الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
دراسات في الشريعة والعقيدة
سنابل الخير
(1 - 2)
فيصل بن علي البعداني
albadani@hotmail.com
المال مال الله عز وجل، وقد استخلف تعالى عباده فيه ليرى كيف يعملون،
ثم هو سائلهم عنه إذا قدموا بين يديه: من أين جمعوه؟ وفيمَ أنفقوه؟ فمن جمعه من
حله وأحسن الاستخلاف فيه فصرفه في طاعة الله ومرضاته أثيب على حسن
تصرفه، وكان ذلك من أسباب سعادته، ومن جمعه من حرام أو أساء الاستخلاف
فيه فصرفه فيما لا يحل عوقب، وكان ذلك من أسباب شقاوته إلا أن يتغمده الله
برحمته.
ومن هنا كان لزاماً على العبد إن هو أراد فلاحاً أن يراعي محبوب الله في
ماله؛ بحيث يوطن نفسه على ألَاّ يرى من وجه رغَّب الإسلام في الإنفاق فيه إلا
بادر بقدر استطاعته، وألَاّ يرى من طريق حرم الإسلام النفقة فيه إلا توقف وامتنع.
وإن من أعظم ما شرع الله النفقة فيه وحث عباده على تطلُّب أجره:
الصدقةَ [1] التي شرعت لغرضين جليلين: أحدهما: سد خَلَّة المسلمين وحاجتهم،
والثاني: معونة الإسلام وتأييده [2] . وقد جاءت نصوص كثيرة وآثار عديدة تبين
فضائل هذه العبادة الجليلة وآثارها، وتُوجِد الدوافع لدى المسلم للمبادرة بفعلها.
وهذه الفضائل والآثار كثيرة جداً تحتمل أن يفرد لها كتاب فضلاً عن أن
ترسل في مقال؛ ولذا سأقتصر على أبرزها، وذلك فيما يلي:
1-
علو شأنها ورفعة منزلة صاحبها:
الصدقة من أفضل الأعمال وأحبها إلى الله عز وجل؛ ودليل ذلك حديث ابن
عمر رضي الله عنهما مرفوعاً: «وإن أحب الأعمال إلى الله سرور تدخله على
مؤمن، تكشف عنه كرباً، أو تقضي عنه ديناً، أو تطرد عنه جوعاً» [3] ،
وحديث: «من أفضل العمل: إدخال السرور على المؤمن: يقضي عنه ديناً،
يقضي له حاجة، ينفس له كربة» [4] . بل إن الصدقة لتباهي غيرها من الأعمال
وتفخر عليها؛ وفي ذلك يقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه: «إن الأعمال
تتباهى فتقول الصدقة: أنا أفضلكم» [5] .
وهذه الرفعة للصدقة تشمل صاحبها؛ فهو بأفضل المنازل كما قال صلى الله
عليه وسلم: «إنما الدنيا لأربعة نفر: عبد رزقه الله مالاً وعلماً فهو يتقي فيه ربه،
ويصل فيه رحمه، ويعمل فيه حقاً فهذا بأفضل المنازل
…
» [6] ، وهو صاحب
اليد العليا كما أخبر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: «اليد العليا خير من
اليد السفلى، واليد العليا هي المنفقة، واليد السفلى هي السائلة» [7] ، وهو من
خير الناس لنفعه إياهم وقد جاء في الحديث المرفوع: «خير الناس من نفع
الناس [8] » ، وهو من أهل المعروف في الآخرة، ويدل على ذلك قوله صلى الله
عليه وسلم: «أهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة» [9] .
ولا تقتصر رفعة المتصدق على الآخرة بل هي شاملة للدنيا؛ فمن جاد ساد،
ومن بخل رذل، بل قال محمد بن حبان: «كل من ساد في الجاهلية والإسلام حتى
عرف بالسؤدد، وانقاد له قومه، ورحل إليه القاصي والداني، لم يكن كمال سؤدده
إلا بإطعام الطعام وإكرام الضيف» [10] ، والمتصدق ذو يد على آخذ الصدقة، بل
إنه كما قيل: يرتهن الشكر ويسترق بصدقته الحر [11] . ولذا كان ابن السماك يقول:
«يا عجبي لمن يشتري المماليك بالثمن، ولا يشتري الأحرار بالمعروف» [12] .
2-
وقايتها للمتصدق من البلايا والكروب:
صاحب الصدقة والمعروف لا يقع، فإذا وقع أصاب متكأً [13] ؛ إذ البلاء لا
يتخطى الصدقة؛ فهي تدفع المصائب والكروب والشدائد المخوِّفة، وترفع البلايا
والآفات والأمراض الحالَّة، دلت على ذلك النصوص، وثبت ذلك بالحس والتجربة.
فمن الأحاديث الدالة على ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: «صنائع المعروف
تقي مصارع السوء والآفات والهلكات» [14] ، وقوله صلى الله عليه وسلم في
حديث أبي سعيد رضي الله عنه: «وفعل المعروف يقي مصارع السوء» [15] ،
ومنها: حديث رافع بن خديج رضي الله عنه مرفوعاً: «الصدقة تسد سبعين باباً
من السوء» [16] .
ومنها أيضاً: قوله صلى الله عليه وسلم حين هلع الناس لكسوف الشمس:
«فإذا رأيتم ذلك فادعوا الله وكبروا وصلوا وتصدقوا» [17] قال ابن دقيق العيد في
شرحه له: «وفي الحديث دليل على استحباب الصدقة عند المخاوف لاستدفاع
البلاء المحذور» [18] .
كما أن الصدقة تحفظ البدن وتدفع عن صاحبها البلايا والأمراض، يدل لذلك
حديث: «داووا مرضاكم بالصدقة» [19]، قال ابن الحاج: «والمقصود من
الصدقة أن المريض يشتري نفسه من ربه عز وجل بقدر ما تساوي نفسه عنده،
والصدقة لا بد لها من تأثير على القطع؛ لأن المخبر صلى الله عليه وسلم صادق،
والمخبَر عنه كريم منان» [20] ، وقد سأل رجل ابن المبارك عن قرحة في ركبته
لها سبع سنين، وقد أعيت الأطباء فأمره بحفر بئر يحتاج الناس إليه إلى الماء فيه،
وقال: أرجو أن ينبع فيه عين فيمسك الدم عنك [21] ، وقد تقرح وجه أبي عبد الله
الحاكم صاحب المستدرك قريباً من سنة فسأل أهل الخير الدعاء له فأكثروا من ذلك،
ثم تصدق على المسلمين بوضع سقاية بنيت على باب داره وصب فيها الماء
فشرب منها الناس، فما مر عليه أسبوع إلا وظهر الشفاء وزالت تلك القروح وعاد
وجهه إلى أحسن ما كان [22] .
