المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌صراعات القرن الإفريقي - مجلة البيان - جـ ١٤٦

[مجموعة من المؤلفين]

الفصل: ‌صراعات القرن الإفريقي

المسلمون والعالم

‌صراعات القرن الإفريقي

وعودة العلاقات الإرتيرية السودانية

جلال الدين محمد صالح

تعقدت الأوضاع في القرن الإفريقي، وازدادت سوءاً إلى الحد الذي سلبه

استقراره السياسي، وَحَوَّلَهُ إلى بؤرة صراع عسكري وتوتر أمني لا يسوقه إلا إلى

نكبة من وراء أخرى، وليس فيما يظهر ما يبشر بقرب الانفراج، أو يوحي

بتخفيف الأزمات فضلاً عن الذهاب بها إلى حيث لا رجعة؛ فالصومال الحزين ما

زال ينزف دماً من جراء الاقتتال القبلي، ويُدفَع به من هاوية إلى أخرى من دون

أن تجدي في إطفاء حريق الحرب كلُّ محاولات المساعي الحميدة وغير الحميدة من

وسطاء عرب وغير عرب، وبلغ به الانهيار والتردي إلى الدرجة التي جعلت منه

أفضل ميدان تصطفيه القوى الإقليمية المتصارعة لتصفية حساباتها وخدمة

استراتيجياتها تماماً كما يفعل النظامان الإرتيري والإثيوبي باللعب في تناقضاته

القبلية، وإغراقه بكميات من مختلف الأسلحة دعماً لمن تتطابق معه مصالحهما من

الفصائل المتحاربة سواءاً من المعارضة الإثيوبية التي تتلقى دعماً عسكرياً من

النظام الإرتيري، أو أطراف النزاع الصومالي؛ حيث تنحاز إرتيريا نحو عيديد،

وإثيوبيا نحو عثمان علي عاتو الذي ندد مؤخراً بالتصرف الإرتيري وذلك بعد

وصول سفينة محملة بالسلاح من إرتيريا لدعم المعارضة الأرمية الكامنة في

الصومال تحت مظلة (عيديد) للانطلاق من هناك في ضرب الأهداف الإثيوبية،

وتذكر مصادر صحفية أن قتالاً نشب بسبب النزاع على تقاسم هذه الأسلحة التي تم

تفريقها بحضور (عيديد) وإشرافه.

وكتب مدير مركز القرن الإفريقي للدراسات الإنسانية في مقديشو نقلاً عن

الصحف المحلية (أن وفداً عسكرياً إرتيرياً قام بزيارة معسكرات التدريب للثوار

الصوماليين والأرميين في وقت سابق من الشهر الماضي للوقوف على مستوى

التدريب ومدى القدرات القتالية لدى الثوار) [1] .

ويتوقع المدير المذكور أن إثيوبيا سوف تتخذ هذا ذريعة لاجتياح الصومال كما

اجتاحته من قبل لضرب ما أسمته بأوكار الأصولية القابعة هناك، وأورد أنها عقب

هذا النشاط الإرتيري دعت حلفاءها الصوماليين إلى اجتماع طارئ للاتفاق على

استراتيجية تحبط المخطط الإرتيري.

وهذا التفكك الصومالي بالرغم من أنه أنهى دور الصومال باعتبارها دولة

مؤثرة، وأتاح لإثيوبيا فرصة العبث به إلا أنه من زاوية أخرى عاد عليها نتيجة

غياب الحكومة المسؤولة بكثير من المساوئ مما أوجب عليها القيام بمبادرات

إصلاحية تمثلت في تنظيم اجتماع (سودري) لتسوية الوضع المأساوي في هذا

البلد؛ ولكن على النحو الذي يجعل منه كياناً مطواعاً تمسك به من خطامه وتجره من أنفه إلَاّ أنها عجزت عن كسب ثقة كل الفصائل، وبخاصة (عيديد) الذي وقف معارضاً لكل ما انبثق عن اجتماع (سودري) من لجان وقرارات معتبراً ذلك نمطاً من أنماط التدخل الإثيوبي في الشؤون الصومالية، وهكذا انحصر هذا الاجتماع في ستة وعشرين فصيلاً خرجوا بتكوين مجلس أطلق عليه:(مجلس الإنقاذ الوطني الصومالي) ومن أبرز رجاله (عثمان عاتو) .

ومهما كان حظ (عيديد) من الصدق في تشخيص النوايا الإثيوبية من وراء

تنظيم هذا اللقاء فإن التأثير القبلي والمصلحي في القيادات الصومالية بات عقبة

صعبة التجاوز، فلم تعد مثل هذه المواقف الرافضة خاصةً بإثيوبيا ومبادراتها؛

وإنما أيضاً مصير كل مبادرة لا يجد فيها طرف من الأطراف ما يُخَصُّ منها

بنصيب الأسد، حتى ولو كانت من المحيط العربي والإسلامي، كما كان الأمر مع

لقاء القاهرة الذي تم في 22-12-1997م بعد اجتماع (سودري) وحضره

(عيديد) لكنه جُوبِهَ بمعارضة قيادات أخرى كالكولونيل عبد الله يوسف، واللواء آدم عبد الله اللذين أعلنا فور وصولهما إلى أديس أبابا من القاهرة معارضتهما لكل ما ينجم عنه من قرارات. والكولونيل المذكور حسب إفادة مصادر مطلعة حليف قوي لإثيوبيا، ويقود منظمة تدعى (الجبهة الصومالية للإنقاذ) وقام بتشكيل حكومة محلية في مناطق الشمال الشرقي من البلاد، ولا ريب أن اتساع رقعة التنافر والتدابر بين هذه القيادات يعد مؤشراً جلياً على أن الصومال سيبقى بعيداً عن بر الأمان ملتهباً ومتقرحاً يندب حظه، وتتساقط عليه جراثيم الصراع الإقليمي لتعمق من جراحاته إلى أجل غير مسمى، وهو بالقدر الذي يمثله بوضعه الحالي من وصمة عار على جبين بنيه يعكس من جانب آخر ضعف المنظمات الإقليمية عربية وإفريقية في حل معضلات الشعوب لافتقارها إلى آليات فرض ما تراه مناسباً.

الصراع الإثيوبي الإرتيري:

من ناحية أخرى أدى تطور الخلاف الحدودي بين إرتيريا وإثيوبيا إلى اندلاع

حرب شاملة بينهما، وتلبية لمتطلبات هذه الحرب شرع كل منهما في العمل على

تصعيد الموقف بالشكل الذي يقيه شر الهزيمة، ويفل قدرات خصمه؛ الأمر الذي

حفز أحزاب المعارضة المسلحة في كلا البلدين إلى استثماره وتوظيفه لصالح

أهدافها ومراميها؛ فأقبلت تعمل في ترتيب صفوفها وتجميع قواها؛ فعلى الصعيد

الإثيوبي أعلن مقاتلو (كدوجابين) عن توحدهم، وأعربوا عن استعدادهم لقبول

مختلف الدعم العسكري والسياسي من مختلف الجهات في سبيل إحراز استقلال

الإقليم وفصله عن إثيوبيا، ومن المؤكد أن هذا مما يصب في مصلحة السياسة

الإرتيرية التي أخذت على نفسها دعم اتجاهات كهذه ما دامت تشغب على إثيوبيا

وتصرف مجهودها الحربي إلى قضايا جانبية تحول دون تركيزها على جبهة القتال

الناشب بينها وبين إرتيريا، كما أن إثيوبيا لم تهمل من طرفها هذا الجانب فقد

رحبت بالمعارضة الإرتيرية في أديس أبابا، وأجازت لها ممارسة نشاطها السياسي، ومن آثار هذا النزاع واستقطاباته أن جيبوتي وجدت ذاتها في معمعة بحكم

