الدولية للحد من الأسلحة الكيميائية.
وقول منظمة منع الأسلحة الكيميائية: إن (EMPTA) يمكن استخدامها
(لأغراض تجارية) قول صحيح؛ لأن المصنع ينتج مضادات الفطريات.
وأيضاً ذكرت (نيويورك تايمز) أن التركيب الكيميائي لـ (EMPTA'S)
مشابه جداً لمبيدات الحشرات ومبيدات الحشائش الضارة التي تباع تجارياً مثل قاتل
الأعشاب الضارة (راوند أب) ؛ ولأن الحكومة كما أعلنت أخذت عينة من تربة
واحدة فقط فإنه يمكن الخطأ في الفحص.
وحتى لو كانت العينة (EMPTA) فإنها لا تثبت أن المصنع ينتجها، ومن
الممكن أن الحمض خُزّن هناك أو تسرب أثناء النقل.
إن مصنع الأسلحة الكيميائية يحتاج إلى مفاعلات مبطنة بالزجاج، وأنابيب
خاصة تتحمل التآكل الناتج من المواد الكيميائية عالية السّمّية، كذلك يحتاج إلى
مساحة كبيرة لهذه الأجهزه وأيضاً لتخزين المواد الكيميائية، وكل هذا غير موجود
كما هي إفادة كل من العاملين السابقين والمراسلين الصحفيين الذين شاهدوا حطام
المصنع.
ومن أجل تقليل الخسائر بين العاملين فإن البيت الأبيض يقول إنه اختار
ضرب المصنع بعد أن أغلق أبوابه (أي بعد نهاية الدوام) .
المراسلون المحليون قالوا إن عشرة أشخاص قد جرحوا، منهم أربعة جراحهم
خطيرة، وأن شخصاً وأحداً قد قتل.
لكن مصنع (شركة الشفاء للصناعات الدوائية) موجود وسط مدينة الخرطوم
فلو كانت الإدارة الأمريكية واثقة أن المصنع ينتج مواد كيميائية مميتة مما يحمل
خطورة انتشار أبخرة في الهواء لقتل المئات أو الآلاف من السودانيين ولأظهرت
الضربة ذلك؛ وهذا لم يحدث!
ملاحظة أخرى غريبة: بعد الهجوم أوضحت الصور التلفزيونية أن رجال
الإطفاء السودانيين كانوا يكافحون النيران داخل المصنع بدون ملابس واقية، ومن
المؤكد أنه في حال وجود مواد كيميائية مميتة فإن هؤلاء سيقضى عليهم بواسطة
الأبخرة، فقطرة واحدة فقط من (VX) عند استنشاقها تقتل البالغ في دقائق.
وأبرز دعاوى كلينتون أهمية لتدمير المصنع هو ادعاء علاقة لـ (بن لادن)
به وهذه غير موجودة.
في يوم الضربة، قال وزير الدفاع (وليام كوهين) : إن المذكور له بعض
المصلحة الاقتصادية في المصنع.
وبيرقر وافق وزير الدفاع فقال: نحن نعرف أن بن لادن كان مساهماً أساسياً، إلا أن الصحافة لم تجد صلة تمويلية؛ فمالك المصنع لم يتعامل مطلقاً مع بن لادن. أيضاً فإن بن لادن لم يُقِم في السودان منذ 1995م.
وبعد كل هذا فإن أحد المسؤولين المجهولين يسلم الآن بأن الصلة غير واضحه
تماماً، وأحدهم قال: إنها غامضة.
وعندما نمت الشكوك حول علاقة بن لادن فإن قصة جديدة برزت لتسويغ
الضربة وهي ادعاء أن للعراق دوراً في المصنع.
حتى لو كان هذا صحيحاً فإنه ليس هو القضية. لقد قال كلينتون إن الضربة
كانت رداً على ضرب السفارات في أفريقياً، وأن بن لادن خلف التفجيرات؛ وأنه
يمول مصنع الأسلحة الكيميائية في السودان. إن الفكرة هي عقاب بن لادن وليس
العراق.
أفغانستان:
المبالغة في تدمير البنية التحتية للإرهاب:
في اليوم التالي لإمطار أفغانستان بالقذائف الأمريكية، ادعى الرسميون أنهم
دمروا أو ألحقوا أضراراً بكثير من المباني التي توصف بأنها قواعد للإرهابيين.
لقد ثبت أن مركز قيادة بن لادن لم يكن أكثر من أكواخ طينية وخيام متناثرة
في الجبال؛ حيث أختبأ فيها المجاهدون أيام حرب السوفييت. قال الرسميون: إنهم
دمروا البنية التحتية لاتصالاته؛ ولكن التقارير الصحفية توضح أن المذكور يستعمل
التليفونات الخلوية المرتبطة بالأقمار الصناعية، وليس له أنظمة مركزية يمكن
ضربها بالقذائف.