والأمر كما قال المناوي: «وقد جُرِّب ذلك أي التداوي بالصدقة فوجدوا
الأدوية الروحانية تفعل ما لا تفعله الأدوية الحسية، ولا ينكر ذلك إلا من كثف
حجابه» [23] .
وليس هذا فحسب؛ بل إن بعض السلف كانوا يرون أن الصدقة تدفع عن
صاحبها الآفات والشدائد ولو كان ظالماً، قال إبراهيم النخعي: «كانوا يرون أن
الصدقة تَدْفَع عن الرجل الظلوم» [24] .
وفي المقابل فإن عدم الصدقة يجر على العبد المصائب والمحن؛ لحديث أنس
بن مالك رضي الله عنه مرفوعاً وفيه أن جبريل قال ليعقوب عليهما السلام عن الله
عز وجل: «أتدري لِمَ أذهبت بصرك وقوست ظهرك، وصنع إخوة يوسف ما
صنعوا: إنكم ذبحتم شاة، فأتاكم مسكين يتيم وهو صائم فلم تطعموه منه شيئاً» [25] .
3-
عظم أجرها ومضاعفة ثوابها:
يربي الله الصدقات، ويضاعف لأصحابها المثوبات، ويعلي الدرجات.. بهذا
تواترت النصوص وعليه تضافرت؛ فمن الآيات الكريمات الدالة على أن الصدقة
أضعاف مضاعفة وعند الله مزيد قوله تعالى: [إِنَّ المُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقَاتِ
وَأَقْرَضُوا اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً يُضَاعَفُ لَهُمْ وَلَهُمْ أَجْرٌ كَرِيمٌ] (الحديد: 18) والتي
أوضحت بأن «المتصدقين والمتصدقات لا يتفضلون على آخذي الصدقات، ولا
يتعاملون في هذا مع الناس، إنما هم يقرضون الله ويتعاملون مباشرة معه، فأي
حافز للصدقة أوقع وأعمق من شعور المعطي بأنه يقرض الغني الحميد، وأنه
يتعامل مع مالك الوجود؟ وأن ما ينفقه مُخْلَف عليه مضاعف، وأن له بعد ذلك كله
أجراً كريماً» [26] .
ومنها: قوله تعالى: [مَن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ
أَضْعَافاً كَثِيرَةً] (البقرة: 245) قال الجصاص مبيناً علة تسمية الله للصدقة
قرضاً: «سماه الله قرضاً تأكيداً لاستحقاق الثواب به؛ إذ لا يكون قرضاً إلا
والعوض مستحق به» [27] ، وعلل ذلك ابن القيم بأن «الباذل متى علم أن عين
ماله يعود إليه ولا بد؛ طوعت له نفسه، وسهل عليه إخراجه، فإن علم أن
المستقرض مليء وفيّ محسن، كان أبلغ في طيب فعله وسماحة نفسه، فإن علم أن
المستقرض يتجر له بما اقترضه، وينميه له ويثمره حتى يصير أضعاف ما بذله
كان بالقرض أسمح وأسمح، فإن علم أنه مع ذلك كله يزيده بعطائه أجراً آخر من
غير جنس القرض
…
فإنه لا يتخلف عن قرضه إلا لآفة في نفسه من البخل أو
الشح أو عدم الثقة بالضمان» [28] .
ومنها: قوله عز وجل: [مَثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ
أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِّائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ]
(البقرة: 261) والتي لها أثر عظيم في دفع العبد إلى الصدقة؛ إذ يضاعف الله
له بلا عدة ولا حساب، من رحمته سبحانه ورزقه الذي لا حدود له ولا مدى [29] .
ومن الأحاديث الدالة على عظم أجر الصدقة: قوله صلى الله عليه وسلم:
«ما تصدق أحد بصدقة من طيب ولا يقبل الله إلا الطيب إلا أخذها الرحمن
بيمينه وإن كان تمرة فتربو في كف الرحمن حتى تكون أعظم من الجبل؛ كما يربي
أحدكم فُلُوَّه أو فصيله» [30][31]، قال ابن حجر: «الصدقة نتاج العمل،
وأحوج ما يكون النتاج إلى التربية إذا كان فطيماً، فإذا أحسن العناية به انتهى إلى حد
الكمال، وكذلك عمل ابن آدم لا سيما الصدقة فإن العبد إذا تصدق من كسب طيب
لا يزال نظر الله إليها يكسبها نعت الكمال حتى تنتهي بالتضعيف إلى نصاب تقع
المناسبة بينه وبين ما قدم نسبة ما بين التمرة إلى الجبل
…
والظاهر أن المراد
بعظمها: أن عينها تعظم لتثقل في الميزان، ويحتمل أن يكون ذلك معبراً به عن
ثوابها» [32]، ومنها: قوله صلى الله عليه وسلم: «من أنفق نفقة في سبيل الله
كتب له سبع مئة ضعف» [33] قال المباركفوري: «وهذا أقل الموعود، والله
يضاعف لمن يشاء» [34]، وحديث أبي مسعود الأنصاري رضي الله عنه:
«أن رجلاً جاء بناقة مخطومة [35] فقال:» هذه في سبيل الله، فقال رسول الله
صلى الله عليه وسلم: «لك بها يوم القيامة سبع مئة ناقة كلها مخطومة» [36]
واستطعم مسكين عائشة رضي الله عنها وبين يديها عنب، فقالت لإنسان:
«خذ حبة فأعطه إياها، فجعل ينظر إليها ويعجب، فقالت عائشة: أتعجب؟ كم
ترى في هذه الحبة من مثقال ذرة؟ !» [37]، قال يحيى بن معاذ: «ما أعرف
حبة تزن جبال الدنيا إلا من الصدقة» [38] .
4-
إطفاؤها الخطايا وتكفيرها الذنوب:
جعل الله الصدقة سبباً لغفران المعاصي وإذهاب السيئات والتجاوز عن
الهفوات، دلت على ذلك نصوص الكتاب والسنة، ومنها: قوله تعالى: [إِنَّ
الحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ] (هود: 114) ، والذي هو نص عام يشمل كل حسنة
وفعل خير، والصدقة من أعظم الحسنات والخيرات فهي داخلة فيه بالأولوية [39] ،
وقوله سبحانه: [إِنَّ المُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ
وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ
وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ
كَثِيراً وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً] (الأحزاب: 35) ، وقوله
عز وجل: [وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ
أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ
النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ المُحْسِنِينَ] (آل عمران: 133-134) والتي أفادت أن من
أول وأجلِّ ما تنال به مغفرة الله للخطايا وتجاوزه عن الذنوب: الإنفاق في
مراضيه سبحانه.