المجاورة وتداخل المصالح مما فرض عليها في نهاية الأمر قطع علاقاتها

الدبلوماسية مع إرتيريا. وفي الحقيقة أن هذه النهاية جاءت نوعاً من أنواع التعبير

الصريح عن عدم رضى الطرفين بسياسة كل منهما نحو الآخر، وقد أصابها الوهن

منذ إنهاء إثيوبيا ارتباطها بميناء عصب الإرتيري، ولجوئها عوضاً عنه إلى ميناء

جيبوتي، ثم تنامت إلى أن وصلت إلى حد القطيعة الكاملة باتهام الرئيس الإرتيري

(إسياسي أفورقي) جيبوتي بالانحياز المكشوف نحو إثيوبيا في حربها مع إرتيريا،

وطالب بإبعاد رئيسها السابق (حسن جوليد) عن لجنة الوساطة الإفريقية التي

شكلتها منظمة الوحدة الإفريقية. ومن جانبه وصف (جوليد) الرئيس الإرتيري

بالخروج على أسس الدبلوماسية الراشدة، ومجانبة العقلانية ومنطق الاتزان في

معالجة مشكلاته مع جيرانه بشكل عام ومع جيبوتي بشكل خاص.

ورغبة في الضغط على جيبوتي اختارت القيادة الإرتيرية مد حبال التواصل

مع المعارضة الجيبوتية والقيام بتزويد أجنحتها المسلحة بالمؤن العسكرية، وتفيد

تقارير صحفية مطلعة نقلاً عن مصادر جيبوتية أن مجموعة الزعيم أحمد ديدني

قامت (بضرب إحدى المجموعات العسكرية الحكومية الصغيرة في مناطق العفر

بجنوب وشمال جيبوتي) [2] ويبدو أن إرتيريا لا تجيد أي مهارة أخرى غير هذا

الخيار الذي يصنفها في خانة المشاغبين ليس إلا، وهو خيار ينم عن قصور في

التجربة السياسية، وجفاف في ينابيع التفكير السياسي لدى القيادة الإرتيرية،

وتطرف في استعمال العنف العسكري ليس له من تفسير سوى أن هذه القيادة ما

زالت تعاني من تشابه وتشابك في الخطوط الفاصلة ما بين العهد الثوري بخصائصه

ومتطلباته والعهد الدولي الذي لا يمكن أن يستجيب لتطبيقات العهد الثوري، وقد

أظهر هذا الخلط بين الخطوط النظام الإرتيري بمظهر عدواني ارتد إليه في نهاية

المطاف بالعزلة الإقليمية إلى الحد الذي صار يتخوف فيه من نشوء تحالفات جديدة

بين مَنْ يعاديهم ويعادونه من دول المنطقة تعمل للإطاحة به، والتخلص منه،

ويمكن أن نسبر عمق التضجر الإقليمي من سياساته بالتصريح الذي أدلى به وزير

خارجية إثيوبيا (سيوم مسفن) الذي حمله (مسؤولية خلق الأزمات مع جيرانه)[3] ، وأكد عدم استعداد بلاده للتعايش معه ما دام يريد أن يفرض ذاته (سوبرمان

في المنطقة عن طريق الضغط على جيرانه بالقوة) [4] وكذلك تصريح وزير

الخارجية السوداني مصطفى عثمان إسماعيل الذي نعت فيه أفورقي في أديس أبابا

أمام الصحافة المحلية والدولية (بهتلر إفريقيا الجديد)[5] وليس بمستبعد أن تكون

تلك القمة الثلاثية بين الرئيس السوداني عمر البشير، ورئيس الوزراء الإثيوبي

(ملس زيناوي) ، والرئيس الجيبوتي (إسماعيل عمر جيله) التي عقدت بمناسبة

تنصيب الأخير رئيساً على جيبوتي خلفاً (لجوليد) خطوة أولى إلى تأسيس تحالف

يقلم أظافر (أفورقي) باعتبار أن ذلك بات ضرورة من ضروريات مواجهته، وفي

هذه القمة أطلع الرئيس السوداني نظيره الإثيوبي والجيبوتي على المساعي القطرية

في تحسين العلاقات السودانية الإرتيرية وطمأنهما بأن (التقارب بين الخرطوم

وأسمرا لن يكون على حساب العلاقات السودانية الإثيوبية) [6] ، وناقش الرؤساء

الثلاثة قضايا تهم المنطقة وخرجوا بنتائج قالت عنها الصحافة: (أحيطت بتكتم

شديد) [7] ولا ريب أن ذلك مما يقلق النظام الإرتيري الذي وجد نفسه بعد سلسلة

من الأخطاء الكبيرة محجوراً عليه في زاوية ضيقة. وفيما يبدو لي أن خروجه من

نطاق هذه العزلة بعد أن فقد مصداقيته سيكلفه الكثير، ولا أظن أن أحداً من دول

الجوار سيمنح ثقته (لأفورقي) ، وقد أسفر الرئيس الجيبوتي السابق عن هذه

القناعة عند تعليقه على المساعي المبذولة لتطبيع العلاقات السودانية الإرتيرية

بقوله: (الذي أعرفه أن إقامة علاقة مع أفورقي مكلفة الثمن، وأي جهة تقدم على إقامة العلاقات مع أفورقي يجب أن تضع في حسبانها الربح والخسارة)[8] .

القرن الإفريقي والدور العربي:

