الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
البديل
…
عبد الله بن مبارك آل سيف
يشكو كثير من الناس الملتزمين من حاجتهم إلى معرفة البدائل عن منكرات
البيوت، وحاجتهم إلى سد فراغ أهاليهم ومن يعولونهم، ويتذرع كثير من الناس
بهذا الأمر إلى إبقاء هذه المنكرات في البيوت بشبهة عدم وجود ما يملأ فراغهم،
ولأجل هذين الأمرين دعت الحاجة إلى طرح مثل هذا الموضوع على الساحة،
فأذكر هنا ما يحضرني - ولعل هذا يشعل الحماس في قلوب الكتاب المجيدين
فيكتبون فيه - فأقول: من هذه البدائل:
1-
العبادة: وهي من الأمور المهمة التي ينبغي تربية الأبناء والبنات
والزوجات والأهل عليها وإشغال وقتهم بها وكل وقت المسلم يمكن أن يكون عبادة
بالنية الصالحة.
فمثلاً من كان لسانه رطباً بذكر الله ألا يمكن أن يحس بالفراغ وضياع الوقت، وكذلك من يحافظ على الصلوات والنوافل والصيام والحج والعمرة والصدقة
وقراءة القرآن والنوافل المطلقة، فمن اشتغل بهذه العبادات سوف يشعر - بلا ريب
- بضيق في وقته، وأنه بحاجة إلى وقت أطول لإدراك كل هذه العبادات ولذا
نلاحظ أن وقت العلماء والعباد الصالحين هو وقت قصير في نظرهم، ويحسون
بقصر الوقت وضيقه ويتضايقون من ذلك، في حين أن أصحاب البطالة والفساد
يحسون بفراغ رهيب، ولذا تراهم يقولون: نقتل الوقت، بأي شيء كان يريدون
ملء فراغهم وقتل الأوقات وإهدار الأعمار الثمينة.
2-
الاشتغال بالعلم وتعويد الأهل على مصابرته بالأساليب المناسبة وتحبيب
الأطفال إلى العلم وتحفيزهم بما يناسب، وسيأتي تفصيل هذا.
3-
وضع دروس علمية في البيت على مدى الأسبوع، ويختار منها الدروس
المشوقة المحببة، مثل السيرة والتاريخ والتراجم، ومن ثَمَّ تطور إلى دروس أكثر
تنوعاً وعمقاً، ويراعى فيها الجانب التربوي بالربط بين العلم والعمل.
4-
الاعتناء بمراعاة حفظ الأهل للأذكار والأدعية ووضع برامج حفظ على
المدى الطويل لحفظ الأذكار والأدعية.
5-
وضع دروس لحفظ القرآن على مدى السنة، مع تكرارها في الأسبوع
أكثر من مرة، في برامج حفظ ومراجعة، سهلة، وجادة.
6-
وضع مسابقات علمية في قراءة كتاب وإدراك القدرة على استيعابه وفهمه
…
ومن ثَمَّ تنمية القدرات، ووضع مسابقات علمية بالأسئلة والأجوبة.
7-
التشويق في القراءة والتحبيب فيها بوضع كتاب مشوق في القصص
السهلة الأسلوب، جيدة العرض، والمجلات الجيدة ذات المواد الجذابة.
8-
إشغالهم في برامج علمية مفيدة تقربهم من الكتب وقد يطلعون في أثناء
الفهرسة على كتب تشد قلوبهم قراءتها، ومثل فهرسة كتب معينة أو إدخال
معلومات عن الكتب في برامج الكمبيوتر.
9-
تكوين مكتبة خاصة في غرفة كل فرد، كل بحسبه وبما يناسبه، هذا
ينمي الاهتمام بالكتب والحفاظ عليها ومن ثَمَّ قراءتها والاستفادة منها.
10-
الاستفادة من برامج الكمبيوتر الجاهزة والبرامج المفيدة فيه في التعليم
وتنمية الذكاء والقدرات.