ومن النصوص الدالة على ذلك أيضاً: قوله صلى الله عليه وسلم: «تصدقوا
ولو بتمرة؛ فإنها تسد من الجائع، وتطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار» [40] ،
وقوله صلى الله عليه وسلم: «والصدقة تطفئ الخطيئة كما يذهب الجليد على
الصفا» [41]، وما أخرجه البخاري في صحيحه في باب: الصدقة تكفر الخطيئة
من حديث حذيفة رضي الله عنه وفيه: «فتنة الرجل في أهله وماله وولده وجاره
تكفرها الصلاة والصدقة والمعروف» [42]، وقوله صلى الله عليه وسلم:
«يامعشر التجار: إن الشيطان والإثم يحضران البيع؛ فشوبوا بيعكم بالصدقة» [43] ،
ومعناه أن التاجر: «قد يبالغ في وصف سلعته حتى يتكلم بما هو لغو، وقد
يجازف في الحلف لترويج سلعته؛ فيندب إلى الصدقة ليمحو أثر ذلك» [44] ، وقال
محمد بن المنكدر: «من موجبات المغفرة: إطعام المسلم السغبان» . قال بعض
أهل العلم عقب إيراده له: «وإذا كان الله سبحانه قد غفر لمن سقى كلباً على شدة
ظمئه فكيف بمن سقى العطاش، وأشبع الجياع، وكسا العراة من المسلمين؟» [45] .
ولاستفاضة النصوص في كون الصدقة مكفرة للذنوب وماحية للخطايا استحب
بعض أهل العلم الصدقة عقب كل معصية [46] ، ولعل مستندهم في ذلك قوله صلى
الله عليه وسلم: «وأتبع السيئة الحسنة تمحها» [47] ، والصدقة من كبار الحسنات
ورؤوس الطاعات؛ فهي داخلة في عموم النص قطعاً.
5-
مباركتها المال وزيادتها الرزق:
تحفظ الصدقة المال من الآفات والهلكات والمفاسد، وتحل فيه البركة، وتكون
سبباً في إخلاف الله على صاحبها بما هو أنفع له وأكثر وأطيب [48] ، دلت على
ذلك النصوص الثابتة والتجربة المحسوسة؛ فمن النصوص الدالة على أن الصدقة
جالبة للرزق قول الذي ينابيع خزائنه لا تنضب وسحائب أرزاقه لا تنقطع واعداً من
أنفق في طاعته بالخلف عليه: [وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ]
(سبأ: 39)، قال ابن عاشور في تفسيره: «وأكد ذلك الوعد بصيغة الشرط،
وبجعل جملة الجواب اسمية، وبتقديم المسند إليه على الخبر الفعلي بقوله:
[فَهُوَ يُخْلِفُهُ](سبأ: 39) ، ففي هذا الوعد ثلاث مؤكدات دالة على مزيد
العناية بتحقيقه
…
وجملة: وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (المؤمنون: 72) تذييل للترغيب
والوعد بزيادة أن ما يخلفه أفضل مما أنفقه المنفق» [49]، وقال العلَاّمة السعدي:
«قوله: [وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ](سبأ: 39) نفقة واجبة أو مستحبة، على
قريب أو جار أو مسكين أو يتيم أو غير ذلك [فَهُوَ](سبأ: 39) تعالى [يُخْلِفُهُ]
(سبأ: 39) فلا تتوهموا أن الإنفاق مما ينقص الرزق، بل وعد بالخلف للمنفق
الذي يبسط الرزق ويقدر» [50]، وما أجمل مقولة بعضهم: «أنفق ما في الجيب
يأتك ما في الغيب» [51] .
ومن النصوص الدالة أيضاً على أن الصدقة بوابة للرزق ومن أسباب سعته
واستمراره وتهيؤ أسبابه، وأنها لا تزيد العبد إلا كثرة قوله تعالى: [لَئِن شَكَرْتُمْ
لأَزِيدَنَّكُمْ] (إبراهيم: 7) إذ الصدقة غاية في الشكر، وقوله عز وجل في
الحديث القدسي: «يا ابن آدم أَنفقْ أُنفقْ عليك» [52]، وقوله صلى الله عليه وسلم:
«ما فتح رجل باب عطية بصدقة أو صلة إلا زاده الله بها كثرة» [53] ، وقوله
صلى الله عليه وسلم: «ما من يوم يصبح العباد فيه إلا ملكان ينزلان فيقول
أحدهما: اللهم أعط منفقاً خلفاً، ويقول الآخر: اللهم أعط ممسكاً تلفاً» [54] . كما
يدل على ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: «بينا رجل بفلاة من الأرض فسمع
صوتاً في سحابة: اسق حديقة فلان، فتنحى ذلك السحاب فأفرغ ماءه في حرة [55] ؛
فإذا شرجة [56] قد استوعبت ذلك الماء كله، فتتبع الماء فإذا رجل قائم في حديقته
يحول الماء بمسحاته [57]، فقال له: يا عبد الله! ما اسمك؟ قال: فلان للاسم
الذي سمع في السحابة، فقال له: يا عبد الله لِمَ تسألني عن اسمي؟ فقال: إني
سمعت صوتاً في السحاب الذي هذا ماؤه يقول: اسق حديقة فلان لاسمك فماذا
تصنع فيها؟ قال: أما إذ قلتَ هذا؛ فإني أنظر إلى ما يخرج منها فأتصدق بثلثه،
وآكل أنا وعيالي ثلثه، وأرد فيها ثلثه» وفي رواية: «وأجعل ثلثه في المساكين
والسائلين وابن السبيل» [58] .
وفي المقابل جاءت نصوص عديدة ترد على فئام من الخلق ممن رق دينهم أو
ثخنت أفهامهم ظنوا أن الصدقة منقصة للمال، جالبة للفقر، مسببة للضيعة، فأبانت
أن الصدقة لا تنقص مال العبد، وأن شحه به هو سبب حرمان البركة وتضييق
الرزق وإهلاك المال وعدم نمائه، ومن هذه النصوص قوله صلى الله عليه وسلم:
«ما نقصت صدقة من مال» [59]، وقوله صلى الله عليه وسلم: «ثلاث أقسم
عليهن وأحدثكم حديثاً فاحفظوه، فأما الثلاث التي أقسم عليهن: فإنه ما نقص مال
عبد من صدقة
…
» [60] ، وقوله صلى الله عليه وسلم لأسماء بنت أبي بكر -
رضي الله عنهما «حين قالت له: ما لي مال إلا ما أدخل عليَّ الزبير فقال لها:
أنفقي ولا تحصي فيحصي الله عليك، ولا توعي فيوعي الله عليك» [61] .
والتجربة المحسوسة تثبت أن «المعونة تأتي من الله للعبد على قدر
المؤونة» [62] ، وأن رزق العبد يأتيه بقدر عطيته ونفقته؛ فمن أَكثر أُكثر له،
ومن أقل أُقِل له، ومن أمسك أُمسِك عليه [63] ، وقد نص غير واحد من العارفين
أن ذلك مجرب محسوس [64] ، ومن شواهد ذلك قصة عائشة رضي الله عنها أن
مسكيناً سألها وهي صائمة وليس في بيتها إلا رغيف فقالت لمولاتها: أعطيه إياه،
فقالت: ليس لك ما تفطرين عليه! فقالت: أعطيه إياه! قالت: ففعلت، قالت: فلما
أمسينا أهدى لنا أهل بيت أو إنسان ما كان يهدي لنا شاة وكفَّنها [65] ، فدعتني
فقالت: كلي من هذا، هذا خير من قرصك « [66] .