وأياً كان ما سيتمخض عن تلك التحالفات الجديدة في القرن الإفريقي فإن

العرب لا محالة معنيون بكل غاشية تغشى القرن الإفريقي وتقلب موازين تحالفاته

بحكم ارتباطهم به: أمنياً؛ واقتصادياً، ومن الطبيعي أن تكون لهم مشاركات في

ترتيب أمنه ورصد أحداثه صوناً لمصالحهم من القرصنة، وتأكيداً لوجودهم في

بقعة من الأرض لها تأثيرها المباشر على استراتيجياتهم الإقليمية والدولية، وتضم

دولاً تربطها معهم مواثيق الحماية، وعهود المناصرة، ومن ثم لا بد أن نرى دولاً

عربية كمصر والسعودية والإمارات تتقدم بمبادرات إصلاحية لإخماد فتنة الصومال

وإعادة بناء دولته، وبغض النظر عن حجم هذه المبادرات وأثرها الملموس فإنها

نوع من التعبير عن إدراك أهمية القرن الإفريقي بالنسبة للأمن العربي، ولكي

تكون فعالة ومثمرة لا بد أن تتسم بالتتابع والتناسق ودقة الرؤية التي تخدم فقط

مصالح الاستراتيجية العربية بشكل عام، وإلا فلن تقطف ثمار أي طارئ سياسي

يشهده القرن الإفريقي إن لم تجلب الضرر؛ والحرب الإرتيرية الإثيوبية مثلها مثل

أحداث الصومال تهم الأمن العربي وخطط التنمية العربية، ولهذا سارع الليبيون

ومعهم اليمنيون إلى إطفاء فتيلها، إلَاّ أن عناد الطرفين الإرتيري والإثيوبي حال من

أول وهلة دون نجاح المساعي اليمنية الليبية، بيد أنه بعد اضطرار الرئيس

الإرتيري إلى الإذعان للمبادرة الأمريكية الرواندية التي ظل يرفضها قبل تمكن

القوات الإثيوبية المهاجمة من إجلائه عن (بادمي) -المنطقة المتنازع عليها -

نشطت الدبلوماسية الإرتيرية بفعالية أكثر نحو العواصم العربية حاثَّةً العرب إلى

دفع إثيوبيا نحو تفهم الرغبة الإرتيرية في إنهاء النزاع معها سلمياً، ونجحت في أن

تدخل مصر للعمل في جمع الطرفين على مائدة التحاور ليس على أساس مبادرة

جديدة وإنما - كما أكد وزير الخارجية المصري عمرو موسى - (في إطار الجهود

الإفريقية وإقناع البلدين بها) [9] ولكن كما كان متوقعاً فإن المصريين لم ينجحوا

في إقناع الإثيوبيين بالجلوس مع الإرتيريين والتنازل عن شروطهم المطالبة

بانسحاب الإرتيريين الكامل أولاً من كل ما يحتلونه من الأراضي الإثيوبية، ثم

تعويض الخسائر الإثيوبية الناجمة من الاعتداء الإرتيري حسب تفسيرهم، وإزاء

هذا الموقف المتصلب لم يملك المصريون إلا أن يقولوا: (إن الخلافات حادة بين

إرتيريا وإثيوبيا، وإن مسار تسوية الأزمة الحدودية بين البلدين لم يتحدد

بعد) [10]، وتعذر هذا بما صرح به الرئيس الإرتيري مؤخراً في احتفال يوم الاستقلال 24-5-1999م إذ قال:(إن كل الجهود السلمية التي بذلت لم تثمر حتى الآن)[11] ، ومما يظهر أن الإثيوبيين يعملون في تطويق مساعي الدبلوماسية الإرتيرية، ويحاولون مزاحمة (أفورقي) في كسب المحيط العربي، ومن المناسب أن أشير هنا إلى أن صحفاً إثيوبية كانت قد اتهمت مصر بالميل نحو إرتيريا مما حمل سفيرها في أديس أبابا على الإنكار، كما أن رئيس قطاع الموارد المائية بوزارة الري الإثيوبي (محمد أحمد هاجرسي) دعا مصر إلى عدم إهدار مياه النيل، وأثنى على الخبرة الإسرائيلية في إنشاء السدود، وطالب بالاستفادة منها في كلمته التي ألقاها في مؤتمر النيل [12] ، وإني لا أفهم من هذا إلا توجيه رسالة تحذيرية إلى مصر خشية أن تنحاز إلى إرتيريا، ولفت نظرها إلى أن مصالحها في إثيوبيا أهم من أي إغراء تلوِّح به إرتيريا، وأن بإمكان إثيوبيا أن تفعل في مياه النيل بالتنسيق مع (إسرائيل) ما ليس في مصلحة مصر، كذلك انتقدها الرئيس الإرتيري - من قبل - في خلافه مع اليمن حول أرخبيل حنيش تضايقاً مما لمسه فيها من مساندة اليمن على حساب الحق الإرتيري على حد قوله، ومرة في فجر الاستقلال الإرتيري؛ إذ صرح بأن مصر غير راضية بما تم إنجازه في الساحة الإرتيرية و (أن المصريين تورطوا مع الفرنسيين في التخطيط لفكرة إيجاد نزاع قبلي في كل المنطقة)[13] واستفزهم مرات باعتقال عددٍ من صياديهم في البحر الأحمر، ورماهم بخيانته والتخلي عنه بعد توريطه في مواجهة السودان.

الوساطة الليبية القطرية بين السودان وإرتيريا:

وعلى كلٍ ولكون النظام الإرتيري حديث عهد بالسياسة الدولية والتواءاتها فإنه

لم يحسن السير في ساحتها، وتاهت به السبل إلى أن أدرك أن لا بد من العودة إلى

طريق السودان لا سيما في هذه اللحظة الحرجة بالنسبة له، اتقاء مضاعفات حربه

مع إثيوبيا التي لا بد أن يكون ضررها عليه كبيراً إذا ما خاضها دون حليف مجاور، أو جار مسالم.

وتأتي هذه العودة بعد فترة من الهجران أعلنتها إرتيريا متذرعة بأن المد

الإسلامي القادم من السودان صار يهدد أمنها، وأن السودان بدعمه لحركة الجهاد

الإسلامي صار مصدر خطر عليتها، ورتبت على ذلك قطع العلاقات الدبلوماسية،

وفي مخالفة صارخة للعرف الدبلوماسي سلمت مقر السفارة السودانية إلى المعارضة

واندفعت بحماس منقطع النظير إلى إعلان عزمها على إسقاط نظام البشير في

الخرطوم إلا أنها بوغتت بانكسار جدار العلاقة الإرتيرية الإثيوبية، وبه دارت

الدائرة على أفورقي نفسه فأمسى مقصوداً في بقائه كما تتناقل وسائل إعلامه، وأخذ

يعيب على الإثيوبيين هذه النزعة المناقضة للشرعية الدولية وعرفها المألوف؛ ففي

مقابلة له خص بها مجلة (النبض) الموالية لنظامه قال: (فالتحدث علناً بمسعاك

لإسقاط نظام سياسي ما منافٍ للأعراف السياسية، فيمكنك أن تكره نظاماً معيناً،

ولكن أن تفكر في إزالته ومحوه من الوجود فغير مقبول في هذا العصر) [14] .

وهذه الإدانة من (إسياس) للتفكير الإثيوبي إزاء نظامه بالتأكيد من غير جدال

تنسحب منطقياً على تفكيره هو إزاء السودان يوم كان يفصح عن عزمه من غير

تورية ولا تعمية أنه لن يقدم رِجْلاً ويؤخر أخرى في المضي إلى تغيير نظام الإنقاذ، وكأنه كان في عصر غير هذا العصر؛ ففي مقابلة له مع الحياة 22-1-1998م

قال: (مشكلة إسقاط هذا النظام السوداني لا مجاملة من جانبنا فيها، ونحن لا نعمل

في الخفاء إزاء هذا الأمر، فإذا كان التجمع يحتاج إلى أسلحة فسندعم المعارضة

السودانية من دون أي تردد بالأسلحة، ليس لدينا أي مشكلة في هذا الأمر) [15] .

وكلفته هذه الغاية الكثير من الخسائر البشرية والمادية؛ حيث غزا السودان

من بوابته الشرقية، والجنوبية أيضاً، والآن بعد تورطه في الحرب مع إثيوبيا

التفت إلى ثورة الإنقاذ متصالحاً لا مسقطاً، واستبدل مفرداته السابقة بمفردات

أخرى تتحدث - كما يقول - في: (البحث عن الحلول السلمية، وعدم التدخل في

شؤون الغير، ونبذ أسلوب تصدير الأيديولوجيات، واحترام التقاليد، والأعراف

الإقليمية والدولية) [16] .

وهذا الخطاب مهما تباينت فيه وجهات النظر فإنه ما كان معهوداً من إسياس،

وفيه من الدلالة ما يمكن أن يفهم منه أن بوادر الإفاقة بدأت تسري في عروق الرجل

بعد أن سقط خارج حلبة الصراع، وانفض عنه من حوله ليواجه إثيوبيا وحيداً

فريداً.

