المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌حرية الفكر المفترى عليها - مجلة البيان - جـ ١٣٧

[مجموعة من المؤلفين]

الفصل: ‌حرية الفكر المفترى عليها

منتدى القراء

‌منهج في التربية

وليد عبد الجابر أحمد

التربية كلمة نسمعها كثيراً وصارت تتكرر كثيراً؛ لأن جميع الفصائل

الإسلامية أدركت أن التربية أساس البناء وهي الطريق للعودة بالأمة إلى مكانتها

التي أرادها الله لها.

ولكن تبقى القضية الأساسية: على أي شيء نربي؟ وكيف نربي؟

فالكل يُربي والكل يدرك أهمية التربية، والشيوعية لها مناهج في التربية،

ومناهج في الحياة، وكذلك الرأسمالية.. كل المذاهب والفلسفات.. الكل يُربي، لذا

فالقضية الأساسية: على أي شيء نربي؟

اتجه بعض المربين الإسلاميين إلى استلهام كتب علم النفس، واختاروا منها

ما ينفع ويتفق مع الإسلام وطبقوه، واتجه بعضهم إلى القيام بمحاولة التأصيل

الإسلامي لعلم النفس، ولكن المفارقة بين التصور الإسلامي للحياة وكل التصورات

المنحرفة الضالة الأخرى باقية واضحة.

واتجه بعض آخر من المربين الإسلاميين الذين أدركوا أهمية المنهج الإسلامي

وأفضليته إلى الاقتصار على ذلك المنهج، ولكنهم للأسف وضعوا كل هذا في قالب

من المصطلحات التربوية الغربية، ولعلهم فعلوا ذلك ليجعلوا المسلمين متابعين

خطوات التطور في الفكر التربوي، أو لأنهم كانوا يحاكون بتلك الدراسات

الجامعات الغربية، وهؤلاء لا نبخسهم حقهم أيضاً؛ ولكنه كما قرر سيد قطب في

كتابه: (خصائص التصور الإسلامي) : (أن هناك ارتباطاً وثيقاً بين طبيعة

الموضوع وطبيعة القالب الذي يعرض فيه، وأن الموضوع يتأثر بالقالب، وقد

تتغير طبيعته ويلحقه التشويه إذا عُرض في قالب ليس له) [ص 17] ، فكان الأوْلى

بهم أن يعرضوا موضوع التربية الإسلامية في قالب هو له: قالب التصور

الإسلامي والمفاهيم الإسلامية.

ومن أجل التربية كما تذكر بعض كتب السير مكث رسول الله -صلى الله

عليه وسلم- ثلاثة عشر عاماً يربي؛ ليخرج بثلاثمائة فرد. ولا نستقل العدد؛

فهؤلاء الثلاثمائة هم الذين نشروا الإسلام وبنوا مجده. ويتكرر السؤال مرة أخرى:

على أي شيء نربي؟ وتكون الإجابة القاطعة الصريحة: على ما ربّى رسول الله- صلى الله عليه وسلم أصحابه. هذا هو منهج التربية وهذا هو طريق التمكين.

وهل على غير القرآن الكريم ربّاهم الرسول صلى الله عليه وسلم؟ إنه

القرآن فقط؛ فالعودة العودة للقرآن والسنة، واستخراج أساليب التربية منهما؛

ففيهما طريق التمكين.

ص: 139

منتدى القراء

‌الجواب المتكرر

خليل بن بركات آل غازي

لَكَمْ يُجرح القلب حينما نرى أحد المنتمين لهذا الدين بل ويُعَدّ من المتحمسين

لنَشْر الدعوة نراه يتمسك ويكرر (الجواب المتكرر) عندما تعرض عليه أي نشاط

دعوي أو تفتح له مجالاً من مجالات التأثير في العامة أو الخاصة فيقول: (إنني لا

أستطيع) أو (كم أنا مشغول في هذا الوقت) أو (الله المستعان؛ هناك من هم أفضل

مني) أو (أنا لست على قدر كبير من المسؤولية تخولني القيام بهذا العمل أو ذاك) .. وهلم جرّا من الاعتذارات الواهية والأجوبة المتكررة على ألسنة كثير من

الشباب وبالأسلوب نفسه، إذا كان أصحاب المبادئ الهدامة يسترخصون كل غالٍ

ويستسهلون كل صعب؛ فما بالك وأنت صاحب مبدأ خالد وتحمل رسالة خالدة:

هي الرسالة ذاتها التي جاء بها نبيك محمد صلى الله عليه وسلم؟ فأنت أوْلى

وأحق منهم بهذه الروح وهذه المبادرة؛ فلماذا لا تلغي من فكرك هذه الأجوبة

المتكررة وتباشر العمل وتترك السلبية في حياتك؟

فيا ترى: من سوف يعيد للأمة أمجادها:

- العلمانيون؟ - أم الحداثيون؟ - أم أهل الكرة وأمثالهم؟

لا يا أخي

إنه أنت المسلم الملتزم بدينك، والمُضَحّي لأجل دعوتك، أنت

الذي ستعيد للأمة أمجادها، مستنيراً بكل من سبقك من الدعاة المجددين الذين فعلاً

بذلوا كل غالٍ ورخيص من أجل دينهم، فلم يكرروا أي جواب متكرر.