والقضية مرتبطة بالإيمان ومتعلقة باليقين، والأمر كما قال الحسن البصري:
» من أيقن بالخلف جاد بالعطية « [67] .
6-
أنها وقاية من العذاب وسبيل لدخول الجنة:
الصدقة والإنفاق في سبل الخير فدية للعبد من العذاب، وتخليص له وفكاك
من العقاب، ومثلها كما في الحديث:» كمثل رجل أسره عدو، فأوثقوا يده إلى
عنقه، وقدموه ليضربوا عنقه، فقال: أنا أفتدي منكم بالقليل والكثير؛ ففدى نفسه
منهم « [68] ، وقد كثرت النصوص المبينة بأن الصدقة ستر للعبد وحجاب بينه
وبين العذاب، ومن هذه النصوص: حديث أبي هريرة رضي الله عنه في إثبات
نعيم القبر وعذابه والذي تضمن إخباره صلى الله عليه وسلم بأن الصدقة وأعمال
البر تدفع عن صاحبها عذاب القبر؛ إذ قال صلى الله عليه وسلم:» إن الميت إذا
وضع في قبره إنه يسمع خفق نعالهم حين يولُّون عنه؛ فإن كان مؤمناً كانت الصلاة
عند رأسه، وكان الصيام عن يمينه، وكانت الزكاة عن شماله، وكان فعل الخيرات
من الصدقة والصلة والمعروف والإحسان إلى الناس عند رجليه، فيؤتى من قِبَلِ
رأسه، فتقول الصلاة: ما قِبَلي مدخل، ثم يؤتى عن يمينه، فيقول الصيام: ما
قِبَلي مدخل، ثم يؤتى عن يساره فيقول الزكاة: ما قِبَلي مدخل، ثم يؤتى من قِبَل
رجليه فتقول فعل الخيرات من الصدقة والصلة والمعروف والإحسان إلى الناس:
ما قِبَلي مدخل
…
« [69] .
ومنها: الأحاديث التي تضمنت التهديد والوعيد لأصحاب الثراء كقوله صلى
الله عليه وسلم:» هلك المكثرون، إلا من قال هكذا وهكذا وهكذا ثلاث مرات:
حثا بكفيه عن يمينه وعن يساره وبين يديه، وقليل ما هم « [70]، وفي رواية:
» ويل للمكثرين
…
« [71] ، ومنها: قوله صلى الله عليه وسلم:» من أعتق رقبة
مسلمة كانت فكاكه من النار عضواً بعضو « [72] ، وحديث أبي سعيد الخدري -
رضي الله عنه وفيه قوله صلى الله عليه وسلم:» يا معشر النساء تصدقن؛
فإني رأيتكن أكثر أهل النار، فقلن: وبِمَ يا رسول الله؟ قال: تكثرن اللعن،
وتكفرن العشير « [73] ، قال ابن حجر في شرحه:» وفيه أن الصدقة تدفع العذاب،
وأنها قد تكفِّر الذنوب بين المخلوقين « [74] وقال الشوكاني في ثنايا تعداده لفوائد
الحديث:» ومنها: أن الصدقة من دوافع العذاب؛ لأنه علل بأنهن أكثر أهل النار
لما يقع منهن من كفران النعم وغير ذلك « [75] .
وقد كثر حض النبي صلى الله عليه وسلم أمته على اتخاذ أحدهم الصدقة مهما
قلَّت حجاباً بينه وبين النار فقال صلى الله عليه وسلم في حديث عدي بن حاتم
رضي الله عنه:» ما منكم من أحد إلا سيكلمه ربه ليس بينه وبينه ترجمان،
فينظر أيمن منه فلا يرى إلا ما قدم من عمله، وينظر أشأم منه فلا يرى إلا ما قدم،
وينظر بين يديه فلا يرى إلا النار تلقاء وجهه، فاتقوا النار ولو بشق تمرة « [76] ،
وفي رواية:» من استطاع منكم أن يستتر من النار ولو بشق تمرة فليفعل « [77] ،
وقال صلى الله عليه وسلم:» اجعلوا بينكم وبين النار حجاباً ولو بشق تمرة « [78] ،
وقال صلى الله عليه وسلم:» يا عائشة استتري من النار ولو بشق تمرة؛ فإنها
تسد من الجائع مسدها من الشبعان « [79] .
ولا يقتصر أثر الصدقة والإنفاق على دفع حر القبور والخلاص من لهيب
جهنم بل إنها من أسباب دفع الخوف والحزن عن العبد وتحصيله للأمن، ومن
السبل العظيمة لدخوله الجنة، ومن النصوص الدالة على ذلك قوله تعالى:
[الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُم بِالَّليْلِ وَالنَّهَارِ سِراًّ وَعَلانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ
عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ] (البقرة: 274) والذي يعم جميع النفقات في طاعة الله
وطرق مرضاته سواء أكانت للفقراء والمعوزين أم في سبيل رفعة الدين ونصرته
ويشمل جميع الأوقات والحالات [80] .
وقوله عز وجل: [وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ
وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ
…
]
(آل عمران: 133-134) والذي جلَّى الله فيه صفة أهل الجنة، وأبان بأن من
أجلِّ سماتهم التي تؤهلهم لدخول الجنة الإنفاق في مراضيه سبحانه والإحسان
إلى خلقه بأنواع البر [81] .
ومن النصوص النبوية الدالة على أن الصدقة من أسباب دخول الجنة قوله
صلى الله عليه وسلم:» أربعون خصلة أعلاها منيحة العنز [82] ما من عامل يعمل
بخصلة منها رجاء ثوابها وتصديق موعودها إلا أدخله الله بها الجنة « [83] .
ولا يتوقف أثر الصدقة على هذا فحسب بل الأمر أعظم جداً من ذلك؛ إذ
يبادر خزنة كل باب من أبواب الجنة: لدعوة المتصدق كل يريده أن يدخل من قِبَله،
وللجنة باب يقال له: باب الصدقة، يدخل منه المتصدقون؛ لحديث أبي هريرة
رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:» من أنفق زوجين [84]
في سبيل الله [85] نودي من أبواب الجنة: يا عبد الله هذا خير إلى أن قال ومن كان
من أهل الصدقة دعي من باب الصدقة.. « [86] وقد أبان العيني أن المراد بالصدقة
هنا: النافلة؛ لأن الزكاة الواجبة لا بد منها لجميع من وجبت عليه من المسلمين،
ومن ترك شيئاً منها فيخاف عليه أن ينادى من أبواب جهنم [87] .