وكان السودان من باب مجازاة السيئة بمثلها قد خفض للمعارضة الإرتيرية

جناحه، وقد أكسبت هذه السياسة قوى المعارضة الإرتيرية منافع كثيرة، وبخاصة

حركة الجهاد الإسلامي بقيادة أبي سهيل التي استطاعت تنمية قدراتها وتوغلت في

عمق الموَاطِن الحصينة من الساحل الشمالي من إرتيريا، ومن هنالك استطاعت أن

تصد أكثر من مرة هجمات الجبهة الشعبية الحاكمة، كما تداعت كل فصائل

المعارضة إلى عقد مؤتمر في الخرطوم خرج بتحالف يحمل اسم (التجمع الوطني

الإرتيري) وأجمع على إسقاط نظام (أفورقي) . وشعوراً من (أفورقي) بخطورة

هذه المواقف عليه وهو مشغول بالجبهة الإثيوبية طار إلى ليبيا وقطر حتى يُنْهِيَا ما

بينه وبين السودان من جفوة وخصومة، وأثمر سعيه عن لقاء بالبشير تحت رعاية

القذافي، وبالرغم من أن (أفورقي) صرح بأن ذلك كان بمبادرة من القذافي؛ فإن

الرغبة الإرتيرية كانت من وراء تحريك هذه المبادرة التي توجت أخيراً بعد تنسيق

مع قطر بتوقيع اتفاقية الدوحة بين الرئيسين تحت رعاية الشيخ حمد بن خليفة آل

ثاني أمير دولة قطر، ونصت الاتفاقية على (إعادة العلاقات الدبلوماسية، واحترام

الأعراف والمواثيق الدولية، والاحتكام إلى سياسة حسن الجوار، وعدم التدخل في

الشؤون الداخلية، وعدم إقامة تدابير إقليمية ضد الآخر) [17] .

وهذه الاتفاقية وإن كانت في جانب منها كسباً للسياسة السودانية ودليلاً على

إخفاق (إسياس) في سياسته المعلنة ضد السودان إلا أنها من جانب آخر نجاح

يحسب له؛ لكونه ما أراد منها أكثر من تقييد السودان عن الدخول في تحالف إقليمي

يجمعه مع إثيوبيا وجيبوتي في مواجهته، وجاءت في وقت هو في أشد حاجة إلى

تحييد السودان، وساعده عليها (كارت) المعارضة السودانية الموجودة في أسمرا

فأجاد استغلاله، ومع أنه أكد أن هذا الاتفاق لا يمكن أن يكون على حساب

المعارضة إلا أنه في النهاية يبقى مجرد كلام لا يغير من الحقيقة شيئاً. وإذا ما

بحثنا عن المتضرر الأكبر من هذه الاتفاقية في المعارضة السودانية فإنه ليس إلا

الشوعيين وبعض التجمعات الناشئة حديثاً في شرق السودان التي ما كانت تقبل بأقل

من إسقاط نظام الخرطوم وتفكيك مؤسساته، ومن المتوقع أن ينعدم تأثيرها إذا ما

نجحت الحكومة السودانية في الوصول إلى صيغة مصالحة مُرْضية بينها وبين

الحزبين الكبيرين بقيادة المهدي، والمرغني، وهذا ما ترجحه معطيات الأحداث؛

إذ خرج المهدي بتفاؤل كبير بعد لقائه في جنيف مع صهره رئيس البرلمان

والمؤتمر الحاكم الدكتور حسن الترابي، كما عاد رئيس السودان السابق جعفر محمد

نميري من منفاه ليمارس نشاطه السياسي من الداخل.

المعارضة الإرتيرية وعودة العلاقات السودانية الإرتيرية:

وحتماً فإن السودان بموجب هذه الاتفاقية سوف يقلص من نشاط المعارضة

الإرتيرية ويحده في نطاق لا يوقعه في حرج مع الحكومة الإرتيرية، إن لم يلزمها

بما ألزمها به من قبل من لزوم الصمت والكف عما يثير (أفورقي) . وأياً فعل فلا

أعتقد أن تأثير ذلك على المعارضة يضاهي تأثير القرار الإرتيري على المعارضة

السودانية لأسباب من أهمها:

أولاً: أن إثيوبيا هي بديل السودان الجاهز، وستجد فيها المعارضة من

المتسع ما يعوضها عما تفقده في السودان.

ثانياً: أن الحدود الإرتيرية السودانية أكبر من أن تسيطر عليها أجهزة الأمن

السودانية أو الإرتيرية، وفيها من الفسحة ما يمكِّن كلا معارضي البلدين من التحرك

بعيداً عن عيون المراقبة، وحيث إن المعارضة السودانية الشرقية جزء من تحالف

كبير فستفقد تأثيرها على النظام السوداني إذا لم تنصع لما سيصل إليه الحزبان

الكبيران - الأمة، والاتحادي - من مصالحة مع الإنقاذ، فلن تبقى إلا المعارضة

الإرتيرية المسلحة تتحايل، وتماطل.

ثالثاً: لم يكن الجهاز العسكري في المعارضة السودانية - باستثناء جناح جون

قرنق - قوياً بذاته وإنما بمشاركة الجيش الإرتيري؛ في حين أن الجهة المقاتلة في

المعارضة الإرتيرية وهي حركة الجهاد الإسلامي الإرتيري بقيادة أبي سهيل شبَّت

عن الطوْق، وأعيت النظام وأعجزته عن القضاء عليها بالرغم من خوضه ضدها

عدة معارك ضارية وعنيفة.

ولا جدال أن السودان له كامل الحق في أن يرتب أموره الأمنية على النحو

الذي يحفظ به كيانه القائم من الانقسام، ويعيد إليه استقراره الأمني والسياسي؛

ولكن لا بد أن يعي أن هرولة (إسياسي) نحوه إنما جاءت لحاجة في نفسه أمْلتها

أزمته الحادة مع حلفاء البارحة، وأنه قد يعود إلى غيه، وغدره إذا ما سنحت له

سانحة، ولدى السودان تجربة ذاخرة وعامرة بكثير من العبر والفوائد في التعامل

معه أحسبها كافية في أن تجعل حكومة السودان تفكر بعمق وروية قبل الإقدام على

اتخاذ أي خطوة عملية بشأن المعارضة الإرتيرية، وإلا فستفقدها ساعة الحاجة إليها، ولا أظن أن يغيب عن السودان مهمته في حماية بوابته الشرقية.

(1) المجتمع، عدد 1351، 25/5/1999م.

(2)

المسيرة الجديدة، عدد 58، مارس 1999م (34) مجلة (المجلة) عدد: 1002، 25/41/5/1999م.

(5)

الحياة، 27/3/ 1999م.

(67)

الحياة، 10/5/1999م.

(8)

المسيرة الجديدة، عدد 58، مارس 1999م.

(9)

الحياة، 19/5/1999م.

(10)

الحياة، 20/5/1999م.

(11)

الحياة، 25/5/1999م.

(12)

مجلة المجلة، عدد 998، 28/33/4/1999م.

(13)

الحياة، 19/9/1991م.

(14)

الفيض، عدد خاص، ص 12 خالية من التاريخ.

(15)

الحياة، 22/1/1998م.