بعد ثمان وأربعين ساعة كاملة من الضربة، فإن البيت الأبيض قال إنه لم
يستطع الحصول على صور من الأقمار الصناعية. لماذا؟
السحب تحجب المنطقة عن الفضاء الخارجي:
في اليوم الثالث قال الناطق (مايل ماكيري) : إن الصور أوضحت أن القذائف
أصابت أهدافها، ولكن السحب لا تزال تمنع أي استعراض كامل للتدمير!
ونتيجة لعدم الرضا عن التفصيلات السطحية فإن مراسلين مشتركين من
الصحف ووكالة رويتر رحلوا إلى الموقع قرب (خوست) حيث شاهدوا مجموعة من
حفر القنابل، ولكن لا يوجد أنقاض كثيرة مما ادّعِيَ بأنه البنية التحتية.
محادثات الإرهابيين:
لقد قال كلينتون: (إن هناك اجتماعاً لقادة الإرهاب في المعسكر عجل
بالغارات، وأن التقارير الأولية أوصلت عدد الإرهابيين إلى 600 إرهابي، وأن
قذائفنا التي ذكرت الإدارة أنها ضربت أثناء الليل وأصابت (الثكنات) قتلت منهم ما
يقارب 21 إرهابياً.
وكوهين يقول إنه ليس من الواضح إن كان الاجتماع قد عقد في الحقيقة،
وبعض الأنباء تقول إن معظم المعسكرات كانت فارغة.
هل حققت الضربات أهدافها؟
بيرقر قال: إن معسكرات الإرهابيين أصبحت غير فعالة ووزيرة الخارجية
(مادلين أولبرايت) قالت: إننا قمنا بصدمة مؤثرة على المعسكرات الإرهابية
الأساسية.
بالإضافة إلى مغالاتهم حول التدمير فإنهم قد أهملوا حقيقة أن هناك آخرين
يستخدمون المعسكرات. وهناك رسميون باكستانيون قالوا إنهم يستخدمون اثنين من
المعسكرات الأربعة التي ضربت بالقذائف لتدريب باكستانيين وكشميريين للحرب
ضد الهند في كشمير، وفي الحقيقة فإن هناك 15 باكستانياً بين القتلى.
معسكر آخر كان يستعمل من قِبَل عرب من بلدان مختلفة، ومعسكر واحد فقط
كان يستخدم من قِبَل جماعة بن لادن.
مزيد من الأسئلة:
السودان وبلدان أخرى منها الكويت دعت أمريكا لتوضيح الحجة الداعية
لضرب المصنع السوداني.
فلماذا حتى الآن ترفض الإدارة الإجابة؟ ولماذا أيضاً لم تدع الأمم المتحدة
لتقوم بالتحقيق؟
إدارة كلينتون تمانع في نشر تفاصيل المعلومات الاستخباراتية للجمهور من
أجل تسويغ ضربتها العسكرية وذلك في تعارض صارخ مع نهج الإدارات الأمريكية
السابقة.
فإدارة ريجان ذهبت بعيداً في نشر حل الشفرة الدبلوماسية الليبية من أجل دعم
ضرب طرابلس. كما أوضحوا كثيراً في الصور لشرح غزو (قرينادا) التي تشبه
الأفلام الكرتونية. وإدارة بوش أوضحت دوافعها ضد دكتاتور (بنما) المتعامل
بالمخدرات؛ فلماذا تكون هذه الإدارة سرية جداً؟
في الحقيقة، وضّحت التقارير أن كلينتون شخص اختار الضربة واحتفظ
بالقرار سراً، أطلع عليه قليلاً من المستشارين ولم يستشر أحداً من الحلفاء؛ حتى
إن أناساً في مكتب كوهين لم يُخبَروا بالأمر؛ فإن كان هذا الفعل العسكري هو من
كلينتون على ضوء مشكلاته الشخصية؛ فإن هذا تفكير مروّع! !
نحن قد وقفنا للحكم على ما قد يبدو لنا تصرفات غير عادلة حيث صدرت
أوامر عدوانية بواسطة رئيس محاصر.. إننا نُقِرّ أننا لسنا أفضل من الإرهابيين. اهـ
أجمع عدد من الفنيين الأجانب الذين عملوا بالمصنع على خلوه من المواد
الكيماوية المشبوهة؛ وهذا ما يعلل رفض أمريكا للتحقيق حول المصنع حتى لا
يظهر كذبها للجميع
شاهد المراسلون الأجانب آثار العدوان في أفغانستان ووجدوا حفراً لكن لم
يجدوا ما ادعي أنه البنى التحتية للإرهاب.