7-
أنها دليل صدق الإيمان وقوة اليقين وحسن الظن برب العالمين:
المال ميال بالقلوب عن الله؛ لأن النفوس جبلت على حبه والشح به، فإذا
سمحت النفس بالتصدق به وإنفاقه في مرضاة الله عز وجل كان ذلك برهاناً على
صحة إيمان العبد وتصديقه بموعود الله ووعيده، وعظيم محبته له؛ إذ قدم رضاه
سبحانه على المال الذي فطر على حبه [88] ، ويدل على هذا الأمر قوله صلى الله
عليه وسلم:» والصدقة برهان « [89]، ومعناه: أنها دليل على إيمان فاعلها؛ فإن
المنافق يمتنع منها لكونه لا يعتقدها، فمن تصدق استدل بصدقته على صدق
إيمانه [90]، قال المناوي:» (والصدقة برهان) حجة جلية على إيمان صاحبها أو
أنه على الهدى أو الفلاح، أو لكون الصدقة تنجيه عند الحساب كما تنجي الحجة
عند المحاكمة، وقال القزويني: الصدقة برهان على جزم المتصدق بوجود الآخرة
وما تتضمنه من المجازاة؛ لأن المال محبوب للنفوس المتصفة بالخواص
الطبيعية؛ فلا يقدر على بذل المال ما لم يصدق بانتفاعها فيما بعد بثمرات ما
يبذله، وفوزها بالعوض وحصول السلامة من ضرر متوقع بسبب فعل
قُرِنت به عقوبة « [91] .
والصدقة بطيب نفس تورث القلب حلاوة الإيمان، وتذيق العبد طعمه،
وتعمق يقينه بالله عز وجل، وتخلص توكله عليه، وتوجب ثقته بالله وحسن الظن
به [92] ؛ لأن من استنار صدره، وعلم غنى ربه وكرمه عز وجل عظم رجاؤه
وهانت الدنيا في عينه فأنفق ولم يخَفِ الإقلال، ويشهد لصحة ذلك قول أعظم
الموقنين وإمام المتوكلين وأجلّ من أحسن الظن برب العالمين لبلال - رضي الله
عنه - حين ادخر شيئاً ولم ينفقه:» أنفق يا بلال، ولا تخش من ذي العرش
إقلالاً « [93] ، قال القرطبي بعد أن أبان بأن عدم الإنفاق وترك الصدقة خوف الإقلال
من سوء الظن بالله:» فإن كان العبد حسن الظن بالله لم يخفِ الإقلال؛ لأنه
يخلف عليه كما قال تعالى: [وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ]
(سبأ: 39) « [94] .
8-
تخليتها النفس من الرذائل وتحليتها لها بالفضائل:
تطهر الصدقة النفس من الرذائل وتنقيها من الآفات، وتقيها من كثير من
دواعي الشيطان ورجسه، ومن ذلك: أنها تبعد العبد عن صفة البخل وتخلصه من
داء الشح الذي أخبر سبحانه بأن الوقاية منه سبب للفلاح وذلك في قوله عز وجل:
[وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ المُفْلِحُونَ](الحشر: 9) ، ويُذهِب الله بها داء
العجب بالنفس والكبر والخيلاء على الآخرين والفخر عليهم بغير حق، كما أنها من
مسببات عدم حب الذات حباً مذموماً، ومن دواعي نبذ الأثرة والأنانية، وعدم
الوقوع في شيء من عبودية المال وتقديسه وهو ما دعا على فاعله النبي صلى الله
عليه وسلم بالتعاسة والانتكاسة فقال:» تعس عبد الدينار وعبد الدرهم
وعبد الخميصة
…
تعس وانتكس وإذا شيك فلا انتقش « [95] .
وفي المقابل فالصدقة تهذب الأخلاق وتزكي النفس وتربي الروح على معالي
الأخلاق وفضائلها؛ إذ فيها تدريب على الجود والكرم، وتعويد على البذل
والتضحية وإيثار الآخرين، وفيها سمو بالعبد وانتصار له على نفسه الأمارة بالسوء،
وإلجام لشيطانه، وإعلاء لهمته؛ إذ تُعلق العبد بربه وتربطه بالدار الآخرة،
وتزهده بالدنيا؛ وتضعف تَعلُّق قلبه بها. ويدل لذلك قوله تعالى: [خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ
صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا] (التوبة: 103)[96] ؛ إذ في قوله: {تُطَهِّرُهُمْ}
إشارة إلى مقام التخلية من الرذائل والذنوب والأخلاق السيئة، وفي قوله:
{وَتُزَكِّيهِم} إشارة إلى مقام التحلية بالفضائل والحسنات والأعمال
الصالحة [97] .
كما يدل لذلك أيضاً قوله عز وجل: [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ
فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً ذَلِكَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَأَطْهَرُ] (المجادلة: 12) والذي أبان
الله فيه بأن الصدقة سبب لنيل الخيرية وطهرة للنفس من الأدناس وتخلية لها من
الرذائل [98] .
ولو لم يكن في الصدقة إلا أنها تعلق النفس بالقربات، وتشغلها بالطاعات،
كما قال بعض السلف:» إن من ثواب الحسنة الحسنة بعدها، وإن من جزاء
السيئة السيئة بعدها « [99] والصدقة من أعظم الحسنات وأجلِّها لكفى بذلك
فضلا.
9-
أنها بوابة لسائر أعمال البر:
جعل الله الصدقة والإنفاق في مرضاته مفتاحاً للبر [100] وداعية للعبد إلى
سائر أنواعه؛ وذلك لأن المال من أعظم محبوبات النفس؛ فمن قدم محبوب الله
على ما يحب فأعطى ماله المحتاجين ونصر به الدين وفقه الله لأعمال صالحة
وأخلاق فاضلة لا تحصل له بدون ذلك، وآتاه أسباب التيسير بحيث يتهيأ له القيام
ببقية أعمال البر فلا يستعصي شيء منها عليه، يدل لذلك قوله تعالى: [فَأَمَّا مَنْ
أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى] (الليل: 5-7) قال
السعدي في تفسيره:» [فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى](الليل: 7) : أي: نيسر له أمره،
ونجعله مسهلاً عليه كل خير، ميسراً له ترك كل شر؛ لأنه أتى بأسباب التيسير،
فيسر الله له لذلك « [101] .
وقد أوضح الله هذا الأمر وجلَاّه في قوله عز وجل: [لَن تَنَالُوا البِرَّ حَتَّى
تُنفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ] (آل عمران: 92) أي: لن تنالوا حقيقة البر الذي يتنافس
فيه المتنافسون، ولن تدركوا شأوه، ولن تلحقوا بزمرة الأبرار حتى تنفقوا مما
تَهْوَوْن من أموالكم ومن أعجبها إلى أنفسكم [102] .