(16)

الحياة، 6/5/1999م.

(17)

الحياة، 3/5/1999م.

ص: 74

المسلمون والعالم

العلو الكبير

(2-2)

أمريكا

عالم جديد، لعلو جديد

عبد العزيز كامل

لليهود في هذا العصر هدفان كبيران كانا حلمين قديمين، وهما كما يبدو والله

أعلم قَدَرَانِ مكتوبان على الأمة الغضبية حتى تستكمل معالم العلو الكبير، وربما

الأخير.

فبعد الإفسادين الكبيرين المذكورين في أول سورة الإسراء [1] ، وبعد أن قال

الله تعالى لهم: [وإن عدتم عدنا][الإسراء: 8] أي لو عدتم إلى الإفساد عدنا

عليكم بالعقوبة [2] ، عاد اليهود إلى الإفساد، فعاد الله عليهم بالعقوبة: مرة على يد

الفرس، ومرة على يد المسلمين في المدينة، ومرة على يد الألمان في العصر

الحديث، وها هم يعودون لعلو آخر كبير كبير، وإفساد في الأرض عريض خطير

يتجلى في الهدفين الكبيرين اللذيْن يسير اليهود نحوهما سيراً حثيثاً، وهما:

أولاً: السيطرة على الأرض المقدسة، ومن ثم على ما حولها.

ثانياً: السيطرة على العالم كله بعد ذلك، وتسييره بعد تسخيره لصالحهم عن

طريق السيطرة على أكبر قوة عالمية فيه.

وقد قام النصارى الإنجليز بدورهم الشرِّير لتحقيق الهدف اليهودي الأول

بمنتهى الدقة والإخلاص؛ فهم أول من زرع نبتهم، وروى شجرتهم، ورعى

ثمرتهم، ثم ترك الإنجليز للأمريكان إكمال الأشواط الباقية في مسيرة الطغيان

اليهودي في أراضي المسلمين.

ومن العجب أن يكون للإنجليز أيضاً (فخر) القيام بالدور الأساس للبدء في

تحقيق الهدف الثاني لليهود وهو السيطرة على العالم؛ فكيف كان ذلك؟

إن طلائع المهاجرين الإنجليز إلى القارة الأمريكية بعد اكتشافها؛ قد

اصطحبوا معهم إبَّان هجرتهم أفواجاً من اليهود للاستيطان في تلك الأرض الجديدة

(أمريكا) ، وهم قد اصطحبوا قبل ذلك موروثاتهم الدينية وترهاتهم العقدية التي تمجد

(الشعب المختار) وتضفي عليه هالة من التقديس الغامض، انطلاقاً من التغيرات

التي أصابت النصرانية على يد (البروتستانت) الذين ينتمي إليهم الإنجليز.

ربما لم تكن النظرة المستقبلية لما يمكن أن يحدث مع اليهود في أمريكا تدور

بخلد أحد من قدامى المهاجرين إلى تلك القارة، ولكن ما حدث ولا يزال يحدث يبرز

حقيقة مفادها: أن اليهود ساروا أو سُيِّروا في طريق جديد من العلو في الأرض

ممتطين فيه ظهور (الجويم) أو (الأمميين) أو الكفار، كما يحلو لهم أن يرددوا.

إنه لأمرٌ لافت جداً أن نرى العلو اليهودي يتكرر في التاريخ مرة أخرى

وبشكل ربما يفوق كثيراً ما كانوا عليه في مرات علوهم السابقة؛ لكونه عالمياً هذه

المرة وذلك بعد أن مُدَّ لهم من قارة (العالم الجديد) حبل جديد، يتمادى غِلَظاً، كي

يتسلقوا عليه إلى قمة العلو بالباطل والغلو في الإفساد.

إسرائيلان

لا إسرائيل واحدة!

أطلق المهاجرون الأوائل من اليهود على القارة الأمريكية (صهيون الجديدة) ،

وأخلد أكثرهم إلى اتخاذها وطناً دنيوياً ينافس الوطن الديني في الأرض المقدسة التي

لم يكونوا قد عادوا إليها بعد.

وظل الوطنان يتنافسان فيما بعد على جذب اليهود للهجرة حتى أصبحا أكبر

موضعين في العالم يضمان يهود. لقد كان التناقض يبدو صارخاً عندما نسمع عن

عدم رغبة اليهود الأمريكيين في الهجرة إلى الأرض المقدسة كغيرهم، حتى بعد أن

أقيمت فيها دولة لهم بعد غياب أكثر من ألفي عام، ولكن هذا العجب يزول

والتناقض يرتفع عندما نعلم أن من ضمن عقائد اليهود عقيدة تبشر بالسيطرة

اليهودية على العالم كله بعد استكمال السيطرة على الأرض المقدسة في آخر الزمان. جاء في التوراة التي في أيديهم عمَّا يعتقدون أنه ملك آخر الزمان: (يولد لنا ولد، ونُعطى ابناً، وتكون الرياسة على كتفيه ويدعى اسمه عجيباً، مشيراً قديراً، أباً

أبدياً، رئيس السلام لنمو رياسته، وللسلام لا نهاية على كرسي داود وعلى مملكته، ليثبتها ويعضدها بالحق والبر من الآن إلى الأبد) [3] ويذكرون في رؤى دانيال

في حكايته عن هذا الملك: (كنت أرى في الليل، وإذا مع سحب السماء مثل ابن

إنسان أتى، وجاء إلى القديم الأيام، فقربوه قدامه، فأعطي سلطاناً ومجداً وملكوتاً

لتتعبد له كل الشعوب والأمم والألسنة، سلطانه سلطان أبدي ما لن يزول، وملكوته

ما لا ينقرض) [4] .

إذن، لا بد من تقسيم اليهود للقيام بالمهمتين: مهمة السيطرة الدينية على

(أرض الميعاد) ، ومهمة السيطرة الدنيوية على شعوب العالم.

وقد علم الجميع كيف قام اليهود بمؤازرة من النصارى بالسيطرة على الأرض

المقدسة؛ فهل ينتبه الناس إلى سعيهم الآن للسيطرة على العالم عن طريق السيطرة

على أعظم قوة فيه؟ !

بعبارة أخرى: إذا كانت أمريكا تقود العالم، واليهود يتحكمون أو يكادون في

قيادة أمريكا فهل نحن بعيدون عن عصر العلو الكبير؟ ! لندع الحقائق تتحدث:

نقض المنطق!

مجموع اليهود في الولايات المتحدة الأمريكية حسب إحصاءات 1992م يبلغ

خمسة ملايين ونصف، ويمثلون بالنسبة لمجموع السكان 2. 4% فقط من إجمالي

عدد الشعب الأمريكي البالغ (257.595.000) نسمة. ويفترض أن هذه الأقلية؛

يصعب عليها أن تلفت نظراً، فضلاً عن أن تثبت وجوداً، ولكن الواقع أن هذه

الأقلية التي تمثل مع بقية اليهود ثمانية أجزاء من العشر في المئة تتجه بسرعة نحو

السيطرة على الولايات المتحدة الأمريكية، ومن ثم تهدف للسيطرة على العالم.

وسنحاول إيراد إشارات بارزة وخطوط عريضة توضح كيف أن كل خيط من

خيوط التآمر اليهودي يستحيل في أمريكا حبلاً مشدوداً، سرعان ما يتلوى نافثاً

سموم الأفاعي وجراثيم الخراب.

