الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذات الخمار
أبو عاصم الحكمي
بُلِّغْتِ يا ذاتَ الخمارِ مناك
…
وحباك ربُّكِ عزةً ورعاكِ
لبيتِ صوتَ الحق دونَ تلعثم
…
وعصيتِ صوتَ الفاجرِ الأفَّاك
جانبت أخلاقَ العدوِّ تكرماً
…
وتبعت خُلْقاً سنه مولاك
وزَهِدْتِ في أزيائهم وعُروضهم
…
وجعلت مطلبَكِ الشهَي أُخراك
وُفقتِ يا أختاه في نيل الرضا
…
فتضرعي شكراً لذي نَعماك
***
أختاه إن خسر العدو بجولة
…
سيعاودُ الأخرى، ولن ينساك
ألقى بأختك في الحبائلِ فانثنت
…
تدني الفسادَ لقومها بحماك
فتأهبي دوماً وكوني حرةً
…
لا يخدعَنْكِ الكاذبُ المتباكي
زعم الدعارةَ والخنا حريةَ
…
هتكاً لعرضك فاحذري! إياك!
***
أختاه قد تلقين ضيماً أو أذىً
…
فثقي بربك واثبتي لعداك
فالابتلاء يزيد دينك قوةً
…
والمؤمناتُ صبرنَ قبلُ لذاكِ
فلأمِّ عمارٍ وأمِّ عمارةٍ
…
أسمى المواقفِ من ذوي الإشراك
وكذاكَ أسماءٌ وإِنْ تستخبري
…
عنهن تاريخَ العلا أنباك
***
أختاه من للنشىء يصقل فكرهه
…
ويريهم السَّنَنَ القويم سواك؟
يا بنت " فاتحِ " لقنيهم في الصبا
…
تاريخَ مجدٍ كان للأَتراكِ
شهدت به الدنيا وذلَّ لسيفِهِ
…
كلُّ الملوكِ وكان فيه عُلاك
أضحى به صرح الشريعة شامخاً
…
وهَوَتْ لديه معاقلُ الإِشراك
***
أختاه إن الدربَ صعبٌ مجهدٌ
…
يحتاج زاداً والتقى هي ذاكِ
قومي إذا جن الظلام ورتلي
…
آياتِ ربِّك وَلْتَجُدْ عيناك
فالله حرَّمَ أن تَمَسَّ جهنمٌ
…
عيناً بكت فلتَسْعَدي ببكاكِ
وَلْتَذْكري بظلامه قبراً غداً
…
يمسي من الدنيا به مثواكِ
صومي نهارَك ما استطعتْ فإنه
…
يُطْفَى به يومَ الحساب ظماك
ولْتَحْسُنِ الأخلاقُ منك يَكُنْ بها
…
حبُّ النبي وقربِهِ، وكفاك
قراءات تاريخية
قال القاضي ابن شداد في وصف صلاح الدين الأيوبي:
(وكان رحمه الله من عظماء الشجعان، قوي النفس، شديد البأس، لا يهوله
أمر، ولقد وصل في ليلة واحدة من الإفرنج إلى عكا نيفٌ وسبعون مركباً وأنا
أعدها من بعد صلاة العصر إلى غروب الشمس وهو لا يزداد إلا قوة نفس.
وكان رحمه الله شديد المواظبة على الجهاد عظيم الاهتمام به، ولو حلف
حالف أنه ما أنفق بعد خروجه إلى الجهاد ديناراً ولا درهماً إلا في الجهاد وفي
الإرفاد لصدق وبّر في يمينه، ولقد كان الجهاد قد استولى على قلبه وسائر جوانحه
استيلاء عظيماً، بحيث ما كان له حديث إلا فيه، ولا نظر إلا في آلته، ولا اهتمام
إلا برجاله، ولا ميل إلا إلى من يذكره ويحث عليه، ولقد هجر في محبة الجهاد في
سبيل الله أهله وولده ووطنه وسكنه، وقنع من الدنيا بالسكون في ظل خيمة تهب
بها الرياح يمنة ويسرة.
وقال القاضي الفاضل:
وكان الرجل إذا أراد أن يتقرب إليه يحثه على الجهاد، وقد ألف له كتب عدة
في الجهاد، وأنا ممن جمع له كتاباً، جمعت فيه آدابه وكل آية وردت فيه، وكل
حديث روي فيه.
قال: وسرنا مع السلطان على الساحل طالبين عكا، وكان الزمان شتاء،
والبحر هائجاً هيجاناً عظيماً، وموجه كالجبال وكنت حديث عهد برؤية البحر،
فعظم أمر البحر عندي، واستخففت رأي من يركب البحر، فبينا أنا في ذلك إذ
التفت إليّ وقال في نفسه: أنه متى يسرّ الله تعالى فتح بقية الساحل، قسمت البلاد
وأوصيت وودعت وركبت هذا البحر إلى جزائرهم (الصليبيين) أتبعهم فيها حتى لا
أبقي على وجه الأرض من يكفر بالله أو أموت، فعظم وقع هذا الكلام عندي
وحكيت له ما خطر لي.
فانظر إلى هذه الطوية ما أطهرها، وإلى هذه النفس ما أشجعها وأجسرها.
اللهم إنك تعلم أنه بذل جهده في نصرة دينك، رجاء رحمتك فارحمه
…
) .