وقد فقه الصحابة رضي الله عنهم هذا التوجيه الرباني فحرصوا على نيل البر
وكمال الخير بالنزول عما يحبون وببذل الطيب من المال نصرة للدين وسداً لحاجة
المساكين، سخية به نفوسهم طمعاً في ثواب الله وإحسانه [103] ، فكان الواحد منهم
إذا ازداد حبه لشيء بذله لله رجاء نيل البر؛ فهذا أبو طلحة رضي الله عنه كان
أكثر الأنصار بالمدينة مالاً، وكان أحب أمواله إليه حديقة يقال لها: بيرحاء، فلما
نزلت هذه الآية: [لَن تَنَالُوا البِرَّ حَتَّى تُنفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ](آل عمران: 92)
قام إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:» إن الله يقول في كتابه:
[لَن تَنَالُوا البِرَّ حَتَّى تُنفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ](آل عمران: 92) وإن أحب أموالي
إليَّ بيرحاء، وإنها صدقة لله أرجو برها وذخرها عند الله، فضعها يا رسول الله
حيث شئت
…
« [104] ، وقال زيد بن حارثة لما نزلت هذه الآية:» اللهم إنك تعلم
أنه ليس لي مال أحب إلي من فرسي هذه «، وجاء إلى النبي صلى الله عليه
وسلم فقال: هذه في سبيل الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قد قبلها
الله منك» [105] ، «وكتب عمر بن الخطاب إلى أبي موسى الأشعري أن يبتاع
له جارية من جلولاء يوم فتحت مدائن كسرى في قتال سعد بن أبي وقاص، فدعا
بها عمر بن الخطاب فأعجبته فقال: إن الله يقول: [لَن تَنَالُوا البِرَّ حَتَّى تُنفِقُوا
مِمَّا تُحِبُّونَ] (آل عمران: 92) فأعتقها» [106] .
وقال عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: «تلوت هذه الآية: [لَن تَنَالُوا
البِرَّ حَتَّى تُنفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ] (آل عمران: 92) فذكرت ما أعطاني الله فما
وجدت شيئاً أحب إليَّ من جاريتي رضية فقلت: هي حرة لوجه الله» [107] ، ومرة
كان راكباً على راحلة عظيمة فأعجبته فأناخها وجعلها لله تعالى [108] .
وعلى هذا الدرب سار كثير من سلف الأمة وصالحيها؛ فهذا الربيع بن خثيم
كان إذا جاءه السائل يقول لأم ولده: يا فلانة! أعطي السائل سُكَّراً؛ فإن الربيع
يحب السُّكَّر. قال سفيان: يتأول قوله عز وجل: [لَن تَنَالُوا البِرَّ حَتَّى تُنفِقُوا مِمَّا
تُحِبُّونَ] (آل عمران: 92)[109] ، وروي عن عمر بن عبد العزيز أنه كان
يشتري أعدالاً من سُّكَّر ويتصدق بها، فقيل له: هلَاّ تصدقت بقيمتها؟ فقال: لأن
السُّكَّر أحب إليَّ؛ فأردت أن أنفق مما أحب [110] .
وكان لزوجة عمر بن عبد العزيز جارية بارعة الجمال، وكان عمر راغباً
فيها، وكان قد طلبها منها مراراً فلم تعطه إياها، ثم لما ولي الخلافة زينتها
وأرسلتها إليه، فقالت: قد وهبتكها يا أمير المؤمنين فلتخدمك، قال: من أين
دملكتِها، قالت: جئت بها من بيت أبي عبد الملك، ففتش عن كيفية تملكه إياها،
فقيل: إنه كان على فلان العامل ديون فلما توفي أُخذت من تركته، ففتش عن حال
العامل وأحضر ورثته وأرضاهم جميعاً بإعطاء المال، ثم توجه إلى الجارية وكان
يهواها هوى شديداً فقال: أنت حرة لوجه الله تعالى [111] .
فهذا هدي السلف؛ فهل من متأس بهم وسائر على نهجهم؟ !
10-
إدراك المتصدق أجر العامل:
ما أسعد المتصدقين! إذ دلت النصوص الثابتة على أن صاحب المال يدرك
بتصدقه وإنفاقه من ثواب عمل العامل بمقدار ما أعانه عليه حتى يكون له مثل أجره
متى استقل بمؤونة العمل من غير أن ينقص ذلك من أجر العامل شيئاً، ومن هذه
النصوص الدالة على ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: «من فطَّر صائماً كتب له
مثل أجره لا ينقص من أجره شيء» [112]، وقوله صلى الله عليه وسلم: «من
جهز غازياً فقد غزا، ومن خلف غازياً في سبيل الله بخير فقد غزا» [113] ،
ومعناه: أنه مثله في الأجر ما دام قد أتم تجهيزه أو قام بكفاية من يخلفه بعده [114] ،
وجاء الحديث عند البيهقي بلفظ: «من جهز حاجاً أو جهز غازياً أو خلفه في أهله
أو فطَّر صائماً فله مثل أجره من غير أن ينقص من أجره شيئاً» [115] .
والأمر غير مقصور على هذه العبادات بل شامل لجميع الطاعات؛ فمن أعان
عليها كان له مثل أجر فاعلها [116] .
فيا من يستطيع أن يجاهد وهو قاعد، ويصوم وهو آكل شارب، ويعلِّم القرآن،
وينشر الخير، ويدعو إلى الله في كل مكان وهو في بيته لم يباشر من ذلك شيئاً لا
تَحْرم نفسك الأجر ولا تمنعها الثواب، واعمل بوصية رسول الله صلى الله عليه
وسلم لك حين قال: «اغتنم خمساً قبل خمس وذكر منها: وغناك قبل
فقرك» [117] ، واعلم بأن المال زائل والعمل باق؛ إذ لم يخلد أحد مع ماله، ولم
يدخل مالٌ القبر مع صاحبه، بل هو وديعة لديك، ولا بد من أخذها منك، فما بالك
تغفل عن ذلك؟ !
(1) الصدقة: هي النفقة التي يطلب بها الأجر، وتطلق على الفرض والنفل، إلا أن عرف الاستعمال في الشرع جرى في الفرض بلفظ الزكاة، وفي النفل بلفظ الصدقة، انظر: المفردات، للراغب: 480، والتوقيف على مهمات التعاريف، للمناوي: 452، 453.
(2)
انظر: جامع البيان، للطبري: 10 / 163، أحكام القرآن، لابن العربي: 1/230.
(3)
قضاء الحوائج، لابن أبي الدنيا: 40 رقم: 36، وحسنه الألباني في صحيح الجامع: 1 / 97 رقم: 176.
(4)
شعب الإيمان، للبيهقي: 6/123 رقم: 7679، وصححه الألباني في صحيح الجامع:
2/ 1025 رقم: 5897.
(5)
صحيح ابن خزيمة: 4/ 95 رقم: 2433، المستدرك، للحاكم: 1 / 416 وقال: (هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه) .