1 -

المجال السياسي: لم يعد الدور الذي تقوم به المنظمات اليهودية في

التغلغل في الأوساط السياسية الأمريكية خافياً على أحد؛ فاليهود يتبرعون عادة

بأكثر من نصف الهبات التي تدخل صناديق الحملات الانتخابية، وخاصة للحزب

الديمقراطي الذي وجدوا فيه بوابة ولوج لخدمة المصالح اليهودية، فألقوا بثقلهم خلفه

وأعطوه تأييد أكثر من 90% من مجموع اليهود الأمريكيين. أما الحزب الجمهوري

فقد أصعد اليهود وأنصارهم من النصارى الصهيونيين عدداً من مرشحيه إلى سدة

الحكم وعضوية الكونجرس.

وهم يركزون على الكونجرس باعتباره المفتاح المتحكم في المخصصات

المالية الخارجية ومبيعات الأسلحة لمختلف دول العالم؛ فعن طريقه يستطيع اليهود

التحكم في توجيه السياسة الخارجية الأمريكية. وليس كل أعضاء الكونجرس من

اليهود بداهة، ولكن جُل أعضائه صهاينة، وإن كانوا نصارى ومع هذا، فإن

10 % من أعضاء الكونجرس يهودٌ خلَّص، و 8% من أعضاء مجلس النواب من اليهود، ولو قارنا هذه النسبة بنسبة إجمالي عدد اليهود الأمريكيين إلى

إجمالي الشعب الأمريكي وهي (2.4%) لأدركنا أن اليهود يتصدون للخطاب نيابةً عن شطر كبير من الشعب الأمريكي؛ وبالذات الأغلبية الصامتة، خاصة أن في الولايات المتحدة 38 منظمة يهودية تضم تحت عضويتها نحو 4.5 مليون يهودي أمريكي (أي ما يوازي عدد اليهود في الأرض المحتلة) .

هذه المنظمات النشطة قد جرى توحيدها تحت مظلة واحدة عام 1954م تحت

مسمى: (اللجنة الصهيونية الأمريكية العامة) ثم غُيِّر اسمها إلى (اللجنة الإسرائيلية

العامة) ، وهي المعروفة اختصاراً باسم:(آيباك) وكان الهدف من توحيد تلك

المنظمات ممارسة الضغوط على الكونجرس لحمله على إصدار التشريعات

والقرارات الضامنة لمصالح اليهود داخل الولايات المتحدة وخارجها.

ومن أبرز الشواهد وأحدثها على تحكم اليهود في قرارات الكونجرس

الأمريكي فيما يتعلق بالسياسات الأمريكية ذلك القرار الذي أصدره الكونجرس في

(24-10-1995م) بإلزام الرئيس الأمريكي بنقل السفارة الأمريكية في (إسرائيل)

من تل أبيب إلى القدس، وهو القرار الذي صدر بأغلبية 406 صوت مقابل 17

صوتاً، وأيضاً امتناع الكونجرس مؤخراً عن الموافقة على معاهدة الحد من أسلحة

الدمار الشامل.

ولمنظمة (آيباك) دورها البارز في الانتخابات الأمريكية، فهي وإن كانت غير

مؤهلة قانونياً لتقديم المساعدات المالية المباشرة للحملات الانتخابية إلا أنها تتحايل

على ذلك بتنسيق عملها مع ما يزيد عن 80 لجنة نشاط سياسي منتشرة في أنحاء

الولايات المتحدة؛ وتعمل كلها على حشتد التأييد لكل توجه يناصر اليهود، وبهذا

أصبحت (آيباك) أقوى لجنة سياسية في الولايات المتحدة؛ لأنها تقوم بتنظيم عدة

لجان سياسية مستقلة تابعة لها سراً. وتزودها بالتبرعات التي تُمرر إلى حملات

المرشحين الأكثر استعداداً لخدمة مصالح اليهود، وبهذا نفهم كيف أصبحت الغالبية

الساحقة من أعضاء الكونجرس الأمريكي من المؤيدين علناً لـ (إسرائيل) ولو كانوا

من غير اليهود.

وقد بلغ التغلغل اليهودي في السياسة الأمريكية مداه في عهد الرئيس الحالي

بيل كلينتون؛ فقد أحاط نفسه في الفترتين الرئاسيتين بجَوْقَة من اليهود في أدق

المناصب وأخطر الوزارات؛ فوجوه اليهود الكالحة تطل من شرفات المكاتب

الوزارية والإدارية في البيت الأبيض: ففي الخارجية (مادلين أولبرايت) وفي الدفاع

(وليام كوهين) ومستشار الأمن القومي (صمويل برجر) ووزير الزراعة (دان

جليكمان) والخزانة (روبرت روين) ورئيس وكالة الاستخبارات المركزية (جورج

تنيت) بالإضافة إلى العديد من المستشارين والمساعدين ورؤساء المجالس ومدراء

المكاتب في أنحاء الهيكل التنظيمي الحكومي. على أننا نشير إلى أن من يدعون

أنفسهم: (الصهيونيين المسيحيين) يكملون النقص الذي لم يسده اليهود الخٌلَّص، بل

إن بعضهم أشد صهيونيةً من اليهود أنفسهم.

وفيما يتعلق بالشرق الأوسط بالذات تكوَّن في عهد كلينتون فريق عمل من

الصهيونيين وعلى رأسهم (مارتن إنديك) الصهيوني الشهير الذي يشغل منصب

نائب وزير الخارجية لشؤون الشرق الأوسط وجنوب آسيا، وهو صاحب سياسة

الاحتواء المزدوج، ولا يفوقه في الخبث إلا (دنيس روس) منسق عملية السلام في

الشرق الأوسط.

أما في المجال العسكري والأمني، فمن الحقائق المعلنة أن صهاينة أمريكا

الحكوميين يقدمون لصهاينة (إسرائيل) سنوياً ثلاثة مليارات من الدولارات التي

يدفعها المواطن الأمريكي ضرائب، (1.8) منهتا مساعدات عسكرية، و (1.2)

مساعدات اقتصادية، ولولا هيمنة (الأسياد) اليهود على صناعة القرار في أمريكا

لما سمح المواطن العادي في أمريكا زعيمة (العالم الحر) بأن يُستعبد شعبها، ويدفع

هذه المبالغ الباهظة كل عام من جيبه الخاص، ليست معونات إنسانية لشعب فقير،

ولكنها إتاوات جبرية لمستكبر حقير يريد أن يجتاح بالسلاح حقائق التاريخ

والجغرافيا في أراضٍ مغتصبة.

لم تكتف الولايات المتحدة بالتبرع بتسليح دولة اليهود منذ قامت وإلى الآن

بكل أنواع الأسلحة الحديثة، ولكنها أيضاً تعوضها عما تخسره أولاً بأول؛ وذلك ما

حدث في حرب عام 1973م عندما أقامت جسراً جوياً إلى (إسرائيل) نُقل خلاله 22

ألف طن من العتاد العسكري لتعويضها عما خسرته من الأيام الأولى من تلك

الحرب.