ص: 139

منتدى القراء

‌حرية الفكر المفترى عليها

..

أسامة طه

إن بعض المحترفين له براعة فائقة في استخدام مصطلح (الحرية الفكرية)

وذلك حين يجعلها سياجاً واقياً لتزوير التاريخ أو إخفاء معالم الدين وتشويه حقائقه؛

فحرية الفكر كما نفهمها هي إعمال العقل في بحث المقدمات وتمحيص واستخلاص

النتائج، أو هي إعمال العقل في فهم القاعدة أو النص، وهذه الحرية بمفهومها

الصحيح هي (اختراع إسلامي) .

لكن هذه الحرية المظلومة كثيراً ما تستخدم للأسف لخداع الأجيال، وصرفها

عن أصلها، وليّ زمامها عن وجهتها، وتشكيك العوام في مواريثها؛ فكما ينقل

مجرى المياه ليصب في مكان آخر؛ يريد أصحاب الحرية المزورة تشكيل أفكار

مخصوصة كي تبدد رسالة الأمة، لتتلاشى مع الأيام.

ومن هنا نفهم السر في الدفاع عن رموز التشكيك وإحياء أفكار ماتت ودفنت

مع أصحابها.

لقد طبع كتاب (الإسلام وأصول الحكم) ، لعلي عبد الرازق رغم أن صاحبه

تبرأ منه بعد ما واجهته مشيخة الأزهر بأخطائه؛ لكن الكتاب الذي وضع في أوائل

القرن الحالي يعاد طبعه مراراً باسم حرية الفكر!

وقل مثل ذلك عن كتاب: (من أين نبدأ) مع تغيير الأشخاص والملابسات.

والأمر لم يقف عند ذلك، بل أخذ (الحلاج) بعض الفصول في هذا المسلسل

البغيض، والمرء يدهش حين يرى المقالات والمسرحيات تُعَنْوَن باسم هذا الرجل

شهيد الحرية! !

وهنا نصل إلى أكثر الكتب لجاجاً وأخطرها ضِراماً، أعني كتاب: (في

الشعر الجاهلي) الذي تغير عنوانه إلى كتاب: (في الأدب الجاهلي) وقد تراجع عنه

مؤلفه وهو (طه حسين) ، وهو كتاب يستبشر به كثير من العلمانيين؛ لأنه

متخصص في التنكيل بالإسلام ولمز أحكامه، ولأجل الترويج لأفكاره زعم أصحابنا

أن المؤلف طه حسين يؤمن بمذهب (ديكارت) ؛ وهو أشد الناس خروجاً في كتابه

على هذا المذهب؛ فإنه لا يكتب إلا لغرض واحد يبتغي له وسائله وأسبابه بكل ما

استطاع: وهو توهين أمر الدين وصدعه من مفاصله.. أما ديكارت صاحب مذهب

الشك فإنه يقول: إنك تستطيع أن تشك في كل شيء، إلا في الدين، والأخلاق،

والعلاقات الاجتماعية! ؟

ومن أراد المزيد فعليه بكتاب الأديب الفذ مصطفى صادق الرافعي: (تحت

راية القرآن) ليرى انهزام الباطل تحت مطارق الحق.

مما سبق يلاحظ الإنسان الحصيف أن حرية الفكر تصل عند الانهزاميين إلى

الأوج إذا كان الكاتب ينال من الدين وثوابته؛ لأن الغرض هو دحرجة الأديان من

الأرض كلها، وهذا ما حدث إبّان سخافات (سلمان رشدي) أو (تسليمة نسرين) .

إن تباين الأفكار واشتجار الآراء ضرورة فكرية ولا شك، ولن يخلو منها

تاريخ الإنسانية إلا إذا أصبح الناس أمة واحدة، وهذا مستحيل: [وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ

لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ] (هود: 118) ، ولكن أن تصل

الفوضى الفكرية إلى هذا الدرك؛ فذاك هو عقاب الأمم حين يهبط مستواها.

ألا وإن مثل هؤلاء الفتّانين المفتونين في الأمم: كمثل ما يكون من الوباء يمر

بالبلاد فيصيب منها، ولكنه يترك في أيدي أطبائها وعلمائها المصل الواقي أبد

الدهر: [وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ][الأنعام: 112] .

ص: 138