(6)
جامع الترمذي: 4/ 562، 563 رقم: 2325، وقال:(حسن صحيح)، وصححه الألباني في صحيح الترمذي: 2/270 رقم: 1894.
(7)
صحيح مسلم: 1/717 رقم: 1033.
(8)
شعب الإيمان، للبيهقي: 6/ 117 رقم: 7658، وحسنه الألباني في صحيح الجامع:
1/ 623 رقم: 3289.
(9)
الأدب المفرد، للبخاري: 86 رقم: 221، وصححه الألباني في صحيح الجامع: 1/407 رقم: 2031.
(10)
روضة العقلاء، لابن حبان:214.
(11)
انظر: الآداب الشرعية، لابن مفلح: 1/310.
(12)
روضة العقلاء، لابن حبان:195.
(13)
انظر: الآداب الشرعية، لابن مفلح: 1/310.
(14)
المستدرك، للحاكم: 1/124، وصححه الألباني في صحيح الجامع: 2/707 رقم: 3795.
(15)
شعب الإيمان، للبيهقي: 3/244 رقم: 3442، وصححه الألباني في صحيح الجامع:
2/ 702 رقم: 3760.
(16)
المعجم الكبير، للطبراني: 4/274 رقم: 4402، وأورده الهيثمي في مجمع الزوائد:
3 / 109 وقال: (وفيه حماد بن شعيب وهو ضعيف)، وأورده ابن حجر الهيتمي في الزواجر:
1/ 318، 319 ضمن أحاديث أفاد بأنها صحيحة إلا قليلاً منها فإنه حسن، والظاهر أن هذا الحديث حسن بشواهده، وانظر: المقاصد الحسنة، للسخاوي: 260 261 رقم: 618، وكشف الخفاء، للعجلوني: 2/28 29 رقم: 1953.
(17)
صحيح البخاري، فتح 2/615 رقم:1044.
(18)
إحكام الأحكام، لابن دقيق العيد: 2/141.
(19)
شعب الإيمان للبيهقي: 3/282 رقم: 3558، وأفاد المنذري في الترغيب والترهيب:
1/ 520 أنه روي مرفوعاً ومرسلاً قال: (والمرسل أشبه)، وحسنه الألباني في صحيح الجامع:
1/ 634 رقم: 3358.
(20)
المدخل، لابن الحاج: 4/ 141 142.
(21)
انظر: الزواجر، لابن حجر الهيتمي: 1/321.
(22)
انظر: الزواجر، لابن حجر الهيتمي: 1/321 322.
(23)
فيض القدير، للمناوي: 3/515.
(24)
شعب الإيمان، للبيهقي: 3/283 رقم: 3559.
(25)
المستدرك، للحاكم: 2/348 وصححه ووافقه الذهبي.
(26)
في ظلال القرآن، لسيد قطب: 6/3490.
(27)
أحكام القرآن، للجصاص: 1/616.
(28)
طريق الهجرتين، لابن القيم: 538 539.
(29)
انظر: في ظلال القرآن، لسيد قطب: 1/306، وراجع: إعلام الموقعين، لابن القيم:
1/ 141، 142.
(30)
الفلو: ولد الفرس إذا فطم عن أمه، والفصيل ولد الناقة إذا فصل عن الرضاع انظر: معجم مقاييس اللغة، لابن فارس: 4/447، 4/505.
(31)
البخاري، فتح 3/ 326 رقم: 1410، مسلم: 1/702 رقم: 1014واللفظ له.
(32)
الفتح: 3/328، 329.
(33)
المسند: 31/196، 197 رقم: 18900، وصححه الألباني في صحيح الجامع: 2/ 1054 رقم: 6110.
(34)
تحفة الأحوذي: 5/ 254.
(35)
مخطومة: أي عليها خطام وهو مثل الزمام، انظر: إكمال المعلم بفوائد مسلم، للقاضي عياض: 6/315.
(36)
مسلم: 2/1505 رقم: 1892.
(37)
الموطأ: 2/997، وانظر: التمهيد، لابن عبد البر: 4/302.
(38)
المستطرف، للأبشيهي: 1/25.
(39)
انظر: تفسير القرآن العظيم، لابن كثير: 4/355، وفي ظلال القرآن، لسيد قطب:
4/ 1932.
(40)
مسند الشهاب: 1/95 رقم: 104، والزهد، لابن المبارك: 229 رقم: 651، وصححه الألباني في صحيح الجامع: 1/568 رقم: 2951.
(41)
صحيح ابن حبان: 12/378 379 رقم: 5567، وصححه المحقق، وحسنه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب: 1/363 رقم: 861.
(42)
البخاري، فتح 3/353 رقم:1435.
(43)
جامع الترمذي: 3/514 رقم: 1208 وقال: حسن صحيح، وصححه الألباني في صحيح الترمذي: 2/4 رقم: 966.
(44)
المبسوط، للسرخسي: 15/115.
(45)
عدة الصابرين، لابن القيم:255.
(46)
انظر: مغني المحتاج، للشربيني: 3/123، غاية المحتاج، للرملي: 6/ 176.
(47)
جامع الترمذي: 4/355 رقم: 1987 وقال: (حسن صحيح)، وحسنه الألباني في صحيح الجامع: 1/81 رقم: 97.
(48)
انظر: شرح الزرقاني، للموطأ: 4/549، سبل السلام، للصنعاني: 4/ 208.
(49)
التحرير والتنوير، لابن عاشور: 12/ 220.
(50)
تيسير الكريم، الرحمن للسعدي:681.
(51)
كشف الخفاء، للعجلوني: 1/245 رقم: 641.
(52)
البخاري، فتح 8/202 رقم: 2684، مسلم: 1/690 رقم: 993 واللفظ له.
(53)
شعب الإيمان، للبيهقي: 3/233، 234 رقم: 2413، وصححه الألباني في صحيح الجامع: 2/986 رقم: 5646.
(54)
البخاري،: 3/357 رقم: 1442، مسلم: 1/700 رقم: 1010.
(55)
الحرة: أرض بها حجارة سود كثيرة، وانظر: معجم مقاييس اللغة، لابن فارس: 7/ 2.
(56)
الشرجة: مسيل الماء إلى الأرض السهلة، وانظر: تاج العروس، للزبيدي: 3/ 413.
(57)
المسحاة: مجرفة من حديد، انظر: النهاية في غريب الحديث، لابن الأثير: 4/328.
(58)
مسلم: 3/2288 رقم: 2984.
(59)
مسلم: 3/2001 قم: 2588.
(60)
جامع الترمذي: 4 / 562 رقم: 2325، وقال:(حسن صحيح)، وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب: 1/ 9 رقم: 14.
(61)
البخاري، فتح 5/257، رقم:2591.
(62)
جزء من حديث مرفوع عن أبي هريرة رضي الله عنه عند البيهقي في شعب الإيمان: 7/ 191 رقم: 9956، وصححه الألباني في صحيح الجامع: 1/394 رقم: 1952.