وقد أقامت أمريكا مع (إسرائيل) علاقة خاصة لم تقمها مع غيرها من الدول،

وذلك منذ عهد الرئيس الأسبق (لندون جونسون) في الستينيات الميلادية التي شهدت

بداية الانحياز المطلق لليهود، بدءاً من حرب 1967م. وقفزت تلك العلاقة قفزة

أكبر في عهد الرئيس (رونالد ريجان) الذي وقَّع مع دولة اليهود في سنة 1981م ما

عرف بـ (اتفاقية التعاون الاستراتيجي) التي تحولت عام 1983م من اتفاقية

(تعاون) إلى اتفاقية (دفاع) استراتيجي، وهي التي تم بموجبها التعهد بشراء ما

قيمته 200 مليون دولار سنوياً من السلاح الإسرائيلي، وقد تحولت اتفاقية (الدفاع)

في عهد كلينتون إلى اتفاقية (تحالف) استراتيجي عسكري وأمني جعلت (الصهيوني

الأخير) [5] يقول بعدها: (سوف نساعد الإسرائيليين في صياغة المعاهدات الأمنية

المشتركة التي ستضع أمن (إسرائيل) مع أمن الولايات المتحدة سواءاً بسواء. وقد

كان كلينتون أول رئيس أمريكي يحضر بنفسه اجتماعاً وزارياً في وزارة الدفاع

الإسرائيلية، وذلك في عهد بيريز.

أما في مجال التعاون النووي: فمن الحقائق المعروفة أن الفرنسيين هم أول

من ساعد اليهود على امتتلاك أول مفاعل نووي بتصنيع فرنسي، ولكن ما يخفى

على كثير من الناس أن أمريكا هي التي وفرت لهذا المفاعل مادة نشاطه وبرامج

نظامه وخبرات تشغيله وتقنياته، فإذا كانت فرنسا قد صنعت لهم (المخبز) فإن

أمريكا زودتهم بالطحين والوقود

والخبازين أيضاً، وكان أول من كشف هذه

التفاصيل الصحفي الأمريكي (ستيفن جرين) في كتابه: (علاقات أمريكا السرية مع

إسرائيل) حيث كشف الحقائق المتعلقة بتسريب الأسرار النووية (لإسرائيل)

وتزويدها باليورانيوم المخصب والمعلومات التقنية، وكشف أيضاً عن تغاضي

الأمريكان الرسمي في عهد (جونسون) عن سرقة الإسرائيليين لكميات من

اليورانيوم عالي التخصيب من شركة المعدات والمواد النووية الأمريكية ما بين

سنوات 1962م، 1965م.

وكانت الولايات المتحدة قد فرضت رقابة على مفاعل (ديمونا) الإسرائيلي

لضبط النشاط النووي ل (إسرائيل) والحد من جموحه، إلا أن هذه الرقابة أُوقفت

منذ عام 1969م.

ومع أن دولة اليهود من الدول القليلة جداً التي لم توقع على معاهدة الحد من

انتشار الأسلحة النووية، إلا أن مجلتس الأمن القومي الأمريكي في عهد نيكسون

أوصى بعدم ممارسة الضغوط عليها لكي توقع على هذه المعاهدة!

وقد أظهرت اعترافات الفني النووي الإسرائيلي (مردخاي فعنونو) إضافة إلى

العديد من الأبحاث والكتب الصادرة بعد تلك الاعترافات أن (إسرائيل) تمتلك ما بين

200 إلى 300 قنبلة نووية، وهذا بلا شك لم يكن ليتم دون علم الأمريكان وتأييدهم، وهو ما يدل صراحة على أن يهود (أمريكا) يقولون بلسان الحال ليهود (إسرائيل) : عليكم بالعرب، وعلينا بالغرب!

وقد صدر في عام 1990م كتاب يتحدث عن فضيحة تستُّر أمريكا على

الأنشطة النووية الإسرائيلية بعنوان: (المحاكمة والخطأ) وصدر بعده كتاب:

(الخيار شمشون) من تأليف (سيمور هيرش) ليكشف الدور الأمريكي في التواطؤ مع

(إسرائيل) في المجال النووي خلال العهود المتوالية للرؤساء الأمريكيين، وكشف

بالإضافة إلى ذلك دور الإدارات الأمريكية المختلفة في منع أو عرقلة أي مشروع

عربي لتملك السلاح النووي، بل ومساعدة الأمريكان لـ (إسرائيل) في ضرب

المفاعل النووي العراقي عام 1981م، عن طريق تزويدها بصور سرية التقطتها

الأقمار الصناعية الأمريكية. وقد أرغم الأمريكيون بضغوطهم الثقيلة على الأمم

المتحدة الدول العربية على التوقيع على معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية،

بعدما حاولت مصر قيادة اتجاه للامتناع عن التوقيع ما لم توقع عليها (إسرائيل) .

من الناحية الاقتصادية: لم يعد سراً أن اليهود الأمريكيين يمسكون بكثير من

مفاتيح خزائن الاقتصاد الأمريكي، ويكادون يصبغون هذا الاقتصاد بصبغة الجشع

اليهودي المالي الاحتكاري.

ويلاحظ خبراء في الاقتصاد أن هناك تحولاً حدث في السنوات الأخيرة في

الرأسمالية الأمريكية؛ حيث انتقلت من التركيز على الصناعة والإنتاج إلى

رأسمالية المضاربات التي يحسن اليهود فنون اللعب والنصب بها في (وول

استريت) حيث يتاجرون بالنقد، ويكسبون منه الملايين على حساب عامة الناس.

واليهود الأمريكان، بما يملكون من ثروات وبنوك؛ يغترفون ثم يغدقون على

إخوانهم الإسرائيليين، بما يجعل من الدولة اليهودية مثالاً شاذاً في الدول [6] ؛ فهي

دولة مهجر للمال والرجال؛ فكما أن شعبها غاصب وافد فاقتصادها مغتصب وافد.

إن دولة اليهود تُصنَّف على أنها دولة صناعية، ومع ذلك فإن نسبة الإعانات

للمشروعات الصناعية تصل أحياناً إلى 40% من قيمة الناتج الصناعي، ولذلك فإن

المستوى المعيشي مرتفع جداً بالنسبة إلى ناتج الادخار القومي الذي تسد المعوناتُ

الفجوةَ بينه وبين الاستثمار [7] .

إن مصادر هذه المعونات الاقتصادية لا يمكن حصرها، أو بالأحرى لا يمكن

كشف تفاصيلها على حقيقتها خاصة وأنها تتعلق بسر تضخم الكيان اليهودي، وعلوه

في هذا العصر، وإذا ضربنتا صفحاً عن المعونات الألمانية والإنجليزية والفرنسية

التي ضخت الدم في عروق (إسرائيل) إبَّان نشأتها فإننا لا نستطيع تجاوز التبني

الكامل من الولايات المتحدة لها في مرحلة عنفوانها وفتوتها؛ فأمريكا التي منحت

دولة اليهود بعد أسابيع من إعلانها قرضاً قيمته 100 مليون دولار [8] ، هي التي

حولت القروض في السنوات التي تلت ذلك إلى مساعدات، ثم حولت المساعدات

بدءاً من الثمانينيات إلى منح لا ترد تصل إلى ثلاثة مليارات من الدولارات سنوياً،

وقد أوصلت بعض التقديرات هذه المنح إلى ما بين خمسة ونصف إلى ستة ونصف

من المليارات سنوياً، وتقدر المساعدات التي وصلت إلى (إسرائيل) منذ قيامها بنحو

600 مليار دولار. {جريدة الحياة: 12-12-1999م} .