11-
النزهات المأمونة في حفظ وصون إلى أماكن مناسبة بعيدة عن التهتك،
وممارسة الألعاب المباحة فيها.
12 -
اصطحاب الأطفال إلى مجالس الرجال لتعويدهم على الانطلاق في
الكلام ومعرفة آداب الرجال من كرم ومروءة وشهامة وخلق حسن.
13-
إشغال الفتيات الصغيرات بأمور المنزل وتعويدهن على تدبير البيت
وإدارته والتعلم على فنون الخياطة والطبخ والنظام، والنظافة، وتعويدهن على
تحمل مسؤولية البيت وتربية الأطفال.
14-
حضور المحاضرات القيمة والدروس العلمية المفيدة.
15-
انتظام الأطفال في حلقات القرآن الكريم ومتابعتهم فيها.
16-
وضع مكتبة صوتية في المنزل ومتابعة الأشرطة الجديدة واختيار
المناسب منها وتوجيه الأهل إليه.
17-
ممارسة الألعاب الرياضية التي تقوي البدن بالنسبة للأطفال والمراهقين
والشباب وغيرهم، مثل ألعاب الكراتيه والجودو وغيرها، وأدوات رياضية تقوي
أجزاء معينة من الجسم.
18 -
وضع أوقات مخصصة لزيارة الأرحام والأقارب ووضع برامج مفيدة
في هذه الزيارات.
19-
بث هموم الأمة في مجالس الأنس والسمر؛ لتكون هموم الأمة تخالج
مشاعرهم وتسيطر على إحساسهم وبث الوعي بينهم وإرشادهم إلى مصادر الوعي
الموثوقة.
20 -
استكتاب الأهل والأولاد وتعويدهم على الكتابة وتقويمهم فيها وتنمية
قدراتهم الكتابية وتحبيبهم فيها بوضع حوافز مناسبة.
21-
ربطهم باللغة العربية والأدب العربي، وحفظ دواوين العرب، ووضع
برامج حفظ للقصائد المختارة وتحفيزهم بما يناسب.
22-
التركيز على الاعتناء بالدروس المدرسية ومذاكرتها، ومتابعة حل
الواجبات، والمساعدة على شرح الغامض وتذليل الصعب..
وأخيراً وليس أخراً «الحاجة أم الاختراع» ومن جد وجد، ومن صدق أعين، ومن أخلص وفق.
تربية
تعويد الأطفال تحمل المسؤولية
خولة درويش
«يرى جميع المربين أن تنمية الشعور بالمسؤولية لدى الطفل ينبغي أن
يكون الهدف الذي تسعى إليه تربيته وتعليمه فيما تقدمه له من خبرات وتتبع معه من
أساليب» [1] .
وذلك أن الإنسان اللاهي العابث لن يفيد أمته ولا نفسه بشيء ذي بال. وقد
غرس الإسلام في نفوس أتباعه منذ فجر الدعوة الإحساس بمشاعر الأخوة
والتزاماتها، ذلك أن الإحساس بالمسؤولية تجاه الآخرين لن يتكون إلا نتيجة تحمل
المسؤولية فعلاً، أي عن طريق المشاركة مع الآخرين من أفراد الجماعة في دراسة
ومواجهة المشكلات العامة التي تضمهم وتربط بينهم جميعاً، وهذا نموذج من توجيه
النبوة يرشدنا إلى أسلوب بناء شخصية الناشئ، قال تعالى في قصة إبراهيم -عليه
السلام-: [فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إنِّي أَرَى فِي المَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ
مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إن شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ]
[القصص: 26] .
فلم يتعجل عليه السلام على ولده ليقضي أمر الله تعالى، وإنما شاوره
لتكون الاستجابة عن رضا نفس.
فاحترام شخصية الطفل وإشعاره بالثقة في نفسه خير معين له على تحمل
المسؤولية والقدرة على حمل التبعات.