(63)
انظر: روح المعاني، للآلوسي: 22/150.
(64)
انظر على سبيل المثال: سبل السلام، للصنعاني: 4/208.
(65)
أي غطاها بأقراص ورغف، انظر: النهاية، لابن الأثير: 4/193.
(66)
الموطأ، لمالك: 2/997.
(67)
روضة العقلاء، لابن حبان:198.
(68)
جامع الترمذي: 5/148 رقم: 2863 وقال: (حسن صحيح غريب)، وصححه الألباني في صحيح الجامع: 1/354 رقم: 1724.
(69)
المستدرك، للحاكم: 1/379 وصححه على شرط مسلم ووافقه الذهبي، صحيح ابن حبان:
7/380، 381 رقم: 3113 وحسنه المحقق.
(70)
المسند، لأحمد: 13/447 رقم: 8085، وقال المحقق:(إسناده صحيح) .
(71)
سنن ابن ماجه: 2/1383 رقم: 4129، وصححه الألباني في صحيح الجامع: 2/1199 رقم: 7137.
(72)
المسند، لأحمد: 28/241 رقم: 17020 وقال المحقق: (حديث صحيح) .
(73)
البخاري، فتح: 1/485 رقم: 304.
(74)
فتح الباري، لابن حجر: 1/485.
(75)
نيل الأوطار، للشوكاني: 6/124.
(76)
البخاري، فتح: 13/482 رقم: 7512، ومسلم: 1/703 رقم: 1016.
(77)
مسلم: 1/703 رقم: 1016.
(78)
المعجم الكبير، للطبراني: 18/303 رقم: 777، وحسنه الألباني في صحيح الجامع:
1/ 94 رقم: 153.
(79)
المسند، لأحمد: 6/79، وحسنه المنذري والألباني كما في صحيح الترغيب:362.
(80)
انظر: لباب التأويل، للخازن: 1/208، تيسير الكريم الرحمن، للسعدي: 116، في ظلال القرآن، لسيد قطب: 1/316.
(81)
انظر: تفسير القرآن العظيم، لابن كثير: 2/ 119.
(82)
المنيحة عند العرب العطية، وهي على وجهين: أحدهما: أن يعطي الرجل صاحبه الشيء بمنافعه صلة فتكون له، وهي الهبة، والآخر: أن يعطيه ناقة أو شاة أو نخلة ينتفع بها زمناً ثم يردها، انظر: فتح الباري لابن حجر: 5/288، عون المعبود للعظيم آبادي: 5/ 97.
(83)
البخاري، فتح: 5/287 رقم: 2631.
(84)
المراد بالزوجين: إنفاق شيئين من أي صنف من أصناف المال من نوع واحد انظر: فتح الباري لابن حجر: 4/134.
(85)
المراد بقوله: (في سبيل الله) : عموم الإنفاق في وجوه الخير، وقيل: مخصوص بالجهاد، والأول أصح وأظهر، انظر: شرح مسلم للنووي: 7/162، فتح الباري لابن حجر: 7/ 34.
(86)
البخاري، فتح 4/ 133 رقم: 1897، مسلم: 1/711 رقم: 1027.
(87)
انظر: عمدة القاري، للعيني: 10/264.
(88)
انظر: الجامع لأحكام القرآن، للقرطبي: 8/249، دليل الفالحين، لابن علان: 1/ 142.
(89)
مسلم: 1/ 203 رقم: 223.
(90)
انظر: شرح مسلم، للنووي: 3/127، جامع العلوم والحكم، لابن رجب: 2/ 23 24.
(91)
فيض القدير، للمناوي: 4/291.
(92)
انظر: عدة الصابرين، لابن القيم:253.
(93)
المعجم الأوسط، للطبراني: 3/86 رقم: 2572، مسند أبي يعلى: 10 / 429 رقم: 6040 وجود إسناده المحقق.
(94)
الجامع لأحكام القرآن، للقرطبي: 1/ 253.
(95)
البخاري، فتح: 6/95 رقم: 2887.
(96)
قد اختلف في المراد بالصدقة في الآية: أهي الزكاة الواجبة أم غيرها؟ والظاهر أن المراد بها كما قال الحسن البصري: الصدقة غير المفروضة بدلالة نزولها في الطائفة التي تخلفت عن الغزو فبذلوا أموالهم كمالاً في توبتهم، لتكون جارية في حقهم مجرى الكفارة، فأمر الله رسوله صلى الله عليه وسلم بأخذها منهم تطهيراً لهم وتزكية، انظر: جامع البيان، للطبري: 14/454، تفسير الرازي: 16/ 181.
(97)
انظر: التحرير والتنوير، لابن عاشور: 11/23، تيسير الكريم الرحمن، للسعدي:350.
(98)
انظر: تفسير القرآن العظيم، لابن كثير: 8/ 49، تيسير الكريم الرحمن، للسعدي:785.
(99)
تفسير القرآن العظيم، لابن كثير: 2/ 146.
(100)
البر: جماع الخير والطريق الوصل إلى الجنة انظر: تيسير الكريم الرحمن، للسعدي:111.
(101)
تيسير الكريم الرحمن، للسعدي:857.
(102)
انظر: إرشاد العقل السليم، لأبي السعود: 2/57، شرح الموطأ، للزرقاني: 4/538.
(103)
انظر: في ظلال القرآن، لسيد قطب: 1/424.
(104)
البخاري، فتح: 5/454 رقم: 2758، مسلم: 693 رقم: 998 واللفظ له.
(105)
تفسير عبد الرزاق: 1/126، جامع البيان، للطبري: 6/592 رقم: 7398، تفسير
عبد بن حميد كما في الدر المنثور للسيوطي: 2/261.
(106)
جامع البيان، للطبري: 6/588 رقم: 7392، الجامع لأحكام القرآن، للقرطبي: 4/ 133.
(107)
المستدرك، للحاكم: 3/ 568.
(108)
انظر: الحلية، للأصفهاني: 1/ 294 295.
(109)
انظر: الجامع لأحكام القرآن، للقرطبي: 4/ 133.
(110)
انظر: المصدر السابق: 4/ 133.
(111)
انظر: إرشاد العقل السليم، لأبي السعود: 4/58.
(112)
المسند، لأحمد: 28/261 رقم: 17033، صحيح ابن حبان: 8/216 رقم: 3429 واللفظ له، وهو حديث صحيح.
(113)
البخاري، فتح: 6/58 رقم 2843، مسلم: 2/1506 رقم: 1895.
(114)
انظر: فتح الباري، لابن حجر: 6/ 59.
(115)
شعب الإيمان، للبيهقي: 3/480 رقم: 4121، ورجاله ثقات.
(116)
انظر: فيض القدير، للمناوي: 6/114.
(117)
المستدرك، للحاكم: 4/306، وصححه، ووافقه الذهبي، وصححه الألباني في صحيح الجامع: 1/243 رقم: 1077.