أما ضمانات القروض التي تطلبها (إسرائيل) فإن الحكومة الأمريكية في حال

الموافقة عليها تُلزم نفسها بسدادها نيابة عن (إسرائيل) ، ولهذا فلا عجب أن نرى

(شامير) يطالب الرئيس (بوش) في أعقاب حرب الخليتج في انتهازية ظاهرة

بضمانات قروض قيمتها عشرة مليارات من الدولارات! وقد حاول بوش أن يظهر

تصلباً واستقلالاً في القرار فرفض هذا المطلب، أو طلب تأجيله، فكان مصيره أن

خرج من أقرب بوابات البيت الأبيض.

والذي أريد قوله هنا: إن أموال اليهود التي تحولها المنظمات اليهودية

الأمريكية [9] ليست هي وحدها التي تخدم مصالح اليهود في (إسرائيل) ؛ ولكن

اقتصاد الدولة الأمريكية نفسه يسخَّر لخدمة هذه المصالح ويوضع رهن إشاراتها.

إنه (حبل) من ذهب يمد شعب السُحت والبُهت بأسباب البقاء.

من الناحية الإعلامية والثقافية: الإعلام الأمريكي يكاد يسيطر على الإعلام

الدولي، واليهود يسيطرون على الإعلام الأمريكي، فبأي حال تجري صناعة

الرأي الأعمى العالمي؟ !

وإذا كان الإعلام الإلكتروني قد زحزح الإعلام المقروء عن مكان الصدارة فإن

الاهتمام قد توجه إلى الشبكات التلفزيونية التي تقرن الصورة بالصوت، والحدث

باللحظة، وتربط اللحظة بالرأي والتحليل، وتربط ذلك كله بالقناعات المملاة

والآراء الموجَّهة.

إن هناك خمس شبكات تلفزيونية كبرى في الولايات المتحدة تبث ما نسبته

95% من مجموع الأخبار المحلية والدولية، وهذه الشبكات الخمس مملوكة ليهود،

أو خاضعة لإداريين يهود، فشبكة (ABS) يملكها (مايكل ايزنار) وهو يهودي،

وشبكة (NBC) يرأس قطاع الأخبار فيها (أندورلاك) وهو يهودي، وشبكة

(CBS) يرأسها (إيرواير) وهو يهودي، وشبكة (فوكس) وهي أحدث الشبكات

الكبرى في أمريكا يملكها الإعلامي اليهودي العالمي (ميردوخ) .

وغير خافٍ أن بضاعة السينما في هوليود من صناعة اليهود، وتظهر بعض

الإحصاءات أن نسبة الكتاب والمنتجين والمخرجين السينمائيين اليهود تعدت

الخمسين بالمائة من مجموع العاملين في هذا المجال، هذا فضلاً عن (نجوم) الفن

والتمثيل والغناء والثراء والبغاء الذين يملؤون أثير الفضاء بظلمات بعضها فوق

بعض، والعجب يزيد عندما نعلم أن ثمانية من ضمن عشر دور سينما كبرى في

الولايات المتحدة يديرها يهود، وأن أكبر خمس شركات إنتاج سينمائي هناك يقوم

على إدارتها يهود. ومن المعلوم أن ما يسمى بـ (صناعة السينما) هو في الحقيقة

تصنيع للأذواق والآراء والتقاليد بمواصفات يهودية، همها السعي لإفساد إنسانية

الإنسان حتى يصير حيواناً ذلولاً خاضعاً للراكبين.

أما في مجال الإعلام المقروء فيكفي أن نعلم أن هناك أكثر من 1500 صحيفة

يومية تطبع أكثر من 55 مليون نسخة يومياً، ومن ضمن هذا العدد يستقل اليهود

بملكية أو إدارة 1100 منها، أما المؤسسات الصحفية الكبرى ذات الصبغة العالمية

فإن الثلاثة الكبرى منها يملكها يهود، وهي صحيفة (نيويورك تايمز) التي يتولى

رئاستها (آرثر أوكس) اليهودي، ويشغل منصب المدير العام (فاكس فرانك) وهو

يهودي، أما مدير التحرير، فهو (جوزيف ليفليد) اليهودي، وصحيفة (الواشنطن

بوست) وهي الجريدة السياسية الأولى في أمريكا تملك (كاترين مائير) اليهودية أكبر

حصة فيها، ويشغل ابنها (دونالد مائير) منصب الرئيس العام لها، أما الصحيفة

الثالثة فهي (دول ستريت جورنال) وهي صحيفة المال والأعمال فتملكها شركة

(داجونز) التي يرأسها (بيتركان) اليهودي، وبالنظر إلى المجلات الأمريكية الكبرى

فإن أوسعها شهرة مجلة (تايم) و (نيوزويك) و (يو إس نيوز) ولليهود صلة قوية

بخيوط ملكيتها وإدارتها جميعاً، علماً بأنها كلها توزع دورياً (8.7) مليون نسخة.

وأخيراً:

نذكِّر بأن يهود الولايات المتحدة الأمريكية يمثلون ما يقرب من 44

% من يهود العالم، وهي نسبة أعلى من نسبة اليهود في (إسرائيل) الذين يمثلون

34% من مجموع يهود العالم، ومع هذا ينظر إلى يهود أمريكا على أنهم يهود

(سوبر) بالنسبة ليهود (إسرائيل) ، ولا عجب فمهمة اليهود الأمريكيين أوسع وأخطر

من مهمة اليهود الإسرائيليين؛ لأن ساحة الإسرائيليين هي عالم العرب، وساحة

الأمريكيين عالم الغرب، بل العالم أجمع. وهذا لا يمنع من تعاونهما معاً لإفساد

الأرض كلها، كما قال سبحانه: [ويسعون في الأرض فسادا والله لا يحب

المفسدين] [المائدة: 64] .

اللهم! إنهم قد عادوا للإفساد كما أخبرت، وعلوا علواً كبيراً كما ذكرت، فعد

عليهم بالعقوبة كما توعدت، وانصر المسلمين عليهم كما وعدت، وسلِّط عليهم

عباداً لك أولي بأس شديد يجوسون خلال الديار، ويمسحون عنا الذل والعار آمين.

(1) الإفساد الأول كما ذكره المفسرون كان قتل نبي الله زكريا، والإفساد الثاني كان قتل ابنه نبي الله يحيى انظر: تفسير الطبري، ج15، ص2123.

(2)

انظر: تفسير ابن كثير (3/30) بتحقيق الأرناؤوط.

(3)

سفر أشعيا (9/6، 7) .

(4)

سفر دانيال، 7/13.

(5)

هذا اللقب أطلقته الصحافة الإسرائيلية على بيل كلنيتون بعد مؤتمر (شرم الشيخ) عام1996م الذي عقد لبحث سبل تامين إسرائيل من خطر الإرهاب! .

(6)

نصيب دولة اليهود من المساعدات الأمريكية =ثلث مجموع المساعدات العالمية الأمريكية.

(7)

يصل إلى الفرد في إسرائيل من أموال دافعي الضرائب الأمريكان ضعف استحقاق المواطن الأمريكي.

(8)

هذا في الأربعينات الميلادية، فكم يساوي وقتها؟ .

(9)

هناك أكثر من 200 منظمة يهودية أمريكية معفاة من الضرائب، وتعد هذه المنظمات مصدرا من مصادر المعونات الخارجية للحكومة الإسرائيلية.

ص: 82