-روى مسلم عن سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه «أن رسول الله
صلى الله عليه وسلم أتي بشراب فشرب منه وعن يمينه غلام، وعن يساره
أشياخ، فقال للغلام: أتأذن لي أن أعطي هؤلاء؟ فقال الغلام: لا والله لا أوثر
بنصيبي منك أحداً» رواه مسلم.
وهكذا يعتاد الطفل الجرأة الأدبية، وينشأ بعيداً عن الانهزامية، وفيه قوة رأي
وحجة.
هذا ولتحميل الأطفال المسؤولية حدود لا يجوز للمربي أن يتعداها. فلا يصح
تكليف الأطفال فوق طاقتهم، وكذا الاستعانة بهم استغلالاً لهم في أمور تجري فيها
الإجارة، وقد جاء في المدونة: وكل من استعان غلاماً ما لم يبلغ الحلم فيما ينبغي
في مثله الإجارة، فهو لما أصابه ضامن [2] . كما وأنه لا يصح بحال أن نئد
شخصياتهم، ونهدم فيهم روح الابتكار والتجديد بالتسلط، وحد باب الحرية أمامهم.
«إن التحكم الفارغ من الأبوين لمجرد الإلزام بالطاعة وتعويد الطفل عليها،
فذلك حري بأن ينتهي بالطفل إلى التمرد إن كان شديد المراس، أو الاستكانة
والانطواء إن كان لين القوام، وكلاهما فاسد» [3] .
ويبقى التوازن بين الضبط والحرية اللامسؤولة هو الأسلوب الحكيم، وخير
الأمور أوسطها.
نعود الطفل الاعتماد على نفسه في الأكل والشرب، بل واختيار ملابسه فتنمو
شخصيته، يشارك في ترتيب السرير والمائدة والكتب
…
ونحوها، فينبذ الكسل
والتوكل والخمول ويتجه إلى العمل المنتج.
يتعامل مع مصروفه الشخصي بحرية موجهة.. ماذا يشتري وماذا يترك؟
وفي العمل تشاوره المربية: إنك سترتب ألعابك وتمسح غبار الغرفة، فأيهما ترغب
تقديمه الآن، وأيهما يؤخر إلى ما بعد ساعة من الآن؟
لعل ذلك يساعد في قدرته على تحمل المسؤولية، والإحساس برغبات
الآخرين، وتقدير قيمة ما سيعمله لأنه سيجني نتائجه. فعندما يخطئ ندربه كيف
يتعلم من أخطائه ونعالج الخطأ بحكمة، فيصلح الطفل ما أفسد، ويزيل آثار فعلته،
فإن وسخ ينظف، وإن تكلم بكلمة خاطئة يعتذر.. أو يحرم من لعبة ما.. وفي كل
حال لا بد من الحكمة والعبر في التعامل مع الأطفال، والنظر إلى الأسباب الكامنة
وراء أعمالهم من وجهة نظرهم هم، لا كما يراها الكبار، ومن ثَمَّ معالجتها
بتحميلهم تبعات أعمالهم. وبالمقابل تشجيع من يبدي استعداداً لتحمل المسؤولية،
نشعرهم بلهجة الحب والحنان بواجبهم وإمكانياتهم، وأنهم سيصبحون من أبطال
الإسلام، فقد كانوا أطفالاً مثله، وبذلك نبعث الثقة في نفوسهم ويتوثبون نحو العمل
الخير المفيد. فإذا بالبنت تعين أمها والولد يساعد أباه حسب إمكانيات الأطفال وكل
يبذل جهده راضياً ليعمل بعيداً عن اللهو والعبث.
(1) مشكلات الأطفال اليومية ص 41 دوغلاس توم.
(2)
المدونة - المجلد الرابع ص 420.
(3)
منهج التربية الإسلامية - محمد قطب - ص 126.